محمد حسن الساعدي
أثارت التسريبات الصوتية التي قيل أنها للسيد نوري المالكي، غضب وسخط السيد مقتدى الصدر، وهذا انتقل آليا لأتباعه ومريديه.. وعده الأخير فتحا لباب المواجهة معه، حيث عدت هذه التسريبات احد أعراض الانقسامات العميقة، داخل القوى السياسية، وخصوصا داخل الخط المحسوب على “الصدرين الراحلين” وكذلك داخل المجتمع عموماً.
الخلافات العميقة بين زعيم التيار الصدري السيد مقتدى الصدر وإيران، زادت حدتها في الآونة الأخيرة لدرجة أمسى، يعد معارضاً قوياً لتوجهات إيران في العراق، واعتبرها خصما له في طريقة تعاطيها مع الملف السياسي.
انسحاب الصدر من البرلمان كانت خطوة ذكية، فربما وضعته في موقف الرابح أمام الجمهور على الأقل الصدري، قبال وضع الإطار التنسيقي في موقف محرج ومأزق، سيجعله يتحمل تبعاته فيما بعد، فحكومة السيد الكاظمي الحالية، قريبة ومستندة على تأييد الصدر لها، ما يعني بقاء نفوذه على الحكومة بأي حال من الأحوال إن لم يتم تغييرها، لذلك جاءت صلاة الجمعة الموحدة لتعبر عن موقفها الضمني في بقاء حكومة الكاظمي دون تغيير.
حركة الصدر بالخروج من البرلمان، أعطاه هامشاً كبيراً في التحرك، بعد تعرضه لكثير من الانتقادات من القوى السياسية بسبب عجزه عن تشكيل الحكومة، بعد دخوله في تحالف (إنقاذ وطن) وفشله في الوصول لعتبة انتخاب الرئيس المطلوبة.. لذلك ربما لجأ لهذه المناورة والانسحاب من البرلمان، ومن ثم الدفع للقيام بتظاهرات تضع البلاد في حالة شلل سياسي، وهذا كشف عن الانقسامات في داخل النسيج السياسي العراقي.
ظهور هذه التسريبات وفي هذا التوقيت بالذات، يثير كثير من التساؤلات، وربما الهدف من ظهورها في هذا الظرف الحساس وحالة الانغلاق السياسي التي يمر بها البلاد، هو محاولة وقف العملية السياسية ككل، وإيجاد الذرائع في منع تشكيل أي حكومة قادمة، الأمر الذي يجعلنا أمام قراءة تحليلية أن هذه التسريبات الصوتية “إن صحت” وعلى الرغم من نفيها من قبل حزب الدعوة والسيد المالكي، إلا أنها زادت عمق الخلافات أكثر.
على الرغم من ارتفاع أسعار النفط مما أنتج زيادة كبيرة في عائدات النفط، وهي القادرة على انتشال البلاد من الانهيار الاقتصادي، إلا أن البلاد لاتزال تعاني من نقص الخدمات وانهيار البنى التحتية المتدهورة اصلاً، بالإضافة إلى تفشي الفساد المستشري في دوائر ومؤسسات الدولة كافة، والبطالة وعدم توفر فرص العمل وانهيار القطاع الخاص، وهي عوامل كلها أدت إلى احتجاجات تشرين (2019-2020) في البلاد، والتي كانت أحد الأسباب المهمة لإجراء انتخابات تشرين 2021، والتي انتهت بمخرجات المأزق الحالي.
بعد حالة الانسداد السياسي الذي وصلت إليه العملية السياسية، أصبح من الصعب انتخاب شخصيات عليها الملاحظات ووفق قاعدة ضبابية فرضت واقعيا بان “المجرب لايجرب” لتشكيل الحكومة القادمة، لذلك على قوى الإطار التنسيقي السعي الجاد، لتشكيل حكومة قوية قادرة على حل المشاكل الاقتصادية في البلاد، وتكون مرضيا عنها من قبل الصدر، فلا حكومة يمكن لها أن تستمر من دون دعمه لها.
.
رابط المصدر: