علم النفس السياسي : يقوم على فهم السياسة والسياسيين والسلوك السياسي من منظور نفسي. وتعتبر العلاقة بين السياسة وعلم النفس ثنائية الاتجاه؛ فيستخدم العلماء علم النفس كمرآة لفهم السياسة، وكذلك السياسة مرآة لعلم النفس. ويعد هذا العلم مجال متعدد الاختصاصات، لأنة يأخذ مادته من مجموعة واسعة من التخصصات الأخرى، بما في ذلك: علم الإنسان، وعلم الاجتماع، والعلاقات الدولية، والاقتصاد، والفلسفة، ووسائل الإعلام والصحافة بالإضافة إلى التاريخ.
وترتكز دراسة شخصية الإنسان من خلال علم النفس السياسي على تأثير الشخصية القيادية في اتخاذ القرارات، وأثر شخصية الجماعة على حدود الزعامة. ومن ثم َّ فطرق علم النفس السياسي المستخدمة لدراسة مفاتيح الشخصية تتشمل على نظرية علم النفس التحليلي، ونظرية السمات والدوافع.
ان دراستنا لسلوك الرؤساء الامريكيين والسمات البارزة في شخصياتهم هي المفتاح لفهمنا سمات تلك المرحلة الرئاسية, ولا يسعنا هنا الا ان نذكر اخر اربعة رؤساء فقط , ومنهم الرئيس الحالي , وذلك فيما يلي :
دونالد ترامب
أن ترمب يعتريه خوف قديم من أن يُسمم، وكانت طريقته لمواجهة هذا التهديد المتوهم هو أن يأكل من المطاعم التي لا تعرف متى يطلب طعامه، وأن مأكولاتها جميعها جاهزة قبل الطلب تقريبا، وهو يفضل أن يأكل من سلسلة مطاعم ماكدونالدز.
وقد ذكر مؤلف كتاب “نار وغضب” مايكل وولف : بان “ترامب” لا يحب القراءة , ويفتقر إلى الصبر والفضول والوعي الذاتي ليكون قارئا، ولهذا السبب يعرف المساعدون والمستشارون أن أفضل طريقة لإيصال الأفكار المعقدة إليه هي الصور والرسوم البيانية
واضاف : ” إن كل المحيطين بترمب يتساءلون عن قدرته على الحكم، وأضاف “يقولون عنه إنه كالطفل، وإنه لا بد من إرضائه سريعا، وإن كل الأمور يجب أن تجري حوله”.
فترامب شخصية استعراضية مولع سيكولوجيا، يحب الظهور والشهرة , ونرجسي وغير قادر على السيطرة على نزواته .
جورج دبليو بوش
تعرض “بوش” لاكتئاب شديد في مرحلة شبابه , وكان رد فعل للأزمة التي أصابت شركته النفطية أواخر الثمانينيات. وهي فترة بدا خلالها عليه إدمان الخمر وتعاطي الكوكايين.
استطاع بعد سن الثلاثين اتخاذ قرارات صارمة للتكفير عن حياته اللاملتزمة دينياً في صباه، فأعلن تركه الكحول واتباعه لمذهب الكنيسة الإنجيلية التي عززت فيه شعور الرجل المخلص الذي يتبع تعاليم الرب. وكان دائما يقول جملته الشهيرة “أؤمن أن الرب أرادني أن أكون رئيسا”.
لقد كانت نقطة الضعف في شخصيته تكمن في عجزه عن تخطي ظل أبيه , وتأثيره وفشله في تخطي سطوة هذا الأب وبناء هوية مستقلة عن ابيه .
وكان معروفا – في فترة رئاسته – ان نائبه “ديك تشيني” يتدخل في كل شي , وكان مهيمناً تماماً على افكاره وقراراته .
باراك اوباما
يتمتع اوباما بمقدرات لغوية مدهشة،..وهو من أكثر الرؤساء المعاصرين بلاغة ومقدرة على التخاطب ..ويمناز بالكياسة وحسن التخلص ومهارة التفاوض
أن النمط السلوكي السياسي لأوباما ينتمي إلى النمط المنفعل الايجابي. وعلائمه هي : بأنه مساير ومتعاون أكثر منه صاحب شخصية وحيوية قوية. مع مسحة تفاؤل مهيمنة على سلوكه. وهو على الدوام يعمل جاهدا على تاجيل المواجهات وتاجيل الحلول للمشاكل المتعثرة .
هناك تباين كبير بين سلوك أوباما وبين سلوك بوش العقائدي والمتمسك بالاستراتيجيا مقابل سلوك اوبامي لا يبدو هاو للإستراتيجيا ومتحول نحو تكتيك كل حالة على حدة , بما يعني استعداده لعقد صفقات فرعية بديلة للصفقات الأساسية.
وهناك مؤشراً اخر على أسلوب أوباما في مواجهة الأزمات لوجدنا انه “الشخصية الصفقة”. فهو عندما يحبط في مجال ما يتحول إلى صفقة في مكان آخر
بيل كلينتون
وصل كلينتون إلى سدة الرئاسة عقب سلسلة من المقامرات. فقد قامر بالحصول على تمويلات لحملته الانتخابية بصورة ملتوية، ونجاح مقامراته . ومقامراته في المجال المالي ، بالاضافة لمغامراته النسائية المتكرّرة , واشهرها ” فضيحة ليونسكي”.
توصف شخصية كلينتون بانها ذات تبعيّة اعتمادية وبأنه مساير ومتعاون أكثر منه صاحب شخصية وحيوية, مع مسحة تفاؤل مهيمنة على سلوكه. وهذا النمط يفاوض بشكل جيد .
اما زوجته هيلاري كلينتون فقد احتاج عدة مرات لتدخّلها لإنقاذه. بدءاً من منصبه كحاكم ولاية، مروراً بفترة ترشيحه، وايضا بفضيحة وايت ووتر غيت، وفضائح تمويل الحملة الرئاسية، وصولاً إلى الفضائح الجنسية.
والخلاصة , ان التحليل السيكولوجي العلمي الرصين يكون اصدق من التحليلات السياسية التي تتسم بالتحيز والذاتية وصراع المصالح , ولذلك فان هنالك اساليب متعددة لدراسة الشخصية،ويرى سيكولوجيون بان هنالك صفات اساسية في الشخصية الانسانية مثل الانبساطية والنرجسية عملت على تشكيل أنماط القيادة لدى رؤساء امريكيين وتأثيرها في القرارات التي اتخذوها.
ومع وجود مدى واسعا من العوامل او المتغيرات،من قبيل ما يقع في العالم من احداث تحدد تصرفات وقرارات القادة السياسيين،فان النزعات الاساسية في الشخصية الانسانية،التي تختلف دراماتيكيا من قائد الى آخر
وان بناء الشخصية يعتمد بشكل كبير على عوامل التنشئة الاجتماعية والبيئة المحيطة .وكل ذلك يقودنا الى تحديد مؤشرات سيكولوجية مستخلصة من سيرة حياة الرؤساء والتي تمثل خصائص او سمات في شخصيتهم سيكون لها دور في مزاجهم وتفكيرهم والتنبؤ بطريقتهم في اتخاذ القرارات .
رابط المصدر: