مقدمة
بدا لافتاً حجم التدخل الإسرائيلي في تفاصيل منح مصر جزيتي تيران وصنافير للسعودية ضمن صفقة بينهما، سواء من خلال تحديد حجم القوة العسكرية المنتشرة فيهما، أو اشتراط الموافقة الإسرائيلية على ذلك بسماح المملكة للطيران الإسرائيلي بالتحليق في أجوائها، مما سيترك أثره بالتأكيد على مستقبل الأمنين المصري والسعودي معاً، وزيادة التورط الإسرائيلي في هذه المنطقة الحساسة.
يتزامن ذلك مع ما كشفته الأوساط الإسرائيلية أن الطلب السعودي لتغيير نشر القوة الدولية في جزيرتي تيران وصنافير في البحر الأحمر تسلمته تل أبيب قبل 5 سنوات، دون أي تدخل أمريكي، وفي أعقاب ذلك بدأت دراسة التأثير الأمني على العملية، وعلى ما يبدو فإنها ستوافق على الطلب.
حيثيات جغرافية وتاريخية
تبعد جزيرتا تيران وصنافير ستة كيلومترات عن شرم الشيخ، احتلتهما إسرائيل خلال حرب 1967، وأعيدتا كجزء من اتفاقية كامب ديفيد الموقعة عام 1978، وهما غير مأهولتين، وتعتبران نقطة استراتيجية مهمة لإسرائيل بسبب موقعهما عند نقطة العبور في المضيق، وبالتالي تسيطران على المدخل البحري لإسرائيل والأردن، وتقعان في شمال البحر الأحمر على بعد 6 كيلومترات شرق شبه جزيرة سيناء، وتبلغ مساحة تيران 80 كم2، وصنافير 33 كم2.
أما موقع تيران فهو عند مدخل خليج إيلات، وله أهمية استراتيجية كبيرة لإسرائيل والأردن، وتمر جميع الحركة البحرية عبرها إلى الأردن نحو ميناء العقبة، ومعظم الحركة البحرية بين إسرائيل وأفريقيا والشرق الأقصى لميناء إيلات، وتوجد في الجزيرتين اليوم العديد من حقول الألغام، وأقصى طول للجزيرة 9 كيلومترات، وعرضها الأقصى 6 كيلومترات، ومساحتها 24 كيلومترا مربعا، وهي مقفرة ومعظمها جبلية، ويصل ارتفاع التلال فيها إلى 100 متر فوق مستوى سطح البحر، أما الساحل السعودي عليها فيبلغ طوله 15 كيلومترا إلى الشمال.
في عام 1949، وخلال الحرب التي أعقبت قيام إسرائيل، سيطرت القوات المصرية على جزيرتي تيران وصنافير بعد أن وصلت القوات الإسرائيلية إلى ساحل البحر الأحمر فيما يعرف اليوم بمدينة إيلات، وبعد ذلك بعام واحد، أعلنت القاهرة سيادتها عليهما، وسط حديث عن إعلان السعودية عن منح السيادة عليهما لمصر في 1950.
شكّل الحصار الذي فرضته مصر على تيران قبل حرب سيناء 1956 عن طريق وضع المدافع الساحلية أحد الأسباب الرئيسية لاندلاع الحرب، ولم يتم الانسحاب الإسرائيلي من شبه جزيرة سيناء وجزيرة تيران إلا بعد تلقي ضمانات خطية بشأن حرية الملاحة في خليج إيلات من رئيس الولايات المتحدة آنذاك أيزنهاور إلى رئيس الوزراء ديفيد بن غوريون.
لكن مصر أغلقت المضيق مجددا في 23 مايو 1967، مما اعتبر أحد أسباب اندلاع الحرب، التي انتهت باحتلال شبه جزيرة سيناء بأكملها، بما فيها جزيرتي صنافير وتيران، واستمر احتلالهما حتى عام 1982، حين تم الانسحاب منهما في ضوء اتفاق كامب ديفيد.
مع العلم أنه في الأسابيع التي سبقت حرب عام 1967، وضعت مصر مدفعيتها في المضايق، وأعلنت أنها مغلقة أمام إسرائيل، التي اعتبرت هذه الخطوة مبرراً للحرب، ثم عادت القوات الإسرائيلية، واحتلت ثانية الجزيرتين، واستولت على شبه جزيرة سيناء، واحتفظت بها إلى أن وضعت معاهدة كامب ديفيد شروط الانسحاب في عام 1978، واليوم، وكجزء من نظام الرصد الذي وضعته المعاهدة، تقوم وحدات من القوة متعددة الجنسيات والمراقبون التي تترأسها الولايات المتحدة، بدوريات في جزيرة تيران.
الجدير بالذكر أن القوة متعددة الجنسيات تنفذ دوريات في الجزر الواقعة في موقع استراتيجي عند بوابة البحر الأحمر، وهي طريق الشحن الوحيد إلى إيلات، ومنذ توقيع معاهدة كامب ديفيد، فقد وضع هذا الشرط لأنَّ الرئيس المصري الأسبق جمال عبد الناصر أغلق مضائق تيران قبل حرب 1967، ولذلك نصت الاتفاقية على خلو الجزيرتين من القوات العسكرية، وخضوعهما للرقابة الدولية، وأي تغيير في الوضع القائم يحتاج لموافقة إسرائيلية، مما يعني أنهما أخذتا حيزاً أكبر حين تم تضمينهما كجزء من المعاهدة.
الأبعاد القانونية
لم يكن سراً أن التطبيع العربي-الإسرائيلي الذي أخذ مديات متزايدة في السنوات الأخيرة، لم يصل بعد ذروته طالما أنه لم يشمل “درة التاج” كما يسميها الإسرائيليون، وهي السعودية، ولذلك تتوسط اليوم إدارة الرئيس جو بايدن سراً بين المملكة وإسرائيل ومصر في صفقة قد تكون خطوة أولى نحو تطبيع علاقاتهما، مما سيشكل إنجازاً مهماً لسياستها الخارجية في الشرق الأوسط.
مع العلم أن الاتصالات بشأن معالجة القضية تأخرت عقب مقتل الصحفي جمال خاشقجي عام 2018، والمقاطعة التي فرضتها الولايات المتحدة على السعودية، وتسبب تدهور علاقاتهما بإيجاد صعوبات على إسرائيل ذاتها، أما اليوم فقد عادت الوساطة الأمريكية مجددا بينهما لتسوية مسألة القوة الدولية في الجزيرتين، وقضايا أخرى بينها فتح مسارات طيران فوق السعودية للشركات الإسرائيلية.
لم يكن الحديث الأمريكي بشأن تيران وصنافير منقطعا عن نقاشات أخرى، فقد تدخلت واشنطن بهدف تحسين العلاقات مع الرياض، ودفع المصالح الأمريكية في الشرق الأوسط، والحديث يدور عن أكثر من وساطة أمريكية، لأن مساعدتها بقضية الجزيرتين ربما تكون هامة، لكن السعودية وإسرائيل يمكنها إدارة النقاش بالموضوع دون وساطة بينهما.
كما أن الوساطة الأمريكية بشأن الجزيرتين ليس سياسية فحسب، بل لها أبعاد وتبعات قانونية، أهمها أن الجزيرتين تقعان في المنطقة (ج) المصنفة حسب الملحق العسكري لاتفاقية كامب ديفيد بأنها منطقة منزوعة السلاح تماماً، ولا يُسمح إلا للشرطة المدنية بالتواجد، وتخضع لاختبارات القوة متعددة الجنسيات، وبما أنهما غير مأهولتين، فقد اكتفى المصريون بزيارات دورية للشرطة، وكانوا يصلون هناك بالقوارب الخفيفة، ومعهم أسلحة خفيفة فقط.
في الوضع الجديد يطرح الإسرائيليون السؤال المهم: لمن ترفع القوة متعددة الجنسيات تقاريرها إلى الحكومة المصرية التي تنقلها للسعوديين، أم للسعوديين مباشرة، مع أنه تماشيا مع الرسائل المتبادلة بين رئيس الوزراء السابق بنيامين نتنياهو ووزير الخارجية المصري سامح شكري، فإن التزام مصر الكامل باتفاقية كامب ديفيد، والاتفاقية مع القوة المتعددة الجنسيات، وجميع التفاهمات الموقعة بينهما، سوف تتعهد السعودية بتنفيذها أيضاً، وهو ما أكده وزير الخارجية السعودي السابق عادل الجبير بعد 11 جولة من المفاوضات في السنوات الست الماضية.
ورغم ما أعلنه الجبير من أن المملكة لم يكن لها أي اتصال مع إسرائيل حول صفقة الجزيرتين، لكن التطورات اللاحقة المتعلقة باتصالات الجانبين لم تُبق لهذا الإعلان رصيدا كبيرا من المصداقية، ومع ذلك فليس من الواضح ما إذا كانت السفن التي ستبحر من إيلات وإليها سوف تمر عبر المياه الإقليمية السعودية أثناء تنقلها في أقصى غرب المضيق، الذي لا يزيد عرضه عن ثلاثة أميال، وقد تنشأ تحديات قانونية ودبلوماسية أخرى إذا قررت السفن التجارية الإسرائيلية التي دأبت على رفع أعلام بلدان أخرى، أن تبحر هذه المرة بالعلم الإسرائيلي.
في الوقت ذاته، فإن إسرائيل والأردن ترغبان بالحفاظ على حرية التنقل في المضائق بموجب اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار، كي يكون بوسعهما المطالبة بأن يتم التشاور معهما بشأن بعض التفاصيل المتعلقة بالصفقة مثل ارتفاع الجسر لكي يُسمح بمرور الناقلات وسفن الحاويات والسفن السياحية، كما أن للولايات المتحدة مصلحة في ذلك أيضاً، لأنه في عام 2013، مرت السفينة البرمائية الهجومية “يو إس إس كيرسارج”، وهي حاملة طائرات صغيرة أساساً، عبر مضيق هرمز لزيارة إيلات.
التبعات الأمنية والعسكرية
لمدة 15 عاماً، احتلت إسرائيل الجزيرتين، واعتقد ابن غوريون أنهما ستكونان جزءً من “مملكة إسرائيل الثالثة”، ويتذكرها بعض الإسرائيليين بأنهما “مكان صغير وجاف”، ويتذكرها البعض الآخر بأنهما “جزر سحرية”، لكن القاسم المشترك في جميع الرؤى الإسرائيلية للجزيرتين أنهما استراتيجيتان بالنسبة لها، لأنهما تقعان عند مدخل الخليج، ومن خلالهما تقريباً تمر كل حركة المرور البحرية إلى ميناء العقبة في الأردن، وميناء إيلات الإسرائيلي، حيث يتم الربط البحري بين إسرائيل وأفريقيا والشرق الأقصى.
من المعلوم أن اتفاقية كامب ديفيد تضمنت وضع قوة دولية متعددة الجنسيات في جزيرتي تيران وصنافير، وقد وافقت إسرائيل على إنهاء وجودها، لكنها تطالب ببديل أمني، خاصة وأن مصر والسعودية تجريان محادثات لتغيير حدودهما البحرية، وقد أبلغت القاهرة تل أبيب بهذه النية، فيما تعهد السعوديون بالحفاظ على بنود كامب ديفيد، وجرت مؤخرا محادثات بينهما بشأن اتفاق متوقع لإعادة رسم الحدود البحرية، مما قد يؤدي لتغيير بعض بنود الاتفاقية الموقعة منذ أكثر من أربعة عقود.
في الوقت ذاته، يمكن وصف موقع الجزيرتين بأنه أماميّ لإسرائيل في آسيا وأفريقيا، وفي مثل هذه الحالة تزداد المصالح المشتركة بين الرياض وتل أبيب، خاصة لمواجهة النفوذ الإيراني، مما وضعهما معاً في جبهة واحدة، بالتزامن مع تخطيط المملكة لإنشاء مشاريع صناعية وتجارية وسياحية ضخمة على طول مظلتها الغربية بالتعاون مع مصر، حيث سيتم بناء جسر بينهما، وهناك أحاديث عن إنشاء صندوق مشترك بقيمة 10 مليارات دولار لإنشاء منطقة اقتصادية مماثلة في جنوب سيناء.
ليس سراً أن نقل الجزيرتين من السيادة المصرية إلى السعودية له تداعيات على الأمن الإسرائيلي، لأنهما قريبتان جداً من حدودها البحرية الجنوبية، فضلا عن كونها نقطة مهمة للتجارة البحرية بين آسيا وإفريقيا وإسرائيل، مما قد يستدعي منها الإصرار على الضمانات الأمنية حتى لا تتضرر حرية الملاحة والطيران إذا أصبحت الجزيرتان تحت السيطرة السعودية الكاملة، وفي هذه الحالة ستحتاج إسرائيل لبدائل أمنية كبيرة ومستدامة، بما يضمن حرية ملاحتها وطياريها في هذه المنطقة الحساسة.
مع العلم أن وزير الدفاع الإسرائيلي الأسبق موشيه يعلون اعترف بأن “إسرائيل والولايات المتحدة شريكتان في الموافقة على اتفاق نقل الجزيرتين من مصر إلى السعودية، وأن الاتفاق أدى لفتح الملحق العسكري باتفاقية كامب ديفيد، مما يكشف عن انخراط إسرائيلي واضح في هذه القضية، وأن الموضوع ليس سعودياً-مصرياً فحسب، موضحا أن الوجود المصري فيهما مبني على اتفاق، وتم بموافقتنا، وهو مصرح به، حيث تقعان في البحر الأحمر على بعد 200 كيلومتر جنوب إيلات، وتعد نقطة استراتيجية لإسرائيل، وبفضل الاتفاقية مع مصر، تتمتع إسرائيل بحرية الملاحة في المنطقة”.
ورغم نقل السيادة على الجزيرتين من مصر إلى السعودية، وأن الدولة ليس لديها اتفاق سلام مع إسرائيل، حتى الآن، لكنها، كما يبدو، وعدت أنه رغم نقل السيطرة على الجزيرتين الاستراتيجيتين إلى أيديها، فإنهما ستبقيان منزوعتا السلاح، ولن يُسمح لأي جنود مسلحين بدخولهما، وبهذه الطريقة سيتم الحفاظ على حرية الحركة البحرية في خليج العقبة، رغم توقيع اتفاقيات تمييز بحري تم بموجبها إدراج الجزيرتين بأنهما تقعان في المياه السعودية.
حوافز التطبيع
من الواضح أن الموقف الإسرائيلي الإيجابي من نقل ملكية الجزيرتين من مصر للسعودية يعود إلى أنها قرأت الخريطة الجيو-سياسية للمنطقة بشكل صحيح، لأنها بالنسبة لها، مثل السعودية، فإن الخطر الأكبر الذي قد يصبح وجودياً هو إيران، لذلك فقد تعاونتا لنقل السيطرة على الجزيرتين إليها، وفتح الملحق العسكري لاتفاقية كامب ديفيد، والاتفاق على بناء الجسر البري بين مصر والسعودية، مما كشف عن تأسيس محور جديد للتعاون بينهما مع إسرائيل، تمهيدا لرعاية العلاقات الاستراتيجية السرية بين تل أبيب والرياض، مما سيضمن نجاح المخطط الإسرائيلي.
مع العلم أن مضيق تيران بات بؤرة توتر سياسية ساخنة على غرار بحر الصين الجنوبي في الوقت الحالي، حيث يقع في الطرف الجنوبي من خليج العقبة، ويعرف أيضاً باسم خليج إيلات، ذلك الجزء من البحر الأحمر إلى الشرق من شبه جزيرة سيناء، ونحو المسار المؤدي لمدينة إيلات الساحلية في جنوب إسرائيل وميناء العقبة الأردني القريب منها، وحالياً يهيمن المنتجع المصري شرم الشيخ على المضيق، ويطل بذلك على الجزيرتين.
لم يعد سراً أن القاهرة تشاورت مع تل أبيب وواشنطن خلال أشهر المفاوضات التي أسفرت عن هذه الإعلانات، كما يبدو أن الحكومة الإسرائيلية لم تُثر أي اعتراض على التوجهات المصرية والسعودية، شريطة ألا تؤثر الصفقة على النقل البحري والملاحة الخاصة بها، وفيما يؤكد ذلك العلاقة القوية بين إسرائيل ومصر، التي تتضمن حالياً وجود تعاون وثيق في مجالات مكافحة المجموعات المسلحة وتطوير الغاز الطبيعي، فبإمكان هذه الصفقة أن تعكس النضج المتنامي في العلاقات المؤقتة بين السعودية وإسرائيل.
صحيح أن الرياض ما زالت لم تذهب “رسمياً” في مسار إقامة علاقات علنية مع إسرائيل، لكن من الواضح أنهما يتشاركان في وجهات نظر مماثلة حول قضايا رئيسية مثل التهديد المزعوم الذي تشكله إيران، كما أن آخر التطورات المتعلقة بمضيق تيران تؤكد أن خططهما ذات المصالح المشتركة آخذة في الاتساع.
وفيما أعلن وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لابيد أنَّ التطبيع مع السعودية “سيحدث بخطوات صغيرة”، فقد أكد نظيره الأمريكي أنتوني بلينكن، أنَّ “السعودية شريك حاسم لنا في التعامل مع التطرف في المنطقة، والتحديات التي تمثلها إيران، آملاً في مواصلة بناء علاقات بين إسرائيل وجيرانها القريبين والبعيدين باستمرار وتوسيع اتفاقيات التطبيع”.
وبينما لم ينفِ وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان هذه المفاوضات، فقد أوضح أنَّ العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل ليست في الأفق القريب، مع العلم أن إدارة بايدن تسعى للتوسط بشكل سري بين السعودية ومصر لتحقيق ترتيبات من أجل استكمال نقل سيادة الجزيرتَين من القاهرة للرياض، وقد حصلوا من الأخيرة على تعهد بإنهاء عمل فرق المراقبة الدولية بالجزيرتين، مقابل إبقائهما دون قوات عسكرية، وضمان حرية الإبحار في مضيقهما، في حين أن تل أبيب في صورة كل هذه الترتيبات.
مع العلم أن المساعي الأمريكية السرية تهدف لتطبيع العلاقات بين السعودية وإسرائيل، من خلال توظيف مسألة الجزيرتين، مما سيعد إنجازاً فريداً لحكومة نفتالي بينيت وللسياسة الخارجية لإدارة بايدن في الشرق الأوسط.
خاتمة
اليوم، وبينما تجري التحضيرات الإسرائيلية الجارية لزيارة الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى المنطقة منتصف يوليو/تموز، فمن المتوقع أن يعلن موافقة إسرائيل على ترتيبات أمنية جديدة تسمح لمصر بنقل السيطرة على الجزيرتين إلى السعودية، وبموجب الصفقة ستسمح السعودية لشركات الطيران الإسرائيلية بالتحليق فوق مجالها الجوي؛ حيث إنه في الوقت الحالي، يمكن فقط للرحلات الجوية الإسرائيلية المتجهة إلى الإمارات العربية المتحدة والبحرين التحليق فوق السعودية، إضافة لرحلات طيران الهند من وإلى إسرائيل.
من الواضح أننا أمام صفقة رباعية حول جزيرتي تيران وصنافير، أطرافها هم: مصر والسعودية وإسرائيل، بإشراف الولايات المتحدة، مما يجعلنا أمام إعادة تموضع في تحالفات المنطقة، وربما إجراء تغيير في جغرافيتها السياسية، الأمر الذي سيسفر عنه بالتأكيد قراءة جديدة للسلوك المتوقع من هذه الأطراف تجاه التهديدات الماثلة أمامها، لاسيما وأن الحديث يدور عن موقع جيو-استراتيجي للجزيرتين تجعلان منهما محط أنظار دول المنطقة مجتمعة، صحيح أنهما انتقلتا الى سيطرة السعودية، لكن إسرائيل العازمة على تطبيع العلاقات معها، ستبقي أنظارها باتجاههما، في ظل ما يجري الحديث عنه من اتفاقيات دفاع مشترك تقودها الولايات المتحدة، تجمع إسرائيل مع دول الخليج الستة، إضافة لمصر والأردن والعراق.
في الوقت ذاته، فإن حدود الدور الإسرائيلي في الجزيرتين، سواء تم التطبيع رسميا مع السعودية أو لم يتم، سيزداد اتساعاً، مباشرة أو ضمنياً، صحيح أنهما سيبقيان منزوعتا السلاح، لكن ذلك لا يلغي فرضية أن تمتد إليهما الأجهزة الأمنية والاستخبارية الإسرائيلية، خاصة في ضوء ما تحوزه من إمكانيات تقنية وتكنولوجية بعيدة المدى، تمنح إسرائيل القدرة على الإحاطة بالمنطقة المحيطة بالجزيرتين، بكامل التفاصيل، لاسيما عند الحديث عن حدودهما الجنوبية، حيث شواطئ اليمن، والتواجد الحوثي عليها، وما قد يشكلونه من تهديد بالوكالة عن إيران.
.
رابط المصدر: