فاضل محمد البدراني
مقدمة:
إن التطور الذي حصل في تكنولوجيا الاتصال في السنوات الأخيرة من القرن الماضي “العشرين” ومطلع القرن الحادي والعشرين الحالي هيأ الفرص اللازمة لانتشار وسائل الإعلام بخطوات سريعة وفاعلة بغية التوصل إلى الإنسان ومشاركته في مختلف الأنشطة الثقافية والتربوية والاجتماعية والاقتصادية، وكان للمؤسسة التعليمية والتربوية حصة منها وهدف رئيس لانفتاح مؤسسات إعلامية كالصحف والمجلات والإذاعة والتلفزيون والإعلام الرقمي الذي يصنف ضمن “الإعلام الجديد” عليها وتنفيذ برامجها بما يخدم حركة الوعي الفكري والتحليل النقدي لدى المواطنين.
إن فكرة التربية الإعلامية والرقمية انطلقت في الوطن العربي خلال العقد الأول من الألفية الثالثة وجاءت كضرورة ملحة وهدف لزيادة المعارف في الجوانب التحليلية والنقدية للنص الإعلامي سواء الذي يقدمه الإعلام العربي أو الأجنبي، وتعتبر الجامعة الأمريكية ببيروت نقطة الانطلاق العربية الأولى عندما بدأت أول ورشة علمية عقدت عام 2006، بهدف التعرف إلى مفهوم جديد للإعلام في ظل عولمة الإعلام ودخول عصر تقنيات الاتصال والمعلومات وتأثيرها في تبدل الكثير من المفاهيم الاجتماعية والفكرية لدى المواطن والمجتمع. فالتطور الذي لحق بالاتصالات الشبكية أعطى دفعاً كبيراً نحو تفعيل ممارسة الثقافة التشاركية لأفراد المجتمع، وإلى توافر مجموعة من موارد جديدة، وتسهيل تدخلات جديدة لمجموعة متنوعة من الجماعات التي ناضلت طويلاً ليكون صوتها مسموعاً[1].
إن جملة تساؤلات تطرح عبر هذه الدراسة وتستدعي الإجابة عن فرضيات علمية مطروحة حول أهمية دخول التربية الإعلامية والرقمية والربط بينهما وبخاصة في الوطن العربي كجزء من المنظومة الدولية وتتجسد بما يلي:
- لماذا يطرح موضوع التربية الإعلامية والرقمية بهذا الزخم في وقتنا الحالي؟
- ماهي مبررات الاهتمام بالإعلام والرقمنة من قبل المؤسسات الأكاديمية والمهنية في الوقت الحاضر؟
- هل يمثل ذلك موضوعاً يتناول تفاصيل ذات أبعاد فلسفية معمقة لقضايا إعلامية لم تكن موجودة سابقاً في عصر الإعلام التقليدي؟
- هل دفع الإعلام الإلكتروني إلى الحاجة لدراسة هذا الحقل المعرفي؟
أولاً: التربية الإعلامية في الجوانب التربوية
1- مفهوم التربية الإعلامية وآفاق التطبيق
لم يكن موضوع الاهتمام والدعوة لدراسة التربية الإعلامية والرقمية أمراً حديثاً، إنما هو ضمن توجهات اليونسكو الاستراتيجية المخطط لها سابقاً، حيث دعت لتدريسه منذ عام 1982. ساهمت فعاليات ومؤسسات دولية في تعريف التربية الإعلامية، وقد عرّفها مؤتمر فيينا 1999 بأنها “التعامل مع جميع وسائل الإعلام الاتصالي من صور متحركة وثابتة وكلمات ورسوم، التي تقدمها تقنيات المعلومات والاتصالات المختلفة، وتمكين الأفراد من فهم الرسائل الإعلامية وإنتاجها واختيار الوسائل المناسبة للتعبير عن رسائلهم المناسبة”. أما مؤتمر التربية الإعلامية للشباب (2002) فيعرّفها على أنها «التعرف على مصادر المحتوى الإعلامي وأهدافه السياسية والاجتماعية والتجارية والثقافية والسياق الذي يرد، ويشمل التحليل النقدي للمواد الإعلامية، وإنتاج هذه المواد وتفسير الرسائل الإعلامية والقيم التي تحتويها”. فيما يعطي الباحث تعريفاً بأنها “التفكير النقدي والمشاركة وإنتاج الأفكار والمعالجات وهي تشمل ليس فقط تحليل الخبر بل اعادة قراءة ونقد التعليم والأفلام التلفزيونية والسينما والصورة وغيرها وأن يكون للمواطن حق المشاركة”. وشاع هذا المنهج الإعلامي في العالم المتقدم بالولايات المتحدة وأوروبا منذ عقود من الزمن بينما تأخر كثيراً في الوصول لدول المنطقة.
وبالنسبة إلى المنطقة العربية فإنها بدأت تتفاعل بشكل متنامٍ مع منهج التربية الإعلامية والرقمية، وبخاصة في كليات الإعلام بالدراسات الجامعية الأولية والعليا، وابتداءً من لبنان حيث كانت نقطة الانطلاق لطرح هذا المفهوم وتعميمه على الجامعات وبعض المدارس بالتعاون مع منظمة اليونسكو، وكذلك في العراق دخل في منهاج الدراسات العليا، وقريباً ستدخل في الدراسات الأولية، وفي سورية دخلت إلى الأجواء الجامعية، وكذلك في الجامعات المصرية والفلسطينية والأردنية ولا سيَّما في معهد الإعلام للدراسات العليا، وحتى في سلطنة عمان واليمن التي دخل مشاركون منها في أكاديمية التربية الإعلامية والرقمية ببيروت. وبحسب المعطيات فإن الانفتاح سيكون على جميع البلدان العربية خلال العام 2017 وفق خطة لليونسكو. ولكن يجب أن نشير إلى الحالة المتقدمة في مجال التربية الإعلامية التي حاولت السعودية الانفتاح عليها منذ 2005 عندما قدمت دراسات تربوية لدمج التربية الإعلامية في مدارسها وإشراك المدرسين والمعلمين في دورات في كليات وأقسام الإعلام بالجامعات لتوضيح الثقافة الإعلامية وهو الحال أيضاً بالنسبة إلى دولة قطر التي احتضنت بعض المؤتمرات الخاصة بالثقافة الإعلامية ولكنها حتى الوقت الحالي بحاجة إلى تطوير وتفعيل أكبر لتنتشر بين طلبة المدارس والجامعات[2].
وجرت محاولات عربية في السنوات الأخيرة قام بها مؤسسات إعلامية وأكاديمية وشخصيات وناشطون لتعميق هذا المفهوم الجديد للإعلام وتطبيقاته وإنضاج فكرة إدخاله ضمن المناهج الدراسية، وطرحت فعلاً المقالات والأبحاث العلمية حتى أصبحت وزارات التربية والتعليم العالي في الوطن العربي على دراية تامة بأهمية الإعلام والرقمنة بغية إلزام مؤسساتهما بتطبيقه ضمن مناهجها التربوية والتعليمية[3]. إن الإعلام الرقمي هو الآخر أصبح واحداً من الموضوعات الحيوية التي أخذت تفرض نفسها على المجال الأكاديمي في كليات وأقسام الصحافة والإعلام في الوطن العربي. وعليه فإن من اللازم بعد اليوم إدخال الإعلام الاجتماعي وبخاصة شبكات التواصل الاجتماعي، والصحفي الشعبي، وكذلك التصوير بالكاميرا الرقمية ضمن مناهج كليات الإعلام في الجامعات العربية، ومنها العراق الذي أخذت وسائل الإعلام دوراً فاعلاً في توجهاته الفكرية والسياسية والاجتماعية. ومن وجهة نظرنا بحكم تعاملنا مع الجانب الإعلامي بشقيه النظري والميداني فإن انتشار الإعلام الرقمي بشكل واسع، مضافاً له إدخال منهاج التربية الإعلامية للتدريس في المدارس والجامعات، كما يحاول البعض سيسهم في تفعيل مسألة التواصل المعمق، وبالنتيجة سيكشف عن كثير من الأخطاء والترسبات الموروثة عبر البحث والنقاش، وبخاصة لدى الشباب الذي يبحث عن الشراكة في المعلومة وليس الرجوع إلى سلبيات الماضي[4].
2- العلاقة بين الإعلام والرقمنة
لا بد من تقديم تعريف للإعلام قبل الخوض في موضوع العلاقة بين الإعلام والرقمنة على أنه “الرافد الحقيقي لتغذية عقول الجماهير بالمعلومات والأفكار وتحقيق مبتغاها وتجسيد اتجاهاتها في ذات الوقت”. وكلمة إعلام (Information) مشتقة من الكلمة اللاتينية (Infomatio) وتعني[5]:
1 – عملیات التشكیل بمعناها المادي والتقني.
2 – التعلیم، الفكر، المفهوم، التصور، المعارف والتعلیم.
إن الإعلام يمثل مفهوماً عصرياً ینطبق – خصوصاً – على عملیة الاتصال التي تستعمل الوسائل العصریة من صحافة وٕاذاعة وتلفزة. ولم تطلق قدیماً كلمة الإعلام على عملیة الاتصال، بل عرف الدین الإسلامي نوعاً من الاتصال سّمي “التبلیغ” أو “الدعوة”؛ وهو أقرب إلى المفهوم العصري للإعلام (Information)، وهي كلمة مستحدثة ترجمت من اللغات الأوروبیة، وحاول واضعوها أن یؤّدوا أحسن ما یمكن كلمة مستحدثة المعنى الذي تحمله الكلمة[6].
والسؤال المطروح اليوم لماذا الربط بين الإعلام والرقمنة ومن الذي فرض هذه العلاقة؟ والواقع أن العالم اليوم لم يعد كما كان يسمى سابقاً “المجتمع المتباعد” ولا حتى مجتمع “القرية العصرية”، بل أصبح يمثل مجتمع الشاشة الصغيرة تلك التي يجسدها جهاز الاتصال (الخلوي) مقروءة ومكتوبة وصورا متحركة وجامدة، والقيام بتقديم كل خدمات الإعلام عبر تطبيقات إعلامية بمهارة عالية، بالتقاط الصورة واللقطة السريعة والنصوص المقروءة والمكتوبة والتوليفة ما بين هذا كله في مشهد متكامل بكتابة سيناريوهات وتقديم أفلام ومواد إخبارية متكاملة الأركان حتى لو كان هذا من نتاج مواطنين عاديين.
وهذه الخاصية الإعلامية الجديدة التي يطلق عليها “التربية الإعلامية والرقمية” تحتاج إلى ثقافة ورؤية جديدة في التعامل مع ممارسة الدور الذي يحتاجه المجتمع. وإذ أخذت هذه الممارسة بعداً تطبيقياً على صعيد دولي، فكيف يتطلب الحال بالنسبة إلى منطقتنا العربية التي تعاني أصلاً أزمة ثقافة وتراجع بمستويات الوعي الإعلامي وزيادة أمية قراءة الحرف العربي، فضلاً عن النسبة العالية للأمية التقنية المتمثلة بصعوبة التعامل مع لغة الحاسوب؟
وكثيرا ما خُدع الإنسان العربي خلال أحداث ما يسمى “الربيع العربي” برصد إعلامي مفبرك لم يكن يقترب من الصدقية بشيء مطلقاً، وربما مارست هذا كبريات الفضائيات العربية وحتى الأجنبية، سواء بالتقاط صورة عن تدمير موقع في حلب جراء العنف الحاصل بسوري، وكتبت أسفله نصاً يشير إلى أنه يمثل مشهداً لتدمير حصل في مدينة الرمادي أو الفلوجة أو الموصل بالعراق أو في بلدان عربية أخرى مثل اليمن أو ليبيا أو لبنان أو تونس وغيرها من بلدان عربية حصلت فيها أحداث عنف. وقد يكون أصل النص أو المحتوى الإعلامي قدمه مواطنون عاديون “هواة” بتقنية فنية عالية، وهذه التقنية الإعلامية فسحت في المجال لمزيد من التطبيقات الإعلامية من قبل الكثير من الممارسين أكانوا هواة أو إعلاميين في مؤسسات صحفية تقليدية.
ومن هنا نرى أن منطقتنا العربية بحاجة ماسة في هذا الوقت تحديداً إلى أن تلعب المؤسسات التعليمية والإعلامية فيها دوراً فاعلاً وسريعاً لترسيخ مفهوم التربية الإعلامية وتماهيها مع الرقمنة لدى المواطن العربي. وينبغي أن يتعلم الطالب المدرسي مفاهيم إعلامية أولية تساعده في كتابة الخبر والتدريب والتأهيل في التقاط الصورة التي قد تساعد وسائل الإعلام الأخرى في الحفاظ على حقوق الإنسان وإشاعة التوجه الديمقراطي وحرية تدفق المعلومات للمجتمع، وكذلك في إيجاد نقد نوعي لما ينشر في وسئل الإعلام وفرز المفيد منها حتى لا يكون ضحية في زمن الصيد والتضليل الفكري[7].
3- تعميم المناهج الإعلامية
يكثر الحديث في الوقت الحاضر عن موضوع التحول من الحالة النمطية إلى الحداثة الإعلامية التي يجسدها الإعلام الافتراضي أو ما يسمى بالإعلام الرقمي بديلا عن الإعلام التقليدي المتعارف عليه سابقاً مثل الصحافة والتلفزيون والراديو، وكمدخل لموضوعنا الذي يتناول التربية الإعلامية والرقمية لا بد من إعطاء فكرة عن مفهوم الإعلام الذي يعني “أُعْلمه بالشيء” وتعني تزويد الجماهير بأكثر قدر من المعلومات الموضوعية الدقيقة والواضحة، ويستخدم لفظ “إعلام” للدلالة على عملية مركبة من جزأين يتمّان في آن واحد يكمل أحدهما الآخر دون الاستغناء: وهما البحث عن المعلومات والحصول عليها، وكذلك بث هذه المعلومات إلى الآخرين لأجل الاستفادة الفكرية. وفي جانب مرادف يوجد الاتصال (Communication) حيث يرجع أصل هذه الكلمة إلى اللغة اللاتينية (Communis) وفي المجال الإعلامي يقصد به نقل المعلومات والأفكار والاتجاهات من شخص لآخر.
ويخلط الكثير من المتابعين وطلاب الإعلام المبتدئين حول مفهومي الإعلام والاتصال، فيعطون الأسبقية للإعلام على الاتصال وهذه مسألة تحتاج إلى التوضيح والتركيز وفك الاشتباه بينهما والتخلص من الخلط الحاصل بينهما، وفي الحقيقة فإن الإعلام والاتصال شيئان مرتبطان، لكن الاتصال أشمل وأعم من الإعلام. ونظراً إلى الأهمية الإعلامية التي أخذت تفرض نفسها على جميع أفراد المجتمع كونهم يتعرضون للمضمون الإعلامي من النص والصورة ويمارسون التحليل الدلالي فإن علم الاتصال والإعلام لم تعد دراسته تقتصر على طلبة كليات وأقسام الإعلام بعد أن طالبت جهات تربوية وأكاديمية بإدخاله ضمن مناهج التدريس التربوي في المدارس والأقسام العلمية بالجامعات، بل يحتاج إلى توضيح مفاهيمه ومفاهيم الإعلام، وكذلك توضيح التعريفات لطلاب المدارس والمعلمين دون أن يبقى موضوع فهمه محدداً ضمن مناهج الكليات أو الأقسام الإعلامية المختصة به نظراً إلى أهميته في حياة الإنسان[8].
وفي ظل التطور الحاصل في تقنيات الإعلام في السنوات الأخيرة، أصبح الإعلام الرقمي واقعاً مفروضاً على الكل في المجتمع أن يتماشى معه ويستفيد من خدماته وبخاصة في مجال التربية الإعلامية، حيث إن الشبكات الرقمية المعاصرة هي كونية الطابع خصوصاً مع التوسع في الشبكات التفاعلية الكونية واسعة النطاق (Broadband) التي تتيح للأفراد الانغماس (Immersion) في بيئات تفاعلية كونية؛ إذ إن مهارات التفكير الناقد والمهارات التقنية ليست كافية للبقاء دون فهم طبيعة وقوة التفاعلية نفسها، وأن الفرد المثقف إعلاميًا هو الذي يعترف بعمق التفاعل الكوني، لذلك يصبح الوعي الكوني (Global Sensibility) مفتاح الثقافة الإعلامية، وهو ما يعني أن الحياة المعاصرة تفاعلية.
ولأجل تحقيق فهم جيد للتفاعل الكوني كأساس للتربية الإعلامية والرقمية المعاصرة اقترح البعض أنموذجاً أطلق عليه “الثقافة الإعلامية العميقة”، وهذا النموذج يتكون من ثلاثة مستويات هي[9]:
1- مهارات استخدام تقنيات المعلومات وتصفح الشبكات الرقمية.
2- مهارات التفكير الناقد لمحتوى الرسائل الإعلامية.
3- تقدير التفاعلية الكونية.
كما يقترح ثلاثة استراتيجيات لتدريس الثقافة الإعلامية هي:
أ- تطوير رؤية إعلامية مشتركة.
ب- مناقشة الاختيارات الإعلامية
ج- مناقشة التفاعلية الكونية.
4- استئصال الأمية الإعلامية
تضم التربية الإعلامية نهجاً تعليمية تم تطويرها مؤخراً تأخذ في عين الاعتبار الثقافات الجديدة الخارجة من المجتمع المعلوماتي. ويفضل البعض مصطلحات أخرى مثل تعليم الإعلام أو التثقيف الرقمي أو تثقيفات القرن الحادي والعشرين. كذا يسهم باحثون حول العالم أيضاً في تطوير هذه المبادرات التعليمية الجديدة.
وما يفرض علينا دراسة التربية الإعلامية والرقمية أن هذا الحقل المعرفي هو اتجاه عالمي جديد، يختص بتعليم أفراد الجمهور مهارة التعامل مع الإعلام، وذلك لأن الإعلام ووسائل الاتصال الحديثة أصبحت هي الموجه الأكبر، والسلطة المؤثرة في القيم والمعتقدات والتوجهات والممارسات، في مختلف الجوانب، اقتصادياً وثقافياً واجتماعياً. ويجب التسليم بحقيقة الاعتراف بأن وسائل الإعلام هي بحد ذاتها شكل من أشكال التعليم، وبخاصة في المجتمعات المعاصرة والتي تتفاعل في حياتها اليومية مع ثقافة الإعلام المتجدد. فالثقافة الإعلامية العصرية باتت مهمة لطلاب المدارس والجامعات؛ فهي توفر الجانب النقدي، وبخاصة أن ذلك لا يمنع من الاحتفاظ بدور وسائل الإعلام المطبوعة التي تعطي الفرصة للقارئ لأن يدقق ويمارس التفكير النقدي في ما ينشر. والأمر الآخر لأهمية التربية الإعلامية هو أن تتطور ذهنية الطالب وأن يكون هو باحثاً عن المعلومة وليس متلقياً لها ومن ثم محللاً للجوانب التي يرتبط بها الموضوع حيث توفر هذه القضايا مسألة العصف الذهني وبخاصة لدى طلاب المدراس والروضة التي ما يزال العالم متأخر في ذلك[10].
5- الأهداف المتوخاة من التربية الإعلامية والرقمية وتساؤلاتها
إن الهدف الأساس من التربية الإعلامية هو لحماية أفراد الأسرة والأطفال من الأفلام المرعبة والخلاعية وغيرها، وكذلك التمكين ومحاولة إكساب المعارف والمهارات في تحليل المحتوى المطلوب سواء من الأفلام والأخبار الطائفية والعنصرية. وتحاول التربية الإعلامية أن تقيم رابطاً ما بين المدرسة والعائلة خاصة في عصر التنمية الإعلامية[11] .. وهي مهمة لكل المهتمين بالتربية للأطفال والناس. إن التربية الإعلامية وحسب المهمة المطلوبة هي التعلم ومن ثم الممارسة التطبيقية لأنه التعلم ليس كافياً، إذاً فهي ممارسة وتطبيق وفهم الوسائل التكنولوجية لتساعدنا على النفاذ وفهم الأفلام والنصوص… وتقودني مهمة التربية الإعلامية بصيغها الحديثة لإعادة قراءة مقولة كوبلز لهتلر “كيف اصنع مجتمعاً يصدقني؟” فقال كوبلز “أعطني إعلاماً بلا ضمير أخلق لك مجتمعاً جاهلاً”. هنالك خمس مسائل يطرحها أصحاب السياسات لمواكبة التطور الإعلامي والرقمي وتلبية حاجات التربية الإعلامية فيجب أن نجيب عن الاسئلة الآتية[12]:
– ما هي النصوص الإعلامية والأدوات التي نحتاجها.
– ما الذي يحتاجه الناس لمعرفته والقيام به خلال استخدام النصوص والرقميات الإعلامية.
– ما هو المحتوى والموارد التي تلبي حاجتنا للمعلومات.
– ما هي البرامج والخدمات التي أثبتت فاعليتها.
– كيف يمكن للمؤسسات ان تتغير وتتكيف لتلبية الحاجات الحالية والمستقبلية.
المصادر:
(*) نُشرت هذه الدراسة في مجلة المستقبل العربي العدد 452.
(**) فاضل محمد البدراني: أستاذ الفنون الصحفية والتلفزيونية والإلكترونية، كلية الإعلام، الجامعة العراقية.
البريد الإلكتروني: [email protected]
[1] زهیر إحدادن، مدخل لعلوم الإعلام والاتصال (الجزائر: دیوان المطبوعات الجامعیة، 2002)، ص 13- 14.
[2] سعد خمري، “الإعلام والديمقراطية المحلية بالمغرب،” (مركز الدراسات والابحاث العلمانية في الوطن العربي 2007).
[3] محمد الرميحي، “نظرة على المستقبل التربية الإعلامية في عصر المعلوماتية،” مجلة الكويت
[4] بول ميهيليديس وبنجامين تيفينين، “التربية الإعلامية: كفاءات أساسية للمواطَنة الفاعلة في ديمقراطية تشاركية”
[5] نعیمة واكد، مبادئ في علم الاتصال (الجزائر: طاكسیج كوم للدراسات والنشر والتوزیع، 2011)، ص 87- 88.
[6] إحدادن، مدخل لعلوم الإعلام والاتصال، ص 14- 15.
[7] فاضل البدراني، “التربية الإعلامية والرقمية في عالم متعدد الأقطاب،” دراسة منشورة في موقع الجامعة العراقية <http://aliraqia.edu.iq/media-college/view/441>.
[8] Media Literacy Learning House, <http://www.frankwbaker.com/mlc>.
[9] دوغلاس كيلنر وجيف شير، “نحو تربية إعلامية نقدية: المفاهيم والحوارات والمنظمات والسياسات الأساسية”.
[10] فاضل البدراني، الإعلام صناعة العقول (بيروت: منتدى المعارف، 2011)، ص 57.
[11] Mark Cooper, Media, Ownership and Democracy in the Digital Information Age (Stanford, CA: Center for Internet and Society, 2003).
[12] بدر بن عبد الله الصالح، “مدخل دمج تقنية المعلومات في التعليم للتربية الإعلامية: إطار مقترح للتعليم العام بالسعودية،” ورقة قدمت إلى: المؤتمر الدولي الأول للتربية الإعلامية، الرياض (2007).
[13] فاضل البدراني، أسس التحرير الصحفي والتلفزيوني والإلكتروني (العين، الإمارات: دار الكتاب الجامعي، 2015)، ص 76.
[14] موقع أكاديمية التربية الإعلامية والرقمية، الجامعة الأمريكية في بيروت للمزيد، انظر: <https://mdlab2015.wordpress.com>.
[15] حسنين شفيق، الإعلام الجديد: الإعلام البديل تكنولوجيات جديدة في عصر ما بعد التفاعلية (بغداد: دار فكر وفن، 2010)، ص 53.
[16] عبير الرحباني، الإعلام الرقمي الإلكتروني (عمّان: دار أسامة للنشر والتوزيع، 2011)، ص 39.
[17] حاتم عبد الرحمن أبو السمح وصلاح محمد رحال، “العصر الرقمي والتعليم،” منتدى تكنولوجيا التعليم، 1/2/2015، للمزيد انظر: <http://www.khayma.com/education-technology/index.htm>.
[18] Stephen C. Ehrmann, “Access and/or Quality? Redefining Choices in the Third Revolution,” Educom Review, vol. 34, no. 5 (1999), <http://www.educause.edu>.
[19] بشرى حسين الحمداني، التربية الإعلامية ومحو الأمية الرقمية (عمّان: دار وائل للنشر 2015)، ص 223.
[20] أبو السمح ورحال، “العصر الرقمي والتعليم”.