بعد عبور الحرب في أوكرانيا عتبة المائة يوم، بات من الواضح أن الأهداف الميدانية الروسية – والتي تعتبر جزء من الأهداف الأستراتيجية التي من أجل تنفيذها أطلقت موسكو عمليتها العسكرية على الأراضي الأوكرانية – تقلصت تدريجياً على مدار المرحلتين الأولى والثانية من هذه العملية، بشكل يجعل من الممكن اعتبار أن مرحلة ثالثة من العمليات العسكرية قد بدأت فعلياً مطلع الشهر الجاري، عنوانها الأساسي هو “السيطرة على الحدود الإدارية لإقليم الدونباس”.
ربما يمكن اعتبار إتمام الجيش الروسي السيطرة على كامل الساحل الأوكراني المطل على بحر آزوف، بمثابة نقطة فاصلة في تحويل التركيز الروسي الميداني بشكل شبه كامل على الجبهة الشرقية، نظراً لأن هذا أدى بالتبعية إلى تحقيق هدف ميداني “قديم” كان في ذهنية المخطط العسكري الروسي منذ سنوات، وهو تحقيق إتصال بري مباشر بين شبه جزيرة القرم وإقليم الدونباس، ناهيك عن تحويل بحر “آزوف”، إلى بحر داخلي روسي تمتلك موسكو كامل السيطرة عليه، بعد عقود من تقاسم السيطرة عليه مع كييف.
بطبيعة الحال يمكن تسويق السيطرة على ساحل آزوف، ولاحقاً السيطرة المتوقعة على كامل إقليم الدونباس، على أنه نجاح ميداني أساسي للعملية العسكرية الروسية في أوكرانيا – وهو توصيف يبدو واقعياً إلى حد كبير، لكن لا ينفي هذا حقيقة أن الأهداف بداية العمليات الروسية في أوكرانيا كانت “طموحة جدا”، لدرجة انها تضمنت انتفاحاً كثيفاً للقوات الروسية في الجبهة الشمالية للبلاد، لكن تم تعديل هذه الأهداف بشكل “أكثر واقعية” خلال المرحلة الثانية للعمليات، لتصبح متوافقة مع ما يمكن تحقيقه على الأرض، على حسب الإمكانيات المتوفرة والظروف الميدانية المستجدة.
التركيز يبقى دوماً على الشرق
بشكل عام تركز القوات الروسية حالياً على إغلاق الجيب القتالي الأساسي للقوات الأوكرانية في إقليم الدونباس – والواقع تحديداً في نطاق لوهانسك – وهو جيب يمتد على شكل مثلث يربط بين مدن سيفرودونيستك شرقاً، وسلوفيانسك غرباً، وباخموت جنوباً، وتشكل هذه المدن الثلاث، الجبهات الرئيسية الأكثر سخونة في إقليم الدونباس.
الهدف المرحلي الأساسي للقوات الروسية في الاتجاه الشرقي لهذا الجيب منذ منتصف الشهر الماضي، هو السيطرة على مدينة “سيفرودونيتسك”، وهي تقاتل بالفعل حالياً داخل المدينة، وتمكنت من إبعاد القوات الأوكرانية المتواجدة داخلها عن مركز المدينة، لتصبح عملياً محاصرة داخل المنطقة الصناعية بالمدينة”، ومطوقة من الأمام بالقوات الروسية المتقدمة، ومن الخلف بالمانع الطبيعي المتمثل في نهر “سيفيرسكي دونتس”، الذي يعد سابع اكبر نهر في أوكرانيا.
الواقع الميداني في هذه المدينة أصبح شبيهاً – إلى حد بعيد – بما كان الحال عليه خلال الأسبوعين الأخيرين من العمليات الروسية في مدينة “ماريوبول” جنوبي البلاد، وقد تكرس هذا الواقع بشكل او بأخر، بعد تدمير الجسور الثلاثة الرابطة بين سيفرودونيتسك ومدينة “ليسيتشانسك” المجاورة والهامة أيضاً، والتي تعتبر الهدف التالي للعمليات الروسية في هذا الأتجاه، والتي بالسيطرة عليها يمكن القول أن كامل الحدود الإدارية لإقليم لوهانسك، أصبحت تقريباً تحت السيطرة الروسية.
بانقطاع طريق الإمداد الوحيد إلى مدينة سيفرودونيتسك، والذي يتمثل في الجسور الثلاثة الرابطة بينها وبين مدينة “ليسيتشانسك”، أصبحت الوحدات الأوكرانية المتواجدة داخل المنطقة الصناعية، وقوامها الأساسي يتمثل في بقايا لوائين من ألوية الحرس الوطني الأوكراني، بجانب عشرات من المقاتلين المتطوعين، بدون اي امداد، وقريبة جدا من الاستسلام للقوات الروسية، او الإنسحاب بشكل جماعي إلى الخلف، وعبور نهر “سيفيرسكي دونتس” سباحة. جدير بالذكر هنا أن القوات الروسية حاولت التحرك هجومياً في اتجاهين جنوب مدينة سيفرودونيتسك، الأول من اتجاه مدينة “توشيكفكا”، والثاني في اتجاه مدينة “زولوتي”، بهدف الضغط على القوات المتواجدة في مدينة ليسيتشانسك، عبر التحرك على طريق “بي-66″، أحد الطرق الفرعية المرتبطة بطريق “تي-1303” السريع الرابط بين مدينة باخموت جنوباً ومدينة ليسيتشانسك شمالاً، لكن حالت المقاومة الأوكرانية في هذا الأتجاه دون ذلك، ولم تتمكن القوات الروسية من الوصول إلى هذا الطريق، وعادت لتركز بشكل أساسي على مدينة سيفرودونيتسك.
في ما يتعلق بالاتجاهين الهجوميين الثاني والثالث في هذا النطاق، سواء اتجاه”باخموت” جنوباً، أو اتجاه “سلوفيانسك”، فتعمل القوات الروسية فيهما بالتوازي مع عمليات الاتجاه الشرقي من هذه الجبهة، لإكمال الطوق على القوات الأوكرانية، بحيث تتم التحركات من الجنوب والشمال لتحقيق تلاقي بين القوات الروسية عبر قوسين عملياتيين، الأول يربط بين باخموت جنوباً، مروراً بمدن “سوليدار” و”زفانفكا”، صعوداً إلى “سيفرسك” شمالاً، والثاني يقتضي التحرك نحو باخموت، ثم غرباً باتجاه “قسطنطينيفيا”، ثم الصعود شمالاً على طول طريق “إتش-20″، مروراً بمدينة “كرامستورك”، ووصولاً إلى “سلوفيانسك”، التي تهاجمها القوات الروسية أيضاً من الشمال، أنطلاقاً من المناطق المحيطة بمدينة “ليمان”.
بالنسبة للأوضاع الميدانية في الاتجاه الجنوبي “باخموت”، تبدو الحاجة ماسة أمام القوات الروسية للسيطرة على هذه المدينة، لذا تتم التحركات في أتجاه هذه المدينة من ثلاث محاور أنطلاقاُ من مدينة بوباسنا، الأول شمالاً في اتجاه مدينة “ميكولفيكا”، لمساندة قوات الاتجاه الشرقي، بجانب محور شمالي أيضاً باتجاه مدينة “سوليدار”، بجانب محور يتجه إلى التخوم الشرقية والجنوبية لمدينة باخموت، تتم فيه مهاجمة مناطق مثل “كوديما” و”نوفولوهانسكي” جنوب المدينة، و”بوكروفسكي” شرقها.
في الاتجاه الشمالي لهذه الجبهة، تعمل القوات الروسية على التحرك حثيثاً نحو مدينة “سلوفيانسك”، انطلاقاً من جنوب مدينة “إيزيوم” ومن محيط مدينة “ليمان”. في الوقت الحالي تهاجم المناطق الواقعة جنوب شرق مدينة إيزيوم، على طول الطريق السريع “إم-03” المؤدي إلى مدينة سلوفيانسك، مثل منطقة منطقة “بوهوروديشن” ومنطقة “دولايانا”، التي تبعد عن جنوب شرق مدينة إيزيوم نحو 25 كيلو متر. اللافت في هذا الإتجاه أن القوات الأوكرانية المتمركزة غرب مدينة إيزيوم، تهاجم انطلاقاً من مواقعها في منطقة “بتروفسكي” ومحيطها، خطوط إمداد القوات الروسية المارة جنوباً، وتنفذ قصفاً مدفعياً مكثفاً على طول هذه الجبهة ومحيط مدينة إيزيوم. جدير بالذكر هنا أن احتمالات قيام القوات الروسية بالتحرك هجومياً نحو الجنوب انطلاقاً من المناطق الواقعة شمال مدينة “سيفرسك”، تبدو كبيرة، وهنا سيكون الهدف هو قطع الطريق على القوات الأوكرانية التي ستحاول في حالة انسحابها من ليسيتشانسك، الوصول إلى مدينة سلوفيانسك.
محور مدينة “خاركيف” الواقعة اقصى شمال هذه الجبهة، عاد ليشهد زخم قتالي مهم، بعد فترة من الجمود التي تلت تراجع القوات الروسية من محيط هذه المدينة نحو مناطق تقع قرب الحدود المشتركة. تحاول القوات الروسية في هذا الأتجاه تنفيذ عمليات خاطفة لدفع القوات الأوكرانية بعيداً عن خط الحدود، نظراً لأن التموضع الحالي لهذه القوات منح لها فرصة قصف الأراضي الروسية مدفعياً بشكل مباشر. الأنشطة الروسية في هذا الإطار شملت تأمين منطقتي “تسوبيفكا” و” فيليكي بروخودي”، على بعد نحو 40 كيلومتر شمال شرق خاركيف، وباتت الوحدات الروسية في تماس قتالي مع القوات الأوكرانية في منطقتي “تيرنوفا و”إيزبوتسكي”، على بعد 25 كيلو متر من خاركيف.
يمكن القول إن التركيز الروسي على الجبهة الشرقية بشكل عام، لم يكن فقط بدافع ان هذه الجبهة كانت دوماً من الجبهات الرئيسية في الخطة العسكرية العامة للوحدات الروسية المشاركة في هذه العملية منذ بدايتها، ولكن فرضته ايضاُ عدة عوامل اخرى اهمها الجانب اللوجستي، وقرب هذه الجبهة من الحدود الروسية، وكذا ضرورة الحيلولة دون وجود أية وسائط مدفعية اوصاروخية أوكرانية قرب الحدود الروسية، بما يهدد خطوط إمداد الدونباس. وعلى الرغم من التفوق الكمي والعددي للجيش الروسي في هذه الجبهة، إلا أن العمليات الروسية تبدو بطيئة نوعاً ما، بفعل عدم إنتظام النشاط الجوي الروسي، وبعض المعوقات المتعلقة بحجم القوة البشرية الروسية المتوفرة في المحاور المختلفة لهذه الجبهة، وكذا النشاط المدفعي المكثف للقوات الأوكرانية.
الجبهة الجنوبية … أوكرانيا تبدأ الهجوم المضاد
لعل من أبرز النتائج السلبية التي ترتبت على تركيز موسكو مجهودها الحربي على الجبهة الشرقية، هو إعطاء الفرصة للوحدات الأوكرانية كي تنشط بشكل واضح في الجبهة الجنوبية، بشكل وفر لها القدرة على بدء هجمات مضادة متتالية على خط المواجهة في مقاطعة “خيرسون” وعلى طول نهر “إينهوليتس” منذ بداية الشهر الجاري. الهجمات الأوكرانية المضادة المدعومة بالمدفعية الثقيلة، تتم على محورين أساسيين، المحور الأول هو المحور الغربي جنوبي مدينة “ميكولايف”، والمحور الثاني هو محور أوسط يقع جنوب مدينة “كريفي ريه”، بجانب تواجد قوات لحماية وتأمين مدينة “زابورزاهيا”. في المحور الأول، وصلت المعارك إلى مدينة “تومانيا بالكا”، التي تبعد نحو 25 كيلو متر عن الجانب الغربي من مدينة “خيرسون”، في حين توزعت الهجمات الأوكرانية في المحور الثاني على مناطق “كيسيليفكا” و”سولداتسكوي” و”أوليكساندريفكا” و”دافيديف بريد”.
جمود الموقف الميداني بالنسبة للجيش الروسي في الجبهة الجنوبية، وتعذر إطلاق هجوم رئيسي لإكمال السيطرة على النصف الأخر من الساحل الأوكراني – ساحل البحر الأسود – يرتبط بشكل أساسي بالوضع القتالي في الجبهة الشرقية، لكنه يحمل في طياته مخاطر جدية على مصير العملية الروسية بكاملها، فالمدفعية الأوكرانية تغطي معظم مساحة منطقة خيرسون، من مواضع تمركزها الحالية، كما أن أستمرار النشاط الجوي الأوكراني، خاصة الطائرات المسيرة – يعوق بشكل كبير من حرية حركة القطع البحرية الروسية، التي تستمر في أداء مهام الدعم الصاروخي للقوات البرية، لكنها تحاول قدر الإمكان تفادي وقوع خسائر جديدة في قطعها البحرية، ولذا كان لافتاً تزويد بعض الطرادات الروسية بمنظومات مجنزرة للدفاع الجوي من نوع “تور – إم”، لمعالجة بعض نواحي القصور التي شابت أداء بعض هذه الطرادات خلال الاشتباك مع اهداف جوية.
نمط التسليح الغربي المتدفق على كييف وتطوره، يوحي بوجود قراءة متأنية للتطورات الميدانية من جانب الدول الداعمة لكييف، ومحاولة للبناء على بعض المعادلات الميدانية التي طرأت خلال أكثر من مائة يوم من المعارك، مثل إغراق الطراد “موسكوفا”، فحالياً تنتظر كييف وصول الصواريخ السويدية البحرية قصيرة المدى “RBS-17″، لتنضم إلى صواريخ “بريمستون” البريطانية التي وصلت بالفعل إلى أوكرانيا، ولاحقاً ستتسلم من الولايات المتحدة الأمريكية قاذفين لصواريخ “هاربون” البحرية، ضمن حزمة المساعدات الأمريكية التي تتضمن المزيد من مدافع الهاوتزر المقطورة “إم-777”. لا يعرف بشكل محدد ما إذا كانت الدانمارك قد ساهمت في توفير قاذفين الهاربون السالف ذكرهما أم لا، بالنظر إلى أن وزير الدفاع الأمريكي قد اعلن سابقاً أن الجيش الدنماركي سيرسل قاذف واحد على الأقل من هذا النوع إلى أوكرانيا، لكن بعض النظر عن هذا الأمر، ستوفر هذه الصواريخ قدرة أكبر للقوات الأوكرانية على منع القطع البحرية الروسية من الإنخراط – المباشر – في العمليات بالجبهة الجنوبية.
الجانب المدفعي من هذا التسليح يبدو الأكثر تأثيراً على مسار العمليات الميدانية، فقد ادخلت القوات الأوكرانية بشكل سريع، أنواع المدفعية الثقيلة المختلفة التي تلقتها حتى الآن إلى الجبهة الشرقية والجبهة الجنوبية، وبشكل محدد المدفعية الفرنسية ذاتية الحركة “قيصر”، والمدفعية الأمريكية ذاتية الحركة “إم-109” المرسلة من الولايات المتحدة الأمريكية والنرويج، والمدفعية السلوفاكية ذاتية الحركة “سوسنا-2″، والمدفعية الأمريكية المقطورة “إم-777″، والمدفعية الإيطالية المقطورة “إف إتش-70”. ستنضم إلى هذه الأنواع قريباً انواع اخرى تتدرب عليها القوات الأوكرانية في الوقت الحالي، مثل المدفع الألماني/الهولندي ذاتي الحركة “PZH-2000″، والمدفع البولندي ذاتي الحركة “كراب”، الذي يتدرب الجيش الأوكراني على تشغيل ثمانية عشر مدفع منه، علماً أن كييف تتفاوض حالياً على شراء أكثر من 50 مدفع من هذا النوع، الذي تصنعه بولندا بالتعاون مع كوريا الجنوبية.
ستنتقل القدرات المدفعية الأوكرانية إلى مرحلة جديدة، بمجرد وصول راجمات الصواريخ الأمريكية “إم-142 هيمارس” والبريطانية “إم 270″، التي قررت واشنطن ولندن إرسالها إلى الجيش الأوكراني، لزيادة قدرات الإستهداف القريب المتوفرة لديه، وهي خطوة بدا منها التنسيق البريطاني الأمريكي، لتوفير سلاح يمكن – نظرياً – أن يتم بها إستهداف الأراضي الروسية “في حالة تمركز الراجمات في مواضع قريبة من الحدود”، او استخدامها في المعارك المرتقبة في الجبهة الجنوبية. من حيث المبدأ تستطيع الراجمات الأمريكية قصف مواقع تقع على بعد 500 كيلو متر من مكان تمركزها، لكن تشير التقديرات إلى أن الذخائر التي ستتزود بها أوكرانيا هي صواريخ “إم 30” و”إم 31″، التي وإن كانت قصيرة المدى “ما بين 70 إلى 80 كيلو متر”، إلا أنها تتميز بهامش اكبر من الدقة بالمقارنة براجمات الصواريخ التقليدية، نظراً لاعتمادها على نظام تحديد المواقع العالمي في منظومة توجيهها.
منظومات الدفاع الجوي دخلت أيضاً ضمن معادلة التسليح الأوروبية لأوكرانيا، فسابقاً كانت ألمانيا قد أعلنت عن نيتها تزويد كييف بأنظمة الدفاع الجوي ذاتية الحركة قصيرة المدى “جيبارد”، وقد بدأت الأطقم الأوكرانية في التدريب على هذه المنظومات الشهر الماضي، ويتوقع أن تدخل الخدمة فعلياً في الجبهات القتالية المختلفة في وقت لاحق هذا الشهر. برلين تبحث حالياً إمكانية تزويد كييف بمنظومات دفاع جوي متوسطة المدى، مثل منظومة “إيريس-تي”، التي طلبت الحكومة الأوكرانية عشرة بطاريات منها. كييف كانت قد طلبت من برلين تزويدها بنحو 40 رادار أرضي من نوع “كوبرا”، وهي فئة من الرادارات تختص بتحديد المواقع الدقيقة لبطاريات المدفعية المعادية، من أجل استهدافها، ولكن نقص جاهزية الرادارات المخزنة من هذا النوع في ألمانيا للتسليم، تجعل من المرجح تسليم عدد أقل بكثير من هذا النوع، الذي يعطي للمدفعية الأوكرانية ميزة اضافية يمكن من خلالها الاستهداف الدقيق للمدفعية الروسية.
اذن خلاصة القول أن الجولة الحالية من القتال في أوكرانيا، والتي تحولت بشكل أو بآخر إلى ما يشبه “حرب استنزاف” او “حرب خنادق”، تتزايد صعوبتها يوماً بعد اخر، في ظل التدفق المستمر للمقاتلين والمنظومات القتالية المختلفة. تبدو كلا الجبهتين الرئيسيتين في هذه الجولة – الشرق والجنوب – مسرحاً لسباق ميداني، تحاول فيه موسكو في الشرق إنهاء العمليات بشكل سريع لإعلان النصر في الدونباس وبحر آزوف، وتحاول فيه كييف في الجنوب، استغلال الموقف الحالي من أجل خلط الأوراق الروسية في الجبهة الجنوبية، وإجبار موسكو على تخفيف زخمها الهجومي في الشرق، او على أقل تقدير إحراز نجاحات ميدانية في نطاق خيرسون، وتهديد شبه جزيرة القرم والتواجد الروسي في البحر الأسود. نتيجة هذه السباق ستكون حاسمة في تحديد مآلات هذه الجولة، خاصة أن كل المؤشرات المتوفرة لا تبشر بنهاية قريبة لها.
.
رابط المصدر: