المستخلص:
تستعرض هذه الدراسة تقنية التزييف العميق (Deepfake) بوصفها إحدى أكثر الابتكارات التكنولوجية تطورًا وإثارة للجدل في العصر الرقمي، حيث تعتمد هذه التقنية على الشبكات العصبية التوليدية التنافسية (GANs) لتوليد محتويات مرئية وسمعية مزيفة تحاكي الواقع بدقة يصعب تمييزها عن الحقيقة . وقد اكتسبت هذه التقنية اهتمامًا واسعًا نظرًا لتداعياتها الخطيرة على مجالات متعددة، أبرزها الإعلام، السياسة، والأمن السيبراني.
تهدف هذه الدراسة إلى تحليل الأسس التقنية التي تقوم عليها تقنية التزييف العميق، مع تسليط الضوء على تأثيراتها العميقة على صناعة الإعلام وثقة الجمهور في المعلومات، وكذلك قدرتها على التأثير في الرأي العام والسياسات من خلال إنشاء محتويات مفبركة تُستخدم لأغراض خبيثة، مثل التأثير في نتائج الانتخابات أو تشويه سمعة الشخصيات العامة.
إضافة إلى ذلك، تركز الدراسة على الجانب الأمني، موضحة كيف يمكن استغلال هذه التقنية في شن هجمات سيبرانية معقدة تستهدف زعزعة الاستقرار السياسي والاقتصادي للدول. كما تتناول الدراسة الأبعاد القانونية والأخلاقية للتزييف العميق، موضحة الفجوات التشريعية الحالية التي تسمح باستخدام التقنية دون ضوابط كافية، مما يزيد من الحاجة إلى تحديث الأطر القانونية والتنظيمية لمواكبة التطور السريع في هذا المجال.
وفي الجانب الإيجابي، تستعرض الدراسة بعض التطبيقات البنّاءة للتزييف العميق، مثل استخدامه في الترفيه والتعليم والطب، حيث يساهم في تحسين المؤثرات البصرية في الأفلام، وتعزيز تجارب التعليم الافتراضي، فضلاً عن دوره في تطوير المحاكاة الطبية والجراحية.
تختتم الدراسة بمجموعة من التوصيات العملية والعلمية، تشمل تطوير تقنيات متقدمة لكشف المحتويات المزيفة، وتعزيز التعاون بين الحكومات والشركات التقنية والمؤسسات الإعلامية لمكافحة الاستخدامات الضارة للتزييف العميق. كما توصي بتعزيز التثقيف الإعلامي للجمهور لتمكينهم من التمييز بين المحتوى الحقيقي والمزيف، إلى جانب ضرورة تطوير أطر قانونية وأخلاقية شاملة للتعامل مع هذه التقنية، بهدف الحد من تأثيراتها السلبية وحماية استقرار المجتمعات والديمقراطيات.