يعتبر التغير من الظواهر الاجتماعية التي نالت اهتمام العديد من الباحثين والباحثات من مختلف التخصصات الاجتماعية منها، الفلسفية، الأنثروبولوجية وحتى النفسية، حيث كانت نتيجة هذه الدراسات هو الاشارة إلى حقيقة واقعية، وهي أن المجتمعات القديمة أو الحديثة، المتطورة أو المتخلفة، العربية أو الغربية ليست مجتمعات ثابتة بل هي مجتمعات ديناميكية متغيرة باستمرار، وأن الاختالف بين هذه المجتمعات يرجع إلى مدى تغير وسرعة العوامل المؤدية له. وفي هذا السياق، يشير لندبرج إلى “أن التغير ظاهرة اجتماعية تحدث في كل مكان وزمان” في حين يقول صموئيل كيوبنج ” التغير في حد ذاته ظاهرة طبيعية تخضع لها ظواهر الكون وشؤون الحياة بالإجمال، وهو من أكثر مظاهر الحياة الاجتماعية وضوحا، فالتغير يشمل البيئتين الخارجية والداخلية على السواء” باختصار، ” الشيء الثابت في الحياة هو التغير” ومن هنا يتضح أن التغير هو سنة الحياة، فالمجتمع الانساني بطبيعته وخصوصيته أنه مجتمع متغير ال يبقى على وضع ثابت ولكن ماذا نعني بالتغير الاجتماعي؟ وما هي أهم النظريات الاجتماعية التي ساهمت في تفسير ظاهرة التغير الاجتماعي ؟
1-التغير الاجتماعي:
التعريف والخصائص.
تعريف التغير الاجتماعي:
يعتبر التغير الاجتماعي من أهم موضوعات علم الاجتماع، بحيث نال اهتماما كبيرا من طرف العلماء والباحثين أمثال اميل دوركايم، برونيال مالينوفسكي، راد كليف براون، تالكوت بارسونز، قيروشي، ميلز، جيرث، فيرتشلد وكل واحد من هؤلاء أعطى تعريفا للتغير الاجتماعي ولكن بالرغم من تعدد التعاريف نجد صعوبة في تحديد تعريف دقيق للتغير الاجتماعي، لأن كل شيء في حياتنا هو عرضة للتغير المستمر والدائم، فكل يوم في حياتنا هو يوم جديد يحمل اختلافا عن اليوم السابق وحتى عن اليوم الالحق. ومن هذه التعاريف نذكر ما يلي:
التغير الاجتماعي عند دوركايم
يعرف إميل دوركايم (Durkheim Emile) التغير الاجتماعي بأنه: “كل تغير يشير إلى التحولات التي تفرض على الأفراد” ويعرف قيروشي التغير الاجتماعي فيقول: هو كل تحول في البناء الاجتماعي يلاحظ في الزمن ولا يكون مؤقتا أو سريع الزوال له تأثير على البناء أو وظائف المنظمات الاجتماعية لمجتمع ما فيغير “حياتها مسار في حين يرى فروجرز (Rogers. e) أن التغير الاجتماعي يشير إلى العملية التي يتم من خلالها تعديلات في بناء ووظيفة النسق الاجتماعي، ويتكون البناء من مختلف الامكانات لدى الجماعات والأفراد الذين يشكلون هذا البناء، أما العنصر الوظيفي ضمن البناء فهو الدور أو السلوك الفعلي للفرد في مكانة معينة، لذا فإن التغير لدى فروجرز عملية وليس حالة ولكونه عملية فليس له بداية أو نهاية وهو مستمر عبر الزمن”..
خصائص التغير الاجتماعي:
من خلال التعاريف السابقة للتغير الاجتماعي نستخلص مجموعة من الخصائص والمميزات وهي كالآتي:
– التغير الاجتماعي محدد بزمن معين بمعنى يبدأ في فترة زمنية التغير الاجتماعي هو ظاهرة عامة تشمل كل المجتمعات. وينتهي في فترة زمنية معينة.
– يتميز التغير بالديمومة والاستمرار. -يشمل التغير الاجتماعي مختلف الأنظمة الاجتماعية، السياسية، الدينية، الاقتصادية، التربوية….سواء في البناء أو الوظيفة. -يحدث التغير تجديدات في حياة الأفراد. -يحدث التغير الاجتماعي نتيجة عوامل داخلية وخارجية. التغير الاجتماعي قد يكون مخطط له أو غير مخطط له أي تغير تلقائي.
2- النظريات الاجتماعية المفسرة للتغير الاجتماعي:
تعتمد هذه النظريات على التجارب الميدانية في تفسيرها لظاهرة التغير االجتماعي، كما أنها تؤمن بالنتائج النسبية- نوعا ما- التي تخص مجتمع دون آخر، والتي تكون في فترة زمنية دون أخرى، بمعنى آخر نتيجة غير مستقرة وغير ثابتة. ويضم هذا الاتجاه الاجتماعي النظريات التالية:
2-1 – النظرية البنائية الوظيفية:
لقد ظهرت النظرية البنائية الوظيفية في نهاية القرن 19 وبداية القرن 20 ،وكانت بمثابة رد فعل على الانتقادات التي وجهت لكل من النظرية البنائية والنظرية الوظيفية هذا من جهة ومن جهة أخرى لتكملة أعمال التي بدأت بها كل من النظريتين البنائية والوظيفية. ومن أهم رواد هذه النظرية نذكر روبرت ميرتون(Merton robert ،(هربرت سبنسر spencer Herbert ، ( تالكوت بارسونز(Parsons talcott ،) راد كليف براون(Brown klif rad ،) ومن المبادئ العامة المتفق عليها من قبل هؤالء الرواد نذكر المبادئ التالية: “
– يتكون المجتمع أو المؤسسة أو الجماعة مهما يكن غرضها وحجمها من أجزاء مختلفة بعضها عن بعض، وعلى الرغم من اختالفها إلا أنها مترابطة ومتساندة واحدتها مع الأخرى.
– المجتمع أو المؤسسة أو الجماعة يمكن تحليلها تحليلا بنيويا ووظيفيا إلى أجزاء أولية. المنتمين إليها أو حاجات الأفراد اآلخرين، وهذه الحاجات قد تكون الوظائف التي يؤديها المجتمع أو المؤسسة أو الجماعة تشبع حاجات حاجات روحية أو مادية، نفسية أو اجتماعية، وظائف كامنة أو وظائف ظاهرة.
