د، ناصر حميد النعيمي
يُزاوِج عنوان المقال بين موضوعَين حاسمَين يشكِّلان تحدياً كبيراً للإنسانية في الوقت الراهن، فيشير التغيُّر المناخي إلى تحولات طويلة الأجل في درجات الحرارة وأنماط الطقس والمناخ على الأرض.
وقد بدأنا نشهد شيئاً منها، بينما تشير إدارة الكوارث إلى العمليات الشاملة من الترقُّب، والوقاية والاستعداد، والاستجابة، ومن ثمَّ التعافي من الكوارث، أو الأحداث المفاجئة الناجمة عن التغير المناخي، التي تُحدِث تأثيراً سلبياً في الأرواح البشرية، والبنى التحتية والبيئية والاقتصادية. لذا فإن التغير المناخي تحدٍّ عالميٌّ مُلِحٌّ يستدعي تعاوناً فوريّاً وجادّاً من المجتمع الدولي، وهو قضية وثيقة الارتباط بإدارة الكوارث، ما يستلزم تكاتف المجتمع الدولي، والحكومات المحلية، والمؤسسات الخاصة، لتحقيق التنمية المستدامة، والتكيف مع التغيرات المناخية، والحد من تأثير الكوارث الطبيعية، من خلال اعتماد استراتيجيات إدارة الكوارث الشاملة والمبتكَرة.
وتشير تقارير اللجنة الحكومية المعنية بتغير المناخ (IPCC) إلى أن النشاطات البشرية تسهم بدرجة كبيرة في ارتفاع درجات الحرارة على سطح الأرض، ما يؤدي إلى تغيرات جوهرية في نمط الطقس والمناخ.
وتشمل هذه التغيرات ارتفاع مستوى البحار، وتزايد تكرار الكوارث الطبيعية، مثل الأعاصير والفيضانات والجفاف. ومن المهم فهم أن التغير المناخي ليس تهديداً بيئياً فحسب، بل يمتد تأثيره إلى جوانب عديدة من حياتنا واقتصادنا. ومن ثَمَّ، فإن استراتيجيات إدارة الكوارث، بمفهومها الشامل، تؤدي دوراً حاسماً في التعامل مع هذه التحديات الراهنة والمتوقَّعة.
وتشمل استراتيجيات إدارة الكوارث، الناجمة عن التغير المناخي، استشراف المستقبل، والتخطيط الجيد، والتعاون بين الحكومات والمنظمات غير الحكومية، وتطوير البنى التحتية المقاوِمة.
وينبغي أن تمتاز هذه الاستراتيجيات بالمرونة والقدرة على التكيُّف مع التغيُّرات المفاجئة، والزيادة المتوقعة في تكرار الكوارث الطبيعية، وأن تركِّز على توعية المجتمعات المعرَّضة للمخاطر، وتثقيفها، وتشجيع الممارسات المستدامة، واستخدامات التكنولوجيا النظيفة للحد من الانبعاثات الضارة. وفي هذا السياق تُعَدُّ دولة الإمارات العربية المتحدة رائدةً في العمل المناخي وإدارة الكوارث، وتدرك تماماً التحديات التي يشكلها التغير المناخي، وتعمل جاهدة على تبني استراتيجيات وإجراءات فعَّالة للتكيُّف معها، وفي هذا المجال، بذلت الدولة جهوداً ضخمة، منها:
• استراتيجية التكيُّف مع التغير المناخي: وضعت الإمارات استراتيجية وطنية تهدف إلى تعزيز القدرة على التكيُّف مع التغير المناخي، وحماية البيئة والموارد الطبيعية.
• الاستدامة البيئية والمباني الخضراء: تبنَّت الإمارات مفهوم الاستدامة في تصميم المباني وبناء المنشآت، ما يحقق استغلالاً أكثر فاعليةً وكفاءةً للموارد، وخفض الانبعاثات الضارة، ومن ثم تقليل الأثر البيئي.
• الطاقة المتجددة وخفض الانبعاثات: تسعى الإمارات إلى تحقيق تنوُّع في الطاقة المستخدمة، وزيادة الاعتماد على الطاقة المتجددة، مثل الطاقة الشمسية والرياح. وتستثمر الدولة في مشروعات الطاقة المتجددة، وتعمل على خفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري.
• تكامُل منظومة إدارة الأزمات والكوارث: تعتمد الإمارات على منظومة متكاملة في إدارة الأزمات وفق أفضل المعايير العالمية، ويتجلَّى ذلك في الهيئة الوطنية لإدارة الطوارئ والأزمات والكوارث، وبالتكامل والتنسيق مع الفرق والمراكز المحلية.
• البحث العلمي والابتكار: تدعم الإمارات البحوث العلمية والتطوير التقني في مجال التغير المناخي وإدارة الكوارث. إن هذه المبادرات والجهود، التي تبذلها دولة الإمارات العربية المتحدة على النطاقين المحلي والعالمي، تعكس التزامها القوي بمكافحة التغير المناخي، والعمل على تحقيق التنمية المستدامة، وتنمُّ عن وعي عميق بإدارة الأزمات والكوارث عبر تحقيق الاستباقية ودرء المخاطر، وما استضافة الإمارات مؤتمر الأطراف «كوب28» إلا دليل واضح على ذلك.
*مدير عام مركز إدارة الطوارئ والأزمات والكوارث لإمارة أبوظبي بالإنابة.
.
رابط المصدر: