مقدمة
في 30 يوليو/تموز قام وفد إماراتي أمني عالي المستوى بزيارة كان من أفصح عنها هم الإيرانيون، وهو ما جعل الموقف الإماراتي في حرج شديد؛ لا سيما أن هذه الزيارة تأتي في ظل حصار وحرب نفسية على إيران، فضلاً عن كون الإمارات حليفة للسعودية في مواجهة النفوذ الإيراني في اليمني.
قللت الإمارات من أهمية اللقاء، على خلاف التفسير الإيراني له، ولعل ما يعزز الرواية الإيرانية أن اللقاء كان قد تناول قضايا محورية حول إمكانية تبادل المعلومات والتعاون من أجل حماية واستقرار المياه الإقليمية.
عكست هذه الزيارة التقارب بين البلدين، خصوصاً بعد توتر الأوضاع الأمنية في مضيق هرمز، كما عكست حالة التذبذب الأمني التي تعيشها دول الخليج في ظل زيادة التهديدات في المنطقة.
يبحث تقدير الموقف في أسباب تغير الموقف الإماراتي تجاه إيران، وهل يعكس هذا التغير موقفاً استراتيجياً ستتبناه أبوظبي في سياستها في المنطقة خلال المرحلة القادمة بحيث يكون بداية تغيير خارطة التحالفات في المنطقة؛ أم هو مجرد لقاء عابر؟ وما تداعيات هذا التغير المفاجئ على العلاقات السعودية الإماراتية؟ وكيف سينعكس على الملفات المشتركة بين البلدين؟
العلاقات الإماراتية الإيرانية
تاريخياً، على الرغم من توتر العلاقات الإماراتية الإيرانية بسبب احتلال الأخيرة لثلاث جزر إماراتية (طنب الكبرى، وطنب الصغرى، وأبو موسى) في 30 نوفمبر/تشرين الثاني عام 1971، قبل أيام من استقلال الإمارات العربية المتحدة في 2 ديسمبر/كانون الأول 1971، احتفظ البلدان بعلاقات اقتصادية عُدَّت الأقوى خليجياً.
حافظت الإمارات على علاقاتها الاقتصادية القوية مع إيران خلال الأزمة مع قطر، التي تُتهم بالتعاون مع إيران، إذ أصبحت إيران ثاني أكبر سوق للصادرات الإماراتية عام 2016، حيث بلغت قيمتها 8.8 مليارات دولار. وفي عام 2017 وصل حجم التبادل التجاري إلى 11 ملياراً و114 مليون دولار، شكّلت الصادرات الإيرانية 4.458 مليارات دولار، في حين بلغت الصادرات الإماراتية لإيران 6.656 مليارات دولار.
وفي عام 2018 وصلت نسبة صادرات إيران إلى الإمارات إلى 14.7% من الوزن، و16.17% من إجمالي قيمة الصادرات الإيرانية إلى العالم، وهو ما يجعل الإمارات في المرتبة الأولى من قائمة الدول المستوردة من إيران.
وبحسب وكالة الأنباء الإيرانية (إرنا) فقد حافظت دولة الإمارات على مركزها المتقدم في العلاقات التجارية مع إيران، لأنها أخذت الترتيب الثاني عالمياً والأول عربياً من حيث قيمة التبادلات التجارية معها خلال السنة الماضية. إذ احتلت الصين المرتبة الأولى من حيث حجم الصادرات لإيران؛ وذلك بقيمة 11.5 مليار دولار تمثل 24% من مجموع الواردات الإيرانية التي بلغت 47.6 مليار دولار. وجاءت الإمارات ثانياً بصادرات بلغت 8.7 مليارات دولار، تمثل 18% من مجموع الواردات الإيرانية. إضافة إلى ذلك هناك كثير من الشركات الإيرانية في الإمارات، ووفقاً لما ذكره مجلس الأعمال الإيراني المحلي فإن نحو 8 آلاف من التجار والشركات التجارية الإيرانية مسجلون في الإمارات.
وتعد الجالية الإيرانية هي الكبرى في الإمارات، إذ يقيم في الإمارات أكثر من نصف مليون إيراني، ما يجعلهم أكثر الجاليات المقيمة في البلاد عدداً، وتنشط هناك 10 آلاف شركة للإيرانيين تعمل في قطاعات اقتصادية مختلفة مثل تجارة التجزئة والعقار. وحسب تقديرات مجلس الأعمال الإيراني، يمتلك الإيرانيون في الإمارات استثمارات وأصولاً تتجاوز قيمتها 200 مليار دولار.
سياقات التغيير في العلاقات الإماراتية الإيرانية
مع اندلاع الحرب في اليمن، وتشكيل التحالف العربي، وجدت الإمارات نفسها حليفة لعدوين إقليميين (الرياض وطهران)، لكنها عملت على خلق تعاون سياسي عسكري مع السعودية، الذي زادت الحاجة إليه بعد الأزمة مع قطر، وفي الوقت ذاته حافظت أبوظبي على تحالفها الاقتصادي الأمني مع إيران.
إذ انضمت الإمارات إلى المملكة العربية السعودية في تحالفها العسكري لمحاربة ميليشيا الحوثي في اليمن، لوقف التهديد الإيراني لأمن الخليج، وبعد مرور خمسة أعوام على بدء التحالف دون تحقيق نتائج مرجوة، وارتفاع فاتورة الحرب في ظل الانتقادات الدولية، إضافة إلى توتر الأوضاع الأمنية في الداخل الخليجي بسبب التصعيد الحوثي،توصلت أبو ظبي إلى نتيجة عدم إمكانية الحسم من خلال الحل العسكري وحده، وهو ما جعلها تعيد النظر في استراتيجياتها في المنطقة وفق تصريحات خارجيتها، وهو ما أثار خلافات بينها وبين السعودية.
لم يكن هذا الخلاف هو السبب الرئيس لإحداث التقارب الإماراتي الإيراني، بل ثمة أسباب أخرى ارتبطت بتضافر جملة من التحديات والمستجدات التي شهدتها المنطقة، وأدت إلى حدوث هذا التقارب، ويمكن رصد أبرز تلك الأسباب في النقاط التالية:
1- إدارك الإمارات أن عداءها لإيران يشكل خطراً كبيراً عليها، وأن أي تصعيد أمريكي إيراني ستكون هي أول ضحاياه؛ بحكم الموقع الجغرافي الذي تتشاركه مع إيران، وأن أي تفجر في الأوضاع الأمنية في المنطقة ستكون هي المتضرر الأكبر منه؛ بحكم طبيعتها الاقتصادية وموقعها الجغرافي.
2- خوف أبوظبي من التهديدات الصريحة التي وجهتها إيران لها على خلفية الاعترافات التي أدلى بها أفراد شبكة تجسس تعمل لحساب وكالة الاستخبارات الأمريكية (CIA) من أنهم تلقوا تعليماتهم الخاصة بمهام عملهم المخابراتية داخل أحد فنادق دبي، وسبق ذلك أحداث (جلوبال هوك)؛ طائرة التجسس الأمريكية المسيَّرة التي أسقطتها إيران في وقت سابق، وصرحت الخارجية الإماراتية أنها أقلعت من أراضيها.
3- الخوف من الأضرار الاقتصادية التي قد تنتج بسبب توتر علاقتها مع إيران، خصوصاً أن حجم التبادلات التجارية بين البلدين كبير، ومن ثم فقد يؤثر في الاقتصاد الإماراتي بشكل مباشر.
4- قناعة الإمارات بضرورة التنسيق مع إيران من أجل الحفاظ على أمن المياه الإقليمية في ظل العزوف الغربي الملحوظ وتقاعسه عن تشكيل أي تحالف دولي من أجل حماية المياه الإقليمية، رغم كثرة التهديدات والعمليات التخريبية التي تمت في الآونة الأخيرة. كما أن الموقف الأمريكي تجاه التصعيد الإيراني بعث رسالة إلى شركاء الخليج أن الولايات المتحدة بسياستها الحالية لن تقدم الكثير من أجل حماية حلفاء الأمس دون مقابل.
5- تعتقد الإمارات أن أي ضعف للنفوذ الإيراني سيؤدي بالضرورة إلى تعزيز النفوذ السعودي، ومن ثم تعمل على إحداث التوازنات بين أكبر قوتين على ضفتي الخليج، وتصبح هي رمانة الميزان في العلاقة بين البلدين، وكما أنها لا ترغب في إنشاء تحالف إيراني سعودي فهي لا ترغب في نشوب حرب إيرانية سعودية.
هناك عوامل عديدة أثرت وأسهمت في إحداث التقارب الإماراتي الإيراني، وتعد العوامل المذكورة أعلاه من أهم العوامل التي يمكن من خلالها فهم الأسباب الوجيهة التي دفعت الطرف الإماراتي لتناسي خلافاته الحدودية وما يتعلق بجزره الثلاث من أجل حماية أمنه الاقتصادي، كما أنها تسهم في توضيح وجهة النظر الإيرانية في تقاربها مع الإمارات التي أصبحت وكراً لتهديد الأمن الإيراني، كما وصفتها الخارجية الإيرانية سابقاً، إذ إن أي تحالف من المنطقة حالياً يسهم في تخفيف وطأة العقوبات الاقتصادية الأمريكية التي تضيق الخناق على الاقتصاد الإيراني، كما أنها من جهة أخرى تسهم في تحييد دور دول المنطقة خصوصاً التي تشاركها أمن المياه الإقليمية.
انعكاسات التقارب الإماراتي الإيراني على ملفات وقضايا المنطقة
من المحتمل أن يؤثر التقارب الإماراتي الإيراني في مختلف الملفات المشتركة بين المملكة العربية السعودية والإمارات، وعلى رأسها الملفات التالية:
– العلاقات السعودية الإماراتية
تتمتع كل من المملكة العربية السعودية والإمارات بعلاقات تظهر على أنها استراتيجية، لكنها تخضع لهواجس القيادة والسيطرة؛ إذ مثَّل اليمن أول اختبار لقدرات التحالف بين البلدين، حيث انطلق التحالف من قاعدة مشتركة محورها وقف التهديد الإيراني، من خلال تمكين حكومة يمنية تحافظ على مصالح الخليج وتسهم في تحقيق الأمن في المنطقة، لكن ذلك لم يتحقق لأسباب تتعلق باختلاف الأجندة بين الدولتين، بل على العكس؛ أصبحت جماعة الحوثي التابعة لإيران أكثر قوة وتماسكاً من قبل.
في بادئ الأمر ظهر العمل العسكري الإماراتي وكأن ثمة تقاسماً للأدوار مع السعودية في العمليات العسكرية في اليمن، لكنه شهد تباينات أصبحت تتضح مع مرور الوقت وتسببت في انكشاف بعض الأجندات المخفية، ففي حين ركزت المملكة العربية السعودية على البعد الأمني ونشطت بعملياتها العسكرية في الشمال لتسهم في تأمين شريطها الحدودي الذي تتشاركه مع اليمن، عملت الإمارات على تقوية البعد الاقتصادي وكانت عملياتها الأساسية تدور في المناطق الساحلية.
يشير بعض الخبراء إلى أن الإمارات حسمت أمرها منذ 12 مايو/أيار 2019، بعد استهداف ناقلاتها في المياه الإقليمية، خصوصاً أن الموقف الأمريكي تجاه التصعيد الإيراني كان سلبياً، فعلى الرغم من التهديدات الشديدة التي أطلقها ترامب بدت الولايات المتحدة الأمريكية متقاعسة عن اتخاذ أي خيار عسكري تجاه التغول الإيراني في المنطقة، ووجدت الإمارات نفسها- فجأة- على خط المواجهات بين واشنطن وطهران.
كل هذه العوامل دفعت الإمارات إلى إعادة النظر في خارطة تحالفاتها في المنطقة، بحيث تحاول أن تتحصن بأسلوب المواجهة غير المباشرة لتقلل من تكلفة أي تهديد محتمل قد يواجهها في المستقبل القريب.
– الملف اليمني
في تعليق الإمارات على انسحاب بعض جنودها من اليمن قال مسؤولون إماراتيون إن الحرب في اليمن قد توقفت، وتحولت من استراتيجية الحرب إلى استراتيجية التسوية السياسية، غير أن ثمة حقائق على الأرض تشير إلى أن تقليص الوجود العسكري الإماراتي لا يعني عدم الوجود الإماراتي في اليمن، لكنها تستند إلى استراتيجية الاعتماد على المجموعات العسكرية التي عملت على تشكيلها، والتي لا تعترف بشرعية الرئيس هادي، بالتوازي مع دفع السعودية للحوار مع الحوثيين، إذ إن معظم الميليشيا والفرق العسكرية في الجنوب تخضع للإمارات مباشرة، وهو ما يؤكد أن الانسحاب التكتيكي للإمارات يأتي متوافقاً مع جهودها للمحافظة على سمعتها أمام الضغوط الخارجية والانتقادات الدولية للحرب في اليمن، كما يشير إلى إمكانية أن تزيد هذه الخطوة من اشتعال فتيل الصراع الداخلي بدلاً من أن تؤسس للسلام.
وفقاً للتصريحات الرسمية الإماراتية فقد قُلِّص وجود قواتها في بعض المناطق اليمنية بناءً على تنسيق مسبق مع المملكة العربية السعودية، لكن الخطوة اللاحقة في تحقيق التقارب الإماراتي الإيراني تؤكد وجود شرخ عميق في العلاقة بين البلدين، وتشير تقارير إلى أن الملف اليمني وطبيعة إدارته عمقت من هذا الشرخ، إذ إن التصعيد الحوثي في الداخل السعودي عمق من حساسية الموقف السعودي تجاه البعد الأمني وموقفها العدائي تجاه إيران، في حين أن البعد الاقتصادي للإمارات هو الذي يحكم خارطة تحالفاتها في المنطقة. الأخطر في الأمر أن التقارب الإماراتي الإيراني قد يسهم في إحداث تقارب إماراتي حوثي بشكل قد يزيد من تعقد الوضع الأمني بالنسبة إلى المملكة العربية السعودية.
– أمن الخليج
منذ ظهور الثورة في إيران وإعلانها مبدأ تصدير الثورة رأت دول الخليج في إيران عدواً استراتيجياً، وهو ما دفعها إلى دعم صدام في حربه مع إيران ثماني سنوات. ثم تعقد الوضع أكثر بعد غزو أمريكا للعراق إذ أصبحت إيران هي المتحكم الفعلي في المشهد العراقي، وهو ما زاد من قدرتها على تهديد الأمن الخليجي، ومنذ سيطرة جماعة الحوثي المسلحة على مقاليد الحكم في اليمن بات التهديد أقرب وأوضح، وذلك ما دفع المملكة العربية السعودية لإعلان تحالفها من أجل دحر الحوثي.
وقد أسهم استهداف الناقلات السعودية والإماراتية بالقرب من ميناء الفجيرة الإماراتي في تغيير المشهد الخليجي، وتسبب في إحداث تقارب إماراتي إيراني، علماً أن هذا التغير لم يولد فجأة؛ بل سبقته حالة ترقب وترصد بعد تلكؤ الموقف الأمريكي تجاه التصعيد الإيراني بخصوص الملف النووي، وعلى الرغم من مراهنة كل من السعودية والإمارات على الموقف الأمريكي، جاءت تصريحات ترامب لتقلل من سقف التوقعات، بل وتدفع الحلفاء الخليجيين للتفكير مجدداً في إمكانية الاعتماد على الدور الأمريكي للحفاظ على أمن الخليج.
قد يبدو التقارب الإماراتي الإيراني محاولة إماراتية لتقليل فاتورة أي مواجهة محتملة بين واشنطن وطهران بالنسبة إلى الإمارات، إضافة إلى أن تقليل وجودها العسكري في اليمن يعني تملصها من تبعات الحرب، ومن جهة أخرى قد تشجع خطوة التقارب الإماراتي الإيراني دولاً خليجية أخرى على التقارب مع إيران، وهو ما يعني تعميق عزلة المملكة العربية السعودية سياسياً واقتصادياً وأمنياً.
سيناريوهات تقارب العلاقات الإماراتية الإيرانية
على الرغم من تناقض التصريحات الرسمية لكل من الإمارات وإيران، إذ أصرت الأولى في بداية الأمر على أن زيارة الوفد الإماراتي لإيران هي مجرد لقاء روتيني هدفه مناقشة قضايا جزئية تتعلق بشؤون الصيادين إضافة إلى مناقشة أمور تتعلق بتأمين المياه الإقليمية، جاءت التصريحات الإيرانية لتؤكد أن زيارة الوفد ليست مجرد زيارة روتينية، بل هي زيارة رسمية تهدف إلى تفعيل التعاون بين البلدين في الجانب الأمني بشكل رسمي، ومن هنا ثمة سيناريوان لتفسير الزيارة المفاجئة للوفد الإماراتي إلى إيران، ترتبط الأولى بالرواية الإماراتية، في حين تتعلق الأخرى بالتصريحات الرسمية التي أطلقها الجانب الإيراني
– السيناريو الأول: التواصل الإماراتي الإيراني… تكتيكي لا استراتيجي
يفترض هذا السيناريو أن تستمر سياسية أبوظبي على ما هي عليه في إدارة الملفات المشتركة بينها وبين المملكة العربية السعودية، إذ وفق الروايات الرسمية الإماراتية تعد زيارة وفد خفر السواحل الإماراتي لإيران زيارة دورية وليست استثنائية، يدعم هذا السيناريو سلسلة الزيارات التي حدثت مسبقاً، إذ تعد الزيارة الأخيرة هي الزيارة السادسة بين الإمارات وإيران، التي ابتدأت في 2009 واستمرت حتى 2013.
غير أن التصريحات الرسمية اللاحقة للطرف الإيراني أكدت أن اللقاء لم يكن مجرد لقاء دوري، وإنما كان لقاءً قد يؤسس لتعاون أمني مشترك بين البلدين، وهو ما قد يؤثر في العلاقات الإماراتية السعودية بشكل كبير، وسينعكس ذلك على الملف اليمني بشكل سلبي، خصوصاً في ظل عدم فاعلية الحكومة الشرعية وتصاعد التوتر بين الأطراف المتصارعة، لا سيما في المناطق التي كانت تسيطر عليها الإمارات، ورغم هذا التعاون بين الإمارات وإيران لا يبدو أنه سيتحول إلى تحالف، وهو ما يعني أن تبقي على تحالفها الاستراتيجي مع السعودية وإن اختلفت تكتيكاتها العسكرية.
– السيناريو الثاني: التواصل الإماراتي الإيراني… تحول استراتيجي للإمارات
أمام خذلان الولايات المتحدة الأمريكية لحلفائها في الخليج قد يبدو سيناريو نشوء تحالف جديد بين أعداء الأمس أمراً وارداً، خصوصاً بعد التصريحات التي أطلقها وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، التي تدعو إلى تشكيل مجموعة تضم دول الخليج وإيران والعراق، تكون مسؤوليتها حماية أمن المنطقة واستقرارها.
عكس هذا التقارب تغيراً استراتيجياً في سياسية الإمارات في المنطقة، فعلى الرغم من انقطاعها سياسياً عن إيران لم تقلص أبوظبي حجم نشاطاتها الاقتصادية، وجاء هذا اللقاء ليؤكد وجود تنسيق وتعاون مسبق على مختلف الأصعدة.
يدعم هذا السيناريو التصريحات الرسمية الإماراتية التي عبرت عن ارتياحها لمخرجات الزيارة، وعلى خلاف المعتاد أثنت على القدرة الأمنية العالية لإيران في تأمين حدودها المائية، وهو ما يؤكد إمكانية حدوث تغير في خارطة تحالفات المنطقة، لكن ثمة عوامل أخرى مهمة يجب أخذها في الحسبان؛ منها قدرة السعودية على الصمود منفردة في حرب اليمن في ظل خذلان حليفها الاستراتيجي الأساسي، ومنها قدرة إيران نفسها على كسب ثقة الداخل الخليجي، وهو ما قد يعمق من حالة الانقسام الخليجي ويزيد من عزلة السعودية داخلياً وخارجياً.
وعلى الرغم من أن أنه من المبكر التكهن بإمكانية نشوء مثل هذا التحالف الجديد في المنطقة، فلا يمكن إنكار أن حدوث التقارب الإماراتي الإيراني قد يسهم في تغير خارطة التحالفات، وإن لم يفعل فسيسهم في تقليل منسوب شيطنة إيران وعدائها، وهو ما سيكون له انعكاساته على أمن الخليج وأمن المنطقة العربية بشكل سلبي.
.
رابط المصدر: