مقدمة
يعتبر التلفزيون من أهم الوسائل التي ساهمت في تغيير الأسرة الجزائرية، سواء من حيث العلاقات أو من حيث طريقة التفكير، وحتى الأكل والنوم تأثر بتوقيت البرامج التلفزيونية، ولكن ما طبيعة هذا التأثير أهو ايجابي أم سلبي؟
إذ يعتر البعض التلفزيون سلاح ذو حدين، ولقد امتد تأثيره على الأطفال والنساء والشباب وحتى الكبار، وهذا راجع لخصائصه التي مكنته من تمرير الأفكار والقيم والأنماط السلوكية التي يريدها مالك التلفزيون بصورة مشوقة وألوان جذابة. فهل استطاع التلفزيون من خلال برامجه تغير قيم مشاهديه و إلى أي مدى اثر ذلك في سلوكيات أبنائنا
أهمية التلفزيون في المجتمع:
يعتبر التلفزيون من أهم الأجهزة الإعلامية التي تسهم في تثقيف الأفراد، وتزويدهم بالمعارف من خلال التعرف على مختلف الثقافات في مختلف البلدان و عبر الأزمان فإذا كنا “نعيش انفتاحا ثقافيا واسعا فإن الإعلام يعني المزيد من الانفتاح و الاحتكاك الثقافي و الحضاري” و نظرا لخصوصية التلفزيون وميزاته يمثل التلفزيون وسيلة للاتصال الجماهيري الأكثر تواجدا في الحياة اليومية رغم اختلاف كمية و نوعية المشاهدة من مجتمع لآخر ، حيث يساهم عبر معالجته لبعض القضايا العقلانية و الثقافية في نشر الوعي و تكوين الرأي العام وتوجيهه ،فله القدرة على اجتذاب المشاهدين إليه باختلاف مستوياتهم وأعمارهم، لأنه-التلفزيون–لم يعد وسيلة للتسلية والترفيه بل أصبح وسيلة للعلم والتعليم يفوق مثيلاته من الأدوات.
ويختلف تأثير التلفزيون من مجتمع إلى آخر حسب ظروف كل مجتمع الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والتربوية، ” كما أن نوعية البرامج التي تقدم و الهدف منها تلعب دورا أساسيا في التأثير على أفراد المجتمع ، فأحيانا تمثل الإثارة والترفيه المكانة الأولى من التأثير وفي أحيانا أخرى يكون التأثير البارز للنواحي القومية و الاجتماعية و التاريخية”.
وتختلف الأسر في اقتناءها للتلفزيون و يرتبط ذلك بالمستوى التعليمي والاجتماعي و الاقتصادي أي دخل الأسرة و مهنة الأب و لقد وجد أن “التلفزيون يقرب بين أعضاء الأسرة، بمعنى أنهم يقضون سويا ساعات أطول بعد اقتناء التلفزيون”، ولكن قليلا ما يحدث التفاعل بين أعضاء الأسرة في حالة المشاهدة ،حيث يشاهدون كما لو كانوا منفصلين، و رغم ذلك فان دخول التلفزيون على المنازل قد استحوذ على قدر كبير من اهتمام أفراد الأسرة ،فقد أصبح يسيطر على جزء كبير من الأنشطة العائلية و من تواجد أفراد الأسرة معا إلا أن ” هدا التقارب سطحي لان المشاهدة تمنع المحادثة والتسامر واللعب”.
و يعتبر التلفزيون من أهم عوامل توحيد الأفكار و العادات و التقاليد و القيم و أنماط السلوك بين أفراد الأسرة و المجتمع معا لأنهم يخضعون لنفس المؤثرات الصوتية والصورية، فهو “يساعد على تحقيق وحدة الفكر و المعايير و الثقافة و الأذواق الجمالية و هو بذلك أداة من أدوات التثقيف الجماهيري”، فهو يوجه تقديرهم لدورهم الفعال في مجتمعهم كما انه مدرسة عامة للمجتمع يبث بواسطتها الوعي الثقافي و الحضاري ،لذلك يكتسي أهمية كبيرة لأدواره التثقيفية و الترفيهية في آن واحد، ” فهو من أكثر وسائل الفراغ و الترويح شيوعا و متعة و فائدة…(و هو أيضا) جهاز ناقل للأخبار و مربي للجيل الناشئ و مثقف للجماهير على اختلاف مستوياتها الثقافية والمهنية وانحداراتها الاجتماعية والطبقية”.
إن تعدد برامج هذه الوسيلة جعلت ثقافة الفرد أكثر ثراء من خلال ما تعرضه من مواضيع متنوعة، مما جعل الأثر الإيجابي في رفع مستوى التحضر لدى الأسر، كما ساعد الفرد على تكييف نفسه في الحياة مع مجتمعه، فأصبحت الأسر لا تستطيع الاستغناء عن هذه الوسيلة في حياتها و معاملاتها اليومية وهذا من أجل تحقيق نجاحها في الأدوار المناط إليها من خلال ما تستمده من توجيهات التلفزيون، فمعظم الناس تقبلوا هذه البرامج لدرجة إنهم كيفوا نظم حياتهم وفق مواعيد البرامج التلفزيونية إدراكا منهم بفائدة هذه الأخيرة في رفع مستواهم الثقافي وإرشادهم.
و للتلفزيون تأثير ثقافي يؤدي إلى تحطيم القيم التقليدية و يستبدلها بقيم أجنبية و تسهل بذلك عملية السيطرة الأجنبية، و لكن من جهة أخرى يمكنه من أن يشارك في تدعيم القيم الوطنية والمحافظة عليها، فهو إذن سلاح ذو حديين، إذا عرفنا استخدامه ساهمنا في تحقيق التنمية الشاملة للمجتمع و إلا حققنا الغزو الثقافي بمحض إرادتنا لأننا استهلكنا بضاعة دون تمحيص أو غربلة.
ونتيجة خصوصية التلفزيون فهو يعطي إحساسا بالألفة و الصداقة و الواقعية باستخدامه للصوت والمؤثرات الصورية و التي لا تتطلب معرفة القراءة والكتابة في إقناع الأمي والمثقف على السواء، و لقد كان للتلفزيون الآثار الواضحة على العلاقات القرابية و الجوارية للأسرة، حيث كانت الأسر التي اقتنت التلفاز تستقبل ضيوفا بشكل أكثر من ذي قبل كما قلت زيارتها عن ذي قبل و لقد لوحظ أنهم اقل ممارسة للنشاط الرياضي وحتى أوقات التنزه تقلصت فهو يملا أوقات الفراغ، ويلاحظ أن برامج التسلية و الترفيه تحتل مساحة كبيرة من محتويات مواضيع و برامج التلفزيون
وظائف التلفزيون:
يمكن تلخيص وظائف التلفزيون فيما يلي:
أولا: الوظيفة الترفيهية:
يجذب التلفزيون المشاهد بما يحتويه من تسلية و متعة من خلال الصور المليئة بالحركة و البهجة والألوان و التي تساعد على استثارة الخيال، فطريقة العرض والاختيار للبرامج الطريفة يدفع المشاهد وخاصة الطفل إلى حب هذا الجهاز ومتابعته فيصبح التلفزيون وسيلة باعثة على السرور و اللذة خاصة عند قضاء أوقات الفراغ.
ثانيا: الوظيفة المعرفية:
يستطيع التلفزيون أن يقدم المعارف و المعلومات المختلفة بطريقة ممتعة للمشاهد، تضيف إلى خبرته خبرات جديدة و شيقة عن الطبيعة و ما فيها من كائنات أو عن البشر بمختلف بيئاتهم و أجناسهم ،كما يتعرف على مختلف الفنون والآداب ،كما يقدم شرح لمعلومات العملية المتنوعة التي تساهم في تنمية القدرات العقلية خاصة لدى الأطفال بذلك يجد الطفل الكثير من الإجابات عن التساؤلات التي يطرحها في ذهنه بل قد تدفعه إلى التفكير و ربط الأسباب بالنتائج و تأخذ بيده على طريق التفكير المنطقي المنظم.
ثالثا: الوظيفة النفسية و الاجتماعية:
يعمل التلفزيون كمتنفس عن الكثير من المشاعر المكبوتة عند الأفراد و خاصة الأطفال وقد تخلصه ولو لمدة محدودة من الشعور بالقلق والخطر، كما يساعد التلفزيون في تنمية شخصية الطفل اجتماعيا بتبصيره بنماذج السلوك المرغوب فيه اجتماعيا من خلال البرامج الهادفة، “كما يساعد على إدراك الأدوار الاجتماعية المختلفة ،و ينمي في نفسه الميل إلى اللعب الجماعي مع بيان أهمية دوره كفرد في الجماعة” ، كما تساعد البرامج التلفزيونية الواعية على إكساب القيم الأخلاقية و الدينية المختلفة التي تساعده على التعامل مع أسرته ومجتمعه بأسلوب لائق في مختلف المواقف التي يمكن أن يتعرض لها في حياته اليومية وتنضج هذه المفاهيم كلما تقدم في السن.
رابعا: الوظيفة التربوية:
يعتبر التلفزيون مصدرا آخر للتعلم بل يعد من النماذج الفعالة في تعليم الأطفال، و هو نموذج التعلم بالمشاهدة أو الملاحظة كما تقرره النظرية السلوكية المعاصرة، وطبيعة التلفزيون توفر أنماطا شتى للتعلم الفعال :تعلم معرفي ،تعلم اجتماعي، تعلم معنوي ولقد بدا الاهتمام مؤخرا ببرامج تربوية قائمة على التعليم الواعي الذي يهتم بعامل السن وما يتبعه من خصائص كل مرحلة عمرية، و تزيد البرامج التربوية من خبرات الطفل سواء في المجال اللغوي أو المعرفي أو المجال الاجتماعي و الاقتصادي أو المجال البيئي أو الصحي أو مجال المحاكاة و التقليد العلمي أو الإنساني.
للإطلاع على الملف كاملا حمله من الأسفل
التلفزيون وتأثيره على القيم الاجتماعية pdf
.
رابط المصدر: