إعداد: محمد طلعت محمد لطفي حماد – إشراف: د. داليا رشدي – لجنة المناقشة: د. علي جلال & د. رانيا علاء – كلية الاقتصاد والعلوم السياسية – جامعة القاهرة – مصر
ملخص : –
تعتبر منطقة الشرق الأوسط من أهم المناطق الاستراتيجية في العالم حيث تتمتع بأهمية كبيرة في السياسة الدولية بإعتبارها قلب العالم , وذلك بحكم موقعها الجغرافي وذلك علي المستويين الاقليمي والدولي ومن الناحيتين الجيوبوليتيكية والاستراتيجية والذي جعلها محور إستقطاب للقوي العالمية في الاونة الاخيرة جنباً الي جنب مع موقعها الجغرافيا هو إمتلاكها لموارد الطاقة في العصر الحديث إذ أضح الشرق الاوسط محوراً أساسياً من محاور الصراع والتنافس بين القوي الدولية وأبرز مثال علي ذلك هو التنافس الدائر بين الولايات المتحدة الامريكية وروسيا في سوريا بعد 2011م.
حيث كلا من الولايات المتحدة الامريكية وروسيا الاتحادية يلعب دوراً مختلفاً في الازمة السورية حسب ما تمليه مصالحهما ومن خلال هذة الدراسة سوف نتطرق الي التنافس المحتدم بين الولايات المتحدة الامريكية وروسيا الاتحادية في سوريا والذي يعتبر إمتداداً لتنافسهما الاشمل في الشرق الاوسط وسوف نستعرض في دراستنا دوافع وأهداف وأدوار كلاً من روسيا الاتحادية لتدخلها في الازمة السورية سواء الدوافع الجيوسياسية أو الاقتصادية أو السياسية أو الاستراتيجية او الدوافع العسكرية و دوافع التدخل الامريكي في الازمة السورية وبالطبع يتبع هذا الدوافع والتداخل في المصالح بين القوتين الكبرتين تصادم وعدم إتفاق حول ما يجري في سوريا وذلك بالنظر للمصالح والأهداف التي يسعى كل طرف إلى تحقيقها والتي تتعارض مع مصالح و أهداف الطرف المنافس.
وبذلك فإن كل هذه الأمور أثرت بشكل كبير على ما يجري في سوريا من أحداث وجعلت من إمكانية إيجاد حلول للازمة السورية مرهوناً بمدى توافق الرؤى بين القوى الكبرى خاصة الولايات المتحدة و روسيا ، و سوف نتناول أيضاً في الدراسة الاسباب والعوامل السياسية أو الاقتصادية أو الاجتماعية التي أدت إلي إندلاع الازمة السورية ومواقف الدول الكبري إزاء الوضع في سوريا.
الدراسة تتمحور حول إشكالية عامة وهي كيف أثر التنافس المحتدم في سوريا بين الولايات المتحدة الامريكية وروسيا الاتحادية علي مسار الازمة السورية ، وكيف جعل هذا التنافس والتصادم في المصالح والادوار الوضع في سوريا يزداد سوء وتعقيداً، ونتطرق الي عواقب التدخل الأمريكي والروسي في الازمة السورية حيث تم تخصيص فصلا كامل في هذا الدراسة عن العواقب والمآلات التي ترتبت علي التدخل الأمريكي الروسي في الشأن السوري.
Abstract
The Middle East is considered one of the most important strategic regions in the world, as it enjoys great importance in international politics as the heart of the world, by virtue of its geographical location, at the regional and international levels, and from the geopolitical and strategic perspectives, which has made it the focus of polarization for global powers recently along with its location Geography is its possession of energy resources in the modern era, as the Middle East has become a major focus of conflict and competition between international powers. The most prominent example of this is the ongoing competition between the United States of America and Russia in Syria after 2011.
Where the United States and Russia play a different role in the Syrian crisis according to their interests, as we will address through this study the intense competition between the United States of America and the Russian in Syria, which is an extension of their broader competition in the Middle East, and we will address in our study the motives, goals and roles ,Russia for its intervention in the Syrian crisis, whether geopolitical, economic, political, strategic or military motives, and the motives of the American intervention in the Syrian crisis, naturally follow these motives and the overlap of interests between the two superpowers, collision and disagreement about what is happening in Syria, given the interests and goals that Each party seeks to achieve them, which conflict with the interests and objectives of the competing party.
Thus, all these matters greatly affected the events taking place in Syria and made the possibility of finding solutions to the Syrian crisis dependent on the consensus of visions between the major powers, especially the United States and Russia, and we will also discuss the causes and political, economic or social factors that led to the outbreak of the Syrian crisis. And the positions of major and regional countries on the situation in Syria.
The study revolves around a general problem, which is how the intense competition in Syria between the United States of America and the Russian Federation affected the course of the Syrian crisis, and how this competition and conflict of interests and roles exacerbated and complicated the situation in Syria, and at the end of the study we will present many different scenarios that could represent a way out of the Syrian crisis.
المقدمة: –
بعد انتهاء الحرب الباردة بين الولايات المتحدة الامريكية والاتحاد السوفيتي ظهر نظام أحادي القطبية في هذا النظام قوة وحيدة مهيمنة على العالم وهي الولايات المتحدة الامريكية في حين ظهرت روسيا كوريث للاتحاد السوفيتي اذ تسعي الولايات المتحدة الامريكية الي تعزيز تواجدها في العديد من مناطق العالم وخاصة في الشرق الأوسط وذلك لأهمية الشرق الأوسط الجغرافيا والاقتصادية والاستراتيجية لأي قوة دولية تسعي للسيطرة علي العالم في حين تسعي روسيا لأحياء النفوذ السوفيتي في منطقة الشرق الأوسط وتحديداً في منطقة الهلال الخصيب (سوريا –العراق) وهذا ما يفسر إحتدام التنافس الروسي الأمريكي في منطقة الشرق الأوسط عموما وفي سوريا تحديداً.
الولايات المتحدة الامريكية وروسيا كلا منهما يتطلعان لدور أكبر في منطقة الشرق الأوسط بالإضافة الي أن المحاولات الروسية التي تسعي إلى استعادة التوازن أو الي إعادة نظام ثنائي القطبية أو الحد من الهيمنة الاحادية للولايات المتحدة الامريكية وذلك دوليا أو إقليميا كما يحدث في الشرق الأوسط ويقابل هذا المحولات إصرار من الولايات المتحدة الامريكية على فرض هيمنة على مناطق اخري في العالم ومنطقة الشرق الأوسط وظهر هذا في التوجه الأمريكي في تدخلها في الازمة السورية.
التنافس أو التنازع بين الولايات المتحدة الامريكية وروسيا في مختلف القضايا لا يتوقف عليهما ولا يمس أي من شعوب الطرفين حيث لا يوجد بينهم حدود مشتركة ولا يوجد بين شعوبهم صراع مسلح، ولكن هذا التنافس والتنازع يحدث في ساحات أخري وذلك كما حدث ويحدث في الازمة السورية وفي العديد من الساحات الأخرى حيث ذهب بعض المحللين أن التنافس أو الصراع الدائر بين الطرفين يأخذ شكل الحروب بالوكالة* (أي عبر وكلاء محليين) وهذا واضح في أزمات الشرق الأوسط.
بالنسبة للازمة السورية عرفت سوريا في مارس عام 2011م أسوء التحولات في تاريخها حيث بدأت الازمة السورية من خلال مجموعة من الاحتجاجات والمظاهرات التي سرعان ما تحولت إلى أزمة داخلية وحروب أهلية بين طوائف الشعب وبين النظام السوري والمعارضة السورية هو ما أدي الي التدخل الخارجي من القوي الاقليمية والدولية في الشأن السوري وعلي راس هذه القوي الولايات المتحدة الامريكية وروسيا الاتحادية إذ تدخلت روسيا لدعم نظام بشار الاسد والذي تعتبره الحليف المقرب لها في المنطقة والذي تري في سقوط هذا النظام فقدان لأهم موطئ قدم لديها في الشرق الاوسط كما قد تفقد طرطوس الميناء الوحيد لها علي البحر المتوسط.
وعلي الجانب الاخر تقوم الولايات المتحدة الامريكية بتوفير الدعم للمعارضة السورية المتمثلة في قوات سوريا الديمقراطية وقوات الجيش الحر بالإضافة للمشاركة النشطة للجيش الأميركي ضد التنظيمات الارهابية وأبرزها داعش وجبهة النصرة وبالنسبة لواشنطن لا تقتصر المخاطر التي تهدد مصالحها على المنظمات المتطرفة مثل الدولة الاسلامية (داعش) والقاعدة وغيرها، بل تشمل إيران التي تسعى إلى إقامة ممر آمن لها يربط بين طهران وبيروت على ساحل البحر المتوسط حيث تري الولايات المتحدة الامريكية أن التمدد الايراني سوف يهدد مصالحها ومصالح حلفائها في الشرق الاوسط وأبرزهم إسرائيل من الجدير بالذكر أن حالة الاستقطاب الاقليمي والدولي انتقلت الي الداخل السوري عبر شراء القوي الدولية لنفوذ لهم في الداخل السوري عبر وكلاء محليين مما يؤدي الي تباعيه هؤلاء الوكلاء الي الخارج وتلقي الاوامر منهم وبالتالي أضحت التأثيرات الخارجية علي الازمة السورية هي التي تسيطر علي مجريات الوضع في سوريا ومع اختلاف مصالح الممولين انعكس هذا الاختلاف علي الداخل السوري لتصبح الحالة السورية ساحة حرب بالوكالة بين القوي الدولية والاقليمية المتنافسة علي النفوذ في سوريا.
إذا يمكننا القول أن كلا الطرفين يلعب دوراً مختلفاً حسب ما تمليه مصالحه وهذا يعتبر إمتداداً لتنافسهما الاشمل في الشرق الاوسط فلكل منهما دوافع وأهداف وأدوار لتدخلها في الازمة السورية سواء الدوافع الجيوسياسية أو الاقتصادية أو السياسية أو الاستراتيجية او الدوافع العسكرية وبالطبع يتبع هذا الدوافع والتداخل في المصالح بين القوتين الكبرتين تصادم وعدم إتفاق حول ما يجري في سوريا وذلك بالنظر للمصالح والأهداف التي يسعى كل طرف إلى تحقيقها والتي تتعارض مع مصالح و أهداف الطرف المنافس وبذلك فإن كل هذه الأمور أثرت بشكل كبير على ما يجري في سوريا من أحداث وجعلت من إمكانية إيجاد حلول للازمة السورية مرهوناً بمدى توافق الرؤى بين القوى الكبرى خاصة الولايات المتحدة وروسيا وكان ضحيه هذا التنافس هو الشعب السوري حيث أصبح أغلب المدنيين من السوريين أما لاجئين أو ضحايا لحروب لم يكن لهم يد فيها بالاضافة الي أن العملية السياسية والنظام السياسي في سوريا أضحي مشلول الخطي علي أن يتخذ خطوات حقيقية في سبيل حلحلة الازمة وإعادة الاستقرار في سوريا.
أولا: إشكالية الدراسة: –
أن التنافس بين الولايات المتحدة الامريكية وروسيا لم يكن وليد الازمة السورية بل شهدت منطقة الشرق الاوسط ابان الحرب الباردة تنافساَ بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي، وفي هذا الصدد وصل حدة التنافس بين الولايات المتحدة وروسيا في الشرق الاوسط الى مستوى غير مسبوق عند تفجر الازمة في سوريا سنة 2011م، حيث تسعي كل من الولايات المتحدة الامريكية وروسيا الاتحادية لتحقيق مصالحها سواء الاستراتيجية أو الاقتصادية أو الجيوسياسية حتى ولو على حساب استقرار الشعب السوري ، وبالطبع يتبع هذا الدوافع والتداخل في المصالح بين القوتين الكبرتين تصادم وعدم إتفاق حول ما يجري في سوريا وذلك بالنظر للمصالح والأهداف التي يسعى كل طرف إلى تحقيقها والتي تتعارض مع مصالح و أهداف الطرف المنافس ومن هنا يسعي كلا الطرفين الولايات المتحدة وروسيا الي الوقوف الي جانب طرف من[1] أطراف الازمة السورية ليساعدها في تحقيق مصالحها من الجدير بالذكر أن موقف الولايات المتحدة الامريكية كان في البداية يشوبه الغموض بسبب أن الولايات المتحدة الامريكية لا تريد توريط نفسها في حروب أخري كما حدث في أفغانستان وفي العراق وليبيا وتسبب هذا في خسائر اقتصادية وسياسية وبشرية لأمريكا حيث بلغت حجم خسائر تدخلها في هذه الدول الي 800مليار دولار بالإضافة الي الخسائر البشرية في صفوف القوات الامريكية.
ولكن مع التغيرات التي حدثت على الساحة السورية وأبرزها نمو تنظيم داعش الإرهابي والتدخل العسكري الروسي في سوريا صرحت أمريكا أن النظام السوري فاقد الشرعية ولابد أن يرحل لذلك بدأت تقف مع المعارضة السورية وتوفر لها إمكانيات ضخمة لتستمر في مواجه النظام السوري وتدعمه بالإمكانيات المادية والعسكرية فقد لعبت أمريكا دور الداعم للثورة والمحرض في نفس الوقت، بالنسبة لروسيا تقف الي جانب النظام السوري وتكرس له إمكانيات ضخمة حتى لا تخسر في مواجهتها مع الولايات المتحدة الامريكية وتكون أمريكا حققت هدفها وهو إخراج وعزل روسيا من منطقة الشرق الأوسط، حيث روسيا تعتبر ان أي تغير في موقفها مشروط بالحصول على ضمانات للحفاظ على مصالحها في سوريا وأيضا في الشرق الأوسط بالإضافة الي رفض روسيا لأي تدخل عسكري لفرض ضغوط على نظام الأسد حيث استخدمت حق الفيتو في مجلس الامن أكثر من مرة وذلك لحماية نظام الأسد ،ويتضح من ذلك أن التناقض الكبير في المصالح بين الولايات المتحدة وروسيا هو ما يفسر التنافس الأمريكي الروسي في الشرق الأوسط وسوريا تحديداً وأن هذا التناقض يؤثر بشكل أو بأخر علي مسار الازمة السورية إنطلاقاً من كل ما تقدم فان إشكالية الدراسة تكمن في معرفة” كيف يؤثر تنافس قوتين عظمتين على مسار ازمة سياسية لدولة ما ؟؟
ومن هنا فان السؤال التطبيقي/الرئيسي الذي تتمحور حوله المشكلة البحثية هو“ إلي أي مدي أثر التنافس الروسي الامريكي في منطقة الشرق الأوسط علي مسار الأزمة السورية في الفترة من (2011-2020م)؟؟
وعلي ما سبق يمكن بلورة مجموعة من التساؤلات الفرعية لمشكلة الدراسة وصياغتها علي النحو التالي :-
- ماهي الاسباب التي وراء الازمة السورية؟
- ما موقف الولايات المتحدة الامريكية من الازمة السورية في عهد أوباما ودونالد ترامب؟
- ما موقف روسيا الاتحادية من الازمة السورية؟
- ماهي دوافع تدخل الولايات المتحدة الامريكية وروسيا في الازمة السورية؟
- ما هي عواقب تدخل الطرفين في الازمة السورية وتأثير هذا التدخل على مسار الازمة السورية؟؟
فرضيات الدراسة:
- كلما زاد التنافس بين الولايات المتحدة الامريكية وروسيا في الشرق الأوسط كلما ازدادت أزمات الشرق الأوسط.
- كلما تعارضت مصالح روسيا والولايات المتحدة الامريكية في سوريا كلما ازدادت الازمة السورية تعقيداً.
- حل الازمة السورية أو عدم حلها مرتبط بمصالح الولايات المتحدة الامريكية وروسيا في سوريا.
ثانياً: التحديد الزماني:
بداية الفترة الزمنية مرتبطة ببداية الازمة السورية هي في مارس 2011م حيث شهدت سوريا اسواء التحولات في تاريخها حيث بدأت الازمة السورية بالمتنامي ثم تحولت لنزاع مسلح بين طوائف الشعب وبين نظام الأسد والمعارضة السورية وهو ما تبعه تدخل خارجي في الشأن السوري. نهاية الفترة الزمنية مرتبطة التغيرات التي حدثت في الاستراتيجية الامريكية مع تولي ترامب رئيسا جديد للولايات المتحدة الامريكية تجاه الازمة السورية حيث بدأت فترة ولاية ترامب بهجوم صاروخي على بعض القواعد السورية أبرزها قاعدة (الشعيرات) بالإضافة الي إصدار ترامب في 2018م أوامره بسحب القوات الأمريكية المنتشرة في سوريا، معتبرا أنها هزمت تنظيم داعش ومن ثم نهاية الفترة الزمنية مرتبطة بنهاية ولاية ترامب وإستراتيجيته تجاه الازمة السورية
ثالثاً: التحديد المكاني:
الإطار المكاني للدراسة في الشرق الأوسط وسوريا تحديداً، حيث منطقة الشرق الأوسط بها العديد من الصراعات والأزمات وخاصة بعد ثورات الربيع العربي التي جاءت بالدمار على بعض شعوب المنطقة العربية مثل سوريا وليبيا، وتحديداً سوريا بسبب حدة التنافس الأمريكي الروسي في سوريا وذلك لسعي كل طرف لتحقيق مصالحه.
رابعاً: الأدبيات السابقة:
المحور الأول: أدبيات تناولت التنافس الأمريكي الروسي من أبرزها:
- هناك دراسة للباحث (صفاء حسين علي) في مجلة كلية القانون والعلوم السياسية، جامعة كركوك، بعنوان “السياسة الخارجية الروسية تجاه الولايات المتحدة الامريكية في مرحلة ما بعد الحرب الباردة” من أهم الجوانب الذي ركزت عليها الدراسة جانب العلاقات التنافسية بين الولايات المتحدة الامريكية وروسيا كما أيضا تناولت السياسة الخارجية الروسية في مرحلة ما بعد الحرب الباردة.
2-كتاب للمؤلف (طارق محمد ذنون الطائي) بعنوان “العلاقات الامريكية الروسية بعد الحرب الباردة “ويتناول الكتاب تطور العلاقات الامريكية الروسية بدايةً من العلاقات الامريكية السوفيتية خلال الحرب الباردة وصولاً الي العلاقات الامريكية ما بعد الحرب الباردة وأيضا يتناول الكتاب المقومات السياسية للعلاقات الامريكية الروسية أيضا يتناول القضايا الرئيسية التي تثير التنافس في العلاقات الروسية الامريكية بالإضافة أنه يتناول مستقبل العلاقات بين الطرفين.
3-دراسة منشورة في مجلة الدفاع الوطني اللبناني العدد90، سنة2014 للباحث (منصور زغيب) بعنوان “تجدد الصراع الأمريكي-الروسي في ضوء الازمات المستجدة “ تناولت هذه الدراسة تاريخ العلاقات الامريكية الروسية ومراحلها بداية من العلاقة التعاونية التي كانت سائدة بينهم أبان الحرب العالمية الثانية مروراً بالعلاقات بينهم أثناء الحرب الباردة وأيضا العلاقة بينهم بعد الحرب الباردة بالإضافة انه من الجوانب الإيجابية لهذه الدراسة أنها تناولت فترة حديثة نسبيا مقارنةً بالأدبيات الأخرى حيث تناولت العلاقات بين الطرفين في القرن الحادي والعشرين بالإضافة الي تناولها عوامل الصراع أو التنافس الأمريكي الروسي ودينامياته وكانت أبر الخلاصات التي توصلت اليها الدراسة أن العالم في مرحلة انتقالية لنظام دولي جديد حيث تري هذه الدراسة أن نظام القطب الواحد يمر بأصعب مراحلة بل أنه يلفظ أنفاسه الأخيرة.
4- دراسة منشورة بعنوان “ US-Soviet Global Rivalry: Norms of Competition” صدرت هذا الدراسة عن مجلة journal of peace” “research المجلد الثالث والعشرون العدد الثالث لسنة 1986م Department of Political Science, Stanford University للمؤلف ALEXANDER L. GEORGE” ” وتناولت هذه الدراسة الأساليب البديلة لتطوير معايير المنافسة التي قد تساعد في تجنب المواجهات التي تؤدي الي الحرب بين القوى العظمى. يشير تحليل تجربة نيكسون – بريجنيف الفاشلة مع “المبادئ العامة” والجهود اللاحقة لوضع “قواعد سلوك” عامة لتنظيم المنافسة العالمية بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي، إلى أن مثل هذه الأساليب غير قابلة للتطبيق. وتوضح الورقة بأن القوى العظمى يجب أن تولي مزيدًا من الاهتمام لنهج “كل حالة على حدة” وهذا يركز على المصالح النسبية للجانبين في كل منطقة محددة. تحدد الورقة تصنيفًا للمجالات التنافسية التي تأخذ في الاعتبار الاختلافات في التوازن النسبي للمصالح بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي في أجزاء مختلفة من العالم وتشير إلى الآثار المترتبة على هذه الاختلافات بالنسبة لقواعد المنافسة كما تشير الورقة إلى الجهود التي بذلتها القوى العظمى في السنوات الأخيرة لتطوير آلية دبلوماسية للمناقشات المتكررة حول المشاكل الإقليمية وتقترح كيف يمكن تحسين هذه المناقشات الثنائية وجعلها أكثر فائدة.
- الجدير بالذكر أنه يعاب على هذه الادبيات أنها تطرقت الي الجانب التاريخ كثيراً بالإضافة أنه يعاب عليها عدم تحديد فترة زمنية محدد لدراسة العلاقات بين الطرفين بالإضافة أنها لم تقم بدراسة أثر التنافس الأمريكي الروسي على الدول الأخرى أو الساحات الذي كان يدور بها الصراع أو التنافس (باعتبار أن العلاقات التنافسية هي التي سيطرة على جانب العلاقات بين الولايات المتحدة وروسيا أكثر من الجانب التعاوني)
المحور الثاني: أدبيات تناولت التنافس الأمريكي الروسي في منطقة الشرق الأوسط أبرزها:
1-رسالة ماجستير، جامعة مولاي طاهرة، كلية الحقوق والعلوم السياسية للباحث (حاكم خليد) بعنوان “صراع القوة الكبرى في منطقة الشرق الأوسط (2001-2015)” تناولت هذه الدراسة صراع القوة الكبرى في منطقة الشرق الأوسط سواء القوة الإقليمية أو القوة الدولية بالإضافة الي سعي الدراسة لتفسير الصراع أو التنافس الأمريكي الروسي في منطقة الشرق الأوسط وتركز هذه الدراسة علي توازن القوة الإقليمية في الشرق الأوسط وتناولت أيضا تداعيات الازمات العربية التي تبعت الثورات العربية وما تبعه من تدخلات خارجية في الشأن العربي، وأبرز الخلاصات التي توصلت اليها الدراسة التدخل المستمر للولايات المتحدة الامريكية وروسيا يزيد من أزمات الشرق الاوسط بالإضافة الي ان هذه الدراسة تري أن المنطقة العربية أصبحت مفتوحة أمام جميع الاحتمالات بما فيها زوال دول وظهور دول جديد كدولة الإسلامية جديدة.
2-رسالة ماجستير، جامعة العربي بن مهيدي، كلية الحقوق والعلوم السياسية للباحثة (يسمه عثماني) بعنوان “التنافس الأمني الأمريكي الروسي في منطقة الشرق الأوسط “تناولت هذه الدراسة التنافس الأمني بين الولايات المتحدة الامريكية وروسيا في الشرق الأوسط بالإضافة انها تناولت الأهمية الجيوسياسية للشرق الأوسط والتي كانت سبباً في أن تكون المنطقة العربية محطة أطماع لدول الكبرى وأيضا ركزت هذه الدراسة على مجالات التنافس الأمريكي الروسي في المنطقة وأيضا سعت الدراسة لتفسير استراتيجيات الولايات المتحدة وروسيا في الشرق الأوسط.
3-دراسة منشورة في مجلة كلية العلوم السياسية، جامعة الكوفة المجلد 12، ال عدد22، للباحث (حسن ناصر عبد الحسين) بعنوان “التنافس الأمريكي الروسي في منطقة الشرق الأوسط” تناولت هذه الدراسة التنافس الأمريكي الروسي في منطقة الشرق الأوسط، حيث تناولت (مشروع الشرق الأوسط الكبير) والتحالف الأمريكي الإسرائيلي في المنطقة وأهداف الولايات المتحدة الامريكية من هذا المشروع ،بالإضافة أنها تناولت التحركات السياسية الخارجية تجاه المنطقة ،وركزت هذه الدراسة علي جانب التنافس الروسي الأمريكي في الشرق الأوسط في تجارة الأسلحة العسكرية وأبرز النتائج التي توصلت اليها الدراسة أن روسيا عادت وبقوة الي الساحة لدولية من جديد ذلك من خلال توسيع تجارة السلاح في الشرق الأوسط بالإضافة الي تعميق علاقتها مع القوة الإقليمية في الشرق الأوسط علي سبيل المثال لا الحصر تركيا وإيران.
- 4 -دراسة منشورة في مجلة “International Journal of Humanities and Social Science” المجلد الثامن العدد الأول، سنة 2018م للبروفسير محمد طاهر بن سلامة بعنوان ” The American Russian Rivalry in the Middle East” هدفت الدراسة إلى التعرف على مناطق التنافس الأمريكي الروسي في الشرق الأوسط والمنطقة العربية، وركزت على أهم مجالات النفوذ الروسي التي سعت روسيا إلى الحفاظ عليها في ظل الهيمنة الأمريكية وتناولت الدراسة المحددات الداخلية والخارجية التي تساهم بشكل مباشر في تنامي الدور الروسي في النظام الدولي. وخلصت الدراسة إلى أن السياسات الإصلاحية لروسيا مكنتها من استعادة دورها الريادي على المستوى العالمي وبالتالي قدرتها على الحفاظ على مناطق نفوذها خالية من الهيمنة الأمريكية.
- يعاب على هذه الادبيات أنها تناولت التنافس الروسي الأمريكي ولم تأخذ دراسة حالة معينة أو أزمة معينة كموضوع للدراسة حيث كانت معظم هذه الدراسات تركيزها على التنافس بين الطرفين في الشرق الأوسط عموماً بالإضافة انها تناولت فقط مجالات التنافس وقدرات وإمكانيات الدول المتنافسة دون الأخذ في الاعتبار تأثير هذا التنافس على استقرار منطقة الشرق الأوسط.
المحور الثالث: أدبيات تناولت التنافس الأمريكي الروسي في منطقة الشرق الأوسط سوريا نموذجا أبرزها:
1-دراسة منشورة في مجلة كلية التجارة، قسم العلوم السياسية، جامعة أسيوط العدد 58، بعنوان “التنافس الروسي الأمريكي في الشرق الأوسط: العراق، سوريا، إيران نموذجاً “تناولت هذه الدراسة قضايا التنافس الأمريكي الروسي في منطقة الشرق الأوسط بالإضافة الي تناول الدراسة المسائل السياسية والاستراتيجية التي زادت حدة التنافس والصراع في الشرق الأوسط بالإضافة الي تركيز الدراسة علي ساحات التنافس بين الولايات المتحدة الامريكية وروسيا وأبرز هذه الساحات سوريا والعراق بالإضافة الي تناول الدراسة أزمة البرنامج النووي الإيراني والازمة السورية والعراقية وكانت أبرز الخلاصات التي توصلت اليها الدراسة أن الولايات المتحدة الامريكية وروسيا هدفهم الوحيد هو تحقيق مصالحهم حتي لو علي حساب حقوق ومقدرات الشعوب المنطقة وتحديدا العربية.
2-كتاب للمؤلف (سامر سلمان الجبوري) بعنوان “التنافس الأمريكي الروسي في الشرق الأوسط سوريا نموذجاً “تناول هذا الكتاب صراع الوجود بين الولايات المتحدة الامريكية وروسيا بالإضافة أنه تناول التنافس في العلاقات الدولية بشكل عام وأيضا تناولت أهمية الشرق الأوسط بالنسبة لطرفين بالإضافة أنها تناولت عوامل تكون الازمة السورية واثر التنافس الروسي الأمريكي علي الازمة السورية وكانت أبرز الخلاصات التي توصل اليها الكتاب أن التنافس الأمريكي الروسي في المنطقة ناتج من اختلاف المصالح بينهما بالإضافة الي استغلال أمريكا وروسيا الثورات العربية لتدخل في الشأن بحجة حماية حقوق الانسان والأقليات.
3-رسالة ماجستير، جامعة محمد خضير، كلية الحقوق والعلوم السياسية، للباحث (عبد الرزاق بوزيدي) بعنوان “التنافس الأمريكي الروسي في منطقة الشرق الأوسط الازمة السورية نموذجا(2010-2014)” تناولت هذه الدراسة المقاربات النظرية التي تفسر التنافس الأمريكي الروسي في المنطقة بالإضافة الي تناولها مجالات التنافس الأمريكي الروسي في الشرق الأوسط بالإضافة انها تناولت الازمة السورية كدراسة حالة للتنافس الأمريكي الروسي في الفترة من(2010-2014) وكانت أبرز الخلاصات التي توصلت اليها الدراسة أن مصادر الطاقة لا تعد المجال الوحيد في التنافس الأمريكي الروسي بل هناك العديد من مجالات التنافس التي لا تقل أهمية عن مصادر الطاقة منها تجارة السلاح أيضا توصلت أن بجانب سعي روسيا لتحقيق مصالحها الا أنها تريد حماية أمنها القومي وذلك عن طريق منع وصول الصراعات الشرق الأوسط الي حدودها الجنوبية.
- يعاب على هذه الادبيات أنها ركزت كثيرا على مجالات التنافس الأمريكي في الشرق الأوسط ولم تركز على جوانب ضعف دول الشرق الأوسط حيث كان لهذه الجوانب دور في تدخل كلا من الولايات المتحدة الامريكية وروسيا في شأنها الداخلي أغلب هذه الدراسات لم تناقش الوضع الداخلي السوري ووجهت تركيزها على التنافس الأمريكي الروسي.
خامساً: أهمية الدراسة:
الأهمية العلمية والأكاديمية:
تكمن أهمية الدراسة في استكمال ما انتهت عنده أغلب الادبيات والدراسات حيث أغلب الادبيات التي تناولت التنافس الأمريكي الروسي في الشرق الأوسط وأثر هذا التنافس علي الازمة السورية تنتهي عند عام 2015 أو انها تناولت فترة قصيرة من الازمة السورية حيث حدث العديد من التطورات علي الساحة السورية والتي لم تتناولها أغلب الادبيات ،حيث تتناول دراستنا أهم المستجدات التي طرأت علي الازمة السورية وأيضا التغيرات التي طرأت علي استراتيجية الولايات المتحدة الامريكية وروسيا الاتحادية تجاه الشرق الأوسط ووضع الازمة السورية ،بالإضافة أن أغلب الادبيات أغفلت العواقب وما ترتب علي التدخل الخارجي في الشأن السوري من دمار وخراب وقع علي عاتق المواطن السوري، حيث تم تخصيص فصلا كامل في هذا الدراسة عن العواقب والمآلات التي ترتبت علي التدخل الأمريكي الروسي في الشأن السوري.
وتكمن أيضا أهمية البحث في السعي لفهم ظاهرة التنافس والتي سيطرت على طبيعة العلاقات بين الولايات المتحدة الامريكية وروسيا حيث تلك الظاهرة واضحة في قضايا الشرق الأوسط وتحديداً بعد ثورات الربيع العربي بالإضافة الي السعي الي فهم أسباب الازمة السورية ومعرفة دوافع وأهداف الولايات المتحدة وروسيا لتدخل في الشأن السوري.
سادساً: المنهج:
تم الاعتماد على المنهج الوصفي باعتباره المنهج المناسب للدراسة حيث المنهج الوصفي يساعدنا في جمع ووصف البيانات والمعلومات والمنهج الوصفي معني بالدراسات التي تقوم بجمع وتلخيص الحقائق والمعلومات للظواهر أو القضايا أو الموضوعات التي يرغب الباحث في دراستها حيث أستخدمنا المنهج الوصفي في وصف ومعرفة أهم المجالات التي يتنافس فيها كل من الولايات المتحدة وروسيا الاتحادية بالإضافة الي وصف وتفسير الأسباب التي أدت الي قيام الثورة السورية.
تم الاعتماد أيضا على منهج دراسة الحالة حيث أخذنا حاله الازمة السورية كحاله تطبيقيه للتنافس الأمريكي الروسي في الشرق الأوسط حيث منهج دراسة الحالة مثل لنا عوناً في جمع المعلومات المفصلة والشاملة عن الازمة السورية وعن التنافس الأمريكي الروسي في منطقه الشرق الأوسط بالإضافة الي أن منهج دراسة الحالة ساعدنا في فهم الجوانب والابعاد المختلفة للازمة السورية بالإضافة الي تحليل البيانات والمعلومات الذي تم جمعها بشأن ظاهرة التنافس الأمريكي الروسي في الشرق الاوسط.
الفصل الأول: – الإطار النظري والمفاهيمي للدراسة |
الفصل الأول: الإطار النظري والمفاهيمي: –
نسعى من خلال الإطار النظري والمفاهيمي الي توضيح المفاهيم التي ورت في البحث والمتمثلة في مفهوم التنافس في العلاقات الدولية مع بيان المفاهيم المختلفة التي أعطيت لذلك المفهوم بالإضافة الي تناول المفاهيم المتشابه مع مفهوم التنافس مثل الصراع الدولي و وأيضا تناول تعريف الاستراتيجية، والحروب بالوكالة وتعريف الازمات، أيضا نتناول العديد من المفاهيم ذات الصلة بالموضوع أو التي وردت في الدراسة، وذلك بالنسبة للتأصيل المفاهيمي بالإضافة أننا تناولنا بعض النظريات المرتبطة بحقل العلاقات الدولية والتي تساعدنا في تفسير التنافس الروسي الأمريكي في الشرق الأوسط ومن أبرز النظريات النظرية الواقعية، ونظرية الدور ونظرية ميزان القوي.
المبحث الأول: الحدود المفاهيمية لمصطلح التنافس في العلاقات الدولية: –
أولاً: مفهوم التنافس في العلاقات الدولية: –
تُعد ظاهرة التنافس والتزاحم حالة طبيعية عند الفرد حيث تنشأ في أغلب الاحيان كنتيجة لاحتكاك وسعي الأفراد أو الجماعات لأجل تحقيق مصالحهم الذاتية والوطنية وأهدافهم انطلاقا من مواردهم وإمكانياتهم التي يتمتعون بها حيث تأخذ العلاقات في هذا الصدد شكل علاقة تسابق سلمي لتحقيق المصالح والاهداف ، ضف الي ذلك أن كلما حاول أحد الأطراف المبالغة في الانفراد بهذه المصالح والاحتفاظ بها لنفسه دون الأطراف الأخرى وسعي الي منع الآخرين من الوصول إليها كلما شكل ذلك سببا لجلب المزيد من التوتر الذي يمكن أن يُخرج التنافس من إطاره السلمي ليتحول إلى نزاع أو صراع عنيف، وهكذا هو الحال تقريبا بالنسبة لِتنافسٍ يكون أطرافه دولاً أو فواعل دولية.
التنافس مفهوم انتقل من حقل العلوم الاقتصادية إلى حقل العلوم السياسية وبالأخص ضمن أدبيات الاقتصاد السياسي ودراسات العلاقات الاقتصادية الدولية، من التركيز على الجانب الاقتصادي على اعتبار أن هذا المصطلح ذو أصول اقتصادية راسخة على غرار تلك المفاهيم التي اشتقت منه كالمنافسة الاقتصادية الحرة والتنافسية الدولية وغيرها، والتنافس كمفهوم السياسي يشير إلى حالة من الاختلاف بين الدول لا تصل إلى مرحلة الصراع وتأخذ أبعاد اقتصادية أو سياسية لتحقيق مصالح ومكانه في الإطار الدولي أو الإقليمي”[2]
يوجد العديد من التعريفات المختلفة لمصطلح (التنافس الدولي) حيث يمكن القول إن التنافس الدولي هو تضارب المصالح بين الدول حيث تسعي كل دولة لتعظيم مكاسبها ومصالحها في هذا الصدد من الممكن أن يتحول التنافس الي صراع دولي عندما تحاول دولة دعم مراكزها وتحقيق أهدفها على حساب الأطراف الدولية الأخرى ومنعهم من تحقيق أهدافهم ومصالحهم.
أيضا هناك تعريف أخر للتنافس الدولي وهو موقف معيّن يكون لكل من المتفاعلين فيه علما بعدم التوافق في المواقف المستقبلية المحتملة كما يكون كل منهم مضطرا أيضا لاتخاذ مواقف غير متوافقة مع مصالح الطرف الآخر.[3]
هناك اتجاه أيضا عرف التنافس الدولي على انه الاختلالات التي تتواجد في المجتمع الدولي ومن الممكن أن تأخذ هذه الاختلالات صورة الصراع إذا لم يتم معالجتها فالدول تعمل على تعظيم مكاسبها وفقا لمصلحتها الوطنية بشكل قد يتناقض مع مصالح دول أخرى مما قد ينتج حالة من التنافس وقد يقتصر التنافس على مجالا محددا وقد يتسع ليشمل مجالات عديدة كالتنافس السياسي والاقتصادي والحضاري، خاصة إذا كانت الأطراف المتنافسة تتبني إيديولوجيات متباينة سوا في المنهجين الاقتصادي والسياسي لكل منهما.
هناك اتجاه أخر يري أن التنافس نوع من أنواع التفاعل المصاحبة لإعداد القرار السياسي، وهو نشاط يسعى من خلاله طرفان أو أكثر لتحقيق نفس الهدف، ومن الجدير بالذكر أن التنافس يتفاوت كما وكيفا من مجتمع لآخر وفي داخل المجتمع الواحد ومن ثم يركز هذا الاتجاه على أن التنافس يتمحور حول عملية التفاعل المصاحبة لصنع القرار السياسي، وافتراض وجود طرفين أو أكثر لهما نفس الهدف يسعي كلا منهما لتحقيق هذا الهدف سوا داخل المجتمعات أو بين الدول، ولكن هذا التعريف لا يغطي مختلف جوانب المفهوم ويظل قاصرا.
وبناءاً على ما سبق يمكننا تعريف التنافس الدولي على أنه مفهوم سياسي يوضح حالة من الاختلاف بين الدول لا تصل الي نقطة الصراع ولها أبعادها الاقتصادية والسياسية وذلك لتحقيق مصالح ومكانة سواء علي المستوي الإقليمي أو الدولي ومن الجدير بالذكر أنه في أعقاب الحرب الباردة حدث تغير جذري في أنماط وعوامل القوة فبرزت العوامل التكنولوجيا والاقتصادية ومع تنامي ظاهرة العولمة وما نتج عنها من اثار وتحديات واختراق سيادة الدول عن طريق الوسائل التكنولوجيا الحديث وبروز فواعل من غير الدول كالشركات متعددة الجنسية والتي تسعي الي هدف أوحد وهو تعظيم منافعها علي حساب المجتمعات القومية ومن ثم قد يتخذ التنافس الدولي منحني خطير وقد يتطور في مرحلة ما الي توتر ثم نزاع بوسائل غير تنافسية
ثانياً: علاقة مفهوم التنافس ببعض المفاهيم المشابهة: –
من الجدير بالذكر أن مفهوم الصراع الدولي يختلف عن مفهوم التنافس الدولي، حيث يحدث تدخلا كثيرا بين المفهومين لذلك وجب علينا أن نُعرف مفهوم الصراع الدولي أيضاً.
مفهوم الصراع مفهوم مرن أو متغير حيث يصعب التحكم فيه وهو يختلف من مجال إلى آخر، الصراع كتعريف لغوي يشير الي حالة من عدم الارتياح أو الضغط النفسي الناتج عن تعارض المصالح أو عدم توافق بين رغبتين أو حاجتين أو أكثر من رغبة الفرد أو حاجاته. البعد السياسي لمفهوم الصراع الدولي: هو موقف دولي تتناقض فيه المصالح الفاعليين الدوليين وتتعارض مما يودي الي الصدام بينهم، وذلك في إطار سعي كل طرف أو فاعل دولي الي تحقيق مصالحة وأهدافه.[4]
بالإضافة الي أن الصراع هو أحد صور التفاعل الدولي التي تتضمن درجة أعلي من التنافس حيث التنافس يتضمن التفوق والحصول على وضع أفضل وأكثر تميزاَ دون حرمان الاخرين من تحقيق أهدافهم لذلك الفرق الواضح بين مفهوم الصراع الدولي والتنافس الدولي هو أن الصراع الدولي درجة أعلي من التنافس والصراع يحدث غالبا بسبب صدام المصالح وذلك ناتج من أن كل طرف يريد أن يحصل على ما يريد الطرف الاخر أن يحصل علية.
الجدير بالذكر أن هناك اتجاه من الباحثين يتناولون مفهوم الصراع على أنه أحد أشكال السلوك التنافسي بين الأشخاص أو الجماعات وأن التنافس هو سبب حدوث الصراع بين الأطراف وذلك بسبب التنافس حول مصالح وأهداف متعارضة.
ومن أنصار ذلك الاتجاه عالم الاجتماع (لويس كوسر) الذي عرف الصراع على أنه التنافس على القيم وعلى القوة والموارد ويكون الهدف فيه بين المتنافسين التحييد أو التصفية أو الاضرار بالخصوم.
ومن هنا يتضح أن الفرق بين الصراع والتنافس في أن الصراع يعتبر صدام بين طرفين أو أكثر يحاول كل طرف منع الطرق الاخر وإعاقته من تحقيق ذلك الهدف بمختلف الوسائل سواء السلمية أو غير السلمية وسواء كانت مباشرة أو غير مباشرة، في حين يعتبر التنافس ظاهرة وجدت بسبب تضارب واختلاف المصالح وسعي الافراد والجماعات الي تحقيق المكاسب على حساب الطرف الاخر كل ذلك في إطار حجم الموارد والامكانيات التي يمتلكها طرف دون الاخر.
مفهوم النزاع: –
يختلف أيضا مفهوم التنافس عن مفهوم النزاع حيث يمكن تعريف النزاع اصطلاحا على أنه ” توصيف بين طرفين او أطراف ذات كيانية مجتمعية تتسم بانسداد سبل التفاهم والاتصال بينهما، ويمكن أن يصبح هذا النزاع مولداً للعنف المادي الجسدي وخلاقاً للعدوانية ولا يستقر ولا يهدأ الا بالقضاء علي احد الطرفين بواسطة الاخر وافناء حياته”
وهناك اتجاه يعرف النزاع على أنه “تسلسل ينطلق من نشوء أزمة حيث تتطور إلى نزاع قد يكون على شكل عسكري أو يتطور إلى أشكال أخرى اقتصادية، أمنية أو إعلامية”
والنزاع ايضا “هو الخلاف الذي ينشأ بين دولتين على موضع قانوني أو وجود تعارض في مصالحهما الاقتصادية او السياسية او العسكرية، وتباين حججهما القانونية بشأنها، فإذا كان النزاع داخلياً يتطلب تسويه هذه الخلافات اللجوء الي قواعد القانون الداخلي و إذا كان النزاع دولياً فيتم اللجوء الي قواعد القانون الدولي”
وقد عرف النزاع ايضاً Allen Vergison)) على أنه ” إنها تبدأ عندما تقوم دولة ما بشيء يكلف دولة أخرى الكثير، أو عندما تعتقد الدولة الأخرى أنها تستطيع تقليل خسارتها من خلال القيام بعمل مضاد ضد الدولة الأولى التي بدأت بالفعل المبادرة لذلك فإن الوضع يدل على أننا أمام دولتان، أو مجموعة من الدول تحاول تحقيق أهدافها في نفس الوقت”
ولكن يجدر علينا أن نذكر أنه لكي تندرج القضية تنازعاً دولياً لابد أن يكون النزاع الذي ينشأ بين دولة وأخرى أو ينشأ بين دولة ومنظمة دولية وينشأ بين منظمتين دوليتين
ومن هذه التعريفات السابقة يمكننا القول إن النزاع الدولي هو تصادم إرادات ومصالح الدول الوطنية هذا التصادم يكون سببه الرئيسي اختلاف وتعارض دوافع الدول وتصوراتها وأهدافها وإمكانياتها ومواردها مما يودي في النهاية الي أن سياسات هذه الدول تجاه بعضها أو هذه الأطراف تكون سياسات صدامية وخلافية أكثر من كونها سياسات قائمة على التوافق، ولكن ايضاً هذه النزاعات تظل بعيده عن نقطة الحرب.
وهنا أيضا يمكننا ملاحظة الفوارق بين مصطلح ” التنافس ” و”النزاع” و”الصراع” فالنزاع يخضع للقانون الداخلي إذا كان النزاع بين أطراف ليست دولية او القانون الدولي إذا كان النزاع دولياً كما ذكرنا وهنا يتضح لنا أن النزاع يأخذ صفة قانونية في حين ان التنافس لا يخضع لهذه الصفة بالإضافة الي ان النزاع قد يحدث بين دول تتفاوت في قدرتها وامكاناتها وعلى العكس فالتنافس قد يحدث بين قوتين تكون على الاقل متقاربة في القدرات ومدى الامكانية في توظيف هذه القدرات في العملية التنافسية ، كما ان التنافس من الممكن أن يأخذ جانبا تعاونيا وسلميا في أغلب الاحيان، وهذا علي نقيض النزاع الذي يؤدي الى توتر العلاقات بين الدولتين وتحوله الى صراع في حالة عدم تسويته وقد يتحول التنافس ايضا الى صراع عندما يدرك طرف ما بان مصالحه القومية معرضة للتهديد .والنزاع يختلف عن الصراع في كون الأول يكون محكوم باعتبارات ذات طبيعة قانونية ، اما الصراع تحكمه مفاهيم قيمية وعقائد فلسفية يصعب عندها ان تكون موضع اتفاق بالنسبة لأطرافها.
- بعض المفاهيم الأخرى التي وردت في الدراسة: –
- مفهوم الأزمات في العلاقات الدولية:
مفهوم الازمة له أصول تاريخية حيث مفهوم الازمة مرتبط بعلم الطب في الاغريق حيث استخدمت كلمة (krino) وتعني الازمة أو نقطه تحول أو تغيير جوهري مفاجئ في جسم الانسان وانتقل مفهوم الازمة بعد ذلك الي العلوم الإنسانية ثم الي العلوم السياسية. هناك تعريفات عديدة لمفهوم الازمات الدولية حيث عرفتها (د/نورهان الشيخ) على أنها “موقف دولي مفاجئ يهدد بتحول جذري في الوضع القائم ويتسم بضيق الوقت المتاح لاتخاذ القرار، وتهديد المصالح الحيوية للأطراف المعنية” [5]
وعرفها العديد من المفكرين أبرزهم (تشارلز ماكليلاند) بأنها: “عبارة عن تفجيرات قصيرة، تتميز بكثرة وكثافة الأحداث فيها وتتميز أيضا بالسلوك المتكرر أي أن كل أزمة تأخذ مسار مماثلا لغيرها”
وهناك تعريف أخر (لتشارلز ماكليلاند) حيث عرف الازمة الدولية بأنها “نوع خاص من التغير الجوهري في نمط العلاقات بين أطراف الصراع”
وعرفها أيضا (كورال بيل) على أنها “نقطة تحول في طبيعة العلاقة بين أطراف ما نتيجة ازدياد حدة الصراع بينهما وبلوغه مستوي يهدد بتغيير طبيعة العلاقات بين الدول”
ويعرفها (جون سبانير) على أنها” موقف تطالب فيه دولة ما بتغيير الوضع القائم وهو الأمر الذي تقاومه دول أخرى، مما يخلق درجة عالية من الادراك باحتمال اندلاع الحرب”
عرف (كينيث بولدنغ) أحد رواد مدرسة النظم السياسية الأزمة الدولية بأنها: “نقطة تحول في العلاقات الدولية او النظام السياسي، أي أن الأزمة إنما هي أزمات النظام السياسي”[6]
وأيضا عرفها أحد رواد مدرسة (صنع القرار) وهو جيمس روبنسون على أن “الازمة الدولية موقف بين دولتين أو أكثر يتم إدراكه من قبل صانع القرار”
وأيضا عرفها (هولستي) وهو أيضا من أتباع تلك المدرسة على أنها “إحدى مراحل الصراع[7] ومن أبرز مظاهرها هي أحداث مفاجئة غير متوقعة من جانب أحد الأطراف تودي الي رفع التوتر والتهديد الي درجة ترغم صانع القرار على الاختيار بين الاستسلام أو الحرب”
انطلاقا من كل ما تقدم من تعريفات أتضح ان الازمة بمفهومها العام والشامل تمتاز بوجود عدة خصائص تميزها عن غيرها من الظواهر الطبيعية الاخرى والتي سوف نوجزها في النقاط التالية:
1-أن الازمة موقف مفاجئ غير متوقع ينذر بتحول جذري وجوهري.
2-تتسم الازمة عادة بتزايد درجة الغموض وعدم القدرة على التحكم في مسار الاحداث.
3-الأزمة تهديدا للقيم والمصالح العليا بحيث درجة التهديد التي تواجه وحدة صنع القرار كبيرة.
ومن ثمً فان الازمة بمفهومها العام الشامل نجدها تختلف عن غيرها من الظواهر الاخرى بعنصر الشمولية the malty of element ضف الي ذلك عنصر الاتساع الواضح في حجم النطاق the size of scoopكما يمكن القول أن الازمة تعتبر تهديد خطير لعملية سير النظام السياسي وذلك لأنه الازمة تنتج مجموعة احداث مترابطة ومتسارعة تعبر اساسا عن شكل من أشكال الصراع كما يعرفها علم الاجتماع انها ” اختلال يحدث في نظام القيم والتقاليد الى درجة تقتضى التدخل السريع لمواجهته والعمل على اعادة التوازن من خلال تطوير هذه القيم والتقاليد حتى تتلاءم مع التغير الناجم عن تطور المجتمع “ وهناك العديد من الأسباب الكامنة التي تودي الي إنفجار الازمة ومن أبرز هذه الأسباب عدم وجود سلطة سياسية قوية تعمل علي تيسير الامور و توجيه العملية السياسية واحداث تغييرات، سياسية و تنظيمية ضف الي ذلك فشل مؤسسات النظام السياسي في الدولة وهذا السبب يعتبر من أهم الأسباب الكامنة وراء حدوث الازمات السياسية حيث فشل تلك المؤسسات في بلورة وتحديد المصالح وتجميعها من شأنه أن يخلق فجوة سياسية بين النظام والمواطنين او المجتمع ، وهناك إشكالية أخري تسببت في انفجار ازمات الشرق الأوسط والتي حدث بعد ثورات الربيع العربي الا وهي اشكالية شرعية النظام السياسي في حد ذاته وفى هذا الجانب تظهر مشكلة الحريات العام وكيفية تعامل النظام السياسي السلطة السياسية معها.
- مفهوم التدخل:
أن التدخل الانساني ظاهرة قديمة في العلاقات الدولية ، فالدولة القوية توظف امكانات قوتها في حال تعرض مصالحها السياسية والاقتصادية[8] والاستراتيجية للخطر، من اجل القضاء على مصادره ، فقد يكون تدخل دولة في شؤون دولة أخرى ناتجاً عن دوافع أمنية، اقتصادية، أيدلوجية، إنسانية، أو لتحقيق المكانة الدولية. وهكذا تترك الدوافع والعوامل الإنسانية أثراً مهماً في اتخاذ قرار التدخل لدى بعض الدول، لوقف المعاملة اللانسانية التي يتعرض لها الإنسان في دولة أخرى، ولا زال القانون الدولي لا يستسيغ فكرة التدخل الإنساني للخوف من أنها ربما قد تشكل محاولة لبعث الاتجاه الاستعماري القديم الذي يستسيغ التدخل لعوامل إنسانية في الظاهر ولكن القصد الحقيقي منها هو فرض الهيمنة الاستعمارية على الدول الأخرى
ولقد تنامت أشكال التدخل وتباينت مجالاته ودوافعه والجهات التي تقدم عليه، ورغم الصمت الدولي أمام هذه التدخلات التي غالباً ما أصبح ينظر إليها كإفراز طبيعي للتطورات الدولية الجارية، أو تتحكم فيها اعتبارات مصلحية، وفي هذا الاتجاه فإن التدخلات التي تتم وتفرض أحياناً خرق المبدأ الأساسي من خلال الأمم المتحدة، أصبحت تدخل ضمن هذا السياق أكثر من تلك التي تتم بشكل منفرد باعتبار أن هذه المنظمة هي إطار دولي لحفظ الأمن والسلم الدوليين.
إذن يمكن تعريف التدخل علي أنه سلوك خارجي تقوم به دولة لتحقيق مصالحها وأهدافه عن طريق التدخل في الشأن الداخلي لدوله أخري قد يأخذ التدخل أشكال مختلفة منها الحصار الاقتصادي أو عن طريق الضغوط السياسية والدبلوماسية والتدخل العسكري قد يكون مباشر أو غير مباشر، مباشر عن طريق استخدام القوة أو غير مباشر وذلك بتهديد باستخدام القوة.
وهناك أيضا تعريفات متعددة لتدخل فقد عرف (جوزيف ناي) التدخل بمعناه الواسع على أنه “ممارسات خارجية تؤثر في الشؤون الداخلية لدولة أخرى “، أما معنى الضيق هو التدخل بالقوة العسكرية في الشؤون الداخلية لدول الأخرى.
وعرف (ماركس بيلوف) التدخل “على أنه محاولة من طرف دولة واحدة في التركيبة الداخلية والسلوك الخارجي لدولة واحدة باستخدام درجات متباينة في القمع كنتيجة منطقية للطبيعة الفوضوية للنظام الدولي”
أذن التدخل هو فعل يترتب علية فرض إرادة المتدخل على المتدخل علية، ومن الممكن أن يكون التدخل مشروع أو غير مشروع بالإضافة الي تعدد أنواع التدخل وأسبابه.
المبحث الثاني :النظريات المفسرة لظاهرة التنافس الأمريكي الروسي في منطقة الشرق الأوسط:
هناك العديد من المقاربات في حقل العلاقات الدولية التي تفسر الظواهر السياسية المختلفة ومن تلك الظواهر ظاهرة التنافس الدولي حيث يعتبر ظاهرة التنافس من الظواهر الأساسية في العلاقات الدولية ومن أبرز النظريات التي تفسر التنافس الأمريكي الروسي في الشرق الأوسط النظرية الواقعية الكلاسيكية والجديدة ونظرية الدور
تفسير النظرية الواقعية للتنافس الأمريكي الروسي في الشرق الاوسط:
يري الواقعيون أن التنافس الأمريكي الروسي في الشرق الأوسط هدفه تحقيق المصلحة الوطنية للدولتين أو قائم على أساس متغير المصلحة الوطنية، فيما يلي سنتناول الافتراضات والركائز الأساسية للنظرية الواقعية والذي تساعدنا في تفسير التنافس الروسي الأمريكي في الشرق الأوسط.
-ظهرت الواقعية في الأوساط الامريكية بين الحرب العالمية الاولي والثانية بالإضافة الي أن الفكر الواقعي له جذور في الفكر اليوناني عند توسيديد من خلال كتاباته عن الحرب البيلوبونيزية هناك العديد من المنظرين الواقعيين من أبرزهم (هانز مورجا نثو، ونيكولاس سيبكمان، وكينيث والتز وميكا فيلي وجيمس دورتي وغيرهم)
-يري الواقعيين أن النظام الدولي نظام فوضوي وذلك بسب غياب السلطة العليا التي تنظم [9]العلاقات بين الدول ومن هذا المنطلق يري الواقعيون أن الصراع والتنافس حالة طبيعية نتيجة لتناقض المصالح وليس نتيجة لمجموعة من الاحداث والوقائع وهذا ما يفسر أن التنافس الأمريكي الروسي أو الصراع الدائر بينهم في المنطقة ناتج من تناقض المصالح بينهم وليس نتيجة الاحداث والوقائع التي حدثت في المنطقة مثل أحداث الربيع العربي.
-بالإضافة أنهم يروا أن السياسة الدولية هي صراع من أجل القوة يتضمن ذلك الحفاظ على قوة الدولة القائمة، والسعي لتعظيم هذه القوة وزيادتها وان التنافس بين الدول لزيادة قوتها يجعل منهم أعداء محتملين ان لم يكونوا فعليين.[10]
-يري الواقعيين ان الدولة هي الفاعل الأساسي والرئيسي في العلاقات الدولية حيث قللت من دور المنظمات الدولية والمؤسسات الدولية وبتطبيق على حالة الازمة السورية نجد صحة هذا الافتراض حيث نجد أن الأمم المتحدة تراجع دور في حفظ السلام في سوريا وذلك بسبب هيمنة الدول الكبرى على قراراتها حيث ظهر ذلك من خلال استخدام روسيا وأمريكا منظمة الأمم المتحدة لكي تطفي طابع الشرعية على مواقفهم في سوريا.
-تري الواقعية السياسية أن فهم وتفسير العلاقات الدولية مرتبط بالقوانين التي ترجع الي الطبيعة البشرية والتي هي صالحة لكل زمان ومكان في هذا الصدد يري الواقعيون ان الطبيعة البشرية تتسم بالأنانية وأن البشر مخلوقات معيبة وغير مثالية وهذه الطبيعة توثر على السياسة والعلاقات الدولية وأكدوا أيضا على حتمية الصراع وأن السياسة هي أداة الصراع.
–المصلحة الوطنية من وجهة نظر الواقعيين تتمثل جوهر السياسة حيث أعتبر (هانز مورجانثو)
أن المصلحة الوطنية هي التي تحدد سلوك الدول، فالدولة لا تتصرف في محيطها الدولي والإقليمي الا بغرض تحقيق مصالحها الوطنية حيث رفض الواقعيون ما ذهب الية المثاليين بوجود تناسق بين مصالح الدول المصلحة الوطنية تختلف من دولة الي أخري حيث هناك دول لم تتخطي الحد الأدنى من الاستقرار والامن وحماية سيادتها لذلك يكون مصلحتها الاولي هي تحقيق الاستقرار والامن وحماية أرضيها وهناك من الدول التي تخطي ذلك فيكون تحقيق مصالحها عن طريق فرض هيمنتها ونفوذها على العالم.
أذن تعريف المصلحة الوطنية من وجهة نظر (مورجا نثو) “هي القوة، وأن المفهوم لا يفترض عالما يسوده السلام، ولا يفترض أيضا حتمية الحرب، وانما يفترض أيضا صراع مستمر وسلوك دبلوماسي فعال يقلص التهديد بالحرب”[11]
-يري الواقعيين أن الدولة تسعي باستمرار نحو تعزيز قواتها الذاتية من خلال تطوير موارد القوة لديها، فالدول تسعي لاكتساب القوة أو التظاهر بها أو الاحتفاظ بالقوة والوضع القائم، وهذا يفسر حالة روسيا بسعيها الدائم لاستعادة قوتها ودورها المحوري في المنطقة بالمقابل سعي الولايات المتحدة الي الحفاظ على مكانتها وسيطرتها على المنطقة
-يري الواقعيون أن القوة وسيلة لتحقيق المصلحة الوطنية وتحديدا القوة العسكرية حيث تعتبر القوة العسكرية من وجهة نظر الواقعيون أداة لممارسة التأثير الإقليمي والدولي وحماية لمصالح الوطنية للدول.
خلاصة القول إن المنظور الواقعي يفسر التنافس بين الولايات المتحدة وروسيا الاتحادية في الشرق الاوسط على أساس متغير المصلحة الوطنية والقوة وذلك بسعي الطرفين لتحقيق مصالحهم سواء الاستراتيجية أو السياسية أو الاقتصادية حيث يروا أن المصلحة الوطنية هي التي تحدد سلوك والسياسة الخارجية للدولتين.
الواقعية الجديدة:-[12]
تم تطوير الواقعية الكلاسيكية لتصبح الواقعية الجديدة وتم بناء هيكل الواقعية الهيكلية أو الجديدة علي يد العالم السياسي كينيث والتز في كتاب نظرية السياسة الدولية الذي نشر في عام 1979م بالنسبة للواقعية الجديدة قد اشتركت مع الواقعية الكلاسيكية في العديد من المقولات أو التفسيرات ومن أبرز هذه المقولات أن الهيكل الدولي فوضوي ويتسم بغياب السلطة المركزية الدولية بالإضافة أن الواقعية الجديدة تبنت أيضاً أن الدول هي الفاعل الرئيسي في النظام الدولي وأنها لها الحق في التصرف بشكل مستقل ولكن ما يجعل الواقعية الجديدة تختلف عن الواقعية الكلاسيكية هو أن جوهر الواقعية الجديدة هو هيكل النظام الدولي بينما الهيكل والمفهوم المركزي للدافع والعمل السياسي في الواقعية الكلاسيكية هو السلطة حيث سعي الدول المستمر للسلطة وتعظيمها من شأن ذلك التنبؤ وتفسير سلوك الدول.
الواقعية الجديدة تري أن الدول هدفها الرئيسي البقاء وهذا يختلف تماماً عن الواقعية الكلاسيكية والتي تري أن الهدف الاساسي والرئيسي للدول القوة وسعيها الدائم الي تعظيمها من خلال السلطة إذا يختلف النهج النظري بين المنظور الواقعي الكلاسيكي والمنظور الواقعي الجديد أو الهيكلي ، تمحور اهتمام الواقعية الهيكلية أو الجديدة حول هندسة النظام الدولي وعدد القوي العظمي في النظام الدولي وهيكل هذا النظام ومن الجدير بالذكر أن الواقعيين الجدد ركزوا علي نتائج التفاعلات بين الدول في النظام الدولي وتجاهلوا تماماً شرح العملية التي تستخدمها الدول في بناء سياستها الخارجية ومن ثمَ فالواقعية الهيكلية أو الجديدة فشلت في تفسير الابعاد الجوهرية مثل الابعاد الاقتصادية.
تفسير الازمة السورية وفقاً لافتراضات النظرية الواقعية الجديدة أو المعاصرة كما ذكرنا فإن الهدف الأسمى لاي نظام سياسي هو البقاء من وجهة النظر الواقعية الحفاظ على كيانها السياسي وتشكيل التحالفات السياسية و العسكرية ، واستخدام القوة من أجل الحفاظ علي كيان النظام السياسي ومن ثم عندما سعت المعارضة السورية الي إسقاط النظام اتسم التعامل معها من جانب السلطة والنظام السياسي “منهج الصرامة، وعدم الاهتمام لمطالب المعارضة” ضف الي ذلك اطلاق وعود بعيدة لأجراء إصلاحات اقتصادي واجتماعي السياسية وتم مجابهة المعارضة بكل قوة وعنف وذلك بغض النظر عن أي جانب أخلاقي في التعامل مع تلك المعارضة حيث وصل الامر الي إسقاط القنابل الكيماوية علي المواطنين من المعارضة وغيره بالإضافة الي استخدام كل الإمكانيات المادية العسكرية في سبيل الحفاظ على الكيان السياسي ونظام بشار الاسد مع وضع قضية حقوق الإنسان والاخلاقيات الاخرى جانبًا، وهذا التعامل متطابق فعلاً مع افتراضات الواقعيين.
خلاصة المنظور الواقعي في تفسير التنافس الأمريكي الروسي في الشرق الأوسط في متغير المصلحة القومية لكلا الطرفين وسعي كلا الطرفين لتحقيق مصالحة دون النظر الي أي اعتبارات أخري بالإضافة الي أن المنظور الواقعي يري أن النظام الدولي قائم على المصالحة القومية، والسلام والتعاون الدولي هو مجرد فكرة مثالية لا تتجسد على أرض الواقع، والعلاقة بين القوة والمصلحة القومية هي علاقة ترابطية وتلازميه كما أن المصلحة الوطنية أو القومية من القيم الأساسية في صنع القرار على مستوي السياسة الخارجية.
تفسير نظريه الدور للتنافس الأمريكي الروسي:
نشأت نظريه الدور في ظل علم الاجتماع لتحليل سلوك الفرد في المجتمع وبسبب النجاح الذي حققته انتقلت الي علم السياسة وذلك لتفسير الظواهر السياسية ،تساعدنا نظرية الدور في فهم السياسات الخارجية للقوة الدولية تجاه منطقة الشرق الأوسط من خلال تفسير الأدوار التي تريد القوة الدولية لعبها في منطقة الشرق الأوسط وأيضا تساعدنا في فهم وتفسير مواقف القوة الدولية تجاه قضايا منطقة الشرق الأوسط وتحديداً الازمات والصراعات الدائرة في الشرق الأوسط حيث ساعدتنا نظرية الدور في فهم وتفسير الدور الذي تلعبه روسيا في الازمة السورية وتفسير أهدافها من وراء هذا الدور وكذلك الدور الأمريكي.
تعريف الدور “مجموعة من الوظائف الرئيسية التي تقوم بها الدولة في الخارج عبر فترة زمنية طويلة، وذلك في إطار تحقيق أهداف سياستها الخارجية”[13]
بينما عرف (كال هولستي) بأنه “تعريفات صناع القرار للأنواع العامة للقرارات والالتزامات والقواعد والسلوكيات التي تصدر عن دولهم، وللوظائف التي ينبغي على أية دولة أن تؤديها على أساس مستمر سواءً في النظام الدولي أو النظام الإقليمي الفرعي”
تعتمد نظرية الدور على متغيرات أساسية وهم كالاتي:
مصادر الدور: وذلك من خلال خصائص الدولة ومقوماتها المادية والغير مادية أي مؤهلات الدولة التي تساعدها في لعب دور دولي أو إقليمي مؤثر أي مدي ما تمتلك الدولة من مقومات وإمكانيات.
تصور الدور: ويرتبط هذا بمدي رؤية وتصور صناع القرار لدورهم سواء كان الدور إقليميا أو دوليا ، امتلاك الدول المقومات والامكانيات سواء المادية أو الغير ماديه ليس شرطاً أن تودي الدولة دور فعال علي الصعيد الدولي حيث تري نظرية الدور أنه يجب علي صانع القرار أن يكون لدية خبره وإمكانيات وإرادة القيادة حيث تري لهذه العوامل تأثير في تحديد سلوك الدولة علي المستوي الخارجي وذلك لأنه الدور يعتمد علي مدي رؤيه وتصور صانع القرار لدور الدولة علي الصعيد الدولي أو الإقليمي وذلك من خلال تقييم صانع القرار لقدرات وإمكانيات الدولة سواء المادية أو الغير مادية حتي لا يتخطى هذه القدرات والامكانيات فيعرض دولته للخسارة ،أيضا يعتمد الدور علي تهيئة صانع القرار للبيئة الخارجية وذلك حتي يتم قبول الدور عندما يدخل في مرحلة التنفيذ أي أداء الدور.
أداء الدور: هي مخرجات السياسة الخارجية من قرات وسلوكيات، وتعتمد على درجه فاعلية الأداء.
خلاصة القول نظريه الدور تساعدنا في فهم السياسة الخارجية لكل من الولايات المتحدة الامريكية وروسيا تجاه منطقة الشرق الأوسط بالإضافة الي فهم الأدوار الذي تلعبها الولايات المتحدة الامريكية وروسيا في الازمة السورية وأزمات الشرق الأوسط عموما ومعرفة دوافع الطرفين لتدخلهما في الشرق الأوسط والازمة السورية.
المبحث الثالث: التنافس الروسي الأمريكي في الشرق الأوسط رؤية تاريخية تحليلية
تعد منطقة الشرق الاوسط من الاهمية بمكان ،فقد أصبحت منذ نهاية الحرب العالمية الاولي من المناطق ذات الاهمية الكبري في اعتبارات واهتمامات الدول الكبري وهذا أدي بدوره الي وقوع المنطقة في أزمات متعددة وانقسامات عميقة أصابت المنطقة وذلك نتيجة لاحتواء منطقة الشرق الاوسط علي كميات هائلة من الثروة النفطية والغازية فمثلا تحتوي المنطقة علي ما يقارب من ٧٠ % من احتياطي البترول العالمي بالإضافة أن المنطقة تحتل المرتبة الثانية عالمياً من حيث احتياطات الغاز الطبيعي وهذا جانباً الي جنب مع موقعها الاستراتيجي الهام الذي يربط الشرق بالغرب بالإضافة إلي أنها يتواجد في المنطقة أهم الممرات المائية التي تمر عبر طرقه اغلب التجارة الدولية فمثلا يمر من مضيق هرمز قرابة ٤٠% من تجارة النفط الي العالم.
وفي ظل ما شهده النظام الدولي من تحولات سياسية منذ نهاية الحرب الباردة والتي تمثلت في انهيار الكتلة الشرقية والمنظومة الاشتراكية والتحول الي نظام الأحادية القطبية بقيادة الولايات المتحدة الامريكية وطموحها في السيطرة علي العالم ونتيجة لهذه التحولات ظهرت مشاريع قديمة وجديدة تم إعادة طرحها بشكل يتناسب مع هذه التغيرات الدولية الجديدة وباعتبار ان المنطقة الشرق الأوسط من المناطق الاستراتيجية في العالم فقد كانت أكثر المناطق في العالم تأثيراً بهذه التحولات وكان لهذه المشروعات طابعاً عسكرياً وسياسياً و اقتصاديا وقد ازداد اهتمام الدول العظمي بالمنطقة خاصة بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001م وسنتناول التأصيل التاريخي للتنافس الأمريكي الروسي في منطقة الشرق الأوسط من خلال مرحلتين هما:-
- أولاً: التنافس الأمريكي الروسي في منطقة الشرق الأوسط في مرحلة الحرب الباردة.
- ثانياً: التنافس الأمريكي الروسي في منطقة الشرق الأوسط في مرحلة ما بعد الحرب الباردة.
أولاً: التنافس الأمريكي الروسي في منطقة الشرق الأوسط في مرحلة الحرب الباردة: –
كان التنافس الذي بدأ عقب انتهاء الحرب العالمية بين الولايات المتحدة الامريكية والاتحاد السوفيتي يجعل من المستحيل أن تتجنب المنطقة الانجرار الي الحرب الباردة وكان عدم الاستقرار الملازم للنظام السياسي في أغلب دول الشرق الأوسط إبان خروجها من الإمبريالية شديداً الي درجة دفعت أغلب دول المنطقة الي البحث بسرعة في خارج المنطقة عن الحماية والسلاح وكانت تبحث عن شكل من الدعم بديلا عن الدعم البريطاني السابق ومن هنا كان الظهور العسكري والسياسي الأول في منطقة الشرق الأوسط للولايات المتحدة الامريكية ثم للاتحاد السوفيتي تحت مسمي توفير الحماية وبيع السلاح ،وقد ولت القواعد الكبيرة والمعاهدات الغير متكافئة واصبح التدخل العسكري المباشر والاعتداء علي سيادة الدول نادراً وخطر ولا يتم اللجوء اليه من دون الاستعانة بحلفاء في المنطقة.[14]
كانت الولايات المتحدة الامريكية والاتحاد السوفيتي يعتمدوا بشكل أساسي علي توافر المدخل العسكري بمعني الوكلاء المتمثلين في الدول والتجمعات الحليفة وحركات التمرد التي تبيع لها السلاح بالإضافة الي إدخال أشكال متعددة من النفوذ العسكري الي المنطقة ومن الجدير بالذكر أنه في معظم الأحيان كان يتم هذا بشكل غير مباشر أي نقل الامدادات العسكرية والسلاح والمهارات والتقنيات العسكرية بالإضافة الي المعونات الاقتصادية لأغراض تتصل بالأمن وذلك في محاولة لإقامة توازن قوي في المنطقة وكانت هذه الإمدادات تصل الي دول المنطقة وخاصة الدول ذات الثقل الإقليمي حيث كانت القوتين العظمتين ترغبان في تحويل القوي الإقليمية الي وكلاء عسكريين محليين وأبرز هذه الدول دول المواجهة في الصراع العربي الإسرائيلي بالإضافة الي الدول الإسلامية الغير عربية.
ويجدر علينا أن نذكر أن انعدام الاستقرار في المنطقة واحتكار إسرائيل لصناعة السلاح المتطور وعدم وجود دول تستطيع تصنيع الأسلحة المعقدة واستخدامها كان من اسباب الطلب الشديد والكثير علي كل أشكال الامدادات العسكرية للدول بعينها من الجدير بالذكر ايضاً ان في بعض الحالات كانت هذه الامدادات العسكرية ذات طابع رمزي يقصد منها طمأنة الحكومات أو ردع الخصوم من خلال الاستناد الي أحد القوي العظمي أو إقامة توازن علي الورق ،لأغلب الدول المنطقة ارتضت بوجود بالالتزامات عسكرية ولكن لم ترغب في أن تتعدي هذه الالتزامات الي درجة الوجود العسكري الخارجي الدائم علي أرضيها ولم تكن القوي العظمي ايضاً تريد توسيع التزاماتها العسكرية وتورطهما في نزاعات عسكرية مكلفة ولكن المحصلة النهاية نري أن الدولتين الكبرتين استخدام قواتهما العسكرية الخاصة لدعم أهادفهما السياسية والعسكرية في الشرق الأوسط.[15]
ويمكننا تلخيص أبرز المصالح والاهداف الاستراتيجية للولايات المتحدة الامريكية في الشرق الأوسط أبان الحرب الباردة: –
كانت تهدف السياسة الخارجية للولايات المتحدة الامريكية في هذه الفترة الي الإبقاء علي ميزان الاستراتيجي بين القطبين في المنطقة في وضع يميل الي صالحها بقدر الإمكان ويحول دون ميل هذا التوازن في صالح الاتحاد السوفيتي وسعت الي تحقيق ذلك من خلال تدعيم وجودها العسكري بصورة شبة دائمة وذلك لكي تضمن الولايات المتحدة الامريكية استمرارية التسهيلات العسكرية التي تحصل عليها في المنطقة بالإضافة الي محاولة إقامة خطوط دفاعية متقدمة لها في المناطق المتاخمة للاتحاد السوفيتي وذلك لكي تجبره علي الدفاع من داخل الأراضي السوفيتية ، بالإضافة ان الولايات المتحدة الامريكية سعت الي دعم التفوق الاستراتيجي لإسرائيل باعتبارها الأداة الاستراتيجية الامريكية في المنطقة وباعتبارها عنصراً من عناصر الردع للدول ذات الثقل الإقليمي.
بالإضافة أن الولايات المتحدة الأمريكية أرادت تدعيم تعاونها العسكري مع دول المنطقة من خلال معاهدات الدفاع المشترك مع قوات دول المنطقة والترتيبات الدفاعية الإقليمية وذلك من خلال إجراء المناورات المشتركة الامداد بالخبراء العسكريين كل ذلك من أجل محاصرة النفوذ السوفيتي والحيلولة دون انتشاره والعمل علي تقليصه وتصفيته ضف الي ذلك ان الولايات المتحدة الامريكية سعت الي إحكام سيطرتها علي الممرات الملاحية والمضائق ذات الأهمية الاستراتيجية وذلك في محاولة للسيطرة علي أي منافذ يمكن أن تنتشر من خلالها القوات السوفيتية في المنطقة بالإضافة الي تضييق الخناق علي الاسطول السوفيتي ضف الي ذلك سعي الولايات المتحدة الامريكية الي فرض إرادتها علي دول المنطقة حيث سعت الي تأديب القوي الإقليمية التي تخرج عن إطار ما ترسمه الولايات المتحدة الامريكية وتعرض مصالح الغرب لتهديد الحقيقي وأبرز شاهد علي ذلك هو ما فعلته مع جمال عبد الناصر عام 1967م، وضف الي ذلك أنها سعت الي الاستفادة من الصراعات الإقليمية في زيادة مبيعات الأسلحة الي دول المنطقة ، ولكن يجدر علينا أن نذكر أن أهداف ومصالح الولايات المتحدة لا تقتصر علي المصالح والأهداف العسكرية فقط بل كان لها العديد من المصالح والاهداف الاقتصادية وأهم هذه الأهداف ضمان إستمرار تدفق البترول اليها والي حلفائها الأوروبيين والحيلولة دون وقوعه في قبضة السوفييت والعمل علي إزالة كافة العقبات التي قد تحول دون وصول البترول الي دول العالم الغربي المستوردة له وبالأخص تأمين حركة الملاحة والسيطرة علي النظم السياسية داخل هذه الدول والحيلولة لعدم حدوث إضطرابات سياسية أو إنقلابات في الدول المصدرة للبترول وذلك منعاً لتهديد عمليات استخراج البترول أو تصديره.
بالإضافة الي ذلك سعت الولايات المتحدة الامريكية الي ربط اقتصاديات دول المنطقة بالنظام الرأسمالي العالمي وذلك من خلال المساعدات الاقتصادية التي قدمتها للدول المنطقة حيث كان الهدف الاسمي من هذه المساعدات التأثير في الهياكل الإنتاجية بهدف دعم القطاع الخاص وبناء نظم اقتصادية تقوم على أسس رأسمالية بالإضافة أن المؤسسات الاقتصادية الدولية ساعدت في ذلك. ضف الي ذلك المصالح والاهداف الثقافية المتمثلة في نشر الأيدلوجية الليبرالية وفرض التصور الايدلوجي الغربي علي دول وشعوب المنطقة مواجهة الدعاية والأيدولوجيات السوفيتية تحت شعار التصدي للخطر الشيوعي.
ويمكننا تلخيص أبرز المصالح والاهداف الاستراتيجية للاتحاد السوفيتي في الشرق الأوسط أبان الحرب الباردة: –
يمكننا القول أن منطقة الشرق الأوسط نعتبر المنطقة الرخوة في الجسد السوفيتي حيث نجد أن غالبية محاولات الغزو التي تعرض لها الاتحاد السوفيتي كانت عن طريق الشرق الأوسط بالإضافة الي تمدد الفكر الإسلامي المعادي والمناوئ للأفكار الشيوعية ولكن هناك مجموعة من المصالح الذي أعتبرها الاتحاد السوفيتي إبان الحرب الباردة في غاية الأهمية وأولها الوصول الي المياه الدافئة وفك الحصار الأمريكي الغربي للمضائق ذات الأهمية الاستراتيجية للاتحاد السوفيتي إذ يفتقر الاتحاد السوفيتي الي المنافذ المطلة علي البحار الصالحة للملاحة ويفتقر الي الوصول الي البحار المفتوحة لذلك سعي الاتحاد السوفيتي الي تحسين علاقاتهم بالدول التي تتحكم في طرق التجارة الدولية مثل مصر وإيران وتركيا.[16]
ثانياً سعي الاتحاد السوفيتي الي تأمين وجوده العسكري في محيط المنطقة بشكل دائم وذلك في ظل عدم إمكانية ضمان اجتياز الاسطول السوفيتي لتلك الممرات البحرية وخاصة في أوقات الازمات الدولية وقد تمثل في حصول الاتحاد السوفيتي على قواعد وتسهيلا عسكرية وأبرز هذه التسهيلات هو وجود القوات السوفيتية في بعض الجز في المحيط الهندي مثل جزيرة سيشل وموريشيوس هذا الي جانب بعض القواعد والموانئ الاستراتيجية مثل موانئ اللاذقية وطرطوس في سوريا. سعي الاتحاد السوفيتي الي كسر الحزام الغربي الذي فرضته الولايات المتحدة الامريكية في مرحلة الحرب الباردة وذلك من خلال إبعاد مصادر التهديد الغربي عنهم من خلال إقامة مناطق نفوذ سوفيتية على امتداد الحدود السوفيتية أو على الأقل ضمان عدم إقامة الغرب الاي قواعد عسكرية معادية من القرب من الحدود السوفيتية.
ضف الي ذلك سعي الاتحاد السوفيتي الي تطويق حلف شمال الاطلنطي من الناحيتين الشرق والجنوب حيث سعي الاتحاد السوفيتي الي إحاطة المنطقة الشرق الأوسط وذلك في محاولة السيطرة على بعض المناطق المتواجدة في شمال إفريقيا ووسطها وأبرز دليل علي مدي خطورة هذه المنطقة وما تشكله من تهديد على دول التحالف الغربي في حالة نجاح السوفييت في إحكام هيمنهم على الشرق الأوسط ومنطقة شمال إفريقيا هو سعيهم الحثيث الي إقامة حلف موال للغرب في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا باعتبار هذه المناطق الجناح الجنوبي لحلف الناتو.
فيما يخص المصالح الاقتصادية تبني الاتحاد السوفيتي ما يعرف ب (إستراتيجية الحرمان) وذلك بالرغم أن الاتحاد السوفيتي كان يتمتع بقدر كبير من الاكتفاء الذاتي من مصادر الطاقة ولكن تبني هذه الاستراتيجية من أجل حرمان الدول الرأسمالية من المصدر الرئيسي للطاقة وهو الشرق الأوسط بالإضافة أن الاتحاد السوفيتي سعي جاهداً في هذه الفترة الي ربط الاقتصاديات المنطقة بالمنظومة الاشتراكية وذلك من خلال إبرام الاتفاقيات التجارية وإقامة المشروعات الاقتصادية الضخمة في دول المنطقة، علي المستوي السياسي سعي الاتحاد السوفيتي الي خلق محاور سياسية ذات اتجاهات مناوئة للولايات المتحدة والدول الغربية وذلك لتهديد أمنهم واستقرارهم وسعت الي تحقيق ذلك من خلال إقامة نظم حكم مستقرة موالية للنفوذ السوفيتي وذلك من خلال تقديم الدعم السياسي والعسكري والاقتصادي للدول الحليفة في المنطقة ضف الي ذلك أن الاتحاد السوفيتي عمل علي منع أيه محاولات لقيام أي شكل من أشكال الوحدة الإقليمية بين دول المنطقة أو قيام أي تحالفات عسكرية فيما بينهم وذلك تخوفاً من تهديد مصالحهم والتاريخ خير شاهداً علي عداء السوفييت لاي وحدة إقليمي في الشرق الأوسط حيث قديماً عملت روسيا علي تفتيت الإمبراطورية العثمانية وتصدت لمحاولات محمد علي في توسيع حدود الدولة المصرية كذلك تبني الاتحاد السوفيتي موقفاً متحفظاً إزاء تكوين جامعة الدول العربية عام 1945م ونددوا بإنشائها واعتبروها أداة في يد بريطانيا والولايات المتحدة الامريكية والغرب هذا الي جانب الأهداف الايدلوجيا حيث سعي الاتحاد السوفيتي الي نشر المبادئ الشيوعية في دول المنطقة مستغلة في هذا الشأن معاناه العديد من الشعوب في المنطقة من الكثير من المشكلات الاقتصادية والاجتماعية.
ثانياً: التنافس الأمريكي الروسي في منطقة الشرق الأوسط في مرحلة ما بعد الحرب الباردة: –
فمنذ انتهاء الحرب الباردة نهاية ثمانينيات القرن الماضي، اصبحت المنطقة واقعة تحت التأثير الأمريكي بحكم تفكك الاتحاد السوفيتي، وبقصد ضمان تفوقها العالمي فقد استخدمت الولايات المتحدة استراتيجيات مختلفة لضمان المحافظة على نفوذها في المقابل كانت روسيا وريثة الاتحاد السوفيتي تسعى بجهود عدة إلى استرجاع جزء من قدرتها التأثرية في الشرق الأوسط، وهو ما بدي واضحا منذ عام 2000م باعتبار أن المرحلة بين 1991م الي عام 2000م هي مرحلة الاستفاقة من صدمة تفكك الاتحاد السوفيتي ثم إعادة هيكلة النظام الدولي وبدأت رئاسة الرئيس بوتين بالعودة الي مناطق النفوذ التقليدية.[17]
لقد أضحي واضحاً في مرحلة التسعينيات من القرن المنصرم التغيير الواضح في المفاهيم والقضايا التي كانت تتضمنها التفاعلات الدولية أبان الحرب الباردة[18] الذي انتهت بانهيار الاتحاد السوفيتي ، فحل مفهوم التنافس بين الدول بدلا من مفهوم الصراع ومن ثم تغيرت العلاقات الامريكية الروسية لتصبح قائمة علي أساس التنافس وليس قائم علي الصراع الأيديولوجي ،فقد تبنت الدولتان أسلوب عقد التحالفات الاقتصادية والسياسية والعسكرية وذلك لتحقيق الأهداف المرجوة ومن ثم أصبحت المنطقة مسرحاً لهذه التحالفات فمثلا الولايات المتحدة الامريكية طرحت مشروع الشرق الأوسط الكبير عقب إعلانها الحرب علي الإرهاب في أعقاب هجمات 11 سبتمبر 2001م وذلك لفرض هيمنها المنطقة من الجدير بالذكر أن أن إعلان عن (مشروع الشرق الأوسط الكبير ) جاء في قمة مجموعة الثماني بولاية جورجيا الامريكية وأرادت الولايات المتحدة من هذا المشروع ترتيب خارطة التوازنات في الشرق الأوسط بما يخدم مصالح الولايات المتحدة الامريكية وحالفتها المقربة إسرائيل وقد صممت إدارة بوش علي أن تحتكر تحديد مصادر التهديد وهددت أن من ليس معنا فهو علينا وانهم يدخل في خانة دعم الإرهاب والتستر علية كما هدفت الولايات المتحدة من هذا المشروع الي إسقاط الأنظمة العربية المعادية لإسرائيل أو إضعافها وتفتيتها الي دويلات طائفية وعرقية وذلك لحفظ التفوق الإسرائيلي وتسهيل إقامة دولة إسرائيل وما كان الحرب الاستباقية علي العراق وأفغانستان سوي لتنفيذ الخارطة السياسية للشرق الأوسط الكبير، اما بالنسبة لروسيا الاتحادية سعت الي استعادة دورها في منطقة الشرق الأوسط فمع تولي يفجيني بريماكوف رئيسا وزراء روسيا في التسعينات كان دور روسيا يتناسب الي حد كبير مع قوتها وقدرتها ومع ذلك كان هذا الدور منافسا للدور الأمريكي في المنطقة واستطاعت روسيا تحقيق أهداف جيوسياسية مهمة بالنسبة لها ومع تولي الرئيس فلاديمير بوتين حكم روسيا الاتحادية أصبحت الاستراتيجية الروسية تعمل علي تعميق التحالفات الاقتصادية والسياسية والعسكرية مع دول المنطقة وشهدت المنطقة نشاطاً دبلوماسيا ملموس من قبل القادة الروس ومن ثم بدأت المنطقة تشهد منافسة جدية بين سياسة الولايات المتحدة الامريكية والسياسة الروسية وهذا المنافسة وصلت الي ذروتها بعد ثورات الربيع العربي.[19]
الفصل الثاني: – الشرق الأوسط في الاستراتيجية الروسية والأمريكية بعد ثورات الربيع العربي (2011-2020م) |
المبحث الأول: الاستراتيجية الروسية تجاه دول المنطقة بعد ثورات الربيع العربي: –
أكدت أحداث السنوات الماضية أن صفحة “الحرب الباردة” لم تنطو تمامًا، وأن التنافس والتجاذب والتنازع هو السائد في علاقات الولايات المتحدة وروسيا، أقله بالنسبة للزعيم الروسي الطموح فلاديمير بوتين، الذي يُحاول بتصرفاته ومواقفه إشاعة انطباعات مفادها أن روسيا، في عهده تخطّت عتبة الصدمة، التي أعقبت انهيار، أو تفكك الإمبراطورية السوفييتية، وأنها تتحفز للثأر لذاتها، واسترجاع بعض ماضيها التليد، من الجدير بالذكر أن إستراتيجية الدولة الروسية شهدت تغييرا جذريا في أهداف ودوائر التحرك والمناطق الجغرافية بدءا من 2012 وحتى منتصف عام 2020 لعملها ونشاطها علاوة على الأدوات المستخدمة في تنفيذ هذه الاستراتيجية سواء القوة الصلبة أو القوة الناعمة والقوة الذكية في التنفيذ والأهداف والمصالح والخطط والبرامج المتعلقة بالاستراتيجية الروسية الجديدة.[20]
حيث يمكننا القول أن العقد المنصرم شهد تنامي ملحوظاً للدور الروسي في منطقة الشرق الأوسط، فقد فرضت روسيا نفسها كفاعل رئيسي في المنطقة لا يستهان به و مع تداعيات الربيع العربي استشعرت روسيا أن الثورات العربية قد تنتج تغيرات جيوإستراتيجية في المنطقة قد لا تتناسب مع تنامي طموحاتها في الإقليم لذلك تبنت روسيا مواقف مختلفة إزاء كل حدث وحالة في دول الربيع العربي فمثلا إبدت روسيا مواقف مناوئة لتغيير النظم في مصر وليبيا وبفاعلية أكبر في سوريا مما جعلها اللاعب الأبرز في الازمة السورية ، ومع تطور الاحداث وتعاقبها كشفت الازمة عن السياسة الروسية حيث بدا التوجه الروسي يتخذ من الازمة السورية منطلقاً له وذلك لتكون هناك فرصة تدريجياً لكي يتوسع النفوذ الروسي في المنطقة ولتأسيس حضور قوي وفاعل في منطقة الشرق الأوسط حيث استطاعت روسيا من خلال مواقفها المغاير للتوقعات في الازمة السورية أن دحضت الاعتقاد السائد منذ أزمة الخليج الثانية عام 1990م وحرب الولايات المتحدة الامريكية علي العراق 2003م بأن روسيا لم تعد قادرة عي مساندة حلفائها أو ممارسة أي نوع من التأثير في قضايا المنطقة وأن الولايات المتحدة الامريكية هي الممسك بزمام الأمور والفاعل الوحيد في الشأن الدولي والإقليمي. اتسمت السياسة الخارجية الروسية في الشرق الأوسط، خلال ثورات الربيع العربي، بسمات رئيسة عدة، منها كونها سياسة عملية وواقعية، ضف الي ذلك أن السياسة الروسية تجاه الشرق الأوسط تميل الي تفضّيل الاستقرار في المنطقة العربية، والاعتماد على الاستثمار الذي تقدّمه تحالفاتها وعلاقاتها مع الأنظمة العربية المتقادمة.[21]
لقد أربكت ثورات الربيع العربي بانفجارها المفاجئ، وانتشارها السريع وشموليتها لدول لم تتوقع أن تنالَها رياح التغيير، حساباتِ القوى الكبرى سواء على المستوي الإقليمي أو على المستوي الدولي، غيرَ أنّ الموقف الروسي لم يرتبك كثيرًا، إذ أيّدت روسيا الأنظمة بشكلٍ شبه كامل، مع الحثّ على إصلاحات وحوار بين الحكومة والمعارضة، ورفضت رفضاً قاطعاً للتدخُّل الدولي في شئون الدول العربية غير المستقر أنظمتها السياسية.[22]
يمكننا القول إن موقف روسيا من ثورات الربيع العربي يرتكز على العديد من الدوافع والاهداف ويمكننا توضيحها في النقاط التالية[23]: –
- أولاً تتخوف روسيا من انتقال عدوى الثورة إلى أراضيها وذلك لأنه كما ذكرنا الشرق الأوسط متقارب جغرافياً من روسيا؛ خاصة أنّ هذا الحراك الثوري يؤثّر مباشرة في الواقع الداخلي للدولة الروسية، بسبب تشابه الدوافع في الداخل الروسي مع واقع التجربة العربية، وفي هذا السياق حثت روسيا العديد من الدول الاسيوية علي تحسين مستوى معيشة السكان، وتطوير التعليم والعمل على مشاركة الشباب في الحكومات وذلك إجراءات استباقية؛ خشية انتقال عدوى الحراك الثوري الي هذه الدول.
- ثانياً لا ترغب روسيا في وصول تيارات إسلامية أصولية الي حكم الدول العربية وذلك لأنها تري أنه، قد تدفع هذه التيارات الاسلامية باتجاه إنشاء بيئة اقتصادية وإسلامية تهدّد جيرانها في القوقاز وآسيا الوسطى، فضلاً عن أنّ تعاطي روسيا مع الحراك الثوري العربي يأخذ في الحسبان الوزن الديمغرافي والاقتصادي للمسلمين فيها فتري روسيا أن هذا قد يهدد مصالحها وأهدافها في الشرق الأوسط.
- ثالثاً روسيا لها العديد من مناطق النفوذ الاستراتيجية وذلك في ظل الأنظمة السياسية العربية القائمة لذلك كانت روسيا دوما تسعي الي حماية مناطق مصالحها ونفوذها والدفاع عن الوضع القائم والوقوف ضد أي تغيير قد يؤدي الي تهديد مصالحها ونفوذها في ضوء سعي الولايات المتحدة الامريكية ودول الغرب لاختراق هذه المنطقة والهيمنة عليها ضف الي ذلك أن إذا نجحت الدول الغربية في اختراق هذه المنطقة وانفردت بهيمنتها سوف يكون هناك تهديداً للمصالح السياسية والعسكرية والاقتصادية الروسية في عدد من الدول العربية، إذ تمتلك روسيا علاقات سياسية قوية مع بعض الدول العربية، فضلاً عن المصالح والاستثمارات الاقتصادية والتعاون العسكري والتقني والتي تقدر بمليارات الدولارات.
تبنت روسيا مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول المنطقة ، وهذا المبدأ كان توجّهًا عامًّا حكم السياسة الخارجية الروسية منذ تفكك الاتحاد[24] السوفيتي وسعت الي تحقيق مصالحها وحمايتها عن طريق توثيق علاقاتها مع الدول العربية والتعاون والشراكة معها، والابتعاد عن مفهوم الهيمنة أو التدخل المباشر في الشئون الداخلية للدول المنطقة ومن جانب دول المنطقة فقد بدت روسيا بالنسبة لهم شريكاً محترماً لا يتدخل في الشأن الداخلي ولا يتلاعب باستقرار دول المنطقة ولا يستغل الاختلافات العرقية والمذهبية والدينية داخل دول المنطقة لتحقيق مصالحه علي حساب أمنها أو الامن والاستقرار الإقليمي الا أن موقفها تجاه الازمة السورية كان مختلفا حيث لم تتدخل روسيا في مسار هذه الثورات الافي الحالة السورية وذلك بسبب التهديد التي شكلته الازمة علي المصالح الروسية ، وسنستعرض في الأجزاء القادمة من المبحث المواقف الروسي من ثورات الربيع كل حاله علي حداها:-
- أولاً: موقف روسيا تجاه الثورة في ليبيا: –
كانت المواقف الروسية من الثورة الليبية ممانعة تجاه المتغيرات الجديدة، وصرحت موسكو في مناسبات عديدة أنها لن توافق على أي قرار دولي بشأن ليبيا لأنها تخشى أن يؤدي أي تدخل عسكري إلى إغراق البلاد في حرب أهلية. حاولت روسيا منع صدور قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1973، الذي فرض منطقة حظر طيران فوق ليبيا، وكذلك عقوبات على نظام القذافي، بالامتناع عن التصويت لصالح القرار، لكنها لم تتمكن من ذلك (البعض). يقولون إنها أساءت تقدير الموقف الغربي)؛ بالإجماع الدولي ولأنه تم وفقاً لمبدأ التدخل الإنساني وحماية المدنيين، واضطرت روسيا لاحقًا إلى إعلان التزامها بها ولم تقطع العلاقات مع الحكومة الليبية مقابل انتقادها والتشكيك في قدرات خصومها ونواياهم. وهاجم بوتين ميدفيديف لفشله في استخدام حق النقض (الفيتو) لمنع إصدار القرار الدولي المذكور، واصفا إياه بأنه “معيب وخاسر، يذكرنا بدعوات العصور الوسطى لحملات صليبية، ويسمح بالتدخل في شؤون دولة ذات سيادة”. بدلاً من ذلك، اعتبر عمليات الناتو “في الواقع حملة صليبية”، ورد عليها ميدفيديف* ” من غير المقبول ولا يغتفر مطلقًا استخدام التعبيرات التي تؤدي إلى صراع الحضارات، مثل الحروب الصليبية ” وهناك يبدو التناقض في المواقف الروسية بشأن الازمة الليبية على مستوي التصريحات.[25]
وفي العموم تعاملت روسيا مع الازمة الليبية من خلال مجموعة من الثوابت أولها رفض التدخل العسكري في الشأن الداخلي الليبي من جانب الدول الغربية ثانياً دعم الانتقال الي دولة ليبية قوية لها مؤسسات فاعلة وأن تمتلك ليبيا جيش نظامي موحد ومجهز لأنه ذلك يضمن مصلحة الليبيين والامن الإقليمي في المنطقة العربية ثالثاً سعت روسيا الي الإبقاء علي أكبر قدر ممكن من التوان في علاقاتها مع الأطراف الليبية المختلفة حيث لم تنحاز روسيا الي أي طرف من أطراف الازمة الليبية حتي تبلورت القوي السياسية في ليبيا في طرفين هما المشير خليفة حفتر ويدعمه برلمان طبرق من جهة وحكومة الوفاق من جهة بقيادة فايز السراج ومن الجدير بالذكر أن حكومة الوفاق الوطني تحظي بتأييد كبير من جانب الدول الغربية و في مقدمتها واشنطن ، ولكن من خلال العديد من المناسبات والزيارات نري أن موسكو تميل الي المشير خليفة حفتر حيث تم استقبال المشير خليفة حفتر أكثر من مرة في موسكو أهمها كانت في نوفمبر2016 وفي أغسطس 2017م كما قامت روسيا بإصدار حوالي اربعه ملايين دينار ليبي لصالح حكومة طبرق وهذا إثار احتجاجات من جانب البنك المركزي الليبي في طرابلس التابع لحكومة الوفاق.
وقد أثار تقارب المشير خليفة حفتر مع موسكو العديد من التفسيرات أبرزها أن من الممكن اعتبار حفتر الذراع العسكري ورجل موسكو ولكن هذا التفسير مستبعد وذلك لأنه روسيا لن تغامر بالتورط العسكري في ليبيا وذلك لأنه سوف تفتح جبهتين عليها وأن ذلك سيؤثر علي قدرتها علي التركيز في الملف السوري وخاصة أنها لم تحسم بعد المعارك في سوريا ولم تقضي تماما علي التنظيمات الإرهابية بالإضافة أن ليبيا لا تمثل الأهمية الاستراتيجية التي تمثلها سوريا بالرغم من أن روسيا فقد مليارات الدولارات في الاتفاقيات العسكرية والتقنية التي عقدتها مع القذافي حيث خساره روسيا تمثّلت في فقدانها عقدًا لتوريد أسلحة بمبلغ 1.8 مليار دولار، جرى التوقيع عليه في كانون الثاني/ يناير 2010 ، وعقود أخرى افتراضية نُوقشت مع النظام الليبي السابق، تتعلّق ببيع طائرات حربية وأخرى للنقل العسكري ومنظومات للدفاع الجوّي بمبلغ 4.5 مليار دولار، كما أنّ شركة السكك الحديدية الروسية فازت بمناقصة لبناء خط سكك حديدية سريع في ليبيا بمبلغ إجمالي قدّر ب 2.2 مليار يورو عام 2008م كل هذه الاتفاقيات أصبحت حبر علي ورق بعد الإطاحة بنظام القذافي.
وكان من الملائم لروسيا العمل على المسار الدبلوماسي نحو وفاق وطني في ليبيا كبديل أمثل لها بالإضافة أن روسيا دائما تدعوا الي التوافق بين القوي الليبية وتدعو الي وحدة ليبيا وتشكيل حكومة واحده تضم كل الأطراف السياسية المتنازعة في ليبيا وقد أكد وزير خارجية روسيا في أكثر من مناسبة احترام روسيا لاتفاقية الصخيرات التي عقدت في 2015م واعتمادها كمرجعية أساسية للتسوية الازمة الليبية ضف الي ذلك روسيا لم تشارك بأي شكل من الاشكال في دعم تحركات الجيش الليبي عقب إعلان المشير خليفة حفتر عن عملية تحرير طرابلس ودعا الكرملين في أكثر من مناسبة الي تجنب ليبيا مزيداَ من إراقة الدماء وشدد علي ضرورة التوصل الي تسوية بالوسائل السلمية.
- ثانياً: الموقف الروسي تجاه الثورة في مصر ودوافع التوجهات الروسية لها: –
أطلق الساسة الروس تصريحات حذرة، مع بداية الثورة المصرية، تعبّر عن عدم رضاهم وانتقادهم لما يجري من حراك احتجاجي، وعن الخشية ممّا تحمله الثورة من متغيرات ،إنّ المواقف الرسمية الروسية وحسب تصريحات المسؤولين الروس ، أكّدوا أكثر من مرة ثبات موقف روسيا تجاه تأييد تطلّعات الشعب المصري نحو حياة أفضل في ظلّ الحرية والديمقراطية بالإضافة أنّ روسيا بعد ثورة 25 يناير لم تسعي إلى التدخل في الشأن المصري، أو ممارسة الضغوط، أو المشروطية السياسية، أو حتى الابتزاز السياسي والإستراتيجي على صنّاع القرار المصريين لتحقيق مآرب إستراتيجية روسية، بل أنّ موسكو تتحيّن الفرص لاحتلال موقع واشنطن لدى مصر وقد نجحت موسكو في الآونة الأخيرة في إحداث طفرة في التعاون الاستراتيجي بينها وبين مصر .[26]
وقد شهدت العلاقات السياسية بين البلدين طفرة عقب ثورة 30 يونيو، تمثلت في زيارة وزيري الخارجية والدفاع الروسيين إلى مصر في نوفمبر 2013، وزيارة وزيري الخارجية والدفاع المصريين إلى روسيا في فبراير 2014، حيث تم عقد المباحثات السياسية بصيغة “2+2” بما يجعل مصر هي الدولة العربية الوحيدة التي تبنت موسكو معها هذه الصيغة التي تتبناها روسيا مع خمس دول كبرى هي الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا وإيطاليا والمملكة المتحدة واليابان ومن ثم هناك مجموعة من الدوافع و راء التوجهات روسيا تجاه مصر خلال مرحله ما بعد ثورات الربيع العربي وأولها تسعى روسيا إلى تنمية العلاقات مع مصر سياسياً وعسكرياً واقتصادياً بجانب تركيا وإيران بهدف استعادة روسيا لمكانتها ونفوذها وقوتها في المنطقة بعد أن فقدتها في العقود الأخيرة بعد انهيار الإتحاد السوفيتي في التسعينيات من القرن العشرين ونهاية الحرب الباردة وهذا ما دفع روسيا إلى إعادة تموضعها في أكثر من دولة من دول منطقة الشرق الأوسط وخاصة مع القوى الإقليمية المتمثلة في مصر وتركيا إيران وذلك لكي تزيد من نفوذها في المنطقة وتخلق لنفسها دورا فاعلا تستطيع من خلاله مواجه ومنافسة ومزاحمة الولايات المتحدة الامريكية والدور الذي تلعبه.[27]
ضف الي ذلك في ضوء العلاقات الروسية الأوروبية المتوترة والتي أدت الي زيادة رغبة روسيا في التمدد في مياه البحر الأبيض المتوسط حيث لم تيأس روسيا عندما رفضت مصر طلبها بخصوص إقامة قاعدة عسكرية جوية على سواحل البحر المتوسط غربي مصر وسعت الي تحقيق ذلك ولكن بطرق غير مباشرة وذلك من أجل محاصرة أوروبا جنوباً وقد نجحت روسيا من خلال اتفاقها مع مصر علي السماح للطائرات العسكرية الروسية باستخدام المجال الجوي المصري والقواعد الجوية وقد منح مشروع الاتفاق لمصر نفس الحقوق في استخدام المجال الجوي أو القواعد الجوية الروسية وليس واضحاً بتحديد ما هي الاستفادة التي تعود علي مر من هذا الاتفاق من استخدام المجال الجوي الروسي والقواعد الجوية الروسية ولكن يمكن تفسير ذلك بأن مصر حصلت علي وعود من روسيا بعوده السياحة والطيران من موسكو الي مطارات مصر وخاصة مطار شرم الشيخ بالإضافة الي الشروع في بناء محطة الضبعة النووية ضف الي ذلك أن روسيا تسعي الي استغلال البرود التي تتسم به العلاقات الامريكية المصرية وخاصة في الفترة الأخير وقد حققت روسيا العديد من النجاحات علي هذا المستوي وهذا يتضح من الاحصائيات حيث تم توقيع بعض الاتفاقيات في أواخر 2014م أبرزها صفقة الأسلحة الروسية التي تم توقيعها مع مصر والتي بموجبها تحصل مصر علي عدداً من الطائرات والصواريخ والمروحيات وتقدر هذه الصفقة بثلاثة ونصف مليار دولار كما حصلت مصر علي قرض من روسيا بمقدار 25 مليار دولار بفائدة 3% ، لذلك يمكننا القول أن روسيا لديها دافعها لتوجهها في تعزيز علاقاتها بمصر إذ تعتبر مصر أحد الركائز الأساسية في الشرق الأوسط ومن ثم فأن روسيا تسعي الي تنمية علاقتها العسكرية والسياسية والاقتصادية مع مصر وذلك لاستعاده نفوذها في المنطقة كما إنها تريد التمدد في المتوسط من خلال مصر بالإضافة إنها تسعي الي تحقيق مكاسي اقتصادية علي المدي البعيد وبالنسبة لمصر لم يكن إمامها غير روسيا كداعم دولي في عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي وذلك للسيطرة علي التصاعدات الداخلية في ظل توتر العلاقات بين الولايات المتحدة الامريكية ومصر وقيام الأخيرة بقطع المساعدات عنها كما أرادت مصر تنوع علاقتها مع القوي الدولية والإقليمية وذلك التنوع في مصادر التسليح للقوات المسلحة لذلك ارتأت مصر في روسيا الدولة التي تتناغم مع توجهاتها خلال هذه المرحلة.
- ثالثا: هيمنه روسيا على الملف السوري: –
منذ اندلاع الثورة السورية في آذار / مارس 2011، نظرت الحكومة الروسية إلى الوضع على أنه حكومة دمشق المتحالفة تواجه تحديًا من قبل مجموعة متنوعة من المتظاهرين وللحفاظ على دبلوماسية متوازنة، طالبت من النظام تحقيق توازن بين الحزم الحكومي والتنازلات للمعارضة و بعد العمليات العسكرية التي قادها حل الناتو في ليبيا وتفاقم الوضع في سوريا، أصدرت روسيا موقفًا سياسيًا واضحًا تجاه الحركة الثورية ومؤسساتها التمثيلية وسياسيين سابقين ومثقفين موالين للغرب، بما في ذلك المجلس الوطني السوري، والجيش السوري الحر واصفة إياها بجماعات متطرفة علاوة على ذلك ، أظهرت روسيا بوضوح دعمها السياسي والدبلوماسي والعسكري لنظام الأسد. لقد استخدمت حق النقض (الفيتو) أربع مرات، مما منع فعليًا إصدار أي قرار من مجلس الأمن الدولي يجيز التدخل الخارجي في الشؤون الداخلية لسوريا. واصلت إمداد الجيش السوري بالسلاح، ولا يبدو أنها ستسحب دعمها للنظام رغم الضغوط المستمرة من الولايات المتحدة والغرب وجامعة الدول العربية لرفع العقوبات المفروضة عليه، بسبب عدد من الاعتبارات السياسية والاقتصادية والجيواستراتيجية.[28]
أبرزت الأزمة السورية الدور الروسي المتصاعد والرئيسي في الشرق الأوسط، والذي اثبت قدرته على موازنة الدور الأمريكي والدول الإقليمية والدولية في المنطقة، كما اثبت قدرة روسيا على الحد من تجاوز الولايات المتحدة الأمريكية لمجلس الأمن، واتخذت السياسة الروسية من الأزمة السورية فرصة جد ملائمة لتأكيد عودتها لمصاف الدول الكبرى للساحة الدولية وعدم إلغاء دورها في السياسة الدولية حيث مع بداية الازمة أكدت موسكو علي أن ما يحدث في سوريا نزاع داخلي مسلح وحرب أهلية وأكدت علي أن التواجد لعشرات التنظيمات الإرهابية ومنها القاعدة وداعش لا يهدد سورية وحسب بل يهدد الامن الإقليمي والامن القومي الروسي وقد وظفت روسيا إداوتها العسكرية والسياسية والدبلوماسية علي النحو الذي جعلها الفاعل الأساسي والابرز في الازمة السورية.
فمثلا علي الصعيد العسكري مثلت بداء الضربات الجوية الروسية في 30 سبتمبر 2015م نقطه تحول في عوده الاستقرار النسبي في سوريا بعد أن كادت أن تتحول الي أفغانستان الشرق الأوسط بعد أن أصبحت تضم العشرات من التنظيمات الإرهابية المتناحرة في سوريا وبورة ينبع منها الإرهاب والمتطرفين وقد نجحت روسيا في ديسمبر 2017 تحرير كامل الأراضي السورية من مسلحي داعش والقضاء علي ما يقرب من 86 الف إرهابي من خلال 93 الف ضربة جوية في سورية تم من خلالها تدمير الالف من مواقع للتنظيمات الإرهابية تشمل مراكز قيادية وتدريبية وغيرها ضف الي ذلك أن موسكو لا تقتصر علي استخدام الأدوات العسكرية بل سعت الي توظيف إداوتها الدبلوماسية حيث تومن روسيا أن السبيل الوحيد لتسوية الازمة السورية هو المفاوضات لحل الخلافات بين الأطراف المتصارعة في الازمة للك نجد روسيا أطلقت العديد من المبادرات والمفاوضات مثل إطلاق مسار الآستانة في 2017م ومؤتمر سوتشي للحوار الوطني السوري في 2018م وذلك في إطار سعيها لتسوية الازمة السورية وضمان مصالحها في نفس الوقت وسنتناول في الفصل الرابع علي وجه التحديد دور روسيا في الازمة السورية علي وجه التفصيل الدقيق.
ومن الملاحظ أن الدور الروسي في المنطقة يزداد قوة وتأثيراً ويمزج بوضوح بين أدوات القوة الصلبة والقوة الناعمة وبين الضربات العسكرية والأدوات الدبلوماسية حيث تسعي روسيا الي تحقيق مصالحها وأهدافها في المنطقة من خلال تحركها في مسارات متوازية ومع أخذها في الاعتبار تجنب الصدام مع القوي الدولية والإقليمية الأخرى الفاعلة في المنطقة ولا شك أن جملة الاعتبارات التي تتحكم بالمواقف الروسية تجاه ما تحمله الثورات العربية من متغيرات، تشير إلى أن القيادة الروسية تفضل الاستقرار في المنطقة العربية والركون إلى الاستثمار الذي تقدمه تحالفاتها وعلاقاتها مع الأنظمة العربية، على الرغم من الإشارات الخجولة إلى مطالب الشعوب المحقة واحتجاجاتها السلمية، فيما يشير واقع الحال إلى تفاوت الاهتمام الروسي بالانتفاضات والثورات التي عصفت بالأنظمة العربية منذ ديسمبر 2010 ، وأفضت إلى تغيير الأنظمة في العديد من دول المنطقة.
المبحث الثاني: الاستراتيجية الأمريكية تجاه دول المنطقة بعد ثورات الربيع العربي:-
قوى دولية وإقليمية تخوض الصراعات في هذه المنطقة، وتعمل لمصالحها الخاصة على حساب استقرار المنطقة، قد تلعب هذه القوي أدوارًا مباشرة، كما هو الحال بالنسبة الولايات المتحدة، والاتحاد الأوروبي، وإسرائيل، وإيران، وتركيا أو تلعب الأدوار غير المباشرة، كما هو الحال بالنسبة لروسيا والصين؛ أو حتى الأدوار الهامشية، كما هو الحال في بعض الدول العربية ودول القرن الأفريقي ومع ذلك، فإن الولايات المتحدة الأمريكية هي اللاعب الرئيسي في المنطقة لأنها تكاد تنفرد بالهيمنة عليها.
كما هو الحال في أي بلد، فإن مؤسسات معينة تشكل السياسة الخارجية للولايات المتحدة بشكل عام، تتوافق حكومة الولايات المتحدة مع الجهات التي تشاركها سلطة اتخاذ القرار في السياسة الخارجية، لا سيما فيما يتعلق بالمصالح الوطنية للولايات المتحدة، ومع ذلك، فإن كل فرع من فروع المؤسسات الكبرى سواء (الرئيس أو وزارة الخارجية ، والبنتاغون ، الأجهزة الاستخباراتية ، والكونغرس) يحافظ على خصوصيته في وضع الخطط المناسبة بشأن القضايا المنطقة ، ثم يترك القرار النهائي للرئيس الأمريكي ليقرر أنسب طريقة للتعامل مع القضايا الشرق متوسطية وذلك علي حسب ما تقتضيه المصالح الأمريكية ومن هذا المنطلق ، ليس من مصلحة الولايات المتحدة أن تتخلى عن أهم حلفائها في المنطقة ، مثل السعودية و مصر والأردن ، كما أنه ليس من مصلحتهم التحالف مع الجماعات الإسلام السياسي الساعية للسلطة ، والتي تعتبرها الولايات المتحدة العدو الأول وتقوض مصالحها ، ولكن من أجل تحقيق مصالحها الإستراتيجية ، قد تُقدم علي سياسات تكتيكية تضمن تحقيق مصالحها الإستراتيجية على المدى البعيد.[29]
وتجدر الإشارة إلى أن الأمريكيين قد يلجأون إلى سياسات مختلفة من حين لآخر من أجل تأمين تلك المصالح بما يتماشى مع ما يحدث على الأرض الواقع من أجل تحقيق تلك المصالح الاستراتيجية ، وقد زادت رغبات السياسيين الأمريكيين خلال العقدين المنصرمين في الهيمنة مع تحول العالم من ثنائي القطبية إلى أحادي القطب عقب انهيار الاتحاد السوفيتي وعلى الرغم من كثرة المعاهدات والاتفاقيات الدولية التي تحث على احترام القانون الدولي والالتزام بالتعاون الدولي في ظل غياب الهيمنة ، لم تعطي الولايات المتحدة الامريكية أي اعتبارات لهذه المعاهدات والمواثيق وتجاهلت قرار الأمم المتحدة رقم 34/103 الصادر في 14 ديسمبر 1979 ، وهو ما يحرم الهيمنة في العلاقات الدولية ، ويضع حداً لسياسات الهيمنة التي تستخدم أو تهدد باستخدام القوة أو التدخل الأجنبي لتقسيم العالم أو تقييد حريات الشعوب وإعاقة تنميتها السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية.[30]
يمكننا القول إن النهج العام للاستراتيجية الامريكية تجاه دول الشرق الأوسط سواء بعد أو قبل ثورات الربيع العربي يعكس العديد من المصالح الامريكية أبرزها: –
أول هذه المصالح تأمين تدفق النفط من الشرق الأوسط إلى الولايات المتحدة وحلفائها، وكذلك مواجهة أي قوة تهدد مناطق الإنتاج ثانيها الدفاع عن إسرائيل حليفتها الاستراتيجية، ومعارضة كل ما يهدد أمنها ثالثها ضمان بقاء الأنظمة السياسية في دول الخليج مثل المملكة العربية السعودية، وكذلك استمرار المكاسب الاقتصادية والسياسية للولايات المتحدة.
ضف الي ذلك أن الولايات المتحدة الامريكية تخشى أن تكتسب روسيا مزايا استراتيجية في المنطقة لذلك تسعي الي عدم ترك لها فرصة لكي تحصل على هذه المزايا ضف الي ذلك أيضًا قلق الولايات المتحدة بشأن النمو الاقتصادي للصين حيث تحاول الولايات المتحدة إدارة اقتصادات الخليج ولا تترك الفرصة للصين لتتوغل أكثر في السوق العربية وبالتحديد الخليجية بالإضافة الي مجابهة الدور الإيراني المتنامي في المنطقة خاصة في محاولة بناء القدرات النووية ومجابهة التهديد التي تشكله إيران على إسرائيل وحلفائها في الخليج ومحاربة تنامي حركات الإسلام السياسي التي تتهمها واشنطن بالارتباط بالإرهاب ومن الجدير بالذكر أن سياسة الولايات المتحدة الامريكية تواجه العديد من التحديات بعد الربيع العربي أولها تراجع نظرية استقرار الهيمنة و وسياسات الكسب الأحادي بالإضافة الي أن التحول في الشرق الأوسط لا يتناسب مع نظريات سياسية سادت بدعم الدكتاتوريات ما دامت تخدم مصالح أمريكا ضف الي ذلك أن القوة الأكبر التي برزت بعد ثورات الربيع العربي هي قوة حركات الإسلام السياسي التي لها مواقف وسياسات تتناقض ظاهرياً مع عدد من سياسات الولايات المتحدة في المنطقة ولكن في بعض الأحيان كانت الولايات المتحدة الامريكية تستخدم تكتيكات لاستخدام هذه الجماعات الإسلامية في تحقيق مصالحها وهذا ظهر في تسريبات هيلاري كلينتون عندما كانت أراد تمكين جماعة الاخوان المسلمين لسيطرة علي حكم مصر وتونس.
- السياسة الامريكية تجاه منطقة الشرق الأوسط في عهد الرئيس باراك أوباما: –
على الرغم من ادعاء إدارة أوباما أن سياستها الخارجية تجاه الشرق الأوسط توازن بين المثالية والواقعية ، لم يتم إعطاء هذه المنطقة الأولوية على رأس أجندتها السياسية ونجد سياسة أوباما الخارجية تختلف في نواحٍ عديدة ، عن سياسة سلفه في أنها توظف الوسائل والآليات دون الهدف بالرغم من أن أغلب الإدارات الامريكية تتفقون على المصلحة العليا للولايات المتحدة ، لكنهم يختلفون حول وسائل وآليات تحقيق هذه المصالح إذا كانت إدارة بوش تعتمد على آليات وصفتها مراكز الفكر الأمريكية “بالقفاز الحديدي” في عسكرة السياسة الخارجية ، الأمر الذي أشعل فتيل حربين إقليميتين في أفغانستان والعراق ، فإن آليات إدارة أوباما تعتمد على ما يسمى “بالقفاز الناعم”[31]
من خلال استخدام الأدوات الدبلوماسية في سياستها الخارجية، والتي توظف القوة الإستخباراتية الخفية والغامضة في إشعال حروب بالوكالة[32]، للحيلولة دون تكبد خسائر في الأرواح والمعدات ، تماشيا مع النموذج العقلاني في السياسة الخارجية القاضي بتعظيم المكاسب بأقل تكلفة ممكنة، وتجسيدا لإستراتيجية ما يسمى “القيادة من الخلف” على نقيد الاتجاه الحضاري الصدامي الذي كانت تنتهجه إدارة بوش السابقة صوب العالم العربي والإسلامي برمته وفق أطروحتي صامويل هنتنغتون وبرنارد لويس، تبنت إدارة أوباما التيار الواقعي، الذي فرضته قواعد لعبة المصالح، واستعادة وتقوية إدارة اوباما علاقة الولايات المتحدة مع إيران على حساب علاقاتها مع دول الخليج العربي. وضع مبدأ التدخل الإيجابي والقوة الذكية موضع التنفيذ أي من ناحية، استخدام القوة الناعمة كبديل للقوة الصلبة، مع خيار استخدام القوة الناعمة جنبًا إلى جنب مع القوة الصلبة عند الضرورة وكان توقيع الرئيس أوباما على الاتفاقية النووية مع إيران نتيجة لتلك العلاقات وإن كانت تراه واشنطن ضمنيا بمثابة احتواء لإيران في المنطقة من أجل الحفاظ على أمن إسرائيل، تكريسا لإستراتيجية الاحتواء المزدوج لمارتن أنديك، صوب كل من العراق وإيران. فقد تم تدمير العراق وتفتيته وإغراقه في حرب أهلية دامية، ستكون نتائجها وخيمة تؤول إلى تجزئته إلى دويلات لاحقا على أساس طائفي ديني شيعي، سني وكردي. واليوم الدور على إيران لاحتوائها بدون تورط الولايات المتحدة في مواجهة عسكرية مباشرة مع إيران من منظور واقعي يستند إلى النموذج العقلاني للسياسة الخارجية.
بالإضافة أنه مع مجيء اوباما تم التركيز على مبدأ التوجه الي الداخل الأمريكي واعتمادا على هذا المبدأ السياسي توجهت إدارة أوباما الي الضغط من أجل تقليص ميزانية الدفاع الامريكية بالانسحاب من المناطق الساخنة في العالم وتشجيع الدول لكي تقوم في بالدفاع عن أمنها القومي وعن قيمها السياسية وسيادتها الإقليمية دون التدخل المباشر للولايات المتحدة الامريكية وذلك بغرض تخفيض المشاركة الفعلية للقوات الامريكية في الازمات والنزاعات الدولية وبالأخص الشرق متوسطية وذلك لتقليص الخسائر المادية وتوفيراً للأرواح.[33]
إذا يمكننا إجمال مرتكزات الاستراتيجية الامريكية في أن ادوات تنفيذ الإستراتيجية الأمريكية في عهد باراك أوباما تنطلق من التركيز على إعادة الثقة بالولايات المتحدة من خلال تعزيز العلاقات والمصالح المشتركة مع دول الشرق الاوسط مع إيلاء إسرائيل وأمنها أهمية خاصة كونها تمثل قاعدة المصالح الإستراتيجية في المنطقة، لذلك أجرى أوباما حسابات استراتيجية لإنهاء الوجود العسكري الأمريكي في الشرق الأوسط واستبداله بترتيبات أمنية وسياسية تحمي المصالح الأمريكية في ظل الاعتراف الأمريكي بتفوق إسرائيل العسكري كما سعى أوباما إلى تحسين صورة الولايات المتحدة من خلال إحياء عملية السلام في الشرق الأوسط ومنع الانتشار النووي، وكذلك منع الخطاب السياسي الأمريكي من ربط الإرهاب والتطرف بالإسلام ومن الواضح أن أوباما حاول تحويل المصالح الاستراتيجية للولايات المتحدة إلى شرق آسيا لذلك سمحت الولايات المتحدة بتدخل روسي في سوريا بما لا يتناقض مع المصالح الأمريكية مع وجود تنسيق أمريكي روسي وفق مبدأ القيادة من الخلف التي اعتمدها أوباما.[34]
- السياسة الامريكية تجاه منطقة الشرق الأوسط في عهد الرئيس دونالد ترامب: –
توصف استراتيجية الولايات المتحدة في الشرق الأوسط بأنها ثابته ومتغيرة، كما تمليه المصالح الوطنية الامريكية، وتتأثر بمؤسسات صنع القرار السياسي نتيجة لذلك، مثّلت استراتيجي دونالد ترامب للشرق الأوسط خروجًا عن استراتيجية سلفه باراك أوباما، لا سيما تصريحاته بإلغاء الاتفاق النووي الإيراني ، واتخاذ موقف مختلف من الأزمة السورية ، وإعطاء الأولوية لمحاربة داعش على النظام الحاكم وكذلك إعطاء الأولوية الأكبر لعلاقات الولايات المتحدة الامريكية مع إسرائيل ، وكذلك الاتجاه نحو التقارب مع مصر بالإضافة أن هذه الاستراتيجية تأسست على عقيدة رجل الصفقات أو التاجر التي اتبعت آليات العرض والطلب في التعامل مع دول المنطقة وبالتالي ، يتعزز موقف واشنطن دون دفع أي رسوم لحماية شركائها ، لكنهم هم من يدفعون مقابل الحماية ، وهناك بالتأكيد جوانب لاستمرار تلك الاستراتيجية في الشرق الأوسط[35]
يتبنى ترامب استراتيجية “العزلة البناءة” ومبدأ “أمريكا أولا”، وهي تحول كبير في الاستراتيجية الأمريكية على غرار الرئيس السابق مونرو في عام 1821 يتطلب تفعيل الموارد المحتملة، سواء كانت طبيعية أو بشرية أو تكنولوجية، لإعادة بناء الولايات المتحدة كلاعب رئيسي في النظام الدولي، بدلا من الانخراط في الصراعات الإقليمية، كما هو الحال في الشرق الأوسط.
ومن الجدير بالذكر أن يرتكز مبدأ ترامب على مبدأ ومفهوم الصفقة في التعامل مع قضايا السياسة الخارجية ، ويستند إلى حقيقة أن مدى انخراط أمريكا في قضايا العالم ، وخاصة منطقة الشرق الأوسط ، سيرتبط بمقدار الفوائد الاقتصادية التي يجلبها للولايات المتحدة ، وهذا نابع من عقلية رجل الأعمال في التعامل مع منطق المكاسب والخسائر التي برزت في تصريحاته في استعراض التعاون مع إيران ومع حلف الناتو، والمملكة العربية السعودية حينما صرح وقال “إذا أرادوا الحماية فعليهم بالدفع مقابل ذلك” موجهاً كلماته الي المملكة العربية السعودية بالإضافة الي موقفه الرافض للعولمة، حيث رأي ترامب أنها كانت عبئا على الولايات المتحدة ولم تحقق لها المزايا المرجوة.[36]
نجد ايضا ان السياسة الخارجية الامريكية أهم ما يميزها أنها تتسم بالتغيير في الآليات وليس الأهداف حيث هناك ثوابت في الإستراتيجية الأمريكية هي الاستمرارية بغض النظر عن خلفية الإدارة سواء كانت جمهورية أو ديمقراطية، وأن التغيير الوحيد هو دائما في الآليات، بين استخدام آليات صلبة مثل الحرب، والتدخلات العسكرية والعقوبات، التي غالبًا ما ترتبط بإدارات الرؤساء ذو الخلفية المحافظين أو الجمهوريين، والآليات الناعمة مثل الدبلوماسية والمفاوضات والمساعدة، والتي غالبًا ما ترتبط بإدارات الرؤساء ذو الخلفية الديمقراطية لكن جميع الإدارات اتفقت على تحقيق تلك الثوابت المرتبطة بتحقيق المصالح الأمريكية.
ومن ثم لا يمكن فصل اتجاه الاستراتيجية الأمريكية في الشرق الأوسط عن رؤية إدارة ترامب للعالم، والتي استندت أساسًا إلى مبدأ “أمريكا أولاً” كما ذكرنا ، وحديث ترامب عن أن مصالح الولايات المتحدة ستكون في مقدمة كل قرار وإجراء تأخذه الإدارة حيث ترتكز استراتيجية ترامب للشرق الأوسط على عدد من القضايا الرئيسية ، والتي تناول بعضها في خطابات الرئيس ترامب وخطبه خلال فترة ولايته ، مثل الحرب على الإرهاب وداعش حيث اعتبرت الولايات المتحدة أن المنظمات الإرهابية الجهادية تشكل أخطر تهديد إرهابي للأمة الأمريكية وأسلوب الحياة الأمريكي ، وأن الشرق الأوسط لا يزال موطنًا لأخطر المنظمات الإرهابية في العالم ، استراتيجية الأمن القومي الأمريكي تبنت هزيمة داعش كهدف رئيسي ضمن أولوياتها، حيث رأى ترامب أن الغزو الأمريكي للعراق عام 2003 كان سبب ظهور تنظيم “داعش” ، وأن انسحاب أمريكا من العراق عام 2011 كان أيضًا خطأً كبيرًا لأنه لم يترك أي قوات أمريكية في العراق ، وأن من أحد أخطاء أمريكا بالعراق أيضا هو تركها للبترول وهو ما اعتمد عليه التنظيم الإرهابي في مصادر تمويله المالية ومن ثم ، انطلق ترامب من موقف مبدئي ضد الإرهاب وداعش ، متهماً كلاً من أوباما وهيلاري كلينتون بدعم داعش ، وأبدى موقفًا مختلفًا عن النهج الأمريكي الذي تبناه سالفه ، ومن الجدير بالذكر أن ترامب ، ولم يقدم رؤية استراتيجية شاملة أو آليات محددة لمكافحة الإرهاب ، وموقفه من التطرف الإسلامي عام ويفتقر إلى رؤية واضحة ويمثل استمراراً لاستراتيجية جورج دبليو بوش كما ستواجه إدارة ترامب صعوبات في محاربة داعش حيث لم تقضي الغارات الجوية التي قامت بها الولايات المتحدة الامريكية على التنظيم نهائياً ، وهذا يستدعي إرسال قوات برية لمحاربته على الأرض ، وعبر استراتيجية حرب العصابات والمدن ، مما يحد من إمكانية إرسال الولايات المتحدة لقوات برية ، كما أعلن في تصريحات له أثناء حملته الانتخابية الأخيرة أنه يستلزم الاعتماد على قوات من دول أخرى وهذا يعني أن استراتيجية ترامب لمحاربة الإرهاب وداعش قد فشلت خلال توليه الحكم قبل إخفاقه في الانتخابات الأخيرة.[37]
بالنسبة لصفقة القرن تراجعت الإدارة الأمريكية عن دورها كوسيط محايد في عملية السلام بين الشعب الفلسطيني وإسرائيل، ومن ثم تبني ترامب وإدارته سياسات غير متوازنة ومتباينة وهذا علي عكس السياسات التي اتبعتها إدارة أوباما التي سعت إلى تجنب المواجهة مع دول المنطقة من خلال انحياز لإسرائيل ظاهرياً حددت إدارة ترامب القدس الشرقية عاصمة لإسرائيل من خلال النقل المفاجئ للسفارة الأمريكية هناك، في خطوة تراجع العديد من الرؤساء الأمريكيين عن تنفيذها، مما أدى إلى تزايد الانتهاكات ضد الفلسطينيين نتيجة تحول الولايات المتحدة من كونها وسيطًا محايدًا في إدارة عملية السلام إلى كونها طرفًا منحازًا وقد أعلن الرئيس الامريكي على هامش لقائه برئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو في سبتمبر 2018 ، أن إدارته ستقدم خطة سلام فلسطينية إسرائيلية في الأشهر المقبلة ، مما جعل ملف “صفقة الـقرن “يعود إلى الصدارة مرة أخرى، ورغم أن تفاصيل الرؤية الأمريكية لحل قضايا الحدود والمستوطنات والقدس واللاجئين وغيرها لم تتضح ، أشار ترامب إلى أن “حل الدولتين” يمثل الخيار الأفضل لاتفاق سلام فلسطيني – إسرائيلي ، و أنه يأمل في اختتامها قبل نهاية فترته الرئاسية الأولى ومن ثم أظهرت هذه المواقف توجهاً نحو تغييرات في إستراتيجية الولايات المتحدة في الشرق الأوسط بالإضافة الي العديد من القضايا الأخرى غير العربية مثل الملف النووي الإيراني حيث قام ترامب بإلغاء الاتفاق النووي مع إيران الذي تم توقيعه إثناء ولاية باراك أوباما اتفاق لوزان النووي والذي عقدت بين إيران وست دول وهي (الصين، روسيا، أمريكا، فرنسا، ألمانيا وبريطانيا) بعد مفاوضات «ماراثونية» من 26 مارس لغاية 2 أبريل 2015 في مدينة لوزان السويسرية من أجل التوصل إلى تسوية شاملة تضمن الطابع السلمي للبرنامج النووي الإيراني، وإلغاء جميع العقوبات على إيران بشكل تام.[38]
لذلك يمكن القول أن الشرق الأوسط وأزماته ستظل من أولويات الإستراتيجية الأمريكية ، وسيكون من الصعب فك الارتباط عن هذه المنطقة أو الانسحاب منها بشكل كامل ، نتيجة المصالح الأمريكية في المنطقة بالإضافة الي الدور الروسي المتنامي فيها والذي أصبح مناوئ للدور الأمريكي في المنطقة في الآونة الأخيرة ويمكن القول أن الولايات المتحدة الامريكية لن تترك المنطقة بالرغم من أن السياسات التي تبنتها في العقد الأخير يعكس تراجع في الدور الأمريكي في المنطقة وذلك للعديد من الأسباب أهمها أن الولايات المتحدة قوة عظمى في العالم وستظل مهتمة بلعب دور في الشرق الأوسط وستتمسك بأن يكون لديها قدم في المنطقة السبب الثاني يتعلق بالتزام إسرائيل والولايات المتحدة بالحفاظ على وجود الدولة اليهودية وأمنها ، وهو أمر ثابت في السياسة الأمريكية السبب الثالث يتعلق بأسعار النفط وكيف تؤثر على الاقتصاد العالمي لذلك مهما اختلفت الإدارات فأن الاستراتيجيات الامريكية من الممكن أن تشهد التغيير في الآليات وليس الأهداف والمصالح العليا سواء في منطقة الشرق الأوسط أو المناطق الأخرى في العالم.
الفصل الثالث: الأسباب الكامنة وراء الازمة السورية: – |
المبحث الأول: الاسباب السياسية والاقتصادية والاجتماعية الكامنة وراء الازمة السورية:-
تواجه سوريا أحد أخطر التحديات في تاريخها الحديث منذ آذار / مارس 2011، عندما اندلعت أزمة اجتماعية وسياسية عميقة وتحولت إلى نزاع مسلح داخلي كشفت هذه الأزمة عن تعقيدات عواملها الداخلية السياسية والاقتصادية والاجتماعية على المستويين الداخلي والخارجي وقد اتخذ هذا الصراع أشكالاً عديدة ونتج عن ذلك مشهد غير مسبوق من أعمال العنف ترافق مع تدخل قوى خارجية لدعم أطراف الصراع.
- أولاً: العوامل السياسية والمؤسساتية الكامنة وراء الازمة السورية: –
شهدت الدول العربية سلسلة من التغييرات في الأنظمة السياسية القائمة، مثل الأزمة السورية، والتي اختلفت بشكل كبير عن الحركات الشعبية التي شهدتها باقي دول الربیع العربي ویعود هذا الاختلاف إلى طبيعة النظام السياسي السوري والأطراف الداخلية المؤثرة في الدولة، إضافة إلى طبيعة التحالفات السياسة لهذا النظام مع الفواعل والقوى الإقليمية والدولیة التي أدت إلى تعقد الأوضاع في سوريا واستمرار الأزمة.
يمكننا القول أن من أهم الأسباب السياسية التي أدت الي اندلاع الاحتجاجات الثورية في سوريا هي حكم الحزب الواحد الذي احتكر الحياة السياسية وذلك في ظل نظام حافظ الأسد ونجلة بشار، فقد صادر النظام العملية السياسية بأكملها واستند الي الاجهزة إستخبارية فنتج عن هذا الواقع انتشار الفساد علي نطاق واسع وذلك علي الرغم من سعي اتجاه بشار الأسد نحو الإصلاح في الداخل من خلال التخفيف من قبضة أجهزة الامن علي الحياة العامة وعبر السماح بجزء من حرية الرأي حيث بدأت التجمعات والمنتديات السياسية بالانتشار فيما عرف بربيع دمشق بين عامي 2000م و2002 الذي أصدر إعلان 99 ، ومن أبرز قادته مثقفون مثل “ميشيل كيلو ورياض سيف” وكانت تطمح هذه الحركة إلى أن يكون شريكًا وطنيًا يساعد النظام في عمليته الإصلاحية، ويدفع باتجاه انفتاحات جزئية ومحدودة من خلال المطالبة بتشكيل أحزاب ومنتديات سياسية، والدعوة إلى مؤتمر وطني يضم القوى الوطنية السورية بهدف تشجيع النقاش المفتوح حول القضايا السياسية وتنشيط دور المجتمع المدني.[39]
ضف الي ذلك أن جماعة الإخوان المسلمين بدأت ، (التي كانت تواجه صعوبات في الداخل ، مما جعلها غير قادرة على التدخل) في تشكيل مستقبل سوريا من خلال الدعوة إلى الديمقراطية والتعددية السياسية ، وحاولت تقليص صورة النظام على أنه طائفي كما كانت تفعل ،وذلك بهدف إيجاد أرضية مشتركة له التعاون الذي من شأنه أن يمهد الطريق للعودة للمساهمة في الحياة السياسية في سوريا بعد أن طردتهم المعارضة في الخارج وفقدوا ارتباطهم بالواقع السياسي في الداخل ، لذلك سعوا الي الاصطفاف وراء النظام وطابوا إبداء المرونة السياسية من أجل تحريك جمود البنية السياسية السورية والعمل على حمايته واستقرار الحكم.
وبحسب خطابه بشار الأسد وكتعبير عن سياسة إصلاحية جديدة ومختلفة، فقد بدأ بالسماح لبعض الأحزاب بالانضمام إلى الجبهة التقدمية وفتح مكاتب إقليمية، وسمح بمزيد من الحريات من خلال فتح الصحف والعمل على تخفيف الاعتقالات السياسية وتعديل لوائح المحاكمة السياسية، والإفراج عن عدد من المعتقلين، وبدأ بالتركيز على موضوع الحوار المباشر، لكن هذه الإصلاحات لم تدم طويلاً حيث ظهر نوع من الازدواجية في الحكم بين المطالب إصلاحية للمعارضة والقياد القطرية “الحرس القديم” التي رفضت الانفتاح السياسي والاستجابة للأفكار إصلاحية.[40]
ومن ثم عاد بشار الأسد إلى سياسة القمع الأمني كآلية تحكم معاملة النظام لمعارضيه، والتي بررها بعدم استعداد المجتمع السوري للانفتاح الديمقراطي ورأى أن غياب الحريات الأساسية والتقليل من أهمية التحول الديمقراطي يضمن الاستقرار السياسي والاقتصادي ويتجنب الصدمات الاجتماعية وكما رأى أن الاصلاح لا يمثل ضرورًة ملحة في ظل تعرض سوريا لمخاطر خارجية لاسيما بعد أحداث سبتمبر 2001م وجنب الي جنب شمولية النظام السياسي كان هناك العديد من الدوافع السياسية للازمة السورية وهي غياب التوازن بين السلطات وهيمنة السلطة التنفيذية وشخصنتها وتوريث السلطة وانتشار الفساد وسنستعرض كل جانب علي حداه.
لذلك يمكننا أن نستعرض الدوافع السياسية للازمة السورية في النقاط التالية: –
- شمولية النظام السياسي: شهدت سوريا حصر السلطة بشخص الرئيس الذي منع التداول السلمي للسلطة نتيجة التعديلات التي أجريت على الدستور، حيث يمكننا أن نرى أن الرئيس حافظ الأسد كان قادرًا على احتكار السلطة لمدة ثلاثة عقود، وحكم سوريا بأحادية مطلقة، مستنداً على الجيش والأمن كما كان يسيطر على مؤسسات الدولة وباستثناء حزب البعث ، انضمت جميع الأحزاب السياسية إلى الجبهة الوطنية التقدمية وتهمشت الطبقة الوسطى بربطها بأجهزة أمنية مختلفة ، مما ساهم في تهميش العملية السياسية وتوسيع دور الأجهزة الأمنية التي أصبحت تشكل الحياة السياسية ، فضلاً عن تفشي الفساد وغياب دولة القانون التي تضمن الحريات العامة.[41]
- غياب التوازن بين السلطات وهيمنة السلطة التنفيذية وشخصنتها: إن أحد أبرز العوامل التي أسهمت في خلق وتعميق الأزمة التي يعاني منها النظام السياسي السوري تتمثل في غياب التوازن بين السلطات، حيث أتسم النظام السياسي السوري بهيمنة السلطة التنفيذية على السلطة التشريعية حيث يمكن القول أن العلاقة كانت مختلة بين السلطات الثلاث فهي غير منفصلة و غير مرتبطة ببعضها البعض بل هي هياكل دولتية لابد من وجودها ظاهرياً فقط، فمجلس الشعب الذي يمثل السلطة التشريعية لا يتعدى كونه هيئة تصديق على مشاريع القوانين التي تطرحها السلطة التنفيذية و هو واجهة تضفي شكلا قانونيا و تشريعيا للسياسات التنفيذية ، كما سعت السلطة التنفيذية وقامت بدور واضح في تقليص استقلال السلطة القضائية، كما يمثل التفرد والاستبداد بالسلطة أحد الملامح الرئيسة للنظام السياسي؛ وذلك بسبب السلطات الدستورية الواسعة التي يتمتع بها رئيس الجمهورية سواء في ظل الظروف العادية أو الاستثنائية بحكم رئاسته لحزب البعث الذي يحتكر الحياة السياسية في سوريا، فإن الرئيس يسيطر على السلطتين التنفيذية والتشريعية ناهيك عن صلاحياته القضائية التي يخولها له الدستور والقانون بعبارة أخري اختزال السياسة بشخص الرئيس، حافظ الأسد وابنه بشار فكرا، وممارسة و منهجا (و العمل على نشر قيمه و مآثره على كل فئات و مؤسسات المجتمع حتى وصل هذا التركيز الى درجة التأليف، إضافة الى حصر كل السلطات بيديه فهو رئيس الجمهورية و القائد الأعلى للجيش و الأمين العام للقيادة القطرية و رئيس السلطة التنفيذية و التشريعية، و هو من يعين أعضاء المحكمة الدستورية العليا الذي يكون لهم سلطة محاسبه الرئيس السلطة التنفيذية[42]
- توريث السلطة: طالب الشعب السوري بإلغاء نظام توريث السلطة والتغير الجذري للنهج السياسي في السيطرًة على الحكم، خاصة بعد أن أعد الرئيس السابق حافظ الأسد جيداً لسيناريو توريث السلطة لابنه باسل أولا ثم بشار بعد مقتل أخيه باسل مبتدعا بذلك في العالم العربي تقليد تحويل الجمهوريات التداولية إلى جمهوريات وراثية، ونفذ ذلك بحكم سيطرً الدولة الأمنية التي يسيطر عليها من يلوذون به وذلك من خلال تدريبه ومنحه صلاحيات واسعة ومكرسا له سلطة الدولة وأجهزتها للترويج له وفرضه رئيسا، وقد قبل السوريون نظام التوريث بقوة السلاح على مضض، أملا في أن يكون الابن مختلفا عن والده، لكن تولى بشار السلطة لم يشكل أي تغير ذي قيمة في مجمل الأوضاع التي رتبها الرئيس حافظ الأسد.
- انتشار الفساد: تراكم أخطاء النظام وعدم قدرته على تنفيذ المشاريع الإصلاحية اللازمة للحفاظ على بنيته، ونجاح الطبقة الوسطى في ترسيخ السخط الشعبي، وتشكيل خطاب وطني للصالح العام بعد إلغاء دورها على مدار عقود في مجال التنمية السياسية، وأصبحت بلا وزن أو تأثير في الحياة السياسية.
نتيجة لهذه العوامل، فضلاً عن هيمنة الرئيس أحادية الجانب على مؤسسات الدولة ودمج جميع الأحزاب السياسية في جبهة وطنية تقدمية، تعطلت الحياة السياسية في سوريا إلى درجة التهميش؛ وأصبح لا يوجد سوى حزب واحد في سوريا هو حزب البعث العربي الاشتراكي الذي يعتبر حزبًا قياديًا في المجتمع والدولة جنبًا إلى جنب مع الأحزاب اليسارية الضعيفة، وقد برر النظام السياسي السوري احتكار الحياة السياسية بحجة تجنيب سوريا الصراعات الدولية والإقليمية لمد النفوذ إليها، ومواجهة التهديدات الأمنية القادمة من إسرائيل.
ثانياً: العوامل الاقتصادية الكامنة وراء اندلاع الازمة السورية: –
بعد أن تحول حزب البعث إلى العمل بآليات السوق دون الالتفات إلى توفير شبكات الضمان الاجتماعي التي صاحبت هذا التحول ، مما أدى إلى تراجع دور قطاع الاقتصاد العام وخفض الإنفاق العام ، عانت جميع القطاعات الاقتصادية من أمراض إدارية مزمنة الأمر الذي أفضى إلى تراجع في دور القطاع الاقتصادي العام وتقليص الانفاق العام، ووقف الاستثمار الانتاجي الحكومي وتفويضه إلى القطاع الخاص، ضف الي ذلك أن الاقتصاد السوري تحول خلال الأعوام العشرة التي سبقت الثورة من اقتصاد إنتاجي إلى اقتصاد استهلاكي يغلب عليه طابع ريعي، نتج عن ذلك انخفاض في القوة الشرائية العامة بحوالي 28٪ وانخفاض في مشاركة القوى العاملة بنحو 16 مليون سوري ، أو حوالي 24٪ من الدخل القومي تراجع جودة الخدمات وارتفاع أسعارها، فضلاً عن ارتفاع معدلات البطالة المقدرة بأكثر من 37٪، مما يشير إلى فشل الاقتصاد السوري في استيعاب الداخلين المحتملين إلى سوق العمل وقد تأثر خلق فرص العمل بحالات الجفاف المتعاقبة والتي أضرت بالتشغيل في القطاع الزراعي، والاستجابة البطيئة من قبل بقية القطاعات في مجال التشغيل وتعتبر الابعاد الاقتصادية والاجتماعية مدخلا لتوضيحي وتفسير وفهم العلاقة بين السلطة ومواطنين والدولة.[43]
ومن الجدير بالذكر أن سوريا أصبحت دولة مستوردة صافية لحوامل الطاقة في عام 2006، وذلك بالرغم من أن بعد عقد من الزمان ، كان النفط مصدرًا رئيسيًا لكل من الصادرات والإيرادات الحكومية ، مما شكل تحديًا أساسيًا للإدارة الاقتصادية وزاد من الحاجة إلى تعديلات رئيسية في السياسات الاقتصادية كما عانى القطاع الزراعي من أزمة حادة نتيجة للجفاف وسوء إدارة الموارد المائية والتأخر في تنفيذ المشاريع الهامة مثل الري الحديث ، بالإضافة إلى “تبني السياسات التحريرية الخاصة الطاقة وأسعار السميد وما إلى ذلك كما كان للانكماش الزراعي تأثير على الأمن الغذائي وأسعار السلع ، وبالطبع على النمو الاقتصادي وهناك أيضا من يعتبر وجود عامل اقتصادي آخر سبب في حدوث هذا الفتيل داخل سوريا والمتمثل في النظام السوري الممانع قد أصبح عقبة أمام مشروع الغاز الذي ينطلق من قطر مرورا بالسعودية والأردن ثم سوريا عابرا الى اوروبا من خلال تركيا و ان وجود الأسد بصيغته الحالية يجعل هذا المشروع الاقتصادي محكوم عليه بالفشل لكونه آخر حلفاء روسيا في المنطقة.[44]
وبشكل عام، يمكننا تلخيص أهم القضايا التي واجهها الاقتصاد السوري على مر السنين وكان آخرها قبل اندلاع الأحداث في سوريا حيث عانى الاقتصاد السوري من اختلالات عميقة وكبيره قبل الأزمة ظهرت في العديد من النقاط أبرزها كالتالي:
- تباطؤ معدلات النمو الاقتصادي واعتماد الاقتصاد على القطاعات الريعية مثل النفط، حيث بدأ التحدي الأكبر بانخفاض احتياطيات النفط السوري وإنتاجه، وبالتالي عوائده، ما وضع ضغوطًا كبيرة على المالية العامة وميزان المدفوعات ومستويات المعيشة.
- ارتفاع معدلات التضخم المالي الذي أضر بالاقتصاد السوري حيث تجاوز معدل التضخم بنسبة 15٪ حسب تقديرات المركز الاقتصادي السوري، و10٪ بحسب البيانات الحكومية.
- انخفاض كفاءة الاستثمارات بشكل عام وانتشار ظاهرة الفساد التي أدت إلى تعطيل قدرة أجهزة الدولة والمجتمع على العمل بشكل صحيح وإضعاف القدرات الإنتاجية للأفراد في مختلف المجالات.
- ضعف الاستثمار في رأس المال البشري فالید العاملة في سوریا تعاني من انخفاض في المستوى التعليمي بالإضافة إلى فشل الحكومة السوریة في تحديد سياسات اقتصادية كلیة واضحة المعالم.
- الضعف الذي لحق بقطاع الصناعة التحويلية وتراجع الصادرات السورية وهو ما أدى إلى انخفاض العائد الاقتصادي وبالتالي تراجع رفاهية المجتمع.
ثالثاً: العوامل البشرية والاجتماعية التي أدت إلى اندلاع الأزمة السورية الراهنة: –
يتميز المجتمع السوري بتكوين اجتماعي متنوع بين مكوناته الثقافية ومركب الهوية الدينية والطائفية والعرقية ، مما يجعل سوريا فسيفساء من التعقيد الشديد والتنوع ، على الرغم من تمتع السوريين بحصانة كافية تمنع تفكك المجتمع لمكوناته الصغيرً الأمر الذي ساعد في خدمة النظام الذي حاول الظهور بمظهر علماني وحامي للأقليات الدينية فيحكم السيطرًة على البلاد من خلال مصالح ربط بها كافة المكونات القومية والدينية والفعاليات الاقتصادية والاجتماعية وبات هو مركز التوازن لها والمسيطر عليها التي تنهار بانهياره ،استمر النظام السوري لمدة زمنية طويلة معتمدا على الإيديولوجية ورفض فكرة الطائفية والعرقية، حيث أنه لم يعترف إلا بالعرب كمكون للمجتمع السوري، فمثلا لم يعترف بالأكراد ولم يمنحهم حق الجنسية السورية إلا بعد انطلاق الأحداث في سوريا في مارس 2011 ، حيث اضطر النظام السوري للاعتراف بحقوق الأقلية الكردية ومنحها الحكم الذاتي من أجل التخفيف من الضغوط الاجتماعية المتصاعدة ، ظل البعد الطائفي والمذهبي من السمات المميزة لتكوين الدولة السورية ، وإن كان بشكل خفي ، إذ أدى البعد الطائفي والمذهبي ، خاصة بعد أحداث حماة في الثمانينيات ، إلى ظهور عقلية سياسية معقدة ومثيرة للقلق، فهي تستند إلى فرضية حكم الأقلية على حكم الأغلبية ، التي ادعى النظام أنها تحاربها على مستوى خطاب مؤسسة الدولة والتنظيمات “العربية” ، بينما كانت مدعومة ومكرسة على مستوى الأجهزة الأمنية الحاكمة.
مثلت سياسات حافظ الأسد والتي إستمر عليها إبنه بشار فيما بعد ، تراجعا كبيرا في مجال تطوير أنظمة الحكم والإدارة التي تقوم على المساواة بين كل شرائح المجتمع ، فالنظام السوري يعتمد على النمط العائلي – العشائري – الطائفي والذي يعتبر بحد ذاته عودة إلى إرث المجتمع الإقطاعي الذي قام حزب البعث على نبذه ومحاربته ،فقد إستمر النظام السوري لمدة زمنية طويلة معتمدا على طائفة على حساب أخرى فقد لجأت السلطات السورية إلى سياسة تقوم على تطهير أجهزة الأمن والجيش من العناصر السنية واحلال العلويين مكانها وذلك منذ الأحداث الدامية التي شهدته سوريا في الثمانينيات ،فتخوف النظام من حدوث أي انقلاب جعله يتبع مثل هذه السياسات كما قام النظام السوري بسياسة تمييز عرقي خاصة عندما لم يعترف بالطائفة الكردية ولم يمنحها حق الجنسية السورية إلا بعد إنطلاق الأحداث في سوريا في مارس 2011 فقد إضطر النظام السوري بالإعتراف بحقوق الأقلية الكردية ومنحها حكم ذاتيا في محاولة منه تخفيف الضغوط الاجتماعية المتزايدة.[45]
لم يتمكن النظام السياسي السوري من نشر ثقافة دينية واجتماعية واعية لمشاكل المجتمع، قادرة على فهم مشاكل وتحديات التنمية وتطويرها بشكل صحيح[46] وعلمي، للعمل على تجاوز الماضي والبدء في وضع الأسس الصحيحة له بناء مجتمع قادر على مواكبة عجلة التنمية العالمية ففي مجتمع محافظ محكوم بعادات وتقاليد عشائرية حالت دون العمل على تخطيط وتنظيم الأسرة ، الأمر الذي أدى إلى إنفجار سكاني هائل ( الذي يقارب المليون نسمة كل أربع سنوات تقريبا )،هذه الزيادة التي لم يستطع سوق العمل المحلي إستيعابها، أدت إلى بطالة هائلة في صفوف الشباب مما جعلهم يبحثون عن فرص عمل خارج البلاد ، هذا الأمر أضعف روح الإنتماء عند بعضهم وجعلهم عرضة للتأثير بأفكار ومعتقدات تتعارض مع قيم وعادات وتقاليد المجتمع السوري، ويتضح مما سبق أن النظام السوري يعد أحد العوامل التي أسهمت في وجود سياسة اجتماعية تمايزية داخل المجتمع السوري تعتمد على انتشار السياسات الطائفية، والسيطرة شبه الكاملة على مفاصل الحركة النقابية الاقتصادية والعمالية، التي تستطيع أن توحد المواجهة ضد السياسات الطائفية كل هذا ساعد على صعود الخطاب الطائفي ، وكذلك صعود أقوى التيارات المحافظة والرجعية ، التي تتجلى الآن في شكل حركات أصولية وطائفية ، أعطت الثورة السورية شكلاً غير مناسب.
وفي ظل هذه البيئة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية السابقة والتي شهدتها السنوات العشر الأخير في تاريخ سوريا قبل حدوث الأزمة السورية 2011 والتي اتسمت بالجمود سياسي شبه كامل مع حالة من الاستقرار الأمني على الصعيد الداخلي تم فيها احتكار السلطة السياسية، وتهميش قضايا الحريات السياسية لمصلحة سياسات اقتصادية قائمة على الخصخصة تتواءم فيها مصالح رجال الأعمال مع مصالح الاستبداد السياسي لم تنعكس نتائجها على الفئات الاجتماعية المهمشة إلا مزيدا من الفقر وتدني مستوى المعيشة، وفي ظل غياب المؤسسات أو الأحزاب القادر على إيصال مطالب المواطنين لم يبق إلا الشارع وسيلة للاحتجاج على الواقع الاقتصادي والسياسي والاجتماعي.[47]
رابعاً: العوامل الجيوبولتيكية والديمغرافية وعلاقتها بالأزمة السورية: –
يؤثر الموقع الجغرافي لسوريا إلى جانب سماتها الديموغرافية الفريدة إلى حد كبير على الأزمة المستمرة في البلاد ومن الجدير بالذكر أن من دون فهم الجغرافيا السياسية وراء الأزمة السورية ، من الصعب للغاية فهم الوضع الحالي وانعكاساته لا سيما في المجالين الإقليمي والدولي تقع الدولة السورية في منطقة الشرق الأوسط التي كانت واحدة من أكثر مناطق العالم اضطراباً وأزمات عبر التاريخ وهي دولة تقع في جنوب غرب آسيا وتقع في الطرف الشرقي للبحر الأبيض المتوسط وشمال شبه الجزيرة العربية يحد سوريا لبنان وإسرائيل من الغرب وتركيا من الشمال والعراق من الشرق والأردن من الجنوب ومن هنا نلاحظ أهمية الموقع الجغرافي للدولة السورية حيث مركزية الدولة في المنطقة وقربها من بعض أكبر البلدان الغنية بالطاقة في العالم جعلتها عاملاً حاسمًا ومن الدول ذات الثقل الاستراتيجي في المنطقة كما أن موقع سوريا جعلها عاملاً حاسمًا في احتمال إنشاء اثنين من خطوط أنابيب الغاز الرئيسية: خط أنابيب إيران والعراق وسوريا (“خط الأنابيب الإسلامي”) وخط أنابيب قطر والمملكة العربية السعودية والأردن وسوريا وتركيا (“قطر- خط أنابيب تركيا “) لتوريد الغاز من إيران وقطر إلى أوروبا وتجدر الإشارة الي أن أوروبا لديها احتياجات كبيرة من الطاقة وخاصة الغاز الطبيعي وربعها يأتي من روسيا ، وهي أحد الحلفاء المهمين لسوريا.[48]
تعد سوريا أيضًا لاعبًا استراتيجيًا رئيسيًا لإيران وروسيا لدعم وتأمين مصلحتهما في الشرق الأوسط حيث ترغب روسيا في الحصول على معقل في ميناء طرطوس السوري على البحر الأبيض المتوسط ، ويعتبر ميناء طرطوس ضف الي ذلك تنظر إيران إلى سوريا على أنها خط إمداد مباشر آمن إلى حزب الله ، والميليشيات الشيعية المتمركزة في لبنان ، بالإضافة أنها تنظر الي سوريا أيضا علي أنها أداة لتوسيع نفوذها داخل “الهلال الشيعي” حيث العدد المتزايد للأنظمة الشيعية وانتشارها في دول الهلال الخصيب ، أضافت العداء الراسخ للنظام مع إسرائيل والعلاقة المريرة مع دول الخليج أدت الي تعقيد في سياسات الشرق الأوسط بالإضافة الي ذلك فإن قرب سوريا من روسيا وإيران ومساعدتها لحزب الله جعل علاقتها مع الولايات المتحدة معقدة.
علاوة على ذلك، فإن السمة الديمغرافية الفريدة لسوريا لها أيضًا أهمية كبيرة، ويقدر إجمالي عدد سكان سوريا 22.5 مليون نسمة ينتمون إلى مجموعات عرقية ودينية متنوعة يشمل العرق في سوريا العرب 90 في المائة، والأكراد من 8 إلى 10 في المائة، والأرمن 1 في المائة والآخرين 1 في المائة، من حيث الدين، يبلغ عدد سكان سوريا 90 في المائة من المسلمين (74 في المائة من السنة و 10 في المائة من العلويين، و 3 في المائة من الدروز ، و 3 في المائة من الإسلاميين الإسماعيليين ) و 10 في المائة من المسيحيين هناك أيضًا مجتمع يهودي سوري صغير (4500) هذه الانقسامات العرقية والدينية هي جزء آخر من التعقيد في سوريا.
الشكل 1(خريطة سوريا وجيرانها) الشكل2 (التوزيع الديمغرافي والديني في سوريا)
المبحث الثاني: الفاعلين الاساسيين في الازمة السورية: –
يمكن القول إن سوريا في أزمتها السياسية لم تعد فاعلة فيها بل مفعولا بها، حيث هناك العديد من القوى الدولية (كروسيا و الولايات المتحدة و والاتحاد الأوروبي وإسرائيل) وقوي إقليمية (كتركيا وإيران والسعودية وقطر وغيرها من الدول الخليجية) تلعب دوراً رئيسياً في رسم وتحديد ملامح إدارة الازمة السورية وسيناريوهاتها المستقبلية وذلك ليس لإيجاد حلول فعالة للازمة السورية ولكن اما رغبة في الحفاظ علي مصالحها في المنطقة أو من أجل السعي وراء توسيع دورها مثل تركيا او رغبتاً في إخراج سوريا من النطاق الإيراني وتقليص المد الشيعي سواء في لبنان أو سوريا أو العراق أو الخليج ومن الجدير بالذكر أن الصراع اندلع في البداية بين المحتجين ونظام الأسد طالب المتظاهرون في سوريا بإجراء إصلاحات تغييرات في الحكومة والنظام رداً على ذلك، أطلق الرئيس بشار الأسد العديد من الوعود بإجراء بعض الإصلاحات ، لكنه لم يقبل خيار تغيير النظام بالإضافة أن دعم روسيا وإيران عزز عزمه على التمسك بالسلطة وتهدئة أو قمع المقاومة بأي وسيلة كما مهد الطريق لمشاركة اللاعبين الإقليميين والدوليين في الصراع كل هذا أفضي في النهاية الي حركة تمرد واسع النطاق ورد فعل مضاد للتمرد أدى إلى حرب أهلية ويمكن أن نستعرض أهم الفاعلين في الازمة السورية على اساس :الفواعل الداخلية والفواعل الاقليمية والفواعل الدولية كالاتي:-
- الفواعل الداخلية: –
نظام الأسد يعتبر الفاعل الأهم والأكثر تنظيماً والأقوى في الحرب ويعتبر الهدف الرئيسي لنظام الأسد هو القضاء علي التمرد والمعارضة ، بالإضافة الي استعادة نفوذه على كامل الأراضي السورية من خلال أي وسيلة ممكنة سواء سياسية ودبلوماسية وعسكرية وهذا أدى الي انتشار الجيش العربي السوري والقوات شبه العسكرية وقمعهم للمتظاهرين والتحركات المضادة ومقاومة المعارضة إلى عسكرة الصراع وتحويله الي حرب أهلية لمواجهة التحديات الأمنية المتوقعة ، حصل نظام الأسد على الدعم الدبلوماسي والاستراتيجي والعسكري الضروري من الجهات الفاعلة المحلية والإقليمية والدولية، استطاع نظام الأسد تفكيك وإحداث انقسامات بين فصائل المعارضة ونجح في عمليات عسكرية في مناطق إستراتيجية مختلفة تمكن النظام من إقناع روسيا وإيران بالتدخل مباشرة في الحرب الأهلية وبحلول عام 2018، نجحت القوات السورية في السيطرة على معظم الأراضي في جنوب سوريا ومن الجدير بالذكر أن الدعم التكتيكي والاستراتيجي التي قامت به روسيا لصالح نظام الأسد وتزويده بالمعدات والأسلحة العسكرية الخفيفة والثقيلة شكل أمرًا حاسمًا في الدفاع الشامل وتوسيع سيطرة النظام.[49]
يُعتبر الجيش العربي السوري بدعم من قوات الدفاع الوطني وهي منظمة شبه عسكرية بالإضافة الميليشيات والمقاتلين المحليين والأجانب الموالين للنظام الأسد العمود الفقري لاستراتيجية نظام الأسد لكي يهزم المتمردين والمعارضين وبالرغم من الانتكاسات الأولية، استعاد النظام القوة اللازمة لمعالجة الوضع حيث مع سقوط حلب في أيدي القوات السورية التابعة لنظام بشار الاسد عام 2016 ، لامست الروح المعنوية لنظام الأسد آفاقها الجديدة منذ بداية الحرب بحلول عام 2018 ، ووسعت نجاحاتها واستعادت النفوذ المفقود وألحقت الهزيمة بالمتمردين والمعارضين ؛ المحليين أو حلفائهم الخارجيين .
المعارضة والجماعات المتمردة:
كان الهدف الواضح للمعارضة النظام في عام 2011 هو إزاحة الرئيس بشار الأسد من السلطة وإجراء إصلاحات هيكلية في النظام الاجتماعي[50] والسياسي في سوريا ولكن نتج عن هذه المعارضة قمع للمتظاهرين ومقاومتهم الموت والدمار ، وهذا ما زاد من عسكرة الصراع هناك ديناميات مختلفة لتشكيل وتنظيم وانتماء الجماعات المعارضة والمتمردة وأهدافها واستراتيجياتها وتمكنت القوات المتمردة من جذب الانتباه الدولي والحصول على الدعم المادي والدبلوماسي من الجهات الفاعلة الداخلية وكذلك الخارجية مثل الولايات المتحدة والدول الغربية الأخرى وتجدر الإشارة إلى أنه بحلول عام 2013 ، بدأت معالم المعارضة المسلحة السورية تتشكل وتميز نفسها بوضوح فإلى جانب الجيش الحر الذي يتكون من عناصر محلية، نشأت جبهة النصرة و الجبهة الإسلامية اللتان تتكونان من عناصر محلية وأجنبية وتتمتع المعارضة السورية بدعم مجموعة من الجهات الحكومية الدولية، بالإضافة الي أن تأييد الولايات المتحدة الأمريكية وحلفاؤها في أوروبا يمثل دوراً دبلوماسياً بارزاً في تسهيل جمع البلدان الداعمة للمعارضة تحت مظلات متعددة بما في ذلك ما يسمى ب“مجموعة أصدقاء سوريا”
الفواعل الدولية:
الفاعلون على مستوى الدولي والإقليمي الذين أثروا في النزاع السوري هم الولايات المتحدة وروسيا وتركيا وإيران وكان أبرز لاعبين هما روسيا[51] والولايات المتحدة الامريكية كان هدف الولايات المتحدة في سوريا تغيير النظام في بداية الأزمة ،كما كانت الولايات المتحدة حذرة للغاية بشأن التدخل في سوريا وشاركت بشكل غير مباشر في الصراع من خلال دعم مجموعات المعارضة والميليشيات لهذا الغرض ، قدم التدريب والمساعدة العسكرية والمالية لبعض الجماعات المتمردة لكن الافتقار إلى “الإرادة الإستراتيجية” والسياسة الواضحة تجاه الأزمة السورية أدى إلى عدة عيوب سياسية للولايات المتحدة. حتى أنه تم الإبلاغ عن أن الأسلحة التي قدمتها للمتمردين تم استخدامها من قبل مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا والعراق.
قدمت روسيا في البداية الازمة، الدعم السياسي والدبلوماسي فقط لنظام الأسد، ولكن مع تطور النزاع سرعان ما تدخلت عسكرياً حيث وصلت فرقها العسكرية إلى سوريا مما حد من حرية الولايات المتحدة في العمل ودعمها للمعارضة منذ تدخلها في الحرب عام 2015، حشدت مواردها العسكرية والسياسية والدبلوماسية لحماية نظام الأسد ومن الجدير بالذكر أن مع التدخل العسكري الروسي في الحرب، استعاد نظام الأسد والقوات الموالية له السيطرة على أجزاء كثيرة من البلاد. والعسكري. ويرتكز التعامل الروسي مع الملف السوري على منظورين رئيسيين هما محاربة الإرهاب المتنامي في العراق وسورية والذي يهدد المصالح الدولية والروسية في الإقليم وينذر بانتشاره إلى ما وراء حدوده ليهدد أوروبا وروسيا مباشرة والمنظور الجيوسياسي فهي مهتمة بدعم النظام وغير معنية بدفع النظام نحو الحل السياسي بالإضافة إن سوريا بالنسبة لروسيا تعتبر قاعدة متقدمة في مواجهة الجماعات الإسلامية التي تخشى روسيا أن تمتد إلى داخلها. كل هذه الفواعل بجانب الفواعل الإقليمية مثل تركيا وإيران وقطر بالإضافة الي إسرائيل التي تشكل تحالف مع الولايات المتحدة الامريكية.
الفصل الرابع: – سياسة الولايات المتحدة الامريكية وروسيا الاتحادية تجاه الازمة السورية: – |
المبحث الاول: سياسة الولايات المتحدة الامريكية تجاه الازمة السورية في عهد باراك أوباما ودونالد ترامب
إن الهيمنة التي لا مثيل لها والتي كانت تتمتع بها الولايات المتحدة في المرحلة التي تلت الحرب الباردة أخذت في التراجع على مستوى العالم وكان هذا التراجع في الهيمنة أكثر وضوحا في الازمة السورية التي بدأت في أوائل عام 2011 حيث تحالفت الولايات المتحدة الامريكية مع قوات المعارضة التي أرادت الإطاحة بنظام الأسد الحاكم كانت الفوضى في استجابة الولايات المتحدة تجاه الحرب الأهلية السورية واضحة منذ اليوم الأول إن عجز الولايات المتحدة عن وضع استراتيجية متماسكة لمساعدة قوى المعارضة على الإطاحة بنظام الأسد قد نوقش بشدة من قبل الباحثين والمراقبين المطلعين على سياسات الشرق الأوسط وفي هذا المبحث سوف نتناول السياسات التي تبنتها الولايات المتحدة الامريكية تجاه الازمة السورية خلال إدارتي باراك أوباما ودونالد ترامب.
من الجدير بالذكر أن تاريخ العلاقة الثنائية بين الولايات المتحدة الأمريكية سوريا معقدًا ومتوترًا وعدائيًا عبر تاريخها تميزت هذه العلاقة بالسياسات الداخلية لكلا البلدين والاضطرابات الاستراتيجية والسياسية والاجتماعية في الشرق الأوسط وتدهورت العلاقات الثنائية أكثر عندما أعلنت الولايات المتحدة عن خطط لمهاجمة العراق والإطاحة بصدام حسين بحجة أنها تؤوي الإرهاب وتورط سرا في تطوير أسلحة دمار شامل عارضت سوريا غزو العراق وأدت هذه المعارضة إلى تدهور العلاقات بين البلدين و قوبلت المعارضة الشديدة من قبل الحكومة السورية للغزو الأمريكي للعراق، وصفت هذا الغزو بأنه عمل أحادي مشين ضد قواعد القانون الدولي وانتهاك لسيادة دولة مستقلة، بمعارضة أمريكية قوية عندما ظهرت أنباء على وسائل الإعلام تفيد بأن الحكومة السورية زودت الجيش العراقي بالسلاح وقدمت لكبار المسؤولين العراقيين الملاذ الآمن.[52]
ويمكن القول أن سعي الولايات المتحدة الامريكية لتدخل في شئون المنطقة وسعيها لسيطرة عليها هو كبح صعود الهيمنة الإقليمية والحد من النفوذ[53] الأجنبي حيث حاولت الولايات المتحدة “منع صعود الهيمنة الإقليمية، والانتشار النووي ومحاربة الإرهاب في الشرق الأوسط وكذلك ضمان الوصول إلى النفط وأمن الحلفاء الإقليميين، لكن بالنسبة لبعض الباحثين، كانت المحددات الرئيسية المحددة للسياسة الأمريكية في الحرب الأهلية السورية هي “إعادة تقييم موقف الولايات المتحدة من الأسد، والإبحار في الصراع الكردي التركي وفهم ومعالجة نفوذ إيران وروسيا و”دعم المعارضة السورية التي تمكنها من الإطاحة بالنظام السوري، والسعي لتحقيق ذلك في سوريا لمنع وصول الأسلحة إلى حزب الله وحماس، الإطاحة بحلفاء روسيا في الشرق الأوسط بما في ذلك النظام السوري وتحقيق ذلك من خلال موقفها من الأزمة السورية.
أولاً: سياسة الولايات المتحدة الامريكية تجاه الازمة السورية في عهد باراك أوباما: –
تولت الولايات المتحدة قيادة الحركة السياسية الغربية في التعامل مع الأزمة السورية منذ البداية، لكن ردودها اتسمت بالارتباك، لا سيما في المراحل[54] الأولى من الانتفاضة، كما كان اتجاه معظم ثورات الربيع العربي وكانت إدارة أوباما منشغلة تماما بالانسحاب من العراق، والهروب من الأزمة المالية التي شلت الاقتصاد الأمريكي والاقتصاديات الغربية بشكل عام وعندما اندلعت الثورة السورية، لم تخف الولايات المتحدة مخاوفها من أن ينعكس عدم الاستقرار في سوريا على وضع قوتها في العراق لذلك كانت تفضل تحقق أكبر قدر من الهدوء الاقليمي حتى تتمكن من انجاز سحب قوتها من الشرق الاوسط ما يفسر تلكؤها في استغلال الأزمة السورية لتغيير موازين القوى الاقليمية على الرغم من تعالي الدعوات للقيام بذلك في واشنطن والوطن العربي.
ولأنها كانت تعد الانسحاب من العراق أولية لإعادة تموضع إستراتيجي على مستوى المنطقة والعالم، وباعتبارها كانت غير راغبة في القيام بمغامرات عسكرية جديدة نتيجة الصعوبات الاقتصادية والتعاقدات الجيوسياسية للمشهد السوري اتبعت إدارة اوباما منذ البداية سياسة التصعيد المضبوط والنفس الطويل الهادفة الى استنزاف النظام اقتصاديا وسياسيا وإنهاكه عسكريا وامنيا وتشجيع الانقسامات في أوساط النخبة العسكرية والمدنية الحاكمة والتضييق على مجمع رجال الأعمال الداعم للنظام اما على الساحة الدولية، فقد تولت واشنطن وحلفائها الأوروبيون علمية عزل النظام ونزع شرعيته ومحاصرته بقرارات
أممية تنتهي بوضع سوريا تحت وصاية دولية، وتوثيق انتهاكات حقوق الإنسان على أمل استخدامها لاحقا أداة ضغط إضافية ضد النظام و التلويح بتحويل القضية إلى المحكمة الجنائية الدولية وقد جاءت هذه الخطوة بطيئة و على مراحل، كانت بمنزلة ردة فعل على تطورات الوضع الأمني على الأرض أكثر من كونها جزءا من استراتيجية واضحة و متكاملة بل رأى بعضهم أن الغرض منها كان إعطاء الانطباع بأن واشنطن تتخذ خطوات لمعاقبة النظام السوري على استخدامه العنف المفرط ضد المحتجين، و إسكات الأصوات المنتقدة خاصة داخل أمريكا، و التي اتهمت إدارة أوباما بإتباع سياسة إخفاء الرأس في الرمال تجاه الأزمة السورية.[55]
فالولايات المتحدة الأمريكية تعلمت وإن جزئيا من التجربة العراقية ولا سيما فيما يتعلق بتطور موقفها من الصراع في سوريا، وعدم الإقدام على خطوات دون حساب العواقب إضافة الى محاولة القضاء على التطرف النشط في سوريا، أو أن الولايات المتحدة الأمريكية ليست في عجلة من أمرها في سوريا حتى يتم إنهاك الجيش النظامي وقوى المعارضة المسلحة في وقت واحد بعد التخلص من الأسلحة الكيميائية السورية التي كانت تشكل خطرا على حلفاء الولايات المتحدة الأمريكية في المنطقة وخاصة إسرائيل.
لم تقم الولايات المتحدة الأمريكية بأضعف الإيمان فيم يخص العلاقات الدبلوماسية وهو سحب السفير، حيث صرح أوباما في خطاب خصصه للثورات العربية في 19 مايو 2011 قال إن على الرئيس بشار الأسد أن يقود التحول في بلده أو يتنحى جانبا، كما شدد على ضرورة توقف قوات الأمن السوري عن إطلاق النار والاعتقالات العشوائية وإلا فإن نظام الأسد سوف يلقى تحديات داخلية وعزلة دولية ومع تصاعد وتيرة العنف، اضطر أوباما أخيرا أن يطلب من بشار الأسد أن يتنحى إلا أنه أكد في 18 أغسطس 2011م على رفضه القاطع للتدخل الأجنبي في تحديد القيادة السورية المقبلة كما شدد على عدم رغبة القيادة الأمريكية أو تأييدها لأي تدخل عسكري أجنبي في سوريا.
رحبت الولايات المتحدة الأمريكية بكل القرارات الدولية التي تزيد من العقوبات على النظام السوري و اقترحت ارسال مراقبين دوليين لسوريا، ووصفت قرار الجامعة العربية بتعليق عضوية سوريا في الجامعة بأنه “حازم ومتشدد أكثر مما كانوا نتوقع” لكنها أصرت على رفض تدخل عسكري دولي مماثل للتدخل في ليبيا، في نفس السياق تواصلت الجهود الدبلوماسية الأمريكية الرامية إلى محاولة إسقاط بشار الأسد سياسيا ، حيث توصلت مجموعة العمل حول سوريا في 30 يونيو 2012 إلى اتفاق جنيف والذي يتألف من ست نقاط لحل الأزمة السورية، لكن تنفيذ الاتفاق تعثر بسبب اختلاف التفسيرات حول مستقبل الرئيس الأسد في المرحلة الانتقالية ففي حين أصرت روسيا على أن الاتفاق لا يشير إلى رحيل الأسد كنقطة انطلاق للتنفيذ ، تمسكت واشنطن بموقفها الداعي إلى رحيل الأسد وأنه لا يمكن أن يكون جزءا من أي مرحلة انتقالية.[56]
تمسك الولايات المتحدة بموقفها الرافض لتقديم أي دعم عسكري لقوات المعارضة السورية لم يدم طويلا ففي سنة 2013 قرر الرئيس الأمريكي باراك أوباما تغيير موقفه والتوجه نحو تقديم أسلحة قتالية لمن تصفهم إدارته بأنهم قوى معتدلة في المعارضة السورية، فالهدف من إنشاء قوة محكمة لم يكن لدحر النظام، إنما قضت الفكرة بالحصول على شريك على الأرض، يمكن للولايات المتحدة العمل معه، ويفعل كل ما في استطاعتها لإقناع الأسد وداعميه بأن الانتصار العسكري مستحيل
تنبثق رؤية اوباما فيم يخص دعم المعارضة السورية لتغير نظام الحكم في سورية من الرؤية العامة التي شجعت بموجبات حالات الربيع العربي في بعض الدول في المنطقة ورأت هذه الإدارة في مجريات الحوادث الحراك السوري المسلح لتغير النظام في سورية فرصة مستقبلية لمحاربة الارهاب ولاحتواء الحركات الجهادية على الاراضي السورية، لذلك حافظا على التحرك المدروس والمتأني ازاء الازمة ويرجع ذلك الى عدم تبلور مصلحة حيوية امريكية في تغير النظام السوري في الوقت الراهن ومن ناحية اخرى تشكل كلف التدخل الاكثر فعالية في مجريات الازمة ضغط كبير على الموارد المالية والبشرية في وقت شديد الحرج بالنسبة الى وضع الولايات المتحدة المالي ويمكننا أن نري أن تغيير موقف الولايات المتحدة وتزويد المعارضة السورية بالأسلحة ليس من فراغ وإنما للعديد من الأسباب في مقدمتها إختلال الوضع الميداني لمصلحة النظام السوري خاصة بعد سيطرة قوات النظام على مدينة القيصر الإستراتيجية ، نجم عنه ضغوطات خارجية ( سعودية – فرنسية خاصة ) على إدارة أوباما لمنع إنهيار المعارضة خاصة في ظل الخلل الذي نشأ في موازين القوى بين المعارضة والنظام ثانيها تزايد الضغوطات الداخلية التي مارسها الجمهوريون وعلى رأسهم السيناتور “جون ماكين” الذي دعا أوباما إلى القيام بشيء لإنقاذ هيبة الولايات المتحدة.[57]
ظلت الولايات المتحدة منذ إنتشار أنباء عن إستخدام النظام السوري للأسلحة الكيماوية تهدد باتخاذ إجراءات ردعية وقاسية في حالة إستخدام السلاح الكيماوي وقد إعتبر الرئيس أوباما في تصريحه الشهير أن إستخدام السلاح الكيماوي خط أحمر وأن سوريا ستتعرض لعواقب وخيمة في حال إستخدامها للأسلحة الكيماوية ضد الشعب والمعارضة السورية
وضعت هذه الحالة من استخدام السلاح الكيماوي اوباما امام نقطة محورية لم يتوقع الوصول اليها اذ أعلن قراره بتوجيه ضربة عسكرية محدودة ضد النظام السوري في شهر 9 عام 2013م غير أن جميع الجهود الدبلوماسية التي قام بها أوباما ووزير الخارجية جون كيري لبناء تحالف دولي يساعد في تنفيذ ضربة عسكرية لسوريا بتهمة استخدام النظام السوري لأسلحة كيماوية في مناطق ريف دمشق باءت بالفشل الذريع، فقد كان قرار أوباما متعجل لتوجيه ضربة عسكرية لسوريا، مما تسبب في إحداث إرباك في الموقف الدولي وتباين بين أمريكا وروسيا.
و مما سبق الحديث عنه ، تري بعض الدراسات في هذا الشأن أن طريقة تعامل واشنطن مع الأزمة السورية لا يعني أنها تريد الإبقاء على النظام ، وإنما تغييره عبر إستراتيجية مختلفة لما جرى في ليبيا نظرا لاختلاف الخصوصية السورية حيث أن واشنطن تتبع إستراتيجية دفع النظام إلى الانهيار من الداخل عبر سلوك يعتمد على التصعيد التدريجي للعقوبات ، وزيادة الضغط السياسي والدبلوماسي في المحافل الدولية والإقليمية ، وإعطاء دور كبير للقوة الإقليمية خاصة تركيا والمملكة العربية السعودية ، والأهم هو دعم المعارضة السورية والتغاضي عن تسليحها ،حيث تقدر الولايات المتحدة أن حجم المخاطر والتكاليف بإنهاك النظام السوري أمنيا وعسكريا و اقتصاديا وتفكيك منظومته الخاصة في الداخل بغية دفعه للانهيار تبقى أقل في مقابل الخيارات غير الآمنة على المنطقة والعالم في حال اللجوء إلى الخيار العسكري لإسقاط النظام.
ثانياً: سياسة الولايات المتحدة الامريكية تجاه الازمة السورية في عهد دونالد ترامب: –
يتناول الرئيس الأميركي ترامب الأزمة السورية بالتوجه العام نفسه القائم على رفض مبدأ التدخل الإنساني، ويفضل عدم إقحام الولايات المتحدة في نزاعات لا تمثل مصالحها، وعلى هذا الأساس فهو لا يحبذ التدخل المباشر في سورية، وبالأخص التدخل العسكري، على الرغم من ذلك دفعت إدارة ترامب بقوات أميركية، خصوصًا في جبهة الشمال لتنسيق جهد مكافحة الجماعات الإرهابية، وخصوصًا داعش وخفض التوتر الناجم عن تمدد القوى الكردية في شمال سورية، الأمر الذي تعدّه أنقرة تهديدًا للأمن القومي التركي.
ويتبني ترامب في رؤيته للمشهد السوري نظرية (القيادة من الخلف) أي تحقيق المنفعة من دون أن يتدخل مباشرة في الأمر، ففي حديثه عن النظام السوري، يقول ترامب إنه يحارب قوات تنظيم داعش لذا يقول “علينا أن ندعهم يحاربون بعضهم وتتدخل الولايات المتحدة في نهاية المطاف إذا ما رأت أهمية ذلك للقضاء على تنظيم داعش”. ولذلك لا يعارض ترامب التدخل الروس ي في سورية معلنًا أن تنظيم داعش الذي تحاربه روسيا نسعى للقضاء عليه، لذا فإنه علينا ترك روسيا تقضي عليه، وللدلالة علي أن الأزمة السورية محطة مهمة لإثبات قدرة إستراتيجية الولايات المتحدة الأميركية الجديدة على أداء دور محوري في فكفكة أزمات المنطقة، وإثبات جدية إدارة ترامب على محاربة الإرهاب، والقوى الداعمة ، قام الجيش الأميركي خلًال الأشهر الأولى من ولاية ترامب ودليلا علي تغيير السياسة الأميركية تجاه سورية ، بتوجيه ضربة صاروخية على قاعدة جوية في سوريا، عبر قصفها بحوالي 59 صاروخ من طراز توماهوك استهداف قاعدة الشعيرات العسكري السورية وقد أكد ترامب أن الضربة “تخدم مصالح حيوية تتعلق بالأمن القومي الأميركي”، وهو ما يؤكد أن أهداف الإستراتيجية الأميركية الجديدة في سوريا، أصبحت تتجاوز مكافحة داعش وإسقاط الرقة إلى تصور أشمل لمستقبل دورها في سوريا ما بعد داعش ومن ثم يمكننا القول أن هذه السياسة التي تبناه ترامب لها عدة أهداف أولها إشعار روسيا بأن أمريكا موجوده في الساحة السورية وإنها لها خطط وإستراتيجيات المعدة مسبقا والواضحة بشأن الازمة السورية ثانيها تقديم الإدارة الأميركية الجديدة بسياسات جديدة ومواقف مغايرة لسابقها، عبر توجيه ضربات عسكرية كلما استخدم النظام الساسي في سوريا الكيماوي، واستنكار ترامب استخدام الكيماوي، والبراميل المتفجرة، وغيرها وإظهار الولايات المتحدة بمظهر المدافع عن المدنيين في أي مكان كان في العالم.
ومن ثم يمكننا القول إن الولايات المتحدة الأميركية تسعي الي إعادة ترتيب المنطقة وفق رؤية جديدة تهدف لخفض مستوى التوتر فيها ومواجهة الجماعات الإرهابية التي أصبحت تشكل قلقًا على أميركا والغرب عمومًا، عبر إيجاد تسويات لأزمات المنطقة، وأهمها الأزمة السورية، من خلال محاربة الجماعات الإرهابية وإيجاد تسوية سياسية بين كل المكونات السياسية في سورية، فالأزمة السورية كانت فرصة جيده لإدارة ترامب لاستعراض قوتها، وقدرتها على العودة إلى المنطقة بشكل أقوى من السابق لضمان تنفيذ هذه الرؤية.
ملخص: المبحث:
ظهرت الولايات المتحدة الأمريكية إلى جانب حلفائها الإقليميين والدوليين كمعارض رئيسي لنظام بشار الأسد الحاكم في سوريا منذ أوائل عام 2011 عندما وصلت موجات الربيع العربي إلى البلاد فُجأت الولايات المتحدة الامريكية بالمرحلة الأولى من الانتفاضة ضد نظام الأسد في سوريا وصدم صناع السياسة في واشنطن ودعا الرئيس أوباما مع كبار مسؤوليه الرئيس الأسد إلى التخلي عن السلطة والتنحي وإفساح المجال لبداية جديدة للبلاد عندما تحولت الانتفاضة إلى صراع مفتوح، بالإضافة انه شدد الرئيس أوباما خطابه ردا على وحشية نظام الأسد وبدأت في تقديم دعم لوجستي محدود لقوات المعارضة، ووصف أوباما لاحقا استخدام الأسلحة الكيميائية بأنه الخط الأحمر الذي يجب على النظام في دمشق تجنبه بأي ثمن ولكن عندما زعُم أن نظام الأسد استخدم الأسلحة الكيميائية ضد المقاتلين وغير المقاتلين، لم يحاسب الرئيس أوباما نظام الأسد على وحشيته التي حفزت النظام الحاكم على استخدامه للسلاح الكيماوية ضد المقاتلين وغير المقاتلين على حد سواء بالإضافة أن المبادرات السياسية المتماسكة والاستجابات من قبل الولايات المتحدة إتسمت بمحدوديتها بسبب ظهور العديد من الجهات الفاعلة غير الحكومية في ساحة المعركة مما أدى إلى طمس الخط الفاصل بين قوى المعارضة المعتدلة التي تريد النهوض بالدولة والقوة المتشددة التي تريد نهب الدولة بالإضافة إن إحجام الرئيس أوباما عن الالتزام بدعم مادي كبير مباشر وغير مباشر حد من خيارات الولايات المتحدة وحلفائها على حد سواء في الأزمة السورية بالإضافة أن محدودية القيام بالدور القيادي للإطاحة بنظام الأسد أعاق الخيارات المتاحة للحلفاء ووفر فرصة لقوى مثل روسيا لتقديم دعم كامل النطاق للحفاظ على نظام الأسد في السلطة.[58]
المبحث الثاني: دوافع تدخل الولايات المتحدة الامريكية في الازمة السورية: –
ان للولايات المتحدة الأمريكية سياستها الخاصة بها إزاء سوريا وما تشهده من تطورات واحداث تمس مصالحها في الشرق الاوسط بشكل مباشر، وحرصت على استثمار ما يحدث في سوريا لتحقيق هذه المصالح، أو على أقل تقدير العمل على عدم تأثير تداعياتها على مصالحها الحيوية وحلفاءها في سوريا ذاتها أو في عموم المنطقة تتحكم في موقف الولايات المتحدة من الأحداث الجارية في سوريا مجموعة من الدوافع و الأهداف التي تسعى الإدارة الأمريكية لتحقيقها، ومن الجدير بالذكر أن السياسة الامريكية التي تنطلق من إستراتيجيات جديدة تجاه المنطقة ، تعمل على توظيف عنصر الاهتزازات والفوضى في البنية الاجتماعية والسياسية للنظم العربية بما فيها النظام السوري لخلق واقع سياسي وإستراتيجي يخدم مصالحها وهذا ظهر في الازمة السورية حيث عملت الولايات المتحدة الامريكية على استثمار ما يحدث في سوريا لتحقيق هذه المصالح ، أو على أقل تقدير العمل على عدم تأثير تداعياتها على مصالحها الحيوية وحلفاءها في سوريا ذاتها أو في عموم المنطقة ومن خلال هذا المبحث سنستعرض أبرز الأهداف الامريكية ودوافعها لتدخل في الازمة السورية.
- الهدف الأول يتعلق بسعي الولايات المتحدة إلى تحقيق هدف جيوسياسي يندرج في سياق السياسة الواقعي الذي يتبنها صانعي السياسة الخارجية الأمريكية في سياق تفاعلها مع القوى الكبرى المتنافسة على الساحة السورية وخاصة روسيا وبحسب الاستراتيجية الأمريكية تجاه الازمة في سوريا أو سوريا عموماً ، فتعتبر سوريا بموقعها الجيوسياسي في غاية الاهمية بالنسبة للولايات المتحدة الامريكية حيث إذا استطاعت الولايات أن تمنع روسيا من الجنوب الغربي ومنعها من الوصول إلى المياه الدافئة سوف تستطيع في الحد من تمدد النفوذ الروسي في الشرق الاوسط حيث إنشاء أنظمة سياسية حليفة في هذه المناطق الاستراتيجية هو من أولويات السياسة الخارجية الامريكية تجاه المنطقة ويعتبر مطلب أمريكي ملح لأن سوريا تعتبر دولة مركزية في سياق الصراع بين التفوق البحري الذي تقوده الولايات المتحدة والهيمنة البرية بقيادة روسيا ومن هنا يتضح لنا لماذا تولي الولايات المتحدة الاهتمام للمعارضة وتقوم بتدعيمها سياسياً وعسكرياً حيث الولايات المتحدة تسعى للإطاحة بحلفاء روسيا في الشرق الأوسط ومنهم النظام السوري الحليف المهم لروسيا ووجودها في منطقة البحر الأبيض المتوسط بالإضافة أن الولايات المتحدة الامريكية ترغب في الحد من تغول النفوذ الصيني الروسي في المنطقة والذي يمتد إلى مناطق متحالفة مع أمريكا ، لذا كان سقوط النظام السوري مطلبا أساسيا وملحا لكل من الولايات المتحدة وحلفاءها الخليجيين ولكن هذا يمثل خطا أمنيا دفاعيا متقدما لسياسة ونفوذ روسيا في الشرق الأوسط لذلك لا تتثني في استخدام جميع الأدوات الدبلوماسية منها والعسكرية في سبيل الحفاظ علي نفوذها في سوريا والشرق الأوسط.[59]
- الهدف الثاني يتعلق “بمشروع الشرق الأوسط الكبير” حيث نستطيع أن نقول الموقف الأمريكي تجاه ما يحدث في سوريا يهدف الي تطبيق ما يعرف بنظرية الفوضى البناءة هذه النظرية هدفها الأهم هو إعادة رسم الخريطة الجيوسياسية والسياسية في المنطقة العربية والشرق متوسطية و ليس فقط في سوريا هذه النظرية تقوم علي تفكيك الوضع في دولة ما حتي إذا أدت هذه الخطوات الي إحداث فوضي مؤقته وذلك من أجل إعادة بناء الدولة على أسس جديدة تخدم المصالح السياسية والاقتصادية والاستراتيجية للولايات المتحدة وحلفائها الاوروبيين حيث تسعي الولايات المتحدة بإحداث اهتزازات في النظم السياسية العربية ونقلها من الوضع المستقر الي فوضي حتي يُسمح للولايات المتحدة بالتدخل وتطبيق سيناريوهات جاهزة ، مثل تحفيز القوى الداخلية لإجراء تغييرات من الداخل في الأنظمة السياسية يتجلى ذلك في الحالة السورية حيث تدعم الولايات المتحدة المعارضة السورية وتمكنها من قلب النظام السوري وتعمل في الوقت نفسه على حشد الدعم الدولي للتدخل وإسقاط النظام السوري ودعم وصول نظام حليف آخر ولكن هذه لم تكن فوضي موقته بل فوضي خلاقة تتسع دائرتها يوم بعد يوم وخاصة في حالة وجود منافس قوي هو روسيا التي لا تسمح بتغير الأوضاع وفق المصالح الامريكية التي من الممكن أن تهدد مصالحها في هذه المنطقة من الجدير بالذكر أن مشروع الشرق الأوسط الكبير يقوم بالأساس علي تقسيم المنطقة العربية بعد تدميرها إلى مناطق تتحكم فيها الإثنيات القومية والطائفية وتبعا لذلك تنهار المنطقة العربية ويسود مناخ سياسي وأمني ملائم تماما لفرض وقائع تخدم مصالح الولايات المتحدة وحليفتها الاستراتيجية إسرائيل.[60]
- الهدف الثاني الذي تحاول الولايات المتحدة تحقيقه في سوريا هو منع وصول الأسلحة إلى حزب الله وحماس الأسلحة التي يتم جلبها من إيران عبر دمشق إلى لبنان لدعم حزب الله، وكذلك الأسلحة المهربة عبر الأراضي السورية إلى العراق، ستتعطل بينما ينشغل النظام السوري بالوضع المتدهور في البلاد تجري حالياً جولة معاكسة من تهريب الأسلحة، حيث يتم تهريب الأسلحة إلى سوريا بدلاً من تهريب الأسلحة عبر سوريا إلى العراق ولبنان لدعم الأطراف السورية المقاتلة من مختلف الاتجاهات.
- الهدف الثالث الذي تأمل الولايات المتحدة في تحقيقه هو هدف يتعلق بالمصالح الاقتصادية من خلال وخاصة في ما يتعلق بقضية المنافسة على الطاقة، وخاصة الغاز الطبيعي حيث تعمل الولايات المتحدة جاهدة لكسر احتكار روسيا لسوق الغاز الأوروبي وإخراج أوروبا من النفوذ الروسي المتزايد من خلال تطوير مصادر غاز بديلة يمكنها تلبية احتياجات الأوروبيين في سياق هذا الهدف، تبذل الولايات المتحدة كل ما في وسعها لعرقلة أي قوة تسعى إلى تغيير أساس معادلة الطاقة العالمية، التي تقوم على التفوق الأمريكي وهذا الهدف برز أكثر عندما اندلعت الحرب الروسية الأوكرانية في بداية عام 2022م.[61]
- الهدف الرابع هو القضاء على تنظيم الدولة الاسلامية بشكل نهائي وتدمير أي إمكانية لظهوره أو ظهور نسخ شبيهة له حيث يعتبر هذا الهدف ضمن أولويات السياسات الامريكية في المنطقة علي الرغم من أن هذا الهدف يمكن تحليله من منظور أن في الوقت الذي تعامل فيه الحكومات والمنظمة العربية الشرعية تعامل وتوفير ظاهرياً للمعارضة المساعدات المالية والدبلوماسية تتعامل سرا مع الجماعات الاسلام السياسي التي يمارس بعضها الارهاب ويرغب بعضها في الوصول الي السلطة بالقوة وهذا ظهر في تسريبات هيلاري كلينتون التي كانت تتضمن مساعدات لجماعة الاخوان المسلمين الإرهابية في مصر ومساعداتهم في الوصل لحكم مصر.
المبحث الثالث: سياسة روسيا الاتحادية تجاه الازمة السورية
إزاء التحولات التي شهدتها سوريا وجدت روسيا نفسها امام تغيرات جوهرية تحدث لحليف إستراتيجي ليس حليفاً فقط بل سوقاً لصادرتها بالإضافة أن سوريا تمثل موطئ القدم الأكثر أهمية في المنطقة بالنسبة لروسيا، كما أنها تعتبر ذات أهمية رئيسية في حسابات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين فموقع سوريا — المطل على البحر الأبيض المتوسط وإسرائيل ولبنان وتركيا والأردن والعراق يجعلها تحتل أهمية كبرى من أن يُسمح بخسارتها ضف الي ذلك أن هذه التحولات من الممكن أن تخلق نظم حاكمة مختلفة في توجهاتها عن النظام الحاكم الموجودة بالفعل والتي لها علاقات قويه مع الجانب الروسي الامر الذي يهدد العلاقات الثنائية مع حليفتها الاستراتيجية ومن هنا أدركت روسيا من البداية أنها يجب عليها ان تحدد لها مساراً للتعامل مع هذه المتغيرات والتي من الممكن ان تكون سبب لدفع روسيا خارج المنطقة، ومن ثم خسارة سوقا ومنطقة نفوذ تطل من خلاله على البحر المتوسط الذي طالما سعت روسيا ان تجد لها منطقة نفوذ لها في هذه المنطقة، لذلك عملت روسيا ومنذ بداية لأزمة، على دعم النظام السوري وبشار الاسد واصرت على التشكيك في القوى الثورية والقوي التي تشكلت في أعقاب الثورة في 2012م في سوريا من حيث المنطلقات التي تحملها، وهو ما جعلها تدافع عن مشروعية لجوء النظام السوري الى استخدام القوة ضد هذه الثورة منذ بداية عام ٢٠١٢ ، حاولت روسيا إثارة القضية السورية في محادثات مع الولايات المتحدة الأمريكية التي رفضت الانصياع للمساومات الروسية. اقترحت روسيا صفقات تتراوح بين التنازلات في سوريا والمرونة الأمريكية في أوروبا الشرقية والقوقاز والدرع الصاروخي وهو ما رفضته الولايات المتحدة الامريكية نظرا لتدني القيمة الاستراتيجية لسوريا بالنسبة للرؤية العالمية للإدارة الامريكية وقد سبق وان استخدمت روسيا والصين حق النقض في مجلس الامن ضد قرارين يتعلقان بالأوضاع في سوريا، يتضمنان شيء من التدخل وذلك في 2011/ 2012م، من هذا بدأت تتكشف الصراع الدولي حول سوريا.[62]
روسيا كانت ترفض صراحة أي تدخل خارجي في سوريا، أو حتى في نقل السلطة من الرئيس السوري إلى نائبه حيث تمسكت روسيا بنظام الأسد حيث تتخوف روسيا من أن يكون ذلك غطاء لفرض مزيد من هيمنة الولايات المتحدة الأمريكية في المنطقة العربية، فإذا كانت قد عارضت تدخل الناتو في ليبيا يمكن توضيح موقف روسيا في هذا سياق هو أن روسيا تشعر بأن الغرب قد خدعها فيما يتعلق بليبيا. لذلك ، أعلن الرئيس الروسي أنه “لا توجد رغبة إطلاقا في أن تحذو الأحداث في سوريا النموذج الليبي ، بحيث يتم استخدام قرار مجلس الأمن لتبرير عملية عسكرية ضد سوريا” فروسيا ترفض بشدة التدخل الخارجي في الازمة السورية حيث أدركت روسيا أن ذلك سيتيح موطئ قدم للولايات المتحدة الامريكية في سوريا لو نجحت في الإطاحة بنظام الأسد كما حدث في العراق لذلك سارعت روسيا إلى تعطيل المبادرات الدولية والإقليمية لإصدار قرارات تدعم الدخل الأمريكي أو الأجنبي في الازمة السورية منذ البداية الازمة كانت روسيا تعتبر المعارضة السورية هي الطرف والسبب الرئيسي في تفاقم الأزمة السورية وتحويلها الي حرب أهلية وذلك باعتبارها طرفا مسلحا ضد الجيش النظامي السوري.[63]
الجدير بالذكر أنه في ذروة استعداد الرئيس الأمريكي لشن ضربة عسكرية علي النظام السوري لاستخدامه أسلحة كيماوية ضد المدنيين في ريف دمشق ، وعلى مستوى المبادرات التي طرحتها روسيا تقدمت بمبادرة لتسوية سياسية بعد أن استشعر جدية التحرك الأمريكي ،هذه المبادرة تتمحور حول ومضمونها في العموم يناقش انضمام سوريا لمعاهدة حظر انتشار الاسلحة الكيمياوية، والكشف عن مقار انتاجها وتفكيكها وتدميرها، وكذلك تدمير ترسانتها الكيمياوية، وقد ادت هذه المبادرة الروسية الي دفع الرئيس الأمريكي باراك اوباما الى تأجيل لضربته العسكرية، لإفساح الطريق امام الحلول السياسية للأزمة السورية وقد حرصت روسيا على ضرورة تضافر الجهود الدولية من اجل التوصل الى حلول سلمية للأزمة والذي نص علي تشكيل هيئة حكم انتقالية بصلاحيات تنفيذية كاملة كخطوة ضرورية على طريق حل الازمة سياسيا ، وسعت روسيا لفرض تفسيرها الخاص الختامي لمؤتمر جنيف 1 من خلال الاصرار على اعتبار الاسد جزءاً من المرحلة الانتقالية ، ثم ربط مصيره بإرادة الشعب واعتباره جزء من التغيير في سوريا ، لكن تشرذم الاطراف المعارضة مع وجود التجاذبات الدولية ، حالة دون تحقيق ما تم التوصل اليه حيث الخلافات بين اطراف المعارضة ومن يدعمها ، وتضارب المصالح الدولية ، حل دون التوصل الى أي حل للأزمة وفي منتصف العام ٢٠١٥ ، قادة روسيا تحركا دبلوماسيا نحو السعودية وتحت عنوان محاربة (ارهاب تنظيم الدولة الاسلامية)، دعت روسيا إلى تشكيل تحالف دولي مع بعض أحزاب المعارضة إلى جانب النظام السوري ، لكن بعد الفشل في إقناع السعودية بقبول الصيغة الروسية للحل في سوريا ، بدأت روسيا بالتدخل المباشر إلى جانب النظام السوري لمنع انهياره.[64]
من الجدير بالذكر أن روسيا قد اقتصرت في وقت سابق على دورها في الحرب الأهلية السورية لتزويد الحكومة السورية بالدعم الدبلوماسي وإمدادات الأسلحة والذخيرة وغيرها من المعدات والمنشآت العسكرية ، وتقديم التدريب والخدمات الاستشارية العسكرية للجيش السوري الذي يواجه عدد كبير من مجموعات المتمردين السوريين ومع ذلك ، مع استمرار تصاعد الحرب الأهلية ، واصلت الجماعات الإرهابية الإسلامية والجيش السوري الحر التابع للمعارضة المعتدلة تحقيق المزيد والمزيد من المكاسب الإقليمية والمادية وسط خسائر فادحة في الأراضي ومعظم المواد الأساسية ، فضلًا عن تراجع الروح المعنوية للجنود وتزايد اليأس من جانب النظام السوري الذي دفعه إلى التراجع عن حدود محافظة اللاذقية الساحلية للدفاع عن دمشق بشدة – أصبح ضروريًا للحكومة السورية في سبتمبر 2015 بدا أن بشار الأسد لم يكن لديه سوى أسابيع قليلة في السلطة ، لذلك سارع في دعوة روسيا رسميًا في نفس الشهر للتدخل في الحرب الأهلية للمساعدة في محاربة الجماعات الإسلامية الإرهابية ، وخاصة داعش وقد بدا التدخل الروسي المباشر في الوقت الذي واجه فيه بشار الاسد تهديدًا حقيقيًا بالإطاحة به من قبل تحالف هائل من الجيش السوري الحر والجماعات الإسلامية المتشددة التي استولت بجرأة على مناطق استراتيجية من الجيش السوري في تتابع سريع وكان التدخل الروسي عامل تغيير في اللعبة لصالح النظام السوري.[65]
تعتقد روسيا أنه من المناسب محاربة الإرهاب في سوريا لمنع عودة ظهور الإرهاب في منطقة شمال القوقاز التي كانت عرضة لأنشطة إرهابية كما أنه يعتقد أنه يجب حماية الحكومة السورية عسكريًا حتى لا يطيح بها المتمردون أو الإرهابيون لأنها حكومة سورية منتخبة بشكل شرعي وأيضًا لأن الإطاحة بالحكومة ستغرق سوريا في الفوضى. ومن ثم، بدأت القوات الجوية الروسية حملة غارات جوية متواصلة ضد كل من داعش والجيش السوري الحر المناهض للأسد اعتبارًا من 30 سبتمبر 2015 في حين أن تدخل روسيا إلى جانب الحكومة السورية يجعل القوات المسلحة السورية ذات معنويات مرتفعة، إلا أن الحرب الأهلية استمرت دون أمل في الحل.
دائماً كانت روسيا تؤكد على الحوار والسبل الدبلوماسية لحل الأزمة السورية، و عدم موافقتها بأي شكل من الاشكال وبأي ثمن على سقوط الأسد عسكريا من دون أن تكون طرفاً في المفاوضات وهذا يبرز خفايا السياسة الروسية في استثمار الملف السوري في سياق الصراعات التي تخوضها روسيا في مواجهة الغرب ضف الي ذلك أنه علي الجانب الدبلوماسي كان هناك دورا كبيرا لروسيا في تهدئة الراي العالمي من خلال مؤتمرات جنيف 2 وجنيف 3 والتي كانت تعقد بهدف إيجاد حلول للازمة في سوريا وكانت السياسة الروسية في هذا الشأن متمسكة بأنه لا حل سياسي في سوريا إلا بعد القضاء علي الإرهاب وكانت القضية الجدلية لهذه المؤتمرات الأهم بينها وبين الفاعلين الأبرز في الازمة السورية تتمحور دائما حول مستقبل الأسد ونظامه.[66]
في إبريل عام 2018 قامت القوات العسكرية الامريكية بتوجيه ضربة صاروخية على قاعدة جوية في سوريا، عبر قصفها بحوالي 59 صاروخ من طراز توماهوك استهداف قاعدة الشعيرات العسكري السورية وقد أكد ترامب أن الضربة “تخدم مصالح حيوية تتعلق بالأمن القومي الأميركي” وذلك على خلفية استخدام نظام الأسد للأسلحة الكيماوية ضد المعارضة في دوما، وقد رد الرئيس فلاديمير بوتين، ووصف الضربة بأنها عمل عدواني ضد دولة ذات سيادة نفذ بحجة هجوم كيماوي مدبّر ودعت روسيا العالم إلى إدانة الولايات المتحدة لكن كانت هناك رسالة ثانية غير معلنة، ولكن نستطيع أن نقول إن صواريخ التي أطلقتها الولايات المتحدة وحلفائها الأوروبيين لم تتجاوز العتبة التي من شأنها أن تثير ردًا عسكريًا روسيا ضد القوات الغربية.
حيث يبدوا أن الضربات المحدودة للتحالف الغربي لم تفعل شيئًا يُذكر لتغيير الحقائق على ارض الواقع ولاتزال هي التي تتفاوض في المقام الأول مع الدول الإقليمية والفواعل الداخلية في الازمة السورية بهدف التوصل إلى تسوية سياسية في سوريا من شأنها أن تعزز موطئ قدم طويل الأمد لموسكو في الشرق الأوسط وبالنسبة للولايات المتحدة وفي ظل إدارة ترامب واستمرار عدم اليقين في إستراتيجية الرئيس ترامب طويلة المدى للبلاد، تبقي كلاعب أقل نفوذاً ودوراً في الازمة السورية وخاصة بعد إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في 20/12/2018 انسحاب القوات الامريكية من شرق سوريا عقب ما وصفة “بإتمام النصر علي داعش” وقد أثار هذا القرار جدل واسعاً داخل الولايات المتحدة الامريكية وخارجها.[67]
وفي الآونة الأخيرة من عام 2019 عززت موسكو وجودها العسكري في سوريا وعززت قاعدتها الجوية في حميميم وقاعدتها البحرية في طرطوس، وسعت الي تكثيف التعاون مع إيران والقوات البرية الشيعية المدعومة من إيران في محاولة لتطهير المناطق الرئيسية في سوريا من المعارضة المناهضة للأسد. ستعمل سوريا على تحسين موقف الأسد التفاوضي مع الجماعات المتمردة، مع جعل روسيا وسيطًا نزيهًا، مع تعزيز سمعتها الآن كقوة قتالية رئيسية ضد داعش ولاعب قوي في الشؤون الإقليمية المنطقة العربية.
المبحث الرابع: دوافع تدخل روسيا الاتحادية في الازمة السورية
أعلنت روسيا منذ اليوم الاول لاندلاع الانتفاضة السورية في منتصف مارس ٢٠١١ ووقوفهم القوي الى جانب النظام السوري وبشار الاسد بكل امكانياتهم المادية والدبلوماسية والسياسية واللوجستية، ويمكن تلمس مجموعة من الدوافع وراء هذه السياسة والحيثيات التي جعلت القادة الروس يتعاملون مع الملف السوري وكأنها القضية الأهم والأكثر حساسية بالنسبة إليهم في منطقة الشرق الأوسط ومن خلال هذا المبحث سوف نستعرض أهم الدوافع الكامنة وراء تدخل روسيا في الازمة السورية.
- الهدف الأول متعلق باعتبارات الدور والمكانة: التدخل الروسي في سوريا يعكس رغبة روسيا في العودة الي الساحة الدولية واستعادة إمجاد الاتحاد السوفيتي إذ تسعى روسيا من وراء ذلك الى اعادة وضعية القطبية الثنائية للنظام الدولي بعدما انفردت الولايات المتحدة الأمريكية بالساحة الدولية عقب انهيار الاتحاد السوفيتي وظهور ما يعرف بالأحادية القطبية ،بالإضافة إنها تسعي الي استعادة دورها كقوة دولية فاعلة في الشرق الأوسط وإثبات دورها المؤثر في القضايا الدولية والإقليمية وقد وجدت في الازمة السورية المكان المناسب لذلك من خلال تشكيل تحالفات إقليمية علي غرار ما فعلته الولايات المتحدة الأمريكية والغرب وقد رأت روسيا في ضم شبة جزيرة القرم الأوكرانية التي لم يتخذ فيها الغرب أي موقف ضدها تأكيداً لهذا الدور من الجدير بالذكر أن السياسيون الروس ينظرون إلى الشرق الأوسط على أنه موقع جيوستراتيجي مهم يمكن الاعتماد عليه للعب دور نشط ومؤثر في الأحداث الدولية وتسعى روسيا إلى تواجد قوي في سوريا تريد روسيا استخدام خبرتها السياسية واستغلال الفرص لتحقيق المزيد من النفوذ في منطقة الشرق الاوسط وتعتقد أنه يمكن السيطرة على إرث الربيع العربي لخدمة مصالحها الخاصة ، لا سيما بالنظر إلى تخلي الولايات المتحدة عن حلفائها ويمكن القول أن استراتيجية روسيا جديدة في سياستها الخارجية قد نجحت الي حداً كبير ،حيث يمكن القول أن روسيا نجحت في استعادة جزء من الأدوار القيادية في الأحداث والتغييرات الدولية ، واعتماد سياسة خارجية يمكن من خلالها القضاء على هيمنة القطب الواحد.[68]
وتحويل النظام الدولي إلى نظام متعدد الأقطاب وشهدت روسيا تغيرات في سياستها الخارجية خاصة في منطقة الشرق الأوسط و بدأت في اتباع[69] أساليب جديدة تولد انطباعات عن روسيا الجديدة التي كافحت لاستعادة قوتها السابقة وأظهرت من خلال سياستها الخارجية وكيفية تعاملها مع الأزمات أنها لا تهدف إلى الهيمنة بل على العكس من تدخلها تسعى لإيجاد شراكة إستراتيجية في الجوانب الاقتصادية والتنموية بما يعود بالنفع على جميع الأطراف وهي بذلك تعد العالم لرفض الأحادية القطبية ، خاصة في ظل فشل الولايات المتحدة في حروبها مع العراق وأفغانستان والقوقاز وأزمات الربيع العربي و في خضم هذه الأزمات ، غيرت ميزان القوى وغيرت الإستراتيجية من صلب إلى لين ، لذلك سعت روسيا ما بعد الاتحاد السوفيتي إلى التدخل في سوريا للحصول على موقع في الشرق الأوسط يمنحها مكانة قوة عظمى في السياسة الدولية على الرغم من أن روسيا لديها مصالح عديدة في سوريا ، فإن العلاقات المتقلبة بين الولايات المتحدة وروسيا منذ عام 2011 كانت العامل الأكثر أهمية في تحديد الطريقة التي ستنظر بها موسكو إلى هذا الصراع وكيف ستتصرف. ووفقًا لذلك، فإن الهدف الأساسي للرئيس فلاديمير بوتين من قرار روسيا في سبتمبر 2015 بالتدخل عسكريًا في الحرب السورية هو عرقلة الهيمنة الأمريكية المستمرة في الشرق الأوسط ترغب روسيا في إثبات أنها قوة استراتيجية وعسكرية رئيسية وأنها قادرة على التأثير على التحركات الأمريكية وحلف شمال الأطلسي في الشرق الأوسط.
- الهدف الثاني يتعلق بالاعتبارات الجيوسياسية لموقع سوريا: اهتمام روسيا بالبحر الأبيض المتوسط مهم بشكل حيوي للاستراتيجية العسكرية الروسية إذ تعتبر القاعدة البحرية الروسية الدائمة في ميناء طرطوس الذي يقع في غرب سوريا، أي على الساحل الشرقي للبحر الأبيض المتوسط في سوريا، ذات أهمية استراتيجية لروسيا لأنها المنشأة العسكرية الوحيدة الباقية لروسيا في الشرق الأوسط والأخيرة خارج الفضاء السوفياتي السابق والتي تقدم الخدمات للسفن الحربية الروسية وتوفر لقواتها البحرية الوصول المباشر إلى المياه الدافئة في البحر الأبيض المتوسط منذ انتهاء الحرب الباردة حيث تعتبر القاعدة البحرية في غاية الأهمية بالنسبة لمصالح روسيا الاقتصادية، والموقف الاستراتيجي، والنشاط العسكري في مياه البحر الأبيض المتوسط ويعتبر الدعم الروسي للحكومة السورية يتجاوز اهتمامها بسوريا و يمتد إلى حماية مصالحها الجيوستراتيجية في الشرق الأوسط بأكمله حيث يرتبط الوجود البحري لروسيا في الساحل المتوسطي لسوريا بمصلحتها الاقتصادية في المنطقة و إن تقديم الدعم الدبلوماسي والعسكري لبشار الأسد على التوالي في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة وفي القتال ضد المعارضة السورية يهدف إلى حماية مصالحها العسكرية في ميناء طرطوس السوري ويجدر علينا الإشارة الي ان الواقع الجغرافي لروسيا يجعلها تقع في منطقة محرومة من المنافذ البحرية الحرة، فالمحيط المتجمد الشمالي متجمد معظم شهور السنة وبحر البلطيق يتصل بالبحار المفتوحة عبر مضائق ليست عميقة، في حين يعد البحر الاسود مغلقا بمضائق البسفور والدردنيل التركية، لذلك تبرز الوضعية الجغرافية كإحدى الثوابت الاساسية في السياسة الخارجية الروسية، وعليه يعتبر هذا الطموح الروسي القديم منطقيا يهدف الى تعديل الوضعية الجغرافية لها مهما كان نظامها السياسي بحثاً عن منافذ بحرية حره، ولذلك تسعى روسيا لزيادة منافذها البحرية وصولا الى المياه الدافئة لذلك تعتبر منطقة الشرق الاوسط وسوريا هي جزء مهم من هذا التوجه التصحيحي للواقع الجغرافي الذي يحرم روسيا من المنافذ البحرية الحرة.[70]
- الهدف الثالث متعلق بالمصالح الاقتصادية وتجارة السلاح: فتعتبر سوريا احد اهم الشركاء الاقتصاديين بالنسبة لروسيا في المنطقة العربية،[71] حيث تشكل التجارة الروسية – السورية من اجمالي التجارة العربية – الروسية تقريباً ٢٠ %، وقد ارتفع التبادل التجاري بين الدولتين الى ١.٩٢ مليار دولار في العام 2011م بزيادة تصل الى ٥٨ % عن عام ٢٠١٠ ، كما بلغ حجم الاستثمارات الروسية في سوريا ما يقارب ٢٠ مليار دولار بالنسبة للبعد الطاقوي الذي دفع روسيا للتدخل في الازمة السورية ،روسيا تضع الطاقة في مرتبة متقدمة من حيث سياستها تجاه الدول العربية والشرق الأوسط حيث تسعي الي تأمين موقع استراتيجي لها في السياسات الجديدة للجيو-اقتصاديات في الشرق الأوسط وخاصة فيما يتعلق بتصدير الغاز الطبيعي والنفط إلى أوروبا حيث تتمتع روسيا بمكانتها باعتبارها المصدر الوحيد لموارد الطاقة الطبيعية إلى أوروبا عبر خطوط الأنابيب التي تمتد تحت الأرض، هذا النفوذ الجيوسياسي والمصلحة الوطنية مهددان حيث يسعى الاتحاد الأوروبي إلى تقليل اعتماده المفرط على روسيا لتلبية احتياجات الطاقة الهامة للغاية من خلال البحث عن مصادر وطرق بديلة في الشرق الأوسط عبر شرق البحر الأبيض المتوسط حيث أدى الاكتشاف الأخير لاحتياطيات الطاقة الهائلة في المناطق الاقتصادية الخالصة لمصر وإسرائيل واليونان إلى تغيير جذري في مشهد الطاقة في المنطقة لقد خلق هذا التطور فرصًا ومخاطر لروسيا ، التي يعتمد إقتصادها في المقام الأول علي البترول التي تعتمد ميزانيتها الفيدرالية بشكل حاسم على صادرات الطاقة حيث “سبعين بالمائة من الدخل الأجنبي لروسيا يأتي من صادرات النفط والغاز ستين بالمائة من ميزانية الدولة تأتي من تصدير الطاقة “حيث تشعر روسيا في هذا الشأن بالقلق من أن أوروبا المتعطشة للطاقة التي تبحث عن مصادر أخرى للنفط والغاز الطبيعي من شأنها أن تقلل اعتمادها المفرط على روسيا لتلبية إحتياجاتها من الطاقة والغاز الطبيعي لذلك سارعت روسيا بالتدخل في سوريا والتحالف مع مصر ،حيث اكتسبت موسكو موقعًا استراتيجيًا في شرق البحر الأبيض المتوسط ، وبالتالي ، لا يمكن للاعبين المحيطين (تركيا ، إسرائيل ، مصر ، وكذلك الاتحاد الأوروبي) تجاهل روسيا في تصاميمهم المستقبلية بشأن المشروعات والخطط المستقبلية فيما يتعلق بالطاقة.
اما فيما يتعلق بالبعد الطاقوي في سوريا: ترى روسيا أن مصلحتها الجيواقتصادية في سوريا مهمة للغاية حيث استثمرت العديد من الشركات الروسية بكثافة في صناعة النفط والغاز الطبيعي في سوريا ولديها خطوط أنابيب تحت الأرض تنقل هذه الموارد من سوريا إلى أوروبا حيث تعتقد روسيا أن نظام بشار الأسد وحده هو القادر على ضمان هذه الاستثمارات والمصالح في سوريا حيث انهيار النظام يعتبر مصدر قلق كبير لروسيا لأنها تعتمد بشكل أساسي على النفط والغاز كأساس لإقتصادها ، لذلك السلوك الذي تتبناه روسيا وزعيمها بوتين في الصراع المسلح السوري يكمن وراءه دوافع لحماية المصالح السياسية والاقتصادية والاستراتيجية لروسيا في سوريا والشرق الأوسط ضف الي ذلك أن روسيا تعد ثاني دولة مصدرة للأسلحة في العالم بعد الولايات المتحدة في السنوات الأخيرة ، وتُعتبر منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا ثاني أهم سوق للأسلحة بالنسبة لروسيا اتخذت روسيا العديد من الخطوات في هذه المنطقة منذ وصول فلاديمير بوتين إلى السلطة ، وخاصة في السنوات الأخيرة بعد بدء الإصلاح العسكري ويعتبر ملف المبيعات الأسلحة أمر بالغ الأهمية بالنسبة لروسيا لأنها لا تعتبر فقط مصدرًا رئيسيًا للمكاسب المالية ولكنها أيضًا أداة سياسة خارجية تكتيكية لممارسة النفوذ وعليه ، فإن تجنب خسارة حليف لروسيا يشتري أسلحة روسية كان أيضًا أحد حوافز روسيا لتدخل في الازمة السورية حيث تجارة الأسلحة الروسية مع سوريا مهمة للعلاقات الثنائية بين البلدين ، ومن المتوقع أن يؤدي إسقاط نظام الأسد إلى تعريض هذا الجانب من العلاقات الروسية السورية للخطر بشكل فعلي تجدير الإشارة الي أن مبيعات الأسلحة الروسية إلى سوريا أقل أهمية الآن من ذي قبل ، حيث انخفضت إلى 5 في المائة من مبيعات الأسلحة العالمية لروسيا منذ عام 2011 وبالتالي، بدلاً من تجارة الأسلحة مع سوريا ، ما يعتبر أكثر أهمية بالنسبة لروسيا في علاقاتها مع سوريا ووقوفها بقوة إلى جانب نظام بشار الأسد في الحرب الأهلية السورية ، وهي مصالحها الإستراتيجية الأوسع في الجغرافيا السياسية حول سوريا وتمتلك روسيا قاعدة بحرية في ميناء طرطوس السوري على شواطئ البحر المتوسط منذ عام ١٩٧١ بموجب اتفاق بين البلدين، وقد كلف استمرار هذه القاعدة اعفاء سوريا من ديون تقدر ب ٩.٨ مليار دولار عام ٢٠٠٦.
- الهدف الرابع متعلق بتخوف روسيا من انتشار عدوى الثورات العربية الى المحيط الحيوي لروسيا إذ نعتبر سوريا إمتداد جغرافي لروسيا، اذ ان المخاوف الروسية بالأساس هي مخاوف جيواستراتيجية، تخشى من ان يمتد عدوى الحرب في سوريا الى الدول المتقاربة من روسيا وفي مناطق القوقاز الاخرى خصوصا وان كثير من المقاتلين في سوريا هم من سكان هذه المناطق، ضف الي أن روسيا كانت قلقة بشأن المتطوعين الشيشان وغيرهم من الروس في شمال القوقاز الذين كانوا يقاتلون في الحرب الأهلية السورية ضد نظام بشار الأسد منذ منتصف عام 2013. حيث كانت تتخوف من عودة هؤلاء المقاتلين إلى روسيا حيث قُدر أن أكثر من 2500 مواطن روسي يقاتلون إلى جانب داعش في سبتمبر 2015. ونتيجة لذلك ، أعلن الرئيس بوتين أن عودتهم إلى روسيا ستشكل تهديدًا للأمن القومي الروسي ، وأنه من الأفضل مواجهتهم وإلحاق الهزيمة بهم في سوريا على عكس ليبيا البعيدة، كانت سوريا قريبة جدًا من الحدود الروسية وآسيا الوسطى، لذلك إذا انهار النظام السوري فسيكون لذلك آثاره المباشرة على روسيا ومن الجدير بالذكر أنه كان هناك تخوف بين النخب الروسية من أن يؤدي انهيار الأسد إلى سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية والقاعدة على الدولة، والانضمام إلى المسلحين في شمال القوقاز ، مما يتسبب في انعدام الأمن وتهديد الاستقرار الإقليمي.[72]
الفصل الخامس: مآلات التدخل الروسي الأمريكي في الازمة السورية: – |
المبحث الأول: مآلات التدخل الروسي الأمريكي في سوريا
لا تختلف السياسة الروسية اختلافًا جوهريًا عن سياسة الولايات المتحدة من حيث الأهداف؛ تسعى لتوظيف سياستها الخارجية بما يتماشى مع أهدافها الداخلية، لا سيما في ضوء إدراك روسيا وتصورها بأن العالم يتغير وأن السياسة الخارجية قد تتغير بطريقة يمكن للدول الكبرى أن تعمل على حل مشاكلها الداخلية وخاصة الاقتصادية منها لأنها مرتبطة مباشرة بمشاكل أخرى على حساب دول أخرى من خلال إحكام قبضتها على قدراتها الاقتصادية، واللجوء إلى الحفاظ على مصالحها لاستخدام وسائل الضغط العسكري، ومنطقة الشرق الأوسط هي منطقة نفوذ روسية، كما في حالة سوريا، فإن السياسة الروسية في المنطقة تتعارض بشكل مباشر مع السياسة الخارجية للولايات المتحدة.
ولهذا فأن روسيا تعمل على إعادة الأسطول الروسي إلى البحر المتوسط ، بدعم من قاعدة عسكرية سورية، ومن أهم الملاحظات التي نراها من خلال تحليلنا للتدخل الأمريكي الروسي نري عودة لروسية قوية إلى مناطق الفشل الأمريكي حيث اتسمت ملامح تحرك روسيا نحو الشرق الأوسط أولاً عودة روسيا إلى مسرح السياسة النشطة والمؤثرة في الأحداث الدولية، خاصة بعد أن تمكنت روسيا من تجاوز الأزمات الاقتصادية كما كان متوقعا أن تعود بقوة وهذه العودة تحمل إشارات يمكن تفسيرها لإمكانية قيام روسيا باتباع كل الوسائل المتاحة للحفاظ على مناطق نفوذها وخاصة مناطق نفوذها في سوريا.
معظم التحليلات تميل إلى الاتجاه بأن الولايات المتحدة على وشك إنهاء وجودها في المنطقة بعد أن اقتربت من التخلي عن وجودها في بعض المناطق ، وأن الوجود الروسي القوي في المنطقة بموافقة أمريكية وذلك لرغبة أمريكا في ملئ الفراغ الذي ينتج عن رحيلها ، بعد فشلها في حل مشاكل الشرق الأوسط ،بل المساهمة في تفاقمها ،في ضوء النشاط المتزايد للسياسة الخارجية الروسية تجاه المنطقة وتحقيق مصالح استراتيجية محددة لروسيا ، هناك من يعتقد أن هذه الأنشطة تحمل رؤى سياسية تؤطر سياستها مع حلفائها وهي في جوهرها لا تختلف كثيرًا عن أطماع أميركية في المنطقة وتحمل أبعاداً محددة الأول هو أن روسيا تقدم نفسها على أنها تحاول الحفاظ على الوضع الراهن في الشرق الأوسط ، والذي جاء من خلال ثورات الربيع العربي ، وتعتبر روسيا ثورات الربيع العربي تتحرك بدعم خارجي في إشارة إلى الولايات المتحدة وهنا قد يكون علامات الحرب الباردة. أحزابها هي القوى الداعمة للثورات الربيع العربي والداعمة لتغيير النظم والقوى الرافضة لهذه الثورات والرافضة لتغيير الأوضاع القائمة البعد الثالث هو التعامل مع جميع الفاعلين في المنطقة، سواء كانت دولاً أو جهات فاعلة غير حكومية، مثل: منظمات المجتمع المدني، ومراكز الفكر، وتلك الأدوات التي تستخدمها الولايات المتحدة لنشر الفوضى والاضطراب في المنطقة المرغوبة. [73]
ضف الي ذلك أن بعض الاتجاهات تري أن للازمة في سوريا انها اصبحت تمثل ساحة للصراع غير المباشر بين الولايات المتحدة وحلفائها من الدول الأوربية من جهة وروسيا وحليفتها الصين من جهة ثانية، بدليل ان روسيا والصين أصبحتا تمثلان عائقا أمام اتخاذ أي قرار دولي للتدخل في سوريا وخاصة عندما استخدما حق الاعتراض (الفيتو) في مجلس الأمن ضد تبني مبادرة جامعة الدول العربية لمرحلة انتقالية في سوريا تقضي بخروج الأسد أي بعبارة أخري تحولت زمام الأمور منذ بداية الحرب الاهلية من الأطراف الفاعلة المحلية الي الأطراف الدولية وخاصة بين روسيا والولايات المتحدة الامريكية.[74]
تسعى واشنطن وموسكو إلى صنع أدوات تأثير ونفوذ ليما في الصراع الحاصل في سوريا عبر دعم وتمويل المعارضة والنظام السوري، وقد اعتمدت الدولتان في تحقيق ذلك من خلال على طريقتين يتمثلان في الدعم بشكل مباشر عبر تقديم أموال وأسلحة إلى أحد أطراف النزاع أو دعم بشكل غير مباشر من خلال السماح لبعض الاطراف الإقليمية بدعم أحد أطراف النزاع ما يشبه الحروب بالوكالة خلال الحرب الباردة.
إن عدم التوافق بين الولايات المتحدة وروسيا في مفاوضات وإيجاد حل دبلوماسي للأزمة السورية دفع بالولايات المتحدة الأمريكية وروسيا إلى زيادة الدعم اللوجيستي والمالي وغيره لأطراف الصراع المحلية في الازمة السورية حيث سعي كلا الطرفين الدوليين الي حسم المعركة لصالحه وفرض الامر الواقع على الطرف الاخر.
بالرغم من أن في بداية الازمة كان الموقف الروسي يقوم بالأساس على المبدأ المعلن الذي شكل أساس لكثير من سياستها في الشرق الأوسط هو مبدأ مناهضة التدخل وعدم التدخل. وعلى الرغم من أن هذه الكلمات تبدو جديرة بالثناء، فإنها غطاء لهدف جيوسياسي أكثر خبثاً هو تحدي التفوق الأميركي وتقويضه، وتأسيس حلف من الحلفاء والشركاء الذين من المرجح أن يثقوا ويعملوا مع موسكو على حساب واشنطن وعلى الرغم من وصف تدخلها في سوريا بأنه مدفوع بالرغبة في محاربة الإرهاب، فإن المرحلة الأولى من العمليات الروسية في أواخر عام 2015 ركزت على مهاجمة المعارضة السورية الرئيسية، المدعومة في ذلك الوقت بتحالف من الدول بقيادة الولايات المتحدة، وفي الوقت نفسه، فإن الجماعات الإرهابية مثل «داعش» و«القاعدة» لم تتأثر كثيراً بالضربات الروسية، وبالتالي تكشفت الدوافع الحقيقية لروسيا ليراها الجميع وهي الوقوف بجانب النظام وعدم السماح بانهياره وروسيا تدرك أن بانهياره نظام الأسد سوف تقع سوريا في قبضة الولايات المتحدة الأمريكية الأمر الذي سيمكنها من تجديد مسعاها لإقامة شرق أوسط جديد يمتد من أعالي النيل إلى آسيا الوسطى واستكمال بناء الكماشة حول العنق الروسي ما بين أوروبا الشرقية ودول البلطيق في الغرب والشمال لذلك سارعت روسيا بالوقوف بجانب الأسد ونستطيع أن نقول أنها نجحت في تحدي السياسة الغربية وخلق مستنقعات تستنزف الموارد الغربية والأمريكية وتقوض السياسة الخارجية الغربية، وتوفر فرصاً يمكن لروسيا الاستفادة منها بالإضافة أنها أصبحت صانعة القرار الرئيسي والوسيط في سوريا، وقد عززت علاقاتها بشكل كبير مع إيران وتركيا وإسرائيل ومصر والكثير من دول الخليج.
لتحديد مآلات التدخل الروسي الأمريكي في سوريا حيث إن التصورات المختلفة لأسباب وعواقب الصراع متجذرة بعمق في مصالح وأهداف الطرفين الولايات المتحدة الامريكية وروسيا لذلك هناك تصورين لتحليل مآلات التدخل الأمريكي الروسي في الازمة السورية وهما كلاتي: –[75]
- تصادم بين الطرفين في سوريا حيث مع تدخل القوات الروسية والأمريكية في سوريا وإن كان في سياق محاربة تنظيم داعش الإرهابي الا إنه وضع القوات الامريكية والروسية في وجه بعضها البعض ومع وجود إختلاف المصالح والاهداف الظاهرة منها والخفية حيث من الرغم أن روسيا إطلقت مبادرات للتعاون الروسي الأمريكي بالتركيز علي مكافحة الإرهاب الا أن لا يوجد سبب وجية ومنطقي للاعتقاد بأن الازمة السورية قد تدفع الي تتغير العلاقات التنافسية بين الولايات المتحدة وروسيا بشكل عميق حيث اثبتت أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001م أن مكافحة الإرهاب لا تخلق تقارب طويل الأمد وأن تضارب المصالح والاهداف السياسية وغيرها يعاود الظهور بعد إزالة التهديد مباشرة ومن هنا لم تكن هناك أي نظرة مستقبلية واعدة للتعاون بين الطرفين وذلك بالنظر الي الأهداف الاستراتيجية المتضاربة والمتعارضة للطرفين في سوريا والتناقضات طويلة الأمد بين الطرفين ضف الي ذلك فأن التواجد الروسي في سوريا ومعارضة الولايات المتحدة لذلك لرغبتها بالتفرد قد يقود الي تضارب المصالح وتقاطعها فالاستراتيجية الروسية تنطلق من أن الشرق الأوسط يعتبر الفضاء القريب من حدودها وأن عدم الاستقرار في هذه المنطقة قد يهدد أمنها القومي بالإضافة أن هذه المنطقة وسوريا تحديداً تشكل منفذاً مهماً للوصول الي المياة الدافئة فحين تعتبر الولايات المتحدة الامريكية أن سوريا لها موقع إستراتيجي في غاية الأهمية ولابد من السيطرة عليها من أجل ترسيخ نظام عالمي يحافظ علي ريادتها ولا يسمح بصعود قوي دولية أو إقليمية منافسة لها كما أن سوريا تعتبر نقطة إلتقاء بين مصر وتركيا والعراق وتري الولايات المتحدة الامريكية بأن تدمير سوريا والسيطرة عليها وتطبيق عليها نظرية الفوضى البناءة يمكنها السيطرة علي هذه النطاقات الجيوسياسية الثلاثة ويمكنها من التأثير علي الشرق الأوسط.
- التصور الاخر هو توافق روسي أمريكي حول سوريا حيث روسيا تعتبر نظام الأسد ما هو الا ورقة مساومة في المفاوضات والصراعات [76]التي تخوضها مع الولايات المتحدة الامريكية والمجتمع الدولي حول مكانه روسيا في ليست مستثمرة في شخصية الأسد وهذا يجعل من الممكن التكهن بالسبل الممكنة للتعاون الروسي الأمريكي في سوريا بالانطلاق من التصور الحالي يمكن أن نتصور أن روسيا تستهدف المعارضين والمتمردين الذين هم يرغبون في السيطرة علي الأراضي التي يسيطر عليها نظام الأسد وأن الولايات المتحدة الامريكية هدفها القضاء علي تنظيم الدولة الإسلامية بمساعدة بعض الأطراف الإقليمية وفي حالة نجاح كلتا الاستراتيجيتين فمن الممكن أن يكون هناك سيناريو يدعو للتفاؤل ومن الممكن أن يتقلص الصراع بين روسيا والولايات المتحدة الامريكية بإخراج طرفين من الازمة هم التنظيم الإرهابي داعش والمتمردين وبالتالي من الممكن أن تكون هناك مفاوضات تجمع الأطراف الثلاثة وذلك للحفاظ علي سوريا كدولة ذات سيادة ومتعددة الأعراق والطوائف بالإضافة الي ضرورة التعاون بين الولايات المتحدة وروسيا وضرورة تقديم ضمانات سياسية وإستراتيجية لروسيا والتي أثبتت أنها لاعب لا يستهان به في قضايا الشرق الأوسط لذلك علي الغرب والولايات المتحدة الامريكية أن تعمل علي ضمان مصالح الاستراتيجية لروسيا في سوريا بعد الأسد من حيث وجودها في ميناء طرطوس وصفقات الأسلحة مع الجيش السوري وتقديم بديل عن الأسد لروسيا وهذا من الممكن أن يكون بديل جيد ومقبول بالنسبة روسيا ولكنني أري أن هذا السيناريو بعيد عن أن يتحقق علي أرض الواقع.
ومن ثم نستطيع أن نقول أن ما يحصل في سوريا من صراع بين الولايات المتحدة الامريكية وروسيا ما هو إلا امتدادا لصراعهم الاشمل في الشرق الأوسط وبما أن سوريا تمتلك بمكانه في العديد من المجالات ليس في المجال الجيوبولتكي فقط بل ايضاً في المجال الاقتصادي وما تمتلك من إمكانيات طاقوية بالإضافة الي المجالات الأخرى جعلت القوي الكبرى الدولية والإقليمية تهرول تجاها مستغلة الفوضى التي تلت الثورة في عام 2011م وتسابق كل هذه الدول والقوي الدولية والإقليمية وخاصة الولايات المتحدة وروسيا جعل هناك تقاطع وتضارب في المصالح جعل الازمة السورية شديدة التعقيد ويصعب تسوياتها بالوسائل الدبلوماسية في المدي القريب
المبحث الثاني: تأثير التنافس الروسي الأمريكي على مسار الازمة السورية
أن الدعم الروسي للقوات السورية ونظام الأسد والدعم الأمريكي للمعارضة وللمتمردين سواء مالياً أو عسكرياً أو حتى التدخل لجانبهم في الحرب يطيل من عمر الازمة السورية ويؤدي الي قتل المزيد من المدنيين وتدميراً في البنية التحتية السورية أن المتتبع والملاحظ للحالة السورية يري أنه من الصعب التوصل إلى حل داخلي أو أممي في الوقت القريب، فمن المتوقع أن يستمر الصراع بين النظام والمعارضة وذلك في ظل مساندة الروس للأسد ونظامه واستمرار الولايات المتحدة الامريكية في توفير الدعم للمعارضة السورية فكلا الطرفين يلعب دوراً مختلفاً حسب ما تمليه مصالحه فالولايات المتحدة الامريكية تساند المعارضة حتي يقوي موقفها وتستطيع الوقوف في وجه النظام السوري وذلك بهدف إضعاف النظام وحتي يتفكك تدريجياً وتخرج الأمور من يديه وتتناقص قدرته علي السيطرة علي الوضع فتتدخل الولايات المتحدة الامريكية لتحقيق أهدافها ومصالحها وفرض هيمنتها وتفردها.
بالنسبة لروسيا فأنها تستميت في الدفاع عن نظام الاسد في الحرب الأهلية السورية ليس لصالح القضية السورية ولا بحثاً عن عوده الاستقرار الي سوريا وإنما هذا التدخل مدفوع بالرغبة في استخدام قوتها العسكرية لمواجهة الغرب بشأن الصراع السوري وضمان بقائها في نظام دولي معاد يهدد مصالحها فروسيا تعارض توسع الغرب الجريء في الفضاء السوفياتي السابق وفي الشرق الأوسط ، وتعتقد أنها تريد استغلال الحرب الأهلية السورية لنشر هدفها التوسعي ونفوذها في سوريا والشرق الاوسط ، لأن مثل هذا السلوك الذي تتبناه الدول الغربية والولايات المتحدة الامريكية يتعارض بشكل مباشر مع مصالح روسيا ويهدف إلى الإضرار أمنها القومي على المدى الطويل. ونتيجة لذلك، تنشر روسيا قوتها العسكرية والسياسية كإجراءات مضادة للتغلب على استراتيجية الغرب المعادية لروسيا وخاصة لمنع الولايات المتحدة من بسط سيطرتها ونفوذها إلى سوريا لذلك يمكن القول إن صراع روسيا الدائر مع الغرب في سوريا يهدف ولو جزئيًا إلى تحقيق طموحها الأكبر لاستعادة مجدها المفقود منذ نهاية الحرب الباردة دون النظر للمعانة التي يوجهاها الشعب السوري من فوضي وعدم استقرار.[77]
تجدر الإشارة أن أغلب الدراسات والاتجاهات الفكري تتفق على أن كل الدعم سواء الروسي او الأمريكي المقدم للنظام السوري او الموجه الي المعارضة والمتمردين موجه في نهاية المطاف نحو حماية مصالح الطرفين في سوريا وفي الشرق الأوسط ، إلا أنهم يختلفون حول ماهية تلك المصالح بالضبط وبالتالي يقدمون روايات مختلفة لشرح التدخل الأمريكي و الروسي في الحرب الأهلية السورية حيث بينما تقود روسيا المعسكر الداعم للنظام السوري ضد المتمردين السوريين ، تقود الولايات المتحدة المعسكر الداعم للثوار السوريين ضد النظام السوري ومن المنطقي أن القوى العظمى التي تقود المعسكرين المتعارضين متورطة في حرب بالوكالة و نظرًا لأن الحرب الأهلية معقدة بالفعل ،ومع استمرارية الدعم الذي توفره روسيا والولايات المتحدة الامريكية لأطراف النزاع يجعل من الصعب التوصل الي حل داخلي أو حل أممي في الوقت القريب.[78]
أن التنافس الشديد وعدم الاتفاق بين الأطراف الدولية في سوريا وخاصة الولايات المتحدة وروسيا على ملامح نظام سياسي جديد يتفق مع مصالحهما هو سبب استمرارية الوضع المتأزم في سوريا على ما هو عليه فترة أطول فقد يكون من مصلحة الطرفين الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا استمرار
تسليح كلا من قوات النظام ومقاتلي المعارضة، بحيث يظل الصراع مستمر بشكل متوازن بين المعارضة والنظام وذلك تفاديا لمواجهة نظام سياسي جديد يعارض مصالحهما في المنطقة وهذا أدي الي تعقد الوضع أكثر فيما يتعلق بتسوية الازمة السورية حيث عدم نجاح أي طرف من الأطراف في القضاء أو الانتصار على الطرف الاخر سينتج مباراة صفرية وعندها سيبقي الوضع في سوريا على ما هو علية وتستمر معانها المواطنين وتأزم الأوضاع في سوريا.
أن المراقب للحالة السورية يجد أن فرص حدوت تفاهم في المستقبل القريب بين روسيا و الولايات المتحدة حول مستقبل سوريا قد تكون محدودة أو قد تكاد منعدمه و ذلك نظراً لتضارب المصالح بين الدولتين و توجهاتهما حيث في الوقت الذي تسعى روسيا إلى إيجاد نظام في الشرق الأوسط يضمن استرجاع أمجادها السوفياتية تسعى الولايات المتحدة إلى إيجاد نظام سوري حليف يحافظ على مصالحها في المنطقة و يضمن عدم التهديد للأمن الإسرائيلي الحليف الاستراتيجي لها وبذلك فأن اختلاف التوجهات بين القوتين الكبرتين وعدم وجود مبادرات حقيقية تتضمن تنازلات من الطرفين سيؤثر علي الأوضاع في سوريا وسيؤدي الي استمرارية حالة الاقتتال بين النظام السياسي والمعارضة هذه الحالة التي ليست في مصلحة الشعب السوري وإنما تخدم المصالح الغربية والروسية بالدرجة الاولي لنهب خيرات الدولة السورية وكسر شوكتها أمام إسرائيل.[79]
الولايات المتحدة الأمريكية تسعي الي استمرار حالة الصراع المنخفض الوتيرة كما ذكرنا سابقاً، لأن ذلك يترك سوريا ضعيفة ومشغولة بنفسها، ويبقى الهدف الابرز لها من مقاربتها للأزمة السورية، هو اعادة تشكيل موازين القوى الاقليمية، اذ تنظر الولايات المتحدة الى الصراع في سوريا باعتباره جزءاً من حالة المواجه مع ايران، فضلا عن ان لها مصلحة في منع تشكل قوس نفوذ ايراني يمتد من غرب افغانستان حتى الساحل الشرقي للبحر المتوسط، وقد يكون لهذا القوس تداعيات دولية اذا انشأ تحالف ايراني – صيني، او ايراني – روسي، او ايراني صيني روسي ، وهو الاسوأ بالنسبة للولايات المتحدة الامريكية، هذا كله يدفع بالولايات المتحدة الى اتباع سياسة تهدف الى احداث التغيير الذي يضمن مصالحها بغض النظر عما يعنيه هذا التغيير بالنسبة للمعارضة السورية، فالولايات المتحدة لا يعنيها شيء من مطالب السوريين اما الذي يعنيها هو التحول السياسي في النظام السوري بما يخدم مصالحها.
تجدر الإشارة الي ان بداية الازمة السورية كانت في الاساس ناجمة عن واقع داخلي يخص طبيعة النظام السوري وحالة الاختلال في شرعيته الامر الذي بدا بحالة من الرفض الشعبي والاحتجاج الثوري الذي له مطالب يمكن تلبيتها ولكن تطور الامر الى حالة من الصراع الدموي العنيف بين الأطراف المحلية التي تمثل المقاومة او من تدعي بالمقاومة الشعبية، وبين قوات النظام، لكن وبسبب موقع سوريا الجيوسياسي المهم، سرعان ما جعل الصراع الداخلي جزءاً من مواجهة اقليمية ودولية ، الامر الذي جعل من امكانية حل الصراع لم يعد ممكنا بمعزل عن ارادة الاطراف الاقليمية والدولية بالإضافة أنها جعلت من إمكانية إيجاد حلول للازمة السورية مرهوناً بمدى توافق الرؤى بين القوى الكبرى خاصة الولايات المتحدة وروسيا وكان ضحيه هذا التنافس هو الشعب السوري حيث أصبح أغلب المدنيين من السوريين أما لاجئين أو ضحايا لحروب لم يكن لهم يد فيها بالإضافة أن الأطراف الفاعلة داخلية أصبح دورها محدود في الازمة السورية بل وأصبحت خاضعة للفاعلين الدوليين تلك الفاعلين الدوليين الذي يلعب كلا منهما دوراً مختلفاً حسب ما تمليه مصالحه دون أي اعتبارات للاقتتال الدائر بين طوائف الشعب السوري فلا يهمهم سواء مصالحهم الوطنية في المقام الأول والأخير.
بالنسبة للأطراف الدولية وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا، فإن تعقيد القضايا وتشابك المصالح بينهم ليس فقط في سوريا، ولكن في أجزاء أخرى من العالم، وخاصة أوكرانيا، يدفعهم إلى الحفاظ على الوضع الراهن. العمل على زيادة وتيرة اللقاءات والمفاوضات السرية والعلنية بينهما في محاولة لإيجاد حل يرضي الجميع أي الحفاظ على المباراة التي محصلتها صفر أي لا يكون هناك طرف غالب وطرف مغلوب ومن هنا نستطيع أن نقول إن الدراسة أثبتت فروضها القائلة إن كلما تعارضت مصالح روسيا والولايات المتحدة الامريكية في سوريا كلما ازدادت الازمة السورية تعقيداً وحل الازمة السورية أو عدم حلها مرتبط بمصالح الولايات المتحدة الامريكية وروسيا في سوريا
النتائج: –
في ختام هذه الدراسة والتي ارتكزت في موضوعها على التنافس الأمريكي الروسي في منطقة الشرق الأوسط وبإعتماد الازمة السورية كدراسة حالة لهذا التنافس في المنطقة وما تحتوي من دوافع وأهداف لكلا الطرفين ،حيث خرجت الدراسة بصدق فرضيتها بحيث أن تعارضت مصالح روسيا والولايات المتحدة الامريكية في سوريا يؤدي الي المزيد من تعقيد الازمة السورية بالإضافة الي أن حل الازمة السورية أو عدم حلها مرتبط بمصالح الولايات المتحدة الامريكية وروسيا في سوريا وبما أن لكلا منهما أهدافه ودوافعه وبالطبع يتبع هذا الدوافع والتداخل في المصالح بين القوتين الكبرتين تصادم وعدم إتفاق حول ما يجري في سوريا ومن ثم تعقيد تسوية الازمة السورية.
فقد توصلت الدراسة الي العديد من النتائج أبرزها: –
- بداية الازمة السورية كانت في الاساس ناجمة عن واقع داخلي يخص طبيعة النظام السوري وحالة الاختلال في شرعيته الامر الذي بدا بحالة من الرفض الشعبي والاحتجاج الثوري الذي له مطالب يمكن تلبيتها، ولكن تطور الامر الى حالة من الصراع الدموي العنيف بين الأطراف المحلية التي تمثل المقاومة او من تدعي بالمقاومة الشعبية، وبين قوات النظام، لكن وبسبب موقع سوريا الجيوسياسي المهم، سرعان ما جعل الصراع الداخلي جزءاً من مواجهة اقليمية بعبارة أخري الساحة السورية لا تقتصر علي اللاعبين المحليين فقط وإنما تكتسي أبعاداً دولية وإقليمية تبدو في معظمها متقاطعة ومتضاربة مما قد يساهم في تعقيد الازمة وتعقيد عملية تسويتها.
- بما أن سوريا تمتلك مكانه في العديد من المجالات ليس في المجال الجيوبولتكي فقط، بل ايضاً في المجال الاقتصادي وما تمتلك من إمكانيات طاقوية بالإضافة الي المجالات الأخرى جعلت القوي الكبرى الدولية والإقليمية تهرول تجاها مستغلة الفوضى التي تلت الثورة في عام 2011م وتسابق كل هذه الدول والقوي الدولية والإقليمية وخاصة الولايات المتحدة وروسيا جعل هناك تقاطع وتضارب في المصالح وهذا جعل الازمة السورية شديدة التعقيد ويصعب تسوياتها بالوسائل الدبلوماسية في المدي القريب.
- إيجاد أي حلول للازمة السورية مرتبط بمدي توافق القوتين الأكبر الولايات المتحدة الامريكية وروسيا حيث لابد من توافقهما وذلك بسبب تحكمهما في تسليح كلا من النظام والمعارضة بالإضافة ان ما يحدث الان فيما يتعلق بالازمة السورية من إقتتال داخلي ما هو الا إنعكاس لما يجري علي المستوي الإقليمي والدولي من تنافس وصراع بين القوي الكبرى التي تسعي الي تحقيق أهدافها ومصالحها في الشرق الأوسط عموماً وفي سوريا تحديداً لذلك لم يعد حل الازمة متوقفاً علي الفاعلين الداخليين وإنما متوقفاً علي حدوث تفاهم وتوافق الرؤى بين القوى الكبرى خاصة الولايات المتحدة وروسيا ومادام هذا التنافس سيستمر في المستقبل لقريب فأن أزمات منطقة الشرق الأوسط عموماً والازمة السورية تحديداً ستزداد تعقيداً بسبب تضارب المصالح وتقاطعها.
- حققت الدراسة هدفها من خلال تحديد وتحليل المواقف التي تبنتها روسيا والولايات المتحدة الامريكية تجاه الازمة السورية وتحديد الدوافع وراء هذه المواقف التي تتبنها الدولتين بالنسبة لروسيا فان الدوافع وراء مواقفها تكمن وراء رغبتها (لاستعادة دورها علي المستوي الإقليمي والدولي أي إعتبارات تخص الدور والمكانة بالإضافة الي مصالحها الجيوسياسية وأهمية تمسكها في ان يكون لديها مؤطئ قدم في الشرق الأوسط تستطيع من خلاله الوصول الي المياه الدافئة بالإضافة الي الاعتبارات والابعاد الاقتصادية والطاقوية) بالنسبة للولايات المتحدة الامريكية الدوافع وراء تدخلها في الازمة السورية تكمن وراء سعيها إلى إيجاد نظام سوري حليف يحافظ على مصالحها في المنطقة و يضمن عدم التهديد للأمن الإسرائيلي الحليف الاستراتيجي بالإضافة الي استخدام الازمة السورية كورقة ضغط في مناطق التنافس الأخرى مع روسيا علي سبيل المثال الازمة الأوكرانية.
- يمكن القول ان روسيا استغلت لحظة الضعف الأمريكي إذا صح التعبير ولتعزيز نفوذها في المنطقة هذا الضعف الذي لحق بالولايات المتحدة الامريكية بسبب تأثير قواتها من تداعيات حروبها الطويلة في العراق وأفغانستان وجعلها تتأنا وتتردد في لعب دور المهيمن من جديد ورجل الشرطي العالمي ، ونتيجة الي ذلك يمكن القول ان روسيا نجحت في تحدي السياسة الغربية وخلق مستنقعات تستنزف الموارد الغربية والأمريكية وتقوض السياسة الخارجية الغربية واستطاعت مزاحمة الولايات الممتحدة الامريكية، وتوفر فرصاً يمكن لروسيا الاستفادة منها بالإضافة أنها أصبحت صانعة القرار الرئيسي والوسيط في سوريا حيث عكس هذا التدخل العسكري الروسي في 2015 حيث إعاد التوازن الي قوات الأسد علي ساحة المعركة مما حال دون تغيير النظام من قبل قوي خارجية بالإضافة الي جمع المتخاصمين والأطراف الفاعلة الداخلية علي طاولة المفاوضات والاهم من ذلك هو ضمانها لمؤطئ قدم إستراتيجي لها في سوريا ،بالإضافة إنها قد عززت علاقاتها بشكل كبير مع إيران وتركيا وإسرائيل ومصر والكثير من دول الخليج.
- كان ضحية هذا التنافس هو الشعب السوري حيث أصبح أغلب المدنيين من السوريين أما لاجئين أو ضحايا لحروب لم يكن لهم يد فيها بالإضافة أن الأطراف الفاعلة الداخلية أصبح دورها محدود في الازمة السورية، بل وأصبحت خاضعة للفاعلين الدوليين تلك الفاعلين الدوليين الذي يلعب كلا منهما دوراً مختلفاً حسب ما تمليه مصالحه دون أي اعتبارات للاقتتال الدائر بين طوائف الشعب السوري فلا يهمهم سواء مصالحهم الوطنية في المقام الأول والأخير.
ثامناً: تقسيم الدراسة: –
الفصل الأول :– | الاطار النظري والمفاهيمي للدراسة: – | الصفحات |
المبحث الأول | الحدود المفاهيمية لمصطلح التنافس في العلاقات الدولية | 11-18 |
المبحث الثاني | النظريات المفسرة لظاهرة التنافس الأمريكي الروسي في منطقة الشرق الأوسط | 19-22 |
المبحث الثالث | التنافس الروسي الأمريكي في الشرق الأوسط رؤية تاريخية تحليلية. | 23-27 |
الفصل الثاني: | الشرق الأوسط في الاستراتيجية الروسية والأمريكية بعد ثورات الربيع العربي (2011-2020م) | 28-41 |
المبحث الاول | الاستراتيجية الروسية تجاه دول المنطقة بعد ثورات الربيع العربي | 28-35 |
المبحث الثاني | الاستراتيجية الأمريكي تجاه دول المنطقة بعد ثورات الربيع العربي | 36-41 |
الفصل الثالث: – | الاسباب الكامنة وراء الازمة السورية: – | 41-51 |
المبحث الأول | أسباب الازمة السورية السياسية والاقتصادية والاجتماعية | 42-48 |
المبحث الثاني | الأطراف الفاعلة في الازمة السورية | 49-50 |
الفصل الرابع:- | سياسة الولايات المتحدة الامريكية وروسيا تجاه الازمة السورية: – | 51-66 |
المبحث الأول | سياسة الولايات المتحدة الامريكية تجاه الازمة السورية في عهد أوباما ودونالد ترامب | 51-56 |
المبحث الثاني | دوافع تدخل الولايات المتحدة الامريكية في الازمة السورية. | 57-59 |
المبحث الثالث | سياسة روسيا الاتحادية تجاه الازمة السورية. | 60-62 |
المبحث الرابع | دوافع تدخل روسيا الاتحادية في الازمة السورية. | 63-66 |
الفصل الخامس | مآلات التدخل الروسي الأمريكي في الازمة السورية: – | 67-74 |
المبحث الأول | مآلات التدخل الروسي الأمريكي في سوريا | 68-71 |
المبحث الثاني | تأثير التنافس الروسي الأمريكي على مسار الازمة السورية | 72-74 |
————— | النتائج | 75-77 |
————– | قائمة المراجع | 79-87 |
قائمة المراجع: –
- الكتب العربية: –
- حسين حيدر على،” سياسة الولايات المتحدة الأمريكية ومستقبل النظام الدولي ” عمان: دار الكتاب العلمية للطباعة والنشر، 2013م
- د/ نورهان الشيخ “نظرية العلاقات الدولية ” الناشر: المكتب العربي للمعارف، القاهرة، سنة ،2017ص98
- زيدان، ناصر. “دور روسيا في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا من بطرس الأكبر حتى فلاديمير بوتين” بيروت: الدار العربية للعلوم ناشرون،2013
- سامر سلمان الجبوري “التنافس الأمريكي الروسي في الشرق الأوسط الازمة السورية أنموذجاً” دار الرافدين للطباعة والنشر، العراق، سنة 2017م
- مراد محمد “السياسة الأمريكية تجاه الوطن العربي بين الثبات الاستراتيجي والمتغير الظرفي” (بيروت: دار المنهل اللبناني 2009)
- المشابقة امين، شلبي سعد شاكر،”التحديات الأمنية للسياسة الخارجية الأمريكية في الشرق
- قاسم، دحمان “السياسة الخارجية الروسية في آسيا الوسطى والقوقاز” لندن: كتب، 2016
- د/ممدوح محمود منصور “الصراع الأمريكي السوفيتي في الشرق الأوسط” دار النشر (مكتبة مدبولي) ،القاهرة عام 1990م ص60ص63ص64
- حسين خليل, “النظام العالمي الجديد والمتغيرات الدولية ” بيروت : دار المنهل اللبناني ،الطبعة الاولي ،2009م)
- أحمد الكعكي يحي ،”الشرق الاوسط و الصراع الدولي” (بيروت: دار النهضة العربية، 1986م)
- أحمد فؤاد رسلان” نظرية الصراع الأولي“، القاهرة مصر، الهيئة المصرية العامة للكتاب 1968م
- الرسائل والاطروحات: –
- أسامة دراز “الاستراتيجية الروسية في منطقة المتوسط دراسة حالة التدخل الروسي في سوريا “رسالة ماجستير في العلوم السياسية، كلية الحقوق والعلوم السياسية، جامعة محمد بن مهيدي، سنه 2015، ص8ص9
- إياد خلف عمر الكعوب، “استراتيجية القوة الناعمة ودورها في تنفيذ اهداف السياسة الخارجية الأمريكية في المنطقة العربية“، مذكرة لنيل الماجيستير، جامعة الشرق الوسط: كلية الآداب والعلوم السياسية.
- بسمة عثماني “التنافس الأمني الأمريكي الروسي في الشرق الأوسط “رسالة ماجستير في العلوم السياسية، جامعة العربي بن مهيدي –أم البواقي، كلية الحقوق والعلوم السياسية، سنة 2016) ص6ص7
- تباني، وهيبة، ” الاستراتيجية الأمنية الأمريكية في منطقة شمال شرق آسيا مرحلة ما بعد الحرب الباردة“، رسالة دكتوراه، قسم العلوم السياسية، جامعة باتنة،2010/2009)
- جداي سليم “التنافس الدولي في السياسة العالمية دراسة حالة: منطقة الساحل الافريقي” المركز العربي الديمقراطي ببرلين ألمانيا، الطبعة الاولي، سنة 2020ص9ص10
- جعودي كأتية “الاستراتيجية الروسية الجديدة في الشرق الأوسط دراسة حالة الازمة السورية” رسالة ماجستير، كلية الحقوق والعلوم السياسية، جامعة مولود معمري، سنة 2017ص16
- خالد عوض عقلة “الاستراتيجية الامريكية تجاه الشرق الأوسط عهد أوباما(2009-2017)”(رسالة ماجستير في العلوم السياسية، كلية الآداب والعلوم جامعة الشرق الأوسط،2018) ص100ص101
- الدلابيح على فايز يوسف “توازن القوى وأثره في الشرق الاوسط بعد الاحتلال الامريكي العراق 2011-2013)” رسالة ماجستير، جامعة الشرق الأوسط، سنة 2011م
- رابيا ديهيه “دور استراتيجية القوة الإقليمية والكبرى تجاه الحراك في الشرق الأوسط سوريا نموذجا (2011-2016)“: (رسالة ماجستير في العلوم السياسية جامعة مولود معمري، كلية الحقوق والعلوم السياسية سنة 2017) ص218ص219
- رازقي، بسمة “القوى الفاعلة في صناعة القرار داخل الإدارة الأمريكية” مذكرة لنيل شهادة ليسانس في العلوم السياسية، فرع العلاقات الدولية، جامعة باتنة، كلية الحقوق قسم العلوم السياسية، 2003-2004م
- سهام فتحي سليمان “الازمة السورية في ظل التحولات الإقليمية والدولية 2013-2011” مذكرة مكملة لنيل الماجستير جامعة الازهر، فلسطين، كلية العلوم السياسية، سنة ٢٠١٥م
- شكلاط ويسام، “الاستراتيجية الروسية الجديدة في عهد بوتين” دراسة ماجستير، كلية الحقوق والعلوم السياسية، جامعة مولود معمري، الجزائر، سنة 2016
- عبد الله فلاح عودة “التنافس الدولي في أسيا الوسطي (1991-2010)” رسالة ماجستير في العلوم السياسية، كلية الآداب والعلوم، جامعة الشرق الأوسط، سنة 2011
- العزي خالد ممدوح” روسيا والطاقة الجديدة في البحر المتوسط: المصالح فوق كل اعتبار” صحيفة المستقبل العربي العدد. 4694،21 مايو 2013
- عمر كامل، حسن. “النظام الشرق الأوسطي وتأثيره على الأمن القومي العربي” دراسة في الجغرافيا السياسية والجيوبولتيك. سوريا: دار رسلان للطباعة والنشر،2008
- مريم مالكي “السياسة الخارجية الروسية اتجاه الأزمة السورية (2011 2014)” دراسة ماجستير، جامعة الجيلالي بونعامة، كلية الحقوق والعلوم السياسية، الجزائر، 2015.
- عائشة عمراني “التنافس الأمريكي الروسي في منطقة الشرق الأوسط سوريا نموذجاً 2010-2018” رسالة ماجستير، كلية الحقوق والعلوم السياسية جامعة قاصدي مرباح-ورقلة، الجزائر سنة 2019م
- السعيد حفاصة ” السياسة الخارجية الروسية تجاه الشرق الأوسط بعد ثورات الربيع العربي: دراسة في أبعاد التدخل الروسي في سوريا” رسالة ماجستير في العلوم السياسية ،كلية الحقوق والعلوم السياسية ، جامعة ماي قالمة،2016م ص90 ص91
- جعودي كأتية “الاستراتيجية الروسية الجديدة في الشرق الأوسط دراسة حالة الازمة السورية” رسالة ماجستير، كلية الحقوق والعلوم السياسية، جامعة مولود معمري، سنة 2017ص16
- المختار قريشي ” دور السياسة الخارجية الامريكية تجاه الازمة السورية 2011-2014” رسالة ماجستير ، كلية الحقوق والعلوم السياسية ، جامعة محمد بوضياف المسيلة- الجزائر سنة 2015م 50 ص51 ص52
- سهام فتحي سليمان “الازمة السورية في ظل التحولات الإقليمية والدولية 2013-2011” مذكرة مكملة لنيل الماجستير جامعة الازهر، فلسطين، كلية العلوم السياسية، سنة ٢٠١٥م
- خالد عوض عقلة الدهام “الاستراتيجية الامريكية تجاه الشرق الأوسط في عهد أوباما (2009-2017م)” رسالة ماجستير جامعة الشرق الأوسط، كلية العلوم والآداب ،الأردن http://search.mandumah.com/Record/1205293
- إيمان عبد العزيز “الاستراتيجية الامريكية تجاة الشرق الأوسط في عهد أوباما سوريا والعراق نموذجاً 2009- 2017” رسالة ماجستير جامعة الأردنية ،كلية الدراسات العليا سنة 2017م
- صدام عبد اللة راشد ” السياسة الخارجية الروسية تجاه الأزمات في منطقة الشرق الأوسط 2011-2016)” رسالة ماجستير جامعة آل البيت ، الأردن سنة 2017م
1-الدوريات العلمية –
- حسيبة مخي “توجهات الاستراتيجية الروسية نحو منطقة الشرق الأوسط دراسة حالة الازمة السورية” مجلة مدارات سياسية، جامعة الجزائر ،الجزائر عدد ديسمبر 2017م ص8ص9
- د/نورهان الشيخ “تنامي الدور السياسي الروسي في الشرق الأوسط ” مجلة دراسات الشرق أوسطية، مركز دراسات الشرق الأوسط، المجلد 23،العدد 89، عام :2019م http://search.mandumah.com/Record/98122
- د/نورهان الشيخ “مصالح ثابتة ومعطيات جديدة السياسة الروسية تجاه المنطقة بعد الثورات العربية” مجلة السياسة الدولية، القاهرة الاهرام ،2013م siyssa.org.eg
- أحمد جمعة عبد الغني ” التوجهات الاقتصادية والسياسية لروسيا الاتحادية تجاه الشرق الأوسط ” جامعة عين شمس – مركز بحوث الشرق الأوسط، العدد 68 ، أكتوبر 2021م
- الجبور فلاح سمور ” الإستراتيجية الروسية تجاه الشرق الأوسط في عهد بوتن (2012 – 2018):” جامعة الشرق الأوسط، كلية الآداب والعلوم، الأردن، سنة 2018. http://search.mandumah.com/Record/988590
- مؤلف جماعي “الشرق الأوسط في ظل أجندات السياسة الخارجية الامريكية دراسة تحليلية بين حكم أوباما وترامب” المركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ،برلين -المانيا سنة 2017م
- عبد اللة الشاهر “الاستراتيجية الامريكية وأدواتها في المنطقة العربية” مجلة الفكر السياسي، الناشر: إتحاد الكتاب العرب ،المجلد 19 العدد 68 سنة 2018م
- مثني فائق مرعي ” السياسة الامريكية تجاه سوريا بين إدارتي أوباما وترامب:التحول والمحددات” مجلة تكريت كلية العلوم السياسية المجلد 26 العدد 2 سنة 2019م
- ربيع نصر ومؤلفون أخرون (مؤلف جماعي) “الازمة السورية الجذور والآثار الاقتصادية والاجتماعية ” المركز السوري لبحوث السياسات الجمعية السورية لثقافة والمعرفة، سنة 2013م http://www.scpr-syria.org /
- موفي مصطفي الخزرجي “الازمة السورية ومواقف الدول الكبرى” مجلة دراسات، المجلد 3 العدد 1 الناشر مركز البحرين للدراسات الاستراتيجية والدولية ،سنة 2016م http://search.mandumah.com/Record/748450
- علي آزاد أحمد وأخرون “خلفيات الثورة: دراسات سورية“،(بيروت ،المركز العربي للأبحاث والدراسات ،سنه 2014) ص484 ص485 ص486
- نور الدين خضر “الازمة في سوريا في الأسباب والنتائج “مجلة شئون الشرق الأوسط ،العدد 148 لبنان ،سنة 2014 ص117-ص118
- سومر منير صالح “الصراع الأهلي في سويا دينامياته وضوابطه وتجلياته” مجلة القدس للأبحاث والدراسات ،جامعة القدس المفتوحة سنة 2016،ص5ص6ص7
- د. مايسة محمد مدني “التدخل الروسي في الازمة السياسية” مجلة كلية الاقتصاد العلمية كلية الدراسات الاقتصادية قسم العلوم السياسية-جامعة النيلين العدد الرابع ،يناير 2015م.
- الناصر دريد سعيد “دوافع التدخل الروسي في الازمة السورية“(مجلة جامعة التنمية البشرية كلية القانون والعلوم السياسية، المجلد 2، العدد 4، سنة 2016) ص18ص19
- بدر الشافعي “الدور الروسي في سوريا المحددات والاليات والمآلات” مجلة دراسات الشرق الأوسط ،المجلد 22 العدد 84 سنة 2018م ص48 ص49 ص50
- الحارث محمد سبيتان “التدخل العسكري الروسي في سوريا الأسباب والمآلات” مجلة المفكر، جامعة الزرقاء الاردن، المجلد 14 العدد 2 ،2019م ص 18-19
- حسن ناصر عبد الحسين “التنافس الروسي الأمريكي في الشرق الأوسط“:(مجلة كلية التربية للعلوم الإنسانية جامعة الكوفة، المجلد 12، العدد 22، سنة 2018،) ص349ص350 https://search.mandumah.com/Record/9080
- الناصر دريد سعيد “دوافع التدخل الروسي في الازمة السورية“(مجلة جامعة التنمية البشرية كلية القانون والعلوم السياسية، المجلد 2، العدد 4، سنة 2016) ص75ص84
- منير محمود بدوي “مفهوم الصراع دراسة في الأصول النظرية الأسباب والانواع” مجلة الدراسات المستقبلية، العدد الثالث، سنة 1997ص37
- ) بشار أحمد نرش” التنافس الدولي في آسيا الوسطى بعد انهيار الاتحاد السوفييتي“، دراسة ماجستير، جامعة دمشق كلية العلوم السياسية، 2010
- خالد بن نايف الهباسي”التنافس الدولي وأثره على العالم العربي” مجلة الشؤون العربية، بيروت العدد 153، ربيع 2013
- جرجس الملحم، “تأثير التوافق الصيني-الروسي على السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط“، مجلة الدفاع الوطني اللبناني ال عدد78، سنة2017
- العناني خليل “السياسة الخارجية الأمريكية تجاه العالم العربي: رؤية مستقبلية” شؤون عربية العدد 123 ،2015م
- الشكري كمال سالم “مشروع الشرق أوسطية والامن العربي “، مجلة جامعة دمشق للعلوم الاقتصادية والقانونية المجلد 28، العدد الاول، 2012م
- منصور أبو كريم “اتجاهات السياسية الامريكية تجاه منطقة الشرق الأوسط في ظل حكم ترامب” مركز حرمون للدراسات المعاصرة ،28يناير 2018، ص29ص30
- علوي، مصطفى، “السياسة الخارجية الامريكية وهيكل النظام الدولي“، مجلة السياسة الدولية القاهرة: مركز الاهرام لدراسات الاستراتيجية والسياسية ،2013م
- الدجنى حسام “سر الموقف الروسي من الأزمة السورية“، صحيفة القدس العربي، العدد.7042، السنة الثالثة والعشرون، 2012م
- المراجع بالغة الأجنبية: –
- Giedrius Česnakas ““Foreign Policy: A Theoretical Approach” Article in Baltic Journal of Law & Politics · August 2010, VOLUME 3, NUMBER 1 (2010) publication at: https://www.researchgate.net/publication/271052236
- Krieg, Andreas. “The Obama Doctrine and US Foreign Policy in the Middle East.” International Affairs 92, no. 1 (2015): p97–p113
- Emirhan Kaya ” The Syrian Crisis: A Protracted Social Conflict” Electronic Journal of Political Science Studies, January 2021 Vol: 12 No:1 https://www.researchgate.net/publication/348919546
- Jasmine K. Gani ” US policy towards the Syrian conflict under Obama: Strategic Patience and Miscalculation” University of St Andrews,2019, https://www.researchgate.net/publication/334401964
- Lesch, David. “The Uprising that Wasn’t Supposed to Happen: Syria and the Arab Spring.” In Change and Resistance in the Middle East, edited by David W. Lesch and Mark L. Haas,. Boulder, CO: Westview Press, 2013
- Samaneh Movahed” The U.S. Foreign Policy towards Syria under the Donald Trump Administration” Research Journal of Humanities and Social Sciences, M.A. Regional Studies, Allameh Tabataba’i University, Tehran, Iran Volume-01,Issue-01,2022
- Mohammed Torki Bani Salameh ” The American Russian Rivalry in the Middle East” International Journal of Humanities and Social Science, Volume 8 – Number 1 – January 2018, https://www.researchgate.net/publication/324485440
- Emil Souleimanov ” Russia’s Syria War: A Strategic Trap” Middle East Policy, Vol. XXV, No. 2, Summer 2018 , https://www.researchgate.net/publication/325566219
- Ahmed Abdallah Eltahlawy , Nourhan Elsheikh” THE RUSSIAN STRATEGY TOWARD SYRIAN CRISIS: CAUSES, FACTORS AND GOALS” The Annual International Conference on Cognitive – Social, and Behavioural Sciences, Future Academy, FutureAcademy.org.UK
- Serdar Yurtsever” SYRIAN CRISIS IN SCOPE OF THE US-RUSSIAN COMPETITION IN MIDDLE EAST” International Journal Entrepreneurship and Management Inquiries ISSN: 2602 – 3970 / Dönem / Cilt: 2 / Sayı: 3 https://www.researchgate.net/publication/327646657
- Rengger N.J., International Relations Political Theory and the Problem of Order Beyond International Relations theory? (USA: Routledge, 2000)
- Lynch Timothy J. and Singh Robert S., After Bush: THE CASE FOR CONTINUITY IN AMERICAN FOREIGN POLICY (New York: CAMBRIDGE UNIVERSITY PRESS, 2008).
- Holbrad Carsten, the Superpower and International Conflict (USA: The Macmillan Press, Ltd, 1979
- Economides Spyros & Wilson Peter, “the Economic Factor in International Relations “(London: New York: I.B.Tauris Publishers, 2001)
- Marcel de Hass, “Russia’s Foreign Policy in the 21st Century“, Routledge Publication in USA & Canada, 2010.
- Semra Rana Gokmen, “Geopolitics and The Study of Internationl Relations“, a PHD theses submitted to the graduate School of Social Sciences of Middle East Technical University, 2010
- Richard Sakawa, “Putin: Russia’s Choice“, Routledge, London New York 2010,
- Simon Pirani, “Change in Putins Russia (Power, Money and People)”, Pluto Press, New York, 2010
- Sedhain Pramod Raj ” Syrian Conflict: The Key International Interests” Available from, http://s3.amazonaws.com/academia.edu.documents/31799147/Syrian_Conflict_Th e_Key_International_Interests-libre.pdf
[1] رابيا ديهيه “دور استراتيجية القوة الإقليمية والكبرى تجاه الحراك في الشرق الأوسط سوريا نموذجا (2011-2016)“: (رسالة ماجستير في العلوم السياسية جامعة مولود معمري، كلية الحقوق والعلوم السياسية سنة 2017) ص218ص219
[2] عبد الله فلاح عودة “التنافس الدولي في أسيا الوسطي (1991-2010)” رسالة ماجستير في العلوم السياسية، كلية الآداب والعلوم، جامعة الشرق الأوسط، سنة 2011
[3] منير محمود بدوي “مفهوم الصراع دراسة في الأصول النظرية الأسباب والانواع” مجلة الدراسات المستقبلية، العدد الثالث، سنة 1997ص37
[4] د/نورهان الشيخ “نظرية العلاقات الدولية ” الناشر: المكتب العربي للمعارف، القاهرة، سنة ،2017ص98
[5] المرجع السابق ص114ص115
[6] جعودي كأتية “الاستراتيجية الروسية الجديدة في الشرق الأوسط دراسة حالة الازمة السورية” رسالة ماجستير، كلية الحقوق والعلوم السياسية، جامعة مولود معمري، سنة 2017ص16
[7] المرجع السابق ص17ص18
[8] سالم برقوق “إشكالية مفهوم التدخل وعدم التدخل في العلاقات الدولية” رسالة ماجستير ،جامعة الجزائر، معهد العلوم الدبلوماسية والعلاقات الدولية ،الجزائر،1994م http://search.mandumah.com/Record/584515
[9]د/عبد العالي عبد القادر “نظريات العلاقات الدولية” كلية الحقوق والعلوم السياسية، جامعة الطاهر مولاي قسم العلوم السياسية والعلاقات الدولية سنة 2009، ص17ص18
[10] د/نورهان الشيخ مرجع سبق ذكره ص154ص155
د/عبد العالي عبد القادر مرجع سبق ذكره ص20ص21
- Giedrius Česnakas ““Foreign Policy: A Theoretical Approach” Article in Baltic Journal of Law & Politics · August 2010 , VOLUME 3, NUMBER 1 (2010) publication at: https://www.researchgate.net/publication/271052236
[13]رابيا ديهيه، مرجع سبق ذكره ص7ص8
[14] د/ممدوح محمود منصور “الصراع الأمريكي السوفيتي في الشرق الأوسط” دار النشر (مكتبة مدبولي) ،القاهرة عام 1990م ص60ص63ص64
[15] المرجع السابق ص68ص70
[16] المرجع نفسة ص76ص87
[17] حسن ناصر عبد الحسين ” التنافس الروسي الأمريكي في الشرق الأوسط” مجلة كلية التربية للبنات للعلوم الإنسانية، جامعة الكوفة – كلية التربية للبنات، المجلد 12 العدد 22 http://search.mandumah.com/Record/908071
[18] أحمد الكعكي يحي ،”لشرق الاوسط و الصراع الدولي” (بيروت: دار النهضة العربية، 1986م)
[19] حسين خليل, “النظام العالمي الجديد والمتغيرات الدولية ” بيروت : دار المنهل اللبناني ،الطبعة الاولي ،2009م)
[20] حسيبة مخي “توجهات الاستراتيجية الروسية نحو منطقة الشرق الأوسط دراسة حالة الازمة السورية” مجلة مدارات سياسية ،جامعة الجزائر ،الجزائر عدد ديسمبر 2017م ص8ص9
[21] د/نورهان الشيخ “تنامي الدور السياسي الروسي في الشرق الأوسط “ مجلة دراسات الشرق أوسطية، مركز دراسات الشرق الأوسط، المجلد 23،العدد 89، عام :2019م http://search.mandumah.com/Record/98122
[22] د/نورهان الشيخ “مصالح ثابتة ومعطيات جديدة السياسة الروسية تجاه المنطقة بعد الثورات العربية” مجلة السياسة الدولية، القاهرة الاهرام ،2013م www.siyssa.org.eg
[23] أحمد جمعة عبد الغني ” التوجهات الاقتصادية والسياسية لروسيا الاتحادية تجاه الشرق الأوسط “ جامعة عين شمس – مركز بحوث الشرق الأوسط، العدد 68 ، أكتوبر 2021م
[24] الجبور فلاح سمور ” الإستراتيجية الروسية تجاه الشرق الأوسط في عهد بوتن (2012 – 2018):” جامعة الشرق الأوسط، كلية الآداب والعلوم، الأردن ،سنة 2018. http://search.mandumah.com/Record/988590
[25] صدام عبد اللة راشد ” السياسة الخارجية الروسية تجاه الأزمات في منطقة الشرق الأوسط 2011-2016)” رسالة ماجستير جامعة آل البيت ، الأردن سنة 2017م
[26] نورهان الشيخ “تنامي الدور السياسي الروسي في الشرق الأوسط ” مرجع سبق ذكره ص60 ص61
[27] أسامة دراز “الاستراتيجية الروسية في منطقة المتوسط دراسة حالة التدخل الروسي في سوريا “رسالة ماجستير في العلوم السياسية، كلية الحقوق والعلوم السياسية، جامعة محمد بن مهيدي، سنه 2015،
[28] د/نورهان الشيخ مرجع سبق ذكره ص20ص22
[29] مؤلف جماعي “الشرق الأوسط في ظل أجندات السياسة الخارجية الامريكية دراسة تحليلية بين حكم أوباما وترامب” المركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ،برلين -المانيا سنة 2017م
[30] المرجع نفسة ص155ص156
[31] عبد اللة الشاهر “الاستراتيجية الامريكية وأدواتها في المنطقة العربية” مجلة الفكر السياسي، الناشر: إتحاد الكتاب العرب ،المجلد 19 العدد 68 سنة 2018م
[32] المرجع السابق ص19ص20
[33] إيمان عبد العزيز “الاستراتيجية الامريكية تجاة الشرق الأوسط في عهد أوباما سوريا والعراق نموذجاً 2009- 2017” رسالة ماجستير جامعة الأردنية ،كلية الدراسات العليا سنة 2017م
[34] Krieg, Andreas. “The Obama Doctrine and US Foreign Policy in the Middle East.” International Affairs 92, no. 1 (2015): 97–113.
[35] خالد عوض عقلة الدهام “الاستراتيجية الامريكية تجاه الشرق الأوسط في عهد أوباما (2009-2017م)” رسالة ماجستير جامعة الشرق الأوسط ،كلية العلوم والآداب ،الأردن http://search.mandumah.com/Record/1205293
[36] المرجع السابق ص30ص32
[37] مثني فائق مرعي ” السياسة الامريكية تجاه سوريا بين إدارتي أوباما وترامب:التحول والمحددات” مجلة تكريت كلية العلوم السياسية المجلد 26 العدد 2 سنة 2019م
[38] المرجع نفسة ص40ص42
[39] ربيع نصر ومؤلفون أخرون (مؤلف جماعي) “الازمة السورية الجذور والآثار الاقتصادية والاجتماعية ” المركز السوري لبحوث السياسات الجمعية السورية لثقافة والمعرفة، سنة 2013م http://www.scpr-syria.org/
[40] المرجع السابق ص15ص17
[41] المرجع نفسه ص50 ص51ص52
[42] موفي مصطفي الخزرجي “الازمة السورية ومواقف الدول الكبرى” مجلة دراسات، المجلد 3 العدد 1 الناشر مركز البحرين للدراسات الاستراتيجية والدولية ،سنة 2016م http://search.mandumah.com/Record/748450
[43] علي آزاد أحمد وأخرون “خلفيات الثورة :دراسات سورية”،(بيروت ،المركز العربي للأبحاث والدراسات ،سنه 2014) ص484 ص485 ص486
[44] نور الدين خضر “الازمة في سوريا في الأسباب والنتائج “مجلة شئون الشرق الأوسط ،العدد 148 لبنان ،سنة 2014 ص117-ص118
[45] سومر منير صالح “الصراع الأهلي في سويا دينامياته وضوابطه وتجلياته” مجلة القدس للأبحاث والدراسات ،جامعة القدس المفتوحة سنة 2016،ص5ص6ص7
[46] نور الدين خضر مرجع سبق ذكره ص120ص122
[47] ربيع نصر ومؤلفون أخرون مرجع سبق ذكره ص52ص53
[48] Emirhan Kaya ” The Syrian Crisis: A Protracted Social Conflict” Electronic Journal of Political Science Studies, January 2021 Vol: 12 No:1 https://www.researchgate.net/publication/348919546
[49] سهام فتحي سليمان “الازمة السورية في ظل التحولات الإقليمية والدولية 2013-2011” مذكرة مكملة لنيل الماجستير جامعة الازهر، فلسطين، كلية العلوم السياسية، سنة ٢٠١٥م
[50] بسمة عثماني “التنافس الأمني الأمريكي الروسي في الشرق الأوسط “رسالة ماجستير في العلوم السياسية، جامعة العربي بن مهيدي –أم البواقي، كلية الحقوق والعلوم السياسية، سنة 2016) ص30 ص31
[51] المرجع نفسه ص33ص34
[52] المختار قريشي “ دور السياسة الخارجية الامريكية تجاه الازمة السورية 2011-2014” رسالة ماجستير، كلية الحقوق والعلوم السياسية، جامعة محمد بوضياف المسيلة- الجزائر سنة 2015م 50 ص51 ص52
[53] المرجع السابق ص60 ص61 ص62
[54] Jasmine K. Gani “ US policy towards the Syrian conflict under Obama: Strategic Patience and
Miscalculation” University of St Andrews,2019, https://www.researchgate.net/publication/334401964
[55] The previous reference p22p23p24
[56] المختار قريشي مرجع سبق ذكره ص80 ص82
[57] Lesch, David. “The Uprising that Wasn’t Supposed to Happen: Syria and the Arab Spring.” In Change and Resistance in the Middle East, edited by David W. Lesch and Mark L. Haas, Boulder, CO: Westview Press, 2013
[58]Samaneh Movahed“ The U.S. Foreign Policy towards Syria under the Donald Trump Administration” Research Journal of Humanities and Social Sciences, M.A. Regional Studies, Allameh Tabataba’i University, Tehran, Iran Volume-01,Issue-01,2022
[59] Mohammed Torki Bani Salameh “ The American Russian Rivalry in the Middle East” International Journal of Humanities and Social Science, Volume 8 – Number 1 – January 2018, https://www.researchgate.net/publication/324485440
[60] The previous reference p5p6
[61] بسمة عثماني مرجع سبق ذكره ص55 ص54
[62] جعودي كأتية “الاستراتيجية الروسية الجديدة في الشرق الأوسط دراسة حالة الازمة السورية” رسالة ماجستير، كلية الحقوق والعلوم السياسية، جامعة مولود معمري، سنة 2017ص16
[63] د. مايسة محمد مدني “التدخل الروسي في الازمة السياسية” مجلة كلية الاقتصاد العلمية كلية الدراسات الاقتصادية قسم العلوم السياسية-جامعة النيلين العدد الرابع، يناير 2015م.
[64] المرجع نفسه 30ص31ص32
[65] Emil Souleimanov ” Russia’s Syria War: A Strategic Trap” Middle East Policy“, Vol. XXV, No. 2, Summer 2018 , https://www.researchgate.net/publication/325566219
[66] حسيبة مخبي ،مرجع سبق ذكره ص24 ص25 ص26
[67] Ahmed Abdallah Eltahlawy , Nourhan Elsheikh” THE RUSSIAN STRATEGY TOWARD SYRIAN CRISIS: CAUSES, FACTORS AND GOALS“ The Annual International Conference on Cognitive – Social, and
Behavioural Sciences, Future Academy, www.FutureAcademy.org.UK
[68] الناصر دريد سعيد “دوافع التدخل الروسي في الازمة السورية“(مجلة جامعة التنمية البشرية كلية القانون والعلوم السياسية، المجلد 2، العدد 4، سنة 2016) ص18ص19
[69] المرجع السابق ص24 ص25 ص26
[70] السعيد حفاصة ” السياسة الخارجية الروسية تجاه الشرق الأوسط بعد ثورات الربيع العربي: دراسة في أبعاد التدخل الروسي في سوريا” رسالة ماجستير في العلوم السياسية ،كلية الحقوق والعلوم السياسية ، جامعة ماي قالمة،2016م ص90 ص91
[71] بدر الشافعي “الدور الروسي في سوريا المحددات والاليات والمآلات” مجلة دراسات الشرق الأوسط ،المجلد 22 العدد 84 سنة 2018م ص48 ص49 ص50
[72] المرجع السابق ص13 ص14
[73] Serdar Yurtsever” SYRIAN CRISIS IN SCOPE OF THE US-RUSSIAN COMPETITION IN MIDDLE EAST” International Journal Entrepreneurship and Management Inquiries ISSN: 2602 – 3970 / Dönem / Cilt: 2 / Sayı: 3 https://www.researchgate.net/publication/327646657
[74] عائشة عمراني “التنافس الأمريكي الروسي في منطقة الشرق الأوسط سوريا نموذجاً 2010-2018″ رسالة ماجستير، كلية الحقوق والعلوم السياسية جامعة قاصدي مرباح-ورقلة، الجزائر سنة 2019م
[75] حسن ناصر عبد الحسين ،مرجع سبق ذكره ص32 ص33
[76] بدر الشافعي ،مرجع سبق ذكره ص60 ص62
[77] الحارث محمد سبيتان “التدخل العسكري الروسي في سوريا الأسباب والمآلات” مجلة المفكر، جامعة الزرقاء الاردن، المجلد 14 العدد 2 ،2019م ص 18-19
[78] المرجع السابق ص30 ص32 ص33
[79] Serdar Yurtsever, Previous reference p34-p40
.
رابط المصدر: