يقظان الخزاعي
بسم الله الرحمن الرحيم
بعد مقدمة ذكرناها في الحلقة الأولى حول مفهوم التوازن من الناحية اللغوية والاصطلاحية في هذه الحلقة نسلط الضوء بصورة مقتضبة حول واحدة من مصاديق عدم التوازن في الجانب العقدي.
فلا نبالغ اذا قلنا أن حالة الافراط والتفريط وحالة عدم التوازن تعدّت حتى علاقة الفرد بربه أو بأوليائه فترى بعضهم يرى ان الله تبارك وتعالى هو فقط جبار السماوات والأرض وهو من سجّر النار لتعذيب المذنبين والذي سينتقم من عباده يوم القيامة (نَارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ * الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ * إِنَّهَا عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ * فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ) ومنهم من يراه جل وعلا انه رحيم غفور ودود رحمته وسعت كل شيء يبدل سياتهم حسنات، (نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) والصحيح هو اننا ننظر الى هذه الموضوع كونه منظومة متكاملة وأن لا نقع بين الافراط والتفريط فجبار السماوات والأرض هو ذاته من وسعت رحمته كل شيء وعلى هذا فالصحيح هو أن يكون قلب المؤمن بين الخوف والرجاء كما نصت على ذلك الآيات والروايات
فعن الخوف قال الامام علي عليه السلام: استعينوا على بعد المسافة بطول المخافة.
وقال عليه السلام: إن الله إذا جمع الناس نادى فيهم مناد: أيها الناس، إن أقربكم اليوم من الله أشدكم منه خوفا.
وعن الرجاء قال عليه السلام: اجعلوا كل رجائكم لله سبحانه ولا ترجوا أحدا سواه، فإنه ما رجى أحد غير الله تعالى إلا خاب
وعن الخوف والرجاء معاً قال أمير المؤمنين عليه السلام لبعض ولده: ” يا بني! خف الله خوفا ترى إنك إن أتيته بحسنات أهل الأرض لم يتقبلها منك، وارج الله رجاء كأنك لو أتيته بسيئات أهل الأرض غفرها لك، وقال الإمام الصادق عليه السلام: ينبغي للمؤمن أن يخاف الله خوفا كأنه يشرف على النار، ويرجوه رجاء كأنه من أهل الجنة.
واما عدم التوازن العقدي مع أولياءه الصالحين تجده واضحاً في علاقتنا مع ابي الفضل العباس عليه السلام كمثال بارز حتى ان بعض الناس تخاف من الدخول الى ضريحه المقدس لشدّة ما تم زرعه في اذهانهم من كونه ( أبو راس الحار، يشور، عصبي ولا يتحمل) وهذا من الجهل بمقامه المبارك فهو ابن امير المؤمنين عليه السلام أبو الايتام واخو الامام الحسين عليه السلام رحمة الله الواسعة وعندما نزور ابي الفضل العباس عليه السلام نقول: (اَلسَّلامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا الْعَبْدُ الصّالِحُ الْمُطِيعُ للهِ وَلِرَسُولِهِ وَلِأَميرِ الْمُؤْمِنينَ وَالْحَسَنِ والْحُسَيْنِ(صَلَّى اللهُ عَلَيْهِمْ وَسَلَّمَ)
هذه مجرد فكرة عامة علينا ان نطبقها في علاقتنا مع الله تبارك وتعالى ومع أولياءه ولا نركز على جهة دون أخرى
وفي الخاتمة نضع بين يديكم هذه التحفة الصادقية على قائلها الاف التحية السلام
روي عن أبي عبد الله عليه السلام قال: “العبد المؤمن إذا أذنب ذنباً أجلّه الله سبع ساعات، فإن استغفر الله لم يكتب عليه شيء، وإن مضت الساعات ولم يستغفر كُتِبت عليه سيئة، وإنّ المؤمن ليذكر ذنبه بعد عشرين سنة حتى يستغفر ربه فيغفر له، وإنّ الكافر لينساه من ساعته.
(أصول الكافي، ج2، ص437)
وفقنا الله واياكم لما فيه خير وصلاح
المصادر
ـــــــــــــ
1- بحار الانوار
2- أصول الكافي
3- تفسير نور الثقلين
4- غرر الحكم
5- جامع السعادات
رابط المصدر:
https://www.facebook.com/929297887428782/posts/1189642124727689/