ملخص :
تحاول هذه المقالة إعادة مساءلة مفهوم الثقافة السياسية بشكل عام، والثقافة الديمقراطية على وجه التحديد. وتعتمد هذه الدراسة منظورا شموليا، يتأسس على النظر إلى هذه الثقافة بوصفها بنية تتألف من تفاعل مجموعة من العوامل التاريخية، والثقافية، والدينية، والسياسية. ورغم تباين سياقات نشأة هذه الثقافة من مجتمع لآخر، تبعا لاختلاف الظروف التاريخية والاجتماعية، تبين لنا أن مرتكزات هذه الثقافة تتجاوز هذه الحدود الثقافية والظروف التاريخية، بحيث تتطلب بناء فضاء عمومي حر، قوامه الإيمان بالتعدد والاختلاف، ودعامته سيادة مناخ الثقة بين القوى والحركات الاجتماعية والأحزاب السياسية، ومرآته حسم الخلافات بطرق سلمية، عبر آليات الحوار والتسويات والمساومات. إن حضور هذه المرتكزات، يساعد على تنمية المشاركة السياسية، والتي تسهم –بدورها- في ترسيخ النظام الديمقراطي.
ومن بين الخلاصات التي تم التوصل إليها، هي أن تعثر مسار البناء الديمقراطي في وطننا العربي، يعود، أساسا، إلى عدم ترسخ هذه الثقافة في وعي النخب السياسية، فضلا عن شبه غيابها في صفوف الجماهير. مما يتطلب استثمار مؤسسات التنشئة الاجتماعية والسياسية لترسيخ هذه الثقافة ونشرها.