تقديم:
شهد عالم اليوم تحولات جذرية، وبروز مفاهيم مغايرة سواءً على الساحة العالمية أو الإقليمية – خاصة في مجال الدراسات الأمنية – بانتقال المنظرين من الحديث عن الأمن بمفهومه الكلاسيكي، إلى توظيف مفاهيم جديدة كمفهوم الأمن المركب، ومن الحديث عن الأمن السلس، إلى أمن تشوبه التوترات والأزمات المتتالية، كما تغيرت مفاهيم، مظاهر ومخرجات الأزمات الدولية من التعامل مع ديناميات مرئية إلى التعامل مع ديناميات غير مرئية عابرة للحدود، لتبرز أزمة تنظير ناتجة عن عجز النظريات التقليدية عن تفسير الواقع الدولي الراهن، مما طرح حتمية لجوء منظري العلاقات الدولية إلى إجراء عمليات تحديث ديناميكي لمجاراة الواقع والتنبؤ و/أو التكيف مع المعطيات والمؤشرات المستقبلية.
خاصة وأن جائحة كورونا المعروفة تحت تسمية (COVID-19)، قد أدت إلى إفراز مخاطر ذات نطاق واسع، وتعقيدات هائلة للنظام الصحي العالمي، كشفت عن اختلالات خطيرة في قدرة العلاقات الدولية على الاستجابة الكاملة للأزمة، فقد عرت مزاعم العولمة، كما كشفت التناقضات الواضحة للخطابات العلمية، اخترقت العيوب النظرية في تحليل العلاقات الدولية التي أجبرت على إعادة التكيف مع المعطيات الراهنة، وإعادة توجيه منطلقاتها وفقا لما يقتضيه اليقين العلمي، والمجال الاستشرافي في السياسة العالمية، وعليه تتمحور إشكالية الدراسة حول انعكاسات جائحة كورونا “كوفيد 19″على مجال التنظير في العلاقات الدولية ؟.