مازن صاحب
كتابان مهمان يتطلب الاطلاع عليهما قبل أي حديث عن مستقبل العراق، الكتاب الأول (مفصل تاريخ العرب واليهود) للدكتور احمد سوسة والكتاب الثاني (أربعة قرون من تاريخ العراق) ترجمة جعفر الخياط ومؤلفة بريطاني، ما بين جدلية الصراع الحضاري ومعضلة التعامل مع سلطة الحكم ظهرت تضاريس الجغرافية الاجتماعية للاقوام الساكنة بلاد الرافدين، وجهة نظري المتواضعة أن هذه البقعة من الأرض احتلت بعد سقوط الدولة البابلية الثالثة ولم تؤسس فيها دولة رافدينية الا ما بعد تأسيس العراق الحديث وكان المفترض أن يتكون هذا البلد من ولايتي بغداد والبصرة، وترك ولاية الموصل للتقسيم ما بين الانكليز والفرنسيين، فقط لان نموذج الدولة الحديثة تتطلب شعب متجانس بثقافة واحدة وحدود مفتوحة.
فانتهى حال العراق الحديث وبقى كما وصفه ملكه الأول مجرد فسيفساء مطلوب منه أن يكون منهم دولة مدنية عصرية، ولست بصدد استعراض ما حدث خلال القرن الماضي من احداث معروفة انتهت إلى تصالح احزاب المعارضة مع القوات الأمريكية لاحتلال وطنهم، ثم انتهوا إلى نموذج متجدد لمفاسد المحاصصة وحكومتها العميقة وسلاحها المنفلت والاجندات الاقليمية والدولية التي تتلاعب بهم.
السؤال كيف سيكون مستقبل الجغرافية الاجتماعية لبناء دولة مدنية عصرية كخطوة مهمة جدأ لاعادة النموذج الحضاري المنشود؟؟، اعتقد ان الانسان في أبسط حقوقهم الحفاظ على منافعه الشخصية ثم اسرته ثم جماعته وتحالفاته مع الغير للحفاظ على هذه المنافع، لذلك يكثير الحديث عن نموذج الحكم الاولغيشاري ( المستبد العادل) وان ما يوصف اليوم بدكناتورية النظام السابق اذا لم يتورط بحروب استنزفت موارد البلد البشرية والمالية وعدم ادراك متغيرات قواعد الاشتباك مع الولايات المتحدة الأمريكية واسرائيل فانتهى الى تلك الحفرة لتنهي حقبة حكم كانت في بداياتها توصف بالزمن الجميل لعراق يخرج من العالم الثالث الى عالم جديد، اليوم ليس بالإمكان مراجعة حدود العراق الدولية ولكن يمكن مراجعة الجغرافية الاجتماعية لبناء دولة مدنية عصرية.
وهذا يتطلب الغاء نموذج التحالف مع قوى الاحتلال الجديد اقليمية ودولية من خلال تعظيم المنفعة الانتاجية للموارد البشرية العراقية .. وبالتالي الغاء نموذج مفاسد المحاصصة وحكومتها العميقة وسلاحها المنفلت والاجندات الاقليمية والدولية .
هل كل ذلك ممكنا؟، الجواب واضح وصريح ومعلوم جدا .. كلا … القوى الاقليمية والدولية ومن تحالف معهم من حواسم الانتخابات ومفاسد المحاصصة وحكومتها العميقة وسلاحها المنفلت على استعداد لافعال ربما تنتهي بجعل العراق مجرد تاريخ دولة بلا احتكار للسلطة بل اقطاعيات حزبية توفر الملاذ لكل أشكال المفاسد بفتاوى وعاظ السلاطين .. وهم كثر …
هل هناك بارقة امل؟؟، نعم ..لان الاغلبية الصامتة لم تعد كذلك ..بل تصرخ نريد وطن# في ساحات التحرير ومطلوب أن تعلو هذه الصرخة في جميع تضاريس الجغرافية الاجتماعية العراقية .. ما دام جيل المستقبل ليس أمامه غير العمل على مشتركات الهوية الوطنية في عقد اجتماعي دستوري بنظام سياسي ضامن للمنفعة الشخصية لكل مواطن في عراق واحد وطن الجميع.
رابط المصدر: