تبدو عند أهل الشرق المعضلة الاخلاقية أساس أي حوار استراتيجي مفترض؛ فيما لا يوجد مثل هذا القياس عند أهل الغرب فكيف بالولايات المتحدة الأمريكية التي أسست على أساس هوية الرفاهية الدائمة.
في ندوة حوارية نظمت من قبل شركة الأبحاث المستقلة استضافت الدكتور انتوني كروزدمان كبير خبراء مركز الدراسات الاستراتيجية الدولية في واشنطن والدكتور ستيفن كوك من مجلس العلاقات الخارجية الأمريكي، حيث لاحظت الفارق الواضح بين عقلية الشرق التي ظهرت في نوعية التساؤلات والتي اهتمت بالجانب الأخلاقي في الإلتزام الأمريكي بتنفيذ اتفاق الاطار الاستراتيجي في الاقتصاد والثقافة والتعليم ايد فجوة معرفية مؤثرة على بناء الدولة العراقية فيما اهتم الباحثان الامريكيان بتحديات الإلتزام العراقي بما يمكن أن يتم الاتفاق عليه في المباحثات المنتظرة خلال الايام القليلة المقبلة.
لذلك كرر الدكتور كروزدمان توصيفه للعراق كدولة اشباح في الجوانب الاقتصادية والامنية فضلا عن عدم حوكمة السياسات العامة للدولة، والملفت للانتباه في حديثه تلك الصراحة عن عدم فوز أي طرف في الصراع الأمريكي أو الايراني في الساحة العراقية وهذا ما اتفق عليه ومياه ستيفن كوك أيضا.
الأمر الثاني تأكيد كلا الباحثين على أن العراق أمام منعطف طرق ما بين الإستقرار المنشود وحوكمة عمل الدولة التي تجلب مثل هذا الإستقرار في عدم انتظار تشكيل حكومة جديدة لمدة ستة اشهر كما يحصل في كل دورة برلمانية وبين معرفة المصلحة الاستراتيجية للعراق مع واشنطن وحلفاءها في المنطقة لاسيما دول الخليج الغنية.
الأمر الثالث المفترض النهوض به في المفاوضات المقبلة، يتجسد في رغبة العراق بتحديد مساراته الاقتصادية والامنية وعلى وجه الخصوص في النهوض بالاقتصاد العراقي الريعي وتحويله إلى اقتصاد سوق استثماري مفتوح، يضاف إلى ذلك تأمين امني معتمد على قدرات عسكرية أمريكية متقدمة قدر الدكتور كروزدمان الفارق بينها وبين القدرات العسكرية العراقية بما لايقل عن 45 عاما وان كنت اتوقع شخصيا أن هذا الفارق لا يقل عن مائة عام … ولابد أن ينتبه المفاوض العراقي الى اهمية برمجة قفزات تدريبية تؤهل القوات المسلحة العراقية لردم فجوة المعرفة الأمنية في استخدامات الأقمار الصناعية وطائرات الاستطلاع العميق والقتال عن بعد بما يقلل من دماء اولادنا العسكر في حرب تبدو مقبلة ومتوالدة لمواجهة عصابات داعش بثوبها الجديد في عراق اليوم والغد المنظور.
اما اقتصاديا فالحديث اظهر معاني كثيرة تفتح ابواب التطور باعتماد خطوط إنتاج اقتصادي متطورة بمشاركة كبار الممولين في صندوق النقد الدولي وهي الولايات المتحدة الأمريكية وليس عبر مشروع اعمار تتبرع به واشنطن، لذلك أخذ الدكتور كروزدمان يحدث بين حين واخر دراسته عن اشباح العراق لكي يحدد للمفاوض الأمريكي حقائق واقعية عن درجة استعداد الدولة العراقية للخروج من معطف التعامل الأخلاقي إلى فضاء أداء الواجب الوطني كما يرى الدكتور كوك حينما تنتشر لافتات كبيرة كتب عليها ( العراق للعراقيين) .
وردا على سؤالي عن تلك الاثام التي تركها بول بريمر وراءه في أخطاء التاسيس لعراق اليوم .. اتفق كلا الباحثين على أن هذه الأخطاء موجودة لكن الحلول تبقى بيد العراقيين أنفسهم… واغتنام فرصة المفاوضات المقبلة يمكن أن تكون بداية جديدة نحو الأفضل حين يمكن للشريك الاستراتيجي الأمريكي أن يلاحظ رغبة عراقية فعلية تتجاوز حالة الاخفاق العام للدولة العراقية الحالية.
كل ما تقدم يجعل من الممكن القول أن المفاوض الأمريكي يجلس أمام مفاوض عراقي وهو يعرف ما يريد وفق معايير دولية معروفة للخروج من مضمون توصيف الدولة الفاشلة إلى دولة الحكم الرشيد، لتكون الشراكة الاستراتيجية نموذجا متجددا لعلاقات بين دولتين فيما لم الاحظ من الدولة العراقية أي تعريف لما يمكن أن يكون كخارطة طريق في هذه المفاوضات غير قرار مجلس النواب بخروج القوات المسلحة الأمريكية من العراق ولعمري شتان بين كلا المطلبين!
رابط المصدر: