رائد الهاشمي
الدبلوماسية كما هو معلوم للجميع هي جزء من العلاقات الدولية التي تربط الدول معاً، وتشمل كافّة الالتزامات المتبادلة بين كلّ دولتين تتمتعان بالاستقلال الذاتي، لتصبح الدبلوماسية جزءاً مهماً من السياسات الدولية، وأساساً من أساسات التعامل بين شعوب العالم، وطريقة للتواصل والتفاعل يستخدمها مجموعة من الأشخاص أثناء القيام بعمل ما.
وأحببت اليوم أن أركز على قضية مهمة جداً وهي (الدبلوماسية الثقافية). وفي اعتقادي أنّ السبيل إلى تحقيق وفاق عالمي وتحقيق السلام في العالم يبدأ بتعزيز مكانة الثقافة في العلاقات الدوليّة.
فالدبلوماسيّة الثقافيّة هي مفتاح مهم يجب التركيز عليه لتحقيق التقارب بين الشّعوب، وهي صمّام أمان حقيقي للأمم التي تنبذ الحروب وتبحث عن السّلام لشعوبها، فالسياسة وحدها لا تكفي لحلّ المشاكل القائمة بين الدّول وهذا ما أثبته الواقع الذي عاشه العالم منذ نهاية الحرب العالميّة الثانية وخاصة إبّان دخول العالم في تجاذب قطبي بين المعسكرين الرأسمالي والاشتراكي.
فقد اكتشف السياسيّون في تلك المرحلة ومن خلال الوقائع أنّهم بحاجة إلى وسيلة أكثر فاعلية من طاولات المفاوضات، وأدركوا دور الثقافة في التأثير على الشّعوب وقدرتها على تشكيل العلاقات الدوليّة.
وإنّني على ثقة بانه لو تم التركيز على ذلك فأنّ دور الدبلوماسية الثقافية سيزداد توسّعا في المستقبل، ولن تستطيع الدبلوماسيّة التقليديّة الاستغناء عنه في التخلص من الحروب والنزاعات الدولية في جميع بقاع العالم.
تفعيل الدبلوماسية
من هذا المنطلق فان على جميع الحكومات التي تبحث عن السلام لشعوبها أن تركز وتهتم بتفعيل الدبلوماسية الثقافيّة واذا ما أرادت لها النجاح فعليها اشراك الأكاديميين والمؤسسات الأكاديميّة لما لها من دور كبير في نشر الوعي العلمي والثقافي في المجتمعات من خلال مدّ جسور التعاون العلمي والثقافي بينها وبين المؤسسات والاكاديميات العالمية في مختلف بلدان العالم ومن خلال تبني مفاهيم السلام والتعايش السلمي والتسامح ونبذ الحروب والكراهية والتفرقة العنصرية والدينية والمذهبية.
وجعل هذه المفاهيم كمرتكزات ثابتة تستخدم لتنشئة الطلبة في كل مراحل الدراسة لكي تكون قواعد راسخة في المجتمعات ولكي تكون ثقافة مكتسبة بشكل تدريجي وتترسخ في نفوس الجميع حيث أن العلوم التي تدرّس في الجامعات ليس غايتها الأساسيّة توفير كفاءات علمية وثقافية للمجتمع فحسب، بل عليها تأهيل مواطنين يُمارسون قيم الحوار وتبادل الثقافات من أجل نشر التفاهم، فتكون الدبلوماسيّة الثقافيّة ذات فاعليّة بين الشباب المتعلّم وحصنا ًمنيعاً للأجيال القادمة، وبالتالي ممارسة الضغط على الحكومات لتبني هذه الثقافة لكي تكون خطوة مهمة في تحقيق السلام المنشود في كل دول العالم.
ختاماً هناك مبدأ هام جداً يجب التركيز عليه بأن السلام في أي بقعة من بقاع العالم لا يمكن تحقيقه باغتصاب حقوق الآخرين فأي طرف يدعو للسلام ويؤمن به عليه أن يمنح الطرف الآخر حقوقه كاملة ويفتح أبواب النقاش والتحاور البناء الحقيقي على مصراعيه حتى يمكن لعجلة السلام أن تدور وتتحقق فليس من المعقول أن تبحث عن السلام مع طرف وأنت تغتصب حقوقه وتنتهك سيادته وهنا يجب اللجوء الى العقل والمنطق والعدالة في تحقيق السلام لكي ينعم الجميع بالسلام العادل المنشود ولكي تنعم الشعوب بالأمن والاستقرار والطمأنينة وتعيش حياتها بشكل طبيعي وآمن.
.
رابط المصدر: