مطهر الصفاري
مقدمة
تعد التجربة الديمقراطية في دولة الكويت من التجارب التي تستحق الدراسة والتقييم، نظراً للخصوصية التي تميزت بها عن دول جوارها الخليجية، وكذلك لطبيعة وخصائص المكونات السياسية والاجتماعية والطائفية للشعب الكويتي، حيث يعد مجلس الأمة المجلس الوحيد الذي يحظى بصلاحيات لا تتوفر لدى مثيلاته في دول المنطقة، فضلاً عن أن كثيراً منها يُعيَّن أعضاؤها تعييناً، أما مجلس الأمة الكويتي فيتشكل وفق آلية الانتخابات المباشرة.
وقد اكتسبت التجربة الديمقراطية الكويتية أهمية، نظراً لأقدميتها، إذ تعود البدايات الرسمية لها إلى عام الاستقلال عن الاحتلال البريطاني في عام 1961، عند تشكيل مجلس تأسيسي ليضع دستور الدولة. ومنذ أول انتخابات لمجلس الأمة الكويتي في عام 1963 لم يكن هناك تراجع عن المشاركة السياسية (الانتخابية)، التي اتسمت بالاستمرارية، رغم حالات حل مجلس الأمة المتكررة.
وقد عرفت دولة الكويت مبكراً العديد من منظمات المجتمع المدني، كالاتحاد العام لعمال الكويت والجمعية الثقافية الاجتماعية النسائية، وغيرها، حيث تأقلمت مع أنشطتها وفعالياتها.
ويمثل المجتمع (الشعب) الكويتي، رغم محدودية تعداد سكانه؛ فسيفساء للتنوع الإيديولوجي السياسي، والطائفي، والاجتماعي. ويحسب لمكوناته قدرتها حتى اللحظة على التعايش معاً، وتجنيب وطنها الصراعات الطائفية والحد من تداعياتها الإقليمية، رغم شدة الاضطرابات الإقليمية، ومحاولة أطراف الصراع جر الكويت إليها، وحدوث بعض الحالات التي أمكن احتواؤها.
الحديث عن الديمقراطية في الكويت كالسهل الممتنع؛ فهي نموذج للديمقراطية مقارنة بدول الخليج العربي المجاورة لها، بل ويفوق مجلس الأمة في حراكه ودوره الرقابي كثيراً من البرلمانات العربية عموماً، ومن ضمنها تلك التي في الأنظمة الجمهورية، إضافة إلى وجود منظمات مجتمع مدني عريقة متنوعة مجالات العمل، التي تتوزع بين التنموي المادي والثقافي والسياسي والخيري الإغاثي الإنساني، ذات تأثير كبير، سواء على الساحة الكويتية أو الإقليمية.
تهدف هذه الدراسة إلى التعرف على التجربة الكويتية، من خلال استعراض مسيرة المشاركة السياسية، انطلاقاً من النشأة، والتكتلات السياسية، مستعرضين نقاط قوتها وضعفها، ومن ثم إمكانية الاستفادة من التجربة الكويتية خليجياً، خصوصاً في ظل وجود سمات كثيرة مشتركة بين مجتمعات دول الخليج، التي تربط بينها روابط اجتماعية وثقافية وطيدة، وكذلك في ظل التطور التنموي الذي تشهده الدول الخليجية ومحيطها في مختلف المجالات، التي قد تكون هيأت البيئة الخليجية للمشاركة السياسية، وصعبت إمكانية استمرار ذات النهج السائد.
وتختتم الدراسة بمجموعة من التوصيات التي قد تسهم في ترشيد الممارسة السياسية وبما ينعكس إيجاباً على إدارة الشأن العام من قبل السلطات والنخب الكويتية؛ موالاة ومعارضة.
رابط المصدر: