علي التميمي
ان من اهم الابتلاءات التي يتعرض لها الانسان – خصوصا المؤمن الرسالي – الفتنة بين الناس لأنها تبدأ منذ بداية حياة الانسان الاجتماعية وتستمر حتى رحيله عن الدنيا الفانية
قال تعالى (وجعلنا بعضكم لبعض فتنة أتصبرون )
فالمؤمن الرسالي اشد بلاء وامتحانا من غيره لان عليه ان يلتزم بقيمه ومبادئه وان لا يحيد عنها قيد انملة فهو يعيش بين خطوط الضغط وضغط الخطوط منذ اللحظة التي يعلن فيها التزامه بأيمانه ورساليته
وعلى هذا الاساس فان هناك مجموعة من الخطوط تمارس الضغط على المؤمن الرسالي نذكر بعضها :-
🔹 الخط الاول : خط الشهوات والرغبات
فالرسالي يدخل في صراع عنيف مع اهوائه النفسية بمجرد ان يتحمل المسؤولية الرسالية فالنفس عقبة صعبة
والمطلوب بطبيعة الحال هو تجاوز هذه العقبة وامتلاك السيطرة على الهوى فالقوي من غلب شهواته اما الضعيف فهو من تغلبه شهواته ، الا ترى ان حملة الرسالة الصادقين هم من يحملون رسالة لأنفسهم قبل ان يحملوها الى الناس فما قيمة ان يطلب الانسان الهدى للناس بينما يعيش الضلال في نفسه
{ مثل الذين حملوا التوراة ثم لم يحملوها كمثل الحمار يحمل اسفارا }
🔹الخط الثاني : خط الزوجة والاولاد
اذ كم من الافراد الذين هيأ لهم التاريخ مكانة مرموقة ولكنهم وقعوا في اسر زوجاتهم ففي افضل التقادير نجد بعض الزوجات تطالب زوجها ان يعيش الى جانبها وان لا يوحشها بغيابه وان لا يرملها بجهاده وان لا يفقرها من عطائه
وكم من الافراد اتيحت لهم فرصة الانضمام الى صفوف الرساليين ولكنهم وقعوا في اسر ضغط الاولاد
فالزبير بن العوام كان ممن يحسبون على صف امير المؤمنين(عليه السلام) وكان شديدا في نصرة امير المؤمنين (عليه السلام) حتى غير ولده عبدالله مساره لذا ورد في الرواية (لازال الزبير منا اهل البيت حتى شب ابنه عبدالله)
🔹الخط الثالث : خط الاقرباء والمجتمع
فقد يمارس الابوان وحتى الاخوة والاقرباء ضغطا على الرسالي ليتنازل عن ايمانه ورساليته وهنا يتدخل القران الكريم ليبين حدود التعاطي مع الوالدين في مثل هذه الحالة
قال تعالى{ وان جاهداك لتشرك بي ماليس لك به علم فلاتطعهما}
وقد يمارس المجتمع ضغطا على الرسالي ايضا خصوصا اذا كان يعارض مصالحهم وقد يدفع الرسالي ثمنا باهضا لمقاومته المجتمع اذ قد يواجه تسقيطا او مقاطعة من ابناء مجتمعه
لقد عانت السيدة الطاهرة ام المؤمنين خديجة (عليها السلام) – ونحن نعيش ذكرى وفاتها – من هذا النوع من الضغط
فقد واجهها المجتمع القرشي بالقطيعة والتسقيط لانها خالفت نواميسهم الباطلة
فقاطعتها نساء قريش لانها ارتبطت برجل فقير يتيم وهو رسول الله (صلى الله عليه واله) وفضلته على سادة قريش
وتحملت التسقيط والحصار في الشعب لمناصرتها رسالة الاسلام الخالدة
غير ان كل هذا الضغط لم يفت في عضدها لتتخلى عن مبادئها فبذلت كل ماتملك في سبيل الاسلام وتحملت المشاق والصعاب في سبيل نصرة الرسول الاكرم(صلى الله عليه واله) حتى وافتها المنية في العاشر من شهر رمضان ودفنت في مقبرة الحجون( جنة المعلاة) بمكة المكرمة بجوار ابي طالب وعبد المطلب(عليهما السلام) فسلام عليها يوم ولدت ويوم توفيت ويوم تبعث حية
نسأله تعالى ان يرزقنا في الدنيا زيارتها وفي الاخرة شفاعتها انه سميع مجيب
رابط المصدر:
https://m.facebook.com/story.php?story_fbid=1188932318132003&id=929297887428782