تسوي وي – سفير جمهورية الصين الشعبية لدى بغداد
التقيتُ -في هذه الفترة المنصرمة منذ وصولي إلى العراق- بكثير من الشخصيات الحكومية، والحزبية، والبرلمانية، والإعلامية العراقية وغيرها في مختلف الأوساط، وأحسست بأنَّ العراقيين مهتمون بمبادرة الحزام والطريق كثيراً، ومتطلعون إلى تطوير علاقات الشراكة الإستراتيجية الصينية العراقية. لاحظتُ -في الوقت نفسه- أنَّ بعض أصدقائنا العراقيين لديهم تساؤلات، وسوء الفهم عن هذه المبادرة. لذا، أودُّ انتهاز هذه المناسبة لبحث موضوعين معكم، وهما: (مبادرة الحزام والطريق، والعلاقات الصينية العراقية)، وسأقسِّم هذين الموضوعين على ثلاثة أقسام: (تاريخ مبادرة الحزام والطريق ومحتواها ورؤيتها، والأغلاط والحقائق حول مبادرة الحزام والطريق، والعلاقات الصينية العراقية في العصر الجديد).
تاريخ مبادرة الحزام والطريق ومحتواها ورؤيتها
ما الصلة بين العراق وطريق الحرير؟
شقَّ أجدادنا -قبل أكثر من 2000 سنة- طريقَ الحرير القديم؛ للتواصل الودِّي مع دول العالم، ممَّا فتح عصر التواصل الكبير في تاريخ الحضارات البشرية. أمَّا العراق فهو لؤلؤة لامعة في طريق الحرير الذي ترك للصين والعراق ذكريات طيبة.
كانت البضائع الصينية -في العصر العباسي- تدخل العراق عبر ميناء البصرة، وتمر بنهر دجلة لتصل بغداد. وعلى هذا الطريق، وصلت الاختراعات الصينية الأربعة وهي تقنية صناعة الورق، والبارود، وتقنية الطباعة، والبوصلة إلى جانب المنسوجات الحريرية، والخزف، والشاي إلى العالم العربي، وعن طريق العالم العربي إلى أوروبا. في المقابل، دخل علم الفلك والتقويم والأدوية والبهارات والفنون إلى الصين عبر طريق الحرير.
كان أجدادنا يستخدمون قوافل وبالنية الطيبة بدلاً من الحصان الحربية والرماح، يعتمدون على أسطول الهدية والصداقة بدلاً من الأسطول الحربي والمدافع. وقد أنشأت الحضارتان الصينية والعراقية معاً روح طريق الحرير مفادها السلام، والتعاون، والانفتاح، والتسامح، والاستفادة المتبادلة، والمنفعة المتبادلة، والكسب المشترك.
يمرُّ العالم اليوم بتغيرات غير مسبوقة منذ (100) عام، ويواجه المجتمع البشري تحديات متعددة، وأصبح السلام والتنمية والتعاون الشغل الشاغل والرغبة الشديدة لكل دول العالم. لاحظ الرئيس الصيني (شي جينبينغ) هذا الاتجاه التاريخي، فعرض في عام 2013 مبادرة الحزام الاقتصادي لطريق الحرير وطريق الحرير البحري في القرن (21)، أي: مبادرة الحزام والطريق.
ما مبادرة الحزام والطريق؟ وما أهدافها؟
تلتزم مبادرة الحزام والطريق بمبدأ التشاور، والتعاون، والكسب للجميع. التشاور هنا يعني التواصل على أساس احترام الاختلافات بين الدول في مستوى التنمية والهيكل الاقتصادي والنظام القانوني والتقاليد الثقافية. والتعاون هنا يعني المشاركة معاً، والملاءَمة بين الإستراتيجيات التنموية للدول والأقاليم المعنية بصورة معمَّقة، وتشجيع مزيد من الدول والشركات على المشاركة في المبادرة عن طريق التعاون الثنائي ومتعدِّد الأطراف والتعاون في أسواق الطرف الثالث. ويعني الكسب للجميع هنا هو تحقق كل الأطراف أكبر مصلحة عن طريق التعاون.
من المحتوى الجوهري لمبادرة الحزام والطريق: الأول تناسق السياسات، يعني تقوم الدول المشاركة بالتواصل حول إستراتيجيات التنمية الاقتصادية وسياساتها التنفيذية لإيجاد نقط الالتئام فيما بينها حتى تستطيع العمل بجهود مشتركة؛ لتحقيق التنمية المنسَّقة. الثاني، ترابط البنية التحتية، يعني تحسين الشبكة البنية التحتية استرشاداً بالمشاريع الكبرى. الثالث، تواصل الأعمال التجارة، يعني تعزيز حرية التجارة والاستثمار وتسهيلهما. الرابع، تداول الأموال، يعني تعميق التعاون المالي، وتحسين منظومة الاستثمار والتمويل المتنوعة. الخامس، تفاهم الشعوب، يعني مد جسر التبادل الودي مع دول العالم، بما يخدم جميع الشعوب على نحو أفضل.
لقراءة المزيد اضغط هنا
.
رابط المصدر: