عزيز ملا هذال
لا يكاد يمر يوماً او اسبوعاً على ابعد تقدير ولم نسمع خبر جريمة قتل او سرقة او اختطاف او سطو مسلح او تجارة مخدرات او اغتصاب والى غير ذلك من الجرائم التي يرتكبها البشر التي تدل على انحرافات مرتكبيها الذين يختلفون في اعمارهم ومستوياتهم الاجتماعية والعلمية.
بين الفينة والاخرى نشاهد او نقرأ او نسمع عن جرائم منها ماهو مكرر في الاسلوب والطريقة ومنها ماهو مستحدث اذا بتنا نسمع عن أساليب إجرامية حدثت وطبقت بكل تفاصيلها في الواقع كنا لم نشاهدها إلا في الأفلام والمسلسلات، فمنها لا يمكن للعقل ان يصدق انها تحدث في مجتمعاتنا التي كان يؤمل لها ان تتذيل قائمة المجتمعات التي تمارس الجرائم في العالم على اعتبار اننا ابناء مجتمعات محافظة اضافة الى كونها مجتمعات تدين بدين الاسلام الذي يرفض الجرائم بكل انواعها وصنوفها.
من المفارقات المجرمون لا تجمعهم بأية عوامل او قواسم مشتركة فمنهم من هو امي ومنهم من هو متعلم ومن عائلة محترمة ومنهم منحدر من عائلة مفككة، وهذه التناقضات فيما وراء سلوكية الاجرام تقودنا الى السؤال الاتي: هل الاجرام فطري غريزي ام اكتساب من البيئة كإملاء لظروف معينة تحيط بالإنسان بعضها مادي واخر معنوي يتعلق بالجانب النفسي للإنسان؟
يعتقد (تشيرزي لومبروزو) صاحب نظرية (المجرم ولد ليكون مجرماً) ان ما معناه ان المجرمين تدفعهم ذات الدوافع والظروف أدت بهم إلى الانحياز نحو العنف، وبحسبه ايضاً فأن المجرمين في الغالب ما يكونون مفرطي الطول سيما الاطراف وذوي اكتاف عريضة وذوي عيون غائرة وذوي شعر كثيف كما يعتقد، كما ولديهم رؤيتهم خاصة لنوع العلاقات التي تجمعهم بمن حولهم، ثم قام بتقسيم المجرمين الى صنوف عديدة منها المجرم بالفطرة والمجرم المجنون والصرعي والسياسي والسيكوباتي والمجرم بالصدفة والمجرم المعتاد.
الدكتور (مجدي فارس) المختص في علم النفس الجنائي له رأي مخالف للومبروزو فهو يقول” العملية ليست وراثية ولا يوجد هناك غدد تحفز السلوك الإجرامي ولا تحدد سلوك اجتماعي، وليس هناك إنسان مجرم بالفطرة لكون هذا منافي للحقيقة الإنسانية وإن بعض من ذهب إلى نظرية لومبروزو الذي انطلق بتحليل أو تتبع مسيرة حياة أسر مجرمة لمدة 70 عاماً ابتعد عن الحقيقة فمن عاش في جو إجرامي أو مارس أحد العائلة الأب والأم أو الأخ سيكون سقفه في الحياة الاجتماعية متماشياً مع الأسرة بالتالي لن يكون صالحاً”.
ما هي دوافع الاجرام؟
من اهم الدوافع التي تجعل من الفرد مجرماً هي: الازمات المالية التي يعيشها الفرد تحوله الى وحش يحاول جني الاموال بغض النظر عن المصدر والطريقة للحصول على حاجاته وتوفير ما يطمح اليه سيما اذ كان من طبقة الشباب، وبذا يظلم الانسان نفسه قبل مجتمعه، وقد يتحول الانسان الى مجرم نتيجة اضطهاد المجتمع له والانتقاص منه وتوجيه الاهانات له مما يجعله ناقماً على من حلوه ومتربصاً لأية فرصة يمكن ان ينتصر عبرها لنفسه فيقتل ويسرق ويمارس كل اشكال الرذيلة من دون ان ترمش له عين.
وتشكل المعاملة الوالدية القاسية سبباً مهماً لئن يكون الفرد مجرماً وربما ليس بدافع الاجرام بقدر ماهو بدافع ممارسة (التعويض) الذي هو احدى آليات الدفاع اللاشعورية لتعويض ما تعرض له، ومن ثم ان الإنسان وليد البيئة المحيطة به فابن الصحراء على سبيل المثال يتصف بالسلوكيات الخشنة فهو يختلف في تفكيره ونموه وطبيعة تعامله مع الأشياء تبعاً للبيئة التي يعيش ومن الطبيعي تظهر منه سلوكيات اجتماعية عنيفة وغير مقبول بل ومضادة للمجتمع ومعادية له.
اما اقترحه للتعامل مع انتشار الاجرام والمجرمين للدواعي التي ذكرناها فهو: ضرورة ان يعاقب المجرم بنفس حجم جريمته من دون زيادة تجعله ناقماً أكثر ولا اقل من حجم الجريمة مما يجعله مستهيناً غير مكترثاً وربما غير واعياً لخطورة افعاله، كما يجب ان تحلل الدوافع من وراء كل سلوك اجرامي يحدث ومحاولة معالجة المجرم نفسياً أفضل من ايداعه في السجن الذي لم ولن يصلحه بل يزيد من طين اجرامه بلة، هذا ما اقترحه لإيقاف الظواهر الاجرامية المستشرية.
رابط المصدر: