هبه جمال – قسم الدراسات المستقبلية مرکز الأساليب التخطيطية معهد التخطيط القومي، مجلة السياسة والاقتصاد
نجحت کل من إيران وإسرائيل في استخدام التعليم کسلاح للعبور للمستقبل والتعالي عن أية اختلافات وانقسامات فرغم تعدد طوائف المجتمع الايراني والمذاهب الدينية والاعراق واللغات تجمعه روابط مشترکة تاريخية وثقافية وجغرافية نحج التعليم بإستثمارها في شکل هوية قومية، أما اسرائيل کمجتمع شتات لا يوجد به اية روابط مشترکة کان التعليم المدخل الرئيسي لخلق واقع جديد تغذيه هوية جمعية. فساهمت مختلف المؤسسات في الخروج بهذه الهوية الجمعية بالدولتين وما يميزهما هو الدور البارز للمؤسسة العسکرية کحامي لهذه الهوية. واستطاع صانع القرار بصياغة سياسات تعليمية تعکس طبيعة السياق الاجتماعي والسياسي والاقتصادي وحرصا على بناء کوادر بشرية قادرة على القيادة عبر الاهتمام بالمناهج العلمية والادبية وتعلم اللغات لبناء عقلية نقدية قادرة على قيادة الدولة والتواصل مع العالم الخارجي. ولعب التعليم دورا في استيعاب الطوائف والتعددية بالمجتمع عبر السماح للاقليات بتعلم لغتهم الخاصة أو أن يکون لهم مدارس خاصة بهم لکن مع تدخل السلطات في المناهج والمواد التي تدرس، ولتحقيق ذلک کان لابد من تبني سياسة الالزامية والمجانية منذ رياض الاطفال لتفادي تعثر التعليم وتخصيص نسبة عالية من الناتج القومي للانفاق على التعليم لا تقل عن 3.5% بإيران وفي اسرائيل 5.6% رغم تأثر الاولي بعقوبات اقتصادية والانغماس في الحروب الاقليمية لم تقل عن النسبة الدنيا التي اشترطت عليها المنظمة الاوربية للتعاون الاقتصادي، أما الثانية فالنسبة تختلف اختلاف بسيط بسبب طبيعة الائتلافات الحکومية. وفي ظل الحرص على الجودة تشدد کلاهما في اختيار الطلبة للالتحاق بالتعليم العالي عبر سلسلة من الاختبارات مع الاهتمام بالتعليم الفني وربطه بسوق العمل . ورغم ما تحقق لکن التعليم هو أداة في يد الساسة بالدولتين.
مقدمة:
تهتم کل من اسرائيل وإيران بالتعليم کنافذة للمستقبل والتخطيط نحو المرجو والمرغوب بل والمستهدف فکلاهما دولتان لهما مطامع إقليمية وتوسعية بالمنطقة العربية تتطلب بناء منظومة تعليمية متميزة تساعدهما في بناء کوادر بشرية قادرة على القيادة والتخطيط والاعداد للمستقبل وتمتلک هوية وطنية تعلي من قيم الولاء المجتمعي والانتماء وتکفل تحقيق حراک مجتمعي وعدالة اجتماعية في الوقت ذاته. وقد استطاعا تحقيق طفرة علمية ملموسة فعلى سبيل المثال منذ مطلع الالفية حتى عام 2013 حصل ستة علماء في الکمياء بإسرائيل على جائزة نويل في العلوم وکذا عالمان في الاقتصاد ومفکر في الآداب –علاوة على ثلاثة ساسة فبلغ اجمالي الاسرائيليون الحاصلون على الجائزة 12 شخصية-(Official site of Nobel Prize) واستطاعت ايران في الثلاثين عام الماضية رغم العقوبات الاقتصادية أن تحقق طفرة في مجال العلوم والتکنولوجيا عبر منظومة التعليم والتدريب بل وحققت طفرة في العلوم الطبية والنووية وعلوم الفضاء ودراسة الخلايا الجذعية وعلوم الاستنساخ.. (Coghlan Andy, 2011) وهذه الطفرة حدثت في ضوء عدد من التحديات الداخلية الکامنة في طبيعة المجتمع بکلا الدولتين فکل منهما تتعدد به الطوائف والانقسامات العرقية؛ فإسرائيل مجتمع شتات دولة مهاجرين بالاساس به أکثر من 80 جنسية مهاجرة تحولت بعد ذلک إلى الجنسية الاسرائيلية، ومن ثم لها موروثها الخاص ولغتها الأصلية، علاوة على الانقسامات العرقية وما تعکسه بشدة من سياسات تمييزية بين اليهود والعرب على وجه الخصوص – حيث ادي ذلک إلى وجود مدارس خاصة لکل فئة- إضافة إلى الانقسامات الدينية؛ فهناک مدارس علمانية ودينية بل أن اسرائيل بها عدد من الديانات اليهودية والاسلام والمسيحية والدروز وکل هذه التقسيمات انعکست في النظام التعليمي بإسرائيل. أيضا کان لها انعکاساتها خلال اعداد السياسة العامة للتعليم. کذلک الحال بإيران حيث تتعدد بها اللغات المحلية فبخلاف الفارسية –اللغة الرسمية- هناک الکردية والجيلاکي واللوري والتاليش والبلوشية والترکية والاذربيجانية والعربية والاشورية وقليل من الهندو أوروبية والأرمنية والروسية والبشتو. علاوة على الاعراق المختلفة والتفرقة الکبيرة بين السنة والشيعة بإيران علاوة على الطبيعة المحافظة للمجتمع الايراني التي تنعکس في المدارس ذات الجنس الواحد. ومع هذه الاختلافات کلا منهما استطاعا بناء منظومة تعليمية أفرزت العلماء الذين لهم دور بارز في تحقيق قوتهما الاقتصادية والعلمية.
من هنا کان هناک ضرورة للاهتمام بالتجربتين للوقوف على النظام التعليمي والسياسة العامة للتعليم بکل منهما ومدى قدرتهما على استيعاب الاختلافات والعقبات والتعرف على القوة المؤثرة والعوامل الفاعلة. فهل للمؤسسة العسکرية دور في تطوير المنظومة التعليمية! کما تذکر بعض التحليلات عن التجربتين وخصوصية کل منهما، وأبرز السياسات التعليمية المتبناه من قبل صناع القرار، ودور التعليم بکلٍ منهما حتى يمکن استخلاص الدروس المستقاه من التجربتين وما يمکن الاستفادة منه لتطوير المنظومة التعليمية بمصر والوطن العربي. في هذا السياق تنقسم الورقة البحثية إلى قسمين الاول: خصوصية المجتمع الاسرائيلي والايراني: (السياق الاجتماعي والثقافي والسياسي والاقتصادي المقومات والتحديات..) والثاني: هيکل النظام التعليمي وأبرز السياسات التعليمية بإيران وإسرائيل.
الفروض والتساؤلات:
اولاً: الفروض:
• لعب التعليم دور في جمع شتات الفرق والطوائف بإيران والجنسيات المختلفة بإسرائيل
• طغي الطابع العسکري على المنظومة التعليمية في إيران وإسرائيل
• کان للأيديولوجية السياسية دور في بناء المنظومة التعليمية بکل من اسرائيل وإيران
ثانياً: تساؤلات الدراسة:
• کيف استطاعت الدولتين بناء هوية جمعية لفرق وطوائف وجنسيات مختلفة؟
• هل تختلف التجربة الاسرائيلية عن التجربة الإيرانية في بناء المنظومة التعليمية أم أن هناک خصائص مشترکة؟
• هل أثرت الحروب والصراعات على المنظومة التعليمية بکلا النموذجين؟
• ماهية أبرز السياسات التعليمية التي تم تبنيها من قبل النموذجين لترسيخ الضمير الجمعي وفقا للفکر الأيديولوجي لکل منهما؟
المنهج المستخدم:
تستخدم الدراسة المنهج المقارن لمقارنة التجربة الايرانية والاسرائيلية في مجال التعليم عبر الوقوف على اوجه الاتفاق والاختلاف بين کل منهما في مجال السياسات التعليمية المتبعة المعبرة عن السياق المحيط بها من سياق اجتماعي وثقافي واقتصادي وسياسي. يضاف إلى الوقوف على الجهات المسئولة عن الملف التعليمي في کلا البلدين والأدوار التي تلعبها المنظومة التعليمية بکل منها علاوة على المراحل التعليمية المختلفة من رياض الاطفال إلى التعليم العالي وما بعد التعليم العالي. للتعرف على خصوصية کل تجربة لبناء هوية جمعية تعلو الاختلافات العرقية والاثنية واللغوية بکل بلد، علاوة على سبل التميز العلمي الذي اسفر عن ميلاد علماء بالطرفين، وذلک بهدف الوصول إلى الدروس المستفادة التي يمکن تطبيقها في مصر والوطن العربي.
أهداف الدراسة:
• الهدف العام:
التعرف على سبل بناء هوية جمعية بإيران وإسرائيل تعلو الاختلافات قادرة على قيادة المستقبل
• الأهداف الفرعية:
– دور المؤسسات المسئولة على السياسة التعليمية بالدولتين خاصة المؤسسة العسکرية
– تأثير السياق المحيط على السياسات التعليمية بالدولتين
– ماهمية السياسات التعليمية ووظائف المنظومة التعليمية بکل من إيران وإسرائيل
– ماهية اسباب تمييز التجربتين وخصصوصية کل منهما
1- خصوصية المجتمع الاسرائيلي والايراني: (السياق الاجتماعي والثقافي والسياسي والاقتصادي المقومات والتحديات..)
تتميز کل من التجربة الايرانية والاسرائيلية في مجال السياسات التعليمية أنهما نظرا للتعليم کوسيلة لخلق هوية وطنية مشترکة تعلو على اية انقسامات داخلية فإيران مجتمع رغم تعدد طوائفه ومذاهبه وکثرة الاعراق واللغات المحلية له موروثات مشترکة تاريخية وثقافية وجغرافية. فاهتمت الثورة الايرانية بإعادة صياغة المشترک ليصبح ذا طابع وطني موحد، أما اسرائيل مجتمع شتات لا يجمعه ايه روابط مشترکة سوى الديانة (بالنسبة لليهود) ومن ثم استخدمت التعليم لخلق مجتمع جديد تغذيه هوية وطنية قومية.
ومع هذا التوجه اهتما کلا منهما بالجودة التعليمية لإفراز کوار بشرية قادرة على التغلب علي التحديات الداخلية وعلى التحديات الخارجية المتمثلة بالأساس في الرفض الخارجي لوجود هذا الکيان الجديد، بل وتستطيع انتاج عناصر القوة والتميز وقيادة المستقبل المشترک الذي خلقته الهوية التعليمية الجديدة. ولإنتاج هنا العنصر البشري کان لابد من سيادة سياسات يکون التميز فيها هو المعيار وليس الثروة او المکانة المجتمعية لإفراز العناصر الافضل فتبني النموذجين تعليم مجاني الزامي لتحقيق العدالة الاجتماعية وخلق حراک مجتمعي يکون الافضل فيه في قمة الهرم الاجتماعي وتدرجت هذه السياسات فقد کانت في اسرائيل على سبيل المثال الزامية حتى سن 12 عام ثم تم تعديلها الي سنة 18 عام لإدراک القيادة السياسية بأهمية التعليم وضرورة تنحية أية تحديات اقتصادية جانبا قد تکون السبب في عدم استکمال المسيرة التعليمية المفروضة. في هذا السياق، تمهيدا لمناقشة السياسات التعليمية لکلا التجربتين اللتين تمتازان بمشترک في التوجهات التوسعية والرفض المحيط لوجودهما –کما سيتضح- والتحديات الداخلية من اختلافات مذهبية واثنية وعرقية… الخ يهتم هذا الجزء بالسياق السياسي والتاريخي والتکوين العرقي والمجتمعي لکل من اسرائيل وإيران. کخطوة للتعرف على التحديات الکامنة التي شکلت السياسات التعليمية وحاول صانع القرار التغلب عليها فيما صنعه من سياسات واتخذه من قرارات کالدور البارز للحرس الثوري الايراني او المؤسسة العسکرية بإسرائيل في صياغة السياسات التعليمية والاشراف على تطبيقها بل والانخراط في هذا التطبيق في مواقف کثيرة.
1-1: السياق الاجتماعي والثقافي:
1-1-1: الأيديولوجية والتعدد داخل المجتمع:
رغم اعتماد کلا التجربتين على ايديولوجية تعلي من التوجه التوسعي لکن لکل منهما خصوصيته فإسرائيل نادت بفکرة الهوية القومية لليهود بإعتبار أن الصهيونية هى حرکة قومية – کما قدمها الاباء الصهاينة الاوائل وکما سيتضح لاحقا-. أما إيران نادت بالهوية الوطنية فلم تعتبر کل من هو شيعي ايراني کحال اسرائيل – کل من هو يهودي اسرائيلي- وأنما قامت بصياغة هوية وطنية بين أبناء الوطن الواحد رغم تعدد طوائفه بمعنى آخر لم يکن للثورة دور في خلق مجتمع متعدد الطوائف وأنما عملت الثورة وفکر الثورة الايرانية على خلق مشترک يجمع مختلف الطوائف. أما الصهيونية ساعد فکرها في صياغة الهيکل الاجتماعي فبسبب ما ترتکز عليه من مقولات کان مجتمع الشتات بإسرائيل، حيث تقدم الصهيونية نفسها کحرکة قومية لليهود تهدف لعودتهم إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة، أو کما يزعمون وطن أجدادهم (إرتس يسرائيل). فهذا المذهب الاستعماري ما هو الا مخطط استعماري استيطاني هدفه الاساسي خلق وطن يقوم على تهجير اليهود من مختلف دول العالم وتوطينهم بالاراضي المحتلة (إلياش شوفاني،2004، ص 3:4). وقد ربط المفکرون الاستراتيجيون الغربيون في منتصف القرن التاسع عشر بين المسألة اليهودية والمسألة الشرقية، واهتدى هؤلاء المفکرون إلى أنه يمکن حل المسألة اليهودية عن طريق توظيفها في حل المسألة الشرقية بطريقة تخدم مصالح العالم الغربي، وذلک يُنقل الفائض البشري الوظيفي إلى الشرق ليتحول إلى جماعة وظيفية استيطانية. بمعنى آخر التخلص من اليهود وما يسببونه من مشاکل في الدول الغربية عبر نقلهم وتوطينهم في أراضي الدولة الفلسطينية ليصبحوا مستوطنين منتجين. ومن أبرز مرتکزات الايديلولوجية الصهيونية قضية الشتات اليهودي فيؤمن اليهود بالدياسبورا اي يهود الشتات الذين تربطهم روابط عضوية للارض فيجب ان يعملوا من اجل الوطن الصهيوني وان هذا الشتات هو عنصر قوة للشعب اليهودي لذا قام مصطلح صهيونية الشتات عن طريق تشجيع اليهود على دراسة اللغة العبرية والتراث اليهودي وتشجيع الزيارات السريعة لاسرائيل (عبد الوهاب المسيري، 1983، ص93:94).
1-1-2: التنوع العرقي
تشترک إيران واسرائيل في تنوع الطوائف الاثنية والعرقية داخل بنية المجتمع ورغم اختلاف الکثافة السکانية بين الدولتين إلا أنهما مجتمعان بهما خليط من الطوائف والاثنيات المتعددة. فيبلغ عدد سکان إيران حوالي 80 مليون نسمه وهم خليط من جماعة الآريين القدماء وبعض القبائل القوقازية وبعض القبائل العربية التي استقرت في شرق وشمال شرق البلاد، وبعض القبائل الترکية التي هاجرت إلى إيران في أعداد کبيرة من القرن العاشر الميلادي وحتى القرن السابع عشر، وتختلف طريقة تحديد التمثيل العرقي بإيران فهناک من يقسمها إلى51 % فرس ، 24% آذريون ، 7% أکراد ، 18% آخرون أي أن الفرس يمثلون اغلية بسيطة 51%. وهناک من يعتبرهم نصف السکان فقط يمثلون 50%. والخمسين الاخرى هم اقليات حيث تعتبر الاقليات بايران هم في الاغلب من يتحدثون لغة ام بخلاف الفارسية او اقليات دينية لا تدين بالمذهب الشيعي (أحد مذاهب الديانة الاسلامية) وتمثل هذه النسبة عدة طوائف؛ الأذريين (24٪ إلى 42٪)، الأکراد، (7٪ إلى 12٪)، الجيلاکي والمازاندرين 7%، العرب (3٪)، الترکمان 2%، البلوش (1٪) علاوة على الآشوريين والتلاشيين، والأرمن، واللور، والقاشقاي.. هذا علاوة على اللاجيئن العراقيين الافغان الذين يحملون لغاتهم وتقاليدهم الثقافية لکنهم ليس من حقهم بالقانون دخول المدارس النظامية العامة (او الحکومية) بايران (وبالنسبة للديانة، يبلغ نسبة المسلمين حوالي 98% بإيران وتختلف هذه النسبة من مصدر لاخر. ويمثل السنة ما بين 5% إلى 10 % من النسبة المذکورة والباقي شيعة اي ما بين 88% إلى 93% في حين تنقسم النسبة المتبقية 2% من اجمالي السکان بين المسيجين واليهود والبهائين والزرادشتيين الثلاث الديانات الاولي هى المعترف بها رسميا اما الباقية تتواجد في اطار الاثنية او اللغة اکثر من الديانة. وذلک وفق المادة الثالثة عشر من الدستور الايراني وکذا الرابعة عشر. OmidKheiltash & Val D. Rust, 2008)).
أما اسرائيل هي دولة مجتمع شتات يبلغ عدد سکانها 6 مليون نسمة مکونة من المهاجرين أکثر من 80 جنسية من مختلف دول العالم. مما أدي إلى تنوع جماعات السکان ذات التنوع الاثني والثقافي والمعتقدات الدينية. حوالي 76% من السکان يهود 20% عرب الاغلبية منهم مسلمين، 4% من الدروز والمسيحيين وديانات اخرى. وخلق هذا المزج مشکلات کبيرة بين مختلف طوائف المجتمع. فبداخل اليهود هناک صراع بين العلمانين والمتدينين (يائير شيلغ، 2002، ص 398) . وصراع بين الاشکناز (يهود الغرب) والسفارديم (يهود الشرق) (آلان دوتي، ص182) ، علاوة على السياسات التمييزية ضد عرب 48 (رجب الباسل، 1999، ص67) . ، هذا في ظل أزمة المهاجرين والتمسک بالأرث الثقافي (سعيد زيدان، 2003، ص9:ص 10) کل هذا الاختلاف والصراع ساهم في خلق أزمة تدعى أزمة الهوية بمعني آخر أزمة تحديد مضمون الهوية اليهودية. (إلياس شوفاني، 2004، ص4)
1- 2: السياق السياسي:
کلا الدولتين قامتا في محيط رافض لها لطريقة نشأتها وما تقدمه من أفکار علاوة على اجندتها السياسية التوسعية، وما تبعها من سياسات بعد ذلک. فتشترکان بأن النشأة جاءت بالاطاحة بنظام قائم لکن الطريقة مختلفة فإيران التغير جاء من المجتمع ذاته الذي أفرز ثورة أطاحت بنظام الحکم القائم الذي کان يتبني النمط الغربي وقائم على علاقات جيدة مع القوى الغربية المسيطرة على العالم، أما إسرائيل جاء نشأتها عن طريق الحرب والقضاء على السکان الاصليين والنظام السياسي بل والکيان السياسي القائم (الدولة الفلسطينية) وإنشاء کيان جديد مغاير تماما مدعوم من الغرب. فهذا الکيان الدخيل بالمحيط العربي صاحبه رفض عربي لوجوده بالاساس بل وعداء لما ينتهجه من ممارسات. ويشترک کلاهما في خوضهما بسلسلة من الحروب المستمرة التي لا تنقطع تقريباً. فإيران خاضت حرب الخليج الاولي، وسلسلة الحروب المستمرة بمنطقة الوطن العربي خاصة بعد -ما يسمى- بثورات الربيع العربي (الساحة العراقية- السورية- اليمينة- ودعم حزب الله وحماس)، أما إسرائيل فقد صاحب إنشائها حرب 48 ، وخاضت حروب أبرزها 67، 73، 2006، الرصاص المصبوب، عمليات القتل الدموي القائمة في حق الفلسطينين بشکل شبه يومي. ويختلفان في علاقتهما بالقوى الغربية، فإيران أطاحت بنظام مؤيد للغرب وسياساته وقدمت بديل معاد له بل وفرضت عليها العقوبات الاقتصادية بسبب مواقفها المعادية، وسياساتها النووية، وتوجها التوسعي، ومع توقيع اتفاق 5+1 اي اتفاق القوى الکبري مع ايران (الاتفاق النووي) عام 2015 بدأت العقوبات في الرفع حتى جاء الرئيس الامريکي ترامب بأجندة معادية لإيران مازالت تتشکل معالمها. أما إسرائيل فتمتلک علاقات قوية بالدول الغربية والقوى الکبري سواء امريکا او روسيا او الدول الاوروبية تحظي بدعم مادي وسياسي بشکل دوري. إلا أن کلا النظامين يکنان العداء لبعضهما البعض. ويتضح ذلک فيما يلي:
1-2-1: النشأة والرفض الاقليمي والدولي:
– نشأة اسرائيل وسلسلة الحروب المتوالية مع المحيط الاقليمي:
جاء قرار نشأة إسرائيل بموجب قرار الامم المتحدة للتقسيم عام 1947 وفي اعقاب القرار خاضت الدول العربية حرب 1948 ضد هذا الکيان المغتصب وبعد ذلک اشترکت في حرب العداون الثلاثي على مصر عام 1956 ثم حرب 1967 على مصر والاردن وسوريا ثم حرب الاستنزاف في الفترة الممتدة من 1968 إلى 1970 بين مصر واسرائيل، ثم حرب 1973 ثم خاضت حرب 1982 ضد لبنان احتلت بموجبها مزارع شبعا حتى الان، ثم عملية عناقيد الغضب على لبنان تلتها مذبحة قانا عام 1996، وقتل المصليين بالمسجد الاقصى وما نتج عنه من اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الثانية عام 2000، ثم شنت حرب ضارية على لبنان عام 2006 ، وفي عام 2008 شنت حرب الرصاص المصبوب على قطاع غزة وزارة الخارجية الاسرائيلية، 2010) .. ومازالت تتوالي عمليات القتل وسفک الدماء في حق الفليسطنين بشکل شبه يومي علاوة على استمرارها لاحتلال الاراضي الفلسطينية وهضبة الجولان السورية.
– اندلاع الثورة الايرانية والرفض الغربي لوجودها:
اندلعت الثورة الايرانية 1979 لتطيح بنظام حکم علماني يدعمه الغرب وتأتي بنظام حکم اسلامي معادي للغرب. ومن ثم حظي برفض غربي واسع النطاق خاصة أن من ابرز مسببات الثورة النزعة الغربية لنظام محمد رضا بهلوي، هذا علاوة على الفجوة الاقتصادية داخل المجتمع الايراني حيث استولى النظام على عائدات التنمية الاقتصادية، و ترکت فوائد قليلة جداً للمواطن، وذلک في سوء تقدير لسياسة التقشف التي اتبعها نظام الحکم. هذا يضاف إلى فشله في جذب القيادات الدينية واتباعها خاصة الشيعية منها حيث کانت معارضة الشاه منتشرة بشکل کبير بينهم، فکانوا يطالبون بحکم الشريعة الإسلامية. وکانت الزعامة من قبل آية الله روح الله الخميني بمنفاه بفرنسا. وسرعان ما بدأ الشغب داخل إيران وأصبح نظام الشاه، يقوم بأعمال القمع بشکل واسع، وتطورت أعمال الشغب في عام 1978 إلى حالة من الحرب الأهلية الشکلية. و في أوائل عام 1979 أجبرت المعارضة الشعبية الشاه على مغادرة البلاد. تمت محاکمة مئات من أنصار الشاه و تم إعدامهم، وهرب آخرون من البلاد. ومن ثم کان عائد الثورة الاساسي هو الحکم الاسلامي الشيعي في ظل رفض دولي لوجوده.
1-2-2: الفکر التوسعي للدولتين:
– الصهيونية وتجاوز الحدود:
تنظر الصهيوينة لليهود ککيان جماعي له تاريخه الخاص وتراثه الحضاري المتميز بل وسماته البيولوجية الخاصة به (نقاء الجنس وتميزه) واستخدم مارتن بوبر هذا الفکر وقام بإعادة صياغة ما يسمى بـ”التراث اليهودي” ونسب إلى اليهود کل السمات الصوفية کالانفصال والتفوق واستخدم مصطلح ” التراب والدم” وهذا ما تلاقي فيع مع بيرديشفسکي عن حديثه عن الشعب اليهودي باعتباره عرق يهودي خالص ما يسمى بـ “مفهوم الدم اليهودي”. فاليهود هم يهود بغض النظر عن الزمان أو المکان وعن الحدود والمؤسسات التي يتواجدون بها وانتماءه السياسي امر اختياري اما علاقته بالشعب هي شئ يعلو الارادة والوعي فجميع اليهود تربطهم قرابة الدم ويکون ولاؤهم الاول لما يسمى “اسرائيل” فقد يکونوا نشأوا في بيئات ودول اخرى لکن حقيقتهم هي الشعب اليهودي فولاء اليهودي لوطنه الصهيوني فحسب. وتقوم الصهيونية في ظل ايمانها بنقاء الجنس اليهودي بضرورة الاستيطان بأرض الميعاد وطرد السکان الاصليين الذين يشغلون الارض التي سيقام فيها التجمع الصهيوني وفقا لهرتزل. (عبد الوهاب المسيري، 1983، ص93:994)
فالهدف الاساسي کان الحصول على ارض بلا شعب. ولم تکتفي الصهيونية بالحصول على الارض ولکن ظل الدستور معلق حتى الان لان من أکبر اسباب عدم الاتفاق لوجوده هو عدم رغبة اسرائيل في تحديد وترسيم حدودها سواء اتفقت التيارات الصهيونية حول عبارة من “النيل للفرات” إلا أن النهج التوسعي قائم فقد اوضع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في مؤلفه ‘مکان تحت الشمس′ بأن حق دولة اليهود يتجاوز حدود فلسطين، التي سمّاها إسرائيل الحالية، إلى أراضٍ کثيرة في الدول العربية، ويعتبر أن هذه الأراضي جرى اقتطاعها عنوةً من الوطن اليهودي ‘وأن الأردن يعتبر جزءاً من هذه الأراضي. وبعض النظر عن الاطروحات والمشروعات المقدمة للتمهيد للهيمنة والدور الاسرائيلي في نشر الفوضي بالمنطقة (حيث ليس مجال الورقة لمناقشته) إلا أن الصهيونية ستظل ذات فکر توسعي امبريالي يلقي بظلاله على المنطقة.
– ولاية الفقية بإيران “حتمية تصدير الثورة”:
قامت الثورة الايرانية على مبدأ “ولاية الفقيه” الذي يقوم على عدد من المقولات فحواهاأن کل فرد من المسلمين بحاجة إلى “إرشاد” في شکل حکم أو إشراف يقدمه الفقيه الإسلامي أو الفقهاء الإسلاميون الرئيسيون. وهذا ضروري لأن الإسلام يوجب طاعة قوانين الشريعة الإسلامية الموروثة فقط. فاتباع تلک القوانين ليس الفعل الإسلامي الصحيح فقط، فهذا قد يمنع الفقر والظلم و”استيلاء” الکفار الأجانب على أراضي المسلمين. ولکن حتى يحدث کل هذا، يجب حماية الشريعة من التجديد والتحريف، وهذا يقتضي وضع الفقهاء الإسلاميين على رأس الحکم. (ويکبيديا الموسوعة الحرة، 2017) فإنشاء تلک الحکومة الإسلامية وطاعتها کان أمرًا من الأهمية بمکان فهي “حقًا تعبير عن طاعة الله” وهي في النهاية “أهم من الصلاة والصيام” في الإسلام فدونها لن يحيا الإسلام الحقيقي. فهذه الحکومة مبدأ عالمي وليست قاصرة على إيران. فکل ما يحتاجه العالم ويستحقه هو الحکم، أي الحکم الإسلامي الصحيح، ويرى الخميني أن “تصدير الثورة الإسلامية أمر حتمي.” ولکن حسب قوله، لا يعني “تصدير الثورة: “أن نتدخل في شئون الدول الأخرى، ولکن “الإجابة عن أسئلتهم بشأن معرفة الله”. ويرى جلال آل احمد بضرورة رفض الثقافة الغربية ومحاربتها باعتبارها وباء وأن إيران هي الطريق الصحيح الوحيد لنصرة المضطهدين وتحرير العالم الثالث من الاستعمارية والاستعمارية الجديدة. مما يعکس فکر تصدير الثورة وارتکازا على هذه المرجعية الفکرية عمل القادة الايرانين على تصدير الثورة إلى الدول المجاورة مما أوقع إيران في سلسلة من الحروب المتتالية بدأت بحرب الخليج الاولي ضد العراق في الفترة من 1980 إلى 1988 ، واحتلال الجزر الاماراتية وقطع العلاقات مع المملکة العربية السعودية عام 1988 واتهام البحرين لإيران بمحاولة قلب نظام الحکم عام 1996 (طلال صالح بنان، 2006). علاوة على انغماس إيران عسکريا واستخباراتيا في ساحة القتال الدائر بمنطقة الوطن العربي خاصة بعد ثورات الربيع العربي “العراق- سوريا- اليمن- ليبيا” ويقدر خبراء اقتصاديون هذه التکلفة بثلاثة تريليونات دولار منذ الثورة الايرانية عام 1979. (شذي خليل، 2017)
1 – 3 السياق الاقتصادي:
نظرا لاشتراک الدولتين في المطامع التوسعية وانغماسهم في الحروب ومن ثم من الطبيعي ان يکون الهاجس الامني على قمة الاهتمامات وتکون حصتها المالية من أعلى المخصصات بالموازنة العامة للدولة مما يجور على حق النفقات الاخرى بالموازنة العامة کالرفاهة والتعليم والصحة… لکن المحک هو في القوة الاقتصادية لکل دولة
• الاقتصاد الإسرائيلي:
الاقتصاد الاسرائيلي هو اقتصاد سوق تنافسي قائم على التکنولوجيا الحديثة المتطورة ومن أبرز صادراته الأدوية والعقاقير الطبية ومن أبرز واردتها المواد الخام والحبوب والمعدات العسکرية. ومن أبرز مواردها السياحة والاستثمارات الاجنبية (رغم الحروب التي تخوضها اسرائيل). ووصل متوسط النمو في الفترة الممتدة بين 2004 إلى 2011 إلى 5% سنويا بسبب صادرتها. واستطاعت ان تعبر الازمة المالية العالمية بسلام بسبب قوة الاقتصاد ومرونة القطاع المصرفي. ونجحت في الحصول على عضوية منظمة التعاون والتنمية عام 2010 بسبب قوة الاقتصاد. وفي عام 2010، انضمت إسرائيل رسميا إلى منظمة التعاون والتنمية. الاقتصاد الإسرائيلي أيضا قد نجا من الربيع العربي، بسبب علاقاته التجارية القوية خارج منطقة. وساهمت حقول الغاز الطبيعي المکتشفة قبالة سواحل اسرائيل منذ عام 2009 في ارتفاع التوقعات الاقتصادية في مجال أمن الطاقة. وکانت حقول تمار والطاغوت من أکبر مصدري الغاز الطبيعي البحري في العالم.
وعلى الرغم من قوة الاقتصاد لکن نسبة الفقر تصل إلى 25 % أغلبها في القطاع العربي ويهود الفلاشا (القادمين من أثيوبيا) وفي منتصف عام 2011 ظهرت احتجاجات حول عدم المساواة في الدخول والهوة في توزيع الدخل وزادت المطالبات من الاحزاب السياسية لزيادة حصة الانفاق على الرفاهة الاجتماعية والصحة والتعليم. وفي عام 2013 تبنت الحکومة سياسية تقشفية لتقليل العجز الداخلي واستعادة الثقة في الوضع المالي للحکومية (CIA World Factbook, 2016) ، وفي 2014 قام يهود الفلاشا بمظاهرات کبيرة للمطالبة بتحسين احوالهم المعيشية. ورغم ذلک يظل الاقتصاد الاسرائيلي من أقوى الاقتصادات بالمنطقة ومشکلة الرفاهة الاجتماعية التي تطرأ بين الحين والاخر يقابلها دائما المطالبة بتخفيض النفقات العسکرية. ولکن هذه السياسية على الاکثر دعما داخل اوساط الرأي العام الاسرائيلي والدليل نجاح معسکر اليمين الدوري المؤيد لهذه السياسات والمطبق لها بشکل مستمر منذ عام 1999.(هبة جمال الدين، 2015)
• الاقتصاد الإيراني:
وايران هي ثاني أکبر اقتصاد في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بعد المملکة العربية السعودية، مع الناتج المحلي الإجمالي المقدر (الناتج المحلي الإجمالي) في عام 2015 من الولايات المتحدة 393.7 مليار دولار، کما أن لديها ثاني أکبر عدد من السکان في المنطقة بعد مصر. ويعتمد الاقتصاد الإيراني على قطاعات النفط والغاز والزراعة وقطاعات الخدمات والصناعات التحويلية والخدمات المالية. وتحتل إيران المرتبة الثانية في العالم في احتياطيات الغاز الطبيعي والرابع في احتياطيات النفط الخام المؤکدة. النشاط وإيرادات الحکومة الاقتصادية لا تزال تعتمد إلى حد کبير على عائدات النفط، وبالتالي تبقى متقلبة . وهناک أراء اقتصادية تري أن انخفاض سعر النفط عالمياً ، سبب مشاکل اقتصادية لإيران حيث کانت تعتمد على عائدات البترول بشکل کبير، لتقليص خسائرها جراء العقوبات عبر زيادة إنتاجها وصادراتها من النفط، ولکن تدني أسعارالنفط بهذا المستوى غير المسبوق قلب توقعات الإيرانيين الذين تراجعت صادراتهم النفطية تحت وطأة العقوبات من أربعة ملايين برميل يومياً إلى مليونين ومئة ألف تقريبا، مما اجبر الحکومة الإيرانية على اتخاذ قرارات سلبية على احوال الايرانيين کرفع أسعار السلع والخدمات الأساسية هذا علاوة على ارتفاع نفقات انغماسها في الحروب بالمنطقة کما سبق القول مما يصب في غير صالح المواطن الإيراني حيث يعاني الاقتصاد الإيراني من عجز في ميزان المدفوعات منذ عام 1980م بسبب الإنفاق الحربي من ناحية وانخفاض أسعار البترول من ناحية أخرى , ولا شک أن النظام التعليمي الإيراني قد تأثر کثيرا بتلک الظروف الاقتصادية من حيث التوسع في التعليم وتطوره. إلا أن الحکومة الايرانية تطبق برنامجا للتنمية الاقتصادية أسفر عن تخفيض معدل الفقر من 15٪ إلى 9٪ بين عامي 2009 و 2013. إلا أن وإيران تقبع تحت طأولة العقوبات الاقتصادية التي اقرتها الدول الغربية عليها عقب الثورة الايرانية وکانت تمثل حجر عثر أمام التنمية الاقتصادية. إلا أنه بعد الاتفاق النووي الايراني بين القوى الکبري وإيران (اتفاق 5+1) فقد تم رفع العقوبات الاقتصادية والتي کان لها اثر في زيادة التوقعات بارتفاع معدل النمو الاقتصادي بإيران من 4.3 % إلى 4.8 % خلال عام 2017. (World Bank, 2016) ورغم هذا الاتفاق جاء دونالد ترامب الرئيس الامريکي الجديد باتجاه مغاير رافضا للاتفاق متوجها نحو فرض العقوبات الاقتصادية مرة اخرى على إيران ومازال هذا النهج في طور التبلور ولا يمکن الحکم علي ملامحه الان. (جوناثان مارکوس، 2017) لکن ما يعنينا ان ايران ذات اقتصاد قوى رغم ما يفرض عليها من عقوبات إلا أن الملف الاجتماعي متأثر بشدة بسبب التوجه التوسعي لدي الساسة بإيران وسيتضح ذلک عند الحديث عن المخصصات المالية للانفاق على التعليم.
من هنا يتضح السياق الذي نشأت خلاله السياسات التعليمية بالدولتين.
2- السياسة التعليمية ومؤسسات صنع السياسات بإسرائيل وإيران
ساهم السياق المجتمعي بإسرائيل وإيران في رسم أبعاد السياسات التعليمية والمنظومة ککل التي راعت خصوصية المجتمعين وتبلور خلالهما التوجه السياسي والايديولوجي وانعکس خلالهما مدي اهتمام الحکومتين بمستقبل الکيانين لأن التعليم هو المستقبل. أيضاً کانت التعليم بمثابة أداة طيعة في يد صانع القرار الاسرائليي والايراني لاعادة بناء الهوية بالنسبة للحالة الايرانية ورسم هوية جديدة -لم يکن لها اساس واقعي- کالحالة الاسرائيلية. من هنا سيتناول هذا الجزء الکيانات المؤثرة والفاعلة والمسئولة عن التعليم بإسرائيل والتي يظهر خلالهما دور المؤسسة العسکرية (الجيش الاسرائيلي) و(الحرس الثوري الايراني) مما يثير التساؤلات حول دورهما وسبب هذا التدخل، ودور المؤسسات الاخرى المنوطة. أيضا سيتم مناقشة المنظومة التعليمية ومکوناتها، وأبرز السياسات التي تم اتخاذها لتطوير التعليم والتي تعکس في لوقت ذاته السياق المجتمعي والتوجه الايديولوجي للدولة. بمعني آخر سيتناول هذا الجزء مؤسسات صنع السياسة التعليمية وأبرز السياسات وهيکل النظام التعليمي تم صناعته وتطبيقه. لذا ينقسم هذا الجزء إلى قسمين رئيسيين؛ الاول يعرض أبرز المؤسسات الفاعلة والمنوطة بالحقيبة التعليمية، الثاني يناقش هيکل النظام التعليمي وأبرز السياسات التعليمية بالدولتين.
2-1: أبرز مؤسسات صنع السياسات التعليمية بإيران وإسرائيل:
تتميز التجربتين بتدخل جهات أخرى في المسئولية عن المنظومة التعليمية البعض تتقاطع أدواره مع ملف التعليم والأخر يأخد جزء من مسئولية الاشراف إلا أن المسئولية أصيلة بوزارة التعليم (بالنسبة للتعليم دون الجامعي). أما التعليم العالي فالمسئولية الاصيلة بالمجلس الأعلى (في اسرائيل يسمى المجلس الاعلى للتعليم العالي) و(في إيران تکون المسئولية للمجلس الأعلى للثورة الثقافية). والتجربتان تتميزان بدور کبير للمؤسسة العسکرية التي تتدخل في سن أو الاشراف أو التنفيذ في بعض الامور الخاصة بالتعليم في إسرائيل يتدخل الجيش الإسرائيلي وفي إيران الحرس الثوري. وفيما يلي سيتم الاشارة إلى الجهات المنوطة –خاصة أنها لا تختلف کثيرا عن التجارب الدولية الاخرى- مع مناقشة أکبر لدور المؤسسة العسکرية بالمنظومة التعليمية لأنه ليس من المعتاد بالتجارب الدولية أن تتدخل المؤسسة العسکرية في النظام التعليمي ونظرا لتشابه السياق السياسي في النشأة والتوجه التوسعي الايديولوجي فهل يمکن تفسير هذا التلاقي بمعنى آخر أن الدولة التي تنشأ في إطار اقليمي معادٍ أو رفض دولي لها وتتبنى توجه ايديولوجي توسعي مغاير عن المتفق عليه تحتاج إلى بناء منظومة تعليمية عسکرية.
– اسرائيل:
في إسرائيل تتولى مسئولية حقيبة التعليم ما دون الجامعي لوزارة التعليم والثقافة والرياضة وفقا لقانون عام 1949 و1953 وتتولي مسئولية الأشراف والتوجيه وسن السياسات التعليمية والتنسيق والاعتماد ووضع المناهج التعليمية والتصاريح (Nuffic: Inhernationalising Education, 2015) والإشراف على کادر العاملين في مجال التعليم وينتمي الکادر التعليمي في رياض الأطفال وفي المدارس الإبتدائية إلى وزارة التربية والتعليم في حين يعتبر الکادر التعليمي في الصفوف العالية تابعًا للسلطات المحلية… الخ.
– وتعاونها وزارة الصناعة والتجارة والعمل حيث تنفذ وتشرف على المؤسسات التعليمية للاطفال حتى سن الثالثة. وتتولي مهمة الاشراف على التعليم المهني بإسرائيل لربطه باحتياجات سوق العمل وضمان تدريب الطلبة وانتاج مخرج حرفي مناسب ومطلوب.
– أما وزارة الشئون الدينية: فتتولي مهمة إدارة والاشراف على المدارس الدينية اليشيفوت (عبد الوهاب المسيري، 1983) التي تدعم البحث والدراسة عبر المنح المخصصة للمؤسسات والطلبة. کما تشرف على الشئون الخاصة بتدريس الديانات غير اليهودية بالمدارس بإسرائيل (الإسلامية والمسيحية) وتقدم لها الدعم المادي والتربوي. وتنسق مع وزارة التعليم من خلال لجنة تسيير مشترکة يتم خلالها ايضا توقيع الاتفاقيات واعتماد الموازنات وخط الانشطة(International Bureau of Education of UNESCO,2007).
– السلطات المحلية هي المسؤولة عن صيانة المباني المدرسية واقتناء الأدوات اللازمة للمدارس.. وتقوم وزارة التعليم بتمويل نفقات السلطات في هذا الشأن ، وفقا لعدد الطلبة في کل مدرسة. وتساهم السلطات المحلية مع الحکومة بتمويل 80% من نفقات التعليم.(الموقع الرسمي لسفارة إسرائيل بمصر، 2017)
– أما مکتب رئيس الوزراء فتتقاطع بعض الادرات التابعة له مع مسئوليات وزارة التعليم: (International Bureau of Education of UNESCO,2007).
o الدائرة المرکزية للاحصاء: تشمل الاحصاءات الخاصة بالتعليم ليتم تضمينها في الملخص الاحصائي الخاص باسرائيل والمطبوعات الدورية المتخصصة
o مستشار وضع المرأة: حيث يقترح ويصيغ سياسات قومية تتعلق بوضع المرأة باسرائيل بما فيها الابعاد التعليمية
o ادارة العمل والشئون الاجتماعية: التي تعتمد ادارة التدريب المهني وتنمية القوى العاملة وتهتم بملف التعليم المهني والتدريب والتشغيل. وادارة تنمية الشباب والخدمات التصحيحية التي تتضمن إدارة البرامج والامکانات والهيئات التعليمية
o ادارة شئون التعليم تقوم بتصميم مقرر يتناسب مع المنظومة الفکرية لکل طائفة سکانية وفقا لموروثاتها الثقافية کل طائفة لها ما يميزها عن الاخرى بهدف لإسراع عملية الاندماج وبناء الهوية “الإسرائيلية”.
علاوة على تجربة التعليم داخل الکيبوتزات کانت تتولي ادارة التعليم بحرکة الکيبوتزات مهمة الاشراف على الانشطة بالمدارس ووضع أدلة المعلمين والبرامج التعليمية وتقديم النصح لأسر الاطفال ومدهم بکافة الاحتياجات وتقوم ايضا بطباعة الکتب ووضع الميزانيات الخاصة بکل مستوى تعليمي. والحرکة کان لديها مدرسة لتدريب التعليم الاحترافي بالکيبوتزات للمدرسين وکان بها مرکز ابحاث لتطوير سير العملية التعليمية.
أما التعليم العالي؛ فهو مسئولية مجلس التعليم العالي يصوغ السياسات ويخول باعطاء الرخصة والاعتماد للجامعات والمعاهد بإسرائيل التي سيتم تناولها فيما بعد. علاوة على مهمة الإشراف. (International Bureau of Education of UNESCO,2007).
– أما إيران:
فوزارة التعليم أيضاً هى المخول الاساسي بملف التعليم لکن تشترک معها جهات أخرى (Ep Nuffic: Internationalising Education, 2015) فهى – أي وزارة التعليم- مسئولة عن التعليم الاساسي والثانوي بما يشمل برامج تدريب المعلمين بالنسبة للتعليم الاساسي والاقل من الثانوي. وکذا اعداد المناهج الدراسية بشکل مرکزي فالمناهج واحدة بکل الاقاليم. والمدرسيين مطلوب منهم اتباع المناهج کما هو محدد من قبل وزارة التعليم والتدريب والالتزام بتغطية المناهج دون اية انحراف أما مناهج الديانات الأخرى فکان يسمح للطوائف الدينية أن تشارک في اعداد المنهج التعليمي الديني وکذا الادبي واللغوي لکن في ظل اشراف الوزارة حول المحتوى لتجنب أن يتضمن أية خروقات عن نظام الدولة. وفي ظل هذا الدور المرکزي فکان من الطبيعي تتولي الوزارة انتاج وطباعة الکتب الدراسية، وکذا المحتوى الذي يستخدم کمعيار واحد بکل مدارس الدولة وفقا لکل عام دراسي. وتعد الوزارة کتابا ارشاديا للمدرسيين على کيفية اتباع کل جزء من تعليماتها. والمدرسيين عليهم استيعاب المنهج الدراسي ککل. ويوضح المحتوى الدراسي نظام ومحتوى نظم الاختبارات.
وتشترک إيران مع إسرائيل في إيکال ملف التعليم الفني لجهة أخرى خلاف وزارة التعليم فهي توکله إلى “منظمة التدريب الفني والمهني” تقع تحت اشراف وزارة التعاونيات والعمل والرفاهة الاجتماعية حرصا أيضا على ربط سوق العمل بمؤهلات خريج التعليم المهني وضمان تلقيه التدريب الملائم والمناسب.
أما التعليم العالي؛ فيتولي المجلس الاعلي للثورة الثقافية السلطة العليا فيما يتعلق بسن سياسات التعليم العالي والتخطيط له فهو له السلطة العليا. وتتولي وزارة العلوم والبحث والتکنولوجيا مسئولية الاشراف عن کل التعليم العالي وبشأن الکليات الطبية فتخضع لاشراف وزارة الصحة والرعاية والتعليم الطبي.( أخرى)
• دور المؤسسة العسکرية:
أ. وزارة الدفاع الإسرائيلية (خاصة الجيش الإسرائيلي)
– التربية العسکرية والتدريبات على حمل السلاح بالمدارس خلال المناسبات والاعياد:
على الرغم من أن الخدمة العسکرية إجبارية من سن 18 سنة وفقا للتشريع الاسرائيلي لکن المدارس بإسرائيل يتم فيها التدريب على التربية العسکرية ومن حين لأخر تتم تدريبات للأطفال داخل المدارس على حمل السلاح ففي مارس 2016 صدر عن موقع “عرب 48″، إن وحدة “حرس الحدود” في الشّرطة الإسرائيلية، أجرت فعالية مدرسية لطلّاب الصّف الثّاني بمدرسة ‘تال نورداو’ الابتدائية في تل أبيب، شرحت فيها طرق تفريق المظاهرات وقدمت شروحا عن الأسلحة، وحمل الطلاب خلال الفعالية سلاحا، ضمن ما يسمّى يوم الشّرطة الجماهيريّة’ الذي أحيته المدرسة. وفي عام 2014، نقلت وکالة “إرم” الإخبارية، عن وسائل إعلام إسرائيلية، صور توضح أفرادا في الجيش الإسرائيلي وهم يدربون الأطفال على حمل السلاح والعتاد العسکري والزحف على الأرض مثل الجنود في مستوطنة “افرات” المقامة على أراضي مدينة بيت لحم، بمناسبة عيد الاستقلال الإسرائيلي (عبد الرحمن ممدوح، 2016).
– برامج تدريبية على الحياة العسکرية للشباب خلال التعليم بالمدارس:
تتولي إدارة النهال – برنامج شبه عسکري بالجيش الاسرائيلي يتبع سلاح التعليم مهمته الأولى تنظيم وتنسيق برامج تطوعية وأنشطة للشباب لبناء شخصية تدين بالولاء لإسرائيل ويعمل بها الضباط والعساکر الاسرائيلين بالجيش الاسرائيلي وتقدم أنشطة أخرى مثل “جدانة” أسبوع تعريفي بالعسکرية لطلبة المدارس العليا ليتم ربطهم بما يسمى تاريخ وتقاليد ونظام العسکرية الاسرائيلية. (International Bureau of Education of UNESCO,2007).
– القائد الأعلي للتعليم بالجيش الإسرائيلي ودمج الضابطات کمعلمات:
ينسق مع وزارة التعليم بشأن اشراک الضابطات السيدات بالجيش بالتدريس بالمدارس خاصة بالنسبة للأطفال والشباب الأقل حظا وذوي الاحتياجات الخاصة. (International Bureau of Education of UNESCO,2007).
– برامج لرفع الوعي والارتباط بالمؤسسة العسکرية:
ففي رياض الأطفال تقوم إدارات هذه الروضات بتنظيم رحلات للأطفال لقواعد الجيش الإسرائيلي. وتقوم إدارات المدارس الثانوية بتنظيم رحلات لطلابها الى مواقع الجيش، حيث يشاهد الطلاب مناورات وتدريبات بالنار الحية. وتعمل إدارات المدارس على حث الطلاب على إرسال هدايا للجنود، لاسيما الجنود من المهاجرين الجدد الذين وفدوا على الدولة بدون ذويهم لبناء شعور بالانتماء لدى الطرفين.
– المناهج الدراسية:
تتضمن المناهج التعليمية تدريس تاريخ الحروب العربية الإسرائيلية، الى جانب دراسة السير الذاتية لکبار القادة العسکريين الذين حققوا ” انجازات ” خلال هذه الحروب، حيث يطلب من الطلاب عادة کتابة مواضيع تعبير حول هؤلاء القادة.
– مشروع تسافتا “تولى الکوادر العسکرية إدارة المؤسسات التعليمة”:
مشروع ينفق عليه جيش الدفاع لإعادة تأهيل کبار الضباط المتقاعدين وضباط المخابرات السابقين وکبار ضباط الجيش الاحتياط إدارة المؤسسات التعليمية والتدريس للطلبة بالفصول.
– تمويل المدارس الدينية الصهيونية العسکرية” يشيفوت ههسدير”:
يتولي الجيش دفع مستحقات التعليم في هذه المدارس إلى جانب دفع رواتب الحاخامات الذين يتولون التدريس فيها لکنه لا يتدخل في مقررات التعليم غير العسکرية فهى من مسئولية الحاخامات (أمنية أحمد محمد سالم، 2015، ص180: ص182) وهذا النظام مخصص من أجل إعداد الطلاب للخدمة العسکرية. فما إن يبلغ الطالب من العمر عشر سنوات يتم وضعه في مدارس داخلية يطلق عليها “بنيميا” حيث يبقى الطالب لمدة عشرة أيام في هذه المدرسة دون أن يسمح له بالعودة للبيت. بحيث يتعاقب على تربية هؤلاء الطلاب عدد من الحاخامات الذين يتم اختيارهم بشکل خاص. يبقى الطالب في هذه المدارس حتى سن الخامسة عشرة، وبعدها ينتقل إلى مدارس دينية تعنى بشکل أساسي بإعداد الطالب للخدمة العسکرية. فهذه المدارس “يشيفوت ههسدير” تجمع المدارس بين نوعين من العلوم: العلوم المدنية والدينية والعلوم العسکرية، مع العلم أن عدداً من أبرز الحاخامات يشرف على هذه المدارس. وجميع طلاب هذه المدارس يلتحقون بالوحدات المقاتلة والخاصة في جيش الاحتلال عند التحاقهم بالجيش، وحتى بعد أن يلتحقوا بالجيش فإن طلاب هذه المدارس يبقون على علاقة مع حاخاماتهم ويزورونهم للحصول على إرشاداتهم، والکثير من الجنود يظل طالباً في المدرسة حتى بعد التحاقه بالجيش.(اسلام ويب، 2017)
ب. دور الحرس الثوري الايراني (أو الباسدران) في المنظومة التعليمية:
تأسس بقرار من آية الله الخميني بعد وقت قصير من نجاح الثورة الإسلامية 1978-1979، وهو منظمة عسکرية وأحد أرکان القوة العسکرية لإيران. ويعد قائد الثورة الإسلامية في إيران آية الله الخامنئي القائد العام للقوات المسلحة الإيرانية التي تشمل إضافة إلى الحرس الثوري، جميع أرکان الجيش الإيراني. ويمارس دورا کبيرا داخل المنظومة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية. ويلعب دورا کبيرا في التنشئة الاجتماعية وإعداد المواطنين للدفاع عن الوطن. ويلعب دور في المنظومة الصناعية بالاشراف على المشروعات الاقتصادية العملاقة والخدمات التجارية والسيطرة عليها وإدارتها ومحاربة الفساد والقضاء على التهريب والسوق السوداء.. فهو يمارس دورا کبيرا في السيطرة على السياسة الايرانية بشکل رسمي وغير رسمي في حالات أخرى (Frederic Wehrey, 2009) ينضوي تحت هذا الحرس، قوات التعبئة العامّة المعروفة باسم البسيج. والحرس الثوري مجهّز بقوات برية وبحرية وسلاح الجو والاستخبارات الخاصة به، علاوة على القوات الخاصة. ويضم في صفوفه 120 الف من الجنود النظاميين وحوالي 300،000 من جنود الاحتياط. يمتلک الحرس الثوري أنواع عدّة من الأسلحة تتضمّن: صواريخ/دبابات/طائرات مقاتلة، وقسم کبير من الأسلحة التي يمتلکها الحرس الثوري هي صناعة إيرانية محلية الصنع وقد لعب الحرس الثوري دوراً ريادياً إبان حرب الخليج الأولى، حيث قاد العديد من المعارک والهجمات التي أدّى بعضها لاعادة السيطرة على بعض المدن الإيرانية من يد الجيش العراقي. وحدد رحيم صفوي -المساعد والمستشار العالي للمرشد علي خامنئي في القوات المسلحة الإيرانية- مهام واستراتيجية الحرس الثوري بخمس مهام، ثلاث منها أصلية واثنتان فرعيتان، وهي (جمال عبيدي، 2016) :
– المهام الأصلية: دفاعية، وأمنية، وثقافية.
– المهام الفرعية: اقتصادية تتمحور في بناء إيران، واجتماعية تتمثل في مساعدة الشعب أثناء الحوادث غير المترقبة.
فأحد أبرز أدوره هي التوعية الايديولوجية وغرس قيم الدولة الاسلامية في النشأ فيعمل ضباط الحرس الثوري في الاذاعة والتليفزيون للاشراف على المحتوى الاعلامي الذي يقدم. فرسم الهوية الثقافية دور اصيل للحرس الثوري والتي يکون التعليم رکيزة محورية نحوها.و يظهر دور الحرس الثوري بدرجة کبيرة خاصة في مرحلتي التعليم الثانوي والجامعي (أي بين الشباب) بهدف:( Frederic Wehrey, 2009)
– غرس قيم التنشئة الاجتماعية وحب الوطن
– أداة لردع وقوة تعبوية ضد الشباب الناشطين ذات التوجهات الاصلاحية. ففي بداية الثمانينات قام الحرس الثوري بحملة تطهير واسعة بالجامعات الايرانية شملت اساتذة الجامعة والاداريين والطلبة.
ومن أبرز ما يقوم به من أنشطة:
– ينظم مخيمات صيفية للشباب لغرس قيم الولا والانتماء: والتعاليم الشيعية کقدسية عاشوراء.. ونبذ الغرب والقيم الغربية المغلوطة التي تبثها القنوات الفضائية وشبکة المعلومات الدولية وتشمل هذه المعسکرات الرياضية الأنشطة الترفيهية، ودورات في التطبيقات التکنولوجيا والدروس الدينية وتدريبات في المواد العلمية کالفيزياء، والکيمياء، والرياضيات، واللغات کاللغة الإنجليزية واللغة العربية. ففي 2007 تم تنظيم 160 معسکر بمحافظة جيلان ضمت أکثر من 220 الف طفل (Peter Martonosi, 2012)
– محاضرين من الحرس الثوري: فبعد حملة الاقالات بالجامعة بحقبة الثمانيات من القرن الماضي قدم الحرس الثوري محاضرين من الحرس ليحاضروا بالجامعات الايرانية وصل عددهم 11 الف محاضر بالجامعات الايرانية وانشأ منظمة لتدريب محاضري الحرس الثوري لتعزيز قوتهم الاکاديمية بشکل دوري (LBO)
– المقررات الدراسية: يقوم الحرس الثوري بإعداد مناهج لمواجهة التدين الضعيف والفتور الايديولوجي تدرس بالجامعات. وعقب الثورة ساهموا في اعادة صياغة المناهج الدراسية لتضمن التاکيد على هوية الدولة والالتزام بمبادئ الثورة
– تدريب المعلمين: يقوم الحرس الثوري بتقديم برامج لتدريب المعلمين واعدادهم على الفکر الايديولوجي للدولة وبشکل دوري لضمان الولاء. وعقب لاثورة ساهموا في وضع الکتيبات الارشادية للمعليمن لضمان التزامهم بمبادئ الثورة
– تشجيع الطلبة على الانضمام للحرس الثوري والتصدي للمعارضين بأنفسهم: فتح باب التطوع بقوات الباسيج (أي الحشد) –احد القوات التابعة للحرس الثوري- منذ عام 1979 لتکون بمثابة دروع للدفاع عن ايران وقيم الجمهورية الاسلامية وتبلغ عددها اکثر من 11 مليون نسمة من الرجال والنساء وتم الحاق الاطفال فيها خاصة من سن 14 عام بهدف تنشئة النشء على التعاليم الاسلامية الشيعية وتستمد قوات الباسيج صفة الشرعية من المادة 151 من الدستور التي تدعو الحکومة للوفاء بواجباتها وفقا للقرآن الذي يدعو لتزويد المواطنين بجميع الوسائل للدفاع عن أنفسهم. وتلعب دورا کبيرا داخل الجامعات والمدارس الثانوية ويقوم الطلبة الاعضاء بها بمواجهة الناشطين من الطلبة المعارضين. Frederic Wehrey, 2009))
من هنا يتضح أن کلا التجربتين تسعيان بجهد للحفاظ على الهوية الجديدة المکتسبة من خلال الدرع الواقي وفقا لمنظور کل دولة في اسرائيل الجيش وفي ايران الحرس الثوري. ومن ثم کان تدخل المؤسستين حتمي لضمان الحماية وافراز الکوادر القادرة على الحفاظ على بل وقيادة المنظومة الجديدة التي صنعها القيادات بايران واسرائيل.
والجدير بالملاحظة، انهما اتفقا في الادوار التي تمارسها المؤسسة العسکرية کدمج القيادات العسکرية بالتعليم وافراز نشء مدرب على التعاليم العسکرية ورفع الوعي لدي الطلبة بالتدريب والمعسکرات والانشطة الثقافية، وذلک لتصبح الفکر العسکري جزءا لا يتجزأ من المنظومة التعليمة ومن ثم الهوية المجتمعية للطفل والشاب.
2-2: هيکل النظام التعليمي وأبرز السياسات:
تعکس المنظومة التعليمية التوجه الايديولوجي والسياسي لکل من اسرائيل وإيران فکلاهما اتخذ من التعليم أداة لرسم الهوية التي تتناسب مع توجهاته السياسية ونظرته لمستقبل الدولة. وانعکس خلال هذه المنظومة السياق المجتمعي الکائن بکل دولة من وضع للاقليات والاعراق والطوائف المختلفة، حتى أن الاطماع التوسعية لکل دولة أثرت على شکل النظام التعليمي بل واستقرار الدراسة بها کما حدث بإيران أبان حرب الخليج الأولى کما سيتضح لاحقا.
من هنا سيتناول هذا الجزء وظائف المنظومة التعليمية بکل دولة، وشکل مراحل التعليم بشقيه قبل الجامعي والعالي، والسياسات التعليمية المتبعة بکلٍ منها.
2-2-1: وظائف المنظومة التعليمية بإيران وإسرائيل
اتفقت إيران وإسرائيل في الأدوار المنوطة بالمنظومة التعليمية فهى مدخل لبناء الهوية الجمعية ونافذة للأقليات والطوائف للاحتفاظ بالارث الثقافي لکن لکل منها مساحته وحدود السماح بها، بل واتخذ من التعليم مدخل لتبرير سياساته وکسب الشرعية.
– صياغة هوية جمعية :
قامت اسرائيل وإيران باستثمار المنظومة التعليمية لإفراز مواطن جديد ومجتمع له هوية جمعية تنحي الاختلافات جانبا لکن تختلف کل منها في درجة تعاملها مع الاختلافات وقد يمکن تفسير ذلک أنه في إسرائيل لا يوجد رابط مشترک بين الشتات المجتمعي سوى الديانة أما إيران رغم تعدد الاعراق والطوائف فإنه يجمعها مشترک تاريخي وجغرافي… إلا أن هذا ليس مبررا في المساحة التي تعطيها إيران للطوائف ولا دليلا على سماحة الکيان الصهيوني خاصة في ظل تزييف الحقائق التاريخية کالتعامل مع القطاع العربي والمدارس العربية لعرب 48 کما سيتضح لاحقاً.
• رسم هوية جديدة (المواطن الاسرائيلي رابطة الدم اليهودي)
سعت اسرائيل من خلال المنظومة التعليمية لأن تمثل بوتقة الصهر لکافة الثقافات المختلفة والجنسيات المتعددة لتشکل هوية واحدة هى الهوية الاسرائيلية وتعددت الصياغات الساعية لتحقيق ذلک کتجربة التعليم الجمعي بالکيبوتزات –کما سيتضح لاحقا- فرغم قسوة الحياة بها لکنها کانت تمثل إعادة تشکيل لهوية جديدة قائمة على المساواة والعمل وزرع ما يسمى بـ”التاريخ الاسرائيلي”، “التراث اليهودي”، “التعاليم اليهودية”، وتدريس “اللغة العبرية”. وادرک القادة الصهاينة الإختلاف بمجتمع الشتات الاسرائيلي وصعوبة فرض صيغة موحدة للتعليم فتم طرح أربعة صور تراعي الانقسامات الداخلية الدينية والايديولوجية والثقافية مثل المدارس العلمانية وأخرى دينية ومدارس للقطاع العربي علاوة على المدارس الخاصة والدولية التي تندرج تحتها مدارس الاقليات کتجربة الموفيت (لليهود الروس)، وادخلت المناهج الدينية حتى داخل المدارس العلمانية لکن بما يتوافق والتوجه العلماني في ضوء التعاليم الصهيونية. (Nuffic: Inhernationalising Education, 2015) فهناک ما يزيد على 50 منظمة في إسرائيل تختص بتعليم اليهودية کثقافة تتضمن صياغة الهوية اليهودية للسکان العلمانيين. (Proceeding of the Interdisciplinary Center Herzliya, 2004) ومن ثم يمکن القول أن إسرائيل تستثمر الاختلافات وتقبلها وتسعي لخلق تاريخ وتراث مشترک قائم على تزييف الحقائق مستخدمة الديباجات الصهيونية التي بلورت حرمة الدم اليهودي کما سبق الذکر.
• اعادة صياغة الهوية الإيرانية: (الهوية الجمعية)
حدثت الثورة الاسلامية بإيران عام 1979 والاهمية التي تلت الثورة هو تولي الاسلاميين الحکم کرغبة لغرس الاسلامي کدين محلي رسمي بکل انحاء الدولة الايرانية، وعليه تمت اسلمة المدارس ومکافحة التغريب بها وسبل تحقيق هذه الاهداف کانت بطرق راديکالية تم خلالها تطبيق مناهج دراسية جديدة لتتم الاسلمة بسرعة وفي اقصر وقت ممکن. ومن ثم تبنت ايران عددا من الملامح المميزة للنظام التعليمي حيث قام القادة باعادة هيکلة الهوية الاجتماعية الثقافية والدينية للدولة وتم بناء الهوية الثقافية الايرانية على اساس أربع عوامل رئيسة، على النحو التالي: ((Omid Kheiltash & Val D. Rust. 2008
– ارث الدولة قبل الاسلام: الذي توارثل على مدار فترة ممتدة اکثر من الف عام من وقت الاخمينيين حتى هزيمة اخر سلاله فارسية حاکمة “الساسانيين” عبر غزو الجيوش العربية بمنتصف القرن السابع
– الاسلام او اکثر تحديدا الشيعية فقد اصبحت مذهب اکثر من 90% من السکان
– خلق روابط قوية متداخلة “المصير والقدر الواحد”، تم بثه بين الشعب الذي سکن نفس الارض التي تحمل نفس الاسم وواجه نفس الاعداء وکافحوا نفس الحکام الطغاه واشترکوا في مصير تاريخي واحد على مدار اکثر من 2000 سنة وحتى النهاية
– اللغة الفارسية: فقد اصبحت اللغة الام للاغلبية العظمي من السکان ولغة الدراسة واللغة الرسمية
من هنا يمکن القول ان جوهر الهوية الايرانية قائمة على الشعور بالهيمنة التاريخية والدينية واللغوية مع اعتراف غير رسمي بالتعددية خاصة التي تتعلق بالدين واللغة والعرق بالدولة. فوفقا للساسانيين التاريخ الايراني الحديث عرض تموجات ثابته بين متضادات من التعصب القومي والديني تم ادارتها بواسطة “عقائد (شعارات) محبة للغير من اجل البقاء” بمعنى آخر تم الاستفادة من تجارب التعصب الديني واستخلاص دروس ايجابية من الخبرة السابقة لتکون بداية لخلق شعارات جديدة قائمة على محبة الغير وقبول الاخر کمقومات للعيش المشترک والبقاء. وانعکست هذه المقومات في جوهر المواد التعليمية حيث تشتمل الکتب الدراسية على ستة مواد رئيسة ثابته في کل مرحلة دراسية من الطفولة حتى الشباب:
• اللغة الفارسية: فالکتاب الدراسي هو تجميع من القصص القصيرة التي تحمل رسائل بتهايتها مثل “استخدم ممر المشاه عند عبور الشارع”. ويتضمن ايضا بعض السير الذاتية للشخصيات المؤثرة کالرسول (ص) المثقفين او المکتشفين والمخترعين من انحاء العالم. وتشمل ايضا الشعر حيث يمثل خمس منهج اللغة الفارسية ويتدرج الشعر من وصف فصول العام إلي مدح الثورة الاسلامية عام 1979.
• الدراسات الاجتماعية: تتنوع في المحتوى الذي يتدرج من دراسة مناخ ايران ومعالمها ومدنها وتقديم سير مختصرة عن ابرز الرسل في الاسلام مثل (نوج وعيسي عليهما السلام) ويصل الي تحديد دور کل فرد في داخل الاسرة الواحدة.
• الدراسات الدينية: يمکن نعته ايضا بالدراسات الاسلامية ولا تتطرق بالاشارة الي ايه ديانات اخرى. وتتدرج العناوين بين کيفية الصلاة والسمات الجيدة الواجب توافرها في المسلم.
• دراسات قرانية: يجمع بين القران والممارسات الشيعية والصلاة وفقا للمذهب الشيعي.
• الرياضيات و العلوم
– التعليم ألية لکسب الشرعية وتبرير السياسات:
استخدمت ايران واسرائيل التعليم لکسب الشرعية لوجودها وما تنتهجه من سياسات وترکز على الذاکرة الماضية للنظام السابق وسوء الاحوال المعيشية بالنسبة لايران والمعاناة اليهودية بالشتات الخارجي بالنسبة لاسرائيل. والخلاف أن اسرائيل لا تنظر إلى الداخل فقط وأنما للخارج لکسب التعاطف الدولي لسياساتها سعيا لاکتساب حق غير مشروع.
• تبرير السياسات القمعية والحق الإسرائيلي في الأرض (الشرعية أمام الرأي العام):
ترکز إسرائيل من خلال المناهج على ما يسمى المعاناة اليهودية و التاريخ اليهودي وارض الميعاد والوطن القومي ومسيرة الاضطهاد التي تعرض لها اليهود ويتعرض لها من الفليسطنين والعرب – کما يدعون- رغم ادعائهم بتميزهم العرقي الذي يعطيهم مبرر للسيادة والهيمنة. بل وتحتوى المناهج التعليمية على المبررات الصهيونية لقمع المدنين (الأغيار) والاستيلاء على ممتلکات الغير.(عبد الوهاب المسيري، 1983) ولا تکتفي بالداخل وأنما تؤسس کراسي دراسية بالجامعات الکبيرة بالخارج لتدريس اللغة العبرية والتاريخ اليهودي الزائف وذلک لاکتساب التعاطف الدولي والشرعية لما تنتهجه. قامت الحکومة في الولايات المتحدة عام 2007 بافتتاح برامج دراسية جامعية تدرس التاريخ اليهودي من منظور ثقافي، وتحمل نفقات دعم کتب دراسية ومناهج تعليمية عن التراث اليهودي. وتزامنا مع ذلک، نفذت الحکومة برنامجا شاملا بعنوان “مقتطفات من اليهودية کثقافة وحضارة” يقوم بجمع مواد من التوراة والثقافة والفکر اليهودي، وتبسيطها وطباعتها في کتيبات وتوزيعها على الطلبة اليهود، إضافة إلى تنظيم مشاريع بحثية وبرامج دراسية تتعامل مع الثقافة اليهودية، ومفهوم العلمانية اليهودية في داخل وخارج إسرائيل ومکونات الهوية اليهودية العلمانية Proceeding of the Interdisciplinary Center Herzliya, 2007)) . ولم يقتصر الأمر على الولايات المتحدة، فقد صادق مجلس الوزراء على رصد مبلغ 1.5 مليون شيکل مساهمة من إسرائيل في مشروع إنشاء کرسي أستاذية جديد في جامعة ماساريک الواقعة في مدينة برنو التشيکية يحمل اسم مؤسس الحرکة الصهيونية ثيودور هرتزل. وتقرر تکليف وزارة الخارجية بإعداد خطة عمل خمسية لکرسي الأستاذية الجديد على اسم هرتزل. )مکتب رئيس وزراء الحکومة الاسرائيلية، 2012).
• التأکيد على مبررات الثورة الاسلامية وکسب وتجديد الشرعية لنظام الحکم:
عالجت المقررات الدراسية في مختلف المراحل مسببات الثورة الايرانية خاصة الفجوة في توزيع الثروة وخلل منظومة العدالة الاجتماعية وتحرص على تصوير الوضع الاجتماعي والاقتصادي وتصوير وضع ايران الحالي مقارنة بين بوضع المواطنين المحرومين أبان النظام الايراني السابق وتصويره بالاستغلال والفساد ونبذ نمط الحياة الباهظة المفرطة(Omid Kheiltash & Val D. Rust. 2008) .
– تلبية احتياجات المجتمع وحل مشاکله:
اتفقت التجربتان في أن التعليم لابد أن يعالج المشاکل ويبني شاب قادر العمل والاتخراط في المجتمع وحل مشاکله وتقديم حلول بديلة. وبناء عقلية تعبوية مؤمنة بالواجب العسکري کما سلف الذکر. وقد يفسر ذلک أيضاً سبب الاهتمام بالعلوم والتعليم التکنولوجي وکذا المهني وربطه بسوق العمل حتى يمکن ان يشبع طموحات الدولتان.
• تلبية احتياجات المجتمع الاسرائيلي:
أهتمت إسرائيل ببناء مفهوم العمل وغرسه داخل فکر الاطفال کما حدث في التعليم الجمعي بالکيبوتزات فالعمل کان يتم منذ المراحل التعليمية الاولى، کما تطبق اسرائيل برامج لدمج الطلبة داخل المجتمع لتفعيل مفاهيم المسئولية المجتمعية ومساعدة الاخرين کالمساهمة في برامج لتقليص الفقر والفارق الاجتماعي ومساعدة المسنين.. وتشدد الحکومة على ضرورة رعاية الامتياز والريادة بمقياس دولي في مجالات البحث النظري والعلمي والتطبيقي. )موقع وزارة الخارجية الاسرائيلية، 2015) أيضا يتم ربطهم بالمنظومة العسکرية لبناء مواطن عسکري منذ الصغر يمکن تعبئته وقت الحاجة إليه کما سبق الذکر.
• آلية لحل مشکلات المجتمع:
يقوم التعليم بإيران بعد الثورة على ابتکار واکتشاف بدائل جديدة لنظام التعليم القائم تکون أکثر کفاءة وفعالية في حل مشکلاته وتلبية حاجات المجتمع الذي يوجد فيه والإسهام في تطويره. وقد شهد النظام التعليمي الإيراني منذ نجاح الثورة الإسلامية عدة تجديدات تربوية تهدف إلى إصلاح النظام التعليمي ليفي بمتطلبات النظام الجديد وذلک من خلال القيام بثورة ثقافية شاملة. وقد بادر الخميني في شهر أبريل 1980 إلى تحقيق هذه الغاية حينما أصدر مرسوماً رسمياً يدعو إلى تشکيل مجلس للثورة الثقافية وقد حدد الخميني طبيعة ومهام ومضمون وتوجيه هذه الثورة المنشودة في عبارات المرسوم على النحو التالي: (تمحيص جميع البرامج والمشکلات التعليمية ، وصياغة استراتيجيات وسياسات تعليمية على أسس ثقافية إسلامية ، واعداد مناهج علمية في جميع جوانب الدراسه تعتمد على متطلبات واحتياجات المجتمع ، وتدريب واختيار هيئة التدريس المؤهلة والملتزمة بقضية الثورة ). ولتحقيق ذلک اختار الخميني (هيئة من خبراء التعليم الإسلامي) للإشراف على تجسيد الخطة التي حدد معالمها في المرسوم المذکور ، وقد قامت هذه الهيئة التي أطلق عليها اسم ” المجلس الأعلى للثورة الثقافية ” على الفور بإجراء إصلاحات هائلة ، مازالت مستمرة.
– استيعاب الطوائف والتعددية بالمجتمع:
کان التعليم نافذة للوصول للحفاظ على التعددية لکن کمدخل للهوية الجمعية وتختلف کل تجربة عن الأخرى في المساحة المتروکة للطوائف فإسرائيل تعترف بالتعددية وإيران تسمح فقط بمساحة صغيرة للاقليات من خلال التعليم إلا أنهما اتفقا في أن يقدم التعليم نافذة للأرث الثقافي للأقليات.
• التعددية لاستيعاب الاختلافات:
التعليم بإسرائيل تعليم تعددي يطرح صيغ مختلفة للتعليم تختلف من فئة لأخرى فرغم أن العبرية هي اللغة الرسمية لکن يحق لکل فئة الدراسة أيضا بلغتها کالعربية والروسية والانجليزية لکن مع اتقان العبرية بل واتخذت ذلک مدخل لإجادة العبرية والتعاليم الصهيوينة کما سيتضح . فالتعددية کانت مدخلا للهوية الجمعية بإسرائيل.
• استيعاب الطوائف والاقليات مع الحفاظ على الهوية الجمعية:
مع تعدد الاقليات بإيران التي تصل الي نصف عدد السکان وما يتحدثون به من لغات مختلفة ومتنوعة، ومع سيطرة الدولة المرکزية بايران وفرض الفارسية کلغة رسمية لم يکن أمام هذه الاقليات مجال لدراسة تراثهم وتعلم لغاتهم إلا في التعاليم حيث يدرس أدابهم بالمدارس ولغاتهم في مقررات بعينها تدرسها کل أقلية على حدى ومن ثم يمثل التعليم مدخل لاشعار لااقليات بخصوصيتهم واحترام تراثهم المتوارث تفعيلا للمادة رقم 15 بالدستور الايراني. ( )
2-3: النظام التعليمي وأبرز السياسات:
يبتناول هذا الجزء ملامح وسياسات النظام التعليمي بکل دولة بشکل مقارن نجد خلاله نقاط اتفاق کسياسة المجانية والالزامية ومراحل العمية التعليمية وأخرى تعکس السياق السياسي والاجتماعي والاقتصادي وهوية کل نظام سياسي بالدوليتين. ويقدم الجدول رقم 1أبرز ملامح وسياسات المنظومة التعليمية بکل دولة
الجدول رقم 1: أبرز ملامح وسياسات النظام التعليمي بکل دولة
المصدر: الجدول من اعداد الباحثة بتدير من
• Nuffic: Inhernationalising Education, ) 2013(. Op.cit
• Epstein, Alek D. & Kheimetsm Nina G., (2000). “Cultural Clash and Educational Diversity: immigrant teachers’ efforts to rescue the education of immigrant children in Israel” , International Studies in Sociology of Education, Volume 10, Number 2, 2000
• Ep Nuffic: Internationalising Education, (2010), Op.Cit.
2-3-1 : النظام التعليمي بإسرائيل:
– سياسة الإلزامية والمجانية:
التعليم بإسرائيل تعددي إلزامي مجانا ينظمه تشريع عام 1949 م وعام 1953 م بالنسبة للتعليم دون الجامعي مرحلتي التعليم الابتدائي والثانوي وتتولى المسئولية وزارة التعليم والثقافة والرياضة. أما التعليم العالي فيحکمه تشريع عام 1958. تدرجت إلزامية التعليم ومجانيته کان في البداية من عمر ثلاث أعوام حتى خمسة عشر عاماً ثم تم مد فترة العمر الالزامي إلى 18 عام.
– اللغة والعام الدراسي:
اللغة الرسمية بالتعليم هي العبرية العبرية ويسمح بتدريس لغة الطوائف المختلفة. العام الدراسي للمرحلة الابتدائية والثانوية من نهاية اغسطس حتى يونيه، والعام الاکاديمي من اکتوبر حتى يونيه. (Nuffic: Inhernationalising Education, 2015)
– أنماط المدارس:
هناک خمس أنماط من المدارس بإسرائيل تعکس التمثيل الثقافي والعرقي بالمجتمع کل مدرسة تساهم بجزء من المقرر الدراسي الا ان کل المدارس العامة ممولة من الحکومة وتلتزم بتقديم المقرر الرئيسي ويتم تکميلها بمواد تتناسب مع الفئة المستهدفة، واذا قسمناها وفقا للتمويل الحکومي ستنقسم غلى فئتين: (Nuffic: Inhernationalising Education, 2015)
• فئة المدارس الحکومية
– المدارس العلمانية: تقدم مقرر الحکومة باللغة العبرية التي وضعته وزارة التعليم باسرائيل
– المدارس الدينية: تقدم التعليم الرسمي الديني باللغة العبرية مع الاهتمام الکبير بالدين والثقافة اليهودية ومزجهم في المقرر الرسمي
– مدارس العرب: تقدم المناهج باللغة العربية مع الترکيز على التاريخ العربي (الذي توافق عليه الحکومة الاسرائيلية حيث زيفت بعض الحقائق) والثقافة والمعتقدات
ويلاحظ أن اغلب الطلبة بإسرائيل وينتظم في المدارس التابعة للدولة
• فئة المدارس الخاصة
الا انه هناک مدارس خاصة تعمل خارج النظام الحکومي لکنها معتمدة منه وهي :
– مدارس اليهود الحريديم
– المدارس الدولية والخاصة کمدارس الموفيت تم إنشاءها في لابداية کفصول تقوية للطائفة الروسية بسبب تعثر الطلبة اليهود بالدراسة بالمدارس اليهودية وانخفاض مستواهم الدراسي مقارنة بأقرانهم وبعد نجاح التجربة وانعکاس النجاح في مستويات تحصيل الطلبة بل ونجاحهم في تعلم العبرية لتصبح لغة الدراسة بعد فترة بالموفيت ذاتها حصلت على رخصة کمدارس خاصة لطائفة اليهود الروس بل لاهتمامها بدراسة الرياضيات والعلوم سعى الوزير الاسبق جابوتنسکي إلى تعميم التجربة في دراسة الرياضيات والعلوم داخل اسرائيل.
– المراحل التعليمية وأبرز السياسات:
• إسرائيل:
أولاً: مرحلة التعليم الإبتدائي: وتقسم إلى درجتين؛ مرحلة رياض الأطفال ومرحلة التعليم الابتدائي ذاته
1. رياض الأطفال: الزامية من سن 3 الي سن 6 اعوام
2. التعليم الابتدائي: التعليم الابتدائي الزامي من سن 6 إلى 12 سن عام، أي أن مدة الدراسة ست سنوات ويدرس للجماعات اليهودية بمختلف أطيافها والعربية.
ويتم خلال هذه المرحلة لبناء الهوية الجمعية للأطفال اختيار کل عام موضوع ذي أهمية قومية لدراسته دراسة عميقة بهدف تعميق الفهم والوعي الإجتماعي للطلبة والولاء لإسرائيل منذ الصغر. ومن بين المواضيع التي أختيرت لتدرس دراسة عميقة حتى الآن – القيم الديمقراطية، اللغة العبرية، استيعاب القادمين الجدد، اورشليم القدس – لترسيخ مکانة القدس لدي الاطفال والمزاعم الزائفة بأنها العاصمة الابدية لإسرائيل- أهمية الصناعة (الموقع الرسمي لسفارة اسرائيل بالقاهرة، 2017) .
ثانياً: مرحلة التعليم الثانوي: تنقسم إلى درجتين متتاليتين التعليم ما قبل الثانوي، التعليم الثانوي: (Nuffic: Inhernationalising Education, 2015)
1- التعليم الأقل من الثانوي: مدته 3 أعوام دراسية للسن ما بين 12 إلى 15 عام ويشتمل على مواد عامة تشمل اللغة العبرية والانجليزية والعربية والفرنسية والرياضيات والعلوم والتاريخ والجغرافيا والدراسات الاجتماعية والدراسات الدينية والتعليم الرياضي.. وتهتم المدارس الدينية اکثر بدراسة الديانة اليهودية. والمدارس العربية تدرس بالعبرية والعربية. أي أن المقررات تجمع بين دراسة اللغات، والعلوم والرياضيات، والعلوم الاجتماعية لبناء أساس علمي ومعلوماتي لشتي جوانب العلم النظري والتطبيقي والانسانيات وکيفية التواصل مع العالم الخارجي من خلال دراسة اللغات.
2- التعليم الثانوي: مدته ثلاث أعوام دراسية للسن ما بين 15 الي 18 عام ويختار الطلبة ما بين طريقين من التعليم؛ التعليم العام والتعليم التکنولوجي. هذا علاوة على التعليم المهني. يقدم نوعي التعليم العام والتکنولوجي في الثلاث انواع من المدارس الحکومية (العلمانية – الدينية- العربية) وبغض النظر عن نوعية المسار المختار، الطلبة لا بد ان يقوموا بانجاز المتطلبات الخاصة بالمقرر الدراسي والمکون العام الذي تم وضعه بواسطة وزارة التعليم وهذا بالنسبة من العام الدراسي رقم 7 الي 9 أما من 10 الي 12 تترک مساحة اضافية للطلبة لاختيار مواد اضافية ومتخصصة من خارج المقرر الاساسي اعتمادا على طموح کل طالب واستعداده للتعلم. الفارق الاساسي بين المنهج العام والتکنولوجي هى الوقت المخصص لدراسة المواد الدراسية. فکل منهما يؤهل الطلبة لخوض امتحان نهائي للتقديم للمرحلة الثالثة من التعليم (التعليم العالي). وبنهاية العام رقم 12 أغلب الطلبة يحصلون على امتحان نهائي يسمي البرجوت “Bagrut” حيث يختبر معرفة الطلبة التراکمية خلال کل المرحلة الثانوية ويقوم بتصميمها والتقييم خلالها الوزارة. والبارجوت هى الزامية للتقديم والالتحاق بالتعليم العالي. ويضم الاختبار عدد من المقررات الالزامية والاختيارية. وتتمثل الاولي في الاتي: (التربية المدنية- التوراه او الکتاب المقدس وفقا للديانة- الادب العبري او العربي- النحو العبري او العربي- التاريخ- اللغة الانجليزية- الرياضيات ). علاوة على المواد الاختيارية مادة على الاقل في التخصص المزمع دراسته بالتعليم العالي وهذه المواد الاختيارية منها الاکاديمي والفني. الاکاديمي تشمل (الجغرافيا- الفيزياء- الکمياء- الاحياء- علوم الحاسب- للغة الفرنسية- الدراسات الاجتماعية) اما المواد التقنية تشمل (المحاسبة—التصميم المعماري- الادارة والاقتصاد- السياحة- الفنون – الهندسة الکهربائية والمکانيکية والمدنية- وعلم الاحياء المجهري. دبلومة البرجوت تعتمدها الوزارة ويطلق عليها ايضا اختبار القبول بالجامعة اوشهادة او دبلومة.
أما التعليم المهني الثانوي:
التعليم الثانوي المهني باسرائيل مکانه بالمدارس الصناعية التي تشرف عليها وزارة الصناعة والتجارة والعمل. ويبدأ الطلبة هذا النوع من التعليم من العام الدراسي التاسع والعاشر ويستمر حتى العام رقم 12. وتتضمن برامج تدريبية في مجالات الکهرباء وميکانيکا السيارات والطهي وتصفيف الشعر وصيانة الحاسب الالي. وتعد الخبرة العملية جزء هام في المحتوى التعليمي وبعد اتمام هذا البرنامج تمنح الشهادة المهنية واغلب الخريجين يليحقوا بسوق العمل. ويشمل التعليم الفني أيضاً المدارس الزراعية التي تکون في الاغلب مدارس داخلية تتيح دراسات أساسية إضافية في المواضيع المتعلقة بالعلوم الزراعية، إضافة إلى المدارس العسکرية الإعدادية فهي تعمل في إطارين مختلفين: القيام بتأهيل جنود للخدمة الدائمة في جيش الدفاع الاسرائيلي، والقيام بتاهيل فنيين في مجالات معينة يحتاج إليها جيش الدفاع. وکل من هذين الإطارين هو مدرسة داخلية – ويتم استقبال بنين فقط للاطار الاول، أما الاطار الثاني فيمکن للبنات الاندماج فيه. المدارس الدينية العليا، ومعظمها مدارس داخلية منفردة للبنين وللبنات، تشمل مناهج موسعة في الدراسات الدينية إلى جانب التعليم العلماني، وتؤکد على الحفاظ على تعاليم الدين والتقاليد وعلى طريقة الحياة اليهودية. (الموقع الرسمي لسفارة اسرائيل بمصر، 2017) والطلبة ببعض المدارس المهنية يمکنهم الاعداد لدبلومة البارجوت عبر وجود عدد من المواد الاکاديمية المناسبة. والطلبة الذين ليسوا مؤهلين للبارجوت لکنهم نجحوا في اکمال 3 مواد اکاديمية (الرياضيات والانجليزية واللغات) بدرجة مناسبة (7 علامات) وسبع علامات بالمواد الفنية يمکنهم الالتحاق ببرامج الهندسة العملية. (Nuffic: Inhernationalising Education, 2013)
الهندسة العملية:
هى نوع التعليم المهني باسرائيل وهى تعليم تکنولوجي ما بعد الثانوي ويقع تحت مسئولية وزارة الاقتصاد وتقدم 73 کلية تکنولوجية. بها 25 تخصص مثل الهندسة المدنية، الکهربائية، المکيانيکية، تکنولوجيا الحاسب، التصميم الدخلي، الاتصالات المرئية، الاعلام والتصميم الصناعي. ويستغرق البرنامج من عامين الي 3 اعوام وفقا لطبيعة کل تخصص. ويمکنهم الخريجين التقديم للحصول على بکالوريوس من احدي الجامعات او المعاهد العلمية عبر الحصول على البرجوت او تحقيق 3 علامات بالرياضيات ومثلهم بالانجليزية وعلامتين بالعبرية.
ثالثاً: مرحلة التعليم العالي: (مرحلة البکالوريوس- الماجستير- الدکتوراه)
أ. الالتحاق بالتعليم العالي: (Nuffic: Inhernationalising Education, 2013)
• علاوة على ضرورة اجتياز دبلومة البارجوت يجب ان يجتاز الطلبة أيضاً امتحان نفسي کاختبار التحاق بالجامعة – يرسب في أغلبه الطلبة من عرب 48 لاسباب سياسية کما سيتضح- هدفه المعلن التنبؤ بفرص الطلبة للنجاح في التعليم العالي. الاختبار يمکن ان يتم بالعبرية او الانجليزية او العربية او الفرنسية او الروسية او الاسبانية.
• العديد من الطلبة لا يبدءوا تعليمهم العالي حتى انهاء خدمتهم المدنية (3 سنوات للرجال وسنتين للنساء)، وبسبب هذا الشرط يکون سن الطلبة في اسرائيل بالتعليم العالي اکبر من اقرانهم في الدول الاخرى بنفس المرحلة.
ب. الدراسة الاکاديمية: (والکيانات المنوطة)
مسئولية مجلس التعليم العالي. ويتضمن التعليم العالي مرحلة البکالوريوس ومرحلة الدراسات العليا. ويقدم في المعاهد والجامعات ويمکن تقسيمها إلي اربع مجموعات:
– الجامعات عددها تسع جامعات: الجامعات تتکون من کليات متنوعة وتقدم برامج في العلوم الانسانية والعلوم الاجتماعية والقانون والعلوم التقنية والعلوم الطبيعية والدراسات التعليمية ودراسات الاعمال والرعاية الصحية.
– المعاهد الاکاديمية عدد 36 معهد أکاديمي
– الکليات الاکاديمية للتعليم Academic Colleges for Education ويبلغ عددها 23 کلية
– البرامج الاکاديمية تحت الاشراف الاکاديمي للجامعات: عددها أربع برامج اکاديمية وتقع تحت مسئولية واشراف جامعة بار ايلان ويتم اتاحتها في عدة نظم مختلفة. کل البرامج الدراسية تمنح درجة البکالوريوس والماجستير والدکتوراه.
العبرية هى لغة التعليم بالمؤسسات التعليمية العليا. وعلى الرغم من ذلک البعض يقدم ايضا برامج بلغات مختلفة.
الفارق بين التعليم العالي المهني والتعليم العالي الاکاديمي ليس واضحا تماما حيث يعد تعليم اکاديمي ايضا واغلب هذه البرامج تقدم من نفس الجامعات. ومن المتاح اکمال الدراسة بمناطق مثل العمل الاجتماعي ومجالات الاسعافات کـ (العلاج الطبيعي والتمريض..)
– الدرجات العلمية: (Nuffic: Inhernationalising Education, 2013)
• البکالوريوس: مدته تتراوح بين 3 الي 4 سنوات حسب الکلية ونوعية الدراسة. ويتضمن مناهج عن البحث العلمي وبنهاية فترة الدراسة يمنح الطالب درجة البکالوريس في العلوم او الآداب کالبکالوروس في القانون أو في التمريض أو في التعليم. وهى شرط للتقديم للماجستير
• درجة الماجستير: تتراوح مدة الدراسة للحصول على الدرجة بين عام إلي عامين الطلبة يختاروا بين إعداد رسالة بحثية أو الاکتفاء بالدراسة وحدها. وهى الضامن للالتحاق بالدکتوراه
• درجة الدکتوراه: منح درجة الدکتوراه من مسئولية الجامعات فهي الجهات المخولة الوحيدة بمن درجة الدکتوراه لکن يستثنى جامعتي ارئيل بالضفة والجامعة المفتوحة في اسرائيل يمنحا فقط درجتي البکالوريوس والماجستير. تعتمد درجة الدکتوراه بالاساس على اعداد بحث وکتابة رسالة علمية مع تخصيص بعض الوقت للدراسة.
وتجدر الإشارة إلى أن مع بداية نشأة اسرائيل ظهرت بها تجربة التعليم الجمعي بالکيبوتزات بهدف بناء رجل جديد يؤمن بالهوية الجمعية تبنت مفهوم التربية الجماعية الاشتراکية . عبر المفهوم التدخلي للتعليم Interdisciplinary Learning بهدف بناء هوية جمعية بين أعضاء الکيبوتزات وهي أکثر قسوة وصرامة عن تجربة التعليم السابقة بدات منذ عام 1947 وانتهي التعليم بها مع بداية حقبة الثمنينات من القرن الماضي.
2-3-2: النظام التعليمي بإيران:
– سياسة الإلزامية والمجانية:
التعليم بإيران مجاني وإلزامي منذ مرحلة رياض الأطفال حتى دخول الجامعة وذلک منذ حقبة التسعينيات حيث لم يکن کذلک منذ الثورة الايرانية حتى هذا التعديل. وهذه المجانية تطبق على المواطنين بالنسبة للتعليم الحکومي اما غير المواطنين لا يحق لهم الالتحاق بمدارس الحکومة فيلتحقون بالتعليم الخاص.
– اللغة والعام الدراسي:
اللغة الرسمية هى الفارسية ويسمح للطوائف المختلفة بدراسة مقرر بغة او ادب يتضمن دورس في مبادئ اللغة وأدب وتراث تلک الطوائف.
– أنماط المدارس:
تقسم المدارس وفقا المعيار إلى مدارس حکومية وأخرى خاصة أو وفقا لمعيار النوع الاجتماعي إلى مدارس للذکور واخرى للإناث نظرا لان هذا المجتمع هو مجتمع محافظ فيطبق الفصل بين الذکور والاناث. ولا ينعکس التصنيف العرقي داخل المدارس بمعنى اخر هي ليست کإسرائيل بها مدارس لکل طائفة فلا يسمح بإيران بإظهار الطائفية إلا عند تدريس مادة الديانة وبدراسة أدب الطائفة او العرق الذي ينتمي إليه الطالب.
– مراحل التعليم والسياسات التعليمية:
ينقسم النظام التعليمي بإيران إلأي خمس مستويات مختلفة ويحکمها القانون الصادي عامي 1992 و 1994
أولاً مرحلة : رياض الأطفال (قبل المدرسة):
إلزامية لمواجهة مشاکل التعثر لدي الاطفال بالمرحلة الابتدائية.
ثانياً مرحلة المرحلة الابتدائية:
التعليم الابتدائي مدته خمسة اعوام ومرحلة الارشاد تستمر ايضا لمدة 3 اعوام وهذه المرحلة تستخدم لتحديد مدى ملائمة الطلبة للتعليم الاکاديمي ام المهني بالنسية للمرحلة التعليمية التالية.
ثالثاً التعليم الاقل من الثانوي:
يستمر لمدة 3 اعوام، يشترط النجاح فيها بغض النظر عن التخصص أن يحصل الطالب على درجات النجاح على الاقل في مواد التعليم الاسلامي واللغة الفارسية والعربية والاداب. فهو مشابه للتعليم بإسرائيل يهدف لبناء عقلية ملمة بمختلف افرع العلوم التطبيقية والانسانية.
رابعاً التعليم الثانوي العالي:
التعليم الثانوي مقسم الي برنامج نظري وفني ومهني. التعليم النظري يتضمن 3 حقول رئيسية: دراسة الرياضيات، الفيزياء، العلوم التجريبية الاداب والدراسات الانسانية. أما التعليم الفني والمهني يتضمن مواد الدراسات الزراعية والتدريب المهني او دراسات الاعمال. کل من التعليم الفني والمهني والتعليم النظري يحصلان على شهادة اتمام الدراسات الثانوية. وعقب اتمام دراسة التعليم الثانوي يحصل الطالب على “منهج ما قبل الجامعة” أو “المنهج التکامل”:
– منهج ماقبل الجامعة هو عام واحد بعد اتمام دراسات التعليم الثانوي لتاهيل الطلبة للتقديم للجامعة. وهذا البرنامج هو جزء الزامي للالتحاق بأية جامعة.
– المنهج التکاملي للحصول على اتمام درجة التعليم الفني والمهني هى خمس سنوات من الدراسة والهدف منه تدريب فنيين على سوق العمل الصناعي.
خامساً مرحلة التعليم العالي:
يقدم التعليم العالي من خلال جامعات الدولة والقطاع الخاص. حيث بدأ التعليم الخاص منذ ستينيات القرن الماضي وتولت الحکومة تلک المؤسسات خلال الثورة والفترة ما بعد الثورة وتم ترکها مرة اخرى للقطاع الخاص خلال نهاية حقبة الثمانينات من القرن الماضي وذلک للتأکد من المناهج وسبل الادارة للتوافق مع استراتيجية الدولة الجديدة. وتم ترکها کمحاولة للتخفيف من الاعباء المالية من على کاهل الحکومة. ويعتبر دخول مرحلة مابعد التعليم الثانوي امر تنافسي للغاية.
• الالتحاق بالتعليم العالي:
يطلب إدارة الجاعة بجانب شهادة الثانوية العليا شهادة اتمام منهج ما قبل الجامعة واتمام امتحان الالتحاق القومي الذي يتضمن اختبارات في المهارات العامة والتخصص الدقيق. (Ep Nuffic: Internationalising Education,2010) فهي مثل إسرائيل لا تعتبر شهادة الثانوية هي المدخل المباشر لدخول الجامعة وأنما يتطلب الامر اجتياز عدة اختبارات تالية.
• الدراسة الاکاديمية: (والکيانات المنوطة):
تشمل ايران حوالي 100 جامعة ومعهد تعليم عالي،بعضها معاهد خاصة. والمعاهد التابعة للدولة معاهد مجانية وتعادل شهادة المعاهد الخاصة المعاهد الحکومية ويتم الاعتراف بها من قبل وزارة العلوم والبحث والتکنولوجيا. الجامعات تقديم التعليم المهني والاکاديمي معا. وتطبق الجامعات والمعاهد نظام الساعات المعتمدة. الساعة تمثل ساعة اسبوع دراسي من المحاضرات او ساعتين من التدريب التطبيقي في الفصل الدراسي (17 اسبوع) (Ep Nuffic: Internationalising Education,2010)
• الدرجات العلمية:
– شهادة البکالوريوس: بعد حصول الطلبة على 68 الي 72 نقطة خلال عامين أکاديمين يمکن للطلبة الانتقال للعام الثالث للالتحاق ببرنامج البکالوريوس الذي يمتد 4 اعوام اما دراسات التعليم الفني فتمتد خمسة اعوام
– درجة الماجستير: يمتد لمدة عامين يقتضي الحصول على تقدير جيد بالبکالوريوس. ومنح الدرجة يقتضي تحصيل دروس نظرية، وإجراء بحث عملي وکتابة ورقة نهائية بالنتائج.
– درجة الدکتوراة: تمتد ما بين 3 الي 6 اعوام وتشتمل على دروس نظرية وانشطة بحثية. وتتطلب الحصول على الماجستير بتقدير جيد على الاقل والدخول في اختبار الالتحاق. ويقوم الطلبة باعداد رسالة الدکتوراه والدفاع عتها امام لجنة استشارية.
3-2-4: الانفاق على العملية التعليمية:
ينعکس الوضع الاقتصادي لاسرائيل وإيران بالنسبة للمخصصات من الناتج القومي الاجمالي إلا أن ايران تتأثر بشکل أکبر بالسياق السياسي أکثر من إسرائيل بسبب اختلاف طبيعة الهيکل الاقتصادي لکل دولة والدعم الخارجي لإسرائيل سواء من الدول الکبرى أو من تبرعات يهود الشتات الدورية. لذلک فنسبة الانفاق الاسرائيلي أکثر استقرارا مقارنة بإيران الاخذة في الصعود والهبوط بفروق کبيرة من عام لأخر.
• الانفاق الإسرائيلي:
الانفاق على التعليم مستقر نسبيا فمتوسط الانفاق حوالي 5.88 % من اجمالي الناتج القومي الإجمالي خلال 15 عام من 1999 حتى 2013 يقل أو يزيد بمعدل لا يتجاوز الواحد الصحيح فالفارق يتعلق بالمساومات بين الاحزاب السياسية المکونة للحکومات الاسرائيلية المتعاقبة وليس نتيجة للحروب التي تخوضها إسرائيل فزيادة الانفاق العسکري يأتي على حساب مخصصات أخرى خلاف التعليم مما يعکس الايمان بأهمية التعليم واعتباره رکيزة اساسية لبقاء اسرائيل في محيط معاد لها. کما أن الاقتصاد الاسرائيلي قوى نسبيا خلاف الاقتصادي الايراني المتعرض لعقوبات اقتصادية والمعتمد بشکل کبير على عوائد النفط التي تتأثر بتغير الاسعار العالمية ارتفاعا او هبوطا.
شکل رقم 1: حصة التعليم من الناتج القومي الاجمالي بإسرائيل
المصدر: (UNESCO, 2017)
يتضح من الشکل السابق أن متوسط الانفاق 5.88% خلال 15 عام کما سبق القول وهذه النسبة مقارنة بمتوسط انفاق دول منظمة التعاون الاوروبية نسبة جيدة جدا حيث تتراوح اعلي درجة 7.7% وأقل دولة 3.5% ومن ثم فإسرائيل تقع في مرتبة وسط بين النسبة الاعلي والادني مقارنة بالاقتصادات الاوروبية.
• الانفاق الإيراني:
أن الانفاق الحکومي لإيران على التعليم غير مستقر فهو آخذ في الصعود والهبوط فقد وصل من قبل ععام 1981 إلى 7% ووصل عاک 2012 إلى 3.6% وتتحدد هذه النسبة وفقا لتوجهات الحکومة من فترة لأخرى خاصة حال انغماسها في حروب خارجية فتکون الموازنة العامة للدولة مستهلکة في الانفاق العسکري. فعام 1981 کان هو العام الثاني لحرب الخليج (World Bank, 2015) وبتهاية الحرب انخفضت النسبة إلى 4% ثم أخذت في الارتفاع والهبوط بعد ذلک ومع عام 2007 کانت حصة التعليم 5.49 % أي أعلي نسبة بعد عام 1981 ولکن في نهاية هذا العام فرضت العقوبات الامريکية على إيران بسبب برنامجها النووي فانخفضت النسبة إلى 4.79 % واستقرت نسبة الانفاق عامي 2009 و 2010 إلى 4.5% ومع موجات الاضطراب بالوطن العربي خلال ثورات الربيع العربي بدأ استقطاع الحکومة من مخصصات التعليم منذ عام 2011 حتى وصلت إلى 3.6%( Actualitix, 2017) بسبب انغماس ايران في حروب المنطقة (سوريا- اليمن- العراق- ليبيا) کما سبق الذکر ويتضح ذلک في الشکل رقم (2)
شکل رقم (2): مخصص التعليم من الناتج القومي الاجمالي من عام 2001 حتى 2013 بإيران
المصدر: Actualitix, 2017) & (World Bank, 2015) )
من الشکل السابق يمکن استنتاج أن السياسات العسکرية لإيران والمد الشيعي لنشر الفکر الثوري خارج ايران وکذا علاقاتها بالعالم الخارجي کل ذلک يؤثر سلبا على مخصصات التعليم لإيران ومع الاتفاق النووي 5+1 کان من المتوقع أن يشهد التعليم بموجبه طفره في زيادة حصته من الناتج القومي بعد رفع العقوبات الاقتصادية على الدولة لکن مع سياسات ترامب وبدء الحديث عن اعادة العقوبات الاقتصادية ليس من المتوقع حدوث مثل هذه الانفراجه لکن الوضع مازال لم يکتمل بعد.
3-2-5: وضع المرأة داخل النظام التعليمي:
• وضع المرأة بالمنظومة التعليمية بإسرائيل:
يختلف وضع المرأة في إيران عن إسرائيل فالمرأة يتم دمجها داخل المجتمع والمنظومة التعليمية على السواء مع الذکور الوضع المختلف فقط أنها في بعض المدارس الصهيونية الدينية العسکرية لا تدخل بها الإناث لطبيعة الدراسة بها کما سبق لذکر خلاف ذلک لا يوجد فرق بين الاناث والذکور بإسرائيل والتمييز يأتي في إطار العرق (أي عربية- سفاردي- فلاشا…) وليس النوع الاجتماعي.
• وضع المرأة داخل النظام التعليمي الإيراني:
منذ اندلاع الثورة الايرانية واصبح ينظر الي المرأة فقط في سياق دورها کأم وضرورة تعليمها حتى يمکنها تربية الاجيال وليس لتحقيق ذاتها حيث اخضعتها الثورة تحت هيمنة الرجال واتضح ذلک على سبيل المثال في الخطة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية الاولي للجمهورية الاسلامية الايرانية للفترة من 1989 الي 1993 حيث نصت ان الهدف من تعليم المرأة هو الحفاظ على قيم الاسرة وصفة المرأة المسلمة وبناء الاجيال فالمرأة هويتها داخل ايران کأم. ومع الخطة الثانية للفترة الممتدة من عام 1994 الي 1998 حدث بعض التغيرات في وضع المرأة لکن ظلت محافظة علي وظيفتها کام وکمصدر للتربية ونقل الخبرات في اطار المرأة المسلمة بالدولة الاسلامية. إلا إنها تمکنت من المشارکة في وضع السياسات التعليمية بمختلف المستويات الادارية خاصة العليا لکن الوازع الاساسي لهذا التغيير هو کونها أم فيمکنها المساهمة بما يعود بالنفع على أبنائها حيث أکدت الخطة أن الهوية التنموية بإيران تؤکد على قداسة الاسرة بالاساس. وتخصص إيران مدارس للإناث فقط وأخرى للذکور بسبب حفيظة المجتمع ومحافظته.
3-2-6: وضع الاقليات داخل المنظومة التعليمية:
• وضع الاقليات بإيران:
يفرض على الاقليات بما فيها اللغوية (اي التي تتحدث لغات أخرى غير الفارسية) دراسة اللغة الفارسية کالغة رسمية ويسمح فقط بمقرر لغة أو أدب لهذه الفئات بکل عام دراسي ويوجه المجتمع الدولي النقد إلى هذا النهج فيرى اليونيسکو ان هذا التوجه أدي إلى قمع متحدثي اللغات الاخرى بالدولة بل وعزلتهم داخل النظام التعليمي وداخل الدولة ککل. والنص الوحيد الرسمي بالدولة عن وجود الاقليات هي بالدستور – الذي ينص بأن “کل الشعب الايراني بصرف النظر عن الجماعة الاثنية او القبيلة التي ينتمي اليها يتمتعون بحقوق متساوية واللون او العرق او اللغة او ما شابه لا يتمتعون بأية امتيازات” – في حين يغيب الحديث عن الاقليات الاثنية بالمستندات القومية ومن ثم يصعب الوقوف على اعداد وأوضاع الاقليات الاثنية التي تعيش بايران. فهناک غياب للمعلومات المتاحة حول الاقليات عامة ونتائج عملية استيعاب الاقليات داخل الثقافة المهيمنة. وذلک نتيجة عدم رغبة ايران في ان تظهر بشدة قضية الاقليات الاثنية داخل الدولة بوضوح.Omid Kheiltash & Val D. Rust,2008))
• وضع الاقليات بإسرائيل:
على الرغم من ان إسرائيل تنادي بالتعددية التعليمية وتعلي احترامها لها لکنها تمارس صور للتمييز خاصة ضد عرب 48:
– کضعف المخصصات المالية للانفاق على المدارس العربية مقارنة بالعبرية بأقسامها المختلفة فبلغت ميزانيه وزاره التعليم للعام 2005 حوالي 25.9 مليار شيکل في حين بلغت الميزانيه المحدده لتطوير التعليم للاقليات ” لنفس العام حوالي 39.2 مليون شيکل من ضمن ميزانية شاملة بلغ 1.048 مليار شيکل للدائره التربويه ، أي أن النسبه المخصصه للأقليات تقل عن 4 %. ويبلغ مجموع ما ينفق على الطالب اليهودي 560 شيکل ، مقابل 210 شيکل لنظيره العربي أي أن الطالب العربي يحصل على 37,5% من حصة اليهودي. والفجوة تبرز أکثر في مخصصات السلطات المحلية العربيه. إذ تحصل السلطات المحلية العربية 16.7% فقط مما تحصل عليه السلطات المحلية اليهودية. ويأتي انعکاس هذا الوضع في ضعف البنية التحتيىة للمدارس العربية فعلي سبيل المثال هناک 12 مدرسة من بدو عرب 48 غير متصلة بشبکة الکهرباء. علاوة على قلة کفاءة المرسين العرب التي تختارهم الوزارة للتدريس بالمدارس العربية مما يخلق صعوبات بالتعلم لدي الاطفال. (فادي اسکندر، 2005)
– هذا علاوة على ضعف مستوى الطلبة في ويظهر ذلک في الفجوة بين أعداد العرب واليهود الذين يحصلون على شهادة البرجوت ويوضح الشکل رقم 3 النسب التي حصل عليها الطلية باسرائيل لشهادة البرجوت من عام 1992 حتى عام 2004 وفقا التي يتضح خلالها تفوق اليهود عن السکان العرب التي لم تتجاوز نسبة قبولهم 38.8 %.
جدول رقم 2: نسب الطلبة العرب واليهود الناجحين بشهادة البرجوت
المصدر: (حاييم أدلر، 2009)
والنسبة التي استطاعت النجاح ليس هناک ضمانه للدخول للجامعة فالاختبار النفسي للالتحاق بالجامعات في الاغلب يحول دون دخول الطلبة العرب لمرحلة التعليم العالي فهو السبب الرئيسي دون دخولهم ومن يلتحق هم أبناء التيارات الدرزية في المقام الاول التي تتحالف مع الدولة العبرية. (خالد أبو عصبة، 2009)
3-2-7: سياسة تدريب المعلمين:
تجدر الاشارة إلى اتفاق التجربتين في أهمية تدريب المعلمين فبإسرائيل تصل مدة تدريب وفقا لقرار وزارة التعليم المعلمين بکلية تدريب المعلمين 4 سنوات. وذلک بالمدارس العليا الثانوية او الاقل من العليا للمعلمين مع عام اضافي للتخصص کجزء من التدريب الالزامي للمدرسين. وفي عام 2007 انشأت وزارة التعليم المعهد الاسرائيلي لقيادة المدارس لتدريب المعلمين علي القيم الواجب توافرها بالمعلم لتطوير طرق جديدة والطرق الحديثة لمساعدة قادة المدرسة والحفاظ على شبکة المدرسة القائدة الفعالة على المستوى القومي. (International Bureau of Education of UNESCO, 2007) ووضعت اسرائيل عا 2012 استراتيجية لمدة خمس سنوات لتحديد الاهداف والخطوات اللازمة لتطوير القيادة بالمدرسة تسمى بمشروع مؤهلات قيادة المدرسة. (OECD Directorate for Education and Skills, 2016) أما إيران يوجه النظام التعليمي الإيراني اهتمامه لإعداد المعلمين استنادا على ثلاث مقومات: (جامعة الملک سعود،2017 )
– التطورات الحديثة بالدول الغربية حتى لا تقل مستويات التعليم عن القوى الغربية المناوءة لايران
– بناء کوادر تعليمية قوية على بناء جيل يقود الجمهورية الاسلامية نحو التوسع والامتداد والريادة
– ارتقاء مستوى المعلمين لإجراءهم ابحاث تربوية تسهم في حل مشکلات التعليم بطرق علمية مثمرة.
3-2-8: سياسة البحث والتجديد التربوي:
تتفق إيران وإسرائيل في اهمية البحث في سبل جديدة تتم من داخل المنظومة التعليمية إما لتطوير التعليم ذاته بما يسهم في تحسين المنتج التعليمي ومن ثم في تلبية احتياجات المجتمع، أو تطوير التعليم لحل مشکلات المجتمع ذاتها وانتاج کوادر تشعر بالمسئولية المجتمعية.
• البحث التربوي لحل مشکلات التعليم بإسرائيل:
تهتم إسرائيل بإعداد أبحاث تربوية لتطوير العملية التعليمية من عام إلى آخر. تشترک کل الجامعات في اسرائيل بالبحث في مجال التربية والتعليم. بل ان البحث يتم يواسطة العديد من المعاهد الحکومية والخاصة. وعلي سبيل المثال تمثل البحث في الفترة الممتدة ما بين 1997 و1995 کان منصبا حول طرق التدريس وقضايا المناهج التعليمية وانجازات الطلبة والتعليم الديني والطلبة الاقل حظا. البحث مدعوم ماليا بواسطة وزارة التعليم. ومکتب البحث العلمي بمختلف قطاعات الوزارة. وفي بعض الحالات يتم البحث لتقديم المعلومات حول القضايا التعليمية الي صانع القرار والتنفيذين. ولتحقيق هذا الهدف هناک اربع اهداف رئيسة يتم الاطلاع بها: (International Bureau of Education of UNESCO, 2007)
– تقييم سياسة الحکومة التعليمية ومدى ملائمتها وحداثتها ومواکبتها للتطور بالعالم.
– بحث حول توجهات الطلبة: وذلک بشکل سنوي للتعرف على اهتمامات الطلبة
– بحث لطرق تقييم مستويات الطلبة وفقا للمعايير الدولية
– بحث اساسي حول القضايا التعليمية يتم بواسطة المؤسسات الاکاديمية ويتم خلال هذا المحور منح جوائز ومنح سنويا للباحثين الذين يتناولون قضايا جديدة وتمثل احتياج مجتمعي في مجال التربية والتعليم
• التجديد التربوي لحل مشکلات المجتمع بإيران:
يهتم النظام بإيران إلى ابتکار واکتشاف بدائل جديدة لنظام التعليم القائم تتسم بالکفاءة والفاعلية والقدرة على تلبية حاجات المجتمع الذي يوجد فيه والإسهام في تطويره. وقد شهد النظام التعليمي الإيراني منذ نجاح الثورة الإسلامية عدة تجديدات تربوية. فقد بادر الخميني في شهر أبريل 1980 بإصدر مرسوماً رسمياً يدعو إلى تشکيل مجلس للثورة الثقافية وقد حدد الخميني طبيعة ومهام ومضمون وتوجيه هذه الثورة المنشودة واختار الخميني ( هيئة من خبراء التعليم الإسلامي ) للإشراف على تجسيد الخطة وقام المجلس الأعلى للثورة الثقافية بإجراء إصلاحات منها: برنامج کاد وهو برنامج لتعريف التلاميذ بالصنائع والحرف بحيث يشترک کل تلميذ يوماً من کل أسبوع في هذا البرنامج، کما أنه خلال السنة الدراسية يصرف من سنته شهراً في تعليم الفنون المختلفة في المعامل والورش، وبذلک يتعلم التلاميذ بعد إنهاء دروسهم فناً أو حرفة ، لها تأثير في مستقبلهم ، وفي الاکتفاء الذاتي للوطن. وهذا البرنامج خاص بطلاب وطالبات الصف الأول والثاني ثانوي. (جامعة الملک سعود،2017 )
3-2-9: أبرز الانتقادات الموجهة للتجربتين:
وتجدر الاشارة إلى أن التجربتين يوجه إليهما بعض النقد أبرزه:
ضعف الدرجات التي حصل عليها الطلبة بإسرائيل في الاختبارات الدولية:. في ستينيات القرن الماضي المؤسسة الدولية لتقييم لتعليم IAAE تم تأسيسها کهيئة دولية غير هادفة للربح تضم في عضويتها الدول والمؤسسات التعليمية بهدف قياس قدرات الطلبة على القراءة، ومدى انجازهم في مجالي الرياضيات والعلوم بکل دولة، وشارکت اسرائيل في اختبار TIMSS (اتجاهات الرياضيات ودراسة العلوم) بالنسبة للعام الدراسي رقم 8 واختبار PISA (التقدم في انجازات الطلبة) بالنسبة للطلبة بعمر 15 عام وکذا اختبار PIRLS (التقدم في القراءة والکتابة) بالنسبة للعام الدراسي رقم 4 وتقييم التعليم المدني عام 2000. منذ عام 1999 حققت اسرائيل درجة من 50 إلى 70 نقطة تحت المتوسط الدولي بما فيها متوسطات عدد من الدول النامية. حيث تجدر الاشارة إلى أن معدل درجات الدول يتراوح بين 560 و 600 والدرجة الدنيا تصل لي 330 ويوضح الجدول رقم (3) الدرجات الدولية التي حصل عليها الطلبة باسرائيل من عام 1999 إلى 2009 التي لم تتجاوز 496 کأعلى درجة لعام 2003 بالنسبة لاختبار TIMSS بالرياضيات.
الجدول رقم 3: الدرجات الدولية التي حصل عليها الطلبة باسرائيل من عام 1999 إلى 2009
المصدر: Laurence Wolff & Elizabeth Breit, 2012 ))
ومن ثم يتضح أن الطلبة بإسرائيل الذين أظهروا قدرات جيدة على القراءة لم ينجحوا في امتحان القراءة الديجيتالي، ما يدل على قدرات متدنية في استخدام الحاسوب والبحث في الانترنت. ويفسر البعض السبب في هذه الفجوة بسبب حصة التعليم من الناتج القومي الاجمالي والنسبة التي يحصل عليها کل طالب وهذا ايضا يفسر الفجوة بين الطلبة اليهود والعرب بسبب الفجوة بين حصة الطالب اليهودي والعربي. لکن تجدر الاشارة إلى أن في عام 2009 حققت اسرائيل معدلات جيدة جدا مقارنة بدول المنظمة الاوروبية بالنسبة لبعض المؤشرات فبلغ متوسط أعلى 5% 643 درجة في حين أن بدول المنظمة وصلت درجاتهم 637 أي ان اسرائيل کانت الاعلى وأقل 5 % هي 227 أما المنظمة کان المتوسط 332 أي اقل وذاک في اختبار PISA بالنسبة للقراءة أما بشأن الرياضيات فکان متوسط اعلة 5% 615 درجة في حين دولة المنظمة 643 وأقل 5% 272 في حين دول المنظمة 343 درجة. وبذلک لا يمکن الحکم على سوء العملية التعليمية بإسرائيل. ويطرح البعض الحلول من أهمها تحسين الاوضاع المالية للمدرسين وزيادة نسبة التعاقد مع مدرسين جدد. ووضع نظام محلي موثوق فيه للتقييم الدوري وقد تم بالفعل عبر مؤسسة RAMA المؤسسة الدولية لتقييم التعليم. وتصميم برامج للاهتمام بالطلبة الاقل تحصيلا لتقليل الفجوة بينهم وبين الاعلي تحصيلاً. هذا علاوة النقد الموجه بسبب السياسات العنصرية لاسرائيل ضد عرب 48 والتزييف التاريخي کجزء من الهوية الزائفة التي تسعى اسرائيل لفرضها کما سبق الذکر.
أما إيران فأبرز الانتقادات التي توجه هو هيمنة الاعتبارات السياسية على العملية السياسية مما له انعکاساته في العديد من الجوانب منها سرعة تغير الجهاز الاداري بسبب الولاءات السياسية الاعتماد على أصحاب الولاء أکثر من الخبراء التربويين، ندرة اشراک المعلمين في اتخاذ القرارات التربوية وأنما الامر متروک بالاساس للساسة، وتأثير الاوضاع السياسية غير المستقرة على سير الدراسة (فقد تم غلق الجامعات أبان حرب الخليج الاولي). إضافة إلى نبذ النموذج الغربي رغم ما به من مميزات ونفع يمکن الاستفادة به ومن أبرز انعکاسات ذلک في اعتماد قطاع عريض من المتعليمن على اللغة المحلية وعدم اجادة اللغة الانجليزية في حين ان الانترنت قائم على المواد باللغة الانجليزية مما يمثل فجوة کبيرة داخل المجتمع البحثي والعلمي بإيران(Mohammad Reza Yousefi, 2014)
خاتمة:
بعد استعراض تجربتي إيران وإسرائيل في مجال التعليم اتضح اهتمام التجربتين بالمنظومة التعليمة واستخدامها کأداة للتنمية والارتقاء باحتياجات المجتمع بل والاصطفاف بين الدول المتطورة مرتکزة على العلم والمعرفة. والاهم هو اتخاذ التعليم لدعم رکائز النظام السياسي بالدولتين وبناء هوية وطنية جمعية متعاليين على الاختلافات والانقسامات الداخلية مهتمين بمناهج اللغة والتاريخ والدراسات الاجتماعية والعلوم والرياضيات عبر وجود مؤسسة حامية لهذه المنظومة متمثلة في المؤسسة العسکرية أو الحرس الثوري بجانب وزارة التعليم او الجهة المنوطة بملف التعليم والاهتمام بالتعليم الفني وربطه بسوق العمل عبر اشراف وزارة الصناعة عليه وجعل التدريب العملي جزء رئيسي للحصول على شهادة التعليم الفني. وتبني سياسة مجانية الزامية على الجميع منذ رياض الاطفال لتفادي تعثر التعليم بل وضمان تحقيق حراک مجتمعي بين فئات المجتمع وتشديد معايير الاختبار والالتحاق بالتعليم العالي لضمان الأفضل. ويمکننا استخلاص عدد من بدائل السياسات التي يحتاجها صانع القرار المصري بل والعربي للاستفادة من التجربتين أبرزها:
– أهمية وجود مؤسسة تربوية تساهم مع وزارة التعليم لضمان الحفاظ على الهوية الوطنية عبر المناهج الدراسية وتضمين ملامح الثقافة المصرية والعربية داخل المقررات فهي بضمان الضامن والحامي للهوية داخل النظام التعليمي.
– اعادة صياغة المناهج الدراسية لتؤکد على الهوية الجمعية التي تحاول المخططات الخارجية تفتيتها بإنقسامات فرعية
– تضمين مقررات التاريخ واللغة العربية والاجنية والدراسات الاجتماعية والرياضيات والعلوم والحاسب الالي کمقررات اساسية في کل مرحلة تعليمية (الادبية والعلمية) وکذا الجامعات العملية لبناء عقلية متکاملة ناقدة قادرة على الالمام بمختلف نواحي الحياة.
– الاهتمام بالبحث التربوي من قبل النظام التعليمي بالشراکة مع الجامعات
– تدريب المعلمين دوريا وفقا للمعايير الدولية والخصوصية الثقافية
– مراعاة الارث الثقافي لکل منطقة جغرافية داخل المقررات التعليمية
– مجانية التعليم وإلزاميته منذ رياض الاطفال لتفادي تعثر التعليم وکذا تحقيق الحراک المجتمعي ونشر الفکر والوعي کمدخل لمکافحة الارهاب والتطرف الفکري
– تربية الاطفال على قيمة العمل منذ الصغر عبر الاهتمام بأنشطة تطوعية داخل المدرسة والنطاق المحيط بها
– اشراک طلبة الجامعات في مرحلة تعليم رياض الاطفال لزيادة حس المسئولية الاجتماعية لديهم
– تخصيص نسبة ثابتة للتعليم من الناتج القومي الاجمالي لا تقل عنها ولا يتم الاقتضاب منها بغض النظر عن الاحداث التي تواجهها الدولة تتراوح بين 3.5 إلى 7.5 % من اجمالي الناتج حتى يمکننا المنافسة دوليا
– التواصل مع الشباب المصري والعربي بالخارج عبر برامج الزيارات الدراسية والمناهج الدراسية (کراسي الاستاذية بالجامعات الاجنية للغة والتاريخ المصري)، علاوة على دور السفارات المصرية والعربية بالخارج
– احترام التعددية بالمجتمع مع اعتبارها رکيزة نحو الوحدة
– تشديد امتحانات القبول بالجامعات في ظل مجانية التعليم لانتقاء الافضل وتحقيق حراک اجتماعي.
– وزارة الصناعة تشرف على التعليم الفني والمهني ووزارة التجارة تشرف على التعليم التجاري وجعل التدريب العملي جزء ومکون وشرط للحصول على شهادة النجاح
– ربط المسئولية المجتمعية بالتعليم.
.
رابط المصدر: