مهند مصطفى
انضمَّت إسرائيل إلى أغلب اتفاقيات المناخ منذ منتصف تسعينيات القرن العشرين. وبموجب الاتفاقيات التي أقرَّتها، صدرت، خلال العقدين الماضيين، مجموعة من القرارات والخطط الحكومية لمحاربة التغير المناخي، وتحديداً انبعاث الغازات المسببة لظاهرة الاحتباس الحراري، تبعاً لتعهدات إسرائيل في مؤتمرات المناخ المختلفة، خاصة في مؤتمر باريس عام 2015، ومؤتمر المناخ الذي عُقِد في اسكتلندا عام 2021.
مع هذا، يمكن القول إن إسرائيل تأخَّرت في اتخاذ سياسات مناخية متطورة وتطبيقها، كما هو حال الدول المتقدمة الأخرى؛ وما لاحظ تقرير مراقب الدولة الخاص بالسياسات المناخية في إسرائيل، الذي نُشِرَ عام 2021، مثل هذا التأخُّر وحسب، بل كشف أيضاً عن وجود مماطلة في تبنّي سياسات وخطط مناخية ملائمة، على الرغم من التعهُّدات الحكومية بهذا الخصوص[1].
تُلقي هذه الورقة الضوء على طبيعة المقاربة الإسرائيلية لقضية تغير المناخ، وتناقش الأسباب التي تمنع إسرائيل من اللحاق بغيرها من الدول المتقدمة في هذا المجال.
إسرائيل و”عقم” السياسات المناخية المُتَّبعَة
مثل العديد من دول العالم، تُعاني إسرائيل من تداعيات التغير المناخي، فقد أشار تقرير بحثي لقسم الرصد الجوي في إسرائيل إلى تأثُّرها بتغيرات مناخية حدثت خلال الفترة 1950-2017، ومن بينها: ارتفاع درجة الحرارة بنحو 1.4 في المعدل العام، وازدياد عدد الأيام والليالي الحارة مقابل الأيام والليالي الباردة، وتراجع الأمطار في العقود الثلاثة الأخيرة، ما أدى إلى تراجع منسوب المياه في بحيرة طبريا والشمال، وفي المقابل لوحظ ازدياد الأمطار في مناطق الجنوب الصحراوية. وتتوقع سلطة الأرصاد الجوية الإسرائيلية ازدياد الحرارة في إسرائيل بأربع درجات في العام 2100، وتراجُع معدل الأمطار بنسبة 7% حتى العام 2050[2]، ومن جهتها أشارت إدارة المناخ في وزارة حماية البيئة إلى أن معدل الأمطار في إسرائيل سيتراجع بنسبة 20% حتى العام 2100.[3]
ولا ينحصر تأثير التغير المناخي على الظواهر الطبيعية في إسرائيل فحسب، بل يتعداه لصحة الانسان أيضاً. فقد أشار تقرير لمنظمة التعاون والتنمية الاقتصادية (OECD)، إلى أن إسرائيل سجَّلت في العام 2015، 2200 حالة وفاة جراء التغير المناخي وتلوث الجو. وأفاد التقرير نفسه بأن التغير المناخي يسهم في خسارة إسرائيل ما يُعادل 27 مليار دولار سنوياً[4].
وكانت إسرائيل قد وقَّعت على اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغيّر المناخ (UNFCCC)، وأقرَّتها عام 1996. ووقَّعت على بروتوكول كيوتو عام 1998، وأقرَّته عام 2004، لكنه لم يفرض عليها أي التزام باتخاذ سياسات مناخية خاصة. أيضاً وقَّعت إسرائيل على اتفاق باريس وأقرَّته، والذي يهدف بالأساس إلى تقليص انبعاث غازات الاحتباس الحراري للجو (Greenhouse Gases). كما اتخذت الحكومة الإسرائيلية عدة قرارات لتقليص انبعاث غازات الاحتباس للجو، وتجديد مصادر الطاقة بحيث تكون صديقة للمناخ والبيئة. ومن هذه القرارات قرارين حكوميين صدرا في عام 2010 (القرار رقم 1504، والقرار رقم 2508) بشأن بلورة خطة وطنية لتقليص انبعاث غازات الاحتباس الحراري، إضافةً للقرار الحكومي رقم 542، الصادر عام 2015 بشأن استهلاك الطاقة في الاقتصاد وتقليص الانبعاث الحراري[5].
في مجال استخدام الطاقة والموارد الطبيعية، اتخذت الحكومة الإسرائيلية في العام 2008 سلسلة من القرارات لتحسين كفاءة استخدام الطاقة، وقد صيغت خطة وطنية وأهدافاً في هذا الشأن، بيد أن هذه الخطط لم تُنفذ بنجاح وبشكل مثابر. فعلى سبيل المثال، فإن الخطة الوطنية لتحسين كفاءة استخدام الطاقة التي أعلن عنها في العام 2010، طُبقت بشكل جزئي، أما خطة تقليل انبعاث غازات الاحتباس الحراري فقد طُبِّقت حتى العام 2013، وجُمِّدت بعدها إلى أن أُلغيَت عام 2015. وفي العام 2017 أُقِرَّت خطة جديدة لتحسين كفاءة استخدام الطاقة بدل خطة 2010، ولكنها أيضاً ما لبثت أن اُستبدِلَت بخطة جديدة عام 2020 دون أن تُحقِّق الخطة السابقة أهدافها.
وقد أظهرت الخطة الوطنية التي قدمتها وزارة حماية البيئة عام 2015، عشية مؤتمر باريس، الفائدة الاقتصادية المتوقعة من التغييرات التي يمكن لإسرائيل الحصول عليها فيما إذا اتخذت خطوات عملية لتقليل انبعاث غازات الدفيئة المُسبِّبة لظاهرة الانحباس الحراري. ويوضح الجدول رقم 1 الفوائد الاقتصادية كما ظهرت في تقرير وزارة حماية البيئة.
جدول (1) الآثار الاقتصادية المتوقعة للإصلاحات المناخية في إسرائيل (مليارات الشواكل)[6]
الهدف | الفائدة | التكلفة | الفائدة الصافية |
تحسين كفاءة استخدام الطاقة | 79.9 | 24.3 | 55.6 |
الطاقة المتجددة | 28.2 | 26.7 | 1.5 |
تغيير نظام العبء على محطات الطاقة | 4 | 3.1 | 0.9 |
وسائل أخرى في إنتاج الطاقة الكهربائية | 3.8 | 2.8 | 1 |
تقليل استخدام المركبات الخاصة | 305.1 | 155.8 | 149.3 |
وكان القرار الحكومي الصادر عام 2015، بعد مؤتمر باريس للمناخ، قد حمل تصوراً واضحاً لأهداف الحكومة الإسرائيلية فيما يتعلق بتغير المناخ، حيث حدد أن الهدف المرحلي هو الوصول إلى تقليص 26% من انبعاث غازات الاحتباس الحراري حتى العام 2030، وهي نسبة أقل بكثير من الهدف الذي حددته دول منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية (OECD). وللوصول لهذا الهدف حددت الحكومة في قرارها رفع نسبة إنتاج الكهرباء من مصادر الطاقة المتجددة بنسبة 17%، وتحسين كفاءة استخدام الطاقة بنسبة تصل إلى 17% على الأقل، وتقليص استخدام المركبات الخاصة بنسبة 20%، وكل ذلك حتى العام 2030.[7] والجدير ذكره أن الاتحاد الأوروبي يستهدف تقليص انبعاث غازات الاحتباس الحراري بنسبة 40% على الأقل حتى عام 2030، أي ضعف ما تطمح إليه إسرائيل في نفس الفترة.
وفي العام 2020 اتخذت الحكومة الإسرائيلية القرار رقم 1403، الهادف لبلورة خطة وطنية في مجال المناخ، وتعرَّض القرار للمسائل التالية: اتخاذ خطوات من أجل تحسين كفاءة استخدام الطاقة؛ وبلورة خطط تنفيذية لتقليص انبعاث غازات الاحتباس الحراري؛ وتطوير تكنولوجيا في مجال الطاقة النظيفة؛ وتشجيع استعمال المواصلات العامة وتقليص استعمال المركبات الخاصة؛ ومنح تخفيضات ضريبية للأعمال التي تستعمل الطاقة النظيفة والمتجددة.
إذن، تُظهِر القرارات الحكومية المتكررة، والتي تحمل ذات الهدف، أن الحكومة الإسرائيلية لم تول قضايا المناخ أولوية عليا، حيث تُتخذ قرارات في هذا الشأن ولا تُنفَّذ، وعادةً ما تكون هذه القرارات، والسعيّ نحو بلورة خطط وطنية، استجابة فورية لمشاركة إسرائيل في مؤتمرات المناخ الدولية. كما أن هذه القرارات لا تزال تفتقر إلى أرضية قانونية، تتمثل في تشريع قانون للمناخ يُلزم الحكومة بتنفيذ هذه القرارات، وبلورة خطة وطنية ذات أهداف قصيرة وبعيدة المدى تعمل على تنفيذها. وليس أدل على هذه النتيجة من التقرير الذي أعدته وزارة حماية البيئة في مايو 2021، ورصد تنفيذ الخطط الحكومية فيما يتعلق بأزمة المناخ، إذ أشار إلى أن الحكومة لم تحقق الأهداف التي وضعتها للعام 2020 وأنَّهُ ليس من المتوقع أن تحققها في الفترة القريبة، خاصة في قطاعيّ البناء والمواصلات. ويوضح التقرير أنه في العام 2020 استطاعت الحكومة تحقيق هدف تقليص انبعاث غازات الاحتباس الحراري لكل فرد، ولكن الأمر كان بسبب جائحة كورونا، وليس بسبب السياسات التي اتخذتها الحكومة في هذا الصدد. ومع ذلك، فإنه عند مقارنة هذه الأهداف على المستوى العالمي، فإن سقف أهداف إسرائيل يُعدّ منخفضاً بالمقارنة مع دول منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية، وحتى أقل من سقف أهداف العشرات من الدول النامية[8]. فعلى سبيل المثال، لم تصل إسرائيل إلى نسبة 10% في استعمال الطاقة المتجددة في إنتاج الكهرباء عام 2020، كما كان مخططاً له، بل وصلت إلى 7% فقط منها[9].
وأكَّدت نتائج رصد وزارة حماية البيئة، ما جاء في تقرير مراقب الدولة عام 2021، الذي استعمل لهجة قاسية ضد الحكومة، حيث وصف تقدُّمها في مجال المناخ في القطاعات المختلفة (المواصلات، البناء، الكهرباء وغيرها) بأنه ما بين “التخلُّف والصفر”[10]. مُشيراً إلى أن إسرائيل ليست دولة ريادية في تحديد أهداف تتعلق بتقليل انبعاث غازات الاحتباس الحراري كما نصَّ على ذلك اتفاق باريس. ووصف تقرير إدارة المناخ في وزارة حماية البيئة، سالف الذكر، السياسات المناخية لدولة إسرائيل بأنها “مُدمِّرة”؛ إذ لا يوجد استراتيجية واضحة للتعامل مع التغير المناخي، ولا توجد خطة تدمج وتُنسِّق عمل كل المؤسسات في الدولة في سبيل مواجهة تداعيات التغير المناخي والاستعداد لها[11].
وتُبيِّن مكانة إسرائيل فيما يتعلق بمنع انبعاث غازات الاحتباس الحراري، إخفاقها في هذا الصدد. فلا تزال كمية انبعاث غازات الاحتباس الحراري في إسرائيل لكل فرد، من الأعلى في بلدان منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية، إذ احتلت إسرائيل المرتبة العاشرة من بين 29 دولة عضو في المنظمة، وفقاً لمقياس البلدان التي فيها انبعاث مرتفع لغازات الاحتباس الحراري[12].
ويؤكد الجدول رقم 2 أن إنتاج الكهرباء هو المصدر الأساسي لانبعاث غازات الاحتباس الحراري في إسرائيل، إذ يتحمَّل إنتاج حوالي 50% من الغازات الملوثة للجو. كما يؤكد الجدول عدم وجود تغيير كبير في معدل انبعاث الغازات في جميع القطاعات تقريباً. والعكس هو الصحيح؛ فإلى جانب التغيير الطفيف في قطاع الطاقة (خاصة الكهرباء)، حدثت زيادة في انبعاث الغازات للجو خلال عقدين في جميع القطاعات، وخاصة في قطاع المواصلات، حيث إن المواصلات العامة لا تزال غير متقدمة في إسرائيل، من حيث قدرتها على تقديم بديل حقيقي للمركبات الخاصة.
جدول (2): انبعاث غازات الاحتباس الحراري في إسرائيل بين عامي 2000 و2018 (حسب القطاع)
القطاع/ السنة | الطاقة | المواصلات | إنتاج وبناء | النفايات | آخر | النسبة الإجمالية |
2000 | %55 | %21 | %10 | %4 | %10 | %100 |
2005 | %56 | %20 | %9 | %5 | %10 | %100 |
2010 | %54 | %22 | %7 | %7 | %10 | %100 |
2015 | %51 | %22 | %7 | %7 | %13 | %100 |
2017 | %49 | %24 | %7 | %7 | %13 | %100 |
2018 | %48 | %24 | %8 | %7 | %13 | %100 |
وفي تقريره الشامل الذي رصد جهود الحكومة الإسرائيلية في العقدين الماضيين في مواجهة أزمة المناخ، يُلخِّص مراقب الدولة الإخفاق في النقاط الآتية[13]:
- على الرغم من أن إسرائيل وقَّعت على العديد من المواثيق الدولة فيما يتعلق بالمناخ، فإنه حصل ارتفاع في السنوات الأخيرة في انبعاث غازات الاحتباس الحراري في إسرائيل من حيث الكمية القصوى.
- ثمة تراخٍ وصل حد الفشل في مواجهة أزمة المناخ في القطاعات المختلفة في إسرائيل، مثل تقليل انبعاث الغازات السامة من المركبات الخاصة، أو استعمال الطاقة المتجددة.
- الهدف الذي وضعته إسرائيل في توسيع استعمال الطاقة المتجددة ليس هدفاً طموحاً، وهو أقل بكثير من سقف الأهداف الموضوعة في الدول الأوروبية والدول المتطورة الأخرى.
- بخلاف الدول المتقدمة، فإن وزارة الطاقة في إسرائيل لم تضع خطة استراتيجية لتوسيع استعمال الطاقة المتجددة حتى العام 2050.
- بخلاف العديد من دول العالم المتقدم عموماً، والأوروبية خصوصاً، لا يوجد في إسرائيل قانون خاص بالمناخ، فضلاً عن غياب سلطة مختصة تهتم بأزمة المناخ، تعمل على تنسيق جهود كل الوزارات والقطاعات في هذا الشأن، واُكتُفيَ بوجود إدارة للمناخ في وزارة حماية البيئة، لكنها تبقى إدارة وزارية وليست هيئة وطنية عامة.
تكمُن الإشكالية الأساسية، في رأي خبراء إسرائيليين، أنه لم يُتعامَل مع أزمة المناخ في إسرائيل باعتبارها تهديداً أو خطراً استراتيجياً، أو وجودياً، ولذلك فإن كل الوزارات التي اشتغلت على هذه القضية فشلت في تحقيق أهدافٍ وضعتها لنفسها، إما بسبب غياب الميزانيات الكافية ووضع قضايا أخرى في أولوياتها قبل قضية المناخ، أو بسبب غياب جهة حكومية عليا تُنسِّق الجهود وتُتابِعها. ومع أن الحكومة أقامت إدارة المناخ في وزارة حماية البيئة، إلا أنها لم تمدّها بالميزانيات الكافية لتقوم بعملها[14]. لذلك أخفقت الحكومة في تنفيذ قراراتها التي أقرَّتها خلال الأعوام 2015-2019 على النحو الآتي:
- عدم تنفيذ هدف تقليص السفر بالمركبات الخاصة بنسبة 20%؛ فقد ارتفع ثمن السفر بالمركبات الخاصة من 42 مليار شيكل عام 2015 إلى حوالي 50 مليار شيكل عام 2019. وحسب تقييم وزارة حماية البيئة، فإن الحكومة لم (ولن) تحقق هدفها بتقليص السفر بالمركبات الخاصة، لاسيما أن وزارة المواصلات لم تُعِد خطة عملية تتعلق بتقليص السفر بالمركبات الخاصة كما نص على ذلك القرار الحكومي رقم 1403 من عام 2016. علاوة على ذلك، لم تعمل الحكومة على تطوير قطاع المركبات الكهربائية، فنسبة المركبات الكهربائية في إسرائيل لا يتعدى 0.05% من مجمل المركبات. وفي هذا الصدد وضعت وزارة الطاقة في البداية هدفاً بمنع استيراد المركبات التي تستعمل الوقود الأحفوري بحلول عام 2030، ولكنها سرعان ما أجَّلت ذلك للعام 2035، بذريعة جائحة كورونا، وهو ما لم يحدث في الدول الأخرى.
- عدم تنفيذ هدف تحسين كفاءة استخدام الطاقة، إذ لم تحقق إسرائيل الأهداف التي وضعتها لنفسها للعام 2020 في هذا الشأن. وعملياً، فقد كانت مهمة تحسين كفاءة استخدام الطاقة أقل بحوالي 63% من المُخطَّط له؛ ومن إجمالي المبلغ الذي رصدته الحكومة لتحقيق هذا الهدف، ومقداره 800 مليون شيكل، لم يُستعمَل سوى 500 مليون شيكل.
- التردُّد والتراجع في تصفير استعمال الطاقة في الأبنية السكنية الجديدة؛ فقد أشار تقرير مراقب الدولة عام 2021 إلى أن أغلب الدول حددت العام 2020 لتحقيق هدف تصفير استعمال الطاقة في الأبنية السكنية الجديدة، بينما في إسرائيل كان العام الُمحدد للوصول إلى هذا الهدف هو 2025. بالإضافة إلى ذلك، فإن العمارات ذات الخمس طوابق وما فوق، والمباني التجارية تم تحريرها (أو استثنائها) من هذا الهدف، وذلك على الرغم أن المباني ذات الطوابق الخمس فما فوق ستُشكِّل ما نسبته 80% من مجمل البنايات في إسرائيل عام 2025. وإضافة إلى ذلك، تتوقف الخطة الإسرائيلية في هذا الصدد عند العام 2025، ولا تضع أهدافاً لتصفير استعمال الطاقة أو انبعاث الغازات الحرارية من الأبنية السكنية حتى العام 2050.
- عدم تنفيذ هدف توسيع إنتاج الكهرباء من الطاقة المتجددة (وهو ما سنتوسَّع في توضيحه لاحقاً).
تتعلق النقاط السابقة أيضاً بالإنفاق على البنية التحتية في إسرائيل، باعتبارهِ جزءاً من استراتيجية مواجهة أزمة المناخ. فعلى سبيل المثال، وبهدف الوصول إلى تقليص استعمال المركبات الخاصة، هنالك حاجة لبنية تحتية تسمح بتوسيع استعمال المواصلات العامة، وكذلك الأمر فيما يتعلق بالطاقة من حيث تحسين كفاءة استخدامها، وتجديدها. وفي هذا الصدد، فإن الانفاق الإسرائيلي على البنية التحتية لا يصل لمعدل إنفاق دول منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية، إذ توضح معطيات عام 2016 أن إسرائيل تُنفِق 2% من الناتج المحلي على البنية التحتية، بينما يصل المعدل العام في منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية إلى حوالي 3.5%، أي أكثر بنسبة 75% من إسرائيل.
ومع أن إسرائيل تحتل المرتبة الأولى من بين دول منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية في فرض ضريبة على الكربون واستعمال المواد الملوثة للجو، لكنها تنحصر في ضريبة وقود المركبات، والتي تعتبر الأعلى من بين دول المنظمة (تسمى ضريبة البلو). أما فيما يتعلق بالإنفاق الحكومي العام على نشاطات لحماية البيئة، فإن معدل الانفاق في دول منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية يصل إلى 0.8% من الناتج المحلي، بينما يصل في إسرائيل إلى 0.6%، ويذهب أغلبه لمعالجة النفايات. وهنا تظهر إسرائيل في مرتبة متدنية مقارنة مع دول منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية، حيث وصلت نسبة دفن النفايات في إسرائيل في العام 2018 إلى حوالي 28% مقارنة مع حوالي 78% في الدول الأوروبية الأعضاء في منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية. وتُبيِّن المعطيات أنه بين الفترة 2007-2018 تراجع معدل دفن النفايات في إسرائيل إلى 10% مقابل 15% في الدول الأوروبية الأعضاء في المنظمة[15]. توضح هذه المعطيات حقيقة مهمة فيما يتعلق بالسياسات المناخية في إسرائيل، وهي أن أغلب الميزانيات تذهب لمعالجة دفن النفايات لانتشارها الواسع في إسرائيل، ولكن الأهم هو غياب بدائل لتدوير النفايات من جهة، أو استعمالها لإنتاج الطاقة من جهة أخرى، وهما البديلان اللذان يُسهمان في تخفيف معدل التلوث العام.
قطاع الكهرباء الإسرائيلي: نموذج لعدم تنفيذ الأهداف المناخية
بما أن إنتاج الكهرباء في إسرائيل هو المسؤول المركزي عن انبعاث غازات الاحتباس الحراري في إسرائيل، كما أوضح الجدول رقم 1، فإننا سنُخصِّص لهذا القطاع مبحثاً خاصاً. تشير قرارات الحكومة الإسرائيلية المتكررة، التي جئنا على ذكرها سابقاً وقرارات أخرى أُقِرَّت في العام 2020، أن إنتاج الكهرباء من الطاقة المتجددة يجب أن يكون 10% في العام 2020، ليصل إلى 20% في العام 2025، و30% في العام 2030 (انظر الجدول رقم 3). وأفاد تقرير لشركة الكهرباء صدر عام 2020، بناء على طلب من الحكومة، بأنَّ الشركة ستعمل على تقليص استعمال الفحم الحجري والوقود الملوث في إنتاج الكهرباء خلال 15 عاماً، ومن المتوقع أن يُسهِم ذلك في تقليص 93% من تلوث الهواء، وحوالي 50% من انبعاث غازات الدفيئة لكل نسمة.
لقد أقرَّت الحكومة الإسرائيلية منذ العام 2015 خططاً مفصلة لاستبدال إنتاج الكهرباء من مصادر تقليدية بمصادر الطاقة المتجددة، وكان جزء من هذه الخطط تشريع قانون الكهرباء عام 2017، الذي وضع إطاراً للأهداف التي تتمثل في استخدام الطاقة المتجددة في إنتاج الكهرباء، وبحيث تُقدَّم تقارير سنوية مفصلة حول مدى تقدُّم هذا الأمر للكنيست، توضح مقدار استعمال الطاقة المتجددة في إنتاج الكهرباء مقابل الوضع القائم لحظة تقديمها.
لكن تقارير مراقب الدولة في العام 2017 والعام 2020، أوضحت بأنه لم يتم بلورة سياسة شاملة في هذا المجال، أو وضع خطة تنفيذية مفصلة وعلنية للمدى القصير، أو المتوسط أو الطويل، فضلاً عن أن وزارة الطاقة لم تنشر خطة مفصلة لتطوير الطاقة المتجددة، خاصة وأن هناك غياب لخطة استراتيجية متعددة السنوات أو خطة عمل مفصلة لتحقيق الأهداف المذكورة. وفي ظل غياب خطة استراتيجية، لن يكون بوسع الحكومة بناء خطة عملية تُنسِّق عمل جميع الأطراف، وستنعدم قدرتها على الحسم في الخيارات المختلفة، مما ينعكس على قدرتها في تحقيق الأهداف التي وضعتها في مجال الطاقة المتجددة والتوسُّع في استخدامها، وهي أهداف أخفقت الحكومة – بحسب خبراء إسرائيليين – في تحقيقها[16].
جدول (3) الفجوة بين أهداف الحكومة الإسرائيلية وتنفيذها فيما يتعلق بتوسيع استخدام الطاقة المتجددة في إنتاج الكهرباء
السنة | أهداف الحكومة | الاستعمال الفعلي |
2013 | %3 | %1.4 |
2014 | %5 | %2 |
2020 | %10 | %10 |
2025 | %20 | من المستبعد الوصول لهذه الأهداف |
2030 | %30 |
ويشير تقرير خاص لمركز البحث والمعلومات التابع للكنيست حول الطاقة المتجددة في إسرائيل، ودورها في إنتاج الكهرباء، إلى أنه لا توجد استراتيجية حكومية لتطوير الطاقة المتجددة في إنتاج الكهرباء، فضلاً عن غياب أهداف لتوسيع استخدام الطاقة المتجددة بعد العام 2030؛ فمثلاً ليس هناك تصور عن معدل استعمال الطاقة المتجددة حتى العام 2050. بالإضافة إلى أن وضع خطة للعام 2050 يحتاج إلى إحداث تغييرات وتحسينات في خطط التطوير المختلفة (البنية التحتية، والبناء، وغيرها) وهو أمر لم يحدث حتى الآن. علاوة على ذلك، يلاحظ التقرير أن بنية سلطة الكهرباء الحالية لا تمكنها من توسيع استعمال الطاقة المتجددة، حيث لم يتم إصلاحها أو تطويرها، ولم تُخصَّص موارد مالية كافية من أجل إصلاح سلطة الكهرباء، فبُنية سلطة الكهرباء الحالية تتحمل استعمال الطاقة المتجددة حتى العام 2030، ولكنها غير قادرة على تطويرها بعد ذلك[17].
تشريع قانون المناخ: إخفاق متكرر
ناقش الكنيست في السنوات السابقة اقتراحات مختلفة لتشريع قانون للمناخ في إسرائيل، باعتبار أن إسرائيل من الدول القليلة التي لم تُشرِّع قانوناً خاصاً بالمناخ حتى الآن. وقد قدَّمت النصوص المختلفة للقوانين اقتراحات طموحة لتقليص انبعاث غازات الاحتباس الحراري. فعلى سبيل المثال، قدَّمت عضوة الكنيست عن الليكود، غالا غمليئيل (تشغل منصب وزيرة الاستخبارات منذ يناير 2023)، في فبراير 2022، اقتراح قانون مُفصل في هذا الشأن، ولكن القانون، على رغم مروره بالقراءة التمهيدية، وإدراجه بعدها في أجندة أعمال لجنة الحفاظ على البيئة في الكنيست، لم يتقدم خطوة واحدة. جاء القانون من أجل إلزام الحكومة بوضع سياسات مناخية واضحة للعقود المقبلة. وقد ألزم القانون الحكومة بالعمل خلال الفترة 20230 وحتى العام 2049 من أجل تقليص غازات الاحتباس الحراري بنسبة 73%، وبعد العام 2050 ستعمل على تقليصه بنسبة 15% عن الكمية الأصلية الموجودة حالياً، أي أن القانون يلزم الحكومة بالعمل على تخفيض كمية الغازات الاحتباس الحراري بنسبة 88% خلال العقود المقبلة[18].
وفي مايو من نفس العام، قدَّمت وزيرة حماية البيئة السابقة في حكومة بينيت-لبيد، تمار زاندبرغ، اقتراح قانون للمناخ، وقد أقرته اللجنة الوزارية للتشريع لرفعه للمداولات وإقراره في الكنيست، بيد أن سقوط الحكومة وتقديم الانتخابات حال دون إكمال تشريع القانون. وقد اعترفت زاندبرغ بأن أهداف القانون متواضعة، ولا تصل للطموحات التي وضعتها الدول المتقدمة في هذا الشأن[19]، وخاصة أن استهداف تقليص كمية غازات الاحتباس الحراري بنسبة 27% حتى العام 2030 يعد هدفاً منخفض السقف، كما اعترفت الوزيرة، لكنها أكدت أن الهدف هو الوصول إلى “صفر انبعاث” عام 2050. ومع ذلك فقد شكّك الكثيرون بقدرة الحكومة الوصول لهذا الهدف، خصوصاً أن القانون المقترح منح الحكومة إمكانية تغيير الأهداف المرسومة، وهو ما أثار حفيظة المنظمات البيئية في إسرائيل، إذ إن وزارة المالية هي مَن وضعت هذا الشرط في القانون حتى لا يكون هناك التزام حكومي بأهداف القانون بشكل مطلق[20].
ومن جانبها، قدَّمت وزيرة البيئة الحالية، عيديت سلمان، اقتراحاً لقانون المناخ، ناقشته اللجنة الوزارية للتشريع في نهاية شهر أبريل 2023، لكن خلافات حول إطار القانون من حيث طموحه بتقليص انبعاث غازات الاحتباس الحراري، والخلاف حول الجهة الوزارية التي تتولى متابعة شؤون المناخ، حال دون إقراره. حيث طالبت وزارة الطاقة أن يكون هذا الموضوع ضمن صلاحياتها وسحبه من وزارة حماية البيئة، مما أدى إلى عدم الاتفاق على القانون في الوقت الحالي[21]. وتعود الأسباب المركزية لإخفاق إسرائيل في تشريع قانون المناخ، في الأسباب الرئيسة الآتية:
1. معارضة وزارتي الطاقة والمالية للإطار الطموح الذي تعرضه وزارة حماية البيئة حول الموضوع، والتي ترى فيه الوزارتان مسّاً بالاقتصاد الإسرائيلي. فحسب وزارة الطاقة الإسرائيلية، فإنه من أجل تقليص انبعاث غازات الاحتباس الحراري بنسبة 50% حتى العام 2030، هناك حاجة لإنتاج 88% من الكهرباء من خلال مصادر الطاقة المتجددة، بينما الوضع الحالي، أي 10% من إنتاج الكهرباء في إسرائيل، يتم من خلال الطاقة النظيفة أو المتجددة. لذلك تطالب وزارة الطاقة بنقل الصلاحيات فيما يتعلق بالمناخ وسياساته من وزارة حماية البيئة إلى وزارة الطاقة.
2. تُجادل وزارة المالية بأن الخطط الطموحة لاقتراح قانون للمناخ في إسرائيل سوف تسهم في رفع التكاليف، وربما رفع أسعار السلع الحيوية على السكان، مما يضطر الوزارة للإنفاق الزائد من أجل منع غلاء المعيشة خلال فترة قصيرة. فضلاً عن أن الاقتصاد والسوق الإسرائيليين ليسا جاهزين لاستيعاب الخطط الطموحة لمتطلبات قانون المناخ. وفي المقابل تقترح وزارة المالية تقليص انبعاث غازات الاحتباس الحراري بصورة تدريجية، وبمعدل أقل مما يقترح القانون، وعلى فترات أطول مما جاء في القوانين المختلفة[22].
استنتاجات
أظهرت الورقة أن إسرائيل لا تزال متأخرة في تبنّي سياسات مناخية ملائمة وتنفيذها بالمقارنة مع الدول المتقدمة الأخرى، وخاصة دول منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية، التي تتمتع إسرائيل بعضويتها. ففي حين تضع هذه الدول المسألة المناخية على رأس سلم أولوياتها، فإنها لا تحظى بذات الاهتمام في السياسات الإسرائيلية. فبعد أكثر من عقدين من انضمام إسرائيل إلى اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغيّر المناخ، وعلى الرغم من بلورة خطط كثيرة في سياق المجهود الدولي لمواجهة أزمة المناخ الآخذة في التفاقم، فإن النجاح الإسرائيلي فيها كان ضئيلاً، وفي بعض القطاعات كانت الحصيلة إخفاقاً كاملاً. صحيح أن إسرائيل استطاعت أن تُقلل نسبة انبعاث غازات الاحتباس الحراري لكل فرد، لكن انبعاثها زاد بالمطلق، ويُمكِن إرجاع هذه الفجوة بين ازدياد نسبة الغازات من جهة، وتراجعها لكل فرد من جهة أخرى، إلى تكاثُر السكان في إسرائيل، وهو من المعدلات الأعلى في منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية.
وبيَّنت الورقة أن جميع الخطط الوطنية التي وضعتها إسرائيل لتنفيذ إصلاحات مناخية، إما باءت بالفشل، أو جرى تنفيذها جزئياً في أحسن الأحوال، فضلاً عن عدم التزامها هي نفسها بالأهداف التي وضعتها، وخاصة ذات المدى الزمني القصير، في أغلب المجالات والقطاعات. لذلك يمكن القول إن السياسات الإسرائيلية المناخية مترددة في مُجملها، وغير مثابرة، ويسود تطبيقها الكثير من العطب، والمماطلة، وهذا يقودنا إلى الاستنتاج أن إسرائيل لا تزال تفتقر وجود استراتيجية واضحة المعالم، والأهداف والخطط التنفيذية للمساهمة في المجهود الدولي في مواجهة التغير المناخي.
وقد وضعت إسرائيل هدفاً لها عشية مؤتمر المناخ (كوب 28) الذي تستضيفه دولة الإمارات أواخر 2023، يتمثل في تشريع قانون للمناخ؛ فهي تريد المشاركة في هذا المؤتمر ولديها مشروع قانون مفصل يوضح الأهداف القصيرة والبعيدة المدى فيما يتعلق تحديداً بتقليص كمية انبعاث غازات الاحتباس الحراري، إذ أظهرت مشاركاتها في المؤتمرات المناخية السابقة الفجوة بين الخطاب المناخي الإسرائيلي في تلك المؤتمرات وبين السياسات التي تُنفِّذها إسرائيل على الأرض في هذا الشأن. وتجدر الإشارة إلى أنه حتى الأهداف بعيدة المدى التي من المتوقع تشريعها في القانون تعد أقل بكثير من الطموحات المناخية للدولة المتقدمة عموماً، ودول منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية على وجه الخصوص.
وقد أظهرت الشواهد أن هناك توجهين في الحكومة الإسرائيلية بشأن السياسات المناخية عموماً، وقانون المناخ خصوصاً؛ أولهما، الذي تقوده وزارة حماية البيئة، ويُطالِب برفع سقف الطموحات المناخية لإسرائيل لتكون قريبة على الأقل من طموحات الدول في منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية، وإن لم تصل لها. وفي المقابل، هناك التوجه الاقتصادي الذي تقوده وزارة المالية بالتحالف مع وزارة الطاقة، ويدفع نحو بلورة خطة ذات طموحات مناخية متواضعة، لاعتبارات اقتصادية بالأساس، مع التأكيد أن الحكومة اليمينية الحالية في إسرائيل لا تخلو أيضاً مِمَّن يرون أن أزمة المناخ قضية مبالغ فيها، وليست ذات أهمية، كما هو حال العديد من التوجهات اليمينية المماثلة في العالم.
وعلى الرغم من التقدم التكنولوجي المشهود في إسرائيل، فإن هناك فجوة ملحوظة بين القدرات التكنولوجية الإسرائيلية من جهة، وسياساتها المناخية المترددة من جهة ثانية، وأهدافها وحصيلتها المتواضعة من جهة ثالثة. وترى الورقة أن التردُّد الإسرائيلي، والتوجه نحو بلورة أهداف مناخية متواضعة، يعودان بالأساس إلى غياب مسألة التغير المناخي عن اهتمام مُتخذي القرارات في إسرائيل، وعدم النظر إليها بوصفها قضية جوهرية تتعلق بالأمن القومي الإسرائيلي، وذلك رغم وجود مقاربات إسرائيلية تعتقد أن للتغير المناخي تداعيات أمنية عديدة. لهذا، فإن إسرائيل، مع تقدُّمها التكنولوجي، لا تعد “دولة ريادية” في مكافحة التغير المناخي، ومساهمتها في هذا المجال قليلة جداً، وثمة دول نامية تؤدي دوراً أكبر منها في محاربة تغيُّر المناخ، وفي الدفع نحو اتخاذ سياسات تكيُّف أكثر فعالية، وتنفيذها.
وتتمثل إحدى مشكلات السياسات المناخية في إسرائيل، في غياب خطة جماهيرية لتوعية المجتمع حول مخاطر التغير المناخي، فالموضوع غائب عن المناهج الدراسية في إسرائيل، والاهتمام العام به قليل جداً، وليس هناك الكثير من المؤتمرات حول التغير المناخي، ولا تُشرَك السلطات المحلية في إسرائيل في الخطط التي تهدف إلى مواجهة تداعيات التغير المناخي، كما لا يجري دمج الحكم المحلي في المساهمة في المجهود الوطني لمنع التلوث البيئي، خاصةً أن الحكم المحلي هو أحد الأذرع التنفيذية المهمة في النظام السياسي الإسرائيلي.
ويكمُن التحدي المركزي الإسرائيلي في الانتقال إلى اقتصاد “نظيف”، أي اقتصادٍ خالٍ من الكربون. ومن ثمّ فإن هناك حاجة إلى خطة استراتيجية شاملة للعقود الثلاثة المقبلة، على الأقل، بحيث تشمل خططاً قطاعية في مجال المواصلات، والبنية التحتية، وتخطيط المدن، وتخصيص مساحات واسعة من الأراضي لإنتاج الطاقة النظيفة، وكل ذلك يحتاج إلى ميزانيات ضخمة من أجل تنفيذ هذا الانتقال في الاقتصاد الإسرائيلي. إلا أن إسرائيل لا تبدو حالياً جاهزة لمثل هذا الانتقال، كما أنها لا تنفق كفاية من ناتجها المحلي لإحداث انتقال كهذا، بالنظر إلى تواصل الإخفاق المتكرر في تحقيق الأهداف المناخية المرحلية التي تضعها الحكومة ضمن قراراتها وخططها، والتي إما تكتفي بتنفيذ جزء منها، أو تتراجع عنها لصالح خطة وقرار جديدين.
[1] مراقب الدولة، تقرير خاص: أعمال حكومة إسرائيل واستعدادها للأزمة المناخية، مكتب مراقب الدولة، 2021.
[2] يهودا طروان، أزمة المناخ والسياسات في العالم وإسرائيل، مركز البحث والمعلومات التابع للكنيست، 31 أكتوبر 2023، ص 8-9.
[3] عومر كبير، “تقرير أول لإدارة المناخ: السياسات الحالية لدولة إسرائيل مدمرة”، كالكاليست، 22 أبريل 2022. דו”ח ראשון למנהלת האקלים: המדיניות הנוכחית של ישראל – הרסנית למדינה | כלכליסט (calcalist.co.il)
[4] OECD, The Rising Cost of Ambient Air Pollution thus Far in 21st Century: Result from the BRIICS and the OECD Countries, July 2017.
[5] الكنيست، القسم القضائي، قوانين المناخ والقضايا الأساسية فيها: عرض مقارن، 20 نوفمبر 2019، ص 3.
[6] وزارة حماية البيئة، تقرير حول فحص مكامن تقليل الانبعاث الحراري وتوصية نحو هدف وطني لإسرائيل، سبتمبر 2015، ص 164.
[7] شيري باس-سبكتور، يوم البيئة 2018: قضايا ساخنة على جدول الأعمال البيئي العالمي، مركز البحث والمعلومات التابع للكنيست، 5 يونيو 2018، ص 13.
[8] غيل فراوكتور وآخرون، تقليل الغازات الحرارية في إسرائيل: تقرير رصد سنوي للخطط والأهداف الوطنية لتقليل انبعاث الغازات الحرارية والتزام إسرائيل بميثاق المناخ، وزارة حماية البيئة، مايو 2021.
[9] متان شاحاك ورينات بنيتا، تقليل انبعاث الملوثات في إسرائيل والدول المتطورة: الوضع القائم، مركز البحث والمعلومات التابع للكنيست، مايو 2022.
[10] مراقب الدولة، تقرير خاص: أعمال حكومة إسرائيل واستعدادها للأزمة المناخية، مرجع سبق ذكره، ص 75.
[11] عومر كبير، “تقرير أول لإدارة المناخ: السياسات الحالية لدولة إسرائيل مدمرة”، مرجع سبق ذكره.
[12] مراقب الدولة، تقرير خاص: أعمال حكومة إسرائيل واستعدادها للأزمة المناخية، مرجع سبق ذكره، ص 64.
[13] المرجع نفسه.
[14] عادي فلفسون، “إسرائيل وأزمة المناخ: تاريخ من الفشل”، واي نت (ynet)، 26 أكتوبر2021. ישראל ומשבר האקלים: כרוניקה של כישלון (ynet.co.il)
[15] متان شاحاك ورينات بنيتا، تقليل انبعاث الملوثات في إسرائيل والدول المتطورة: الوضع القائم، مصدر سبق ذكره.
[16] متان شاحاك، الطاقة المتجددة في إسرائيل: خلفية وقضايا للنقاش، مركز البحث والمعلومات التابع للكنيست، ديسمبر 2021.
[17] المصدر السابق.
[18] اقتراح قانون المناخ فبراير 2022، للاطلاع على بنود القانون، انظر: הצעת חוק האקלים, התשפ”ב–2022 (nevo.co.il)
[19] إيلينا كوريال، “الوزراء أقروا قانون المناخ الأول في إسرائيل: ما الذي يتضمنه، وما الذي ينقصه؟”، واي نت (ynet)، 8 مايو 2022. השרים אישרו את חוק האקלים הראשון של ישראל: מה יש בו ומה חסר? (ynet.co.il)
[20] المصدر السابق.
[21] نير حسون، “الوزراء يناقشون اليوم قانون المناخ الطموح، الذي يلاقي معارضة”، هآرتس، 30 أبريل 2023، ص 8.
[22] إيلانا كوريال، “لا يوجد اتفاق: تأجيل التصويت على قانون المناخ في اللجنة الوزارية للتشريع”، واي نت (ynet)، 30 أبريل 2023. אין הסכמה: ההצבעה על חוק האקלים בוועדת השרים לחקיקה נדחתה לשבוע הבא (ynet.co.il)
.
رابط المصدر: