السياسة الخارجية للدول الصغرى: الإمارات نموذجاً

عبد الرحمن أحمد

 

المتابع للمشهد السياسي العربي يلاحظ نشاطا كبيرا للسياسة الخارجية الإماراتية في ظل تراجع لفاعلين أساسيين في الإقليم العربي كمصر وسوريا والعراق مقابل صعود دول لتؤدي أدوارا لا تتناسب مع وزنها وحجمها الجغرافي والسكاني كـ الإمارات ، غير أن ما أحدثته من تأثير يستحق البحث والدراسة لاسيما إن كان هذا التأثير في مرحلة هامة وحساسة.

وكان من اللافت للانتباه أن السياسة الخارجية الإماراتية تجاه العديد من القضايا والدول شهدت تفاعلا ونشاطا كبيرا ومثيرا للجدل وسياسة حازمة في ظل الأحداث في المنطقة العربية وما أحدثته الشعوب من تغيير في العلاقة مع الأنظمة الحاكمة بعد انطلاق الثورات في تونس ومصر وليبيا وغيرهم والتي تشهد تراجعا كبيرا في ظل الثورات المضادة التي تواجهها منذ ذلك الحين.

أهداف الدراسة

  1. التعرف على مفهوم الدولة الصغيرة وسماتها.
  2. معرفة جذور السياسة الخارجية الإماراتية وتحولاتها.
  3. فهم أسباب توجهات السياسة الخارجية الإماراتية الحالية.
  4. التعرف على حدود تأثير الدور الإماراتي في الشرق الأوسط.
  5. تقييم الدور الإماراتي في منطقة الشرق الأوسط.

التساؤلات الأساسية:

متى بدأ الصعود والتحول في السياسة الخارجية للإمارات ؟

ما هي دوافع وأهداف السياسة الخارجية الإماراتية ؟

كيف استطاعت دولة الإمارات ممارسة دور كبير وفعال رغم قيودها الإستراتيجية؟

الفرضية

تستند الورقة إلى فرضية مفادها أن تغيرات البيئة الإقليمية وصناع القرار في الدولة والطفرة الاقتصادية عوامل ثلاثة أثرت في تطور السياسة الخارجية للإمارات وانعكست على دورها في المنطقة.

منهج الدراسة

تنطلق الورقة من مقولات نظرية الدور، كما عرفه هولستي “الدور هو ما يتصوره صانع القرار في الدولة للسلوك الخارجي لدولته في الإطار الدولي”.

تقسيم الدراسة

تم تقسيم الورقة إلى إطار نظري ومنهجي وثلاثة محاور رئيسية يتفرع منها عناوين جانبية. جاء الإطار النظري والمفاهيمي لتوضيح مفهوم الدولة الصغيرة وسماتها وأهمية السياسة الخارجية فيها ثم الإطار المنهجي للدراسة وجاء المحور الأول بعنوان محددات الدور ناقشنا فيه خمسة محددات وهي: الظروف التاريخية والنشأة التي شكلت المنطقة والدولة، ثم النفط وتطور الاقتصاد أثرها على السياسة الخارجية للدولة، هوية الدولة والسياسة الخارجية تناولنا فيه هوية الدولة وتوجهاتها وأثر ذلك على سياستها خاصة تجاه الشعوب العربية وتيار الإسلام السياسي، أما التطورات الإقليمية والدولية جاءت لتوضح تأثير الواقع الإقليمي والدولي على الدولة في الحقب المختلفة وكيف ساهمت في تشكل سياستها الخارجية وصياغة أهدافها. وجاء المحور الثاني بعنوان مظاهر الدور ناقشنا فيه سلوك الدولة الخارجي تجاه دول الربيع العربي وتركيا وإيران والقضية الفلسطينية وإسرائيل أما المحور الثالث فكان تقييم مدى فاعلية الدور وتحديد الإيجابيات والسلبيات ثم الخاتمة.

الدولة الصغيرة والسياسة الخارجية

تمثل الدول الصغيرة أغلبية عددية في المجتمع الدولي وقد زادت مع نهاية الحرب العالمية الثانية، وتتميز هذه الدول بالضعف الهيكلي مما يدفعها إلى أنماط وسلوكيات معينة في محيطها الإقليمي والبيئة الدولية مما يجعلها جديرة بالمتابعة والتأمل والملاحظة. والسياسة الخارجية هي إحدى أدوات الدولة الصغيرة من أجل الحفاظ على أمنها ووجودها وتأكيد هويتها واستقلالها كما أنها تولى أهمية كبيرة عند صياغة وصناعة تلك السياسة للبيئة الخارجية الإقليمية والدولية نظرا لضعفها وافتقارها إلى عناصر الاقتدار[1].

غير أنه مع تغير موازين القوى الذي شهده المجتمع الدولي من حيث القدرة والدور فالدول التي كانت تصنف صغيرة حسب المعايير القديمة من حيث الحجم وعدد السكان والموارد والقدرات العسكرية والاقتصادية غدت تصنف أحيانا دول قوية من حيث التأثير والفاعلية. ولم تعد المعايير القديمة وحدها هي التي تتحكم في التصنيف فقد ظهرت وتولدت مجموعة جديدة من المعايير تتحكم في العملية إلى جانب المعايير القديمة [2].

وقد تعددت تعريفات الدولة الصغيرة، فهناك من اعتمد على منظار المعيار الكمي حيث حجم الدولة وعدد سكانها ومواردها واستهلاكها للطاقة وناتجها القومي وهو ما رفضه البعض حيث أنه يعطي نتائج مضللة أذا اعتبر المعيار الحاسم ف التصنيف إذ توجد دول صغيرة من حيث الحجم غير أنها مؤثرة وفعالة ربما يفوق ذلك دولا كبيرة ولذلك رأى آخرون ربط العامل النفسي مع المعايير الموضوعية فعرفها روبرت روتشتاين أنها الدولة التي تقر بعجزها عن الحصول على الأمن بذاتها، فتجد نفسها مضطرة إلى الاعتماد على الآخرين في سبيل حفظ أمنها وهذا المنظار لا يمكن أن يكون فارزا بدقة للدولة الصغيرة فجميع الدول تحظى فيها القضايا الأمنية بالاهتمام بدرجات متفاوتة. بينما هناك من ركز على الاعتبارات السلوكية ورأى أنصار هذا الاتجاه أن المعتبر في تعريف الدولة الصغيرة هو أنماطها السلوكية فهي الدولة تلك الدولة التي تكتفي بتحقيق الأهداف المتدنية لكن هذا التعريف أيضا لم يكن معيارا كافيا حيث أن هناك دولا كبيرة تكتفي بأهداف محدودة وسلوك خارجي قليل الفاعلية في النسق الدولي[3] والملاحظ أن الاقتصار على منظار واحد لا يكفي لتعريف دقيق.

وأيضا فالدول الصغيرة متنوعة جغرافيا واقتصاديا وبالتالي فهي تواجه تحديات مختلفة من حيث الأمن والرفاهية، على سبيل المثال لوكسمبورغ العضو في الاتحاد الأوروبي تواجه تحديات مختلفة عن دول البلقان الصغيرة على حدود روسيا، وأفريقيا الوسطى أو ليبيريا التي تعاني من فشل الدولة والفقر الهائل تواجه تحديات مختلفة عن دول الخليج العربي الغنية بالنفط[4].

وأمام هذه القيود سعت هذه الدولة إلى تعويض قيودها ومحدوديتها وضعفها بعدة سياسات والتي اتسمت بعدة سمات أهمها[5] :

1ـ في سبيل مواجهة عجزها عن المنافسة للدول الكبرى تميل إلى استراتيجيات سلمية في اغلبها وتميل إلى الحياد لتجب مواجهة الدول الكبيرة ومن ثم تنخرط في دعم النشاطات الدولية والمشاركة في المحافل من أجل تخفيف الضغوط وكذلك مساندة الشرعية الدولية والدعوة إلى المناهج الأخلاقية في حل القضايا.

2ـ الميل إلى الأخذ بالاعتبارات الاقتصادية والتنموية عن الاعتبارات السياسية في علاقتها الدولية.

3ـ الشخصنة في القرارات السياسية حيث أنها تقع تحت إرادة القيادة السياسية في الغالب إذ أنها تفتقر إلى المؤسسات الفاعلة الديمقراطية.

4ـ تلجأ الدول الصغيرة خاصة التي تمتلك موارد وثروات إلى اللجوء إلى أحلاف أو طلب الحماية من القوى الكبرى وربما تضطرها هذه الأحلاف إلى الدخول في خيارات وصراعات ليست هي طرفا فيها.

المحور الأول: محددات الدور الإماراتي في الشرق الأوسط

1ـ الجذور التاريخية والنشأة

هيمنت بريطانيا على منطقة الخليج لفترة تزيد عن 150 عاما منذ القرن السابع عشر قبل أن تستقل المنطقة حيث كانت الإمارات أخر تلك الدول التي نالت الاستقلال عام 1971. وتلك الهيمنة ذات الطبيعة الاقتصادية في البداية كانت بهدف تطوير مصالحها التجارية، وبعد أن وطدت ووسعت مصالحها ومستعمراتها في الهند غدت أهدافها من منطقة الخليج ذات طبيعة سياسية بهدف حماية مستعمراتها وكانت شركة الهند الشرقية لاعبا أساسيا في تلك التطورات فقد كانت من أكبر الكيانات التجارية في القرن الثامن عشر وبهذا ازدادت مشاركة بريطانيا المباشرة في المنطقة ووطدت هيمنتها بعد انتصارها على قبائل القواسم وتحطيم أسطولهم .

بعد انتصارها فرضت على الحكام العرب في المنطقة معاهدات بهدف حماية تجارتها ثم استحدثت منصب الوكيل السياسي وقد منحت تلك الإجراءات بريطانيا طابع رسمي في المنطقة ووطدت هيمنتها وقلصت من قدرة الحكام على التصرف بشكل مستقل عنها فسيطرت بذلك على العلاقات الخارجية للحكام بالإضافة إلى مسئولية الدفاع عنهم، ثم اكتسبت المنطقة أهمية جيواستراتيجية كبيرة باكتشاف النفط في القرن العشرين ولم تعد أهميتها تكمن في العلاقة بالهند وظل هذا النفوذ البريطاني إلى ظهور النفوذ الأمريكي في المنطقة [6].

كان الاستقلال عن بريطانيا بداية الطريق لنشأة الدولة التي توحدت في 1971م من سبع إمارات تبلغ مساحتهم حوالي 67340 كيلو متر مربع ويبلغ عدد السكان اليوم 9 مليون نسمة. وانتخاب الشيخ زايد بن سلطان رئيسا للاتحاد والشيخ راشد بن سعيد نائبا له وفي نفس العام انضمت إلى جامعة الدول العربية وقبلت في هيئة الأمم المتحدة. وقد لقي هذا الإعلان صدى في المحيط العربي والإقليمي ورحبت به الكويت بينما إيران كانت تترقب ما يدور في الخليج العربي التي كانت لديها أطماع في الجزر العمانية والبحرين في حين كان للعراق ما يكفيه من مشاكل مع إيران حول شط العرب ودعم الحركات الإيرانية المعارضة [7].

وقد عملت على تحقيق التوازن في سياساتها الخارجية بين إمكاناتها الداخلية وقدراتها وأوضاعها وبين النشاط الخارجية في بداية نشأتها فاتبعت سياسة سلمية في تسوية الخلافات موظفة لقدراتها الاقتصادية والاجتماعية فشاركت في جامعة الدول العربية والمؤتمرات الإسلامية وذلك من اجل تدعيم مركزها العربي والإقليمي[8].

كأغلب الدول الصغيرة والتي من سماتها انحسار السياسة الخارجية في القيادة السياسية فرئيس الاتحاد ونائبه في الإمارات هم المعنيون بالسياسة الخارجية بالتشاور مع رؤساء الإمارات والمشايخ غير أن الكلمة الأخيرة تبقى لرئيس الاتحاد [9] ويرجع ذلك الانحسار إلى افتقارها إلى المؤسسات الفاعلة.

ينص الدستور على انفراد سلطة الاتحاد بالتشريع والتنفيذ فيما يخص السياسة الخارجية والعلاقات الدولية غير أنه أعطى لكل إمارة الحق في عقد اتفاقيات ذات طبيعة إدارية محلية مع دول الجوار بشرط عدم مخالفتها لمصالح وقوانين الاتحاد [10] وهو ما كان يمثل نقطة ضعف في السياسة الخارجية وتحد من القدرة على الشمولية والتكاملية، تغيرت لاحقا بفضل ديناميكية القوة بين اللاعبين الرئيسيين في الاتحاد.

ورسم الشيخ زايد السياسة الخارجية في فترة حكمه والتي وصفت بالحذرة في كلمة ألقاها في عام 1972 عندما قال أن أهدافنا هي حل الخلافات بالطرق السلمية بين الإمارات والدول المجاورة وترك الباب لدول المنطقة للانضمام للاتحاد ودعم القضايا العربية والانفتاح على العالم وان السياسة تجاه دول العالم الإسلامي ستظل مشاركة فعالة في كل ما يرفع شأن الإسلام والمسلمين[11].

2ـ النفط وتطور الاقتصاد وأثرهما على السياسة الخارجية

مثّل النفط منذ البداية تحديا بالنسبة للدولة الصغيرة فقد ارتبطت نشأة الدولة بظهوره لذلك يعد عنصرا هاما في تفسير سياستها الخارجية خاصة مع بريطانيا ودول الجوار.

أما بريطانيا ومن قبل نشأة الدولة فقد حصلت على امتيازات نفطية لشركاتها؛ ومع تطور صناعة النفط وازدياد الثروات العربية شجعت الحكام لاستثمار العوائد النفطية في بلادها وهو ما ابقي المنطقة تحت النفوذ والاهتمام البريطاني.

كما أن النفط كان أحد العوامل التي تسببت في نزاعات وصراعات على الحدود وخاصة مع السعودية وسلطنة عمان وتطلب تسوية تلك النزاعات سنوات عديدة حتى تم تسوية بعضها باتفاقيات بين الأطراف المختلفة . ففي عام 1986 م تم التوصل إلى حل نهائي بين الإمارات وسلطنة عمان حول الشريط الحدودي، وفي عام 1989 تسلم الشيخ زايد رسالة من سلطان عمان بشأن ترسيخ العلاقات والتعاون المتبادل بين الجانبين[12].

ومع السعودية بدأ النزاع على المناطق الحدودية وحقول النفط منذ السبعينات وبعد مفاوضات ومناورات بين البلدين فيما يخص الحدود تم توقيع اتفاقية بين البلدين عام 1974 م لترسيم الحدود عرفت باتفاقية جدة. أما خلاف النفط ظل مستمرا وقد قاطعت الإمارات مؤتمر لوزراء النفط ف مجلس التعاون الخليجي والذي عقد بالتزامن مع تدشين السعودية حقلا للنفط في منطقة الشيبة والتي تدعى الإمارات انه يقع في أرضها بنسبة 80% وتملك الحق في امتلاك الحقل والاستفادة من عائداته بشكل كامل[13].

كانت للعوائد النفطية أثرا في السياسة الخارجية الإماراتية من جهة أخرى أيضا حيث ساعد استثمارها في امتلاك الوسائل الحديثة من وسائل النقل والمواصلات والطرق وبناء الموانئ وتطويرها، فضلا عن امتلاك الأساطيل البحرية التجارية وهو ما أسهم في ربطها بالعالم الخارجي[14].

ومنذ أواخر التسعينيات كانت أولوية الإمارات العربية المتحدة ترسيخ مكانتها كجهة فاعلة اقتصادية ورائدة في منطقة الخليج. وقد شهدت المرحلة منذ 2006 تحولات على المستوى الاقتصادي وذلك بعد تولى خليفة بن زايد السلطة في الدولة عام 2004 وتولى محمد بن زايد رئاسة الوزراء في عام 2006 والذي اتخذ منذ توليه حزمة من السياسات والتوجهات الإستراتيجية بدأت فيها الإمارات تتحول من الاقتصاد الريعي إلى الاقتصاد المتعدد القاعدة الإنتاجية[15] أثر هذا التطور على سياساتها الخارجية وأصبح من أهم دعائمها.

فتصاعد مساهمة القطاع غير النفطي في الناتج المحلى الإجمالي مثل العقارات والسياحة والصناعات التحويلية والتجارة والشحن والبناء والتمويل وقد أدى ذلك إلى ازدهار اقتصاد الدولة ويعود الفضل إلى تمتع الدولة ببيئة سياسية وأمنية مستقرة والعلاقات الجيدة مع الدول الكبرى والموقع الجغرافي المتميز والبنية التحتية وأصبحت لديها الاقتصاد الأكثر تنوعا في دول مجلس التعاون الخليجي[16]

لقد رفع محمد بن زايد حلم دبي – كونه تجارياً المركز المالي الذي يربط بين الشرق والغرب في تطلعات دولة الإمارات العربية المتحدة الكل: لتصبح القوة الجيواقتصادية المهيمنة في غرب المحيط الهندي العالم، مما يجعلها شريكاً تجارياً ومالياً وسياسياً لا غنى عنه للقوى العظمى والدول الصغيرة على حد سواء في منطقة تمتد من موانئ الهند شبه القارة الهندية إلى المدن الصاخبة في شبه الجزيرة العربية إلى الأسواق المتنامية من شرق أفريقيا وصولاً إلى كيب[17].

وأصبحت الإمارات شريك اقتصادي وتجاري هام للصين في شمال أفريقيا وغرب أسيا حيث تعد الإمارات اكبر مركز عبور في المنطقة ولعب الصينيون والإماراتيون على المزايا النسبية لكل منهما من أجل الاستمرار في التوسع وتعميق المنفعة المتبادلة وتوسيع التجارة وتشجيع الاستثمار وتعزيز التنمية والتعاون والعلاقات التجارية المثمرة[18].

وتملك الإمارات اليوم الميناء الأفضل على مستوى الشرق الأوسط في دبي، ويحتل ميناء خليفة في أبو ظبي المركز الأول عالميا من حيث سرعة النمو ويعد ميناء الفجيرة ثاني اكبر ميناء تموين لناقلات النفط في العالم وتعد شركة مواني دبي والتي تدير نحو 78 ميناء ومحطة في 40 دولة حول العالم أحد المرتكزات الاقتصادية في السياسة الخارجية الإماراتية اليوم وتبلغ قيمتها السوقية 14 مليار دولار[19].

3ـ هوية الدولة والسياسة الخارجية

كانت الإمارات تبحث عن ما يجذب الجمهور العربي والمسلم من خلال الوسط الإسلامي وعلماءه . في ظل حكم الشيخ زايد فقد كانت السياسة في ظل حكم الشيخ زايد مدفوعة إلى حد كبير بعوامل الهوية والشعور بالانتماء إلى الأمة العربية وهو ما دفع حكامها إلى دعم العالم العربي والإسلامي، لقد كانت هذه الهوية مشتركة بين جميع الإماراتيين مما جعلها سياسة توافقية نادرة وساعد الدولة على تبانيها بسهولة وبالإضافة أنها كانت رغبة في التعبير عن التضامن والالتزام بقضايا العروبة خاصة القضية الفلسطينية كانت الطريق أيضا للحصول على الاعتراف الدولي وترسيخه.

وكانت علاقة الإمارات بالإخوان خاصة وتيار الإسلام السياسي عامة مشوبة بالضغوط وضبط النفس والحماية من بعض الحكام الداخليين قبل أحداث الحادي عشر من سبتمبر، حتى جاء محمد بن زايد وأخذ على عاتقه خوض معركة الحرب على الإخوان فقد كان يحمل أفكارا وصفت بالتنويرية والليبرالية خاصة في مجال التعليم والذي كان يسيطر عليه الإسلاميون وكانوا هم العائق أمام تطبيقها ولا يمكن أن تمر إلا فوقهم لا بجانبهم. ومنذ ذلك الوقت استمرت إستراتيجية محمد بن زايد في عدائه لكل ما ينتمي للإسلام السياسي على المستوى المحلى والعربي والدولي، ووضعت الإمارات ثقلها المالي والسياسي وراء إفشال كل مشاريع الإسلام السياسي[20].

وفي سبيل تطبيق رؤيتها الجديدة أنشأت الإمارات ما يسمي الصوفية الإماراتية بداية من عام 2002 عندما استضافت علماء صوفيين تلقفتهم الإمارات من رموز مؤيدة للأنظمة الحاكمة للمشاركة في مؤتمرات ومحاضرات عربية وعالمية من أجل خدمة أهداف الإمارات.

وبعد تشكلها في عام 2002 ثم تشكيل المجلس الاستشاري الأعلى المكون من كبار علماء الصوفية في العالم العربي في عام 2005 تبلورت أهدافها في خطاب مناهضة الإرهاب والإسلام السياسي والدفاع عن علاقات مهادنة بين العلماء والحكام وتوحيد مرجعية أهل السنة والجماعة خلف قيادة صوفية أزهرية. وقد وقع اختيار الإمارات على الصوفية لأنه الحل الذي روّجه الغرب لمواجهة الإرهاب وتبعته الإمارات كما أنه الأقرب إلى معتقدات الشعوب من العلمانية وتيار الإسلام الحداثي ولا يشكل تهديدا سياسيا ولكن لم تكن الصوفية هي التيار الوحيد الذي دعمته الإمارات بل هناك تيارات سلفية داخل وخارج الإمارات وأيضا ما يسمي تيار الإسلام الحداثي ممثل في “مؤمنون بلا حدود” تشترك كلها في عدائها للإسلام السياسي[21].

ويدمج “النموذج الإماراتي اليوم بيئة اجتماعية علمانية وليبرالية نسبياً (للمنطقة)، جنباً إلى جنب مع نظام سياسي مغلق يوجه الكلام ويقوم على دولة أمنية راسخة. لا يقل أهمية عن رفض أي أيديولوجية سياسية أو دينية قد تتحدى سيادة الدولة وقادتها. ويرى المسئولون الإماراتيون أن الأيديولوجيات الإسلامية السياسية العابرة للحدود التي تروج لها إيران وجماعة الإخوان المسلمين السنية وأنصارها – بما في ذلك على سبيل المثال قطر وتركيا – تشكل تهديداً وجودياً لنهجها العلماني على نطاق واسع تجاه الحكومة وأيضاً لاستقرار ما يسمى قوى “الوضع الراهن” في المنطقة، والعمل كمحرك إقليمي راديكالي[22]

4ـ الظروف الإقليمية والدولية

تعد الظروف الإقليمية والدولية أكثر ما حكم وأثر في السياسة الخارجية للإمارات ودفعها إلى الدخول في أحلاف ومحاور إقليمية والاندماج مع القوى الكبرى من أجل الحفاظ على أمنها وجودها كما مثل لها من جانب أخر فرصة في زيادة تأثيرها ودورها وفاعليتها.

ففي عقد السبعينات وما بعدها كان النظام الإقليمي في الخليج يتشكل من قوتين رئيسيتين حسب أولوية القوة البشرية هما إيران والعراق وكل منهما ينافس الأخر على الهيمنة والسيطرة وكانت السعودية تقوم بدور الموازن الإقليمي بينهما وحدث تطور بنشأة مجلس التعاون الخليجي في الثمانينات والذي جعل منطقة الخليج تتحول من الثنائية القطبية إلى نظام القطبية المتعددة شكل مجلس التعاون قطبا جديدا وكان مجلس التعاون والذي تقوده السعودية بالنسبة للإمارات بمثابة ملجأ أمن يقيها من تطورات إقليمية عاصفة ثم كان لدخول الولايات المتحدة كفاعل رئيسي ومسئول عن الأمن في منطقة الخليج في التسعينات سببا في هيكلة جديدة وبتفجر ثورة النفط ازداد عمق قضايا الأمن والذي أتاح فرص للدول الصغيرة للمناورة والتوازن مع القوى الأكبر في الإقليم والتأثير في السوق العالمية للنفط[23].

وقد تحولت منطقة الخليج بسقوط الاتحاد السوفيتي وهيمنة الأحادية القطبية على العالم بزعامة الولايات المتحدة إلى نظام مكفول أمريكيا وعملت أمريكا على إقصاء أي قوة دولية عن المنطقة. وفي ظل هذه التفاعلات والظروف الإقليمية والدولية حرصت الإمارات على عدم التدخل في شئون الغير في توافق مع دول الخليج والدول العربية فكان موقفها من الحرب العراقية الإيرانية هو الحياد الرسمي مع بعض الميول على الصعيد العملي مع العراق والاحتفاظ ببعض العلاقات الاقتصادية القديمة مع إيران[24].

لم تعطِ حرب الخليج الثانية وانتهاء الحرب الباردة الولايات المتحدة الفرصة الكاملة للسيطرة على العالم فجاءت أحداث الحادي عشر من سبتمبر لتحقيق الزعامة الأمريكية الكاملة وانتقلت أمريكا من سياسة الاحتواء والتعاون إلى التفوق الساحق على كل القوى العالمية وكان لذلك تداعيات على العالم العربي ودول الخليج بشكل عام والإمارات بشكل خاص حيث وجّهت الاتهامات لبعض العرب ووضعت على قوائم الإرهاب أعدادا كبيرة من المصارف والجمعيات والمنظمات وصعّد الإعلام من سهامه الموجهة تجاه الإسلام والمسلمين ووصل الأمر إلى تشويه العقيدة الإسلامية من بعض المسئولين الأمريكيين والمطالبة بتغيير المناهج الدينية. ونظرا لتشابك المصالح الأمريكية مع دول الخليج، تخوفت هذه الدول من امتداد الحرب الأمريكية عليها[25].

اندمجت الإمارات مع الإستراتيجية الأمريكية من أجل إثبات حسن النوايا خاصة في تلك الفترة التي امتازت بالعدوانية وتصفية الحسابات ورفع شعار من لم يكن معنا فهو ضدنا وانغمست دول الخليج كلها فيما سمته الولايات المتحدة الحرب على الإرهاب[26].

بعد سقوط العراق حدث خلل في توازن القوى في المنطقة لم تعد دول الخليج تخشي القوة العسكرية للعراق التي غرقت في مشكلاتها الداخلية وكذلك الوجود الأمريكي في العراق أيضا لم يعد المشكلة الوحيدة بل أصبحت المنطقة ساحة صراع للنفوذ بين دول الإقليم وفي مقدمتها تركيا وإيران ورغم ما أبدته إيران من سياسة معتدلة تجاه دول الخليج لم يمنع دول الخليج من إبداء قلقها من نوايا إيران في المنطقة. بينما كان الدور التركي أكثر حيرة وغموضا والذي عده البعض امتدادا للدور الأمريكي[27].

في إطار إثبات الإمارات لحسن النوايا والاندماج مع الإستراتيجية الأمريكية أصدرت البيانات تدين فيها العنف والتطرف وقامت بقطع العلاقات مع حكومة طالبان وقد كانت واحدة من ثلاث دول اعترفت بحكومة طالبان مع السعودية وباكستان وإضافة إلى إجراء لقاءات الحوار مع صناع القرار في أمريكا من اجل توضيح موقف الإمارات من الأحداث العالمية وقد تم الاتفاق على أن يتم عقد اللقاء سنويا[28].

وبعد صعود أوباما إلى الحكم في الولايات المتحدة في 2008 تراجع اهتمام الولايات المتحدة بالشرق الأوسط لاعتبارات عدة أهمها الاكتشافات البترولية في أمريكا وضعف اهتمامها ببترول الخليج وتحولها نحو أسيا على حساب الشرق الأوسط وذلك بسبب النمو في أسيا والصعود الصيني وما يشكله من تهديد امني واستراتيجي عليها، وفي سبيل مواجهة فراغ تراجع الاهتمام وإعادة ترتيب الأولويات في العالم سعت الولايات المتحدة لإقامة نظام قوى في المنطقة يضمن تدفق البترول لحلفائها في أوروبا وعليه قامت بتحسين علاقتها بإيران مما شكل تهديدا جديدا لدول الخليج[29].

المحور الثاني: مظاهر الدور

وفّر الربيع العربي البيئة لتسريع دراماتيكي في طموحات السياسة الخارجية للإمارات ومعه برزت كلاعب مؤثر في سياسات القوة الإقليمية خلال العقد الماضي في تحول عن سياسة خارجية كانت محافظة في السابق تركز على الحفاظ على الذات.

غيّر الربيع العربي بشكل حاسم طبيعة وتصورات الإمكانات التهديدات عبر منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. فقد أدى الصعود السياسي للجهات الفاعلة غير الحكومية كحركات الإسلام السياسي إلى تحدٍ أساسي للحكم الاستبدادي ونتيجة لذلك، اندفعت بعض دول الشرق الأوسط إلى الحروب والانتقالات العنيفة للسلطة، في حين أن البعض الآخر كان بشكل هامشي فقط متأثر بالإمارات التي رأتها فرصة رئيسية لزيادة التأثير وبناء روايات جديدة عن نفسها في المنطقة. ودفعها إلى استكشاف العلاقات الخارجية الأوسع بعيداً عن الحلفاء التقليديين لدول مجلس التعاون الخليجي في الغرب بما في ذلك الصين والهند وروسيا[30].

في سبيل الأهداف التي رسمتها تحولت الإمارات إلى سياسة خارجية حازمة وعسكرية تُرجمت إلى عدة سياسات أولها قمع جماعة الإخوان المسلمين وأي جماعات إسلامية أخرى، بما في ذلك القاعدة والدولة الإسلامية. واحتواء النفوذ الإيراني قدر الإمكان وتنويع الأمن وتحقيق التأثير في الاقتصاد العالمي[31]. كما ركزت الإمارات في صراع المحاور في الإقليم على الصراع مع تركيا[32].

1ـ دول الربيع العربي (مصر وليبيا واليمن وسوريا)

يعتبر محمد بن زايد جماعة الإخوان المسلمين على وجه الخصوص أكبر تهديد للأمن الداخلي لدولة الإمارات العربية المتحدة والنظام الإقليمي على المدى الطويل. ولذلك جعل من محاربتها الأولوية الأولى ولعب دورا رئيسيا في مواجهتها في كل بلدان الربيع العربي مع السعودية محور الثورة المضادة وكان ابرز مظاهرها في مصر وليبيا وتونس

ولا يتوقف موقف الإمارات عند محاربة الإخوان والإسلاميين في موقفها من دول الربيع العربي بل يمتد إلى محاربة كل مظاهر التغيير والديمقراطية[33]. كانت تلك هي السياسة والمحدد الرئيسي لسلوك الإمارات تجاه بلدان الربيع العربي والذي دفعها إلى دعم الانقلابات العسكرية والحكم الاستبدادي غير أن هناك أهداف أخرى حكمت سياسة الإمارات ارتبطت بكل بلد على حدة، علاوة على اختلاف الوسائل من دولة لأخرى.

في الحالة المصرية وبدعم وتخطيط من الإمارات مع دول أخري تم التخطيط للانقلاب العسكري في يوليو 2013 على الإسلاميين ثم كانت أول المحتفلين به واستمرت في دعم وتثبيت الانقلاب في مصر عبر المساعدات الاقتصادية والتي وصلت يحسب بعض التقارير إلي 40 مليار دولار إضافة إلى الوسائل الإعلامية وشركات العلاقات العامة لصناعة الصورة الذهنية وتمويل صفقات السلاح. وقد تشكل تحالف قوي منذ 2013 بين نظام عبدالفتاح السيسي في مصر والإمارات ساعد الأخيرة على التغلغل الاقتصادي في قطاعات الصحة والتعليم والزراعة بمصر، حيث استحوذت على سلاسل لمستشفيات ومعامل تحاليل خاصة منتشرة في مصر، ومئات الآلاف من الأفدنة في المشروعات القومية الزراعية، وأخيرا بدأت بعض الشركات الإماراتية بالتوسع في قطاع التعليم الدولي الذي من مهماته الأساسية صناعة نخبة موالية مستدامة للإمارات. وشكل هذا التحالف أخطار على مصر ابرزها ما يخص القضية الفلسطينية والتطبيع مع إسرائيل[34].

وفي ليبيا والتي تعد من أكثر الدول التي تدخلت فيها الإمارات حيث قدمت كافة الوسائل دبلوماسية وعسكرية ومالية لخليفة حفتر من أجل الإطاحة بالحكومة المعترف بها من قبل الأمم المتحدة في طرابلس وابتدأ الدعم الإماراتي لحفتر والذي لعب دورا حاسما في تمكينه من توسيع النفوذ والسيطرة على الأصول الإستراتيجية كالنفط والموانئ من عام 2014[35]. وهناك أهداف أخرى للإمارات دفعها للتدخل في الشأن الليبي غير صراعها مع التغيير والإسلام السياسي في المنطقة تتمثل في سعيها في التحكم في موارد النفط في البلاد والسيطرة على الموانئ الليبية عبر إدارتها من خلال شركة مواني دبي العالمية والذي يحقق لها دورا محوريا في المشروع الصيني الضخم مشروع الحزام والطريق الذي تعمل عليه الصين[36].

وتتعدد أهداف الإمارات في اليمن والتي تتضارب أحيانا مع السعودية ففي حين تلتزم الدولتان بالحرب هناك مقاومةً للنفوذ الإيراني تحت تحالف دعم الشرعية الممثلة في الرئيس عبدربه منصور هادي في مواجهة الحوثيين، تدعم الإمارات بشكل منفصل مجموعات مقاتلة في جنوب البلاد والتي خاضت بعض المعارك ضد المقاتلين الموالين للشرعية ويرجع ذلك إلى عوامل عدة منها رغبة الإمارات في ممارسة نفوذ وتأثير في الشئون الداخلية السعودية ولكون أغلب مقاتلي الشرعية من حزب الإصلاح الممثل للإخوان المسلمين في اليمن والتي تعمل على القضاء عليهم في اليمن أيضا[37]. علاوة على الأسباب الاقتصادية، وهو طموح جامح لدى أبو ظبي لتوسيع نفوذها الإقليمي على خطوط إمدادات الطاقة عبر البحر الأحمر ومضيق باب المندب والذي يقع في مناطق سيطرة المقاتلين الجنوبيين[38].

وفي الملف السوري وبعد اندلاع الثورة أغلقت الإمارات سفارتها هناك وأعادت افتتاحها في 2018 خروجا على الإجماع العربي واستمرارا في خيارات العداء للربيع العربي رغم الخلافات المتعلقة بإيران وحزب الله بينها وبين حكومة دمشق وذلك لتخوفها من وصول جماعات الإسلام السياسي إلى السلطة إضافة إلى سياستها المناهضة لتركيا وقطر الموالين للثورة السورية. ودعمت أيضا قوات المعارضة السورية بشكل رسمي في البداية ثم أخذت تنسحب من الصراع السوري في عام 2015 م لتركز اهتمامها ومواردها أكثر على اليمن[39].

2ـ ايران

لطالما خشي محمد بن زايد، مثل والده، من هجوم إيران على الإمارات، ووصفه دبلوماسي غربي كبير سابق بأنه “مهووس” فكرة هجوم إيراني على الإمارات، يحتمل أن يكون انتقاما من عمل أمريكي أو إسرائيلي ضد الأصول النووية الإيرانية. تعمق عدم الثقة بالنوايا الإيرانية بسبب حركة الاحتجاج عام 2011 في البحرين، التي كانت بقيادة الجماعات السياسية الشيعية إلا أنها تجنبت التصعيد ضد إيران لقناعتها بعدم القدرة العسكرية على صدها مع توقع عواقب اقتصادية وخيمة عليها إذا وقعت حرب عليها[40].

وتعود العلاقة المضطربة مع إيران إلى السبعينات من القرن الماضي واهم أسبابها مطامع إيران الدائمة في منطقة الخليج العربي ولكونها دولة إقليمية كبيرة تمثل خطر على الدول الصغيرة في المنطقة علاوة على احتلالها للجذر الإماراتية الثلاثة والذي مثل منذ السبعينات من القرن العشرين نقطة نزاع بين الدولتين غير أن النزاع والمخاوف والتهديد لم يمنع العلاقات الاقتصادية والتجارية والتي تمتد لمئات السنين بين دول جنوب شرق الخليج العربي ومنهم الإمارات مع إيران.

في العقد الأخير رغم إتباع الإمارات سياسة تجنب التصعيد تجاه إيران لم يمنع ذلك مخاوفها، وهو ما دفعها إلى التطبيع مع إسرائيل وهو الموجه ضد إيران بالدرجة الأولى وقد أثار غضبها ودفعها إلى تصريحات حادة معتبرة الأمر حماقة إستراتيجية وخيانة كبرى ولم يتوقف الأمر عند التصريحات، حيث هددتها بشكل مباشر على لسان رئيسها السابق حسن روحاني محذرا لها من إيجاد موطئ قدم لإسرائيل في المنطقة وحمّلها باقري مسئولية أي حدث قد يهدد ويستهدف الأمن القومي الإيراني في المستقبل وأكدت صحيفة كيهان المقربة من دوائر صنع القرار في إيران أن الإمارات أصبحت هدف مباشر لمحور المقاومة.[41]

ورغم ذلك فمن جهة أخرى لم تختفي رسائل التقارب واللقاءات على مستويات عدة بين البلدين كان أخرها مشاركة الإمارات في حفل تنصيب الرئيس الإيراني الجديد إبراهيم رئيسي بوفد يرأسه وزير التسامح الإماراتي نهيان بن مبارك وعبر فيه الرئيس الجديد عن رغبته في تعزيز العلاقات مع الإمارات وكذلك دعمه للعمل المشترك بين البلدين[42] علاوة على مؤشرات أخرى منها موقف الإمارات من اغتيال قاسم سليماني قائد فيلق القدس حيث دعا وزير الدولة للشئون الخارجية الإماراتي إلى وقف التصعيد وتغليب الحكمة والمعالجة السياسية للموقف إذ أن القضايا التي تواجه المنطقة معقدة ومتراكبة[43].

ومن جهة أخرى أيضا توجد علاقات اقتصادية كبيرة بين البلدين حيث تحتل الإمارات المرتبة الثانية بعد الصين كأكبر مصدري البضائع إلى إيران حسب إحصائية الربع الأول من عام 2020 وبلغ حجم التبادل التجاري بينهم في العام الماضي 11 مليار[44]، كما تقدر الاستثمارات الإيرانية في الإمارات بنحو 200 مليار دولار[45]

3ـ تركيا

يدور صراع إقليمي بين الإمارات وتركيا في منطقة الشرق الأوسط في ظل التنافس حول القيادة الإقليمية بالأخص في فلسطين وسوريا وبلدان المغرب العربي و القرن الإفريقي في السودان والصومال وجيبوتي وإريتريا. واستغلت فيه الإمارات الميزة النسبية التي تمتلكها ممثلة في الاقتصاد فضلا عن استغلال الظروف الإقليمية والفراغ وغياب القوى العربية التقليدية في المنطقة في نسج تحالفات إقليمية ودولية في مواجهة الصعود التركي[46].

ويعود الخلاف والتوتر بين البلدين لأسباب عديدة أبرزها سعي الإمارات أن تكون أحد الجهات الفاعلية في سياسات الشرق الأوسط وإنشاء نظام إقليمي جديد عبر تعزيز قدراتها العسكرية والاقتصادية وكانت المهمة الإستراتيجية لتحقيق هدفها هو منع انخراط تركيا في السياسة الخارجية والتي عدتها الإمارات أحد العقبات في تحقيق مهمتها. غير أن الظروف الإقليمية والدولية مؤخرا دفعت البلدين إلى إعادة تقييم سياساتهم الخارجية وظهرت ابرز مؤشراتها بزيارة مستشار الأمن القومي الإماراتي لتركيا ولقائه بالرئيس التركي وبحث الجانبين القضايا المشتركة، وتعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية، والفرص ،وعقب اللقاء خرجت تصريحات رسمية تشير إلى سياسة جديدة.

وتهدف الإمارات إلى مقاربة جديدة مع تركيا بسبب التراجع الأمريكي في المنطقة والانسحاب من أفغانستان والعراق وهو ما يدفعها للبحث عن سبل أخرى لحماية مصالحها بمعزل عن الاعتماد المُطلق على الشراكة مع واشنطن وتستخدم ورقة قوية في السياسة الخارجية وهي المال والاستثمارات، وقد استخدمتها بفعالية خلال العقد المنصرم في بناء شبكة واسعة من التحالفات لتعزيز النفوذ الخارجي ومواجهة حركات الإسلام السياسي في المنطقة وتستخدمها الآن كوسيلة لإذابة الجليد مع تركيا التي يحتاج اقتصادها الآن إلى عودة الاستثمارات الإماراتية أكثر من أي وقت مضى[47].

4ـ قطر

بدأت الأزمة الخليجية في 2017 بإعلان مصر والسعودية والبحرين والإمارات قطع علاقتهم مع قطر وفرض حصار عليها. وتعود جذور الأزمة لعام 1995 عندما أطلقت قطر ثورة إعلامية عبر إنشاء قناة الجزيرة والتي من خلالها شرعت في مناقشة قضايا حساسة تخص شئون الشعوب العربية علاوة على الانفتاح وإقامة علاقات متينة مع الولايات المتحدة ومثلت هذه التوجهات مصدر إزعاج لبعض الحكومات كالسعودية والإمارات وصلت لذروتها بدعمها للربيع العربي في 2011 نتج عنه إزاحة العديد من الأنظمة القديمة[48].

وظهرت جهود عديدة أثناء الأزمة للتوصل إلى حل عبر وساطات ومجهودات منها جهود دولة الكويت عملت الإمارات على عرقلتها وذلك لتعاظم الخلاف بينها وبين قطر وتركيا مقارنة بالتي تجمع الدولتين بالسعودية ولرغبتها في السيطرة الإقليمية في المحيط العربي والسيطرة على قرار دول الحصار آنذاك عبر عنها أكاديمي إماراتي أنه لا مصالحة بدون دولة الإمارات وموافقتها المسبقة. غير أن الظروف الإقليمية والدولية كما دفعت الإمارات لمقاربة جديدة مع تركيا دفعتها أيضا إلى المصالحة مع قطر وتبني سياسة جديدة مع تحييد لكثير من الخلافات التي تسببت في الحصار كالموقف من الإسلام السياسي ونشاط قناة الجزيرة والعلاقات مع تركيا. ومؤخرا في 2021 رفع الحصار وانتهت الأزمة دون مكاسب تذكر لأي من أطرافها[49].

5ـ القضية الفلسطينية وإسرائيل

وفي إطار رغبة الإمارات في تحقيق أهدافها أيضا في النفوذ لجأت إلى التطبيع مع إسرائيل وقد بدأت بوادر التقارب الأمني بينهم تتضح منذ 2010 م بعد تصاعد عدم الاستقرار في الشرق الأوسط لصالح إيران.

ويجمع الإمارات بإسرائيل الشعور بالتهديد من النفوذ الإيراني بل اعتباره التهديد الأخطر وإضافة إلى رغبة الإمارات في إقامة تعاون امني مع إسرائيل في مجال الأمن المعلوماتي وممارسة تأثير دبلوماسي أكبر في البيت الأبيض، ومع ازدياد حدة التوتر في المنطقة مع إيران وتركيا لجأت الإمارات إلى التعجيل بخطوة تطبيع العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل وسار في ركابها العديد من الدول العربية الأخرى كالبحرين وذلك في أغسطس 2020 م في الاتفاق الذي أطلقت عليه إسرائيل اسم أبرهام[50].

كانت تحظى القضية الفلسطينية على الدعم الإماراتي منذ السبعينيات في عهد الشيخ زايد في مجالات عديدة منها الداخلي والدولي وعن طريق تقديم الدعم المالي والمساعدات وإعادة الأعمار للمخيمات المدمرة والبناء وتبني القضية في المحافل الدولية وقد تغير موقف الإمارات من القضية الفلسطينية في السنوات الأخير فبداية من التطبيع مع إسرائيل والذي يؤثر بالطبع على القضية الفلسطينية ويعطي الاحتلال شرعنه لعدوانه المستمر والمبررات للممارسات والإجرام إلى الموقف المناوئ للمقاومة الفلسطينية.

ويعود موقفها من المقاومة عقب فوز حركة حماس في الانتخابات عام 2006م حيث بدأت الإمارات تدريجيا في السلوكيات المعادية للفلسطينيين وللفصائل المقاتلة فعملت على تجفيف المنابع المالية لحركة حماس في الإمارات والتجسس وتقديم معلومات استخباراتية للاحتلال والشيطنة والحملات المناوئة مؤخرا لتشويه المقاومة عبر قواها الناعمة علاوة على اعتقالات لعشرات الفلسطينية المقيمين على أرضها ويعود ذلك إلى صراعها مع الإسلام السياسي. ومؤخرا تشير التقارير في السنوات الأخيرة عن تورط الإمارات في شراء منازل الفلسطينيين في القدس المحتلة لصالح تسريبها للجمعيات الاستيطانية اليهودية[51].

المحور الثالث: تقييم الدور

بعد مرور عقد على الربيع العربي والذي وفر للإمارات بيئة مواتية برزت خلاله كلاعب إقليمي مؤثر غير أن هناك أسئلة تطرح حول استدامة هذا الدور واستمرار يته في المستقبل على المدى البعيد وقد نجحت الإمارات عبر هذا الدور في تحقيق بعض أهدافها عبر تحجيم دور الإسلام السياسي في مصر وإضعافه والإطاحة بحكم جماعة الإخوان المسلمين وإيجاد نظام سياسي موالى لها يخدم مشروعاتها في المنطقة، كما حقق لها نفوذ سياسي في الشأن المصري الداخلي، علاوة على النفوذ الاقتصادي عبر المساعدات والاستثمارات والمنح.

وفي اليمن نجحت في تقليص دور قوى الإسلام السياسي، كما نجحت في بناء أدوات محلية صلبة كوكلاء لحماية وتعزيز نفوذها على السواحل والجزر والموانئ اليمنية وهو ما مكنها من حماية مصالحها الحيوية.

وفي ليبيا نجحت في تعطيل العملية السياسية والتحول الديمقراطي في البلد وتمكين حفتر في ليبيا من توسيع نفوذه والسيطرة على الجزء الشرقي من البلاد وحقول النفط والموانئ والقواعد العسكرية وغيرها، وعليه ضمنت حليف سياسي ونفوذ سياسي واقتصادي.

غير أنها أخفقت وانتكست في ملفات أخرى، ودفعتها تلك الانتكاسات إلى إعادة سياستها، ففي الأزمة الخليجية هدفت الإمارات إلى كبح النفوذ القطري وجعلها تتماشي مع النظام الرسمي العربي وهو ما دفع قطر إلى التقارب وتعزيز العلاقات العسكرية والاقتصادية مع تركيا وفتح لها الطريق لزيادة النفوذ وقد كانت تعمل الإمارات على مواجهته وانتهت الأزمة الخليجية دون تحقيق الإمارات ما كانت تصبو إليه ومؤخرا تبنت مقاربة جديدة في علاقتها مع قطر تحاول فيها نبذ الخلافات.

ومكنت في اليمن من تعزيز نفوذ الحوثيين عبر سياساتها المتقلبة والمتضاربة بالعمل مع تحالف دعم الشرعية وتمويل جماعات مقاتلة ووكلاء في الجنوب وهو ما اضعف مقاتلي الشرعية ويصب في النهاية في تعزيز النفوذ الإيراني الذي تخشاه.

وفي ليبيا رغم دورها في تمكين حفتر من السيطرة على شرق البلاد إلا أنها فشلت في مواصلة تحقيق أهدافها ومساعيها من اقتحام العاصمة طرابلس في العام الماضي.

وفي المجمل فان سياستها لم توقف محاولات التغيير في المنطقة ولا زالت الأنظمة العربية التي تقف بجانبها عاجزة عن تلبية رغبات الشعوب وهو ما يجعلها غير مستقرة لا يمكن التعويل عليها وقد ساهمت في تمكين وتوسيع النفوذ الإيراني في سوريا واليمن وهو ما يعرض أمنها وأمن الدول العربية الأخرى للخطر.

وساهمت سياساتها أيضا في تأزيم وتشرذم الواقع العربي والتأثير السلبي على الأمن القومي العربي والقضية الفلسطينية بالتطبيع مع العدو الإسرائيلي وهو ما يطرح أسئلة حول استمرارية هذا الدور وخطأ الأهداف التي تبنتها الدولة من البداية علاوة على طموحاتها التي تتناسب مع صغرها.

خاتمة

مثّل الربيع العربي تهديدا للإمارات ودفعها لتبني سياسة خارجية حازمة في مواجهة تطلعات الشعوب فكان لها إسهاما كبيرا في الانقضاض عليه ومحاربته بجانب السعودية ودولا أخرى كما مثل لها فرصة في ظل تراجع قوى عربية تقليدية كمصر التي عانت من أزمات داخلية فدخلت في تنافس إقليمي مع تركيا القوة الصاعدة في المنطقة مستفيدة من تفوقها الاقتصادي.

وبتتبع السياسة الخارجية الإماراتية منذ نشأة الدولة في سبعينيات القرن الماضي نجد أن النفط وتطور الاقتصاد في نهاية التسعينيات ساعد الدولة في تطوير سياستها الخارجية وقد كانت سياسة حذرة فترة حكم الشيخ زايد وعلى العكس من والده تبني محمد بن زايد بعد صعوده سياسة طموحة متطلعا إلى دور اكبر للإمارات في المنطقة والعالم وفي عهده تبنت الإمارات سياسة حادة تجاه الإسلام السياسي في الداخل الإماراتي وخارجها باعتباره التهديد الأول لها.

وكانت هوية الدولة قبل 2001 هوية عروبية تبنت الإمارات وصانع القرار فيها قضايا العرب والمسلمين ونتيجة للتغيرات الدولية وصعود محمد بن زايد إلى الحكم تنكرت الإمارات للقضايا العربية وتحولت إلى العداء مع تطلعات الشعوب ولجأت إلى التطبيع مع إسرائيل بعد سنوات طويلة من الاهتمام بالقضية الفلسطينية

إن سياسة الإمارات التي اتبعتها في العقد الأخير وإن حقق لها دورا اكبر إلا انه لا يخلو من إخفاقات كانت أبرزها الأزمة الخليجية، كما أنه لم يمنع ما تمر به من تهديد، فلا تزال الدولة تعاني من التهديدات الإقليمية، خاصة من إيران والتي تصاعدت مع ضعف الدول العربية نتيجة أسباب عدة منها سياسات الإمارات المعادية لتطلعات الشعوب فيها، وزادت من التوغل الإيراني في المنطقة. ويمثل الخروج الأمريكي من أفغانستان أغسطس الماضي والتراجع الأمريكي العام في العالم تهديدا جديدا يواجه دول المنطقة وتزداد تداعياته على الشرق الأوسط خاصة. وهو ما يطرح سيناريوهات عدة قد تتطور معها سياسة الإمارات كانت بوادرها في المقاربات الجديدة مع قطر وتركيا ولا يتوقع في المدى القريب تغير سياستها تجاه الثورات العربية وقوى الإسلام السياسي.

الهامش

[1] محمد شلبي. السياسة الخارجية للدولة الصغيرة الأردن و عملية تسوية الصراع العربي – “الإسرائيلي ” ( 1994 – 1979 )، https://2u.pw/w9PCL، ص 44.

[2] عمر الحضرمي. الدولة الصغيرة : القدرة والدور، مقاربة نظرية، المنارة، 1-5-20133، 17-8-2021، https://2u.pw/hdPLw، ص28.

[3] محمد شلبي. السياسة مصدر سابق، ص 49.

[4]  Baldur Thorhallsson، Sverrir Steinsson .Small State Foreign Policy، may-2017 ، 17-8-2021، https://uni.hi.is/baldurt/files/2018/09/Small-State-Foreign-Policy-5404.pdf، ص2.

[5] عمر الحضرمي.مصدر سابق،  ص26.

[6] لوي أولداي، البريطانيون في الخليج: نظرة عامة، مكتبة قطر الوطنية، 13 أغسطس 2013، 19-8-2021، https://2u.pw/Ph370.

[7] عبد الرحمن النعيمي، ” الوحدة والصراع في الخليج العربي.ص141.

[8] محمد حسني ولبنى رياض. هياكل صنع السياسة الخارجية الإماراتية، مجلة العلوم الإنسانية لجامعة زاخو، العراق، ديسمبر 2017، ص3.

[9] المصدر السابق .ص 12.

[10] https://u.ae/about-the-uae/the-constitution-of-the-uae . https://u.ae/.

[11] نايف عبيد، السياسة الخارجية لدولة الإمارات العربية المتحدة بني النظرية والتطبيق، مجلة العلوم الاجتماعية، الكويت، ص90.

[12] أ.د. أحمد صالح. حاتم أحمد. اثر النفط في تطور السياسة الخارجية لدولة الإمارات العربية المتحدة . (1981- 1991 ) ، ص5 الرابط.

[13] خير الدين الجابري. خلافهما الذي ظهر للعلن ليس غريباً.. 8 نقاط تروي لك تاريخ العداء الطويل بين السعودية والإمارات. https://2u.pw/RVr2J . https://arabicpost.net/.

[14] .د. أحمد صالح. حاتم أحمد، مصدر سابق، ص9.

[15] إحسان عبدالله. تحولات الدولة الريعية وانعكاساتها على البنية الاجتماعية السياسية دولة الإمارات العربية المتحدة نموذجا، الجامعة الإسلامية بماليزيا، ص22.

[16] Zhang، Omar Al-Mutawakel. Infrastructure Developing and Economic Growth in United Arab Emirates، macro think institute ، December 2017، 20-8-2021، https://bit.ly/3zdfC85، p3.

[17] Rory Mille · Harry Verhoeven، Overcoming smallness: Qatar, the United Arab Emirates and strategic

realignment in the Gulf.، 20may 2019، 21-8-2021، https://bit.ly/39cdnY7، . p5

[18] المصدر السابق، ص7.

[19]موانئ الإمارات.. بوابات اقتصادية إلى العالم، 14-6-2019، 22-8-2021، https://bit.ly/3CjFpNz .

[20] عبيدة عامر، جذور العداء.. لماذا تنفق الإمارات ميزانيات ضخمة لحرب الإسلاميين؟، موقع ميدان الجزيرة، 16-6-2017، 23-8-2021، https://bit.ly/3Er909T .

[21] محمد عماشة، الإمارات والصوفية في مصر: خرائط الفكر والحركة، المعهد المصري للدراسات، 18-10-2018، 25-8-2021، https://bit.ly/3lzQpQo، ص 12.

[22] Peter Salisbury، Risk Perception and Appetite in UAE Foreign and National Security Policy، July 2020،  25-8-2021، https://bit.ly/3tO0a0O، p3 .

[23] أحمد سعيد . البعد العربي في السياسة الخارجية لدولة الإمارات العربية المتحدة )م۲۰۰۳-۱۹۹۰(، 2007، 26-8-2021، https://bit.ly/3CnXYAy، ص94.

[24] المصدر السابق، ص133.

[25] المصدر السابق، ص140.

[26] كوثر عباس. تداعيات أحداث الحادي عشر من أيلول ۲۰۰۱ على دول مجلس التعاون الخليجي (إعادة بناء التوازنات في المنطقة، مجلة دراسات دولية، 1-10-2012، 25-8-2021، https://bit.ly/3hEBcfu، ص3.

[27] المصدر السابق، ص10.

[28] أحمد سعيد، مصدر سابق، ص150.

[29] محمد كمال. “محاضرة السياسة الأمريكية تجاه الشرق الأوسط. https://www.youtube.com/watch?v=_eO9084r7rU .

[30] Matthew Hedges. SMALL STATE SECURITY ENGAGEMENT IN POSTARAB SPRING MENA: THE CASE OF THE UNITED ARAB EMIRATES.

[31] Karam Shahrour .“The evolution of Emirati foreign policy (1971-2020): The unexpected rise of a small state with boundless

ambitions”.

[32] طارق دياب. الصراع الإقليمي التركي الإماراتي.. جدلية القوة والدور، 18-6-2020، 30-8-2021، https://bit.ly/3AjQE8l .

[33] Ali Bakir، The UAE’s Disruptive Policy in Libya ، 20-10-2020، 30-8-2021، https://2u.pw/QgkXV .

[34] محمود سامي، مصر والإمارات في 2021.. هل تفرض تناقضات المصالح الخروج من المنطقة الدافئة؟، 19-12-2020، 14-9-2021، https://cutt.ly/KW3qDqG .

[35] المصدر السابق

[36] إيمانويل روسي، لماذا تمول الإمارات الحرب في ليبيا؟، 27-1-2020، 26-8-2021، https://www.noonpost.com/content/35739 .

[37] نيل باتريك، الإمارات وأهدافها من الحرب في اليمن، 24-10-2017، 26-8-2021، https://carnegieendowment.org/sada/73525 .

[38] محمد الأحمدي، الإمارات في اليمن: من دعم الشرعية إلى تقويض ملامح الدولة، 28-42020، 27-8-2021، https://cutt.ly/cW94S5H.

[39] جوزيف ضاهر، ديناميّات العلاقات الإماراتية-السورية وتطوّرها: ما بين التوقّعات والعوائق.

[40] Peter Salisbury. Risk Perception and Appetite in UAE Foreign and National Security Policy.

[41] العربي الجديد، اتفاق التطبيع الإماراتي الإسرائيلي: أسباب غضب إيران من “الخدعة”، 10-9-2020، 29-8- 2021، https://2u.pw/qBHKu .

[42] يوسف حمود، الإمارات وإيران بعد وصول رئيسي.. هل تزيل المصالح تهديدات طهران السابقة؟، 11-8-2021، 29-8-2021،   http://khaleej.online/b9vayz .

[43] الإمارات تكشف عن موقفها من اغتيال قاسم سليماني، الوفد، 3-1-2020، 30-8-2021، https://2u.pw/qliTE .

[44] “ليست حليفاً ولا عدواً”.. لماذا تخشى الإمارات أي مواجهة مع إيران؟، 1-1-2021، 30-8-2021، https://2u.pw/5Y7qR .

[45] يوسف حمود، الإمارات وإيران بعد وصول رئيسي.. هل تزيل المصالح تهديدات طهران السابقة؟، 11-8-2021، 30-8-2021،   http://khaleej.online/b9vayz .

[46] طارق دياب. الصراع الإقليمي التركي الإماراتي.. جدلية القوة والدور. https://bit.ly/3AjQE8l .

[47] يوسف حمود، بعد تدهور علاقاتها مع عدة دول.. هل تنجح الإمارات في إصلاح ما مضى؟، 20-8-2021، 1-9-2021، http://khaleej.online/mrj3d7 .

[48] سقراط العلو. ثنائية الخرق والراقع: الأزمة الخليجية وتداعياتها على المنطقة، 17-8-2017، 1-9-2021، https://bit.ly/3zjtkGz.

[49] قمة المصالحة الخليجية: ظروفها ودلالات التوقيت.

[50] فاتحة دازي هاني. دول الخليج وإسرائيل بعد اتفاقيات إبراهيم.

[51] عدنان أبو عامر، كيف تخلَّت الإمارات عن الفلسطينيين ودعمت إسرائيل للنيل من المقاومة؟، 23-3-2021، 15-9-2021، https://2u.pw/PyeXo .

 

.

رابط المصدر:

https://eipss-eg.org/%d8%a7%d9%84%d8%b3%d9%8a%d8%a7%d8%b3%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%ae%d8%a7%d8%b1%d8%ac%d9%8a%d8%a9-%d9%84%d9%84%d8%af%d9%88%d9%84-%d8%a7%d9%84%d8%b5%d8%ba%d8%b1%d9%89-%d8%a7%d9%84%d8%a5%d9%85%d8%a7%d8%b1%d8%a7%d8%aa-%d9%86%d9%85%d9%88%d8%b0%d8%ac%d8%a7%d9%8b/

حول الكاتب

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

W P L O C K E R .C O M