محمد حسن الساعدي
دائما ما ترتبط كلمة السياسة بكلمة قذرة لوصف الحالة لمن يمارسون السياسة فلماذا هذا الربط؟
الشاهد انه بسبب ترك المجال لخوض السياسة لأناس فاسدين وزهد المخلصين عن ذلك المعترك او ضعف قدرتهم على التماشي السياسي واحتكار المجال لأرذل القوم حتى أصبح من يريد خوض المجال ينصحونهم انهم لا يقترب منها حتى لا يدنس بوسخ السياسة.
يقول العلمانيون والليبراليون ومن على شاكلتهم من اصحاب الفكر المغاير للفكر الاسلامي ان السياسة لعبة قذرة ويجب فصل الدين عنها؟!
القارئ لمفهوم السياسية غالباً ما يتبادر الى ذهنه الكذب والنفاق، والتلاعب بمقدرات الشعوب، ومفهوم السياسة كما عرفه اهلها الإجراءات والطرق التي تؤدي إلى اتخاذ قرارات من أجل المجموعات والمجتمعات البشرية ومع أن هذه الكلمة ترتبط بسياسات الدول والحكومات فإن كلمة سياسة يمكن أن تستخدم أيضا للدلالة على تسيير أمور أي جماعة وقيادتها ومعرفة كيفية التوفيق بين التوجهات الإنسانية المختلفة والتفاعلات بين أفراد المجتمع الواحد، بما في ذلك التجمعات الدينية والأكاديميات والمنظمات، بمعنى آخر كيفية توزع القوة والنفوذ ضمن مجتمع ما أو نظام معين.
السياسة ليست لعبة قذرة كما يصورها البعض ومن يردد ذلك يريد أن يقر بذلك حتى يؤكد بأنها خارج الدين، فالسياسة مارسها الرسول صلى الله عليه واله والصحابة المنتجبين حينما ولاهم على الولايات وبعده الامام علي (ع)، فكيف يقال عليها لعبة قذرة!
ان مَن يصف السياسة بأنها لعبة قذرة فهو في الواقع لا يعلم السياسة الشريفة والنزيهة والتي تسخر لخدمة الفرد والمجتمع على أسس نزيهة وكما يصورها الاسلام (فن الممكن مع الحفاظ على المبدأ)، اذ ان السياسة تعتبر فن إدارة المجتمعات البشرية.
والعلاقة بين الدين والسياسة موجودة في القرآن الكريم وكل ما يتعلق بتنظيم الأسرة وغيرها من الأمور الحياتية والتي تساعد على تنظيم المجتمع أي أنها تحصن السياسة، فمنذ حوالي قرنين من الزمان بدأت تغزو في بلاد المسلمين أفكاراً من الغرب تدعو لفصل الدين عن الدولة.
والشارع الإسلامي لم يترك أي شيء إلا ووضع له قوانين وضعية تنظم الحياة اليومية للفرد والمجتمع، ومن هنا يجب أن يكون الدين والسياسة مفهومان متصلان في قيادة المجتمع نحو تحقيق العدل والمساواة بين الجميع، كما ينبغي أن يكون (الدين والسياسة) هما الفيصل في فض الكثير من الصراعات التي تقوم لكل ما دونها من آراء وقوانين ورؤى فيما يخص الفرد والمجتمع.
سياسيو العراق أصبحوا بارعين في التلاعب بالسياسية، وتسخيرها وفق مصالحهم من جهة، فجعلت هذه السياسة الوضع يسير نحو نفق مظلم لا يمكن معرفة نقطة النهاية فيه.
من الصراعات الى الخلافات والى الازمات، وانتقل العراق من محطة الى محطة، ومعها سياسة التهور وافتعال الازمات، فلا جار صديق، ولا صديق صدوق، الكل متنازع ومتصارع في داخل العراق الواحد وغياب الإرادة الحقيقية لإيجاد الاستقرار في البلاد.
ان على السياسيين العراقيين كافة عدم التعامل بثقافة التطرف والعداء والضرب على وتر الطائفية والعنصرية، وعلى الكتل السياسية أن لا تشغل نفسها وتسخر جهودها بكيفية القضاء على الخصوم السياسيين، وكأنهم يلعبون في ساحة رهانات بلا مراهنين.
الشعب العراقي اليوم يمر في وضع سيء ولهذا لن يسمح للسياسيين بممارسة هذه اللعبة القذرة معه ألا وهي لعبة الطائفية لأنه مر بها وذاق طعم الاقتتال بين ابناء الوطن الواحد.
السياسة في صميمها هي عمل لخدمة الناس وإدارة شؤونهم لراحتهم وحماية مصالحهم والذود عن حقوقهم ممن ينتهكها وتسخير العلاقات والخطط والبرمجيات لتطوير الفكر والمجتمع.. فمتى يفك ارتباط السياسة بكلمة القذرة؟
.
رابط المصدر: