في تقديمه لكتاب “الشعبوية في إيران” لمؤلفه الدكتور، علي سر زعيم(1)، والذي يحلِّل فترة حكم أحمدي نجاد من زاوية الاقتصاد والعلاقات السياسية، يذهب محسن رناني، وهو أستاذ اقتصاد معروف في إيران، إلى أن الجمهورية الإسلامية شهدت مرحلتين متمايزتين بصورة مفصلية: قبل وبعد أحمدي نجاد، وهو ما يضعنا بمواجهة ثنائية متباينة من حيث الهيكل السياسي والبنية الاجتماعية. وقد يكون هذا الكتاب، مؤلفه أيضًا أستاذ في الاقتصاد، هو واحد من مصادر أكاديمية معدودة بحثت بصورة تحليلية التيار الشعبوي في إيران من خلال دراسة حالة “تيار أحمدي نجاد”، وإن كان الكتاب لا يسْلَم من فخ التعميمات في بعض جوانبه.
لا يكاد يمر أسبوع في إيران، دون خبر تتناقله وسائل الإعلام ويتعلق بأحمدي نجاد، لعل أهمه كشفه عن اتفاقية التعاون الاستراتيجي مع الصين والتي طالها الكثير من النقاش والنقد. وفي سبتمبر/أيلول 2020، نُشر كتاب عنوانه: مالم يقله أحمدي نجاد، تضمن شهادته حول فترة حكمه على مدى ثماني سنوات، ويحتوي الكتاب على مقابلة وُصفت بـ”الصريحة والمفصَّلة”، أجراها محمد رضا تقوي فرد مع أحمدي نجاد كشف فيها عن قضايا تُنشر للمرة الأولى وقعت في السنوات الثمانية لرئاسته (2005-2013).
يسعى أحمدي بصورة حثيثة للترشح للانتخابات الرئاسية القادمة في 2021، على الرغم من أن مجلس صيانة الدستور قد وجَّه له رسالة مبطنة بألا يُقدم على الترشح عندما صرَّح المتحدث باسم مجلس صيانة الدستور، عباس كدخدايي: “من الناحية القانونية، يمكن للأفراد تسجيل الأسماء للترشح في أي وقت، ولكن نوصي بألا يقوم الأشخاص الذين جرى استبعادهم في الماضي بالتسجيل مجددًا”، في إشارة إلى عدم المصادقة على ترشح أحمدي نجاد في الانتخابات الرئاسية التي جرت في 2017.
ومن المهم الإشارة إلى مجموعة من القضايا عند دراسة تيار أحمدي نجاد(2)، وهي:
- أن أحمدي ما زال فاعلًا في الحياة السياسية الإيرانية، وهو وإن غاب عن أطرها المؤسسية العليا إلا أن تياره حاضر ويتسع تأثيره.
- أن أحمدي نجاد ورغم الهجوم الشديد عليه ما زال محبوبًا لدى فئة لا يُستهان بها، ويعد في نظر مؤيديه قائدًا شعبيًّا، وهو واقع لا يمكن إنكاره حتى من قبل خصومه السياسيين.
- وجود خصائص واضحة لتياره وقاعدته الشعبية.
- انتهاجه سياسة الفضح، وهو ما طال شخصيات سياسية ورجال دين من الصف الأول كان في مقدمتهم الراحل، آية الله هاشمي رفسنجاني.
- جرأته في كسر المحرمات ومقاربة القضايا بصورة جريئة تجعل منه تيارًا يتجه إلى المعارضة شيئًا فشيئًا، ومن أمثلة ذلك: كسر تابو التفاوض مع الولايات المتحدة الأميركية، ومخاطبة مرشد الثورة بلهجة لم تُعرف عن الرؤساء السابقين، وعمل مقابلات مع وسائل إعلام تُصنَّف بأنها “معادية للثورة” وآخرها “راديو فردا”، ومخاطبة ولي عهد السعودية برسالة فتحت بابًا واسعًا لمهاجمته داخل إيران وعرض فيها الوساطة في اليمن وخاطب محمد بن سلمان بـ”رجل السلام”…، وغيرها من القضايا.
قد لا يعود أحمدي نجاد إلى سدة الحكم مجددًا، لكن تياره صار أمرًا واقعًا في إيران اليوم، وهو تيار يمثل في جزء كبير منه شريحة محرومة، غاضبة وساخطة على الأوضاع القائمة، ولعل هذه المؤشرات بحد ذاتها تعطي هامشًا للقول بأن “الشعبوية” في إيران مؤهلة للعودة إلى الساحة، حتى لو لم يكن من خلال أحمدي نجاد نفسه. تناقش هذه الورقة التيار “الأحمدي نجادي” ونشأته وملامحه وتبحث اتجاهاته.
أحمدي نجاد والصعود إلى الرئاسة
وُلد محمود أحمدي نجاد عام 1956 في قرية آرادان التابعة لمدينة جرمسار في محافظة سمنان، شمالي شرق إيران، لكنه ما لبث أن انتقل واستقر في طهران مع أسرته منذ أن كان في سنته الأولى، حصل على شهادته الجامعية في مجال الهندسة المدنية في جامعة “علم وصنعت”، وهي ذات الجامعة التي حصل فيها على درجة الدكتوراه في هندسة النقل والتخطيط، عام 1997، وكان وقتها محافظًا لمحافظة أردبيل.
نشط أحمدي نجاد في الحياة السياسية قبل الثورة من خلال المشاركة في المجالس السياسية والمذهبية، وشارك في توزيع بيانات الإمام الخميني والتظاهر ضد نظام الشاه. وبعد انتصار الثورة، كان أحمدي نجاد أحد المؤسسين لاتحاد الطلبة المسلمين (دفتر تحكيم وحدت) والتقى الإمام الخميني مع عدد من أعضاء الاتحاد. وبدأ بتولي عدد من المناصب الإدارية كمساعد محافظ ومحافظ في محافظات إيرانية، كما شارك في الحرب مع العراق لمدة عامين بوصفه مهندس عمليات. شارك في تأسيس ائتلاف “المعمرون” الذي استطاع أن يفوز في الانتخابات البلدية، ومن هنا وجد طريقه ليكون عمدة مدينه طهران.
دخل محمود أحمدي نجاد المنافسة في الانتخابات الرئاسية التاسعة، في سنة 2005، رافعًا شعار “يمكن ونستطيع”. وشارك في الانتخابات من دون أن يكون مدعومًا من أي فصيل أو حزب(3). واعتُبر استقلاله صفة أضافت إليه نقاطًا تَفُوق غيرها كثيرًا وحشدت له التأييد والتعاطف، لكن هذا الاستقلال لم يكن سهلًا، ذلك بأن منافسيه جميعًا كانوا من التابعين للأحزاب والتيارات السياسية المتنوعة في الساحة السياسية الإيرانية، وقد اتفقوا كلهم، على الرغم من اختلافهم بين يمين ويسار، على مهاجمته والتحذير منه. وكان أحمدي نجاد عضوًا مؤسسًا في الجمعية الإسلامية للمهندسين، وعضوًا في لجنة الشورى المركزية لجمعية “المؤثرين”، إلا أن اللافت هو أن كلتا المنظمتين قررتا دعم مرشحين آخرين، كما أن كلًّا من الإصلاحيين والأصوليين اعتبرا مسألة عدم وجود منظمة أو حزب خلف أحمدي نجاد لدعم ترشيحه، نقطة ضعفه الرئيسة التي حاولوا استغلالها. وكان مجلس التنسيق الذي تألَّف من جميع الجماعات المعارضة للإصلاحيين أعلن في مؤتمره الثامن والعشرين قائمة المرشحين الذين يدعمهم ولم يكن اسم أحمدي نجاد بينهم، ثم استقر في النهاية على دعم ترشيح علي لاريجاني(4). وكانت الجمعية الإسلامية للطلاب هي المجموعة الوحيدة في هذا المجلس التي أعلنت دعم أحمدي نجاد، لكنه كان دعمًا مرحليًّا لم يستمر. وما لبثت شورى المجلس البلدي (المعمرون) أن أقدمت بصورة مستقلة على دعم نجاد، إلا أنها واجهت هجمة شرسة وشاملة من طرف جناح اليمين، وانتهى الأمر بأن أعلن المجلس براءته من الدعم(5).
ونظر العديد من الناشطين والخبراء والمحللين السياسيين إلى انتخابات 2005 باعتبارها حدثًا مهمًّا في التاريخ السياسي للثورة الإسلامية، ولإثبات وجهة النظر هذه قدموا دليلين، أولهما: نتائج الانتخابات ذاتها؛ حين تمكن مرشح، ومن دون دعم من أي طرف أو مجموعة أو حزب، وبلا استخدام وسائل الإعلام، من أن يضع قدمه في ساحة المنافسة، مركِّزًا على مناقشة وعرض مطالب الناس التي نسيها أو تجاهلها منافسوه، ومن التقدم على المرشحين الآخرين، على الرغم من أن كلًّا منهم دخل المنافسة بفريق إعلامي كامل وحملة انتخابية باهظة التكاليف.
ففي الأيام الأخيرة للحملات الانتخابية للمرشحين، كان الحديث يدور حول استطلاعات للرأي أجرتها أحزاب متعددة، ووضعت أحمدي نجاد في المرتبة الأخيرة من حيث عدد الأصوات مقارنة بالمرشحين الآخرين. وقد عكس هذا، ضمن ما عكسه، عدم قدرة هذه الأحزاب على إدراك المطالب الرئيسة الحقيقية للشعب وبُعدها عن الفضاء الواقعي للمجتمع.
أما الدليل الثاني فيتعلق بالدليل الأول، فالنتائج كان لها عواقب جرَّاء هذه الانتخابات وما تركته من تأثيرات على الفضاء السياسي، كما أنها قلبت المجتمع، وأطاحت بكثير من التصنيفات الجاهزة، ومن ذلك أن كثيرين من الشباب، وبسبب ما يحكم هذه الفئة من صفات، هم أكثر ميلًا إلى دعم الإصلاحيين، لكن الاستقبال الواسع والدعم الذي لقيهما نجاد من الشباب أطاح بهذه التصنيفات الظاهرية.
واللافت أيضًا أن مجيء أحمدي نجاد ترك تأثيره أيضًا في العلاقات السياسية بين المجموعات والأفراد بصورة أدت إلى وجود تحالفات بين عدد من الجماعات السياسية التي كانت تتنافس في السابق إلى درجة العداء.
وأوجدت هذه الانتخابات منافسة سياسية تحولت إلى مواجهة سياسية بين أحمدي نجاد الذي انتُخب على خلاف التوقعات وبين شخصية من أكثر الشخصيات السياسية الإيرانية تأثيرًا، هي الرئيس الإيراني الراحل، أكبر هاشمي رفسنجاني. فقد استطاع أحمدي نجاد صاحب الخطاب “الشعبوي” أن يتفوق على صاحب “خطاب البناء”، بصورة فتحت صفحة مواجهة لم تنته حتى مع وفاة آية الله رفسنجاني.
اعتبر هاشمي رفسنجاني عدم فوزه في الانتخابات، عام 2005، منذ الدور الأول، “أمرًا مبرمجًا بالكامل” وجاء في إطار “مدبر ومنظم”، ولم يُرجع خسارته إلى موقف الناس من أدائه السياسي وإنما جرَّاء حملة من “التخريب والتشويه المنظم”. وأشار مقربون من رفسنجاني إلى توزيع أكثر من 20 مليون قرص مدمج تهاجم رفسنجاني وسياساته(6).
ولا يمكن لعملية انتخابية بحجم رئاسة الجمهورية في إيران أن تكون نتائجها عملية عشوائية صرفة ومن دون تخطيط، كما أن الرأي العام الإيراني ليس من النوع الذي يمكن توجيهه بشكل قاطع وإعطاؤه شكلًا خاصًّا. وبطبيعة الحال، لا يمكن القول: إن ما جاءت به هذه الانتخابات كان بعيدًا عن التخطيط السياسي والتوجيه، فتصريحات المرشد الأعلى للثورة في الفترة التي سبقت الانتخابات كانت تعكس حالة من عدم الرضا عمَّا وصلت إليه الأمور، وكانت أحاديثه تركز على ضرورة تحقيق العدالة الاجتماعية، وأن من واجب الحكومة أن تحقق هذا الهدف(7).
لقد منحت أعداد كبيرة أصواتها لأحمدي نجاد بسبب شخصيته ذاتها، وليس لعلاقته بالتيار الأصولي، بل إن حجم النقد والاتهام الذي تعرض له في أثناء الانتخابات من جانب الأصوليين يكاد يكون بمستوى الهجوم الذي شنَّه عليه الإصلاحيون؛ الأمر الذي يجعل تصنيف أحمدي نجاد كأصولي، أو كاستمرار للتيار الأصولي، خطأ في التصنيف والتقسيم السياسي، بل إن الواقع يؤكد وجود تيار سياسي منفصل عن التيار الأصولي هو “التيار الأحمدي نجادي”، وقد عبَّر هذا التيار عن نفسه أول مرة في الانتخابات الرئاسية التاسعة في سنة 2005، ثم أعاد تأكيد حضوره في الانتخابات الرئاسية العاشرة في سنة 2009، مجبرًا الأصوليين على دعمه كي لا يخرجوا من اللعبة السياسية خاسرين. ورغم رفض ترشيحه في الانتخابات الرئاسية، عام 2017، إلا أنه لم يخرج من الساحة السياسية بل إن الإقصاء السياسي والتهميش الاجتماعي أعطى تياره ملامح جديدة، ستظهر تأثيراتها إذا ما حدث صدام بين هذا التيار والنظام.
ورافق ظهور “التيار الأحمدي نجادي” وصعوده خطابٌ مرافق أيضًا، كانت له ملامح واضحة على الصعيد الداخلي والخارجي يوم كان أحمدي نجاد رئيسًا، وبدأ يأخذ ملامح اجتماعية وسياسية جديدة في الفترة التي أعقبت ذلك، وإن كان شهد تحولًا في عدد من المقولات المهمة يمكِّن من رصد التغيير في الخطاب الذي ساد في الفترة الرئاسية الأولى (2005-2009) ومنذ 2009 إلى اليوم.
لا للديمقراطية..نعم للعدالة
لم يُظهر أحمدي نجاد ميلًا إلى الترويج للديمقراطية، بعكس المرشحين الآخرين الذين لم تخلُ تصريحاتهم وشعاراتهم الانتخابية من الحديث عن الحريات والديمقراطية، فهو كان يتحدث عن الدولة الدينية وولاية الفقيه كنموذج للحكم يملك استقلاليته وخصوصيته في مواجهة النموذج الغربي، واعتبر أن من واجبه أن يؤلِّف حكومة إسلامية واصفًا ذلك بأنه أمر يتساوى من حيث الأهمية بالثورة ذاتها(8). وقدَّم أحمدي نجاد تعريفه الخاص للحرية، وعبَّر عن ذلك في مراحل متعددة من حملته الانتخابية، وفي لقاء له مع صحيفة إيطالية، قال: إن مفهوم الحرية، وهو واحد من أركان الثورة الإسلامية بالنسبة إلينا، يملك أبعادًا أوسع من ذلك الذي تسمونه حرية(9). وانصرف خطاب أحمدي نجاد إلى أن إيران تحتاج إلى العدالة أكثر من أي شيء آخر، وهو يرى أن الحرية التي يمارسها الإعلام الإيراني بعيدة بعض الشيء عن روح الثورة(10). وجعل أحمدي نجاد موضوع العدالة محورًا في خطابه، وحدَّد أربعة عناصر دالَّة عليه، وهي: “نشر العدالة وتوسيعها”، و”العطف”، و”التقدم والتعالي المادي والروحي”، و”إيصال الخدمة”، وهذه العناصر كلها تدور حول محور مركزي هو “ولاية الفقيه”(11). وبعد فوزه في الانتخابات وتنصيبه رئيسًا لإيران، في أغسطس/آب 2005، قام على الفور بتقديم برنامج مفصل ومكتوب(12)، وكان من السهل فيه ملاحظة مجموعة من القضايا التي تشكِّل ملامح خطابه وصفاته وفي مقدمتها العدالة.
لقد واجه خطاب أحمدي نجاد بشأن العدالة، وطريقة عمل الحكومة، كثيرًا من البحث والتقويم والنقد من طرف خبراء متخصصين بالشأن الاقتصادي حذَّر كثيرون منهم من استمرار هذه السياسة لأنها ستعود بعواقب وخيمة على الاقتصاد، وستزيد من رقعة الفقر. وحمل هذا النقد على الأغلب صبغة اقتصادية متخصصة، وتحدث مرارًا عن إدارة اقتصادية ضعيفة للحكومة التاسعة قادت إلى رفع مستوى التضخم، وقد جرى تقويم ونقد “نشر العدالة” و”التقدم”، ماديًّا ومعيشيًّا، ولاسيما من جانب بعض خبراء الاقتصاد وأساتذة الجامعات بصورة شككت في نجاح هذه السياسة. وجاء في رسالة أرسلها 50 اقتصاديًّا وأستاذًا بارزًا(13) إلى الرئيس قضايا وانتقادات لعدم التزام الحكومة بقواعد الحكم الرشيد، كما أن الرسالة حملت بشدة على السياسة التي أدت إلى إيجاد البيئة غير المواتية للاستثمار والأعمال، وإلى زيادة معدل الواردات بشكل غير منضبط، والسياسة المالية ، والسياسة النقدية، وارتفاع التضخم والأزمة في سوق الاستثمار، والاضطراب في النظام المصرفي، والتدخل غير المنظم في سوق العمل، والسياسات الإقليمية الخطأ وكيفية التفاعل مع المجتمع الدولي..(14). وتواصل الأخذ والرد بين علماء الاقتصاد والعاملين فيه والرئيس الإيراني، أحمدي نجاد، الذي ما لبث أن تلقَّى رسالة ثانية. ولم تخلُ المواجهة من لقاءات ومناظرات جمعته وطاقمه بمعارضي سياسته الاقتصادية والمشككين في جدواها، وجاءت كي تؤكد في مجموعها أهمية هذه القضية في التجاذبات السياسية التي تشهدها إيران والتي رافقت جميع من تناوبوا على كرسي الرئاسة قبل فترة أحمدي نجاد وبعدها، لم تقد الجلسات التي أعقبت الرسالة الثانية إلى نتيجة. وركزت الرسالة التي وقَّعها 57 اقتصاديًّا على أربعة مجالات، هي: السياسات النقدية والمصرفية؛ وسياسة الحكومة فيما يتعلق بالتجارة؛ ونهج الحكومة فيما يتعلق بالسياسات التنفيذية للمادة 44؛ والسياسة المالية للحكومة.
ولم تتخل عن النهج النقدي للسياسة الاقتصادية لأحمدي نجاد، وواصلت تحذيرها من العواقب واقترحت الاستراتيجيات اللازمة للإصلاح(15). واستمرت المواجهة في التعبير عن نفسها في رسالة ثالثة أرسلها 60 اقتصاديًّا قرروا هذه المرة أن يُشركوا الشعب الإيراني والبرلمان في الرسالة التي وجهوها إلى الرئيس، وقد تضمنت تقويمًا لأداء ثلاثة أعوام من عمر الحكومة على الصعيد الاقتصادي، وخطة التغيير الاقتصادي الرامية إلى تحقيق العدالة، كما اشتملت على إشارة إلى الجذور التاريخية والأوضاع الهيكلية غير المواتية للاقتصاد في إيران، وإلى أخطاء السياسة الاقتصادية للحكومة التي اعتبرتها مسؤولة عن اتساع رقعة الفقر وعدم المساواة، وانتقدت بشدة السياسة الخطأ للتوسع المالي، وغياب آليات دراسة جدوى خطة التغيير الاقتصادي وكفاءتها(16). ولم تكن الانتقادات والتشكيك في جدوى السياسة الاقتصادية لأحمدي نجاد مقصورين على خصومه من الإصلاحيين، بل إن عددًا من الشخصيات الأصولية البارزة في مجلس الشورى الإسلامي تصدى لنقده وتخطئته، كما أن رئيس مركز الأبحاث التابع للمجلس والنائب في ذلك الوقت، أحمد توكلي، شكَّك في صدق شعارات العدالة(17)، واعتبر أن من نواقص سياسة أحمدي نجاد عدم مشورته مع مجلس الشورى فيما يتعلق بخطة التغيير الاقتصادي، علاوة على تغييره المستمر للوزراء والمسؤولين (18).
ولم يُخف أحمدي نجاد نفسه القصور وتعثر برنامجه الاقتصادي، فعقد من على منابر مدينة “قم” محاكمة اتهم فيها مسؤولين كثيرين في حكومته بالتقصير وحمَّلهم مسؤولية الإخفاق في الملف الاقتصادي، وشمل بالاتهام البنك المركزي ووزارة الاقتصاد والمالية والجهات الرقابية والجمارك، قائلًا: إن هذه المؤسسات واقعة تحت تأثير المافيات الاقتصادية التي تحاول الالتفاف على قراراته وإجهاضها(19). والمافيات التي اشتكى منها أحمدي نجاد أكثر من مرة، ووعد بقطع يدها، تسيطر على النفط والبنوك، ولديها أذرع متنفذة في المؤسسات التشريعية، كما أن الفساد، مثلما يؤكد نجاد الذي اعتذر للناس واعترف بثقل المسؤولية، متغلغل في قطاع المساكن؛ إذ إن البنوك أعطت أشخاصًا متنفذين قروضًا بالمليارات، فضلًا عن أن نفوذ المافيات تجاوز ليشمل قطاع الدخان المستورد الذي تستشري فيه الرشوة والمحسوبية(20).
وانقسمت المواقف من سياسة أحمدي نجاد في باب “العدالة الاجتماعية”، ففي وقت واظبت صحيفة “كيهان” على الدعوة إلى دعمه “لقطع يد المفسدين”، رأت صحيفة “اعتماد ملي” التابعة لحزب مهدي كروبي والتي جرى وقفها لاحقًا، أن “أحمدي نجاد يعقد محكمة يتهم فيها كثيرين ويبرئ نفسه”(21). واعتبر موقع “تابناك” التابع لقائد الحرس الثوري السابق، محسن رضائي، اعتراف أحمدي نجاد بالمسؤولية والتقصير من طرف مسؤوليه نقطة إيجابية، إلا أن التلميح لا التصريح بأسماء المفسدين ترك الناس يخمنون ويجعلون ممن ينتقد سياسة أحمدي نجاد متهمًا. ووجد الناس أن من حقهم، وهم يعانون تبعات تضخم تجاوزت نسبته 20% وغلاء طال المواد الأساسية، معرفة المسؤولين عن الأزمة، وأن من واجب الحكومة تعقُّبهم قانونيًّا. أما التيار الإصلاحي الذي تصدر الاقتصاد برنامجه في الانتخابات البرلمانية الثامنة، فدعا الحكومة، أكثر من مرة، إلى مناظرة متلفزة بشأن الملف الاقتصادي وتحقيق العدالة، وقال الممثل عن التيار، حسين مرعشي: إن من الأفضل لهذه الحكومة أن تعترف بأخطائها، وتعلن الأرقام الحقيقية للتضخم(22). لكن كثيرين وجدوا أن شجاعة الرئيس الإيراني في الاعتذار للناس عمَّا يعانونه اقتصاديًّا، واعترافه بالتقصير، يجب أن يرافقهما كشف أسماء الشخصيات والمافيات التي اتهمها بأنها “تسعى لإيصال نسبة التضخم إلى 70% وتحاول الإطاحة بحكومته”(23).
وعلى الرغم من الانتقادات، فإن أحمدي نجاد ظلَّ مصرًّا على مواصلة سياسته من خلال برنامج إصلاح اقتصادي يتضمن رفع الدعم الحكومي بالتدريج عن سلع أساسية كالطعام والوقود(24). وتضمن البرنامج، الذي بدأ تطبيقه أواخر سنة 2010، رفع الدعم الحكومي بشكل متدرج على فترة خمسة أعوام، وبموجبه، فإن كل فرد إيراني يتلقى 810 آلاف ريال (80 دولارًا) كل شهرين. وإذا كانت إيران لا تطبق حاليًّا سياسة تحرير الأسعار، إلا أنها تنتهج سياسة تعديل الأسعار، وتمهيدًا لجعل الخطة تسير بسلاسة، فإن الحكومة مددت تقديم البنزين بالسعر المدعوم بالكامل شهرًا إضافيًّا. غير أن البرنامج الذي وصفه أحمدي نجاد بـ”أنه أکبر إصلاح اقتصادي في البلد”، وخصوصًا أن سياسة دعم الطاقة تكلف الحكومة الإيرانية نحو 100 مليار دولار سنويًّا، تختلف الآراء بشأنه بين مَن يرى فيه حلًّا، وبين من يحذر من توسيع رقعة الفقر بسببه(25).
لم يأت أحمدي نجاد بجديد على صعيد التغيير الاقتصادي؛ فالبرامج التي قام بتطبيقها تعود إلى زمن الحكومات السابقة، وكذلك بالنسبة إلى قانون رفع الدعم، ولم يُلقِ بالًا للتحفظات على السرعة في تطبيق الإجراءات الاقتصادية من جانب الحكومة، وبأن هذه السياسة ستقود إلى مصائب كثيرة، في مقدمتها جنون الأسعار في سوق المساكن والأراضي وزيادة أسعار المساكن، والإغلاق المتدرج لشركات التصنيع، كما أن زيادة أسعار الأراضي بصورة غير منطقية قادت إلى ثراء غير مسبوق، وإلى اتساع الفوارق الطبقية، فالأغنياء ازدادوا غنى، والفقراء ازدادوا فقرًا. وستجد الحكومة التي تسعى لتحقيق العدالة وحماية المستضعفين نتيجة عكسية، وستجد نفسها أمام مجتمع تغيب عنه العدالة، واتسعت الفجوة بين طبقاته، وستقود هذه السياسة في النهاية إلى انهيار اقتصادي(26).
انتهج خصوم أحمدي نجاد استراتيجيًّا محاربته بشعاراته نفسها، وباتت حكومته متهمة بالضلوع في عمليات فساد كبيرة، ووصلت ملفات الفساد إلى 4500 ملف اختلاس مالي وفقًا لتقرير مجلس الشورى، ومن أبرزها قضية “الفساد البنكي العظيم” كما أسماها مرشد الثورة الإسلامية، علي خامنئي، ولاحقه 11نائبًا وجهوا رسالة إلى رئيس مجلس الشورى طالبين إجراء تحقيق بشأن “انتهاكات القانون” التي ارتُكبت في هذه القضية من جانب “الرئيس ومدير مكتبه ومحافظ البنك المركزي ووزير الاقتصاد”(27). وتدخل خامنئي لوقف الجدل بشأن القضية لأن “البعض يريد الاستفادة من هذه الأحداث لتشوية سمعة مسؤولي البلاد”، وأن القضية يجب أن تُترك للسلطة القضائية التي يجب ألا “تتهاون مع المخربين وتقطع يد الفاسدين”(28) المسؤولين عن اختلاس 2.6 مليار دولار خسرتها 7 مؤسسات مالية إيرانية، منها أحد أكبر مصارف البلاد، لكن القضية أسقطت مقولة: “الحكومة الأكثر نظافة ونزاهة” التي رددها أحمدي نجاد كثيرًا.
“الشعبوي” ما زال لاعبًا مهمًّا
مع مغادرته السلطة، كانت قائمة أعداء أحمدي نجاد تتسع، وكانت قائمة الاتهامات بمسؤوليته عن مشاكل ومعضلات إيران على صعيد الاقتصاد والسياسة الخارجية تطول، وحتى مع مضي ما يزيد عن خمس سنوات من حكم روحاني، ما زالت أصابع الاتهام تشير إليه، مع كل إخفاق اقتصادي، ورافق ذلك عشرات الكتب والدراسات التي تبحث الآثار السلبية التي خلَّفتها ثماني سنوات من حكمه في الاقتصاد والسياسية الخارجية وانتشار “الخرافة”، ودعوات للباحثين وطلاب علم الاجتماع والسياسة لدراسة مكونات هذه التيار وتوجهاته، حتى “لا يُبتلى الناس به مجددًا”(29).
نعود إلى كتاب “الشعبوية في إيران”؛ ففي عام 2017، نشر أستاذ الاقتصاد والخبير في مركز الدراسات التابع لرئاسة الجمهورية، علي سر زعيم، كتابًا ناقدًا بَحَثَ “شعبوية” أحمدي نجاد من وجهة نظر الاقتصاد والسياسة(30). ويمكن تصنيف هذا الكتاب الذي سُجِّل الأعلى مبيعًا في إيران، بأنه كتاب تحذيري من مخاطر عودة نهج أحمدي نجاد، على يد غيره، يقول سر زعيم: “إن الأحمدي نجاديون في المستقبل ليسوا بالضرورة من حزب الله، ولكن من الممكن أن يكونوا ممن يرتدون ربطات العنق، وممن عاشوا لبعض الوقت في الغرب. وأحمدي نجاديو المستقبل هم أولئك الذين يمتلكون فهمًا بسيطًا وساذجًا لمشكلات البلد، وهم أولئك الذين يعتقدون بأن فشل التنمية محصور فقط بغياب التصميم على ذلك أو فساد المسؤولين. هؤلاء مبتلون بالأحمدي نجادية، وإذا ما وجدوا طريقهم إلى السياسة والإدارة العامة فإنهم قادرون على أن يشكِّلوا خطرًا على إيران”(31).
وعلى مساحة ما يزيد عن 400 صفحة يناقش سر زعيم سياسات أحمدي نجاد، ما لها وما عليها، ويرى أنه قدم خدمات، أهمها:
- كان موفقًا في التعريف بمطالبات فئة لا يُستهان بها من الشعب، وخاصة المطالب غير المرتبطة بقضية الديمقراطية، فقد كشف عن عقم البيروقراطية، وانغلاق دائرة المسؤولين، وجعل مسافة بينهم وبين العامة .لقد أظهر أحمدي نجاد معرفة بالمشكلات واستطاع من خلال التركيز عليها جلب اهتمام الناس، لكنه عجز بما لديه من سلطة عن حل أي منها(32).
- استطاع أحمدي نجاد أن يقدم المطالبة بالعدالة والمساواة بشكل جيد، وأن ينقل مطالبات الفئات المحرومة، وقد أظهر الكشف عن الرواتب الخيالية في عهد روحاني لعدد من المسؤولين، وعدم اقتراب حكومته من هذه القضية قبل الكشف عنها.
- أوجدت سياسة خاتمي، فكرة تقول بضعف رئيس الجمهورية، وأنه -وفق تعبير خاتمي نفسه- بمستوى منسِّق، لكن أحمدي نجاد استطاع أن يعيد لرئاسة الجمهورية مكانتها، ويظهر قدرة الرئيس على اتخاذ القرار(33).
- قدم أحمدي نجاد من خلال خطة الدعم الاقتصادي طريقة مناسبة لتعديل الأسعار، وإن كان قد تم تنفيذ الخطة بصورة غير مناسبة أظهرت المواطن كمتسول، لكنها شكَّلت نموذجًا لحل بعض المشكلات الاقتصادية(34).
- استطاع أحمدي نجاد أن يكسر حلقة الإدارة المغلقة، وتمكن من إضعاف جماعات النفوذ، التي كانت مسيطرة على الإدارات الإيرانية، لكنه عجز عن استبدال كفاءات أفضل بها(35).
أما الأضرار التي ألحقتها سياسة أحمدي نجاد بإيران، فيمكن تلخيصها بالتالي:
- لقد أضاع أحمدي نجاد فرصة تاريخية ونادرة تمثلت في عوائد النفط غير المسبوقة (620 مليار دولار)(36)، والتي ذهبت هباء بفعل سوء الإدارة.
- بدل من اتباع سياسات طويلة الأمد تحقق التنمية والنمو لإيران، انتهج سياسات شعبوية تحقق منافع قصيرة المدة، لكنها تصنع معضلات اقتصادية طويلة الأمد(37).
- من المؤسف ضياع عوائد النفط، لكن الضرر الأكبر تمثل في تخريب المؤسسات وإضعاف حلقة الخبراء والمختصين في الإدارات المختلفة، وهو ما وجَّه ضربة بعيدة التأثير على مستقبل إيران؛ حيث إن تجربة دولة مثل تركيا وكذلك الصين تقول بأن استخدام الخبراء والمتخصصين المهرة كان من أبرز أسباب التقدم. وهو ما لم يحدث في فترة أحمدي نجاد(38).
- في المجموع، فإن الفترة (2005-2015) هي عقد ضائع بالنسبة للاقتصاد الإيراني، فالسنوات الثمانية من حكم أحمدي نجاد، قد حمَّلت إيران ولعقود طويلة تبعات مدمرة، فيما أمضى حسن روحاني السنوات الأولى من رئاسته في محاولة تجاوز معضلات التضخم وضعف النمو الاقتصادي التي ورثها(39).
انتهت الفترة الرئاسية لأحمدي نجاد، لكن الظاهرة التي نشأت في ظل دعم وتأييد بعض رجال الدين، وجبهة “الثبات” لم تنته، بل أخذت أبعادًا جديدة، وسبق لرفسنجاني أن تنبأ لأحمدي نجاد بمصير يشبه مصير بني صدر، وسبق لمحمد خاتمي أن تحدث عن مواجهة ستحدث بينه وقيادة الثورة.
فيما كان عدد من أصدقاء أحمدي نجاد ومؤيديه ينقلبون ضده وينتقدونه، كانت قاعدته الشعبية تحافظ على نفسها في المناطق النائية والبعيدة عن المدن الكبرى، وبين المحرومين والفقراء بوجه خاص. يقول منتقدو أحمدي نجاد: إن تياره “سعى إلى تدمير ثروة البلاد في أقصر مدة ممكنة، وألصق تهمًا كبيرة بشخصيات كبيرة، وأخلَّ باتفاقيات والتزامات إيران الدولية، وحصر علاقات إيران بعدد محدود من الدول الفقيرة، وأدخلها في مأزق دولي تلو الآخر”(40).
كانت “ثقة أحمدي نجاد بشخصيات ليس لها تاريخ ثوري، وتحيط بسيرتها الذاتية إشكاليات عدة”، واحدة من الانتقادات التي وُجِّهت له، لكن أحمدي نجاد كان يعتقد بضرورة إعمال “تدوير النخبة” وجعلها حقيقة على أرض الواقع، وهو ما قاد إلى تسليم أعضاء من حملته الانتخابية، ومعظمهم من الشباب دون سن الثلاثين مناصب مهمة(41). ويبدو أن ما أراده أحمدي نجاد بإشراك الشباب وتفعيل دورهم، قد أخلَّ ببنية عدد من المؤسسات، خاصة الاقتصادية الكبرى، وجاء فحوى النقد الموجه لأحمدي نجاد على هذا الصعيد بأن: هؤلاء الشباب لم يشهدوا الحرب العراقية-الإيرانية، وليست لهم سابقة ثورية، وبإعطائهم هذه المناصب جرى إقصاء العديد من الأساتذة الكبار والفنانين والمديرين الأكفاء وإحالتهم على التقاعد؛ مما أعاق الاستفادة من خبرة وتجارب خبراء في مختلف المجالات(42). ويُلاحَظ أن خطوة أحمدي نجاد على هذا الصعيد كانت قد حظيت بتأييد كبير في بداية توليه الرئاسة(43).
“الفضح والإفشاء” انتقاد آخر ما زال يلاحق أحمدي نجاد، فالرئيس والوزراء والمستشارون والمديرون استغلوا اطلاعهم على عدد من الملفات الحساسة فبدأوا بتسريبها، بل واستخدم أحمدي نجاد واحدًا من هذه الملفات للنَّيْل من منافسه في الانتخابات، مير حسين موسوي، يتعلق بملف زوجته الوظيفي، وصار مألوفًا أن يتحدث أحمدي نجاد عن “قائمة ومعلومات في جيبه سيفشيها” استمر ذلك طوال دورتيه الرئاسيتين، وما زال حتى اليوم يشير إلى ملفات سرية تطول كثيرين لم يفصح عنها بعد، وفي عام 2017، وردًّا على استهداف عدد من المقربين منه بملفات قضائية واتهامات بالفساد والاعتقال، خاطب أحمدي نجاد الشعب الإيراني في رسالة، قال فيها: لقد كنت وما زلتُ أصرُّ على مواصلة سكوتي لأجل مصلحة البلد في مواجهة أفعال لا أخلاقية وتعادي الشعب، على مدى السنوات الـ12 الماضية، ولكني أشعر اليوم بأنني ملزم بأن أكشف ما يتوارى خلف ستار هذه الخطة المشؤومة وأن أفضح هذه الأعمال البغيضة على الملأ(44). وسواء كان محقًّا أو لا في اتهاماته إلا أن أسلوب الفضح الذي اختطَّه أوجد شرخًا اجتماعيًّا، ووضع النظام الإيراني ورموزه في معرض الاتهام. قد تكون هذه القضية واحدة من الأسباب التي حالت دون تأييد صلاحيته عندما رشح نفسه للانتخابات الرئاسية، عام 2017، لكن استعراض سلوك أحمدي نجاد (اعتكافه في بيته، تهديده بالاستقالة، انتقاده للحرس، محاولته لخلق مسار مستقل عن المرشد والالتفاف على أوامره والتلكؤ في تطبيقها وغيرها) توصل إلى نتيجة بأن أحمدي نجاد وتياره يتحول تدريجيًّا إلى معارضة راديكالية، رسمية ومستقرة داخل النظام، وبدأ يفكر في تقديم نفسه وتياره بديلًا للنظام، ولذلك تعامل بعدائية مع جهات عدة، وكان من المستحيل التسامح مع هذا الوضع بالنسبة لنظام الجمهورية الإسلامية.
لقد كان جليًّا أن دخول أحمدي نجاد إلى حلبة المنافسة سيصحبه “فضح” لملفات واتهام للخصوم، ولم يكن معلومًا ما يمكن أن يقوله في مناظراته الانتخابية. لقد كان إقصاؤه من السباق ضرورة اجتماعية لمنع شرخ جديد في المجتمع الإيراني وكان ضرورة أمنية أيضًا، وبدأت داخل أروقة المؤسسة الأمنية تدابير وقائية للسيطرة على ما يمكن أن يقوله أحمدي نجاد، ومنع الكشف عن المعلومات التي حصل عليها خلال سنوات رئاسته من وزارة الاستخبارات، ورأت أن تبعات ما يقوله ستكون أقل وطأة إذا مُنع من الترشح(45). لقد كان استهداف أحمدي نجاد للنظام القائم هو ما جعل هذا النظام يقرر وحتى الآن أن يقصيه بالوسائل القانونية المتاحة.
كانت ملامح أنصار أحمدي نجاد واضحة بين كثير من محتجي المظاهرات التي اندلعت في مشهد وانتقلت إلى مدن أخرى مع أواخر 2017، ويبدو أن دورًا لأحمدي نجاد في هذه التظاهرات جعل قائد الحرس الثوري، محمد علي جعفري، يوجه تهديدًا “لمسؤول سابق بدأ يتحدث بمعارضة النظام”، ويتهمه بالمسؤولية عن التظاهرات(46).
وكانت نتائج انتخابات مجلس الشورى الإيراني في دورته الحادية عشرة، والتي جرت في فبراير/شباط 2020، وسجلت أدنى نسبة مشاركة في تاريخ الجمهورية الإسلامية، مؤشرًا على حضور التيار كحالة جدية في الساحة السياسية الإيرانية؛ حيث إن فوز عدد من المقربين منه، وكذلك مسؤولين سابقين في حكومته، فيهم وزراء ومعظمهم شغلوا مناصب كحكام إداريين في عدد من المحافظات، مؤشر على أن صوت الرئيس الإيراني السابق، سيبقى حاضرًا في المجلس بكتلة نيابية لا يقل عدد أعضائها عن 14 نائبًا فازوا في محافظات أخرى غير طهران.
رغم التضييق والسجن والمحاكمات لمقربين منه إلا أن أحمدي نجاد يواصل مقاربة الأمور على طريقته؛ فقد وجَّه رسالة إلى مرشد الثورة، نشرها موقع “دولت بهار” الناطق باسم تياره، دعا فيها إلى إجراء انتخابات مبكرة، واتهم النظام بالتأخر في تحقيق العدالة الاجتماعية وأن عليه الاعتذار للإيرانيين. وكان واضحًا استهداف عائلة لاريجاني في الرسالة حيث اتهمها بأنها وجهت ضربات بالغة الضرر للنظام، وطالب أحمدي نجاد، خامنئي، باتخاذ خطوات عملية بدلًا من الكلام نظرًا لصلاحياته الواسعة، وعلى رأسها إجراء تعديلات دستورية وإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية “عاجلة وحرَّة”، من دون تدخُّل الأجهزة العسكرية و”هندسة الانتخابات”، إضافةً إلى عزل رئيس القضاء، صادق لاريجاني، وإطلاق سراح جميع منتقدي النظام(47). أثارت الرسالة غضب كثيرين، وقدمت مجددًا دليلًا آخر على أن أحمدي نجاد اختار المواجهة.
خلاصات
- كان شعار “العدالة” مطلبًا واضحًا في خطاب اليسار التقليدي الإيراني بعد الثورة الإسلامية، فيما كان اليمين التقليدي يدعو لحماية المِلكية والقطاع الخاص، ومع ظهور التيار الإصلاحي ومجيء خاتمي إلى السلطة حدثت تغييرات كبيرة وملحوظة في معسكري اليسار واليمين الإيرانيين وانتقل كثير من الشخصيات المؤثرة من معسكر إلى آخر، وصار اليسار يتبنى قيم الحداثة فيما كان اليمين يؤكد على القيم الدينية والتقليدية. في هذا التحول، تخلى الإصلاحيون عن شعار “العدالة” خلال فترة حكمهم وغاب عن خطابهم وظهر أن الطبقات الضعيفة والمحرومة لا مكان لها في هذا الخطاب، فيما التقطه أحمدي نجاد ليظهر مقدار جاذبية هذا المطلب ومكانته في المجتمع الإيراني(48). ومع شعار تطبيق العدالة، أعاد أحمدي نجاد إحياء شعارات الثورة في بداياتها بعد أن ظن الجميع أن مجريات الخطاب الذي بات سائدًا في إيران تسير بعيدًا، والبحث عن خطاب العدالة يبدو مضنيًا ولا أثر له، فعلى سبيل المثال، جرى إغفال هذه القضية بصورة واضحة في خطاب إعادة الإعمار، كما تم التركيز في الخطاب الإصلاحي على التنمية السياسية كأولوية أسقطت قضية العدالة.
- تظهر حالة أحمدي نجاد أن مخاطبة العامة في إيران لا تتم من خلال البذخ الدعائي الذي مارسه منافسو أحمدي نجاد في دورته الرئاسية الأولى، وفي مقدمتهم هاشمي رفسنجاني. لقد كشفت الانتخابات الرئاسية، عام 2005، عن مسافة شاسعة بين ما يريده الناس وما يتحدث عنه معظم المرشحين أو القائمين على حملاتهم الانتخابية، وكان من الواضح أن ما يصنفه المرشحون أولويات لا يراه الناس هكذا. علاوة على ذلك، فإن لغة الخطاب التي استخدمها عدد آخر من المرشحين بدت غير مفهومة، وربما غير واضحة للناس والعامة.
- تظهر الحالة الأحمدي نجادية خللًا وقصورًا داخل التيار الأصولي، فالذي حدث أن أحمدي نجاد قام بتوظيف التيار لصالحه محمِّلًا إياه نتيجة عدد كبير من الأخطاء التي حدثت خاصة على صعيد الاقتصاد والسياسة الداخلية والخارجية، وبعض هذه الأخطاء أحدث شروخًا في العلاقة بين السلطة وقسمٍ لا يستهان به من المجتمع الإيراني. كما أن غياب النقد لأدائه أو الإحجام عن ذلك خاصة في السنوات الأربع الأولى من رئاسته، يوجب على التيار مراجعة أطره الفكرية وآليات عمله.
- تظهر تجربة أحمدي نجاد قابلية المجتمع الإيرانية للحالة “الشعبوية”، وميلًا لقناعة تقول بأن مشكلة البلاد الأصلية هي الفساد وأن بعض الشخصيات قادرة على مواجهته، دون إدراك للقصور الإداري الحاصل في مؤسسات الدولة.
- يحاجج بعض المتخصصين بضرورة التفكيك بين الصفات الشخصية للحاكم وأدائه الوظيفي، فقد تكون هذه الصفات محمودة لكن مع قصور في الأداء بصورة لا يمكن الدفاع عنها، فيما قد تكون الصفات الشخصية لمسؤول ما غير موضع إعجاب لكن أدائه مقدر ويمكن الدفاع عنه، ويرون أن أحمدي نجاد لديه كثير من الصفات الشخصية المقدرة مثل العيش البسيط والثقة بالنفس وعدم التكبر السائد بين السياسيين، وصدق النية والرأفة بالمحتاجين، لكن هذه الصفات غير مهمة في تقييم أدائه السياسي.
- ما زالت حالة “أحمدي نجاد” تثبت أن الفاعلين السياسيين والنخبة الإدارية العليا في إيران ليس لديها رغبة في سماع صوت مطالبات الناس بالعدالة والمساواة. واليوم يتعاظم الإحساس لدى الفقراء بأن لا أحد يريد سماع صوتهم، ولا يوجد ممثل يتحدث باسمهم. وهذه الأرضية مناسبة على الدوام لظهور الشعبوية وازدهارها، وهو ما يفسر بقاء تيار أحمدي نجاد وتماسكه.
1- علي سر زعيم، پوپولیسم ایرانی (تحلیل کیفیت حکمرانی محمود احمدی نژاد از منظر اقتصاد وارتباطات سیاسی) (“الشعوبية الإيرانية: تحليل جودة حكم محمود أحمدي نجاد من حيث الاقتصاد والعلاقات السياسية”)، (تهران: نشر کرگدن، 1396 ش)، ط2، ص 5.
2- تناولت الباحثة بصورة مفصلة تيار أحمدي نجاد، وأرضياته الفكرية والاجتماعية في الفصل السادس من كتابها التيارات السياسية في إيران: صراع رجال الدين والساسة، والورقة في جزء منها مستلَّة من هذا الكتاب، انظر:
فاطمة الصمادي، التيارات السياسية في إيران: صراع رجال الدين والساسة، المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات (بيروت، 2019)، ط 2، صص 291-352.
3- كان وصف أحمدي نجاد بأنه “رجائي آخر” أو “رجائي الثاني” كان يجد صداه لدى الناس في إيران، وخصوصًا لدى الطبقات المحرومة أكثر من شعار “ممكن ونستطيع”؛ إذ كان كثيرون يرون أوجه تشابه متعددة بين محمود أحمدي نجاد والرئيس الإيراني الراحل، محمد علي رجائي، المعروف بـ”صديق المحرومين”. ورجائي (15 يونيو/حزيران 1933-30 أغسطس/آب 1981) هو ثاني رئيس منتخب للجمهورية الإسلامية بعد أن شغل منصب رئيس الحكومة في حكومة أبي الحسن بني صدر، كما كان وزيرًا للخارجية لفترة 5 أشهر من 11 مارس/آذار حتى 15 أغسطس/آب 1981. واغتيل رجائي في انفجار استهدف مجلس الوزراء في طهران خلال الحرب العراقية-الإيرانية، وعُرف عنه زهده وقربه من الناس والفقراء. لاحقًا بعد مغادرة أحمدي نجاد الرئاسة واصطدامه مع رموز النظام، صار يجري السخرية من مشابهته برجائي.
4- “حمايت قاطع شوراهاى هماهنگى استانها از نامزدى على لاريجانى”، (“دعم قاطع من تنسيقية شورى المحافظات لترشيح علي لاريجاني”)، وكالة “أنباء فارس”، 2/2/1384، (تاريخ الدخول: 30 سبتمبر/أيلول 2020): https://bit.ly/3n5yRLV
5- فاطمة رجبي، “احمدی نژاد معجزه هزاره سوم“(أحمدي نجاد معجزة الألفية الثالثة”)، (تهران: نشر دانش آموز، 1386)، ص 120.
6- “هاشمی انتخابات را آلوده به دخالتهای سازمان يافته دانست” (“هاشمي يصف الانتخابات بأنها ملوثة بالتدخل المنظم)، الموقع الإلكتروني “بي. بي. سي” بالفارسية، 19 يونيو/حزيران 2005، (تاريخ الدخول: 30 سبتمبر/أيلول 2020): https://bbc.in/36lay6L
7- “بیانات در دیدار رئیسجمهور و اعضای هیأت دولت”(“تصريحات المرشد الأعلى للثورة الإسلامية خلال اجتماعه مع أعضاء الحكومة”)، الموقع الرسمي لمرشد الثورة، 20/8/1383، ((تاريخ الدخول: 30 سبتمبر/أيلول 2020): https://bit.ly/2GoXr9A
8- “احمدى نژاد: تشكيل دولت اسلامى در اين مقطع، به اندازهى خود انقلاب مهم است” (“أحمدي نجاد: تأليف الحكومة الإسلامية في هذه المرحلة مهم بمستوى أهمية الثورة”)، وكالة “إيسنا” الطالبية، 9 خرداد 1384، (تاريخ الدخول: 30 سبتمبر/أيلول 2020): https://bit.ly/33hKBmq
9- رجبي، مصدر سبق ذكره، ص 101.
10- ” انرژيهسته يي، جوانان، اقتصاد، هنر، زنان، ارزشها و انقلاب، ورزش و…/ ديدگاههاي دكتر محمود احمدينژاد؛ نامزد انتخابات رياستجمهوري” (“تصريحات الدكتور محمود أحمدي نجاد مرشح انتخابات رئاسة الجمهورية، بشأن الطاقة النووية والشباب والثورة و..)، الموقع الإلكتروي لوكالة أنباء “إيسنا”، 1 تیر 1384، (تاريخ الدخول: 30 سبتمبر/أيلول 2020): https://bit.ly/348SoSY
11- بهرام اخوان کاظمي، “گفتمان عدالت در دولت نهم” (“خطاب العدالة في الحكومة التاسعة”)، موقع راسخون، 7 دي 1389، (تاريخ الدخول: 30 سبتمبر/أيلول 2020): https://bit.ly/3igMc03
12- برنامه دولت نهم منتشر شد” (“نشر برنامج الحكومة التاسعة”)، صحيفة جام جم 25مرداد 1384، (تاريخ الدخول: 30 سبتمبر/أيلول 2020): https://bit.ly/3kUKIum
13- “هشدار 50 اقتصاددان به احمدى نژاد” (“50 اقتصاديًّا يوجهون تحذيرًا إلى نجاد”)، انظر الرسالة الأولى التي وجَّهها 50 اقتصاديًّا وأستاذًا جامعيًّا إلى أحمدي نجاد، في صحيفة “اعتماد ملي”، العدد 107 (25/3/1385)، ص 7 (تاريخ الدخول: 30 سبتمبر/أيلول 2020): https://bit.ly/36quBAD
14- “مشروح نشست خبرى سخنگوى دولت با خبرنگاران: برخى از امضا كنندگان نامه 50 اقتصاددان در مشكلات اقتصاد ايران سهيم هستند” (“تفصيلات المؤتمر الصحافي للمتحدث باسم الحكومة: بعض موقِّعي رسالة الـ50 اقتصاديًّا لهم دور في مشكلات الاقتصاد الإيراني”)، الموقع الإلكتروني لوكالة “فارس للأنباء”، 5/4/1385(تاريخ الدخول: 30 سبتمبر/أيلول 2020): https://bit.ly/348SXfy
15- “نامه 57 اقتصاددان به رئيس جمهوری” (“رسالة 57 اقتصاديًّا إلى رئيس الجمهورية”)، وكالة لإيسنا، 21 خرداد 1386، (تاريخ الدخول: 30 سبتمبر/أيلول 2020): https://bit.ly/33fQ9Oy
17- “نامه توکلی به احمدینژاد”(“رسالة توكلي إلى أحمدي نجاد”)،”فردا نيوز”، 30 خرداد 1386، (تاريخ الدخول: 30 سبتمبر/أيلول 2020): https://bit.ly/3cPSV0a
18- “واكنش توكلى به تغييرات كابينه” (“رد توكلي على التغييرات في الطاقم الحكومي”)، “فردا نيوز”، 22 مرداد 1386، (تاريخ الدخول: 30 سبتمبر/أيلول 2020):https://bit.ly/3cIXkBW
19- مشروح سخنرانى رييس جمهور در اجتماع مردم قم” (“تفصيلات خطاب رئيس الجمهورية في لقاء أهالي قم”)، وكالة أنباء إيسنا، 28 فروردين 1387، (تاريخ الدخول: 30 سبتمبر/أيلول 2020): https://bit.ly/3jjc1Op
20- المصدر نفسه.
21- المصدر نفسه.
22- المصدر نفسه.
23- اتهم أحمدي نجاد خلال زيارته مدينة “قم” المافيا بأنها تسعى لإسقاط حكومته، وتتعمد إحداث مشكلات من شأنها أن ترفع معدل التضخم.
24- بدأت الحكومة الإيرانية خطة شاملة تقوم على تقليل متدرج للدعم الحكومي لبعض السلع الاستراتيجية، والاعتماد على خصخصة بعض الشركات الكبرى للحد من تأثير العقوبات عليها، ولتوفير أكثر من 50 مليار دولار سنويًّا. وبدأ تطبيق الخطة في أواخر سنة 2010 بعد أن تحولت إلى قانون نال ثقة مجلس الشورى الإسلامي. وقضت هذه الخطة بتقليص الدعم الحكومي لقطاع الطاقة بالتدريج، وصولًا إلى وقفه بالكامل، وقد بدأت الخطة برفع الدعم عن البنزين والغاز والماء والكهرباء في مقابل تقديم مساعدات مالية مباشرة لمحدودي الدخل من الموظفين. واستمر تطبيق الخطة في حكومة روحاني.
25- ” رييسجمهور درگفتوگوي زنده تلويزيوني: فهرست زندانيان ايراني درآمريكا را به عمان ارايه كرديم هدفمند كردن يارانهها باپيگيري وبرنامه ريزي منسجم اجرايي خواهدشد ” (“رئيس الجمهورية في حديث تليفزيوني مباشر: خطة تخفيض الدعم ستتم وفق برنامج منسجم”)، وكالة أنباء إيسنا، 27 شهريور 1389، (تاريخ الدخول: 30 سبتمبر/أيلول 2020): https://bit.ly/2GmhC8i
26- “فروپاشى اقتصادى فرجام اقدامات نا آگاهانه” (“انهيار اقتصادي جرَّاء سوء التدابير”)، موقع “تابناك، 15 مرداد 1387، (تاريخ الدخول: 30 سبتمبر/أيلول 2020): https://bit.ly/30n6hM2
27- رسیدگی قضایی به پرونده فساد مالی اخیر، طبق شکایت ۱۱نماینده (“متابعة قضائية لملف الفساد الأخير، وفقًا لشكوى ۱۱ نائبًا)، وكالة أنباء مجلس الشورى، 8 آبان 1390، (تاريخ الدخول: 30 سبتمبر/أيلول 2020): https://bit.ly/34hfhn4
28- موضع صریح رهبر انقلاب درباره فساد بانكي اخير؛ مسئولان دستهای خائن ومفسد را بدون ترحم قطع کنند (“الموقف الصريح لقائد الثورة من ملف الفساد البنكي الأخير، على المسؤولين أن يقطعوا يد الخونة والفاسدين دون رحمة”)، موقع ألف الإلكتروني، 12 مهر 1390، (تاريخ الدخول: 30 سبتمبر/أيلول 2020): https://bit.ly/2SfSaE4
29- مشخصه های جریان احمدی نژاد (خصائص تيار أحمدي نجاد)، موقع ساعت 24، 13 مهر1395 ش، (تاريخ الدخول: 30 سبتمبر/أيلول 2020): https://bit.ly/2HLrcSO
30- علي سر زعيم، پوپولیسم ایرانی (تحلیل کیفیت حکمرانی محمود احمدی نژاد از منظر اقتصاد وارتباطات سیاسی) (“الشعوبية الإيرانية: تحليل جودة حكم محمود أحمدي نجاد من حيث الاقتصاد والعلاقات السياسية”)، (تهران: نشر کرگدن، 1396 ش)، ط2.
31- علي سر زعيم، المرجع السابق، ص 325.
32- المرجع السابق، ص 307.
33- المرجع السابق، ص 308.
34- المرجع السابق.
35- المرجع السابق.
36- جاء في مقابلة صحفية مع د. سر زعيم لمناقشة الكتاب، أن أحمدي نجاد نجح إلى حدٍّ ما في تحقيق وعده بـ”وضع النفط على موائد الإيرانيين”، لكنه وضعه مرة واحدة، ولم ينجح في استثمار هذه الأموال لتحقق عوائد دائمة، فقد ذهبت 420 مليار دولار للواردات الخارجية، فيما أنفق الإيرانيون 57 مليار دولار على السياحة الخارجية في تركيا ودبي وماليزيا ودول أخرى، انظر:
مرتضى گلپو “گفت وگو با علی سرزعیم: پوپولیسم هنوز در کمین ایران است” (“حوار مع علي سر زعيم: الشعبوية ما زالت تنصب كمينًا لإيران”)، صحيفة إيران، العدد 6585، 12 شهريور 1396، ص 10.
37- المرجع السابق، ص 309.
38- المرجع السابق، ص 312.
39- المرجع السابق، ص 313.
40- مشخصه های جریان احمدی نژاد (خصائص تيار أحمدي نجاد)، مرجع سابق.
41- احمدي نژاد: كابينه من، كابينه گردش نخبگان است (أحمدي نجاد: طاقم حكومتي، طاقم تدوير النخبة)، صحيفة اعتماد، العدد 2040، 9 شهريور 1388ص 1، ص 2.
42- في واحدة من مناظراته الانتخابية، ردَّد أحمدي نجاد أمام منافسه عبارة: “بگم..بگم؟”(أقول…أقول؟)، فتلقفها الناس في الشارع نكتة سياسية، كمصطلح يدل على “تعمد فضيحة شخص ما”.
بزرگترین اشتباه احمدینژاد به روایت آیت الله کعبی، وكالة تسنيم، 10 فروردين 1393، (تاريخ الدخول: 30 سبتمبر/أيلول 2020): https://bit.ly/3cXPEfn
43- 100روز با احمدي نژاد؛ بررسي عملكرد دولت در گفتگوي “مهر” با كارشناسان:(2) كوشكي: مهمترين دستاورد احمدي نژاد تاكنون، شكستن سيكل بسته مديران (100 يوم مع أحمدي نجاد؛ دراسة لأداء الحكومة في حوار “مهر” مع الخبراء: (2) كوشكي: أهم إنجازات أحمدي نجاد حتى الآن، كسره دائرة المديرين)، مهر نيوز، 14 آذر 1384 ش (تاريخ الدخول: 20 سبتمبر/أيلول 2020): https://bit.ly/3n9tewj
44- محمود احمدینژاد تهدید به افشاگری کرد/ شکایت ما از اتهامزنندگان تاکنون رسیدگی نشده/ توطئه است (محمود أحمدي نجاد يهدد بالفضح/ لم يتم إلى الآن متابعة شكوانا ضد ملصقي التهم/ مؤامرة)، خبر انلاين، 9 مرداد 1396 ش، (تاريخ الدخول: 20 سبتمبر/أيلول 2020): https://bit.ly/36lfNDt
45- چرا احمدی نژاد رد صلاحیت شد؟ (لماذا جرى رفض صلاحية أحمدي نجاد؟)، انصاف نيوز، 6 ارديبهشت 1396، (تاريخ الدخول: 21 سبتمبر/أيلول 2020): https://bit.ly/2SgBGLK
46- “فرمانده سپاه ‘یک مسئول سابق’ را متهم به فراخوان اعتراضها کرد” (“قائد الحرس الثوري اتهم “مسؤولًا سابقًا” بالدعوة للاحتجاج”، بي بي سي فارسي، 3 يناير/كانون الثاني 2018، (تاريخ الدخول: 21 سبتمبر/أيلول 2020): https://bbc.in/34fyC8s
47- “نامه دکتر احمدى نژاد به محضر مقام معظم رهبرى درباره شرایط کشور، توطئه دشمنان، عملکرد مسئولین وخواست ونظرات مردم” (“رسالة الدكتور أحمدي نجاد إلى مقام مرشد الثورة حول ظروف البلد ومؤامرة الأعداء ونتيجة عمل المسؤولين ومطالب الشعب”، موقع “دولت بهار”، 7 آذر 1396، (تاريخ الدخول: 15 مارس/آذار 2018): https://bit.ly/36mwnCY
48- سر زعيم، مصدر سابق، ص 215-216.
رابط المصدر: