بقلم : آمال صبحي خليفه – باحثة في العلوم السياسية
يشهد العالم حدة في التطورات الدولية و توتر في العلاقات الدولية بشكل كبير فالحرب الروسية الأوكرانية جعلت العالم يعاني، إلا أنه وعلى جانب آخر نجد ارتفاع حدة الصراع الأمريكي الصيني في أوقات حرجة قد زادت من المعاناة حيث حلقت طائرة أمريكية فوق بحر الصين الجنوبي و تم اعتراضها من قبل طائر مقاتلة صينية كان جاهزة للمواجهة والهجوم وذلك في 25من فبراير لهذا العام 2023، حيث اعتبرت الصين تلك الحادثة انتهاك إلى سيادتها باعتبار أن الولايات المتحدة الأمريكية اعترافت بأحقية الصين في السيطرة على تلك المنطقة، مما فسرته الصين انتهاك لسيادتها.
الصين …وأصل الصراع
يمتلك بحر الصين الجنوبي أهمية جيوسياسية واستراتيجية حيث يقع بحر الصين الجنوبي في جنوب شرق آسيا ممتدا من مضيق ملقا في الجنوب الغربي لمضيق تايوان في الشمال الشرقي، بالإضافة إلى أنه نطاق جغرافي مهم لطرق المواصلات البحرية التي تتميز بالكثافة النشاط التجاري وكثافة السكان للدول المشاطئة ومنها (تايلاند، فلبين، الصين، إندونيسيا، كمبوديا، سنغافورة، بروناي، ماليزيا) وهو أحد أهم ممرات التجارة العالمية تصل نسبة الحافلات العالمية التي تمر من خلالها إلى حوالي أكثر من نصف أسطول تجارة العالمي، مع احتوائه على كميات كبيرة من النفط والغاز الطبيعي حيث يصل إلى حوالي 11مليار برميل من النفط 190 تريليون قدم مكعب من غاز الطبيعي وذلك وفقا لتقدير إدارة الطاقة الأمريكية.
تتمسك الصين بالمنطقة لعدة أسباب حيث تستخدم المنطقة لتواصل الإقليمي لدول الأخرى ولكن تحول بحر الصين الجنوبي إلى منطقة صراع بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين بسبب نشر امريكا قواتها العسكرية يشكل مكثف وبالإضافة إلى القوات الصينية والتي تحاول الصين السيطرة على الجزر المتواجدة في تلك المنطقة باعتبارها مناطق ومحطات تستطيع نشر التسهيلات فيها ومراقبة التجارة و جمع المعلومات، حيث تشعر الصين بتهدد بسبب التواجد الأمريكي الذي في غير صالحها نظرا أن حوالي من 60٪من تجارتها تمر عن طرق المنطقة، بالإضافة إلى أهمية المنطقة لأمريكا حيث اعتبرها أحد أهم طرق مصالحها الحيوية والدخول الحر إلى النطاقات البحرية الآسيوية حيث تسعى على نشر القوات للسيطرة بشكل مكثف من الروابط والالتزامات الأمنية لسيطرة على أنحاء الجزر.
لذلك يمكن القول أن كل من الولايات المتحدة الأمريكية والصين دولتان تعملان على سيطرة على بحر الصين الجنوبي لحساب مصلحتها القومية حيث تسعى الولايات المتحدة الأمريكية للاستمرار في السيطرة العلمية منذ نظام عالمي الجديد، وفي ذات الوقت تحاول الصين السيطرة الإقليمية على المتمثلة ان لم تكن تسعى للسيطرة العالمية في ظل الظروف الراهنة التي تمر بها الولايات المتحدة الأمريكية.
تحركات صينية… واحتواء أمريكي
تسعى الصين لتكون قوة عالمية مهيمنة لذلك تحاول بسط سيطرتها على بحر الصين الجنوبي نظرا لما يحتويه من مقدرات قد ذكرت في الأهمية الجيوسياسية والاستراتيجية حيث تبنت البحرية الصينية عقيدة و استراتيجية الدفاع الفعال عن المناطق البحرية البعيدة نسبيًا عن الشواطئ ، حيث سعت الصين السيطرة إقليما في البداية على المنطقة مما أدى إلى تصادم بين الصين والدول المشاطئة لبحر الصين الجنوبي ومنها( فيتنام، سنغافورة، اليابان، اندونيسيا، الفلبين، تايوان، ماليزيا، ومنظمة آسيان التي يتصادم قلتها مع الصين في أكثر من جانب لكن ورغم التصادم استطاعت الصين جذب الدول للعمل في رحابها والعمل معها في أكثر من جانب لكن يبقى التساؤل هنا إلى منى سيظل الوضع كذلك في المنطقة؟ سواء من جانب الدول المشاطئة أو الولايات المتحدة الأمريكية.
وسعيت لامتلاك قدرة على السيطرة الفعالة على البحار ضمن سلسلة الجزر الاولى حيث تسيطر على المنطقة بأكملها ومنها مضيق تايوان، وبحر الصين الجنوبي، بالإضافة إلى اتباع استراتيجية توسعية تدريجية في بحر الصين الجنوبي فبدأت الصين في إظهار قوتها العسكرية من خلال تطوير الطائرات ذات القواعد العسكرية لجيش التحرير الصيني مع إقامة علاقات استراتيجية على طول ممرات البحرية في بحر الصين الجنوبي والتي تعكس أن الصين لا تعمل على تحديد المواقع الهجومية والدفاعية فقط بل تعمل على خدمة اهداف واسعة النطاق فقد جمعت كافة قواتها البحرية، والبرية، الجوية حتى تتمكن من المواجهة.
لكن لم تقف الولايات المتحدة الأمريكية مكتوفة الأيدي في ظل نمو التنين الصيني والتي تعتبر من أكبر التهديدات للولايات المتحدة الأمريكية الأمر الذي دفع السياسة الأمريكية لتبني استراتيجية لعرقلة نمو وتنمية الصين من خلال استفزازها بتواجد في مضيق تايوان، الأمر الثاني وهو احياء برنامج الردع الدفاعي الأمريكي لتفويض الصين مثل ما حدث مع الاتحاد السوفيتي السابق، وذلك من خلال التواجد العسكري الاستراتيجي في المنطقة حيث عمدت على إقامة علاقات تعاونية مع دول الجوار الصيني ومنها اليابان التي تلعب دورا هاما بالإضافة إلى كوريا الجنوبية والمناورات العسكرية المستمر بل عملت أيضا على إقامة اتفاقيات متعددة مع دول اندونيسيا، سنغافورة، بروناي حتى تتمكن من تطويق الصين (سياسة الاحتواء) مع استمرار التدريبات العسكرية بشكل دوري بين الدول وتواجدها الذي من شأنه يهدد الأمن القومي الصيني.
الصين والهيمنة العالمية
استطاعت الصين السيطرة على الدول المجاورة أو ما يعرف بالمحيط الإقليمي حيث عملت على جعل الدول تعمل تحت وطاءتها ومنها دول إندونيسيا، الفلبين، فيتنام، ومنظمة آسيان حيث نجد خلافات بين منظمة آسيان والصين بشأن بحر الصين الجنوبي حول المنظر المستقبلي وقواعد الاستقرار وتحقيق الأمن في المنطقة، بالإضافة إلى خشية دول في جنوب شرق آسيا الدخول في محاولة التسلح حتى لا يترتب عليها سياق تسلح في ظل الهوة العسكرية بين بكين والدول جنوب شرق آسيا ومنها شعرت الولايات المتحدة الأمريكية بتهديد الصين لذلك عملت على التواجد العسكري وإقامة علاقات واتفاقيات مع دول الجوار
يمكن وضع عدد من السيناريوهات أو المقترحات التي تناقش الوضع الصيني في ظل الوقت الراهن خاصة في ظل أزمة الحرب الروسية الأوكرانية وهي نجد السيناريو الأول للنزاع في بحر الصين الجنوبي في صعود قوة الصين حيث تصير الصين هي القوى الكبرى الجديدة في المقابل نجد تقويض أو تراجع القوى الأمريكية وذلك لعدة أسباب أخرى سواء على الصعيد الداخلي أو الخارجي، لكن توضح معظم المؤشرات استمرار الوضع على ما هو عليه في بحر الصين الجنوبي ولن يتطور الصراع إلى حالة من الحرب الشاملة بين الدول المتنازعة فعلى الرغم من التحركات الصينية المبالغ فيها إلا أنه لم يحاول الطرف الأخرى “الولايات المتحدة الأمريكية” الوقوف بشكل مباشر ضد تلك التحركات، يؤكد بعض الباحثين في حالة حدوث صراع عنيف في المنطقة ستكون الغلبة للصين بسبب مركز انتشار القواعد العسكرية في الجزر وخاصة الجزر الصناعية.
وفي الختام نجد أن الصراع في بحر الصين الجنوبي سيظل في مراحله الحالية لن تقدم أي من الصين والولايات المتحدة الأمريكية على ارتكاب فعل قد يجعلها تدفع ثمن ذلك جراء حرب تعلم أن ذلك سيعود بالأثر السلبي عليها، لذلك سيظل الوضع على ما هو عليه تحاول الدولتين بتحقيق التوازن في المنطقة فقط، وذلك بن يمنع حدوث مواقف أو مناوشات قد تعمر صفو العلاقات لكم سيظل التوازن في المنطقة قائم بين القوتي، وي جع سبب الولايات المتحدة الأمريكية لعدم اتخاذ رد فعل عسكري لسبب قوة الصين العسكرية من جهة وبسبب القوة الاقتصادية حيث تعتبر الصين من أكبر دول التي تحمل سندات وأسهم أمريكية، كذلك تحت ل الصين للوصول إلى الهيمنة العالمية أو تكون بمثابة المنافس الأول للولايات المتحدة الأمريكية لذلك لن تحاول الدخول في حرب معها.
.
رابط المصدر: