أصبح من الضرورة الملحة فرض خط أحمر فى قطاع غزة لا تتجاوزه إسرائيل بقواتها المسلحة لحين وقف القتال، حفاظا على حياة سكان القطاع المدنيين، والإبقاء على باقى المرافق الضرورية للحياة، وألا يتجاوزه جيش الاحتلال الإسرائيلى جنوبا لا برا ولا بحرا ولا جوا، ويمكن أن يكون هذا الخط هو الفاصل بين خان يونس ودير البلح الذى يقطع قطاع غزة من شرقه إلى غربه، وهو جنوب الخط الذى حددته إسرائيل بالتزامن مع بدء هجومها البرى على شمال مدينة غزة.
فقد تجاوز القتلى الغزيين رقم الـ21 ألف شهيد، وهو مرشح للزيادة إذا ما طال أمد الحرب و70% من هذا الرقم من الأطفال، والنساء و75% إذا ما أضيف إليه كبار السن، وللأسف ان ما يقارب 20% من إجمالى الخسائر دفن وقضى تحت الأنقاض فى أكبر معاناة للنفس البشرية، ثم من تبقى على قيد الحياة الخطيرة دفع قسرًا للهجرة إلى جنوب القطاع سيرا على الأقدام أو على مسطحات تجرها دواب بائسة لندرة السيارات، بما فيها الإسعاف نظرا لمنع إسرائيل الوقود بدعوى استخدام حماس له كوقود دفع للصواريخ، وهو ما يؤدى إلى توقف مولدات كهرباء المستشفيات ومحطات تحلية مياه البحر المالحة. هذا بالإضافة إلى تدمير البنى التحتية لاستمرار الحياة مثل مياه الشرب والكهرباء والمستشفيات ومحطات الوقود وغاز الطهى. كما أن تدمير أو إيقاف شبكة الإنترنت والكهرباء لا يمكٍن السكان من التواصل للذهاب إلى المربعات التى تدًعى إسرائيل أنها آمنة! ولكنها تحاول أن تتجمل بقبح أمام بعض الضغوط الغربية التى تُمَارس ضد إسرائيل على استحياء.
والآن السؤال الكبير: ألا يكفى كل هذا القتل وكل هذا الدمار لأن يفرض العالم قرارا بوقف إطلاق النار لا يوقفه «فيتو» منحاز ثم التفاوض المباشر كأوسلو 1993 أو من خلال وسطاء؟ وألا يستطيع العالم كمرحلة استباقية ان يفرض خطا أحمر كما سبق لا تعبره القوات الإسرائيلية برا وبحرا وجوا لضمان الحد الأدنى لاستمرار الحياة فى ظل تكدس كل سكان القطاع على نصف مساحته تقريباَ؟ الذى تتمادى إسرائيل معه ليكون على ربع مساحته بدعاوى تعقب حماس (كيف وأين؟) ما يضاعف التكدس بلا مأوى مع فصل الشتاء.
وعلى الرغم من تصاعد معدلات وأسلوب الاستنكار الشعبى العالمى بما، فيه الغربى والأمريكى وبعض اليهودى، فإن حدوده تقف عند اللافتات والهتافات وبعض القوى الناعمة، وهذا أقصى ما لديهم من منطلق آدمى وإنسانى يشكرون عليه، إلا أن المطلوب هو المستوى الرسمى الذى لم يتجاوز الاستنكار والشجب والإدانة، وقد يذهب بعيدا إلى «أشد عبارات الإدانة»، وهذا سقف ما وصلته الدول والتجمعات الإقليمية والدولية مثل الأمم المتحدة (التى يٌهدد أمينها العام بواسطة إسرائيل لمحاولته إصدار قرارات من مجلس الأمن فورية وملزمة)، لأن كل يوم يمر يضيف بضع مئات من الغزاويين إلى قائمة الشهداء والجرحى والمفقودين، بالإضافة إلى مدنيين إسرائيليين أيضا بعضهم يرفض تلك الحرب البغيضة ويلقى بتبعيتها على القيادة الإسرائيلية السياسية والعسكرية المتشددة والفاشلة.
إن إسرائيل تقول إنها خلال شهرين من الحرب قد قتلت نحو 5000 من حماس التى تقدٍر عدد تابعيها بـ50 الفا، وتدعى أنه رغم حرص الجيش الإسرائيلى على أمن المدنيين الغزيين, فقد قتل اثنين من المدنيين مع كل حمساوى، أى للقضاء على باقى حماس (45 الفا) كهدف للحرب على الرغم من الحرص المزعوم سيتم قتل 90 ألف غزى، ليصل إجمالى القتلى إلى 150 ألفا، بما يقارب قتلى أول قنبلة ذرية أمريكية على مدينة هيروشيما، ويزيد على ثانى قنبلة على ناجازاكى اليابانيتين فى أغسطس 1945، لإنهاء الحرب العالمية الثانية!! ثم كيف يتم حرص الطيران الإسرائيلى على مدنيى غزة وفرزهم عند قصف وهدم بنايات وأبراج غزة السكنية على من فيها كجرائم حرب؟ إنه الكذب والافتراء.
ثم تطالعنا الخطط الإسرائيلية عن فكرة ضخ مياه البحر من ساحل غزة إلى الأنفاق، للقضاء على قوات حماس داخلها. والأمر لا يعدو أن يكون حربا نفسية, لتعدد شبكات الأنفاق ومداخلها، ومخارجها وإمكان سد مداخلها الغربية مع بعدها عن الساحل. كما لم تكتشف إسرائيل العديد منها بعد. كما أن هذا الإغراق فى حالة نجاحه سوف يقتل الرهائن الإسرائيليين مع حماس، وهو ما لا تتحمله القيادة الإسرائيلية المرتبكة أمام شعبها المنقلب عليها وعلى قيادة الجيش منذ صفعة 7 اكتوبر المؤلمة ضد صفوة قواتها واستخباراتها.
المصدر : https://marsad.ecss.com.eg/80299/