احتفلت كبرى العواصم العالمية مع عروض ألعاب نارية مبهرة، بحلول العام 2024 فيما أطلقت حركة حماس صواريخ على تل أبيب واستمر قصف اسرائيل على قطاع غزة، حيث لا يعول سكان غزة كثيرا على عام 2024 في أن يكون أكثر راحة بعد مرور 12 أسبوعا من الحرب التي شنتها إسرائيل على غزة.
اما الرئيس الروسي بوتين فقد أعلن في خطابه لمناسبة رأس السنة أن بلاده “لن تتراجع أبدا”، وقال “أثبتنا مرارا أن بإمكاننا الاضطلاع بأصعب المهمات وأننا لن نتراجع أبدا لأنه لا يمكن لأي قوة أن تقسمنا”.
فيما قال الرئيس الصيني شي جين بينغ في خطابه بمناسبة العام الجديد إن “إعادة توحيد” الصين مع تايوان حتمي مستخدما لهجة أكثر حزما.
وكان المواطنون في نيوزيلندا من أوائل المحتفلين في العالم بقدوم العام الجديد إذ أقيم عرض للألعاب النارية في مدينة أوكلاند وأضاءت الألعاب النارية سماء المدينة الملبدة بالغيوم.
ويدخل سكان العالم الذي يتجاوز عددهم الثمانية مليارات السنة الجديدة على أمل وضع حد لغلاء المعيشة والنزاعات العالمية.
واستقبلت سيدني عام 2024 بإقامة عرض مبهر للألعاب النارية وهو ما يوافق الاحتفال بالذكرى الخمسين لدار أوبرا سيدني الشهيرة. حيث نصبت نفسها “عاصمة عالمية لرأس السنة”، احتشد أكثر من مليون شخص على شاطئ ميناء المدينة في حين أشارت السلطات والشرطة إلى أن كل المواقع المطلّة على مكان الألعاب النارية باتت مشغولة.
وتجمّع سكان سيدني في هذه المواقع متحدّين الطقس الذي يشهد رطوبةً غير معتادة في هذا الوقت من العام، وشاهدوا إضاءة جسر هاربر بريدج ومعالم أخرى بأسهم نارية وصل وزنها إلى ثمانية أطنان.
وأضاءت المفرقعات النارية سماء أوكلاند وهونغ كونغ وبانكوك ومانيلا فضلا عن جاكرتا وريو دي جانيرو من بين مدن أخرى.
وتجمع أكثر من مليون شخص في جادة الشانزيليزيه في باريس. وبلغت الاحتفالات ذروتها عند منتصف الليل مع عرض ألعاب نارية أطلقت من قوس النصر في الجادة الشهيرة طبعته دورة الألعاب الأولمبية التي تستضيفها العاصمة الفرنسية الصيف المقبل مع فعاليات كثيرة تشير إلى العرس الأولمبي.
في الدنمارك ولمناسبة خطاب رأس السنة التقليدي الذي نقله التلفزيون أعلنت الملكة مارغريتي الثانية البالغة 83 عاما بشكل مفاجئ تنحيها في 14 كانون الثاني/يناير عن العرش ليخلفها نجلها الأمير فريدريك.
في نيويورك احتشد آلاف الأشخاص لحضور إنزال كرة البلور الشهيرة في ساحة تايمز سكوير بأنوارها الشهيرة فيما راح الباعة في المكان يبيعون صافرات وقبعات كتب عليها 2024.
وقامت الشرطة التي انتشرت بقوة في وسط مانهاتن بإزالة سيارات مشبوهة ونصبت حاجزا حديديا للتدقيق بالجموع مع تركيز على المتظاهرين المؤيدين للفلسطينيين.
وخلال كلمة متلفزة قبل احتفالات نيويورك، أعرب الرئيس الأميركي جو بايدن عن تفاؤله حيال أداء الاقتصاد الأميركية وأشاد بقدرة بلاده على الصمود وأعلن “عودة “الشعب” الأميركي.
وفي الإمارات، أضاءت الأسهم النارية سماء برج خليفة في دبي ضمن احتفالات في مدن عدة استمرت 60 دقيقة في منطقة الوثبة في إمارة أبوظبي، وفق ما أفادت وكالة أنباء الإمارات “وام”.
وفي ريو دي جانيرو احتفل آلاف الأشخاص بالانتقال إلى العام الجديد على شاطئ كوباكابانا الشهير مع ألعاب نارية وموسيقى عزفتها أوركسترا سمفونية وعروض لنجوم بوب وفانك وسامبا محليين.
في روما، ذكر البابا فرنسيس في صلواته ضحايا الصراعات في مختلف أنحاء العالم، مشيراً إلى الأوكرانيين والفلسطينيين والإسرائيليين والسودانيين و”شهداء الروهينغا” في بورما.
وقال البابا البالغ 87 عاماً من ساحة القديس بطرس “في نهاية العام، لِنتَحَلَّ بالشجاعة ونسأل أنفسنا كم ضحية وقعت جراء النزاعات المسلحة وكم قتيلاً سُجّل”، في هذه الصراعات.
وتابع “لنسأل أنفسنا كذلك ما هو حجم الدمار والمعاناة والفقر؟ فليراجع مَن لهم مصلحة من هذه الصراعات ضمائرهم”.
وسيشهد هذا العام انتخابات حاسمة في بلدان تضم نصف سكان العالم.
فإلى جانب الانتخابات الروسية، سيُدعى أكثر من أربعة مليارات شخص إلى الاقتراع لا سيما في المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي والمكسيك والهند واندونيسيا وجنوب إفريقيا وفنزويلا فضلا عن الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة.
سكان غزة يأملون أن يجلب العام الجديد السلام
لا يعول سكان غزة كثيرا على عام 2024 في أن يكون أكثر راحة بعد مرور 12 أسبوعا من الحرب التي شنتها إسرائيل للقضاء على حركة حماس. وفي رفح على حدود غزة مع مصر، والتي أصبحت أكبر نقطة ينزح إليها الفلسطينيون الفارون من أجزاء أخرى من القطاع، كان الناس أكثر انشغالا يوم الأحد بمحاولة العثور على مأوى وطعام وماء من التفكير في العام الجديد.
وقال أبو عبد الله الأغا، وهو فلسطيني في منتصف العمر دُمر منزله في خان يونس وفقد ابنة أخيه الصغيرة وابن أخيه في غارة جوية إسرائيلية، إنه يود في 2024 العودة إلى أنقاض منزله ونصب خيمة والعيش هناك.
ونزح نحو مليوني فلسطيني داخل قطاع غزة بحسب الأمم المتحدة بسبب هذا النزاع أي نحو 85% من السكان.
وقال النازح عبد عكاوي الذي فرّ مع زوجته وأطفاله الثلاثة “كانت سنة مظلمة مليئة بالمآسي”. وروى الرجل البالغ 37 عاماً، والقاطن حالياً في مخيم للأمم المتحدة في رفح في جنوب قطاع غزة أنه فقد شقيقه، لكنه ما زال يتمسّك بالأمل للعام 2024. وقال “إن شاء الله، ستنتهي هذه الحرب، العام الجديد سيكون أفضل وسنتمكن من العودة إلى منازلنا وإعادة بنائها، أو العيش في خيمة على الأنقاض”.
وتقول السلطات الصحية في القطاع الذي تديره حركة حماس إن القصف الإسرائيلي أجبر جميع سكان غزة تقريبا على ترك منازلهم وأدى إلى مقتل 21800 شخص وترك الناجين يواجهون خطر الجوع والمرض والعوز.
ويبدو أن أي أمل في التوصل إلى تسوية سياسية للصراع وتحقيق مسعى الفلسطينيين الممتد منذ 75 عاما من أجل تقرير المصير أبعد من أي وقت مضى.
وقالت سوزان خضر وهي تبكي “عام 2023 كله معاناة. من شهر عشرة وإحنا بنعاني وإحنا في الشارع في الخيام انهدت بيوتنا”، مضيفة أنها تتمنى أن يشهد العام الجديد نهاية الحرب.
وأضافت “حياتنا كلها صارت شوارع أكلنا في الشارع مسكنا في الشارع نموت في الشارع ولادنا في الشوارع كلنا مشردين. فقدنا حاجات كتيرة في عام 2023”.
ويتجمع الناس حول الخيام المؤقتة في رفح وفي الأراضي والحقول الخالية. وسرعان ما امتلأت المدارس التي تديرها الأمم المتحدة، وجرى تخصيصها كملاجئ في وقت مبكر من الصراع، بالأشخاص الذين دُمرت منازلهم.
وفي خيامهم المصنوعة من البلاستيك ولا يوجد بها سوى القليل من الأمتعة مثل الأغطية وأدوات الطبخ، يتذكر الناس بحسرة منازلهم التي نزحوا منها وحياتهم في السابق.
وقالت منى الصواف (12 عاما) من مدينة غزة بينما كانت تلعب مع قطة صغيرة وسط الأنقاض “بتمنى في سنة 2024 يعني يتصلح كل شيء وترجع الحياة طبيعية زي ما كانت يعني ترجع الحياة زي ما كنا في الأول نرجع طبيعي نلبس ونرجع ونتمشور ويصلحوا البيوت اللي اتدمرت”.
عام 2024 يدخل في الحرب
دخلت إسرائيل وقطاع غزّة عام 2024 من دون توقّف في القتال، إذ واصل الجيش الإسرائيلي قصفه المكثّف للأراضي الفلسطينيّة ما اوقع 24 قتيلا على الأقل، فيما أطلقت حركة حماس صواريخ على تلّ أبيب والجنوب الإسرائيلي تزامنا مع حلول العام الجديد.
ودوّت صافرات الإنذار في مناطق إسرائيليّة عدّة، وتمكّن صحافيّون في وكالة فرانس برس في تلّ أبيب من رؤية صواريخ تعترضها أنظمة الدّفاع الصاروخي الإسرائيليّة عند منتصف الليل بالتحديد. وسارع أشخاص كانوا يحتفلون بالعام الجديد في أحد الشوارع إلى الاحتماء، فيما واصل آخرون الاحتفال.
وقال غابرييل زيملمان (26 عاما) لوكالة فرانس برس أمام حانة في تلّ أبيب إلى حيث أتى للاحتفال مع رفاقه “شعرت بالرعب، كانت أوّل مرّة أرى فيها صواريخ، إنّه أمر مرعب. هذه هي الحياة التي نعيشها، هذا جنونيّ”.
وأعلنت كتائب عزّ الدّين القسّام، الجناح المسلّح لحركة المقاومة الإسلاميّة حماس، مسؤوليّتها عن الهجومَين في شريط فيديو نُشر على شبكات التواصل الاجتماعي، مشيرة إلى أنّها استخدمت صواريخ إم 90 “ردا على المجازر الصهيونيّة بحقّ المدنيّين”.
ولم تهدأ الغارات الجوّية الإسرائيليّة، ولم تتوقّف المعارك البرّية بين الجيش الإسرائيلي وعناصر حماس، فيما يسود اليأس بين سكّان قطاع غزّة المحاصر الذين يعانون تداعيات الحرب اليوميّة. وأكّد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو السبت أنّ الحرب ستستمرّ “أشهرا عدّة”، مجدِّدا تعهده القضاء على الحركة الفلسطينيّة.
وأعلنت وزارة الصحة التابعة لحركة حماس صباح الاثنين مقتل “24 مدنيا وإصابة العشرات، غالبيتهم من الأطفال ونساء، في استهدافات الليلة وحتى الخامسة صباحا”.
وكان قُتل 48 فلسطينيًّا على الأقلّ في قصف ليل السبت الأحد على مدينة غزّة حسبما قالت وزارة الصحّة التابعة لحماس.
وروى محمّد بطيحان وهو من سكّان غزّة “بعد الانفجار أتينا إلى المنطقة ووجدنا شهداء أينما كان”.
وقال شهود إنّ ضربة أخرى قتلت 20 شخصًا كانت تؤويهم جامعة الأقصى في غرب مدينة غزّة.
وأعلن الجيش الإسرائيلي أنّه قتل 12 مقاتلًا فلسطينيًّا في عدد من المعارك البرّية وفي القصف الجوّي والمدفعي، مشيرًا إلى أنّه عثر على أنفاق لحماس ومتفجّرات مزروعة في روضة أطفال.
وقال أحمد الباز (33 عاما) الذي نزح إلى رفح “2023 هي أسوأ سنة في حياتي. كانت سنة دمار وخراب. عشنا مأساة لم يعرفها حتّى أجدادنا”. أضاف “نريد فقط أن تنتهي الحرب وأن نبدأ السنة الجديدة في منازلنا مع وقف إطلاق نار”.
وقالت أمّ لؤي أبو خاطر (49 عاما) التي نزحت بسبب القتال إلى مخيّم موقّت للاجئين في رفح عند أقصى جنوب قطاع غزّة “آمل في أن تنتهي الحرب قريبا. كفانا من هذه الحرب! نحن منهكون تماما. ننزح باستمرار من مكان إلى آخر وسط البرد”.
زهاء 22 ألف قتيل
وأسفر القصف الإسرائيلي على قطاع غزّة والذي يترافق منذ 27 تشرين الأوّل/أكتوبر مع عمليّات برّية، عن مقتل 21822 شخصًا على الأقلّ، معظمهم نساء وأطفال، وفق وزارة الصحّة التابعة لحماس، وهي أعلى حصيلة لأيّ عمليّة إسرائيليّة حتّى الآن.
وأفادت الوزارة بسقوط 56451 جريحًا منذ بدء الحرب، في وقتٍ أصبح معظم مستشفيات غزّة إمّا خارج الخدمة وإمّا متضرّرًا ومكتظًّا.
في الأسابيع الأخيرة انتشر الجيش الإسرائيلي في شمال قطاع غزة ومن ثم باتجاه خان يونس جنوبا والان في مخيمات لاجئين في وسط القطاع الذي نزح 1,9 مليون شخص فيه بسبب القتال وفق الأمم المتحدة، أي 85 % من سكانه.
ولا تكفي قوافل المساعدات اليوميّة التي تدخل القطاع لتخفيف معاناة السكّان.
وحذّرت منظّمة الصحّة العالميّة من الخطر المتزايد لانتشار أمراض مُعدية. وأعلنت الأمم المتحدة أنّ غزّة “على بُعد أسابيع” فقط من الدخول في مرحلة مجاعة.
مع احتدام الحرب، دان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش “المعاناة الإنسانيّة الرهيبة” و”العقاب الجماعي” للمدنيّين الفلسطينيّين.
ويُواصل الوسطاء الدوليّون جهودهم توصّلًا إلى وقف جديد للنار. وتوجّه وفد من حركة حماس التي يُصنّفها الاتّحاد الأوروبّي والولايات المتحدة وإسرائيل منظّمة إرهابيّة، إلى القاهرة الجمعة لنقل “ردّ الفصائل الفلسطينيّة” على خطّة مصريّة تقضي بالإفراج عن رهائن وتشمل وقفًا في الأعمال الحربيّة.
وقال محمّد الهندي، نائب الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي، وهي جماعة مسلّحة تُقاتل إلى جانب حماس، في بيان، إنّ هذا الردّ سيُقدَّم “في الأيام المقبلة”.
وأججت حرب غزّة التوتّر عند الحدود بين لبنان وإسرائيل التي تشهد تبادلا شبه يومي للقصف بين الجيش الإسرائيلي وحزب الله الموالي لإيران والداعم لحركة حماس.
وأعلن الجيش الإسرائيلي مساء الأحد أنّه حدّد “هدفًا جوّيًا معاديًا” آتيًا من سوريا واعترضه. وقال إنّه اعترض أيضًا “طائرة مُعادية” كانت متّجهة نحو أراضيه.
وفي البحر الأحمر، أعلن الجيش الأميركي الأحد إغراق ثلاثة زوارق تابعة للحوثيّين وقتل طواقمها ردًا على ثاني هجوم في أقلّ من 24 ساعة على حاملة حاويات في البحر الأحمر.
وأكّد مصدران في ميناء الحديدة مقتل عشرة حوثيين في القصف الأميركي على الزوارق.
ومنذ بدء الحرب في السابع من تشرين الأول/أكتوبر يبدي الحوثيون دعمهم للفلسطينيين في قطاع غزة وقد كثفوا في الأسابيع الأخيرة هجماتهم على السفن في البحر الأحمر ما يهدد بتعطيل تدفقات التجارة البحرية العالمية.
بوتين يتجاهل أوكرانيا
أشاد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بالجنود الروس ووصفهم بالأبطال في خطابه الذي ألقاه بمناسبة العام الجديد يوم الأحد والذي ركز فيه على الوحدة والعزم المشترك، دون أن يتطرق في حديثه إلى الحرب في أوكرانيا.
وجاء الخطاب المسجل مسبقا على النقيض تماما من الخطاب الذي ألقاه بوتين العام الماضي ووقف فيه وراء جنود ذوي مظهر متجهم لتوجيه دعوة قوية للتضحية فيما وصفه بأنه قتال من أجل الحياة.
وقال بوتين “إلى كل من هو في موقع قتالي أو في الصفوف الأولى في القتال من أجل الحقيقة والعدالة: أنتم أبطالنا وقلوبنا معكم. نحن فخورون بكم، ومعجبون بشجاعتكم”.
ولم يذكر بوتين في خطابه أوكرانيا بالاسم ولا “العملية العسكرية الخاصة”، وهو المصطلح الذي أطلقه على الحرب التي شنتها روسيا على أوكرانيا في فبراير شباط 2022.
وخفف بوتين في الأشهر القليلة الماضية من حدة رسائله القومية الحادة السابقة بشأن أوكرانيا وبات يركز على الاقتصاد والتضخم قبل الانتخابات الرئاسية المقررة في مارس آذار.
وقال “لقد أثبتنا أكثر من مرة أننا قادرون على حل أصعب المشكلات ولن نتراجع أبدا، لأنه لا توجد قوة يمكنها أن تفرقنا”.
ولم يتطرق بوتين في خطابه إلى مصير مئات الآلاف من الجنود الروس الذين يقال إنهم قتلوا أو أصيبوا، أو إلى وصول الصراع إلى الأراضي الروسية وهو ما تجلى في الهجوم الأوكراني يوم السبت على مدينة بيلجورود على بعد 34 كيلومترا من الحدود.
وأنهك النزاع الذي يقوده الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بعض مواطني روسيا. وقالت زويا كاربوفا (55 عاماً)، وهي مُزيّنة مسارح مُقيمة في موسكو، “أرغب بأن تنتهي الحرب في العام الجديد، وبأن يأتي رئيس جديد وتعود الحياة إلى طبيعتها”.
ويعدّ بوتين الزعيم الروسي الذي أمضى أطول فترة في الحكم منذ عهد جوزيف ستالين. وهو موجود في السلطة منذ 2000 ويسعى للفوز بولاية جديدة مدتها ست سنوات في الانتخابات الرئاسية المقررة في منتصف آذار/مارس، ما يعد مسألة شكلية في ظل الظروف الراهنة، بعد قمع المعارضة في السنوات الأخيرة.
وأعلن بوتين في خطابه لمناسبة رأس السنة أن بلاده “لن تتراجع أبدا”، من دون أن يذكر صراحة الحرب في أوكرانيا.
وقال “أثبتنا مرارا أن بإمكاننا الاضطلاع بأصعب المهمات وأننا لن نتراجع أبدا لأنه لا يمكن لأي قوة أن تقسمنا”.
وأكّد أنّ “العمل من أجل المصلحة العامة وحّد المجتمع”، مشدداً على أنّ “العنصر الرئيسي الذي يجمع الروس هو “مصير الوطن”.
ويسعى الكرملين للترويج إلى فكرة أنّ بوتين يحظى بإجماع الجميع، قبل الانتخابات الرئاسية في آذار/مارس والتي يُتوقع فوزه الحتمي بها.
ومع أن بوتين لم يشر صراحة إلى الحرب في أوكرانيا المستمرة منذ حوالى عامين، لمّح مرات عدة إليها مقدما على سبيل المثال تحية إلى الجنود “أبطالنا” الذين يقاتلون من أجل “الحقيقة والعدالة”.
وتوجّه إليهم بعد عامين تقريباً من بدء الصراع، بالقول “أنتم أبطالنا”، مؤكداً لهم أنّ “الأمة برمّتها تدعمهم”.
لكن خلافاً للعام الفائت عندما ظهر محاطاً بجنود يرتدون الزي العسكري، أعلن بوتين أن 2024 ستكون “سنة العائلة”.
وقال في هذا الخطاب الذي يُذاع للمرة الأولى في أقصى الشرق الروسي “دافعنا بحزم عن مصالحنا الوطنية وحريتنا وأمننا وقيمنا”.
وأكّد بوتين أن روسيا التي تعيش “مرحلة غير مسبوقة” ستكون “أقوى” في العام المقبل.
وبوتين الذي يبدو مرتاحاً جراء فشل الهجوم المضاد الأوكراني وتردّد حلفاء كييف بشأن تكلفة مساعداتهم، أظهر ثقة أكبر خلال الأشهر الاخيرة.
ووعد الرئيس الروسي المقتنع بأنّ صفحة النكسات العسكرية في عام 2022 قد طويت، مواطنيه بالنصر في أوكرانيا.
وتشير الولايات المتحدة إلى سقوط نحو 315 ألف جندي روسي بين جريح وقتيل.
ويُتوقَّع أن يواجه بوتين أيضاً المخاوف الناجمة عن ارتفاع الأسعار والغضب المتزايد لعائلات الجنود المشاركين في الحرب والذين يطالبون بعودتهم.
ولم يشر الأحد إلى الهجوم الذي وقع السبت في بيلغورود ويُعدّ الأعنف ضد المدنيين في روسيا منذ اندلع النزاع في شباط/فبراير 2022.
ووعد بوتين مواطنيه بأن روسيا التي تختبر “مرحلة تاريخية” ستكون “أقوى” في العام المقبل.
ومن المنتظر إعادة انتخاب بوتين لولاية جديدة مدتها ست سنوات. ومن الناحية النظرية، يمكنه البقاء في الكرملين حتى 2036، وهو العام الذي يبلغ فيه 84 سنة.
وفي العام الفائت، اكد بوتين في خطابه لمناسبة رأس السنة أن “الحق الأخلاقي والتاريخي في صالحنا”
في أوكرانيا، تقترب الذكرى السنوية الثانية للغزو الروسي، ويتنازع البلاد التحدي والأمل.
وتعهد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في رسالته للعام الجديد الأحد “تدمير” القوات الروسية التي غزت بلاده قبل عامين تقريبا.
وقالت تيتيانا شوستكا بينما كانت صفارات الإنذار تدوي محذرة من قرب تعرّض كييف لغارة جوية “النصر! نحن ننتظره ونؤمن بأن أوكرانيا ستنتصر”. وأضافت المرأة البالغة 42 عاماً “سنحصل على كل ما نريد إذا كانت أوكرانيا حرّة، بدون روسيا”.
إعادة توحيد البلاد مع تايوان حتمي
بدوره قال الرئيس الصيني شي جين بينغ في خطابه بمناسبة العام الجديد يوم الأحد إن “إعادة توحيد” الصين مع تايوان حتمي مستخدما لهجة أكثر حزما مقارنة بتلك التي استخدمها العام الماضي قبل أسبوعين من انتخاب زعيم جديد لتايوان.
ومن المقرر إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في تايوان في 13 يناير كانون الثاني في وقت تشهد فيه العلاقات بين بكين وتايبه توترا. وتكثف الصين ضغوطها العسكرية لتأكيد فرض سيادتها على تايوان. والحكم في تايوان ديمقراطي.
وتعتبر الصين أن تايوان جزء “مقدس” من أراضيها ولم تستبعد بكين أبدا استخدام القوة لإخضاع تايوان للسيطرة الصينية رغم أن شي لم يشر إلى تهديدات عسكرية في خطابه الذي بثه التلفزيون الرسمي.
وقال شي “توحيد الوطن الأم بأكمله حتمية تاريخية” لكن الترجمة الإنجليزية الرسمية لتصريحاته التي نشرتها وكالة أنباء الصين الجديدة (شينخوا) استخدمت جملة أبسط وهي “الصين ستتوحد بكل تأكيد”.
وتابع قائلا “كل المواطنين أبناء الوطن الواحد على جانبي مضيق تايوان يجب أن يجمعهم شعور واحد ويتملكهم شعور الفخر بتجديد شباب الأمة الصينية”. وجاء في الترجمة الإنجليزية الرسمية “كل الصينيين” بدلا من “كل أبناء الوطن الواحد”.
وفي العام الماضي، اكتفى شي بالقول إن الشعبين على جانبي المضيق هم “أفراد من نفس العائلة” وعبر عن أمله في أن يتعاون الناس من الجانبين معا من أجل “التعزيز المشترك للرخاء الدائم للأمة الصينية”.
واعترضت الصين بشكل خاص على نائب الرئيس الحالي لاي تشينغ-تي، المرشح للانتخابات الرئاسية والمنتمي للحزب الديمقراطي التقدمي الحاكم في تايوان والذي يتقدم في استطلاعات الرأي بهوامش متفاوتة، لأنها تعتبره صاحب موقف انفصالي خطر.
من جهتها أبدت رئيسة تايوان تساي إينغ-وين الاثنين أملها في التوصل إلى “تعايش سلمي بعيد الأمد” بين تايبيه وبكين، مشيرةً إلى أنّ مستقبل العلاقات الثنائية يجب أن تقرره “الآليات الديموقراطية” في الجزيرة التي تستعد لإجراء انتخابات رئاسية وتشريعية.
وقالت تساي في كلمة ألقتها لمناسبة بدء العام الجديد وتشكل آخر خطاب لها قبل نهاية ولايتها في أيار/مايو، “نأمل أن يستأنف الجانبان حواراً سليماً ومستمراً في أقرب وقت ممكن”.
وأضافت “نأمل أيضاً أن يسعى الطرفان معاً إلى إيجاد مسار مستقرّ وبعيد الأمد من أجل تعايش سلمي”.
وستلقى الانتخابات الرئاسية والتشريعية المرتقبة في 13 كانون الثاني/يناير في تايوان، متابعة حثيثة من الصين والولايات المتحدة، بسبب أهميتها لناحية مستقبل العلاقات بين الجزيرة وبكين.
وتعتبر الصين تايوان إقليماً تابعاً لها تعهّدت بإعادة توحيده مع بقية أراضيها، ولو باستخدام القوة.
وتدهورت العلاقات بين بكين وتايبه منذ وصول تساي إنغ-وين المؤيدة للاستقلال إلى السلطة في تايوان عام 2016، فقطعت الصين الاتصالات الرفيعة المستوى مع حكومتها وشددت الضغوط العسكرية والسياسية والاقتصادية على تايوان.
وأشارت تساي التي ترفض مطالب الصين في ما يتعلق بتايوان، في كلمتها إلى ضرورة أن تدافع تايوان عن الديموقراطية.
وتابعت “في ظل عودة الصراع بين الديموقراطية والحرية والاستبداد في العالم، فإن الخيار الوحيد أمام تايوان في المستقبل هو مواصلة دعم الديمقراطية وحماية السلام”.
وتعليقاً على خطاب شي جينبينغ، قالت تساي للصحافيين بعد كلمتها “يجب أن تتخذ القرارات استناداً إلى الإرادة الموحّدة للشعب التايواني. نحن دولة ديموقراطية”.
وتابعت “إنّ نوع العلاقة التي سنقيمها مع الصين مستقبلاً يجب أن يُحدَد بناءً على آلياتنا الديموقراطية بغية التوصل إلى قرار نهائي”.
وعن الازمة الاقتصادية قال الرئيس الصيني شي جين بينغ يوم الأحد إن الصين ستدعم وتعزز عزز الانتعاش الاقتصادي للبلاد في عام 2024.
وأضاف في خطاب بثه التلفزيون بمناسبة العام الجديد إن الصين ستعمق الإصلاحات لتعزيز الثقة في الاقتصاد.
وقال شي إن الصين “ستعمل على دعم وتعزيز الاتجاه الإيجابي للانتعاش الاقتصادي وتحقيق تنمية اقتصادية مستقرة وطويلة الأجل”.
وأضاف “يتعين علينا تعميق الإصلاح والانفتاح بشكل شامل، ومواصلة تعزيز الثقة في التنمية، وتعزيز الحيوية الاقتصادية، وبذل جهود أكبر لتعزيز التعليم، وتعزيز العلوم والتكنولوجيا، وتنمية المواهب.”
وعبر شي عن قلقه من العراقيل التي تواجه عمليات بعض الشركات والصعوبات التي يواجهها بعض الأشخاص في العمل وفي حياتهم اليومية، وتأثير الكوارث الطبيعية مثل الفيضانات والزلازل في بعض المناطق.
وقال إن الصين ستعزز التنمية عالية الجودة وتوازن بين التنمية والأمن بطريقة جيدة التنسيق.
وأعلنت الحكومة في الأشهر القليلة الماضية عن سلسلة من الإجراءات لدعم التعافي الاقتصادي الضعيف في الصين بعد وباء كوفيد-19، والذي يعوقه تراجع قطاع العقارات ومخاطر الدين المحلي للحكومة وتباطؤ النمو العالمي.
ويتوقع محللون أن يصل النمو الاقتصادي في الصين إلى الهدف الرسمي البالغ نحو خمسة بالمئة هذا العام، ومن المتوقع أن تبقي بكين على نفس الهدف العام المقبل.
المصدر : https://annabaa.org/arabic/reports/37523