العراق… الجغرافيا والبوصلة

إلى أين؟

يجوز هذا السؤال عن دول كثيرة، خصوصا تلك الغارقة في أزمات سياسية داخلية أو حروب أهلية أو تقع في بؤرة صراع إقليمي ودولي أو في موقع جغرافي يعمق أهميتها الجيوسياسية. لكن إذا توفر قسم كبير من هذه العناصر، أو معظمها، يكون السؤال عاجلا وملحا، وهذا هو حال العراق حاليا.

“العراق… إلى أين؟”، هو سؤال قصة غلاف “المجلة” لشهر سبتمبر/أيلول، حيث نحاول تشريح المشهد الداخلي والإقليمي والدولي، بحثا عن أجوبة لهذا السؤال الكبير الذي يبدو أنه سيتصاعد في الفترة المقبلة مع المخاضين الكبيرين إقليميا ودوليا، واحتمالات التصعيد المفتوحة في الشرق الأوسط.

نجحت أميركا في إسقاط صدام حسين قبل أكثر من عقدين، لكنها لم تملك خطة واضحة المعالم لـ”اليوم التالي”، ما فتح المجال لإيران كي تكون اللاعب الرئيس فيه.

العقدة أن طهران لا ترى في العراق مرتكزا رئيسا في”الهلال الإيراني” وحسب، بل تراه حصنا في رؤيتها للأمن القومي واستراتيجيتها الاستباقية. وإلى حد أقل، تنظر تركيا إليه بوصفه وجهة لمصالحها ومنصة لتحديات أمنية واستعراض الدور الإقليمي.

 

الجغرافيا فرضت واقعا معقدا على بغداد، وهذا التعقيد ازداد تعقيدا في الفترة الأخيرة. لكن الجغرافيا قدر محتوم

 

 

لا شك أن الدول العربية تريد جارا مختلفا عن “عراق صدام”. أيضا، لا تريده منصة لنفوذ إقليمي معاد لها. وهي لا تفوّت فرصة لمد الجسور السياسية والاقتصادية والاجتماعية نحو بغداد.
ليس سهلا أن تحكم عاصمة ساكنة في تاريخ عريق، ومجاورة لإيران وتركيا اللتين ورثتا إمبراطوريتين… ليس سهلا أن تكون “الجدار الشرقي” للأمن العربي.
الجغرافيا فرضت واقعا معقدا على بغداد، وهذا التعقيد ازداد تعقيدا في الفترة الأخيرة. لكن الجغرافيا قدر محتوم، وقد تشكل الخريطة فرصة لصناع القرار وإمكانية الخيار والإفادة من العروض بين أن يكون العراق نقطة توازن وجذب بين الجيران والمتنافسين أو أن يبقى ساحة لاستعراض هيمنة نفوذ القوى الإقليمية. ولا شك أن القرار يكون أصعب إذا كانت الدولة هشة تتمدد فيها الميليشيات وتتعدد فيها الولاءات خارج حدود البلاد. كما أن جرح القرار يكون مؤلما إذا كانت العلاقة متأزمة بين المركز والأقاليم، بين أربيل وبغداد، بين العاصمة الجامعة والمكونات المظلومة.

 

رد غير مدروس قد يكون هدية ينتظرها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لجرّ المنطقة إلى الجحيم في هذه الفترة الحرجة التي تفصلنا عن الانتخابات الأميركية بداية نوفمبر المقبل

 

 

أخطر شيء أن تتحول البلاد إلى ساحة تصفية حسابات، وأن تتحول هشاشة الدولة إلى هدف للاعبين الإقليميين ولأصحاب النفوذ المحليين، أو تجر الميليشيات البلاد إلى حروب أكبر من قدرة العراق على التحمل. مصلحة العراق يجب أن تكون البوصلة التي تحدد القرار. هذا ما يفترض وما يجب أن تكون عليه الأمور، لكن واقع الشرق الأوسط الرهيب، يعقد المهمة يوما بعد يوم.
للإجابة عن سؤال “العراق… إلى أين؟”، لا نقف عند قصة الغلاف وتفاصيلها، بل نضع السؤال المعقد ضمن السياق الإقليمي الأوسع وأسئلة الشرق الأوسط الكبيرة. هذه المنطقة على حافة البركان، منذ هجمات أكتوبر/تشرين الأول. وفي الأسابيع الأخيرة تصاعد اللهيب. تقف المنطقة على حافة الانفجار الكبير، تقف بين خيارين: تسوية، بدءا من وقف النار في غزة وجنوب لبنان، أو حرب كبيرة شرارتها الرد الإيراني على الاغتيالات الإسرائيلية في قلب طهران.
تقف المنطقة على حد القلق بعد جولة التصعيد الأخيرة بين إسرائيل و”حزب الله”. رد غير مدروس قد يكون هدية ينتظرها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لجرّ المنطقة إلى الجحيم في هذه الفترة الحرجة التي تفصلنا عن الانتخابات الأميركية بداية نوفمبر/تشرين الثاني المقبل.
وفي هذا السياق، نغوص في بنية “حزب الله” وتركيبته العسكرية والسياسية، التي تضم قادة إيرانيين وتخترقها الاستخبارات الإسرائيلية التي تغتال يوميا قادة منه.

 

نتوقف عند الجرح السوداني بعد فشل “مفاوضات جنيف”. وفي المشهد العالمي، نفكك معاني صعود اليمين في أوروبا وتنامي التحركات ضد المهاجرين

 

 

بعيدا عن قصة الغلاف، نقدم سيرة صدام ابن الجنرال خليفة حفتر، الذي يتنامى دوره في ليبيا سياسيا وعسكريا واقتصاديا، وكأن قصته تختصر سيرة ليبيا وفشلها منذ سقوط العقيد معمر القذافي. كما نتوقف عند الجرح السوداني بعد فشل “مفاوضات جنيف”. وفي المشهد العالمي، نفكك معاني صعود اليمين في أوروبا وتنامي التحركات ضد المهاجرين.
في عدد سبتمبر أيضا، رحلة إلى الفضاء والصراع الدولي على السيطرة عليه، بل عسكرته، وسعي أميركا والصين خصوصا إلى السيطرة على الفضاء للهيمنة على مقدرات العالم في السنوات والعقود المقبلة.
يتضمن عدد سبتمبر أيضا مراجعة معمقة لاستهلاك الذكاء الاصطناعي- اللاعب الرئيس في المستقبل- للكهرباء والنفط، وعن دور العرب في الابتكارات الطبية. كما نقدم اتجاهات الثقافة العربية والدولية المستقبلية، مع عودة إلى دور “قرية الفاو” السعودية في التسامح الديني داخل الجزيرة العربية.

 

المصدر : https://www.majalla.com/node/322075/%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%A3%D9%8A/%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A7%D9%82-%D8%A7%D9%84%D8%AC%D8%BA%D8%B1%D8%A7%D9%81%D9%8A%D8%A7-%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%A8%D9%88%D8%B5%D9%84%D8%A9

حول الكاتب

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

W P L O C K E R .C O M