د. حسين أحمد السرحان
أطلقت تركيا فجر الاثنين 18 نيسان 2022، عملية ” قفل المخلب” ضد عناصر ال بي كاكا في مناطق متينا وزاب وأفشين-باسيان شمالي العراق. وهذه العملية هي استمرار لعمليات سابقة مشابهة. ففي 23 نيسان 2021، أطلقت تركيا عمليتي مخلب “البرق” و”الصاعقة”، بشكل متزامن ضد عناصر منظمة “بي كاكا” في مناطق “متينا” و”أفشين ـ باسيان”، شمالي العراق، واكدت وزارة الدفاع التركية حينها على استمرار العمليات ضد منظمة “بي كاكا”، لغاية اجتثاث آخر عنصرها في المنطقة.
وفي 16 حزيران 2020، أطلقت تركيا عملية ” المخلب-النسر” العسكرية، في منطقة “حفتانين” شمالي العراق، ضد عناصر منظمة “بي كاكا”، وغيرها من التنظيمات المسلحة. والقوات التي شاركت في العملية هي القوات الجوية والبرية وهي المدفعية وقوات النخبة والخاصة، ومروحيات أتاك والمسيرات العادية والمسلحة، وخلال اليوم الاول من العملية أعلنت وزارة الدفاع التركية استشهاد عسكري برتبة ملازم أول خلال العملية الجارية بعد تأثره بانفجار عبوة ناسفة.
العملية الحالية تهدف الى “منع هجمات حزب العمال الكردستاني على تركيا وقواتها الأمنية من شمالي العراق، وضمان أمن الحدود، ولمنع إلحاق الضرر بالمدنيين، والبيئة، والمباني الثقافية والدينية. وحظر مرور عناصر الحزب عبر العراق وسوريا الى تركيا بشكل كامل، وتدمير مراكز القيادة والسيطرة التابعة للحزب في محيط سنجار.
هناك هدف جديد لهذه العملية وهي، تأمين الممر الجغرافي الذي ستمر فيه أنابيب نقل الغاز التي ستنفذها شركة كار للطاقة، عبر إبعاد تهديدات الحزب عن هذا الممر، يذكر إن الشروع بهذا المشروع بين أنقرة وأربيل تم الاتفاق عليه قبل شهرين تقريباً، اي أن القصف الايراني على اربيل واستهداف منزل رئيس شركة كار للطاقة في أحد جوانبه هو رسالة إيرانية لتركيا والإقليم للتراجع عن هذه الخطوة، ويبدو إن إيران تريد أن توظف وجود الحزب، والذي ينتمي كثير من عناصره الى قوات الحشد الشعبي، في سنجار من أجل إفشال هذا المشروع، وهو ما دفع تركيا للبدء بالعملية الأخيرة.
تركيا تعمل منذ بداية الحرب الروسية -الاوكرانية على ايجاد بديل للغاز الروسي الى اوروبا عبر تركيا. وتم الاتفاق مع اسرائيل خلال زيارة الرئيس الاسرائيلي الى تركيا في اذار الماضي على تفعيل اتفاق سابق بين الدولتين يتمثل في إقامة خط أنابيب تحت البحر من تركيا الى حقل ليفياثان أحد أكبر حقول الغاز الطبيعي في البحر المتوسط، ومن ثم يتدفق الغاز الى تركيا وجيرانها في جنوب أوروبا الذين يبحثون عن بدائل للطاقة بعيدا عن روسيا.
ينبغي للعراق ان يتوافر على قراءة واقعية لطبيعة المجريات في المنطقة. عبر التواصل مع الجانب التركي وان يقترح على تركيا عدة خطوات يمكن ان يقوم بها، وهي:
1/ ابعاد التأثير الاقليمي ولاسيما الايراني في هذا الملف وتصنيف حزب العمال الكردستاني كمنظمة ارهابية، لاسيما وان حوادث صداماته ومواجهته للجيش العراقي تتكرر بين الحين والاخر عبر تدقيق لعناصر الحشد الشعبي في شمال الموصل وقضاء سنجار لفصل عناصر الحزب (قوات البيشة -قوة حماية سنجار) عن الحشد الشعبي.
2/ التنسيق مع قوات التحالف الدولي التي تقودها الولايات المتحدة، التي تصنف الحزب كمنظمة ارهابية، للتصدي لعناصره وبالتنسيق مع الجانب التركي.
3/ اقتصاديا يمكن جذب الاستثمارات التركية للاستثمار في شمال العراق بالتنسيق مع حكومة الاقليم.
بالمقابل، ان تقوم تركيا بالآتي:
1/ اعادة النظر بالاتفاقية الامنية العراقية -التركية في ثمانينات القرن الماضي والتي تنص على السماح لتركيا بالتوغل لمسافة 25 كيلو متر لمواجهة حزب العمال الكردستاني.
2/ زيادة الاطلاقات المائية الى تركيا.
3/ اتفاق جديد بشأن سمات الدخول بين البلدين.
التداعيات على التطورات السياسية الداخلية:
التواصل بين حكومة اقليم كردستان والجانب التركي حول الشؤون الامنية والاقتصادية، يضع الحليف الرئيس للحزب الديمقراطي الكردستاني وهو الكتلة الصدرية في موضع حرج كبير امام منافسيهم في الإطار التنسيقي وامام الرأي العام العراقي، وحتى امام جماهير التيار الصدري.
فضلا عن ذلك، أعلن الاقليم سابقا عدم التزامه بقرار المحكمة الاتحادية القاضي بعدم شرعية تصدير حكومة الاقليم للنفط والغاز، وهو امر يجعل التيار الصدري وتحالف السيادة في حرج كبير وهما يدعوان الى الاصلاح والعدالة في توزيع الموارد، ويفسح المجال اما الاطراف الاقليمية وفي مقدمتها إيران الى توظيف هذا الموضوع بما يخدم نفوذها ومصالحها في العراق. اذ تفيد الانباء التي وردت عن زيارة الوفد الايراني الاخيرة الى اربيل بقيادة حسن دانائي فر، ان إيران عرضت على الحزب الديمقراطي الكردستاني وحكومة الاقليم الغاء قرار المحكمة الاتحادية مقابل الغاء التحالف مع الكتلة الصدرية، وقد رفض الديمقراطي الكردستاني هذا العرض.
إيران، وفي ضوء التنافس الجيوسياسي مع تركيا، وحرصا على عدم تشكيل حكومة اغلبية وطنية، يمكن تعيد المحاولة مرة اخرى وتحقق اهدافها.
.
رابط المصدر: