بقلم/ ضياء المحسن
مع بداية الحوار العراقي الأمريكي، بدا أن الولايات المتحدة تحاول الضغط على حكومة السيد الكاظمي المؤقتة، وإستغلاله للتوقيع على معاهدة بديلة عن المعاهدة المنتهية الصلاحية، لكنها هذه المرة تملك نفوذ أكبر مما طانت تملكه أيام حكومة السيد المالكي، الذي وقع الإتفاقية الأمنية مع الولايات المتحدة؛ والتي ساهمت بإخراج القوات المريكية من العراق، بملاحظة بقاء المستشارين الأمنيين والمدربين الذين يدربون القوات المسلحة والشرطة العراقية.
في المقابل كنا نشهد تطور في العلاقات العراقية الإيرانية، من خلال زيارات كبار المسؤولين في البلدين، وإرتفاع حجم التبادل التجاري بينهما، وتم تتويج هذا التطور في العلاقات مع دخول التنظيمات الإرهابية وإحتلالها لمناطق شاسعة من العراق، حتى أن هذه التنظيمات الإرهابية وصلت الى مناطق قريبة من المراقد المقدسة في كربلاء (جرف النصر ومنطقة البحيرات)، ومع إشتداد الضغط من قبل الإرهابيين على خاصرة بغداد، لم تمد الولايات المتحدة يد المساعدة للحكومة العراقية أيام حكومة السيد العبادي، مع أنها كانت ملزمة بموجب الإتفاقية سالفة الذكر بتقديم تلك المساعدة.
فكان أن وقفت إيران الى جانب العراق، عندما أمدته بالمستشارين والسلاح، وللتاريخ نذكر المواقف المشرفة للقائد الجنرال الشهيد قاسم سليماني، والذي كان له دور كبير في تحقيق النصر، مع القائد الشهيد أبو مهدي المهندس؛ اللذين إغتالتهما القوات الأمريكية غيلة بواسطة غارة على موكبهما قرب مطار بغداد الدولي، وهو الأمر الذي لم تحرك معه الحكومة العراقية ساكنا حتى هذه اللحظة.
الملاحظ أنه مع قرب الحوار العراقي الأمريكي، بدأت تصدر تصريحات من الجانب الأمريكي، حول إمكانية تنشيط القطاعات الإقتصادية وترميم وتأهيل قطاع الكهرباء، بمجرد أن تبتعد بغداد عن طهران، هذه الملاحظة تثير كثير من الشكوك حول الدور الأمريكي في تعطيل تأهيل البنى التحتية في العراق ومنها قطاع الكهرباء، الذي نجد أن تأثيراته كبيرة، فهو من جهة له مساس بحياة المواطن اليومية في بيته، بالإضافة الى أن كثير من المعامل (في القطاع العام والخاص) تعتمد على الكهرباء في إنتاج سلعها التي يحتاجها المواطن، بالتالي فإن إنقطاع الكهرباء سيؤدي الى تحول أصحاب هذه المعامل لشراء الكهرباء من أصحاب المولدات الأهلية بمبالغ كبيرة، سيتم إضافتها على تكلفة السلعة الأصلي، بما يؤدي الى إرتفاع سعر هذه السلعة مقارنة بالسلع المستوردة، وهو الأمر الذي يؤدي الى إيقاف أصحاب المعامل لإنتاجهم بما يرفع سعر السلع في السوق المحلية.
تحاول الولايات المتحدة أن يكون العراق العصا التي تهدد بها إيران، بإستخدام عدد من الأدوات التي تسير في ركب الولايات المتحدة (سواء من الطبقة السياسية، أو في الجهاز الحكومي بشقيه العسكري والمدني)، خاصة إذا ما أخذنا بنظر الإعتبار أن ساحات التظاخر لا تزال مشغولة بالمتظاهرين الذين انكشفت مصادر تمويل الغالب منهم، وهي التظاهرات التي كان ظاهرها التنديد بالفساد الموجود في هيكل الدولة العراقية، أيام حكومة السيد عبد المهدي والذي كان ذنبه الوحيد أنه عرف مصلحة العراق مع من، فاتجهت بوصلته باتجاه الشرق ليوقع مع الصين اتفاقا كان من الممكن أن يغير الكثير من البنى التحتية المتهالكة في العراق، لقاء النفط، يعني كان من الممكن أن نبني العراق دون أن نكلف الميزانية أموالا، وهو الأمر الذي ترفضه الولايات المتحدة، لأنها لا تريد أن يكون هناك عراق قوي في منطقة الخليج، وهي المنطقة التي تحكمها رؤوس نتنة.
على المفاوض العراقي أن يكون على بينة من أمر واحد ألا وهو أن تكون المفاوضات مع الجانب الأمريكي مبنية على أساس قرارمجلس النواب العراقي، والذي يؤكد على إخراج كافة القوات الأجنبية من الأراضي العراقية، وليس لأي غرض أخر كما يشاع، أي أن تمتد المفاوضات بين الجانبين الى أمور أخرى، لأن ذلك يعني أن الجانب الأمريكي يملي شروطه على الحكومة المؤقتة برئاسة مصطفى الكاظمي، والذي نجد أنه يحاول أن يرتمي بأحضان الولايات المتحدة، وهو ما بدا واضحا من خلال الغارة التي أمر بها رئيس مجلس الوزراء، جهاز مكافحة الإرهاب بشنها على اللواء 45 حشد شعبي، مع أن الحشد الشعبي مؤسسة عسكرية بإمرة القائد العام للقوات المسلحة.
فهل كان رئيس مجلس الوزراء قادرا على أن يصدر أمرا مشابها لذلك لقوة من وزارة الداخلية، وشن غارة على جهاز مكافحة الإرهاب؟ لا أظن ذلك!.
إن الولايات المتحدة ليس لها صديق دائم، فمصلحتها حاضرة في كل لحظة وفي أي مكان، بالتالي فإن الإرتماء في أحضانها لن يؤدي بمن يفعل ذلك، إلا أن يكون مكشوف الغطاء، عندها ستتوالى عليها الطعنات من كل حدب وصوب، وإذا ما رأت الولايات المتحدة أن مصلحتها ستكون في التفاوض مع إيران قوية، عندها سنجد الكثير من الرؤوس قد حان موعد قطافها.
المصدر: عبر منصات التواصل للمركز