عماد الصرايفي
الفكر السياسي في العصور الوسطى. تبدأ هذه الحقبة الزمنية بتاريخ سقوط روما وزوال الامبراطورية الرومانية الغربية على يد القبائل الجرمانية المتبربرة سنة ٤٧٦م وتنتهي بسقوط القسطنطينية عاصمة الامبراطورية الرومانية الشرقية على يد الأتراك العثمانيين بقيادة محمد الفاتح عام ١٤٥٣م…ان مايعرف بالعصور الوسطى يمتد عشرة قرون من الزمان تقريبا وقد شهدت هذه الحقبة من التاريخ تغيرات جذرية هائلة في الحياة الاجتماعية البشرية فكانت بمثابة مرحلة انتقالية من العصور القديمة الى العصور الحديثة ومن أبرز أحداث هذه الحقبة الزمنية ظهور الدين الإسلامي الحنيف على يد الرسول الخاتم محمد بن عبدالله ص واله وسلم وانتشاره في العالم القديم ، وتقسم هذه الفترة(فترة العصور الوسطى)الى قسمين:-القسم الأول فترة الفكر السياسي في مرحلتي صدر المسيحية والإقطاع وقد بدأت هذه الفترة بظهور الدين المسيحي واستمرت حتى عصر النهضة وشهدت انتشار الدين المسيحي وتبلور مبادئه ومنها المبادئ التي لها علاقة بالسياسة وهذا الانتشار أدى الى ظهور مجموعة من الفلاسفة السياسيين المسيح الذين قدموا أفكار سياسية قائمة على مبادئ الدين المسيحي ومنها العلاقة بين الكنيسة والدولة وعلى اثر ذلك نشأت الدولة الإقطاعية حيث بدأ عصر الإقطاع كما يحدده المؤرخين بزوال امبراطورية شارلمان سنة٨١٤م ثم بدأت بالتلاشي في أوربا تحت ضغط التغيرات العلمية والفكرية الجديدة فكان هناك مناهضين للفكر السياسي المسيحي في عصر ساد فيه الإقطاع الذي هو عبارة عن خليط بين الأفكار المسيحية والأفكار التي تجسد تفكك الامبراطوريات والمماليك آنئذ وقيام الدويلات الإقطاعية كأهم الوحدات السياسية في أوربا ، استمر عصر الإقطاع حتى بزوغ عصر النهضة (وفي الحلقة القادمة سنناقش فكر مارسيليو بادو في بناء الدولة أنموذجا لفترة عصر المسيحية والإقطاع). القسم الثاني فترة الفكر السياسي في صدر الإسلام وقد بدأت هذه الفترة بظهور الدين الإسلامي على يد الرسول الخاتم محمد بن عبدالله ص عليه واله حيث ان مشيئة الله تبارك وتعالى جعلت من اليتيم أعظم العظماء في الدنيا بأسرها وان يتمكن اتباعة من قلب موازين القوى والأحداث في الخارطة العالمية ، حيث لعب النبي القائد ص واله دورا محوريا في التغيير العام للبشرية من خلال الدعوة التي اختاره الله تبارك وتعالى لها بالرغم من كل المهام الصعبة التي أوكلت اليه فهو لم يفكر يوما في التخلي عن أداء واجبه ولم يدر في خلده يوما ما الهروب من المواجهه بل كان قائدا حكيما يجيد فن التوقيت كما يجيد فن الصبر والاحتمال وسياسة النفس الطويل بل كان افضل أستاذ في التخطيط الاستراتيجي وفوق ذلك كله فهو السياسي المحنك والقيادي الفذ الذي تدين له البشرية جمعاء ، حيث تولى النبي ص واله مختلف الشؤون السياسية من عقد الاتفاقات والمعاهدات والأحلاف وإرسال الرسل والسفراء الى الملوك والأمراء العرب والأجانب فبعث في السنة السادسة للهجرة رسله الى هرقل إمبراطور الدولة البيزنطية والى كسرى فارس والى نجاشي الحبشة والى المقوقس حاكم مصر والى أمير اليمامة والى أمير الغسانيين ،وقد جاء بتعاليم من لدن خالق البشرية حيث مثلت دستورا متكاملا لجميع جوانب الحياة البشرية في كل زمان ومكان وهذا الدستور الالهي المتكامل يسمو على الأفكار الوضعية (وسنناقش في هذه المرحلة الفكر السياسي لسيد الأوصياء أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام في بناء الدولة)…إنشاء الله نكمل البحث في الحلقات القادمة ان بقيت الحياة.
المصدر: عبر منصات التواصل للمركز