ظل استعمال النوافذ الشمسية لتوليد كهرباء مستدامة وموثوقة مادة خصبة لأبحاث العلماء والمتخصصين لعقود، لكن تلك التقنية شهدت نقطة تحول قد تشعل ثورة في مسار التحول الأخضر.
وتُسابق حكومات الدول الزمن لاستبدال الكهرباء المولدة من المصادر المتجددة بالوقود الأحفوري، بهدف الوفاء بالتزاماتها المناخية وتعزيز أمن الطاقة.
وتسارعت وتيرة تطوير الخلايا الشمسية شبه الشفافة، التي لديها القدرة على أن تحلّ محلّ زجاج النوافذ وتصبح مولدات للكهرباء، خلال السنوات الأخيرة، ما يمكّن العديد من المباني، لا سيما ذات الوجهات الزجاجية، من تحقيق الاكتفاء الذاتي من الكهرباء، بحسب ما طالعته منصة الطاقة المتخصصة.
حُلم يقترب من الحقيقة
أصبح حُلم تطوير النوافذ الشمسية وتحويلها إلى واقع ممكنًا، مع نجاح الباحثين من مدرسة لوزان الاتحادية للفنون التطبيقية، ومقرّها سويسرا، ومعهد طوكيو للتكنولوجيا، في ابتكار نهج يساعد على تحويل النوافذ إلى ألواح شمسية شفافة بالكامل، تولّد الكهرباء في المباني التي تُركَّب فيها عبر تفجير زجاج التيلوريت باستعمال ضوء الليزر، وفق دراسة نشرتها دورية فيزيكال ريفيو أبلايد (Physical Review Applied) العالمية.
وفي معرض تعقيبه على إمكانات تقنية النوافذ الشمسية، قال الباحث ومدير مختبر غالاتيا التابع لمدرسة لوزان الاتحادية للفنون التطبيقية إيف بيلوارد: “نظرًا لأن التيلوريوم مادة شبه موصلة، فقد تساءلنا إذا كان بمقدورنا كتابة أنماط على سطح زجاج التيلوريت، لديها القدرة على توليد الكهرباء بموثوقية عند تعرّضها للضوء، وكانت الإجابة: نعم”.
ويبني بيلوارد استنتاجه على اكتشاف مفاده أن التيلوريت المنفوخ بالليزر يشكّل بلورات التيلوريوم وأكسيد التيلوريوم النانوية شبه الموصلة، وفق تقرير رصدته منصة الطاقة المتخصصة.
وخلص الباحثون إلى نتيجة مفادها أن زجاج التيلوريت المحفور بضوء الليزر يتمتع بالقدرة على إنتاج ألواح شمسية شفافة.
وفي هذا الصدد، قال بيلوارد: “التطور المثير للاهتمام في تقنية النوافذ الشمسية هو عدم الحاجة إلى مواد إضافية في هذه العملية؛ إذ إنك لا تحتاج إلّا إلى زجاج التيلوريت وليزر الفيمتوثانية لصنع مادة ضوئية موصلة نشطة”.
آلية التقنية
باستعمال قطع صغيرة من زجاج التيلوريت المصنوع بوساطة معهد طوكيو للتكنولوجيا، عرض الباحثون في مدرسة لوزان الاتحادية للفنون التطبيقية الزجاج إلى ليزر الفيمتوثانية؛ ما أدى إلى حفر نمط بسيط من الخطوط في السطح.
والفيمتوثانية (Femtosecond) هي وحدة قياس دولية للزمن، مقدارها جزء من كوادريليون (مليون مليار) من الثانية.
وتعمل تلك الخطوط، نتيجة تعرّضها للّيزر، أشباه موصلات، بل والأهم من ذلك أنها تحول الضوء المرئي والأشعة فوق البنفسجية إلى تيار كهربائي يمكن التقاطه عند نقاط الاختبار على لوحة الدائرة المطبوعة التي رُكِّب الزجاج فيها.
ولوحة الدائرة المطبوعة هي لوح مسطح يُستعمل لتوصيل المكونات الإلكترونية كهربائيًا عبر لحامها في ممرات موصلة، تكون محفورة من رقاقات الصفائح النحاسية على ركيزة غير موصّلة.
وقال الباحث مدير مختبر غالاتيا التابع لمدرسة لوزان الاتحادية للفنون التطبيقية إيف بيلوارد: “يا له من أمر رائع، فنحن نحوّل الزجاج محليًا إلى أشباه الموصلات باستعمال الضوء”، مضيفًا: “نحن -أساسًا- نحول المواد إلى شيء آخر، وربما نقترب من تحقيق الحلم”.
وفي حين إن هذه العملية لديها القدرة على تحويل كل نافذة إلى ألواح شمسية شفافة، فإن هناك بعض التحديات التي يجب التغلب عليها قبل التسويق، ومن بينها عدم وجود دليل -حتى الآن- على تنفيذ تلك التقنية على نطاق واسع، وفق ما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.
فكرة النوافذ الشمسية
من الممكن تحويل أيّ سطح شفاف إلى لوحة شمسية، كما يمكن تركيب الألواح الشمسية الشفافة في أيّ مكان، سواء على النوافذ أو الهواتف الذكية.
ولدى الخلايا الشمسية الشفافة القدرة على تجميع واستعمال الطاقة الضوئية من خلال النوافذ أو أيّ سطح زجاجي؛ ما يمكّن من تغيير قواعد اللعبة وتوسيع نطاق استعمال الطاقة الشمسية تجاريًا.
وسبق أن طوّر الباحثون طرقًا عديدة لتقنيات الطاقة الشمسية الشفافة، ومع ذلك، يعمل أغلبها مركزات شمسية شفافة، أي إنها مصممة –خصوصًا- لالتقاط أطوال موجية محددة من الأشعة فوق البنفسجية والأشعة تحت الحمراء غير المرئية بالعين المجردة، وتحويلها إلى طاقة قادره على تشغيل الإلكترونيات.
يُشار إلى تلك التقنية كذلك باسم الزجاج الكهروضوئي، الذي اكتُشِف في سياق البحث عن بدائل للألواح الشمسية الحالية، ويتخذ أشكالًا مختلفة، بدءًا من نوافذ المكاتب والمنازل وفتحة سقف السيارة، إلى الهواتف الذكية وبلاط الأسقف.
موضوعات متعلقة..
- النوافذ الشمسية.. ثورة صناعية جديدة لتوفير الكهرباء في المباني الزجاجية
- توليد الكهرباء من الطاقة الشمسية ليلًا وفي المطر.. 3 تقنيات جديدة
-
خلايا البيروفسكايت الشمسية تشهد تقنية جديدة أكثر أمانًا
المصدر : https://attaqa.net/2024/02/05/%d8%a7%d9%84%d9%81%d9%8a%d9%85%d8%aa%d9%88%d8%ab%d8%a7%d9%86%d9%8a%d8%a9-%d8%aa%d8%ad%d9%88%d9%84-%d8%a7%d9%84%d9%86%d9%88%d8%a7%d9%81%d8%b0-%d8%a7%d9%84%d8%b4%d9%85%d8%b3%d9%8a%d8%a9-%d8%a5%d9%84/