القانون الدبلوماسي اتفاقية فيينا بين الثابت والمتغير في ظل النظام الدولي الجديد

مقدمة : –

استأثرت الدبلوماسية بدور واضح وفعال في التأثير الآني والمستقبلي في سياسات الدول الخارجية وتطبيقاتها العملية، حيث شكلت البديل الأوحد والأمثل لتفادي الحروب وحل النزاعات الطارئة بين الدول في فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية، وما واكبها من تحولات في طبيعة النظام الدولي والفاعلين الدوليين إلى غاية وقتنا الراهن، فأصبحت بذلك من أهم مرتكزات السلام والأمن الدوليين والراعي الأساسي لاستمرارهما.

الدبلوماسية مفهوما وممارسة لم تنشأ من فراغ، بل إنها حصيلة تفاعلات المجتمع الدولي بجميع أشخاصه، وفاعليه، ومكوناته؛ ونتاج إشكالياته وتحدياته ورهاناته، قبل أن تصبح مؤثرا في واقع المجتمع الدولي ومآله.

ولقد مرت الدبلوماسية بمراحل وتحولات عديدة إلى أن صارت إلى ما هو عليه في وقتنا الحالي؛ فمن دبلوماسية غير مقننة إلى دبلوماسية تخضع للقانون الدولي الدبلوماسي، ومن دبلوماسية سرية إلى دبلوماسية علنية، ومن دبلوماسية ثنائية إلى دبلوماسية متعددة الأطراف، ومن دبلوماسية مؤقتة إلى دبلوماسية دائمة، ومن دبلوماسية كلاسيكية إلى دبلوماسية معاصرة تحمل أكثر من سمة وخاصية.

ولا غرو أن يزخر النظام الدولي الدبلوماسي باتفاقيات عديدة في غاية الأهمية تؤطر وتوجه العمل الدبلوماسي، أهمها: اتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية الموقعة بتاريخ ١٨ أبريل ١٩٦١(دخلت حيز التنفيذ بتاريخ ٢٤ أبريل ١٩٦٤)، واتفاقية فيينا للعمل القنصلي الموقعة بتاريخ ٢٤ أبريل ١٩٦٣(دخلت حيز التنفيذ بتاريخ ١٩ مارس ١٩٦٧)، اتفاقية البعثات الخاصة الموقعة بتاريخ ٨ دجنبر ١٩٦٩ (دخلت حيز التنفيذ ٢١ يونيو ١٩٨٥)، اتفاقية تمثيل الدول في علاقاتها مع المنظمات الدولية ذات الطابع العالمي الموقعة بتاريخ ١٤ مارس ١٩٧٥(دخلت حيز التنفيذ بتاريخ ١٤ يوليو ١٩٩٥)،  واتفاقية الحصانات القضائية للدول وممتلكاتها الموقعة بتاريخ ٢ دجنبر  ٢٠٠٤(لم تدخل حيز التنفيذ بعد).

ورغم أهمية جميع هذه الاتفاقيات، إلا أن هذا المؤتمر سيقوم؛ على وجه التحديد، بدراسة وتقييم بنود اتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية ١٩٦١ بعد مرور ستين عاما على دخولها حيز التنفيذ بتاريخ ٢٤ أبريل ١٩٦٤، من منطلق أنها تجسد جوهر القانون الدولي الدبلوماسي وبوصلته، حيث شهدت مشاركة شبه عالمية من قبل الدول المستقلة ذات السيادة خلال عملية تدوينها من جهة، وتأثيرها البالغ في النظام القانوني الدولي باعتبارها الضامن لاستمرار العمل الدبلوماسي، من جهة ثانية.

ومع تنامي المصالح متعددة المحاور والمناحي؛ سواء المتبادلة منها أو المتقاطعة، وفي ظل التطورات والتغيرات غير المتوقعة في عالم متحول، بسبب تأثير التقدم التكنولوجي وما يرتبط به من مفاهيم وأساليب سريعة الفاعلية والسطوة في مصائر الدول والشعوب، أصبح من اللازم ظهور تشريعات وقوانين جديدة تواكب هذا الزخم المتراكم من التحولات متعددة الأوجه والأبعاد، ذلك أنه كلما تطور المجتمع الدولي، كلما زادت الحاجة إلى قوانين تنظم العلاقات بين أشخاص القانون الدولي، وتسد الثغرات الموجودة في  القوانين النافذة، والتي كانت بطبيعتها نتاج معطيات وحيثيات تكاد تكون مغايرة لما هو عليه واقعنا الراهن.

 

المصدر

حول الكاتب

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

W P L O C K E R .C O M