وتحول عبد الناصر لأسطورة مقدسة يحرم نقدها والمساس بها، حيث تطورت أسطورة عبد الناصر في الثقافة الشعبية وتم تصويره كقائد عظيم في الأفلام والأغاني والأدب والاعلام، مما ساهم في ترسيخ صورته في الذاكرة الجماعية، لذلك وجب على الكتاب توضيح حقيقة تلك المرحلة، وكشف زيف تلك الاسطورة الوهمية…
دائما كانت مشكلة الدول العربية تكمن في القادة، فهم سبب ما حصل للبلدان نتيجة عنترياتهم او خضوعهم للغرب، فتكون قراراتهم في الضد من شعوبهم، وتدفع الاوطان نحو المهالك كما فعلها عبد الناصر في مصر، حيث كان مريض بجنون العظمة، وسعى ليكون اسطورة عبر التفرد بكل شيء، وقد استخدم عبد الناصر أساليب سلطوية في حكمه، مثل القمع السياسي وتقييد الحريات، وهي سمات يمكن أن تُرى في أنظمة دكتاتورية أخرى، بما في ذلك نظام هتلر.
وتحول عبد الناصر لأسطورة مقدسة يحرم نقدها والمساس بها، حيث تطورت أسطورة عبد الناصر في الثقافة الشعبية وتم تصويره كقائد عظيم في الأفلام والأغاني والأدب والاعلام، مما ساهم في ترسيخ صورته في الذاكرة الجماعية، لذلك وجب على الكتاب توضيح حقيقة تلك المرحلة، وكشف زيف تلك الاسطورة الوهمية التي تعشعش في عقول فئة واسعة.
والحديث عن جمال عبد الناصر وقراراته الكارثية هو حديث طويل، لبشاعة ما فعل بالمصريين وبالأمة العربية، تلك القرارات التي أثرت بشكل كبير على مصر والمنطقة، وجعلت المستقبل مشوها لكل اوطان المنطقة، ومن بين هذه القرارات، هناك بعض التي تعتبر مثيرة للجدل أو تحمل عواقب سلبية جدا… ومنها:
اولا: سلبيات التأميمات الاقتصادية:
بينما كانت التأميمات تهدف إلى تعزيز الاقتصاد الوطني لمصر، كما كان يظن عبد الناصر وجماعته، إلا أنها أدت إلى تراجع الاستثمارات الأجنبية، حيث أصبح المستثمرون يشعرون بعدم الأمان تجاه استثماراتهم داخل مصر بسبب السياسات غير المستقرة للسلطة، وكذلك أدت سياسات التأميم إلى توتر العلاقات مع بعض الدول الغربية، مما أثر على الدعم الاقتصادي والسياسي لمصر.
كذلك بعد التأميم عانت العديد من المؤسسات من سوء الإدارة، حيث لم تكن الحكومة مستعدة لإدارة الشركات بشكل فعال، مما أدى إلى تدهور الأداء، وخلق بيئة اقتصادية غير مرنة، مما انعكس سلبا على اقتصاد مصر.
كذلك تم تأميم العديد من الشركات الخاصة دون تقديم تعويضات عادلة لأصحابها، مما أدى إلى
ثانيا: خطيئة قرار حرب 1967:
من اكبر اخطاء عبد الناصر الكارثية هو قرار الدخول في الحرب ضد الكيان الصهيوني عام 1967، كان له عواقب وخيمة، حيث كان هناك تقدير خاطئ لقوة الجيش الصهيوني وقدرته على الهجوم، فقد اعتقد عبد الناصر أن الجيش المصري يمكنه مواجهة الكيان الصهيوني بسهولة، وهذا كان خطأ كبير، كذلك كانت التحركات العسكرية غير المدروسة، فقد تم سحب القوات المصرية من سيناء إلى الحدود مع الكيان الصهيوني، مما جعلها عرضة للهجوم، عندها تم تدمير القوات المصرية خلال ايام، ويمكن القول ان تصريحات عبد الناصر الاعلامية كانت قوية وبصيغة اليقين من تحقيق النصر، مما زاد من الضغط على الجيش المصري وأدى إلى توقعات غير واقعية.
ولم يحقق عبد الناصر التنسيق المطلوب مع الدول العربية الأخرى، مما أثر على فعالية الجهود المشتركة، وهو لم يستمع للتحذيرات التي وصلته عن عدم استعداد الجيش المصري الكافي للحرب، وختمها بقرار حرق جيشه عبر اغلاق مضيق تيران مما استفز الصهاينة للمبادرة بالهجوم، وهكذا تم سحق الجيش المصري بسبب قرارات غبية لعبد الناصر.
وقد أدت الهزيمة إلى فقدان مصر لسيناء، مع ابتلاع الصهاينة لكل فلسطين وسقوط الجولان السوري، وتراجع كبير في مكانة مصر الإقليمية.
ثالثا: القمع السياسي:
اتخذ عبد الناصر إجراءات صارمة ضد المعارضة السياسية، حيث لجأ للقمع السياسي بوجه اي صوت معارض، واليك شكل القمع الذي مارسه عبد الناصر بحق أبناء الشعب المصري.
أولا : فرض عبد الناصر حالة الطوارئ في البلاد، مما منح الحكومة سلطات واسعة لقمع أي شكل من أشكال المعارضة،
ثانيا: تأميم الأحزاب السياسية.. تم تأميم الحياة السياسية من خلال حل الأحزاب السياسية غير الموالية للنظام، مما أدى إلى إنشاء حزب واحد هو “حزب الاتحاد الاشتراكي”، ليعيش فسادا في البلاد.
ثالثا: قمع المعارضة.. تم اعتقال العديد من المعارضين السياسيين، بما في ذلك أعضاء جماعة الإخوان المسلمين وأحزاب سياسية أخرى، واستخدمت الحكومة أساليب قمعية مثل الاعتقالات التعسفية والتعذيب الشديد وسوء المعاملة داخل المعتقلات والسجون.
رابعا: فرضت حكومة عبد الناصر رقابة صارمة على وسائل الإعلام، مما منع نشر أي انتقادات أو آراء معارضة، وتم إغلاق العديد من الصحف والمجلات المعارضة، وتمت مراقبة المحتوى الإعلامي رقابة شديدة، مما أدى إلى تراجع الحريات السياسية وحقوق الإنسان.
خامسا: تأثير القمع على القضاء.. حيث تم استخدام القضاء كأداة لقمع المعارضين، وتوجيه التهم السياسية للمعارضين وإصدار أحكام قاسية ضدهم.
رابعا: خطيئة قرار حرب اليمن
قرار جمال عبد الناصر بالتدخل في حرب اليمن (1962-1970)، وكان له تأثيرات سلبية كبيرة على السياسة المصرية والاقتصاد المصري، وقد واجه العديد من الانتقادات. وإليك بعض الأخطاء المرتبطة بهذا القرار: اولها التدخل العسكري المكلف: حيث تكبدت مصر خسائر بشرية ومادية كبيرة نتيجة التدخل العسكري في اليمن، مما أثر سلبًا على الاقتصاد المصري في وقت كانت فيه البلاد بحاجة إلى الموارد لتنمية الداخل… وثانيها: عدم تحقيق الأهداف السياسية: حيث كان الهدف من التدخل هو دعم الثورة اليمنية ضد الملكية، لكن عبد الناصر لم يتمكن من تحقيق استقرار سياسي في اليمن، مما أدى إلى استمرار الصراع لفترة طويلة… وثالثها: تأثيرات سلبية على العلاقات العربية: حيث أدى التدخل إلى توتر العلاقات مع بعض الدول العربية، واعتبرته بعض الدول تدخلاً غير مبرر في شؤون اليمن الداخلية.
رابعها: تأثيرات سلبية على الجيش المصري: حيث استنزف التدخل في اليمن قدرات الجيش المصري، مما أثر على جاهزيته في مواجهة التحديات الأخرى، خاصة في ظل التوترات مع إسرائيل… وخامسها: تأثيرات على السياسة الخارجية: أدى التدخل إلى انشغال مصر في صراعات خارجية، مما أثر على قدرتها على التركيز على القضايا الداخلية والتنمية.
تعتبر حرب اليمن واحدة من التجارب الصعبة في تاريخ عبد الناصر، وقد أثرت على مسيرته السياسية والاقتصادية بشكل كبير.
خامسا: قرار تصفية الزعيم العراقي
قرار جمال عبد الناصر بشأن تصفية الرئيس العراقي عبد الكريم قاسم كان له تأثيرات عميقة على السياسة في المنطقة، وقد واجه العديد من الانتقادات، حيث كان عبد الناصر يسعى إلى توحيد الدول العربية تحت راية القومية العربية وأن يكون هو قائدها، وقد رأى في الزعيم العراقي عبد الكريم قاسم عقبة كبيرة أمام هذا الهدف، لذا قام بتحريض بعض العناصر العسكرية في العراق على القيام بانقلاب ضد قاسم وتم محاولة اولى فاشلة عام 1959، ثم نجحت التصفية عام 1963.
وأدت فعلة عبد الناصر هذه إلى توتر العلاقات بين مصر والعراق لفترة، حيث اعتبر العديد من العراقيين أن تدخل مصر في شؤونهم الداخلية كان غير مبرر، وكذلك كان له تأثيرات مخيفة على القومية العربية، فبدلاً من تعزيز فكرة القومية العربية، ساهمت هذه الأحداث في تفكيك الوحدة العربية، حيث بدأت الدول العربية تتبنى سياسات أكثر استقلالية.
وبسبب قرار عبد الناصر بتصفية الزعيم العراقي، شهد العراق فترة من عدم الاستقرار السياسي، مما أثر على الأمن والتنمية في البلاد، وتراجع الدعم الشعبي لعبد الناصر في بعض الدول العربية بعد هذه الأحداث، حيث اعتبره البعض زعيمًا يتدخل في شؤون الآخرين.
سادسا: خطيئة تأسيس جهاز أمن الدولة
جهاز أمن الدولة الذي أسسه جمال عبد الناصر في مصر، كان له دور محوري في إدارة القمع السياسي ومراقبة النشاطات الاجتماعية والسياسية، فقد عمل على انتهاك حقوق الإنسان.. حيث ارتكب الجهاز العديد من الانتهاكات لحقوق الإنسان بحق المصريين، بما في ذلك الاعتقالات التعسفية والتعذيب، مما أدى إلى خلق مناخ من الخوف والرعب بين المواطنين… وعمل جهاز أمن الدولة على الرقابة الشديدة على المجتمع، حيث قام الجهاز بمراقبة جميع جوانب الحياة اليومية، بما في ذلك الأنشطة الثقافية والاجتماعية، مما أثر على حرية الأفراد في التعبير عن آرائهم.
وعمل هذا الجهاز على تصفية المعارضين بكل الطرق المتاحة لإسكات اي صوت مخالف لصوت عبد الناصر.
وكان تأثير هذا الجهاز حتى على الثقافة والفن، حيث أثر وجود الجهاز على المناهج الدراسية والأنشطة الثقافية، وتم فرض رقابة صارمة على المحتوى التعليمي والفني، وقد اعتبره الشعب مجرد اداة قمعية بيد عبد الناصر لقمع معارضيه بدل ان يكون جهاز لحماية الوطن والشعب.
سابعا: سلبيات مشروع السد العالي:
رغم أن السد العالي كان له فوائد في توفير الطاقة والمياه، لكن حمل المشروع سلبيات كبيرة جدا في وقته لم تدرسها القيادة المصرية جيدا، حيث كان همها الوحيد بناء شيء عظيم لرسم صورة البلد المزدهر والزعيم عبد الناصر، فالمشروع تكلفته العالية مما أثر على الميزانية العامة للدولة، وأدى إلى زيادة الديون، وبسبب نقص الطمي نتيجة بناء السد، زادت ملوحة التربة في بعض المناطق، مما أثر على الإنتاج الزراعي.
تأثيرها على البيئة مثل ان زيادة المياه الراكدة في بحيرة ناصر أدت إلى انتشار بعض الأمراض، مثل البلهارسيا والملاريا، بسبب تكاثر البعوض في المناطق الرطبة.
كذلك أدى بناء السد العالي إلى تغيير النظام البيئي في نهر النيل، مما أثر على الحياة البرية والنباتات في المنطقة، وفقدان مساحات واسعة من الأراضي الزراعية العديد من الأراضي الزراعية الخصبة بسبب ارتفاع منسوب المياه، مما أدى إلى فقدان مصادر رزق العديد من الفلاحين.
ولبناء السد تم تهجير العديد من القرى والمجتمعات المحلية بسبب بناء السد، مما أثر على حياة الناس وثقافاتهم.
المصدر : https://annabaa.org/arabic/authorsarticles/39926