القمة الأوروبية الخليجية الأولى: تدشين لمرحلة جديدة أم استمرار لنهج سابق؟

استقبلت بروكسل، القمة الأولى التي تجمع دول الاتحاد الأوروبي بدول مجلس التعاون الخليجي، الأربعاء 16 أكتوبر 2024. ويشارك رئاسة القمة رئيس المجلس الأوروبي “شارل ميشيل”، وأمير دولة قطر الشيخ” تميم بن حمد آل ثاني”، بصفته رئيس الدورة الحالية لمجلس التعاون الخليجي، وشهدت القمة مشاركة أكثر من 30 رئيس دولة، ورئيس وزراء، كما شارك في القمة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان. ويمكن أن نستدل عن أهمية تلك القمة، بتصريح لمبعوث الاتحاد الأوروبي لدول الخليج “لويجي دي مايو” قبل انعقاد القمة، بأنها ستكون “أول قمة على الإطلاق بين منظمتينا الإقليميتين يحضرها رؤساء دول وحكومات من الجانبين؛ مما يجعلها تمثل قمة المستوى الاستراتيجي للتعاون بين الطرفين”.

ولهذا فإن الورقة ستستعرض أبرز محطات تطور العلاقات، حتى القمة. بالإضافة لمحاولتها بيان أبرز أشكال التعاون بين الجانبين، ومن ثَمّ ستسعى لتوضيح أهم مخرجات القمة، ولأي مدى توافقت تلك المخرجات مع واقع التعاون والتطور للعلاقات بين الجانبين.

مرت العلاقات بين مؤسستي الاتحاد الأوروبي ومجلس التعاون الخليجي، بسلسلة طويلة من التطورات بجانبيها الإيجابي والسلبي، والتي كانت كالتالي:

  • أقام الاتحاد الأوروبي علاقات ثنائية مع دول مجلس التعاون الخليجي ما بعد تأسيسه عام 1981؛ من خلال اتفاقية التعاون لعام 1988، والتي دخلت حيز النفاذ عام 1989. ويتمثل الحضور الدبلوماسي للاتحاد الأوروبي في المنطقة عبر عدد من البعثات معتمدة لدى دول مجلس التعاون الخليجي الست، ولا سيما بعثة الاتحاد الأوروبي في المملكة العربية السعودية المعتمدة لدى مجلس التعاون الخليجي والتي تغطي البحرين وعمان والمملكة العربية السعودية، وبعثة الاتحاد الأوروبي في الإمارات العربية المتحدة، وكذلك بعثة الاتحاد الأوروبي إلى الكويت، وكانت آخر تلك البعثات تلك التي افتتحها الاتحاد في قطر بسبتمبر 2022.
  • تأتي القمة الحالية كمحطة من ضمن محطات لمحاولات تعميق للتعاون بين الاتحاد الأوروبي ومجلس التعاون الخليجي بشأن اتفاقية التجارة الحرة التي بدأت في عام 1989، والتي مرت بعدد من المحطات أولها، في عام 1990 حين انطلقت مفاوضات اتفاقية التجارة الحرة بين الجانبين، إلا أنه في 1999 توقفت المفاوضات، وفي عام 2002 استؤنفت مفاوضات التوصل لاتفاق للتجارة الحرة بين الجانبين، إلا أنه في عام 2008 علّق مجلس التعاون الخليجي المفاوضات، بسبب أنه اعتبر تدخل أوروبي لفرض وطرح قضايا بعيدة عن الأبعاد التجارية التي تدور حولها الاتفاقية، وفي ذلك الوقت كان الاتحاد الأوروبي هو الشريك التجاري الأول لدول الخليج، بعكس الآن حيث يُعد الشريك الثاني بعد الصين. وقد كانت هناك محاولة عام 2013 للتوافق بشأن من القضايا العالقة بشأن اتفاق التجارة الحرة، بالرغم من التوصل لحلول لأكثر من 90% من القضايا محل الخلاف، فإنه لم يتوصل لاتفاق. وكان الخلاف يكاد يكون ذاته كعام 2008، حيث يدور حول التباعد بين مقاربة المؤسستين لما يجب أن يكون عليه شكل التعاون بينهما، حيث كان الجانب الأوروبي يصر على إدماج رؤيته القيمية الخاصة سواء فيما يتصل بمفهومه عن حقوق الإنسان، أو ما يتعلق بتطبيق الديمقراطية وفق أدبياته، في المقابل تمسك الجانب الخليجي بمقاربته المخالفة لهذا النهج، الذي اعتبره تدخلًا في سيادة دوله، ويختلف مع طبيعة المجتمعات الخليجية.
  • أسهمت الحرب الروسية الأوكرانية، وتأثر الجانب الأوروبي من تداعيات الحرب على أمن الطاقة، في إعادة الزخم لعلاقته مع دول التعاون الخليجي، باعتبارها أهم مصدري الطاقة عالميًا. ولهذا في مايو 2022، اعتمدت المفوضية الأوروبية إعلانًا بشأن شراكة استراتيجية مع دول الخليج، هذا الإعلان الذي اقترح شراكة شاملة وأقوى بين الاتحاد الأوروبي ومجلس التعاون، واعتمد من قبل الطرفين الأوروبي والخليجي بالعام ذاته، وحددت مجالات محددة لتعزيز التعاون، مثل الأمن البحري، والرقمنة، والتعليم ونقل المعرفة، والتعاون الإنمائي والمساعدات الإنسانية، والأمن والتكامل الإقليمي، وتعزيز الاتصال، والتجارة والاستثمار، والعمل المناخي، فضلًا عن التنويع الاقتصادي والطاقة.
  • وعليه، كترجمة لهذا الإعلان، في يونيو 2022 عين الممثل السامي للشئون الخارجية “جوزيب بوريل” لأول مرة، وزير الخارجية الإيطالي الأسبق “لويجي دي مايو” ممثلًا خاصًا للاتحاد الأوروبي لمنطقة الخليج، لمواصلة تطوير الشراكة لتكون شاملة وأكثر استراتيجية. وفي اجتماع المجلس المشترك بين الاتحاد الأوروبي ودول مجلس التعاون الخليجي في أكتوبر الماضي، أقر المجلس الأوروبي نسخة محدثة من برنامج العمل المشترك (2022-2027) وأُجري التوافق على تعزيز التعاون والتنسيق في مجال المساعدة الإنسانية والإغاثة في حالات الكوارث، بالإضافة إلى إقامة حوار أمني منظم، وكذلك إقامة منتدى مشترك رفيع المستوى بشأن الأمن الإقليمي.
  • ونتج عن تلك التطورات بعض الإجراءات الإيجابية المحدودة، على سبيل المثال، في المنتدى الرفيع المستوى بين الاتحاد الأوروبي ومجلس التعاون الخليجي بشأن الأمن الإقليمي والتعاون في لوكسمبورج في أبريل 2024، اتفق على أن المواطنين البحرينيين والعمانيين والسعوديين سيكونون مؤهلين للحصول على تأشيرات دخول متعددة؛ مما يسمح لهم بزيارة منطقة شنغن والتنقل بحرية بينها.

بالرغم من أن التعاون الثنائي على المستوى المؤسسي يُعد محدودًا نظرًا لعدم وجود اتفاق إطاري لتعزيزه، فإن العلاقات الثنائية بين الدول الأوروبية والخليجية تُعد كبيرة، وينعكس ذلك على عدد من المستويات، أبرزهم:

يعتبر الاتحاد الأوروبي ثاني أكبر شريك تجاري لدول مجلس التعاون الخليجي، بينما تُعد دول مجلس التعاون الخليجي تاسع أكبر شريك تجاري للاتحاد الأوروبي. وقد بلغ إجمالي التجارة السلعية بين الاتحاد الأوروبي ودول مجلس التعاون الخليجي في عام 2023 نحو 170.1 مليار يورو. حيث بلغت قيمة واردات الاتحاد الأوروبي 76.3 مليار يورو، وكانت في مقدمتها منتجات الوقود والتعدين (58.3 مليار يورو، 76.4%) والسلع المُصنعة (5.8 مليارات يورو، 7.6%). وبلغ إجمالي صادرات الاتحاد الأوروبي 93.7 مليار يورو، وكانت تهيمن عليها الآلات ومعدات النقل (38.8 مليار يورو، 41.4%) والمواد الكيميائية (15.3 مليار يورو، 16.3%) والسلع المصنعة المتنوعة (12.3 مليار يورو، 13.1%).

ويبرز التعاون في مجال الطاقة، كأحد أهم مجالات التبادل التجاري بين الجانبين. حيث تتمتع كل من المنطقتين برؤى طموحة في هذا المجال. وهو ما انعكس في إطلاق الاتحاد الأوروبي مشروع التعاون مع دول مجلس التعاون الخليجي حول التحول الأخضر في 18 أبريل 2024، والذي يهدف إلى إنشاء منصة مشتركة لتبادل الخبرات وتعزيز السياسات والتقنيات المساندة للتحول الأخضر في دول الخليج. كما يسعى المشروع إلى تعزيز التعاون بين شركات التكنولوجيا الخضراء في كل من الاتحاد الأوروبي والخليج، وزيادة انتشار مصادر الطاقة المتجددة بشكل كبير، وتحفيز جهود حماية البيئة، وتعزيز النمو الاقتصادي وتنويعه، بالإضافة إلى تعزيز القدرة على مواجهة آثار تغير المناخ.

وأسهمت الحرب الروسية على أوكرانيا، في تعميق التعاون مع المنطقة في مجال الطاقة، بالإضافة لرغبة الجانبين في دعم التحول الأخضر. فمن جانب أثبتت قطر، باعتبارها واحدة من أكبر ثلاث دول مصدرة للغاز الطبيعي المسال في العالم، أنها حليف رئيسي لأوروبا منذ عام 2022. ونتيجة لذلك، زادت واردات الغاز الطبيعي المسال القطري بنسبة 17٪ على أساس سنوي في عام 2022 لأوروبا. وبالعام ذاته، حصلت ألمانيا على تعهد بتوريد مليوني طن سنويًا من الغاز الطبيعي المسال القطري لمدة 15 عامًا اعتبارًا من عام 2026، ووقعت عدد من الشركات الأجنبية العاملة في قطر عقود توريد تمتد لـ 27 عامًا لكل من فرنسا وإيطاليا.

تتعدد أشكال التعاون بين الجانبين في هذا المضمار. فبالنسبة لصادرات الأسلحة، فوق تقرير معهد ستوكهولم لأبحاث السلام “سيبري” لعام 2024، ذهب ثلاثون في المائة من عمليات نقل الأسلحة الدولية إلى الشرق الأوسط في الفترة 2019-2023. وقد كانت المملكة العربية السعودية ثاني أكبر مستورد للأسلحة في العالم في الفترة 2019-2023، حيث تلقت 8.4 في المائة من واردات الأسلحة العالمية في تلك الفترة. وزادت قطر وارداتها من الأسلحة بنحو أربعة أضعاف (+ 396 في المائة) بين الفترة 2014-2018 والفترة 2019-2023؛ مما يجعلها ثالث أكبر مستورد للأسلحة في العالم في الفترة 2019-2023. وقد وفرت غالبية واردات الأسلحة لدول الشرق الأوسط من الولايات المتحدة (52 في المائة)، تليها فرنسا (12 في المائة)، وإيطاليا (10 في المائة) وألمانيا (7.1 في المائة). وقد كانت الدول الأوروبية على رأسها فرنسا وإيطاليا هما إحدى الدول استفادة من هذا الاستهلاك الكثيف للأسلحة عالميًا، وهو ما جعل فرنسا لأول مرة تصبح ثاني أكبر مُصدّر للأسلحة بعد الولايات المتحدة، وكان الارتفاع في صادرات الأسلحة الفرنسية يرجع إلى حد كبير إلى تسليم الطائرات المقاتلة إلى الهند وقطر ومصر.

ويُعد هذا التعاون الكثيف انعكاسًا لأهمية المنطقة للجانب الأوروبي، فمن جهة يُعد الأمن البحري في الخليج مصلحة استراتيجية للاتحاد الأوروبي، وهو ما يرجع إلى أن أكثر من 10% من التجارة العالمية تمر عبر مضيق هرمز ومضيق باب المندب، إلى جانب قناة السويس، ويمر حوالي 40 في المائة من التجارة بين أوروبا وآسيا عبر مياه الخليج وموانئه. ولهذا سعى الجانب الأوروبي ليس فقط لمضاعفة تصدير السلاح لدول الخليج، بل سعى كذلك لتعزيز وجوده في المنطقة. ففي عام 2018، افتتحت في الجفير البحرينية أول قاعدة بريطانية دائمة في الشرق الأوسط منذ 4 عقود. وفي الإمارات، تتمركز القيادة البحرية الفرنسية للمحيط الهندي في “أبو ظبي”، ولديها بها ثلاث قواعد وهي قاعدة الظفرة الجوية، والقاعدة البحرية في ميناء زايد، والقاعدة البرية في مدينة زايد العسكرية، وهو ما سهّل انطلاق مبادرة EMASOH الفرنسية في يناير 2020 لتعزيز التهدئة الإقليمية في الخليج وضمان حرية الملاحة في البحار المحيطة بمضيق هرمز. وقد أُنشئت ردًا على الهجمات الإيرانية على ناقلات النفط والسفن التجارية.

هذا الوجود الأوروبي المتزايد أدى لانعقاد أول منتدى رفيع المستوى بين الاتحاد الأوروبي ومجلس التعاون الخليجي حول الأمن والتعاون الإقليمي، على مستوى وزراء الخارجية، في لوكسمبورج في أبريل 2024. وقبل ذلك، انعقد أول حوار أمني إقليمي بين مجلس التعاون الخليجي والاتحاد الأوروبي في الرياض في يناير 2024، حيث اتفق الطرفان على حوارات أمنية منتظمة حول قضايا مثل الأمن البحري والأمن السيبراني. وعليه، نجد أن التعاون الأمني بين الجانبين يأخذ منحى تصاعديًا، مدفوعًا بالرغبة المشتركة في مواجهة التحديات الإقليمية والتي تنعكس على سلامة واستقرار الجانبين.

أتى البيان الختامي للقمة الأوروبية الخليجية الأولى ليوضّح الخطوط العريضة لما اتفق عليه الجانبان. وقد قسمت تلك المُخرجات لقسمين رئيسيين، الأول: غطى القضايا ذات الطابع الاقتصادي والأمني، بينما ركز الثاني: على القضايا السياسية المتعلقة بالأزمات الراهنة في أوكرانيا وغزة ولبنان، وقد سيطر هذا القسم على الجانب الأكبر من البيان الختامي. وبالرغم من عدم التوصل لالتزام خاص بالتوافق على اتفاقية للتجارة الحرة، فإنه أُجري الاتفاق على عقد قمة على المستوى نفسه كل عامين، بحيث تعقد القمة المقبلة في السعودية عام 2026. مع التأكيد على استمرار الالتزام بالبيان المشترك للاتحاد الأوروبي من أجل شراكة استراتيجية المعتمد في مايو 2022، والذي يتماشى مع برنامج العمل المشترك 2022-2027.

القسم الأول: الخاص بالقضايا المتعلقة بالشراكة بين الطرفين في قضايا الرخاء والأمن المستدامين: 

استعرض هذا القسم كافة القضايا المتعلقة بتعزيز الرخاء والازدهار المشترك، وكذلك ما يتصل بتعزيز التعاون فيما يتصل بالقضايا العالمية محل الاهتمام المشترك بين الجانبين، وهي:

  • زيادة التجارة والاستثمار والتعاون الاقتصادي: فقد أُكدت الرغبات المشتركة في تعزيز علاقة التجارة والاستثمار، من خلال أطر متعددة الأطراف وإقليمية وثنائية، وتعزيز المناقشات الإقليمية للوصول إلى اتفاقية تجارة حرة بين دول مجلس التعاون الخليجي والاتحاد الأوروبي تشمل الاستثمار بالإضافة إلى التعاون التجاري واستكشاف سبل تحسين ظروف الوصول إلى السوق، مثل تنظيم منتدى الأعمال الأوروبي-الخليجي في نوفمبر 2024 في قطر.
  • تعزيز التعاون في مجال الطاقة ومواجهة التغيرات المناخية: أكد البيان على أهمية تعزيز التعاون في مجال الطاقة مع التركيز على أمن الطاقة وكفاءة الطاقة والطاقة المتجددة، وإنشاء اقتصادات مستدامة ومتنوعّة، والالتزام بالعمل العاجل لمواجهة تحديات التغير المناخي وفقدان التنوع البيولوجي وغيرها. وكذلك تعزيز الجهود لإنهاء تلوث البلاستيك، والعمل نحو إطار دولي طموح وعادل، والمشاركة بفعالية في جلسة INC5 في كوريا الجنوبية.
  • تعزيز الاتصال بين المناطق، وفي هذا السياق، أبرز البيان ضرورة تعزيز التعاون لدعم الاستثمار والتجارة في التقنيات النظيفة ومنخفضة الانبعاثات، مع العمل على تنويع وتأمين سلاسل الإمداد العالمية، تعزيز النقل المستدام والبنية التحتية عالية الجودة، بما في ذلك التعاون في سياسات النقل المتكاملة بالإضافة إلى تعزيز الاستثمارات المستدامة في مجالات ذات اهتمام مشترك، مع التأكيد على الشراكات العادلة.
  • تعزيز المشاركة في قضايا التنمية والمساعدات الإنسانية: رحب البيان بالجهود المشتركة الذي يبذلها الجانبان في دعم قضايا التنمية والمساعدات الإنسانية حول العالم، وأكد على استمرارية العمل في هذا الاتجاه.
  • تعزيز الجهود المشتركة لمعالجة القضايا العالمية الرئيسية: رحب بإطلاق الحوار الأمني ​​الإقليمي بين الاتحاد الأوروبي ومجلس التعاون الخليجي في يناير 2024، مشيرين للتقدم المحرز في تطوير مقاربات مشتركة تجاه التحديات الأمنية العالمية والإقليمية وتعميق التعاون الأمني، بما في ذلك مكافحة الإرهاب والأمن البحري والقضايا السيبرانية ومنع الانتشار، فضلًا عن الاستعداد للكوارث وإدارة الطوارئ فضلًا عن جهود بناء السلام مثل الوساطة والتفاوض. مؤكدين على استمرارية العمل في الاتجاه نفسه.
  • بناء الجسور بين الناس: وفي هذا السياق، رحب البيان بالعمل على خطوات عملية وبناءة نحو ترتيبات سفر آمنة ومفيدة للطرفين بدون تأشيرة بين الاتحاد الأوروبي / شنغن ودول مجلس التعاون الخليجي. واستمرار التعاون على تعميق التبادل العلمي والثقافي بين الجانبين، في ضوء احترام حقوق الإنسان وفقًا للمعاهدات العالمية.

القسم الثاني: الخاص بالقضايا المتعلقة بالشراكة بين الطرفين في حفظ الاستقرار واستدامة السلام:

وغطى هذا القسم كافة القضايا السياسية محل الاهتمام المشترك، وسيطرت به الأزمات التي تضرب إقليم الشرق الأوسط، وكانت تلك القضايا كالتالي:

  • أوكرانيا: حيث أكدت كافة القرارات الأممية التي تدعو لانسحاب روسيا من أوكرانيا، مع ضرورة الحفاظ على سلامة المدنيين في أوكرانيا، وكذلك الترحيب بجهود الوساطة الساعية لإنهاء الحرب.
  • إسرائيل وغزة والضفة الغربية: دعا البيان إلى التنفيذ الكامل لقرار مجلس الأمن رقم 2735، المتعلق بوقف إطلاق النار الفوري والكامل، والإفراج عن الرهائن، وتبادل الأسرى الفلسطينيين، فضلًا عن الوصول الإنساني الفوري وغير المقيد إلى السكان المدنيين، بما في ذلك التوزيع الآمن والفعال للمساعدات الإنسانية على نطاق واسع في جميع أنحاء قطاع غزة لجميع المدنيين الفلسطينيين الذين يحتاجون إليها. مشددين على دعم زعماء الولايات المتحدة ومصر وقطر في جهودهم. وقد أُدين التوسع الاستيطاني في الضفة الغربية والقدس. وأكد البيان أيضًا على دعم كافة المبادرات المتعلقة بعملية إحياء حل الدولتين.
  • لبنان: أتى البيان على شاكلة الإدانة نفسها والدعوة لتنفيذ القرارات الأممية وحماية المدنيين ووقف إطلاق النار على غرار التصريحات المتعلقة بغزة والضفة الغربية.
  • إيران: شدد الالتزام بكافة السبل لمنع إيران من تطوير أو حيازة سلاح نووي على الإطلاق، وبالوقت ذاته أوضحوا ضرورة الالتزام بالقرارات الأممية بأن تظل منطقة الخليج منطقة خالية من الأسلحة النووية. وأشاروا كذلك لضرورة إنهاء إيران احتلالها للثلاث جزر الإماراتية.
  • البحر الأحمر: رحب البيان بالجهود المشترك بين الجانيين لحفظ سلامة الأمن البحري في البحري الأحمر، مؤكدين على العمل على تطوير نهج مشترك لتعميق هذا التعاون فيما يتصل بسلامة الأمن البحري في المنطقة.
  • اليمن: دعا البيان للاستمرار في عملية إقرار السلام في اليمن، ورحبوا بجهود المملكة العربية السعودية وسلطنة عمان والأمم المتحدة للتوصل إلى حل سياسي شامل ومستدام. موجهين إدانتهم للجانب الحوثي، داعين لوقف أعماله المهددة للأمن والمؤثرة في سلامة المدنيين.
  • العراق: وفي هذا الجانب، ركز البيان على ما يتصل بالقضايا العالقة بين الكويت والعراق، داعيين لضرورة تنفيذ القرارات الأممية المتعلقة به.
  • سوريا: ركز البيان على الجانب المتعلق بدعم المبعوث الأممي لسوريا فيما يتصل باستئناف عمل اللجنة الدستورية، وما يتصل بضمان العودة الأمنة للسوريين، ومكافحة الاتجار بالمخدرات.

في ضوء الاستعراض السابق، لمخرجات القمة، يمكن أالإشارة إلى عدد من الملاحظات، أبرزها: 

  • سيطرة الأزمات السياسية على المشهد والسياق الذي حدثت فيه القمة، أدى لعدم حدوث أي اختراق كبير على المستوى الاقتصادي بخاصة ما يتعلق بتوقيع اتفاق للتجارة الحرة أو المضي قدمًا في إلغاء التأشيرات بين مواطني الجانبين، أو الكشف عن صفقات أو بروتوكولات تعاون كبرى في ملفات الطاقة، واكتفي بالسير على السرعة الحالية نفسها فيما يتصل بأشكال التعاون بين الجانبين.
  • لم تنعكس الدعوات التي أطلقت في البيان لوقف إطلاق النار وخفض التصعيد، في شكل أي إجراءات يمكن اتخاذها للضغط من أجل هذا الخفض، وهو ما يرجع لوجود تيار مؤثر داخل الاتحاد داعم لإسرائيل على رأسهم الجانب الألماني.
  • هناك انخفاض ملحوظ في الإشارة لقضايا حقوق الإنسان، وهو ما يعكس تغيرًا في سرديات الاتحاد الأوروبي عن نفسه، ورغبته في التقارب مع القوى الذي يصفها بالقوى المتوسطة عالميًا على رأسها الدول الخليجية.
  • هنالك بعض المكتسبات السياسية الذي حققها الجانب الخليجي يعكسها البيان، منها الإشارة لاحتلال إيران للجزر الإماراتية بينما ما كان معتادًا هو التركيز على قضايا الأسلحة النووية وأذرع إيران في المنطقة، وكذلك ما يتصل بضرورة حل القضايا العالقة بين الكويت والعراق، وأخيرًا الانقلاب من الإدانة لمواقف السعودية في اليمن أو النظام السوري، لمباركة الجهود السعودية في اليمن، وتجاهل التعليق على ضرورة إسقاط النظام السوري الحاكم بقيادة الأسد.

 

المصدر

حول الكاتب

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

W P L O C K E R .C O M