اعداد الباحث : محمد شعبان عبدالعزيز – متخصص في العلاقات الدوليه
مقدمة:
يعتبر مهاتير محمد واحدا من اهم الزعماء الآسيوين في التاريخ الحديث إن لم يكن أهمهم حيث بذل الكثير من الجهود من اجل النهوض بوطنه وتحوله من فترة الاستعمار والزراعة لتحوله الى واحد من اهم القوى الإقتصادية العالمية من خلال مجموعة من السياسات والبرامج على المستوى التعليمي، الاقتصادي، الثقافي، السياسي ادت الى تكوين مجتمع متجانس من الناحية الاجتماعية ومتقدم من الناحية الاقتصادية تتعايش فيه الاديان والثقافات المختلفة ويرجع الفضل الكبير في ذلك الى شخصية القائد مهاتير محمد الذي تحول من شاب فقير من اسرة بسيطة الى الاجتهاد والعمل كطبيب وتكوين آراء ومؤلفات حول القضايا المختلفة وهو ما زاد من شعبيته ولاسيما بين فئة الشباب حيث عاصر مهاتير الكثير من الاحداث التاريخية والمصيرية في حياة الشعب الماليزي ومن خلال الدراسة سوف نقومب التركيز على محورين.
الأول: اهم العوامل التي اثرت في تكوين شخصية الزعيم مهاتير محمد.
الثاني: أهم الاسس والمنطلقات الفكرية لمهاتير محمد.
كما ان الرئيس مهاتير محمد قام بالعديد من الاصلاحات وارسى قواعد اجتماعية وثقافية عديدة في المجتمع الماليزي واهم تلك القواعد موضوع التعايش السلمي في ماليزيا وخاصة وان المجتمع الماليزي قبل الاستعمار كان مجتمع طبقي يغلب عليه التصنيف العرقي الذي كان يكرس تجاهل الملايو بالرغم من انهم اكثر من نصف السكان في ماليزيا وفي اعقاب خروج الاحتلال البريطاني حيث شهدت ماليزيا احداث دموية بين جماعات متناحرة مغايرة على المستوى العرقي والديني وهو الامر الذي استطاع مهاتير محمد بشخصيته وقدرته على الاقناع والتخطيط السليم ان يجعل تلك المشاهد العنصرية من دروب الماضي وعليه سوف تقوم الدراسة بتناول أهم السياسات التي اتخذها مهاتير محمد كقائد سياسي من اجل النهوض بماليزيا بجانب النظر في اهم الدروس المستفادة من تلك التجربة من اجل الوصول الى مجموعة من النتائج العملية التي يمكن ان تفيد صناع القرار والمهتمين بالقيادات السياسية ودورها في تحقيق التنمية في المجتمع بإعتبار ان نموذج مهاتير محمد يعتبر أحد النماذج الملهمة على المستوى العالمي.
أهمية الدراسة:
تكتسب الدراسة اهمية علمية وعملية على النحو التالي:
الأهمية العلمية:
من خلال تناول وتحليل معطيات القيادة السياسية الماليزية في عهد مهاتير محمد والذي ادى الى نقلة نوعية في تاريخ ماليزيا.
الأهمية العملية:
الفرضية العملية تكمن في الوصول الى مجموعة من التوصيات العملية التي تفيد صناع القرار والمهتمين بمجال التنمية السياسية.
أهداف الدراسة:
-تحليل شخصية مهاتير محمد واهم المنطلقات الفكرية التي اثرت فيه بإعتباره القيادة الابرز في ماليزيا في العصر الحديث.
-التعرف على اهم السياسات الاجتماعية، السياسية، الاقتصادية والتعليميةإبان عهد مهاتير محمد.
-الاستفادة من التجربة الماليزية على مستوى القيادة السياسية المتمثلة في مهاتير محمد وعلى مستوى النموذج التنموي لماليزيا.
فرضية الدراسة:
ان القيادة السياسية لماليزيا بقيادة مهاتير محمد كانت المحرك الابرز والاهم لتحقيق النهضة في ماليزيا ولاسيما فيما بعد حقبة الإستعمار.
الفصل الأول: مفهوم القيادة السياسية واهم النظريات المرتبطة بها:
في البداية نشير الى انه لايوجد تعريف جامع مانع للقيادة بحد ذاتها إنما ثمة تعريفات متعددة تناولت مفهوم القيادة وسوف نقوم بالتركيز على اهم تلك التعريفات:
فهناك تعريف يرى انها قدرة الفرد على التأثير على شخص او جماعة وتوجيههم وارشادهم لنيل تعاونهم وتحفيزهم على العمل بأعلى مستوى كفاءة من اجل تحقيق اهداف محددة.
بينما يمكن القول انها قدرة تأثير شخص ما على الآخرين بحيث يجعلهم يقبلون قياداته طواعية دون إلزام قانوني وذلك لإعترافهم بدوره في تحقيق أهدافهم ولكونه معبرا عن آمالهم وطموحهم بالشكل الذي يتيح القدرة على قيادة فرد او افراد الجماعة بالشكل الذي يراه مناسبا.
ويمكن النظر إلى القيادة على انها القدرة والمهارة على توحيد وتنسيق الرقابة على الآخرين من أجل الوصول إلى الهدف الاساسي للتنظيم وفي هذا الصدد يمكن استخدام وسائل التأثير والنفوذ مثل الإقناع والنفوذ وغيرها من الوسائل.
المبحث الاول: تعريف القيادة السياسية:
هناك علاقة بين القيادة والسياسة وهو ما انتج القيادة السياسية التي شغلت بال الكثير من العلماء من اجل الوصول الى تعريف خاص بها والقيادة السياسية في المجتمع الديمقراطي بشكل عام هي عملية تعبئة متبادلة بين القادة واتباعهم تجمعهم بعض الدوافع المحددة بين الطرفين ، ويستحوذون على الموارد الاقتصادية والادوات السياسية وغيرها في سياق من التنافس والصراع من اجل تحقيق اهداف بشكل مستقل او بصورة متبادلة بين القادة والاتباع.
وهناك اتفاق بين الكثير من المفكرين والمختصين الذين سعوا في ايجاد تعريف القيادة السياسية على ضوروة وجود مجموعة من العناصر في التعريف واهمها:
-شخصية وصفات القائد بما في ذلك صفاته الثقافية والأخلاقية.
-الصفات الاخلاقية والطابع الثقافي للأتباع الذين يتفاعل معهم القائد.
-الوسط الإجتماعي او التنظيمي الذي يتفاعل من خلاله القائد والاتباع ويتمثل في الثقافة العامة، والثقافة السياسية، المناخ والظروف السياسية ، المعايير والقيم، مؤسسات الدولة.
-الوسيلة المادية او المعنوية التي يستخدمها القائد من اجل تحقيق غايته او اهدافه وتطلعات الأتباع، وهي تشمل كافة الآليات والخطوات .
ومضطلح القيادة السياسية مصطلح مركب ومعقد وخاصة وانه يمزج بين الادارة وعلم السياسة وعلم النفس وهو امر ليس بالبسيط.
أهم نظريات القيادة السياسية:
-نظرية السمات
تدور هذه النظرية حول ان القائد يولد بالفطرة ولا يصنع ويؤكد اصحاب هذه النظرية ان نجاح القيادة يعتمد على وجود سمات وخصائص وتلك السمات يمكن ان تكون سمات عقلية او اجتماعية او جسمانية .
وبنيت نظرية السمات على ان القيادة لها مجموعة من السمات المعينة مثلا السمات الجسمانية الطول والوزن والحيوية، سمات عقلية كالمرونة وحسن التصرف والذكاء، سمات إجتماعية كالتعاون والقدرة على خلق بيئة إيجابية للعمل تؤهل إلى النجاح، فضلا عن سمات اخرى تتعلق بالسمات الشخصية مثل احترام الوقت وتقدير الآخرين والتواضع وغيرها من السمات.
وارتبطت نظرية السمات بالمدرسة الفلسفية الغربية وواجهت نظرية السمات مجموعة من الانتقادات اهمها ان الذكاء والهيئة والتعاون وغيرها من السمات التي حددتها ليست حكرا على القادة وإنما تتوافر في العديد من الاشخاص كما ان الدراسة اغفلت دور العوامل الاجتماعية والظروف والمتغيرات في تكوين شخصية القائد.
-النظرية الموقفية
تقوم النظرية على انه لا توجد سمات ثابته يجب توافرها في القائد وإنما هناك ثمة ظروف ومواقف ترتبط بفعل القائد وسماته اي ان هناك مواقف معينة ولحظات زمنية معينة يتعامل معها القائد بشكل مختلف عن الآخر ومن اهم علماء هذه النظرية فيلدر الذي يرى ان القائد الفعال هو الذي يستطيع ان يقوم بالموائمة بين سمات القائد والمواقف المتغيرة وقد حدد فيدلر ثلاث عوامل هامة لنجاح النظرية الموقفية وهي:
-علاقة القائد بأعضاء الجماعة.
-درجة هيكلة المهمة المطلوب القيام بها.
-قوة المركز الوظيفي.
-نظرية القيادة التحويلية
وهذه النظرية مرتبطة بالقيادة السياسية في الدول الديمقراطية والمتقدمة وجوهر النظرية التي وضعها برنار هو ان القيادة بالاساس تقوم على اساس التحفيز فالقادة المحفزون يعملون تحويلات عالية من اجل حل المشكلات التي تواجهها القيادة .(المطيري،2015).
المبحث الثاني: نظرة على دولة ماليزيا
يقع اتحاد ماليزيا ضمن إقليم جنوب شرق آسي، ذلك في النطاق الذي يمتد من الشرق في شبه القارة الهندية وإلى الجنوب في الصين ويدخل في هذا النطاق مجموعات من الدول منها بورما وتايلاند وفيتنام وغيرها وهو يتكون عامة من مجاميع من الجزر، واشباه الجزر، تختلف فيما بينها من حيث المساحة والشكل العام، إلا انها تتشابه كثيرا من حيث ظروف المناخ الموسمي من جهة، وزيادة كثافة السكان فوق اراضيها من جانب آخر.
تبلغ مساحة اليزيا (329.75كم2) =، وهي تطل على المحيط الهندي، وتحدها تايلاند من الشمال واندونسيا وسنغافورة من الجنوب، عاصمتها كوالالمبور، وتقسم اراضيها إلى قسمين : ماليزيا الغربية وتسمى الملايو، وتمتد من المحيط الهندي غربي وبحر الصين شرقا، وتبلغ مساحتها (131689كم2) ، تطثر فيها المرتفعات الجبلية حيث يبلغ اقصى ارتفاع لها حوالي 2000/، بينما يصبح جنوب شبه الجزيرة سهلا مستويا تقريبا تتخلله بعض التلال، كما وتنتشر بعض المستنقعات وتقسم إلى احد عشر إقليما وولايتين فدراليتين.
اما ماليزيا الشرقية فتمثل الجزء الشمالي من جزيرة بورنيو البالغة مساحتها (734000كم2) يتبع ماليزيا منها ما يقارب (198069كم2) وتشكل ولايتي صباح وسارواك وتتألف اراضيها من سهول ساحلية ذات مستنقعات، ومن مجموعة من الجبال الداخلية تجري منها الأنهار ذات المساقط المائية، واعلى ارتفاع لها في سارواك يصل الى 270م، وفي صباح يصل الى 497م، حيث جبال كينابالو، وتقسم إلى إقليمين وولاية فيدرالية واحدة.
اجتذب حسن استثمار ثروات البلاد الطبيعيى سيلا من المهاجرين، قدموا إليها من البلدان المجاورة واستقروا فيها: فجاءها من الهند 267000 مهاجرا عام 1911، بينما جاء 624000عام 1931، ومن الصين 916000 عام 1911، وهو الامر الذي ادى الى تنوع الأجناس البشرية واختلاف عقائدهم وعاداتهم وتقاليدهم فهناك الملايو، وهم من السكان الاصليون ويشكلون نحو 55% من السكان وتولى الحكومة اولوية لهم ويسمون (بوميوترا) اي ابناء الأرض ويدخل ضمنهم إحدى الجنسيات العربية التي اختلطت معهم وهم (الحضارمة) فاليمنيون الاحضارمة هم من أدخل الإسلام إلى ماليزيا ويأتي بعد ذلك الصينيون بنسبة 33% وهم يتمتعون بنفوذ سياسي واقتصادي قوي، وقد حرصوا على ألا يختلطوا مع الجنسيات الاخرى والجماعات العرقية الاخرى والاهتمام بمصالحهم الخاصة، ويأتي بعدهم الهنود والجنسيات الاخرى بواقع 12% من السكان في حين يبلغ إجمالي عدد السكان (25.720000) .
ونجح البريطانيون في توحيد ماليزيا تحت حكمهم مابين عامي (1786-1826) بعد طردهم للهولنديين، وساعد ذلك في إثراء البلاد واغنائها بسرعة، وادخل عليها زراعات جدسدة غسرت ملامحها.
إن استثمار مناجم القصدير ، ومزارع المطتط وزيت جوز الهند والاناناس ساعد كثيرا في رفع مستوى الدخل القومي ومن وجهة اخرى فالحكم غير المباشر خفيف الوطأة، اقصر دور السلاطين على دور الملوك العاطلين، وهو ما تم تقبله طالما ساعد في غغنائهم وتأمين الحماية لهم وعليه لم تقم ماليزيا حكومة مسؤولة، ولا انتخابات نيابية ولا احزاب سياسية والهيئات التمثلية تألفت اصلا من موظفين عينهم الحاكم البريطاني أما النظام الاقتصادي فكان شديد التبعية وتواكليا سريع العطب، وضع جانبا الى جنب ، مجتمعات سكانية ليس بينها شعور وطني أو مصالح مشتركة، وهو ما كانت له تداعيات كثيرة على مستقبل البلاد.
ادى الاحتلال الياباني (1942-1945) إلى بعث الشعور القومي، وعقب دحر اليابان، حاول البريطانيون، إعادة الأمور إلى سابق عهدها ولكنهم اخفقوا ، وفي 31/8/1957 تم إعلان استقلال ماليزيا بزعامة تانكو عبدالرحمن، وتقرر ان يكون النظام ملكيا دستوريا إنتخابيا اذ يرأس البلاد حاكم اعلى ويلقب بالملك، والملوك يتم اختيارهم لمدة خمسة سنوات، من بين تسعة سلاطين لأقاليم عرقية الملايو، الاقاليم الاربعة الاخرى يرأسها (حكام عامون) لا يدخلون في الإختيار، ونظام الحكومة شكل على غرار النظام البريطاني.(عفيفي،2007).
- الفصل الثاني : أهم سمات القائد مهاتير محمد
المبحث الاول: السمات الشخصية لمهاتير محمد
ولدة مهاتير محمد في 20/12/1925 في مدينة الورستيار بولاية كيداه، شمال ماليزيا وقد كانت الحرب العالمية الثانية (1939-1945) واحتلال اليابان واثره في جزر الملايو سببا في انقطاعه عن الدراسة التي عاد إليها بعد طول عناء بسبب انتمائه إلى عائلة فقيرة كأغلب العائلات الماوية في ذلك الوقت فإضطر إلى العمل في كشك لبيع القهوة والحلوى حتى يكمل دراسته، حيث حصل على نتحه لدراسة الطب نظرا إلى تفوقه واجتهاده وفي عام 1947 إلتحق بجامعة المالاي في ما يعرف بسنغافورة حاليا التي كانت تسمى في السابق كلية إدوار السابع الطبية وقد بدأ عقب ذلك ممارسة الطب لمدة 7 سنوات، حيث فتح عيادته الخاصة في مسقط رأسه وكان يعالج الفقراء بالمجان.
بدأ مهاتير محمد العمل السياسي في عام 1946 عندما إلتحق بمنظمة الملايو المتحدة (الأمنو) لدى تأسيسها، وفي صفوفها شق طريقة نحو النشاط السياسي ومع ممارسته الطب فإن السياسة ترسخت في وجدانه وبالفعل نجح في عام 1964 في دخول البرلمان نائبا عن دائرة (كوتاستيار) لمدة خمسة سنوات، وقد اشتهر في البرلمان بدفاعه عن القضايا الخاصة بالملاويين ولكنه هزم في انتخابات عام 1969، ثم اعقب ذلك طرده من الحزب لتجرئه على توجيه رسالة انتقاد مفتوحة إلى تانكو عبدالرحمن أول رئيس حكومة لماليزيا اتهمه فيها بإهماله شؤون الاغلبية العرقية الملاوية.
شهدت ماليزيا حدثا مهما في 13/5/1969تمثل بحوادث الشغب العرقية التي وقعت بكوالالمبور، وقد مثلت صدمة كبيرة للرأي العام وللحزب الحاكم كونها اخلت بحالة التعايش الهش بين مكونات الشعب المتوارثة منذ أيام الاستعمار البريطاني ولعل هذين العاملين هما الذي دفعا مهاتير محمد لأن يصدر في العام التالي اولى مؤلفاته المثيرة للجدل تحت عنوان (معضلة الملايو) ومن أبرز الأفكار التي عالجها الكتاب تعرض ابناء الملايو للتهميش خلال فترة الاستعمار ولكنه وبخ الملايو على لامبالتهم، وقبولهم ان يصنفوا كمواطنين من الدرجة الثانية، كما هاجم الاستعماريين الجدد في الغرب، ونبه إلى انهم مصممون على إخضاع ماليزيا وتهديد نجاحها.(اسماعيل،2014).
وعلى الفور قرر الحزب الحاكم منع الكتاب من التداول نظرا للآراء العنيفة التي تضمنها وأصبح مؤلفه في نظر قادة الحزب مجرد شخص متمرد يجب ان تحظر مؤلفاته، وهو ما زاد من شعبيته وخصوصا بين الشباب الذين وجدوا في كتاباته تجسديا لمعاناتهم ، وهو ما ادى الى عودته الى الحزب فيما بعد.
وفي عام 1974 فاز مهاتير محمد بعضوية البرلمان نتيجة ائتلاف الأمنو مع الحزب الاسلامي الماليزي في تلك الإنتخابات وعين إثر ذلك وزيرا للتعليم، ومن موقعه طبق ما اسماه (السياسة التعليمية الجديدة) كما شغل منصب نائب رئيس الحزب وأصبح فيما بعد نائبا لرئيس الوزراء (حسن عون) وتولى منصب وزير الصناعة والتجارة وفي انتخابات عام 1978 أعيد إنتخابه عضوا في البرلمان وهزم مرشح الحزب الإسلامي الماليزي بجدارة، وبتاريخ 16/7/1981 اصبح مهااتير محمد رابع رئيس وزراء لماليزيا بعد الإستقلال. (العبيدي:2008).
المبحث الثاني :السياسات العامة في ماليزيا في عهد مهاتير محمد
ان الخصائص التي تميز صناع القرار في ماليزيا تتسم بالواقعية في تحديد الأهداف بحيث تتماشى هذه الأهداف مع الوضع العرقي المعقد في ماليزيا وخاصة وان هناك مركزية في صناع القرار في السلطة التنفيذية ممثلة في رئيس ولكن تلك السياسات تتمتع بالتعدد مستويات صنع القرار ما بني الخطط طويلة الأجل وقصيرة الأجل، بالإضافة إلى خاصية الإستمرارية حيث تستكمل الخطط التالية ما بدأته الخطط السابقة فضلاعن قيام السلطات المعينة بالرقابة والمتابعة وأ÷م نماذج السياسات العامة في ماليزيا:
-السياسات الاقتصادية:
وضعت ماليزيا ما يسمى بالاقتصادية الجديدة عام 1971 في وقت كانت التصادمات العرقية تلهب الواقع الماليزي، ومنذ ذلك العام وماليزيا تحقق معجزة اقتصادية بكل المقاييس فعندما تم إطلاق هذه السياسات في اوائل السبعينيات من القرن الماضي كان لديها ثلاثة اهداف تصبو إليها وهي تمكين المالاي من خلال زيادة نسبة مشاركتهم في أسهم الشركات، والقضاء على الفقر وتحقيق المساواة، فضلا عن تأكيدها على ضرورة احداث التوازن والاستقرار للاقتصاد حتى يتمكنوا من تعزيز وتطوير الاقتصاد الماليزي قد حقق قفزة نوعية من اقتصاد زراعي يعتمد على تصدير المطاط إلى اقتصاد المعرفة وعلى الرغم من ان الاقتصاد الماليزي قد حقق قفزة نوعية إلا اننا عندما نقيم ما حققته هذه السياسة حتى الألفية الثالثة، نجد انه قد تم تأجيل تمكين المالايا من حيث تميكنهم من أسهم الشركات بنسبة 30% ليتم تحقيقه في خطة رؤية ماليزيا لعام 2020 وإن كانت ماليزيا قد قامت بالعديد من الخطوات الايجابية في هذا الصدد ، اما عن هدف المساواة فنجد انه من بين 127 دولة شملتها بيانات البنك الدولي غ جاء ترتيب ماليزيا في المرتبة 101، وبالتالي فهي تعد من اسوء الدول الآسيوية في هذا الصدد وعندما حاولت ماليزيا ان تأخذ ببعض مبادىء العولمة واقتصاد السوق وجهت عدة انتقادات لمثل هذه السياسة، كان من ابرزها ان التحول إلى القطاع الخاص قد اضعف من البيروقراطية وحصر دورها مما ادى إلى تفقد كوادرها الماهرة.
السياسة التعليمية:
يحتل التعليم موقع الصدارة في اولويات ماليزيا، فمنذ نيلها الإستقلال في عام 1957 كان لدى القيادات الماليزية معتقد راسخ بأن الإهتمام بالتعليم هو البوابة الرئيسية التي لا مقر منها من أجل العبور الى المستقبل وقد اتضح هذا الاهتمام من خلال اللوائح القانونية والخطط القومية النماليزية، فيعد التعليم للجميع مبدأ تلتزم به الحكومة بشكل كامل والتعليم في ماليزيا مجاني ولكنه غير إلزامي ومن التطورات الهامة التيتبنتها وزارة التربية والتعليم الماليزية هو إنشاء العديد من المدارس النوعية مثل المدارس الذكية لمواكبة التقدم الحاصل في مجال الاتصالات والمدارس الرياضية لتنمية المهارات الرياضية لرفع اسم ماليزيا عاليافي المنافسات الإقليمية والدولية، ومدارس رؤية التي تهدف إلى دمج الأطفال من ذوي الإثنيات المختلفة لتقوية النسيج الاجتماعي في ماليزيا وهذا لا ينفي وجود التعليم الخاص في ماليزيا ولكن الحكومة تقنن مثل هذا التعليم ايضا، وقد حققت ماليزيا العديد من الإنجازات على المستوى التعليمي فقد انخفضت نسب الأمية بشكل ملحوظ فضلا عن استخدام التليم كوسيلة للمحافظة على ترسيخ مبدأ الوحدة الوطنية بين الأعراق الثلاثة الرئيسية في مالييا والعمل على الإنفتاح والتأقلم مع الخارج دون مساس بالموروث فمثلا، تم التأكيد على ان تعد اللغة الانجليزية لغة ثانية في البلاد في حين ان اللغة المالاوية هي اللغة الرسمية الوطنية.
-السياسات التكنولجية:
بدأـ ماليزيا في انتهاج سياسة منظمة في مجال العلوم والتكنولجيا منذ العام 1970 في إطار السياسة الاقتصادية الجديدة التي تحتل موقع هام غي رؤية ماليزيا 2020، وأهم ملامح هذه السياسة يتلخص في ان التقدم العلمي والتكنولجي من الضرورة بمكان حتى لا تقع ماليزيا في قبضة استعمارية جديدة، وان تحقيق هذا التقدم ينبغي ان يتم من خلال المشاركة بين الحكومة والقطاع الخاص، ويجب ان يتم الإهتمام بإحتياجات السوق وقد اكد القادة الماليزيون على أهمية التكنولجيا، فقد ألف مهاتير محمد مجلد بعنوان العلم والتكنولجيا والإبتكارية، فضلا عن كتابات عبدالله بدوي رئيس الوزراء الماليزي وفي هذا السياق تطورت السياسات الماليزية عبر مرحلتين الأولى: هي نقل التكنولجيا والتي امتدت خلال فترة السبعينات حتى بدايات التسعينيات ثم انتقلت ماليزيا إلى المرحلة الثانية والتي تستمر حتى الآن وهي مرحلة تطوير وتصدير التكنولجيا وقد استطاعت ماليزيا من خلال سياساتها التكنولجية ان يكون تصنيفها هو ال 61 بين 177 دولة شملها تقرير التنمية البشرية الصادر عن الأمم المتحدة لعام 2006 ىبالإضافة الى تمكن ماليزيا من تصنيع نموذجين سيارات بالكامل دون الحاجة الى مساعدة او مكونات خارجية، ولكن الملاحظ هنا انه على الرغم من التقدم التكنولجي الذي حققته ماليزيا إلا انه على الصعيد العلمي لم تحقق لم تحقق نفس الدرجة من التقدم.
-السياسات البيئية:
هناك سؤال في غاية الاهمية يتمحور حول تعامل الدولة الماليزية مع المشكلات الناجمة عن الوتيرة المتسارعة للنمو الاقتصادي والتكنولجي، وابرز هذه المشكلات بالتأكيد هي المشكلات البيئية ومن الجدير بالذكر ان ماليزيا قد ورثت النظام الاقتصادي الاستعماري البريطاني والذي اعتمد على استخراج المواد الخام وتصديرها وحتى مع اتجاهها نحو التصنيع شهدت ماليزيا تناميا ملحوظا في إنتاج الموارد الطبيعية ، وقد ادى هذا التوجه بالإضافة الى ارتفاع نسبة التحضر واستهلاك الطاقة الى قدر اكبر من التلوث البيئي والذي شمل الماء، الهواء وتراجع مساحات الغابات، وبالتالي فقد شهدت مؤشرات جودة البيئة الماليزية تراجعا ملحوظا خلال السبعينات والثمانينيات وفي هذا الصدد لجأت ماليزيا منذ منتصف السبعينات ومن خلال رؤية 2020 إلى اتخاذ مجموعة من الإجراءات لحماية البيئة، فقانون جودة البيئة لعام 1974 يعد من اوائل القوانين التي اختصت بالبيئة في الدول النامية، ولكن على الرغم من الاهتمام الحكومي باستراتيجيات مواجهة التلوث البيئي وحرص ماليزيا على على لعب دور رائد في مواجهة البيئة العالمية من خلال اشتراكها في المحافل الدولية المعنية بالبيئة، فإن اداء الحكومة الماليزية قد اتسم بالتراجع في بعض محالات إدارة تحسين الموارد وهو ما ادى في بعض الأحيان إلى اضاعة عدد من الفرص إضافة تقليل الفائدة التي يمكن ان تنجم عنها مثل ما حدث في مجال مصايد الأسماك والغابات.
-السياسات السكانية:
يتسم التركيب العرقي للسكان في ماليزيا بالتنوع، حيث يشكل المالايا (السكان الأصليون) 59% من السكان الاصليون والصينيون 31% في حين يمثل الهنود 9% وقد حدثت مصادمات عرقية دامية في ماليزيا في فترة الستينيات لكن الحكومة حاولت ان تتغلب على هذه المصادمات من خلال السياسة الاقتصادية والاجتماعية التي تعمل على صهر كل العناصر في بوتقة المواطنة ومع نهاية القرن العشرين انتهجت ماليزيا سياسات تهدف الى تحسين أحال المالايو بإعتبارهم سكان البلاد الاصليون وانهم الفئة الاكبر عددا منذ الاستقلال وحتى عام 1984 شهدت ماليزيا انخفاض مستمر في معدل الزيادة الطبيعية ، ولهذا اعلنت ماليزيا في العام ذاته انها تستهدف زيادة عدد السكان إلى 70 مليون نسمة عند حلول عام 2100، إلا ان هذه السياسة اثارت الكثير من الجدل مثل امكانية ماليزيا استيعاب هذا العدد الكبير من السكان مع العلم انه هناك بعض المناطق في ماليزيا تعاني من نقص الخدمات.
-السياسة الصحية:
مما لاشك فيه ان احد المتطلبات الرئيسية لرؤية ماليزيا 2020 هو وجود مجتمع يتمتع بمستويات عالية من الصحة ويضا درجة كبيرة من الوعي الصحي، وفي هذا الإطار زاد الإنفاق الحكومي على قطاع الصحة ، تدار السياسات الماليزية في مجال الصحة بشكل مركزي من قبل الحكومة ممثلة في وزارة الصحة وما يتبعها من ادارات وهيئات ومعاهد قومية للصحة ولكن مع بروز مفهوم العولمة، حيث تجد الدولة نفسها ملزمة بإتباع سياسات عامة تجاه قضايا مثل الصحة وحقوق الانسان في سبيل لاستجابة لتأثير ما يسمى بالمؤثرات الخارجية، وهنا ماليزيا لم تكن استثنار فنجد ان كل من منظمة الصحة العالمية ووكالات الأمم المتحدة والشركات متعددة الجنسيات كان لهما تأثير على صنع وتنفيذ السياسة الصحية في ماليزيا وعلى الرغم من ذلك إلا ان السياسة الصحية في ماليزيا مازالت تواجه العديد من التحديات ومن أهم هذه التحديات زيادة قدرة المؤسسات الصحية، وإصلاح نظم تمويل الرعاية الصحية وتنمية الموارد البشرية في مجال الصحة.(عوض،2010).
الفصل الثالث :الاسس الفكرية والقيادية للرئيس مهاتير محمد:
تشكلت المهاتيرية نسبة إلى مهاتير محمد كقائد سياسي تاريخي في ماليزيا من خلال عدد من التوجهات والتصورات الخاصة بالغرب والديمقراطية والتنمية والنظام الإقتصادي والعولمة وغيرها من القضايا بالإضافة الى بعض المنطلقات والافتراضات الخاصة بالعلاقة بين الدين والدولة، والإسلام والتنمية، والديمقراطية والتنمية وفق بعض التعريفات فإن المهاتيرية هي خليط من القومية الرأسمالية، الإسلامية، الشعبية، السلطوية).
وعلى الرغم من ان الايدولجية المهاتيرية تبدو أحيانا وكأنها قادمة من التاريخ في الخمسينيات، إلا انها لقيت بعناصرها تلك رواجا واسعا الامر الذي يثير تساؤلات حول مضمونها ومستقبل تأثيرها في طريقة تعامل مع بعض الدول التي لازالت تواجه تحديات فيما يتعلق بعمليات التنمية او العلاقة مع الغرب، او العلاقات بين الإسلام ومختلف المتغيرات، والتي لم تتعامل معها المهاتيرية نظريا ولكنها قدمت ايضا نموذج عملي يحتذى به .
المبحث الاول: أهم الركائز الفكرية لمهاتير محمد
-الموقف من الدين:
تبنى مهاتير محمد رؤية تميل الى شكل العلمانية، لكنها لا تغفل في الوقت ذاته مبادىء الدستور الماليزي الذي ينص على ان الإسلام هو دين الدولة، مع تأكيده دائما ان التنمية الماليزية هي انعكاس لمبادىء الاسلام، رافضا في الوقت نفسة اعطاء البلاد صبغة دينية ويعود السب في ذلك الى التركيبة المتنوعة للمجتمع الماليزي بالرغم من ان اكثر من نصف السكان من السملمين وتبعا لذلك واجه مهاتير محمد معارضة من التيار الإسلامي السياسي بزعامة الحزب الماليزي الإسلامي وجمعية العلماء المسلمين فكون تحالفا ضم الجبهة الوطنية الماليزية ومنظمة الاتحاد القومي الماليزي اللتين تشكلان الإئتلاف الحاكم برئاسته.
وبالرغم من ذلك تجنب مهاتير محمد الحديث بشكل مباشر عن العلمانية، إذ كان يرى ان السياسات التي تضمن توفير التعليم والرعاية الصحية والضمان الإجتماعي والتسامح تعكس تمسكا بمبادىء الإسلام.
وفي السياق ذاته لا ترى المهاتيرية في الإسلام مجرد مجموعة من الشعائر الدينية كما انها ايضا لا تصل الى مجاراة العقائد الاصولية فيما يتعلق بالعلاقة بين الدين والدولة بل انها ترى فيها احد العوامل المسؤولة عن تخلف العام الاسلامي، سواء بسبب التحديات الداخلية التي فرضتها وتحويلها جزءا هاما من موارد الدول الى مواجهتها، او التقييمات الجامدة التي طرحتها لمختلف الظواهر المرتبطة بالتنمية والتحديث، الامر الذي افرز العديد من التناقضات المختلفة بين الإسلام ومتغيرات العصر الحالي.
ومن الجدير بالذكر في هذا الصدد الإشارة الى القيم المعنوية والثقافية والتقاليد لعبت دورا مهما في نجاح تجربة التنمية الاقتصادية في دول جنوب شرق آسيا، اذا زودتها بمعطيات ثقافية اكدت قيمة العمل واحترام السلطة والإخلاص والولاء للوطن .
وفي ماليزيا هناك اربع ديانات اساسية غير الاسلام شكلت هذه المعطيات اساس لنجاح التجربة الاقتصادية، ومازال الزعماء السياسيون يعولون عليها في تحقيق الطموحات القومية، فالهدف الرابع من رؤية 2020 وهي الرؤية التي اعلنها مهاتير محمد في عام 1991 وتضمنت تأسيس مجتمع قيمي متكامل، يكون فيه المواطنون على درجة من التدين القمي والقيم المعنوية والمعايير الاخلاقية.
-الجانب القومي
لا يمكن فهم المهاتيرية دون فهم السياق المجتمعي والدولي الذي نشأ فيه مهاتير محمد فقد ارتبط الوعي السياسي لديه بفترة تدهور الوضع الاقتصادي والاجتماعي للملايو، مقابل السيطرة الاقتصادية للصينين والهنود، بالإضافة الى المستمثمرين الاجانب ، مما ادى الى نمو المشاعر القومية لديه، فدعا ابناء جلدته الى تعلم اخلاقيات العمل من الصينين ومحاولة التعايش معهم من اجل بناء مجتمع متعدد الاجناس يتسع للجميع.
وقد عرفت هذه السياسة بالبومبيوترا (اصحاب الارض) وهدفت لزيادة دخل الملايو مقابل الاقليات الاخرى وهي سياسة حظيت بالرضا والقبول من الجميع لأنها تمت بموزافقتهم ورافق ذلك إنسجام وتسامح دييني وإجتماعي، مما شكل ارضية قوية للاستقرار السياسي والنمو الاقتصادي وكان عنصر جذب الاستثمارات الاجنبية، ويبدو ان الجميع استفاد من احداث مايو 1969 التي خلفت الكثير من الضحايا على اثر نزاعات عرقية، والتي قدمت درسا مفيدا افضى ذلك إلى احترام السلطة وقامت الدولة بتأييد كل الإجراءات التي رسخت العقد الإجتماعي الجديد بحيث اصبحت السلطة السياسية للملايو مع فتح باب المشاركة الاقتصادية للجميع والمساواة امام القانون، مع وجود تميز محدود تم بلإتفاق الجميع لصالح الاغلبية وحافظت الدولة على تلك الروح الايجابية في المجتمع عبر وسائل غير محبذة عند البعض ولكنها اساسية وضرورية على سبيل المثال لا الحصر (قانون الامن الداخلي) وبالمفهوم الغربي يعتبر هذا خرقا للديمقراطية ولكن رأى الكثير من الحكماء والساسة المخضرمين فيه رادعا للمارسات التي قد تمس وحدة المجتمع ولمنع تكرار تجارب الماضي.
ووفقا لهذه المبادىء يرى مهاتير محمد ان عملية الإصلاح الشاملة تتطلب الكثير من الافكار والسياسات وليس الاقتصار على سياسة واحدة.
ومما ساعد على نجاح هذه الرؤية تركيبة المجتمع الماليزي المتماسكة فهناك اعتزاز وقدسية بمفهوم الاسرة ودورها ورغم ما احدثته سياسات التصنيع من تأثير سلبي في دورها ورغم ما احدثته سياسات التصنيع من تأثير سلبي في دورها فهي ماتزال بؤرة استقرار المجتمع ورافق ذلك حالة تضامن وتكامل مع مؤسسات المجتمع المدني كالمدرسة وأماكن العبادة، في النهوض ببعض المسؤوليات الاجتماعية.
ومن جانبها تقوم الدولة برعاية استقرار الاسرة عبر برامج محددة تعني بمعالجة المشكلات الطارئة او البيئية مثل اساءة معاملة الاطفال والنساء ولكن نستطيع القول ان هذه الحالة اقل شيوعا في ماليزيا عنها في دول الجوار وهذه المنهجية تركت اثرا واضحا في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية .
-الموقف من الغرب
اعتبر الشعب الماليزي ان مقاومته للمستعمر مصدر إلهام من اجل التحرر والتطور وقد ادرك القادة السياسيون تلك الحقيقة ووظفوها لخدمة مصالحهم العليا وعلى الصعيد السياسي تنطلق المهاتيرية ان الغرب بكل انجازاته المادية والقيمية لا يشكل معطى للدول النامية او العالم الاسلامي وفي تقييمه للديمقراطية الليبرالية ويؤكد مهاتير محمد على ضرورة التمييز بين الغاية والوسيلة وان الديمقراطية رغم اعترافه بأنها واحدة من افضل النظم السياسية التي عرفتها الانسانية لا تعدو كونها وسيلة للحكم غير مأمونه العواقب بالضرورة ، فقد تؤدي الى الفساد وإساءة استخدام كغيرها من الانظمة السياسية كما انها لا تمثل ضمانا لتاحقيق الاستقرار السياسي او اتقدم وفي احيان كثيرة ادت الى الفوضى وإعاقة التطور كما كانت في احيان اخرى سببا في تراجع معدلات التنمية.
وفي هذا الإطار يرى مهاتير محمد ان فكرة (المستبد العادل) ربما هي التي تكون مناسبة الى بعض الشعوب والمجتمعات، خلال مراحل معينة من مسيرة التطور السياسي والاقتصادي وواقع الأمر فإن هذا التقييم السلبي لا يعني الرفض المطلق بقدر ما يعني ضرورة ربط عملية التحول الديمقراطي بعملية التطور الاقتصادي والرأسمالي، وأن التعجيل بالتحول الديمقراطي قد يؤدي الى تداعيات سلبية وقد قام مهاتير محمد بصياغة التجربة الماليزية وفق هذا التصور الأمر الذي ادى الى تعجيل عملية التطور الديمقراطي إلى الآن رغم النجاح الذي حققه المشروع التنموي.
وحذر مهاتير محمد من ان قوى العولمة تحاول خداع الدول النامية بالشعارات المعسولة، ووعود نظم وأيدلوجيات جديدة، مؤكدا ان بلاده لن تعود إلى الاقتصاد المركزي الذي ساد في ظل الاشتراكية والشيوعية، إلا انها في الوقت نفسه لن تسمح لأحد بأن يبيعها افكارا وايدولجيات جديدة، قبل ان تتفحصها جيدا وخاصة وان ماليزيا جربت عولمة رأس المال وكادت ان تفلس بسببها.
على المستوى الاقتصادي اعلن مهاتير محمد رفض مفهوم التحديث بالمعنى العلماني الغربي، والسعي إلى بناء نموذج للتنمية يقوم على الاستفادة من الجوانب التقنية في الغرب مع الاخذ في الاعتبار قيم البلاد.(العبيدي، مرجع سابق).
المبحث الثاني: العولمة في فكر مهاتير محمد
إن للعولمة تأثيرا مزدوجا فقد يقلل هذا التأثير من مدى حريتنا واستقلالنا وقراراتنا، في الوقت الذي قد يمكننا من الاستفادة من مختلف اوجه التقدم والتطور الحاصل في مناطق كثيرة من العالم ومن امثلة الآثار الايجابية للعولمة ما وصل إليه العالم المتطور في مجال التكنولجيا على مدى الزمان والمكان فقد كنا فيما سبق من أجل الإتصال بأي منطقة في العالم اوإرسال برقية او الاستمتاع الى قطعة موسيقية ، لابد لنا من غرفة ضخمة مزودة باضخم الوسائل والتجهيزات بينما اليوم فالعملية برمتها تتم بجهاز بسيط محمول في الجيب مثل الهاتف النقال فهذا الجهاز مؤشر واضح على ضخامة التطور الذي حصل في مجال تكنولجيا الإعلام والاتصال ولقد اصبح بإمكاننا ان نسافر جوا في دقائق معدودة.
هذا من أهم إنجازات العولم، بحيث لم يصبح في مقدورنا ان تبقى منعزلين عن باقي مناطق العالم، وعلى الرغم من الفوائد الكثيرة للتطور التكنولحي وآثاره الإيجابية، فإننا من الصعب ان نتفادى آثاره السلبية بدون جهد وعناء.
ويضيف مهاتير انه حينما ادعت تايلاند احقيتها بملكية اجزاء في المياه الاقليمية الماليزية وقالوا اننا ندعي ملكية اجزاء من مياههم الإقليمية، فقد توصلنا عن طريق الحوار الهادىء إلى توافق مفاده الإشتراك في الإستفادة من كل ما يمكن ان نحصل عليه من خيرات هذه المياه المشتركة ولذلك لم يتم التفكير في اللجوء إلى الحرب إن هذا التصرف ليس أقل من سلوك شعب متحضر يتميز بالقوة والحكمة، ويعرف كيف يتعامل مع الازمات بحكمة.
وبالمثل في الازمة مع اندونسيا عندما ادعت ملكيتها لجزيرتي سيبادان وليجيتان فقد قررت ماليزيا اللجوء الى المحكمة الدولية التي وقفت بجانب ماليزيا وبطبيعة الحال لم تكن اندونسيا متقبلة لقرار المحكمة ولكن ليس بالضرورة ان تكون كذلك فالعادة ان المحكوم عليه يغلب عليه عدم الرضا بالحكم الذي لا يكون منا يريد.
هذا مظهر من مظاهر العلومة، فإن كنا غير حكماء في التعاطي ومشكلات بلداننا ربما كنا سببا في دمار من خلال اعتداء القوى المستكبرة على الضعفاء منا غير انه من جهة اخرى ينبغي ان نتذكر دائما ان ماليزيا قد خطت خطوات كبيرة على طريق التقدم فقد نما بشكل ملفت للنظر اذ ان المعدل السنوي للنمو قارب 7.8% وقد وصل في بعض الاحيان إلى 9% لقد وصلت ماليزيا الى هذ الدرجة من النمو وذلك ببساطة لانها كانت مؤهلة لاقتحام الاسواق العالمية بالمنتجات إذ لو انصب اهتمامنا على مجرد الاكتفاء الذاتي لما كان ذلك كافيا لنتمكن من اقتحام هذه الاسواق وبسبب البعد العالمي للتجارة التي مارستها ماليزيا لما كانت قادرة على ان تبيع منتجاتها للعالم كله وعليه ينبغي على ماليزيا التعامل مع كل بلدان العالم لأن اسواقها ضرورة لاقتصادنا ويجب على كل الماليزيين ام ينتبهوا الىهذه المسألأة ويعيروها الاهتمام وخاصة وان من اجل تحسين الاقتصاد على ماليزيا ان تزيد من التبادل التجاري مع باقي دول العالم.
كما ان هناك اهتمام في ماليزيا بالتربية والتعليم غداة الاستقلال لم يكن في ماليزيا إلا جامعة واحدة ولكن في الوقت الحالي اكثر من 60 جامعه منها ثلاثين عامه والباقي خاص وتهتم ماليزيا والقيادة السياسية في ماليزيا بالتعليم لان الاهتمام بالتعليم وثيق الصلة بتحقيق التنمية .
ان استيعاب العولمة وحسن التوظيف لها يتوقف بالأساس على مدى قدرتها على تحصيل المعرفة التي تمكن من إنتاج ما يمكن عرضه على الاسواق العالمية في إطار مشاريع التبادل التجاري مع باقي دول العالم وبالطبع وفي اثناء ذلك لابد من اللجوء الى استيراد الحاجات والانتاج من اجل التصدير.(محمد:2011).
الفصل الرابع: التعايش السلمي في فكر القائد مهاتير محمد
إن ثقافة قبول التعددية الدينية والتسامح والتعايش مع الأديان والمعتقدات الاخرى هي دون شك وليدة الحضارة الإسلامية التي وفرت مناخا ملائما لتلاق إيجابي قائم على الأخذ والعطاء في الأفكار بعيدا عن السلبية وقد عمل أطباء يهود ومسيحيون في مجال الطب بجانب إلى جانب اطباء مسلمين والإسلام دين يقوم في جوهره على التسامح والإعتدال والمسلم الحق هو الذي يتحلى بالسماحة ووالإعتدال، وبالتالي فإن الإسلام بوصفه دينا كونهم جماعة أبعد ما يكونوا عن التطرف والتعصب التي تلصق بالإسلام والمسلمين ليس من قبل غير المسلي فحسب وإنما من جانب بعض المسلمين الذين يدعون انهم اصحاب افكار ليبرالية مستنيرة.
المبحث الأول: مفهوم التعددية في فكر مهاتير محمد:
ان المطالع لكتاب السيد مهاتير محمد بدقه يجد سيطرة فكرة الهوية الإسلامية والاعتزاز بها بالمقابل الفكر المتجانس بوصفه طبيبا وسياسا صبغ فكره برؤية شاملة واستراتيجية وأفق واسع بل ان فكره ثمرة وخبرة طويلة استمرت قرابة عشرات السنوات التي قضاها في المجال السياسي وذكر مهاتير في مذكراته انه ليس محل قبول كبير لدى بعض المثقفين الرافضبن لمبدأ التعددية والتسامح بين الأديان وخاصة وان مهاتير يعتبر الدين الإسلامي اكثر من عقيدة اسيء فهمها ففي وقتنا الحديث من قبل المسلمين انفسهم ومن قبل غير المسلمين بطبيعة الحال، وقد بلغ المسللمون درجة من اساءة الفهم في دينهم عند البعض منهم تسببت في خلق حاجز يقف عائقا دون النفاذ إلى جوهر العقيدة، ويمنع غير المسلمين من السعي للتواصل والإحتكاك بهم، خاصة من بعض المثقفين ويبدوا ان المسلمين تناسوا ان اسلاف الغالبية العظمى منهم كانوا من غير المؤمنين بالرسالة المحمدية لكنهم اعتنقوا الإسلام نتيجة الاتصال والتفاعل مع المسلمين.
لذا يرى مهاتير أن التعددية هو واقعنا المعاصر، فلا يمكن تصور اي بناء أو اي احوار حقيقي بين الحضارات والثقافات في عالم يتغير دون الإقرار بمبدأ التنوع الثقافي وصونه واعتباره سبيلا للتعايش بين بني البشر، والتأسيس لمستقبل مشترك أكثر اطمئنانا وتضامنا وفي المقابل يطرح السيد مهاتير استشكالا حول ذلك ليقول : هناك مجتمعات عديدة تنظر إلى التعديدة على انها نقمة وليست نعمة، لأنها كثيرا ما تجلب العنف والصراعات المسلحة، لكنها في مالليزيا تشكل عنصرا مهما لجمع وتقريب المواطنين من مختلف الديانات إلى بعضهم بعضا مما يسهم في تعزيز الوحدة الوطنية .
أهم إيجابيات وسلبيات التعددية:
الإيجابيات:
-التعرف على الثقافات الاخرى في المجتمع (عاداتها، تقاليدها، قيمها، دياناتها).
-الاعتراف بشرعية الثقافات الاخرى في المجتمع بأنها مركب مهم وجزء لا يتجزأ من المجتمع، فالحوار يعطي المجموعات الفرصة من اجل ان تعرف حقوقها.
-المساواة بين الثقافات المختلفة في المجتمع فلا يوجد مركز وضاحية في المجتمع، اي لا توجد هرمية وثقافة واحدة.
-الإحترام المتبادل بين الثقافات في المجتمع وتطور النقد الذاتي والتحقيق الذاتي للفرد والثقافة في المجتمع.
-إعطاء فرصة جديدة تضمن وتحقق الحريات والمساواة، بين الثقافات المختلفة في المجتمع مثل سن القوانين: قانون اساسي احترام الإنسان وحريته وقانون اساسي حرية التشغيل والمهنة.
السلبيات:
-التعددية يمكن ان تؤدي لتفكيك المجتمع، والنشيج الاجتماعي بداخله فيصبح الممجتمع غير متحانس لأن لكل ثقافة عاداتها وتقاليدها ونمط حياتها.
-التعددية يمكن ان تؤدي الى عدم استقرار اجتماعي وفوضى اجتماعية وخاصة في ظل عدم وجود قوانين موحدة لكل الثقافات بسبب الإختلاف في القيم والعادات فلا توجد ثقافة صحيحة لقيادة واحدة.
-التعددية تساعد في انغلاق الثقافة على نفسها وتكوين إطار خاص بعيدا عن الإطار المشترك مما يؤدي الى تفكيك اطار الدولة الواحدة.
وذكر مهاتير محمد في مذكراته: ربما لا نطبق في ماليزيا ما تنص عليه الشريعة في كل حالة، وربما نطبق قوانين اخرى، لكننا نتبع تعاليم الإسلام بدفاعنا عنها، وتوفير العدالة للجميع في هذه البلد المتعدد الاديان، وابقاءنا الأمة بعيدة عن الصراع وانعدام الأمن ومن هنا يمكن القول ان آراء مهاتير محمد هي عين الحكمة والاتزان والنظرة الواقعية التي تحفظ كليات الدين فحفظ النفس والمال ، وحفظ مقومات الدولة وقوتها وسيادتها مطلب وطني وهو لا يتعارض مع الشريعة، إذ الإسلام هو دين السلام والتسامح ونبذ العنف والإكراه وهو مسار يراه لتصحيح النظرة العامة للإسلام، لذا يؤكد مهاتير ان الدور هو دور المسلمين جميعا وفي ماليزيا بشكل خاص، فيقول في موسوعته (إذا ما اردنا ان نصحح هذه الصورة المشوه عن الإسلام، وإذا ما اردنا ان نزيل الفكرة الراسخة لدى الاوروبيين بأن المسلمين يتصفون بالفجور في الخصومة وعدم التسامح وعدم الصفح وعدم الإعتدال والتطرف، فإننا يجب ان نظهر رغبتنا في التغاضي عن الإنتقام، وعدم انتهاج اسلوب العنف .(الملحم،2015).
المبحث الثاني: تقييم التجربة الماليزية تحت قيادة مهاتير محمد
لعبت القيادة السياسية بقيادة مهاتير محمد دور كبير في تحقيق التنمية في ماليزيا حيث يمكن القول ان مهاتير هو مؤسس النهضة الماليزية وبالعودة الى الماضي القريب كانت البلاد أكبر منتج للقصدير والمطاط في العالم، ولم يكن فيها اي صناعة، وكان لابد من استيراد جميع السلع المصنعة وعقب الاستقلال، اصبحت مشكلة البطالة اكثر خطورة لكون صناعتي المطاط والقصدير غير قادرتين على توفير فرص عمل كافية، ولذلك كان لابد من طرق باب التصنيع.
ولكن ماليزيا كانت تفتقر إلى خبرة التصنيع ولم توجد بها الخبرة اللازمة في ذلك الوقت ولم يتوفر رأس المال ولا إدارة معرفة الذات وإضافة الى ذلك ظل المستعمرين يعملون بإصرار لضمان إقتصار ماليزيا على إنتاج المواد الأولية لذا كان الواقع يشير إلى ان ماليزيا ستبقى منتجة للسلع الأولية، وان تظل متخلفة وفقيرة وادركت الحكومة انه اذا لم تستطع خلق فرص وظيفية لشعبها، فسوف تواجه مشكلات اجتماعية وسياسية خطيرة بل ستصبح البلاد اكثر فقرا مما كانت عليه تحت جكم الإستعمار البريطاني.
ادرك مهاتير محمد هذه المشكلات في مرحلة مبكرة وهو خارج دائرة الحكمساعده في ذلك خلفيته العلمية كطبيب ، كما وحملت زوجته درجة الدكتوراه في الفيزياء وقد لعب ذلك دوره في تركيزه على اهمية العلوم الطبيعية والتطبيقية ذات الصلة بالتنمية التكنولوجية بشكل خاص، ويعتبر هذا العامل هو الأهم بين العوامل الاساسية للنهضة الآسيوية والاستثمار فيه هو احد العناصر الهامة والحاسمة في تحديد مستقبل اي مجتمع، بدون وجود مؤسسات تربوية ونظام تعليمي متطور ومتجدد حسب حاجات المجتمع .
لقد قام مهاتير محمد بالإنفاق بسخاء على التعليم والاهتمام بتنفيذ برامج التنمية، والاستثمار في رأس المال البشري بإعتباره الاستثمار الاهم في حياة البشر.
واهتم مهاتير محمد بدور الدولة في الاقتصاد والسياسة وحدد مهاتير ان الدولة يجب ان تعتمد على المشاريع الخاصة، ومن اهم اسباب النجاح تكمن في تأمين البيئة المواتية لنمو المدخرات والاستثمارات الاجنبية والتنمية الاقتصادية.(عباش:2019).
خاتمة:
من خلال الدراسة يمكن التوصل الى مجموعة من الاستنتاجات وأهمها
-ظروف التنشئة الخاصة بمهاتير محمد كونه من اسرة فقيرة ومن اقلية مهمشة وهي الملايو إبان فترة الاستعمار بجانب اصراره على استكمال تعليمه وتفوقه على المستوى الدراسي وتكوين الشخصية المستقلة والنواة الخاصة بالقائد مهاتير محمد.
-ادت السياسات التعليمية، الاقتصادية والسياسية والثقافية الى ان يكون مهاتير محمد مؤسس ماليزيا الحديثة.
-كان التعليم احد اهم ركائز مهاتير محمد كقائد سياسي لدولة ماليزيا وخاصة وان التعليم يؤدي الى تنمية العنصر البشري مما يؤدي الى خلق اقتصاد معرفي قوي ومجتمع واعي تقل فيه النزاعات العرقية والطائفية.
-احد اهم عناصر نجاح شخصية مهاتير محمد تنامي الحس الوطني والانتماء الديني والتمسك الاخلاقي مما ادى الى تبنيه سياسة التعايش السلمي في ماليزيا والتي نجحت بشكل كبير في احتواء ابناء الوطن الواحد.
-تجربة مهاتير محمد مرت بالكثير من المحطات الصعبة ومنها عزل حزبه له في اوقات معينة، وفي اوقات اخرى التخلص من الموروثات القديمة حول تهميش الملايو بإعتبارها فئة اساسية في المجتمع الماليزي اصبحت تعيش بسلام مع الفئات الاخرى .
-لم يغفل مهاتير محمد من الجوانب الخاصة بالتكنولجيا والتحديث وربطها بالعولمة واشد ان للعولمة ايجابيات يجب استغلالها لكن سلبياتها تؤثر على نجاح الشعوب وتعطل مسار التنمية ومن خلال ما سبق يمكن اثبات الفرضية الاساسية للدراسة القائلة بأن ان القيادة السياسية لماليزيا بقيادة مهاتير محمد كانت المحرك الابرز والاهم لتحقيق النهضة في ماليزيا ولاسيما فيما بعد حقبة الإستعمار.
التوصيات:
من خلال الدراسة يمكن التوصية بمجموعة من التوصيات وأهمها:
–الإهتمام البحثي والاكاديمي بالتجربة الماليزية وخاصة وان النموذج الماليزي يعتبر من النماذج التي يحتذى بها على مستوى التنمية وعلى مستوى القيادة السياسية وعلى رأسها مهاتير محمد.
-زيادة تبادل الخبرات العلمية والفنية في المجالات الاقتصادية والثقافية من اجل الاستفادة من الخبرات الماليزية في تلك المجالات.
-يمكن تطبيق نموذج التعايش السلمي الذي رسخه الرئيس مهاتير محمد في بعض الدول التي تعاني من الانقسامات العراقية والطائفية ومنها على سبيل المثال لا الحصر العراق، لبنان ، الصومال وغيرها من الدول.
-الموائمة بين التقدم العلمي والاستفادة من الجوانب الايجابية للعولمة مع الاخذ في الإعتبار الثوابت المجتمعية المرتبطة بهوية المجتمع برمته ووحدة وسلامة اراضيه من الانقسامات العرقية والطائفية .
-إبراز التنمية المستدامة كهدف ودافع مجتمعي يتخطى الإنقسامات العرقية والطائفية والصراعات الداخلية بين أبناء الوطن الواحد وخاصة وان عملية التنمية لا يمكن ان تتحقق دون إرادة جماعية من الحكومة والشعب على حد سواء.
وعليه يمكن القول ان الاستفادة من النموذج الماليزي بات امرا ضروريا للكثير من الدول العربية ولاسيما التي تعاني من مشكلات عرقية وطائفية اكثر من اي وقت مضى.
مراجع:
1-محمد المطيري، دور القيادة السياسية في رسم وتنفيذ سياسات التنمية في الكويت،رسالة ماجستير، جامعة الشرق الاوسط، 2015.
2-سمير العبيدي، مهاتير محمد الأنموذج والتجربة، مجلة بحوث اقتصادية عربية، الجمعية العربية للبحوث الاقتصادية، المجلد (2) العدد (44) ، خريف 2008.
3-جابر عوض، السياسات العامة في ماليزيا، مجلة النهضة، القاهرة، العدد (1)، 2010.
4-مهاتير محمد، قراءة في استشراف ماليزيا والعلومة في آفاق 2020، مجلة معالم، العدد(5)، المجلس الاعلى للغة العربية،2011.
5-هاني الملحم، التعايش السلمي وتعددية الاديان والاعراق: دراسة في فكر مهاتير محمد، دراسات عربية واسلامية جامعة القاهرة، 2015.
6-عائشة عباش، ابعاد التجربة التنموية في ماليزيا، المركز الديمقراطي العربي،2019 منشور على الرابط التالي:
7- جمال عفيفي، مهاتير محمد قائد ناجح في زمن الفشل، مجلة الدبلوماسي، العدد (34) ، وزارة الخارجية السعودية: معهد الامير سعود الفيصل للدراسات الدبلوماسية ، 2007.
8-محمد صادق اسماعيل، التجربة الماليزية: مهاتير محمد والصحوة الاقتصادية،العربي للنشر، الطبعة الاولى، القاهرة، 2014 منشور على الرابط التالي:
https://books-library.online/files/download-pdf-ebooks.org-1516709674Qf7W1.pdf
.
رابط المصدر: