مازن صاحب
حين يكثر الحديث عن الاصلاح الاقتصادي من قبل (جعيدة) امراء الطوائف في مفاسد المحاصصة، تبرز عدة تساؤلات مهمة جدا عن توظيف تلك الحلول التي ظهرت في الورقة البيضاء لصالح اللجان الاقتصادية لاحزابهم، كيف ومتى اضحى هذا التخادم السياسي نموذجا لترسيخ مفاسد المحاصصة؟
واقع الحال اغلب قادة الراي الاقتصادي يؤكدون على اهمية تحريك الاقتصاد العراقي من خلال اعادة تشغيل الطاقات المهدورة في معامل القطاع العام التي انتظمت في نماذج استثمارية لعل ابرزها استثمار معامل البان ابي غريب.
بعد اعوام من فشل محاولات حكومية متعاقبة على تشغيل هذه المعامل مقابل الاستيراد من ايران وتركيا والسعودية والكويت، حتى تحول استراتيجي في منح هذه المعامل الى مستثمر اجنبي!.
مثل هذا النموذج يتكرر اليوم من خلال اللجان الاقتصادية لاحزاب سلاطين مفاسد المحاصصة لتوزيع مغانم ما تبقى من هياكل القطاع العام بعناوين مختلفة لتمرير موازنة ٢٠٢١ من جهة وتسكين رفض الشارع للتظاهر بحثا عن وطن، فيما تبقى جبهة المناورات الفيسبوكية لتصل الى استثمار تحركات على الارض بعناوين مختلفة تهدد الامن والسلام المجتمعي لتطبيق (اعراض استوكهولم) في تعاطف الضحية مع الجلاد.
فالجميع يحمدون الله على عدم التصادم بين الاجهزة الأمنية وبين جماعات مسلحة، فيما واقع الحال الأكيد ان مثل هذا التصادم لن يحدث الا بقرار اقليمي ودولي، لكن الاصوات العالية من وعاظ مفاسد المحاصصة في ظهورهم الاعلامي يصمتون على توزيع مغانم القطاع العام بين هذه الأحزاب، بتقنية قانونية عنوانها استثماري، وداخلها تخادم مصلحي يذكرني بواقعة طريفة حدثت عام ٢٠٠٥ حينما اطلق أحدهم تصريحات حادة ضد المرحوم مام جلال بانه يقسم كعكة الحكومة بعيدا عن مكونه الطائفي، ولكن بعد ساعات فقط شاهدته متصالحا مع مام جلال في جلسة عشاء قيادات الكتل بعد الاتفاق على توزيع كعكة الحكومة العراقية ٢٠٠٥!
مثل هذه العواصف في فنجان الواقع السياسي العراقي اليوم سيولد غدا، بعيد او قريب ثورة شعبية، ومهما اتفق السلاح والمال السياسي في حالة اللادولة على تخليق كانتونات مجتمعية بعناوين طائفية حزبية وإطلاق ما يسمى بالمنافع المجتمعية داخل هذه الكانتونات السكنية، لن تقدم البديل المطلوب لاستكمال تفاعلات الغاء حالة الرفض الشعبي لحالة اللادولة، وإعادة صياغة العملية السياسية برمتها في تكوين مثل هذه الكانتونات المجتمعية.
وان كانت قد نجحت في مواقع وما زالت تستكمل وضعها في مواقع اخرى فان الضحية الاكيدة في هذه المرحلة تحويل القطاع العام الى ادارة اللجان الاقتصادية بشكل مباشر بعناوين إصلاحية، وهكذا ستكون ثمة مصالح مجتمعية واضحة مع هذه الأحزاب، في ظل واقع من البطالة وانفلات شتى انواع الفساد في مفاصل الدولة مما تجعل المواطن العراقي يقدم علاقاته المصلحية في الامن والامان على ما يصرح به حتى من قبل من يوصفون بالنخب والكفاءات والمثقفين فالكل على دين احزاب تقدم لهم الامن والامان بعد ١٧ عاما من التدهور المتراكم بما يجعل حل المشاكل المعيشية داخل مقرات هذه الاحزاب السيطرة في مناطق نفوذها وليس في مراكز الشرطة التي تمثل الدولة على سبيل المثال لا الحصر.
كل ذلك يجعل الانتخابات المقبلة مفصلية ما بين احتفال تعلن فيه هذه الاحزاب زبائنية التخادم على حساب مبدا المواطنة واستبداله بالهوية الفرعية كتطبيقات ميدانية تحول الاحزاب الى دولة مناطق ..او توازن البرلمان المقبل بظهور مواقف متجددة لعل وعسى لعل وعسى لكن المراهنة على ذلك تبدو بعيدة ولله في خلقه شؤون!
رابط المصدر: