أطلق الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، في أغسطس/آب 2020، مبادرة سياسية تجاه لبنان تلت الانفجار الضخم الذي دمر مرفأ بيروت وعددًا من أحياء العاصمة، وقتل أكثر من 200 شخص وجرح وهجَّر عشرات الآلاف ما فاقم الأحوال المأساوية في البلد المفلس ماليًّا والمنهار اقتصاديًّا. وزار ماكرون لبنان مرتين وأرسل مستشاريه للقاء المسؤولين اللبنانيين، ولم يُوفق رغم ذلك في دفع الأخيرين إلى تشكيل حكومة إنقاذ(1) واتخاذ إجراءات هي الشرط الأساسي لحشد دعم مالي دولي وبدء توفير المبالغ التي سبق وجمعها مؤتمر “سيدر” في العام 2018 في باريس(2).
المبادرة وظروفها الإقليمية والدولية
انطلقت المبادرة الفرنسية أو “عملية إنقاذ لبنان”، كما أسماها قصر الإليزيه، على أساس أن لباريس دورًا تاريخيًّا في البلد الصغير الذي أسهمت في تأسيسه وصياغة نظامه قبل قرن من الزمن، وأن عليها مواصلة ذلك في ظرف دقيق لبنانيًّا وإقليميًّا. كما انطلقت استنادًا إلى تشابك علاقات ثقافية وتعليمية واقتصادية وسياسية بين بيروت وباريس عرفت الكثير من المحطات، خاصة في عهدي الرئيسين، فرانسوا ميتران (1981-1995) وجاك شيراك (1995-2007)، وجعلت من لبنان منطلقًا لبناء سياسات شرق أوسطية فرنسية. واعتبرت باريس أن قدرتها على التحاور والتفاوض مع جميع الأطراف ورعاتهم الإقليميين، لاسيما حزب الله المُقاطَع من باقي الدول الغربية(3)، تضيف إلى سجلها نقطة قوة تمكِّنها من التصرف بحرية وبهامش مناورة سياسية واسع لا محاذير أو محرمات فيه. وقد سبق لها أن تدخلت بفاعلية في السنوات الثلاثة الماضية، فخلَّص الرئيس ماكرون رئيس الوزراء الأسبق، سعد الحريري، من “احتجاز” السعودية له، في نوفمبر/تشرين الثاني 2017، والتأزم الناجم عنه، ونظَّمت إدارتُه مؤتمر “سيدر” (2018)، ونجحت جهود البعثة الفرنسية في مجلس الأمن في الأمم المتحدة في تمرير قرار التمديد لقوات اليونيفيل في جنوب لبنان رغم التحفظات الأميركية.
بهذا المعنى، عُدَّت المبادرة استمرارًا لنهج سياسي فرنسي يولي الشأن اللبناني اهتمامًا خاصًّا، ويعتبر اللحظة مواتية للعب دور حاسم فيه نتيجة انسحاب معظم اللاعبين الإقليميين والدوليين الآخرين وتعرض البلد لإفلاس تام ولتراكم ديون لا قدرة لاقتصاده على الخروج منه، ولا معرفة لطبقته السياسية بسُبل التعامل معه، لاسيما أن هذه الطبقة متهمة بنهب خزينة الدولة من قبل حركة اعتراض شعبية واسعة انطلقت في 17 أكتوبر/تشرين الأول 2019.
في الوقت نفسه، زعمت فرنسا أن التوتر الإيراني-الأميركي المتصاعد عشية الانتخابات في الولايات المتحدة، كان ليؤدي إلى المزيد من الانهيارات المالية اللبنانية نتيجة العقوبات وآثارها، وليتسبب أيضًا بتهديد أمني جدي قد لا تكتفي إسرائيل معه -إن حصل- بالإغارة على مواقع حزب الله في سوريا، بل تتخطاها إلى لبنان نفسه. وهذا شكَّل سببًا إضافيًّا للاندفاعة الفرنسية؛ إذ إن باريس راهنت على أن الأشهر المتبقية من العام 2020 أشهر تعطل أميركي نتيجة الانتخابات الرئاسية، بما يُتيح لها قيادة الدفة والتواصل مع إيران لتجميد الصراعات وتهدئة الأمور في لبنان والعراق مقابل وعود بالسعي لوساطات مع واشنطن، سيستجيب لها جو بايدن إن انتُخب، وقد يقبل بها دونالد ترامب إن جدَّد الأميركيون له شرط إظهارها جدوى سياساته العقابية السابقة.
يضاف إلى ذلك، أن فرنسا حاولت وتحاول العودة القوية إلى منطقة شرق المتوسط منتهزةً فرصة تراجع حضور القوى الغربية الأُخرى في العقد الأخير لصالح روسيا، ولصالح قوى إقليمية “ذات ماضٍ إمبراطوري وتطلعات هيمنة” على ما قال ماكرون في توصيفه لإيران وتركيا. ويوفر لها لبنان (كما العراق حيث الضمور التدريجي للوجود العسكري الأميركي) حيزًا مهمًّا لمنافسة الخصوم أو الحلفاء في مرحلة تصاعد خلافات واكتشافات حقول غازية. ولعل التشدد الفرنسي حيال أنقرة يُفسَّر ربطًا بما ورد؛ إذ إن الطرفين يتواجهان في ليبيا، وباريس تدعم أثينا ونيقوسيا في الأزمة المتوسطية. والأهم، أنها تسعى إلى عرقلة تمدد النفوذ التركي نحو ساحات جديدة، مثل لبنان والعراق، تعتقد باريس أنها ذات تُربة خصبة لتستثمر فيها أنقرة، بسبب “الإحباط السُّنِّي من السيطرة الشيعية” فيها، وبسبب الانكفاء السعودي عنها من جرَّاء حرب اليمن، والخلافات الخليجية، ومشاكل التوريث، وتراجع العلاقة بين الرياض وحلفائها اللبنانيين السابقين.
العوائق اللبنانية ولعبة الانتظار
بالعودة إلى المبادرة الفرنسية لبنانيًّا، يمكن القول: إن باريس اتكأت إلى عوامل ظنتها قادرة على فرض مسارَين: الأول اقتصادي خدماتي، والثاني سياسي.
في المسار الأول، عوَّلت باريس على تمويل دولي وإدارة فرنسية لعملية إعادة بناء مرفأ بيروت ومحيطه، بموازاة عملية إصلاح لقطاع الطاقة المهترئ -الذي استنزف مالية الدولة اللبنانية على مدى عقود- وتحسينٍ لقطاع الاتصالات ولخدمات حيوية أخرى (من ضمنها جمع النفايات) تتصدر منذ سنوات أشكال المعاناة المعيشية لدى أكثرية اللبنانيين. كما راهنت فرنسا على فرض الرقابة على مصرف لبنان وعلى الإنفاق المالي الرسمي بما يتلاءم مع شروط صندوق النقد الدولي للتدخل وإعادة هيكلة الاقتصاد اللبناني وقطاعه المصرفي، واستجلاب مساعدة إضافية من البنك الدولي وبدء توفير أموال “سيدر” المعلقة بانتظار “الإصلاحات”، ووقف التهريب على الحدود مع سوريا. وهذا يؤدي لو حصل -وفق المنطق الباريسي- إلى تجميد انهيار سعر صرف الليرة، وتحسين القدرة الشرائية والسماح بالتالي بالخوض في شكل التعامل مع الكارثة المصرفية وما يمكن إنقاذه من أموال المودعين.
في المقابل، لم تتضح جيدًا معالم المسار السياسي الذي أرادته باريس. فالغضب الشعبي العارم من الطبقة السياسية بأكملها، الذي تلقفه ماكرون في زيارته الأولى إلى بيروت وموقع الانفجار والشوارع المحيطة به، في 6 أغسطس/آب 2020، وبدا في تصريحاته ومصطلحاته مستقويًا به لتقريع “المسؤولين” اللبنانيين وتهديدهم إن لم يسيروا بتشكيل حكومة مستقلة وبالعمل لبلورة عقد سياسي جديد، انكفأ تدريجيًّا وحلَّت مكانه في الزيارة الثانية بعد ثلاثة أسابيع (أي في الأول من سبتمبر/أيلول 2020) “واقعية سياسية” اقتضت التواصل مع الكتل السياسية الحاكمة، والقبول بتوازن القوى القائم نتيجة استمرار حزب الله في الدفاع عن السُّلطة، ومسارعة رئيس الجمهورية، ميشال عون، إلى إطلاق وعود إصلاحية تتماشى مع الطلبات الفرنسية، وتكليفه بعد استشارات نيابية، عشية عودة ماكرون إلى بيروت، رئيسَ حكومة لا تعرفه أكثرية اللبنانيين، هو السفير في برلين، مصطفى أديب(4)، بهدف البدء في تنفيذ تلك الإصلاحات.
هكذا، استوعبت الطبقة السياسية الضغط الشعبي والفرنسي وادَّعت استعدادًا لتطبيق الإصلاحات المطلوبة. لكن مفاوضات تشكيل الحكومة تعثرت، ومحاولة الرئيس المكلف انتقاء أشخاص مستقلين لحكومته فشلت، ورفض الأقطاب السياسيون المداورة الطائفية في بعض الوزارات السيادية، فأعلن أديب اعتذاره عن الاستمرار في مهامه، في 26 سبتمبر/أيلول 2020، وانكفأ عن المشهد السياسي العام. واعتُبر الأمر أول فشل للمبادرة الفرنسية، ليَليه بعد أسابيع فشل ثانٍ تمثل في رفض بعض المسؤولين السياسيين ومعهم حاكم مصرف لبنان الرقابة على المصرف المركزي وعلى الموازنات وبيانات الإنفاق الحكومي.
وإذ أدان ماكرون السياسيين اللبنانيين في تصريحات علنية له وفي أحاديث صحافية واعتبر سلوكهم “عارًا” لا يستحقه الشعب اللبناني، سارع السياسيون هؤلاء إلى تكليف سعد الحريري بتشكيل حكومة جديدة، في 22 أكتوبر/تشرين الأول 2020. لكن الحريري المأزوم داخليًّا بسبب التراجع الذي أصاب تياره وسقوط حكومته السابقة تحت ضغط الشارع، في أكتوبر/تشرين الأول 2019، والمتدهورة علاقته مع القيادة السعودية المشترطة استبعاد حزب الله عن أي تشكيلة حكومية لدعمه رئيسًا لها، عجز على مدى أشهر عن تأليف وزارته بسبب الخلافات حول الحصص والحقائب واشتراط رئيس الجمهورية وصهره رئيس “التيار الوطني الحر”، جبران باسيل، الحصول على الثلث الضامن(5)، وبسبب ترك حزب الله -الطرف الأقوى- حلفاءه (الرئيس عون وصهره باسيل، ورئيس مجلس النواب، نبيه بري، ورئيس تيار المردة، سليمان فرنجية، وغيرهم) يتبادلون الاتهامات والحملات السياسية التي تصعِّب عملية التشكيل. وبدا الأمر مماطلةً من الحزب وربطًا بسياسة الانتظار الإيراني لما ستسفر عنه الانتخابات الأميركية؛ حيث تسعى طهران إلى تجميد الديناميات السياسية في لبنان والعراق تمهيدًا لاحتمالات التفاوض أو التصعيد مع واشنطن، وتترك لنفسها هوامش مناورة ومقايضة في الساحتين السياسيتين، البيروتية والبغدادية. يضاف إلى ذلك، أن صدور قرارين أميركيين (في نهاية فترة إدارة ترامب) بفرض عقوبات على مسؤولين لبنانيين (الوزراء السابقين، علي حسن خليل من حركة أمل ويوسف فنينانوس من تيار المردة وجبران باسيل) بتهمة الفساد وتغطية أنشطة حزب الله، أربك محور الحزب وحلفائه ودفعه إلى التصلب في بعض شروطه، لجهة الإصرار على الثلث الضامن ولجهة الوزارات والحصص.
وعلى وقع استمرار هذا الفراغ الحكومي وبطء تصريف الأعمال، تواصلت الانهيارات المالية ووصل سعر صرف الدولار في السوق الموازية إلى تسعة آلاف ليرة لبنانية. كما ارتفعت معدلات البطالة ومثلها تقديرات معدلات الفقر. وفاقمت جائحة كورونا وقرارات الإقفال العام وحظر التجول والضغط على المستشفيات والجسم الطبي من الأوضاع المأساوية في البلد. وأدت إلى تظاهرات غضب في طرابلس ومناطق لبنانية عدة، من ضمنها العاصمة، بيروت، جابهتها القوى الأمنية والعسكرية بعنف مفرط نجم عنه سقوط ضحايا. وأدانته منظمات حقوق إنسان محلية ودولية واستنكره الناشطون الحقوقيون والسياسيون المعارضون، ورافقته حملات اعتقال وتوقيف تعسفي على نحو غير مسبوق في السياق اللبناني الحديث.
هكذا، انتهى العام 2020 من دون تقدم في المبادرة الفرنسية ومن دون حكومة لبنانية جديدة ومن دون إصلاحات. ورغم انتخاب جوزيف بايدن رئيسًا أميركيًّا وتعيينه روبرت مالي مسؤولًا عن الملف الإيراني (وهو المعروف بمواقفه المنفتحة على طهران)، فإن المراوحة ظلت سيدة الموقف في بيروت، ودفعت ماكرون إلى إعادة تحريك مبادرته إذ أرسل مستشاريه إلى لبنان، في شهر يناير/كانون الثاني 2021، وأثار الموضوع اللبناني مع الرئيس المنتخب، بايدن، في اتصال هاتفي وقرر القدوم بنفسه إلى العاصمة اللبنانية لاستكمال ضغطه على المسؤولين. لكن إصابته بكورونا دفعته إلى إلغاء الزيارة، ليعود ويستقبل بعد أسابيع قليلة (في 10 فبراير/شباط 2021) الرئيس المكلف، سعد الحريري، ويكرر دعوته لتأليف الحكومة وللسير في الإصلاحات.
الحريري من جهته، لم يُفلح في إزالة العقبات الداخلية التي تحول دون نجاح مهمته، وهو إذ يحاول عبر زياراته إلى القاهرة والدوحة وأبوظبي(6) إعادة بناء شبكة علاقاته الخارجية وتوظيفها لصالح دوره السياسي لبنانيًّا وحضوره كوسيط بين العواصم المؤثرة إقليميًّا، إلا أنه لم يحظَ بعدُ باستقبال سعودي يُصلح العلاقة بينه وبين قادة المملكة ويمنحه دفعًا إضافيًّا في دوره وتطلعاته.
أما في بيروت، فقد أحدث اغتيال الكاتب والناشط السياسي المعارض لحزب الله، لقمان سليم (4 فبراير/شباط 2021)، في جنوب لبنان، صدمة في أوساط الرأي العام وخشية من عودة مسلسل الاغتيالات الذي تواصل بين العامين 2004 و2013 في لحظة وهن وتهتك وطنيين، وفي ظل “حصانة” لمرتكبي الجرائم وغياب التحقيقات الجدية الخاصة بجرائمهم (وآخرها جريمة الانفجار في مرفأ بيروت التي نُحِّي مؤخرًا القاضي المكلف بها وكُلف قاضٍ ثانٍ وما زالت ملفاتها والمعلومات حولها بلا متابعة قانونية جدية(7).
خلاصات واحتمالات
ما الذي يمكن استنتاجه من الفشل الراهن للمبادرة الفرنسية ومن العجز اللبناني عن تشكيل حكومة إنقاذية؟ وما الاحتمالات في المقبل من الأيام؟
يمكن الرد على السؤال الأول بالإشارة إلى أمرين:
الأول: أن الرئاسة الفرنسية تصرفت بتسرع إذ حددت مهلًا لتشكيل حكومة وعقد مؤتمر وطني والبدء بورشة إصلاحات اقتصادية وإدارية وسياسية. وهي استخفت على الأرجح بقدرة القوى السياسية اللبنانية على تعطيل مسار التشكيل من خلال التذرع بحقوق الطوائف لتوسيع الحصص وانتزاع الوزارات الرئيسية. كما أنها أخطأت في فهم اعتبارات حزب الله وأولويات السياسة الايرانية المعتمدة مبدأ الانتظار وعدم التفاوض على المسائل الاستراتيجية في انتظار التطورات في واشنطن.
والأمر الثاني: أن الفلسفة التوافقية للنظام اللبناني باتت منطلقًا لتعطيله عوض توفير الشراكة في مؤسسات سلطته. فمبدأ الثلث الضامن (أو “الثلث زائد واحد”) صار ما يسعى كل طرف أو حلف إلى الحصول عليه بحجة “الميثاقية” ويرفض المشاركة أو منح المشروعية للحكومة إن لم يمتلكه. والطبقة السياسية اللبنانية الحاكمة منذ العام 2005 (وبعضها منذ العام 1990 بعد انبثاقه من الحرب الأهلية) تملك خبرة في التعامل مع الضغوطات والأزمات واستيعابها واستنفار عصبيات مذهبية وطائفية في مواجهة كل ما يهدد مصالحها. وهي فعَّلت كل خبرتها منذ ما قبل مبادرة ماكرون ثم خلالها لمنع التغيير وإجهاض محاولاته عبر ادعاء القبول بها ثم الانقلاب عليها خلال التفاوض والعودة إلى منطق الحصص والأحجام والضمانات الطوائفية.
وأخذًا بالاعتبار هذين الأمرين وما تبقى من المبادرة الفرنسية التي لا تريد باريس القول بأفولها، فمن الراجح أن سيناريوهين يلوحان في أفقها:
الأول: يفترض استمرار المراوحة بلا حكومة نتيجة تعاظم الخلافات الداخلية حول الحصص والأحجام واتخاذها طابع الاشتباك الطائفي على أساس صلاحيات الرئاستين الأولى، رئاسة الجمهورية (المارونية) والثالثة، رئاسة الوزراء (السنية) بعد أن حُلَّت عقدة وزارة المالية (التي أصرَّ عليها الثنائي الشيعي، حركة أمل وحزب الله). ويعزز هذه المراوحة الداخلية بقاء المعطيات الخارجية على حالها، من إيثار طهران مواصلة الانتظار حتى اتضاح معالم المقاربات الأميركية الجديدة، إلى تمسك السعودية باستبعاد حزب الله، ورفض واشنطن التدخل المباشر دعمًا لفرنسا لعدم فصل لبنان عن سائر شؤون المفاوضات المقبلة مع إيران (النووية والبالستية والمتعلقة بدورها الإقليمي)، وعجز باريس عن فرض خيار بمعزل عن المعطيات المذكورة.
السيناريو الثاني: يذهب إلى احتمال تراجع الرئيس عون عن المطالبة بالثلث الضامن (بعد تصريح أمين عام حزب الله، حسن نصر الله، في 16 فبراير/شباط 2021، واعتباره أن لا مبرر للإصرار على الأمر) في مقابل الاتفاق على توزيع المناصب على نحو يحفظ ماء وجه تيار عون بما يُفضي إلى تشكيل حكومة (بدعم فرنسي وقطري وإماراتي وبقبول أميركي وإيراني مؤقت، مقابل استمرار التحفظ السعودي)، ثم السير ببعض الإجراءات المالية والاقتصادية “الشكلية” للحصول على مساعدات (خليجية وعبر فرنسا)، من دون الخوض في القضايا الأكثر أهمية والتي لا حلول في لبنان على المديين المتوسط والبعيد من دونها، كالإصلاحات السياسية والإدارية واستقلالية القضاء ومحاربة الفساد وهيكلة الاقتصاد وتبديل أولوياته وسيادة الدولة على كامل أراضيها وحدودها. وهذه جميعها لا يمكن للطبقة السياسية الحاكمة الخوض بها أو القبول ببعض مضامينها؛ مما يعني أن لا إنقاذ فعليًّا، بل لجمًا مؤقتًا لوتيرة الانهيار.
في انتظار كل ذلك وقبله ومعه، من المرجح أن يشهد الوضع الاقتصادي المالي في البلد المزيد من التدهور، مع ارتفاع حاد في البطالة وتوسع في رقعة الفقر بين اللبنانيين وفي أوساط اللاجئين السوريين والفلسطينيين والعمال والعاملات الأجانب، ومع اتساع نطاق الغضب الشعبي وتحوله إلى مظاهرات وتحركات واحتجاجات دورية تطالب، كما العام 2019، بإسقاط الطبقة السياسية برمتها.
- الحديث عن “حكومة إنقاذ” أو “حكومة مهمة وطنية” جاء عقب استقالة حكومة حسان دياب كنتيجة مباشرة لكارثة الانفجار وللزيارة الرئاسية الفرنسية.
- انعقد مؤتمر “سيدر” في شهر أبريل/نيسان 2018 في باريس وبرعاية فرنسية. جمع هبات وقروضًا للبنان بقيمة 11 مليار دولار، واشترط لدفعها قيام الحكومة اللبنانية بجملة إصلاحات وإجراءات لم يحصل أيٌّ منها.
- فرنسا هي من الدول الغربية القليلة التي أبقت على التمييز بين “الجناح السياسي” و”الجناح العسكري” لحزب الله، فلم تصنف “الجناح السياسي” منظمةً إرهابية، وهذا يسمح لها بالتواصل معه.
- ذكرت معلومات صحفية أن اسم أديب حظي بمباركة فرنسية بعد أن اقترحه رئيس الحكومة الأسبق، نجيب ميقاتي (إذ كان مستشارًا له ثم وزيرًا في حكومته)، على زميله سعد الحريري الذي تبنَّاه بدوره.
- ويسمى أيضًا الثلث المعطل، أي الحصول على ثلث الحقائب الوزارية زائد واحدة، بما يسمح له بمنع الأكثرية من اتخاذ القرارات المصيرية أو تعطيلها، لأن الدستور اللبناني يشترط في بعض القرارات تصويت ثلثي أعضاء الحكومة على أي قرار ليصبح نافذًا.
- زار الحريري أنقرة أيضًا والتقى بالرئيس التركي لكن أوساطه أعلنت أن الزيارة كانت خاصة.
- لم تصل أي تحقيقات إلى هدفها المرتجى، إن في الاغتيالات أو في فضائح الفساد أو في جريمة مثل جريمة مرفأ بيروت التي سبق بعض الصحافيين الاستقصائيين في تلفزيون الجديد القضاء في التعامل معها؛ إذ عثروا على مستندات ومعلومات تحدد هوية مستوردي نيترات الأمونيوم الذي تسبب بالانفجار، وهم ثلاثة رجال أعمال سوريين من أبرز المقربين إلى بشار الأسد.
رابط المصدر: