حامد عبد الحسين الجبوري
تترك المخاطر بشكل عام أثراً سلبياً على البلد الذي يتعرض لها سواء كانت مخاطر تجارية أم غير تجارية أم كلاهما.
ما هي المخاطر؟
هي الخسائر التي قد تتعرض لها دولة أو شركة ما نتيجة لظروف معينة، وهذه الخسائر تكون على نوعين مخاطر تجارية وأخرى غير تجارية
ما هي المخاطر التجارية؟
هي المخاطر التي تحصل في عالم الأعمال والتجارة كأن تحقق شركة ما أرباحاً ضئيلة أو تعاني من خسارة أو تنتهي بالإفلاس. أي هي مخاطر تتعلق بذات الشركة من حيث قدرتها أو عدم قدرتها على تجنب الخسائر وتحقيق الأرباح وتلافي مرحلة الافلاس.
ما هي المخاطر غير التجارية؟
هي المخاطر التي تحصل في البيئة التي تعمل فيها الشركة سواء كانت منطقة أو بلد مثل الحروب أو الاحتجاجات أو تدخل الحكومة وتأميم الشركة او غيرها. أي هي مخاطر لا تتعلق بذات الشركة بقدر ما تتعلق بالبيئة التي تعمل وسطها.
وتجب الإشارة لوجود علاقة بين المخاطر التجارية وغير التجارية، حيث تتأثر المخاطر التجارية بشكل رئيس بالمخاطر غير التجارية، كما تتأثر الأخيرة بالمخاطر التجارية ولكن بنسبة أقل.
المخاطر في العراق
يعاني العراق من مخاطر تجارية وغير تجارية ولكن المخاطر الأخيرة هي أكثر وقعاً وتأثيراً، حيث يعاني العراق من مخاطرة تجارية تتمثل في ضآلة الارباح وارتفاع الخسارة وذلك بسبب وجود مخاطر غير تجارية أدت لتفاقم المخاطر التجارية.
حيث تتمثل المخاطر غير التجارية في العراق بضعف الاستقرار السياسي وتذبذب الأمن وظهور الطائفية والإرهاب ووجود السلاح خارج إطار الدولة وغياب التفاهمات المستدامة بين المركز والإقليم فضلاً عن البطالة والفقر وغيرها.
هذه مخاطر لا تتعلق بذات الشركة وإنما تتعلق بالبيئة التي تعمل وسطها الشركة لذلك يُطلق عليها مخاطر غير تجارية أثرت وستستمر في تأثيرها وتوليدها للمخاطر التجارية بحكم استمرار المخاطر غير التجارية.
أسباب المخاطر ذاتية وموضوعية
لم تكُن المخاطر التجارية وغير التجارية ناجمة من فراغ بل وجود اسباب ذاتية وأخرى موضوعية دفعت لوجودها يمكن الإشارة لأبرزها في الآتي:
أسباب ذاتية تتمثل في:
أولاً- سوء الادارة
إذ يتطلب نجاح الشركة إدارة كفوءة لديها رؤية واضحة لمستقبل وحال الشركة تستطيع إدارة الشركة بشكل علمي مهني بعيداً عن الفوضى والعشوائية، وتأخذها نحو الأمام. بينما يؤدي سوء الادارة إلى التخبط والفوضى وارتفاع تكاليف الانتاج وارتفاع اسعارها وانخفاض مبيعاتها وارباحها وربما تحقق خسارة وإذا ما استمرت ستعلن افلاسها.
ثانياً- الحوافز
إن وجود الحوافز في الشركة يكون دافع للعاملين بزيادة انتاجهم، على أن يتم ربط الحوافز بالإنتاج، أي كلما تزداد انتاجية العامل تزداد حوافزه، وكلما يزداد إنتاج الشركة تنخفض تكاليف إنتاجها وأسعارها ومبيعاتها وأرباحها وانخفاض المخاطر والعكس صحيح.
ثالثاً- التكنلوجيا
يؤدي استخدام التكنولوجيا إلى زيادة الانتاج وتخفيض التكاليف والاسعار والمبيعات وتحقيق الارباح مما يعني انخفاض المخاطر الذاتية للشركة.
أسباب موضوعية تتمثل في:
أولاً- التحول السياسي
حيث تبنى العراق النظام الديمقراطي سياسياً بعد عام 2003 بشكل مفاجئ دون أن يسبقه أي تحضيرات اجتماعية يمكن أن تسهم باستقبال النظام الجديد والتفاعل معه مما تسبب في اضطرابات سياسية انعكست سلباً على الواقع الامني والاجتماعي وزيادة المخاطر غير التجارية بالنسبة لعالم الأعمال.
لا يمكن للديمقراطية أن تعطي ثمارها بمجرد تطبيقها على أي مجتمع لأنها نظام حياة قبل أن تكون أداة للحكم، وعند تطبيقها كأداة للحكم، كما حصل في العراق؛ ستستغرق وقتاً طويلاً لتكون أكثر نضجاً وأكبر فائدة للمجتمع.
ثانياً- التحول الاقتصادي
كذاك الحال بالنسبة للتحول الاقتصادي حيث تبنى العراق التحول الاقتصادي دون أن يسبقه أي تحضيرات اجتماعية وادارية بالتزامن مع زيادة الايرادات النفطية التي جعلت الحكومة في غنى عن إجراء أي تهيئة اجتماعية وادارية لاستقبال النظام الجديد ومشاركة المجتمع فيه، مما أدى لتفاقم الفساد وزيادة المخاطر غير التجارية، لان الفساد يرتبط بعلاقة طردية مع دور الدولة.
وعلى الرغم من تبنى اقتصاد السوق وانسحاب الدولة من النشاط الاقتصادي إلا إنها لاتزال متمسكة بوسائل الانتاج وبالخصوص الأرض حيث 80% للدولة والباقي للأهالي فضلاً على التحكم بالأسعار في بعض الأحيان مما يجعل المخاطر غير التجارية مرتفعة بنظر رجال الأعمال.
ثالثاً- غياب المؤسسات
تلعب المؤسسات دوراً كبيراً في تقليص المخاطر غير التجارية وذلك لما لها من دور كبير في إضفاء الاستقرار على الوضع العام، إذ ان القرارات التي تخص الوضع العام، في ظل وجود مؤسسات مستقلة راسخة؛ لا يمكن أن تكون أسيرة لمزاج وأهواء من يقع على رأس السلطة بل تكون نابعة من معايير موضوعية ومهنية في الغالب لتحقيق مصلحة المجتمع بالدرجة الأساس، وهذا ما يؤدي لتقليص المخاطر غير التجارية.
ونظراً لغياب المؤسسات الراسخة في العراق وفي الغالب هي مخطوفة سواء من جهات رسمية من أجل مصالحها الضيقة أو غير رسمية (السلاح المنفلت مثلاً) مما جعل المخاطر غير التجارية في أوجها.
تقليص المخاطر
ومن أجل تقليص المخاطر التجارية لابُد بداية العمل على تقليص المخاطر غير التجارية لأنه كما ذكرنا آنفاً؛ إن الاخيرة هي أكثر وقعاً وتأثيراً على المخاطر التجارية من الأخيرة على المخاطر غير التجارية، ولذا يمكن القيام بالآتي:
أولاً: العمل على ترسخ التحول الديمقراطي ثقافياً واجرائياً، لضمان تحقيق التداول السلمي للسلطة ومشاركة المجتمع في صنع قرارات تلبي طموحه وتطلعاته ومن بينها تقليص المخاطر غير التجارية.
ثانياً: انسحاب الدولة من الاقتصاد لتقليص الفساد وتوزيع الاراضي وكلا الأمرين يؤديان لتقليص المخاطر غير التجارية.
ثالثاً: العمل على توفير مناخ استثماري مُحفز ومُشجع للأفراد على فتح مشاريعهم الاستثمارية وتحقيق أهدافهم الاقتصادية، مما يعني تقليص المخاطر غير التجارية
رابعاً: بناء ثقافة اقتصادية تنسجم مع اقتصاد السوق تقوم على الملكية الخاصة والحرية الاقتصادية والمبادرة الفردية والابداع والابتكار وهذا ما يؤدي لتقليص المخاطر التجارية.
خامساً: بناء مؤسسات مهنية قادرة على جعل الوضع العام مستقراً وغير مخطوف من الجهات الرسمية وغير الرسمية وهذا ما يسهم في تقليص المخاطر التجارية وغير التجارية.
.
رابط المصدر: