“إن احترام العادات والتقاليد الإماراتية يدعم الدور المتنامي للمرأة دعماً تامّاً، مما يجعلُنا نستمر في تمكين المرأة الإماراتية للمشاركة في المجالات كافة، كما تسنح فرص أكبر للمرأة لِتَجمع بين المشاركة النَشِطة في الحياة العَملية ونعمة الأمومة، وبهدف تحقيق هذه الأهداف السامية يجب أن تتمّ حماية المرأة من أشكال التمييز في العمل والمجتمع.”
من جانب، تكشف هذه السطور القليلة عن استمرار تَرسُّخ بعض العادات والتقاليد في الإمارات (والخليج) حول دور المرأة في المنزل، والمُتَمثّل في عبارة “نعمة الأمومة” في هذه الفقرة، وما يتبعه من عوائق تُصَعِّب على المرأة الجمع بين الحياة العملية والمنزلية. من جانب آخر، تُعبر هذه السطور عن طموحات معظم دول الخليج في تعزيز مشاركة المرأة في سوق العمل وضرورة حمايتها من التمييز.
لا تنفرد الإمارات وحدها بتخصيص جزء من رؤاها الوطنية للمرأة العاملة. فقد نصّت قطر في رؤيتها الوطنية لعام 2030، على سبيل المثال، على هدف “زيادة فرص العمل أمام المرأة القطرية ودعمها مهنياً”، إضافةً إلى “تمكينها من المشاركة الاقتصادية والسياسية وخاصة تلك المتعلقة بصنع القرار”. وحتى الكويت، التي قد بدأت مشوارها في تعزيز مشاركة الكويتيات العملية والسياسية منذ عقود طويلة من الزمن، فقد ركزت مراراً وتكراراً في خططها الحكومية التنموية على تمكين المرأة الكويتية، خصوصاً فيما يتعلق بـ”صنع القرار”.
لكن لماذا تَكترِث الدول برفع نسبة مشاركة المرأة في سوق العمل أساساً؟
بعيداً عن الأسباب المُتَعلقة بحقوق الإنسان أو تلك التي تَعني بِمساواة المَرأة بالرجُل في فرص الحياة، فإن هدف تعزيز مشاركة المرأة في سوق العمل يرتكِزُ على أُسسٍ اقتصاديةٍ منطقية. أوَّلها هو أن النساء في جميع المجتمعات حول العالم يُشكَّلنَ نصف إجمالي السكان على الأقل. بناء على ذلك، فإن عدم اشتراك المرأة في سوق العمل والإنتاج الاقتصادي بشتى أشكاله يعني أن هذه الدول قد اختارت أن تتخلى عن نصف طاقتها الإنتاجية، وقَبِلت بنصف قدراتها فقط، خصوصاً حين تشهد هذه الدول النامية (ومنها الخليج) فَوْرة ديمغرافية مواتية تعلو فيها نسبة من هم في سن العمل مقارنة بالفئات العمرية الأخرى، وتنخفض فيها نسبة الإعالة الاقتصادية.[1]
السبب الثاني يكمن في ارتفاع مصروفات المعيشة بشكل عام في الدول النامية في مقابل ثبات الأجور (أو تدنيها في بعض البلدان)، مما يُحَتّم على المرأة الدخول في سوق العمل لرفع دخل الأسرة ورفع مستوى معيشتها. ثالثاً وأخيراً، إنَّ تمكين المرأة اقتصادياً لهُ دورٌ كبير في الحد من الفقر في المجتمع. فالمطلقات والأرامل على سبيل المثال اللاتي لا يعملن غالباً ما يُعانين من الفقر ويعتمِدنَ على أقربائهن وعلى الإعانات الاجتماعية، الأمر الذي قد لا يؤمن لهن ولأبنائهن الحياة الكريمة. لذلك فإنَّ رفع نسبة مشاركة المرأة في سوق العمل لا يقتصر فقط على الأسباب الاجتماعية، وإنما له دوافعٌ اقتصادية مهمة.
يَهدفُ هذا المقال إلى إلقاء نظرةٍ عامة على مدى مشاركة المرأة في الخليج في سوق العمل اليوم (القسم الأول)، ثم البحث في بعض الأسباب الاقتصادية التي قد تدفع أو تمنع انخراط المزيد مالنساء في سوق العمل في الخليج (القسم الثاني)، انتهاءاً بالتطرق إلى بعض التوجهات المستحدثة التي نراها ضمن الأجيال الجديدة للنساء افي الخليج، والتي قد تُغَيِّر من نسبة وجود المرأة في سوق العمل (القسم الثالث).
يجدُرُ التنويه إلى أنه على الرغم من اعتماد هذا المقال بصورة رئيسية على الإحصائيات الرسمية المنشورة لدول الخليج، إلا أنه نظراً لتفاوت مدى توافر هذه الإحصائيات، فإن التحليل الذي نطرحه هنا يستند على البيانات المتوفرة بحسب الدولة. وبينما تختلف دول الخليج في بعض خصائص سوق عملها وخصائص مواطناتها ومواطنيها، إلا أنه يُمكننا القول أن هناك تشابهات عدة تُؤطر واقع المرأة في الخليج في سوق العمل في إطار عام واحد.
1. واقع مشاركة المرأة في الخليج في سوق العمل
تَجدر الإشارة هنا إلى أنّه على الرغم من عدم توَفّر إحصائيات عامة حول الإمارات ،إلا أن التقديرات غير الرسمية تشير إلى نسب متدنية جداً لمشاركة المرأة في سوق العمل. فنسبة مشاركة نساء دبي، وهي الإمارة التي تُعد الأكثر انفتاحاً بين الإمارات السبع من ناحية عمل النساء، كانت نحو 32% في عام 2012.[3] ونظراً إلى أن الإماراتيات في دبي لا يُشكِّلن سوى نحو سُدس إجمالي النساء في الإمارات،[4] فإنه من المتوقع أن تكون هذه النسبة أقل بكثير للبلد كَكُل.
لا يخفى على القارئ أن هذه النسب جميعها أقل بكثير من نسب مشاركة الرجال المواطنين في العمل، والتي تصل إلى 69% في قطر على سبيل المثال، و65% في البحرين، و67% في عمان، باستثناء الكويت التي يشارك 55% فقط من رجالها المواطنين في سوق العمل، وهي حالة خاصة لها عواملها الأخرى.
كما أنه على الرغم من التقدم الذي حققته المرأة في الخليج في السنوات الماضية في رفع نسبة انخراطها في سوق العمل، إلا أنها ما تزال تشكل أقل من نصف القوى العاملة الوطنية في كل دول الخليج، كما يوضح الرسم البياني (5.4)، إذ نجد أعلى نسبة في الكويت، حيث تشكل الكويتيات نحو 47% من القوى العاملة الوطنية، وأقلها في السعودية حيث تشكل السعوديات نحو 20% من القوى العاملة الوطنية، وأقل بكثير طبعاً إذا ما أضفنا العمالة الوافدة.
وعندما نجمع هذه العوامل من ارتفاع للتحصيل العلمي للمرأة، وانخفاض عدد أطفالها، مع ازدياد فرص العمل نتيجةً للنمو الاقتصادي، وحماية قوانين العمل نظرياً لحق المرأة ضد التمييز، فإننا لا نزال نجد عزوفاً عن العمل بشكل عام للمواطنة في الخليج. وحتى حين تقرر هذه المرأة المشاركة في سوق العمل، فإنها تجد نفسها أمام خطر التعطل.
2. البحث عن الأسباب الاقتصادية
إنَّ أهم الأسباب الاقتصادية التي تدفع الشخص للعمل، ذكراً كان أم أنثى، ومن أي بلد كان، هو الأجر. وكلما ازدادت الحاجة إلى المدخول، ازدادت نسبة مشاركة الناس في سوق العمل. ففي الدول ذات المدخول المنخفض نسبياَ مثلاً، تصلُ نسبة النساء العاملات للرجال العاملين إلى 71%، أي أنه لكل 100 رجل عامل يُقابله 71 امرأة عاملة، وهي نسبة قريبة جداً لتلك التي نراها في الدول المتقدمة والتي بلغت 75% في عام 2012،[7] وهذا ما يؤكد على أن أحد الأسباب الرئيسية لمشاركة النساء في سوق العمل هو الحاجة إلى الموارد المالية للعيش.
ولكن الحاجة ليست السبب الوحيد للانخراط في سوق العمل. السبب الآخر، وربما الأكثر بروزاً في الدول النامية، هو ارتفاع تكلفة “الفرصة البديلة” (opportunity cost). فكلما ارتفعت أجور النساء في سوق العمل، على سبيل المثال، أدركت المرأة أنها ببقائها في المنزل تخسر فرصة الحصول على الأجر الفلاني – وهذا ما نعني بالفرصة البديلة.
هناك قناتان رئيسيتان متصلتان ببعضهما البعض تحددان انخراط الشخص في سوق العمل بحسب النظرية النيوكلاسيكية الحديثة للعمل ونظرية اقتصاد العائلة. القناة الأولى تعتمد على مستويات الأجور بشكل عام في سوق العمل (هل هي عالية أم منخفضة نسبياً) والتي على أساسها تُقدَر قيمة “الفرصة البديلة”. ولتقييم مستويات الأجور هذه يجب مقارنتها بما يسمى باحتياطي الأجر (reservation wage) للشخص، أي الحد الأدنى للأجر الذي لا يقبل الشخص الدخول في سوق العمل بأقل منه، والذي يختلف من شخص لآخر. فكلما ارتفعت الأجور في سوق العمل عن احتياطي الأجر للشخص، ازدادت مشاركة الناس في سوق العمل. وكلما ارتفع التحصيل العلمي للعامل وقلت حاجته للعمل، على سبيل المثال، ارتفع احتياطي الأجر له وبات يطلب أجراً أعلى لقبول فرص العمل.
أما القناة الثانية التي تحدد الانخراط في سوق العمل، فهي مستوى الدخل الذي يجنيه الشخص خارج نطاق العمل الوظيفي، كاستثمار أمواله الشخصية وثروته أو حتى الدخل الذي يتقاسمه الزوج مع زوجته. فإذا اعتبرنا العائلة النووية هي وحدة صنع القرار وأن الزوجين يتشاركان ويتقاسمان الموارد المالية، فإن حصول المرأة على جزء من دخل الرجل العامل قد لا يشجعها على الدخول في سوق العمل، حيث تنخفض تكلفة الفرصة البديلة لبقائها في المنزل.
ولكن ما هو وضع أجور المرأة في الخليج في سوق العمل اليوم؟ هل ترتفع تكلفة الفرصة البديلة لبقائها في المنزل مثلاً أم أنها تُعد منخفضة ولا تُحفز على الدخول في سوق العمل أساساً؟
على الرغم من شُح الإحصائيات حول الأجور في الخليج بشكل عام، إلا أن المعلومات الحكومية المتوفرة عن البحرين، على سبيل المثال، تُشير إلى معاناة المرأة بشكل عام من انخفاض مستويات الأجور، خصوصاً إذا ما قارناها بالرجل، ما يعني انخفاض تكلفة الفرصة البديلة أخذاً بالنظرية العامة لاقتصاد العمل. ففي القطاع الخاص، حيث تعمل 52% من البحرينيات العاملات، تجني المرأة نحو 67% من متوسط دخل الرجل (511 دينار بحريني للمرأة في الشهر مقارنة بـ 760 دينار للرجل في نهاية عام 2015).[8] يأتي ذلك على الرغم من أن 43% من المواطنات في القطاع الخاص هم من ذوات التعليم العالي، مقارنة بـ32% فقط من الرجال.
وحتى في القطاع العام الذي يضم 48% من المواطنات العاملات، فقد بدأ متوسط أجور المرأة بالانخفاض مقارنة بالرجل لأول مرة منذ نحو عقد من الزمن.[9] والأبرز من ذلك كله هو الإحصائيات حول النساء اللاتي يجنين أجوراَ أقل من 200 دينار بحريني في الشهر (وهو الحد الأدنى غير الرسمي)، حيث تشير البيانات إلى أن هذه النسبة تتفشى بين النساء أكثر بكثير منها بين الرجال. فنرى أن نحو 9% من المواطنات العاملات في القطاع الخاص يجنين أقل من 200 دينار شهرياً، بينما يعاني 2% من الرجال فقط من هذه الأجور. وفي البحرين، بعكس دول الخليج الأخرى، عادةَ ما تنافس المواطنات العمالة الوافدة في نفس القطاعات الاقتصادية، وبذلك يخسرن بعض فرص العمل نظراً لانخفاض أجر الوافد مقارنة بأجر المواطن.[10]
وحتى في القطاع الحكومي في الكويت، والذي يُشَغِّل 75% من المواطنات العاملات و77% من المواطنين العاملين،[11] فإن التوزيع النسبي للرواتب يشير إلى أن نسبة الكويتيات العاملات اللاتي يستلمن رواتب أقل من 1000 دينار كويتي هي أعلى بكثير مقارنة بالرجال،[12] حيث تستلم نحو 41% من النساء الكويتيات العاملات في القطاع العام رواتب أقل من الـ1000 دينار، مقارنة بـ 6% فقط من الرجال. وفي القطاع الخاص، حيث المرأة الكويتية أقل تعليماً من نظيرتها في القطاع العام، فمن المتوقع أن تكون فجوة الأجور أكبر.
وحتى في بلد يتميز نظريا بتفضيل المواطن على الوافد اقتصاديا كقطر وتمكين المرأة القطرية بشكل عام، تُشير البيانات إلى أن متوسط أجر القطريات قد بلغ نحو 23,223 ريال قطري في الشهر، في مقابل 31,405 ريال قطري للرجل في عام 2014،[13] أي أن أجر العاملة القطرية أقل بنحو 25% من متوسط أجر الرجل القطري العامل، وهي نسبة أفضل مما كانت عليه في عام 2006 ولكنها أسوأ من عام 2001. وتعزو بعض التقارير هذه الفجوة إلى حصول الرجل على بعض العلاوات الاجتماعية التي لا تحصل عليها المرأة، كونه المسئول الأول عن الأسرة، إضافة إلى بعض أوجه الخلل في سياسات تمكين المرأة في قطر.[14]
إلا أن قطر هي أحد الأمثلة الحية حول دور الأجور، إلى جانب سياسات تمكين المرأة، في رفع نسبة مشاركة المواطنة القطرية في سوق العمل. فتشير البيانات إلى أن متوسط الأجر الشهري للمواطنين في قطر قد تضاعف بالأسعار الجارية بين عامي 2010 و2014، والذي استفادت منه المرأة القطرية أيضاً، الأمر الذي قد رفع من تكلفة الفرصة البديلة لبقائها في المنزل، وحفزها أكثر على العمل منذ بداية الألفية الثانية.[15] تجدر الإشارة هنا أيضاً إلى حالة الاستثناء الوحيدة في دول الخليج وهي عُمان، حيث أنه على الرغم من تدني نسبة مشاركة المرأة في سوق العمل (25% فقط كما وَضَّح الرسم البياني (5.4))، إلا أن متوسط أجر المرأة العاملة العمانية السنوي يساوي تقريباً ذاك الذي يجنيه الرجل،[16] والذي قد يعود لكون المرأة العمانية المنخرطة في سوق العمل هي من ذوي التحصيل العالي جداً والتي لا تنخرط في سوق العمل إلا في المجالات ذات الدخل العالي.
وحيث أن الأجور بالطبع ليست وحدها العامل المؤثر في اتخاذ قرار المشاركة في سوق العمل، فإن أحد الأسباب الاقتصادية الأخرى تعود أيضاً إلى الدخل الذي تحصل عليه المرأة خارج نطاق سوق العمل، والذي قد يكون جزء من الدخل الأسري الذي يشارك فيه الزوج زوجته كما هو سائد في دول الخليج. فإذا كان مستوى معيشة العائلة جيد بشخص موظف واحد فقط كما هو الحال في بعض دول الخليج، يقل دافع دخول المرأة في سوق العمل وتتفرغ حينها للعمل داخل المنزل وتربية الأبناء، الأمر الذي يشكل في حد ذاته توزيعاً للمهام داخل العائلة الواحدة، متأثراً بفجوة الأجور.[17] ويمكن أن يُعلِّل هذا السبب عزوف بعض النساء الإماراتيات عن سوق العمل نظراً لارتفاع دخل الرجال، وحتى عزوف الجزء الأكبر من النساء القطريات والكويتيات.
ولكن هل المرأة في الخليج العاملة هي تلك غير المتزوجة فقط والتي تنقطع عن العمل بعد زواجها لتتقاسم مدخول زوجها؟ تُشير البيانات إلى عكس ذلك. إنَّ المرأة العاملة هي تلك المتزوجة في أغلب الأحيان (كما يوضح الرسم البياني (5.7))، حيث تصل نسبة المواطنات المتزوجات العاملات إلى نحو 70% من إجمالي المواطنات العاملات في السعودية والبحرين والكويت وإلى 60% في قطر، تليهن النساء اللاتي لم يسبق لهن الزواج/ ثم المطلقات وأخيراً الأرامل. إن هذه النسب قد تُشير إلى الدافع الاقتصادي للمتزوجات للعمل والمشاركة في رفع مستوى معيشة الأُسرة وعدم الاعتماد على مدخول الرجل فقط. كما قد تُشير أيضاً إلى تضعضُع حاجز الأعراف التي تسود في بعض اجزاء المجتمع، والمتمثل في بقاء المرأة المتزوجة في المنزل لتربية الأبناء مثلاً.
وفي الواقع فإن سياسات الأسرة المتمثلة في إجازات الوضع وغيرها لا تُحفز المرأة في الخليج على العمل، خصوصاً إذا ما قارناها بالدول الصناعية ذات النسب العالية لمشاركة للمرأة في سوق العمل (كالدول الاسكندينافية وبعض الدول الأوروبية الأخرى والتي يمكن أخذها كمثال حي للموازنة بين العمل وإنجاب الأطفال).
فبينما لا تزيد إجازات الوضع براتب (كلي أو نصفي) عن 7 أسابيع في دول الخليج (انظر إلى جدول (5.2))، نراها تصل إلى 50 أسبوع في دولة مثل الدنمارك، حيث تبلغ نسبة مشاركة نِسائِهن في سوق العمل إلى أكثر من 70%. كما تصل إجازة الوضع إلى 87 أسبوع في النرويج، و40 أسبوع في المملكة المتحدة، و60 أسبوع في النمسا والسويد، علاوة على إجازات الأبُوة المقدمة في هذه البلدان أيضاً. إضافة إلى ذلك فإن هذه الدول توفر الدعم المادي للأمهات، وتقدم خدمات حاضنات حكومية للأطفال خلال ساعات العمل العادية.[18] وبينما بُنِيَت سياسات الأسرة هذه لتشجيع المرأة الأوروبية أيضاً على الإنجاب، إلا أنها جاءت أساساً لتحافظ على المُكتسبات الاقتصادية والاجتماعية التي حققتها هذه الدول بانخراط المرأة في سوق العمل.
3. هل نرى اتجاهات جديدة للنساء في سوق العمل في المستقبل؟
وفي قطر تصل نسبة مشاركة المرأة التي تبلغ من العمر 25-29 سنة إلى 56%، وترتفع إلى أكثر من 60% للنساء بين 30-34 عاماً ثم تنخفض تدريجياً، كما يُبيِّن الرسم التوضيحي (5.12). وبينما قد يكون أحد دوافع انخفاض نسبة مشاركة المرأة الأكبر سناً إلى فرص التقاعد المبكر مثلاً، إلا أنه من الأرجح أن تكون أحد الأسباب الرئيسية هي عدم مشاركة تلك النساء في سوق العمل أساساً عندما كُنَ أصغر سناً بنفس النسب التي نراها بين شابات اليوم. وهذا دليل على تطور العوامل التي تدفع المرأة في الخليج للانخراط في سوق العمل، والتي من ضمنها تغيير ثقافة عمل المرأة وتمكينها اجتماعياً واقتصادياً وسياسياً.
ولكن تظل العوائق الاقتصادية والاجتماعية تمنع من انخراط المزيد من هذه الطاقات في سوق العمل، وتحد من تشغليها في جميع القطاعات الاقتصادية وفي جميع الدرجات التوظيفية. بالإضافة إلى ذلك فإن هذه الحقبة الاقتصادية الجديدة التي يراها العالم في عام 2016، حيثُ تتدهور فيه أسعار النفط ويتباطأُ فيه نمو اقتصاديات الدول الكبرى، تُنذر بانكماش التوظيف الحكومي والخاص في دول الخليج والذي قد يكون أحد أكبر ضحاياه المرأة.
وبذلك يبقى السؤال حاضراً: كيف يمكننا الحفاظ على مكتسبات الأمس والمضي قدماً بخطى ثابتة وحقيقية نحو تعزيز وجود المرأة في سوق العمل مستقبلاً؟