علي فارس
ستركز الدراسة على خمسة محاور هي: (1) مستجدات المناورات السياسية بين اقطاب الحكم بالبحرين وتغيّر ملامح المعادلة السياسية، (2) والانتخابات النيابية، (3) وتطورات الوضع الحقوقي (4) والوضع الاقتصادي، (5) وتبعات السياسة الخارجية المتمثلة في استمرار الأزمة الخليجية وتزايد التطبيع مع الكيان الصهيوني.
المحور الأول: المناورات السياسية
اجمالاً، وعلى الرغم من تواصل مركزية الحكم في البلاد والتفاهم العام بين اطراف اتخاذ القرار، يرى المراقبون انه بالإمكان تقسيم اجنحة متخذي القرار في البحرين إلى ثلاثة: الديوان الملكي بدعم من الملك، ورئيس وزراء البحرين الذي تولى منصبه منذ الاستقلال عام 1971، وولي العهد النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء.[1] واكثر ما قد يميز عام 2018 هو بروز أوجه اختلافات بين اقطاب متخذي القرار الى العلن وتداولها في الأجهزة الرسمية.
بدأت أوجه الخلاف تظهر الى العلن في غرّة شهر فبراير 2018 عندما ظهر حساب باسم مستعار يُدعى “نائب تائب”[2] على موقع التواصل الاجتماعي “تويتر”، وقام بتسريب محادثات شخصية بين احد المسؤولين في ديوان رئيس الوزراء مع نائب سابق تتعلق برئيس مجلس النواب السابق ونائبين آخرين محسوبين على الديوان الملكي بحسب زعمه. وقد حذفت التسريبات لاحقًا من حسابه.[3]
وبعدها بأيام تقدم النائبان المذكوران في التسريبات برفع دعوى قضائية ضد النائب التي سربت محادثاته لدى النيابة العامة،[4] ليقوم وزير العدل البحريني بالطلب من مجلس النواب رفع الحصانة عن الأخير بسبب “شغله الشاغل بقذف الناس وإشعال الخلافات في المجلس“،[5] كما تم منعه عن الإمامة،[6] واستطاع النائبان نيل موافقة مجلس النواب لتشكيل لجنة تحقيق بشأن استيلاء المسؤول في ديوان رئيس الوزراء على أرض مملوكة من قبل الحكومة.[7] ولم تلبث اللجنة أن توصلت لنتيجة أن الأرض قانونية بعد أيام قليلة،[8] كما رفض المجلس إسقاط الحصانة.[9]
هذا وقد رفض رئيس الوزراء استقبال رئيس مجلس النواب بحسب تغريدة المستشارة الإعلامية في ديوانه،[10] واستدعت النيابة رئيس تحرير صحيفة الوطن لنشره الخبر المعني بالنائب،[11] حيث أُدين في وقت لاحق بتهمة سب وقذف النائب علناً وعاقبته بالحبس شهراً مع وقف التنفيذ مقابل 100 دينار.[12]لكن الصراع الإلكتروني استمر بين الحسابات الالكترونية،[13] جرى خلالها تبادل الاتهامات واستعمال ألفاظ غير لائقة.[14] كما امتد الصراع ليشمل نائباً سابقاً آخراً مقرباً من رئيس الوزراء، حيث اتهِم الأخير بالحصول على الدعم من قطر. [15]
وتواصل الصراع عندما دعا “نائب تائب” لتعيين نجل الملك ورئيس الحرس الوطني ورئيس المجلس الأعلى للشباب والرياضة رئيسًا للوزراء ،[16] ، لكن نجل الملك صرح لاحقاً بنفي “الأكاذيب” وطلب الكفّ عن زجه في محاولات زرع الفتنة في أوساط القيادة السياسية، وأبدى تأييده لرئيس الوزراء.[17]
وجاء بعدها وزير الداخلية ليتخذ “إجراءات صارمة لمعالجة الانفلات والفوضى الإلكترونية غير المسبوقة ببعض حسابات التواصل المخالفة” في إشارة للحسابات الوهمية، ووعد بتحديد هويات أصحابها للحفاظ على “النسيج الاجتماعي والسلم الأهلي“،[18] وتم على إثر ذلك إلقاء القبض على 5 أشخاص مع نشر صورهم بتهمة نشر تغريدات مسيئة لأشخاص تدعو للفتنة والتحريض.[19]
وقد تخلل هذه الأحداث إسقاط حصانة احد النواب المتهمين بعد شكوى من نائب آخر،[20] بالإضافة إلى عدم ترشح النواب الضالعين في الانتخابات النيابية أو رفض القضاء البحريني إدراج أسماء بعضهم ضمن جداول الناخبين،[21] وكذلك انسحاب رئيس مجلس النواب من سباق الانتخابات،[22] وأحداثاً أخرى مثل إصدار وزير الداخلية تعميماً للمحافظات بوقف إصدار مجلات باسم المحافظات إلى حين صياغة قانون لتنظيم هذا الشأن،[23] وذلك بعد يومين فقط من تدشين محافظ الجنوبية حفيد رئيس الوزراء مجلة “الجنوبية تايمز” وإشادة رئيس الوزراء بهذه الخطوة.[24]
على الصعيد الإقليمي، زار ولي العهد البحريني الإمارات في سبتمبر وأشاد بجهودها في دعم البحرين ومكافحة الإرهاب.[25] كما زار ولي العهد البحريني السعودية كذلك والتقى ولي عهدها 3 مرات في سنة واحدة، الأولى في شهر يونيو بجدة،[26] زار خلالها كذلك القوات البحرينية المشاركة في التحالف العربي باليمن بقيادة السعودية،[27] والزيارة الأخرى كانت في شهر أكتوبر خلال قمة “دافوس الصحراء” بالرياض حيث كان ولي العهد البحريني من ضمن المتحدثين الرئيسيين بالمؤتمر.[28] كما زار الرياض للمرة الثالثة في ديسمبر من أجل حضور سباق الفورمولا E في حلبة الدرعية، حيث أكد أن “أي منجزات تحققها الشقيقة الكبرى المملكة العربية السعودية هو مصدر فخر واعتزاز لنا كون نجاحها هو نجاح لنا في البحرين”.[29]
كما أشاد ولي العهد السعودي خلال حديثه مع وكالة بلومبيرغ بـ”فريق البحرين” الذي أشرف عليه ولي العهد البحريني، ومهد لإنشاء برنامج التوازن المالي واستلام دعم خليجي يبلغ 10 مليارات دولار (أنظر المحور الثالث) . وقد تشير هذه الدلائل إلىتشير تزايد نفوذ ولي العهد البحريني محلياً، خاصةً مع دعم ولي العهد السعودي بالتوازن مع التحالف مع الإمارات.
داخلياً، أصدر ملك البحرين أمراً ملكياً بتكليف ولي عهده بتطوير أداء أجهزة “السلطة التنفيذية“، أي الحكومة، وتعيين المدراء ومن في حكمهم ونقلهم إلى الوزارات والهيئات الحكومية، كما عُهدت إليه رئاسة مجلس ديوان الخدمة المدنية ، مما أعطاه صلاحيات واسعة بشكل غير مسبوق. [30]
وبينما تم تكليف رئيس الوزراء بتشكيل حكومة جديدة بعد الانتخابات النيابية، فقد جرى تعيين وزيرين جديدين بالتشكيلة الحكومية الجديدة مقربين من ولي العهد، الأول هو وزير المالية والاقتصاد الوطني الذي أدار مكتب ولي العهد كنائب أول لرئيس مجلس الوزراء منذ تأسيسه في عام 2013 وأشرف على تنفيذ “الخطط والاستراتيجيات” لولي العهد ومنها برنامج التوازن المالي،[31] والثاني هو وزير شؤون الشباب والرياضة الذي عينه ولي العهد عضواً بإدارة بورصة البحرين منذ عام 2016.[32] كما أن المشاريع التي يديرها فريق ولي العهد بالحكومة وبالأخص برنامج التوازن المالي تبقى الأكثر أهمية في برامج الحكومة الحالية.
المحور الثاني: الانتخابات النيابية
شهدت البحرين في 24 نوفمبر وغرّة ديسمبر من عام 2018 الدورة الخامسة من الانتخابات النيابية. وقد تواصل الاستقطاب السياسي فيما بين الحكومة والمعارضة، حيث قوبلت الانتخابات وللمرة الثانية، بعد انتخابات 2014، بدعوات المقاطعة من الجمعيات والتكتلات والأشخاص المحسوبين على قوى المعارضة في البلاد بسبب “غياب دستور تعاقدي ووجود نظام انتخابي غير عادل ولا يحقق المساواة بين المواطنين واعتماد منهج التمييز في الدوائر” حسب تعبيرهم، علاوةً على الأزمة الأمنية الناجمة عن تداعيات احتجاجات فبراير 2011 وعدم القبول بالآخر حسب وصفهم،[33] في ظل حل ثلاث جمعيات معارضة.[34]
وقد مُنع أعضاء هذه الجمعيات المنحلة من الترشح للانتخابات النيابية بعد تعديل قانون مباشرة الحقوق السياسية،[35] حيث برر أحد النواب السابقين هدفه قائلاً: “لن نجعل المجرمين يدخلون المجلس لكي يتستروا على جرائمهم“، فيما صرح نائب آخر بأن قرار المنع يأتي لحماية المجلس من “الإرهاب المعنوي والثقافي والإعلامي“،[36] علمًا بأن جمعية الوفاق نالت 18 من أصل 40 مقعدًا في انتخابات 2010.[37] كما تم اشتراط أن يكون عضو مجلس إدارات مؤسسات وجمعيات المجتمع المدني والنوادي الاجتماعية والثقافية متمتعاً بكافة حقوقه المدنية والسياسية، في إشارة إلى منع أعضاء الجمعيات المنحلة الذين لا يتمتعون بهذه الحقوق حسب التعديل الجديد.[38]
وفي هذا الخصوص، سعت حكومة البحرين منذ الانتخابات السابقة إلى تبيان ان العملية الانتخابية بالمملكة تسري بكل سلاسة، حيث صرح وزير العدل البحريني الذي يتولى كذلك رئاسة اللجنة العليا للإشراف على سلامة الانتخابات أنه “في حالة وجود أصوات تطالب بالمقاطعة فهي غير مسموعة ولا تتجاوز أذن من نطقها“، وقد صرح بعد انتهاء الانتخابات بكون نسبة المشاركة الراهنة هي من الأكبر في تاريخ البحرين حيث بلغت نسبة 67% في الدور الأول.[39] في المقابل نشرت وسائل الإعلام المعارضة تقارير تزعم بحذف أسماء عشرات الآلاف من المواطنين من الجداول الانتخابية لأنهم قاطعوا الانتخابات في دورات سابقة وأكثرهم من المؤيدين لتيارات المعارضة،[40] حسب زعمها، فيما ادعت جمعية الوفاق المنحلة بأن المشاركة لم تتجاوز 30% فقط.[41] علماً بأن أكبر نسبة مشاركة هي تلك التي شهدتها انتخابات 2006، حيث بلغت 72% وذلك بعد مشاركة الجمعيات المنحلة فيها.[42]
أما إعلامياً، فقد كان شعار الحملة الرسمية “نلبي الواجب“. وقد اقترح رئيس مجلس النواب السابق أحمد الملا أن توجه الحكومة لتأخير الطلبات الإسكانية والبت في طلبات التقاعد الاختياري وربط قبلوها بالمشاركة في الانتخابات تعزيزاً لمبدأ “المواطنة الصالحة“.[43] إلا أن وزير العدل نفى وجود عقوبات على المقاطعين، واستدرك بتوقعه مناقشة هذا الموضوع في المجلس القادم لإقرار قانون يفرض الغرامات المواطنين المقاطعين “الذين لم يلبوا الواجب” ويحرمهم من الامتيازات.[44] هذا وقد اعتقِل البرلماني الوفاقي السابق علي العشيري بتهمة التحريض على مقاطعة الانتخابات على ضوء تغريدة له قال فيها أنه وعائلته سيقاطعون الانتخابات.[45]
وقد أعلنت وزارة الداخلية أنها رصدت 40 ألف رسالة إلكترونية وجهت لمواطنين بدعوى حذف أسمائهم من كشوف الانتخابات، وقد ألقت الوزارة بالمسؤولية عن تلك الرسائل على إيران قبيل الدور الأول، ولم يتم الإعلان حتى الآن نتائج التحقيقات.[46] كما تمت إحالة شخصين للمحاكمة بتهمة التخابر مع قطر وتلقيهما أموالاً بقيمة 12 ألف دينار للترشح للانتخابات النيابية.[47]
تراجع مقاعد الجمعيات السياسية
وقد بلغ عدد مقاعد نواب الجمعيات السياسية 6 مقاعد، أي ما يعادل 15% من إجمالي مقاعد المجلس،[48] وهو رقم ضئيل مقارنة بالنسبة العالية التي بلغت 75% في انتخابات 2006.[49] وقد شاركت جمعية المنبر التقدمي في الانتخابات بعد مقاطعتها منذ عام 2011 وحازت على مقعدين،[50] ليُعَيَّن ممثل الكتلة عبد النبي سلمان نائباً أول لرئيس مجلس النواب،[51] مخالفةً بذلك توجه الجمعيات المعارضة الأخرى التي التزمت بمقاطعة الانتخابات النيابية. وجاءت المشاركة بحسب البيان الصادر عن الجمعية نتيجةً للتبعات السلبية للمقاطعة – حسب رأيها – بحيث أصبح مجلس النواب مجلسًا “ضعيفًا” استطاعت السلطة استغلاله لتمرير تشريعات غير مقبولة لدى المواطنين، ما يوجب المشاركة للدفع بـ”التغييرات الإيجابية” للبلاد و”فضح الفساد والتلاعب بالمال العام” حسب تعبير الجمعية.[52]
من جانب آخر، غاب رجال الدين المحسوبين على التيار الديني الشيعي تماماً عن عضوية المجلس لأول مرة في تاريخه. كما تمت إعادة الانتخابات في 31 دائرة من أصل 40 أي أن 77.5% من الدوائر لم تُحسَم في الجولة الأولى،[53] بينما شهدت بعض هذه الدوائر اكتساحاً حاسماً منذ الجولة الأولى في عام 2010 عندما شاركت المعارضة بحسب إحصائية أجرتها،[54] وقد يرجع ذلك لأسباب منها عدم وجود نخبة سياسية ذات تاريخ سياسي قادرة على الاكتساح كما كان الحال في السابق عندما اكتسحت جمعية الوفاق المنحلة جميع دوائرها، فضلاً عن كثرة المرشحين الذين بلغ عددهم أكثر من 500 مرشح في 40 دائرة.[55]
وبالنسبة للجمعيات الإسلامية السنية، فقد شهدت النتائج كذلك ولأول مرة خسارة جمعية المنبر الوطني الإسلامي المحسوبة على تيار الإخوان المسلمين، حيث تقدمت بمرشحَين اثنين فقط،[56] وقد دعت الأمانة العامة للجمعية لتشكيل لجنة لدراسة نتائج الانتخابات ورفع التوصيات للإدارة.[57] والجدير بالذكر أن المترشح أنس بومطيع المحسوب على التيار قد تعرض لانتقادات من قبل بعض المغردين الإماراتيين في إشارة لتغريدات له حذفها لاحقاً تنتقد الحكومة الإماراتية في تعاطيها مع النشطاء السياسيين المحسوبين على تيار الإخوان المسلمين في تلك الدولة،[58] مما قد يفسر انحسار دور الإخوان في المشهد السياسي البحريني، على الرغم من فوز النائب المستقل عمار قمبر، ابن النائب السابق سامي قمبر العضو في جمعية المنبر الإسلامي.[59] أما جمعية الأصالة الإسلامية المحسوبة على التيار السلفي، فقد حازت على ثلاثة مقاعد بشخصيات مختلفة في انتخابات 2018،[60] أي بزيادة مقعد واحد مقارنةً بانتخابات عام 2014.[61] كما حازت جمعية تجمع الوحدة الوطنية للمرة الأولى منذ تأسيسها في أعقاب تجمع الفاتح (الذي تشكّل في خضم احتجاجات 2011) على مقعد واحد.[62]
وأصدر الملك أمراً ملكياً بإضافة شرط عدم انتماء أي عضو بمجلس الشورى المُعيّن لأي جمعية سياسية،[63] مما أدى لاستبعاد جاسم المهزع المنتمي لجمعية الوسط العربي الإسلامي،[64] وقد دعم بعض السياسيين القرار بحجة أنه يحقق التوازن في التشريع ويضمن اتخاذ القرار بصورة مهنية ومحايدة وحرة وخالية من الضغوط الحزبية.[65] وبذلك انحسر العمل الحزبي السياسي بشكل كبير بالنسبة للمعارضة والموالاة، واستمرت سيطرة المستقلين مع انحسار الجمعيات الإسلامية وبالذات جماعة الإخوان المسلمين في المجلسين المنتخب والمعين.
وقد زعم البعض وجود ملامح تدخل حكومي في تشكيل المجلس النيابي، مثل المساهمة في توصيل أول امرأة لرئاسة مجلس النواب لزيادة رصيد المملكة الحقوقي. فقد تفاءلت الأمين العام للمجلس الأعلى للمرأة هالة الأنصاري بترأس المرأة البحرينية المجلس التشريعي في نوفمبر الفائت،[66] وبعد الإعلان النهائي عن النتائج في 1 ديسمبر بيوم واحد فقط ادعت النائبة فوزية زينل وجود دعم كبير من النواب لرئاستها المجلس،[67] ورجحت صحيفة الوطن فوزها بالتزكية لعدم وجود منافس لها،[68] على الرغم من توفر منافسين اثنين وهما عادل العسومي وعيسى الكوهجي.
وخلال التصويت على رئاسة المجلس، فازت زينل بـ25 صوتاً أي أغلبية الأصوات،[69] إلا أن النائب العسومي ادعى وجود “جهات خارجية طلبت من النواب تصوير خيارهم لرئاسة المجلس” وإرسالها لهم، في إشارة إلى صدور توجيهات لبعض النواب للتصويت لزينل وإرسال صور أوراق الاقتراع للجهات الخارجية للتأكد من التزامهم بالتوجيه،[70] كما ادعت وسائل إعلام معارضة وجود توجيه من الديوان الملكي للعسكريين للتصويت لزينل بالانتخابات.[71] وبعدها هنأت زوجة الملك رئيسة المجلس الأعلى للمرأة النائبة زينل على الفوز، مشيدة بـ”رؤيتها الثاقبة” ودورها في دعم المرأة[72].
في المقابل، أصدرت ثلاث منظمات محسوبة على المعارضة ومعنية بحقوق الإنسان تقريراً بعنوان “الترهيب الانتخابي”،[73] ادعت فيه أنه جرى استدعاء عدد من المواطنين لمكتب التحقيقات الجنائية بغرض حضهم “بالإكراه” على المشاركة أو تحمل عواقب إلغاء طلباتهم الإسكانية، كما ادعت قيام أجهزة سياسية عليا بإصدار توجيهات للوزارات والأجهزة الأمنية بالتصويت أو إكراههم على التصويت لمرشحين بعينهم في بعض الدوائر الانتخابية، ولم يصدر في هذا الشأن أي بيان حكومي للرد على هذه الاتهامات بشكل مباشر.
على الصعيد الدولي، رحبت بريطانيا على لسان وزير الدولة لشؤون الشرق الأوسط أليستر بيرت بالانتخابات النيابية، معتبراً إياها دليلاً على “التقدم المستمر والالتزام بالديمقراطية في البحرين”،[74] وقد وافق على خطوة البحرين باستبعاد من لا تنطبق عليهم الشروط حسب القوانين منعاً “للتشويش”،[75] كما أن المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية هيدر نويرت رحبت بالانتخابات وشجعت على الاستمرار في العملية الديمقراطية دون أية انتقادات،[76] في تباين واضح عن أسلوب إدارة أوباما التي اعتادت إبداء بعض الانتقادات.
وفيما يخص منظمات حقوق الإنسان الغربية، فقد انتقدت منظمة العفو الدولية السلطات البحرينية واتهمتها بقمع المعارضة واستهداف القيادات الشيعية،[77] ونشرت بياناً عاماً بعنوان “قمع مستمر للمعارضة البحرينية” خلال العامين الماضيين بحسب تعبيرها ، كما وصفت منظمة هيومان رايتس ووتش الانتخابات بأنها “غير حرة”.[78]
المحور الثالث: الوضع الحقوقي
نالت البحرين في 2018 مقعداً في مجلس حقوق الإنسان الذي يتم تعيينه بتصويت الدول الأعضاء.[79] في المقابل، تواصلت الاتهامات من قبل المعارضة السياسية باستمرار التصعيد الأمني منذ احتجاجات 2011، وبالأخص فيما يتعلق بأحكام الإعدام وسحب الجنسية والعمل الصحافي.
في أواخر أبريل، أيدت محكمة التمييز العسكرية التابعة لقوة دفاع البحرين حكم المحكمة العسكرية الابتدائية بإعدام ستة متهمين، وكذلك السجن لسبعة آخرين وإسقاط الجنسية عنهم، بتهمة محاولة اغتيال قائد الجيش،[80] إلا أن ملك البحرين خفف العقوبة إلى السجن المؤبد بدلاً من الإعدام. وقد صرح رئيس القضاء العسكري أن ذويهم قد أثنوا على خطوة الملك،[81] التي جاءت وبحسب تصريحه نتيجة لـ”الصفح والتسامح” من قبل قائد الجيش،[82] كما ادعت البحرين توافر كافة الضمانات القانونية في المحاكمة، وأن عدداً من الذين صدرت عليهم الأحكام الغيابية قد فرّوا إلى إيران والعراق.[83]
ورحب عدد من خبراء الأمم المتحدة بتخفيف الحكم، إلا أنهم استنكروا محاكمة المتهمين اما المحاكم العسركرية، ودعت إلى محاكمتهم من جديد وفقاً “للمعايير الدولية” وبالأخص التحقيق في ادعاءات الاختفاء القسري والتعذيب الممارس عليهم ومحاسبة المتورطين.[84]
كما ادعت وسائل إعلام المعارضة أن عدداً من المدانين قد اختفوا قسرياً منذ أكثر من عامين ولم يُسمع لهن حتى هذه المحاكمة، كما ادعت تعذيب آخرين لانتزاع اعترافات جرى إدلاؤها في هذه المحاكمة، كما أنها رأت أن الرواية المقدمة في المحكمة غير واقعية وتوحي بإلباسهم تهماً باطلة.[85]
هذا وقد أصدرت هيئة كبار العلماء الشيعة في البحرين بيانًا أشادوا فيه بالتخفيف واصفينه بأنه “خطوة مثمنة ومشكورة“، ودعوا أن يشمل ذلك بقية المحكومين حتى تخلو البلاد من السجناء.[86] وقد أرسلت وزارة الداخلية تحذيراً لهم ووصفت بيانهم “بالتحريض” و”توظيف المكرمة الملكية السامية” لتحقيق مآرب سياسية وتأجيج الشارع، وهددتهم أنه في حال تكرار ذلك فإنه سيتم اتخاذ الإجراءات القانونية المناسبة.[87]
كما صدرت عدة احكام أخرى بالإعدام وتجريد الجنسية، مثل قضية تأسيس “كتائب ذو الفقار” بمساعدة الحرس الثوري الايراني في 2015، حيث تم إسقاط جنسية ما يقارب 115 مواطنًا بتهمة الإرهاب.[88] في المقابل، انتقدت منظمة العفو الدولية هذه المحاكمة الجماعية،[89] كما تم الحكم في قضية تفجير أنبوب النفط بمنطقة بوري بإعدام سبعة متهمين وإسقاط جنسياتهم وفرض غرامات بآلاف الدنانير.[90]
وقد بلغ عدد حالات إسقاط الجنسية بحسب بيان منظمة العفو الدولية أكثر من 240 حالة، وهو أعلى رقم سنوي مسجل منذ عام 2011.[91] وادعت منظمة سلام للديمقراطية وحقوق الإنسان المحسوبة على المعارضة في تقريرها المُعنون بـ”مواطنون بلا هوية” إسقاط جنسية أكثر من 730 بحريني بالأحكام القضائية بعد صدور المرسوم بقانون 20 لسنة 2013 الذي أعطى القضاء صلاحية إسقاط الجنسية.[92]
ومن جانب آخر، تم إصدار جواز سفر مؤقت لمدة سنة واحدة لرجل الدين الشيعي البارز الشيخ عيسى قاسم المُسقطة جنسيته منذ عام 2016،[93] وقد أشاد وزير الخارجية البحريني بسماح الملك للشيخ بالسفر استجابة لرأي أطبائه إلى مدينة لندن البريطانية وتغطية أية تكاليف للعلاج.[94] وقد اختار قاسم الإقامة في العراق بعد استكمال علاجه في بريطانيا أواخر العام 2018.[95]
أما بالنسبة للعمل الصحافي، فقد كان عام 2018 اول سنة تخلو من صحف ورقية رسمية تمنح مساحة لوجهة نظر المعارضة بعد إغلاق صحيفة الوسط عام 2017، وقد نشرت “رابطة الصحافة البحرينية” المقربة من تيار المعارضة تقريراً عن الحريات الإعلامية بالبحرين لعام 2018 انتقدت فيه التشديد على الإعلام، حيث رصدت 86 انتهاكاً شمل الاستجواب والاعتقال والأحكام القضائية وعرقلة الأنشطة الإعلامية وإسقاط الجنسية عن ثلاثة صحفيين بحسب زعمها،[96] كما عارضت اعتقال الداخلية البحرينية للمتهمين في الضلوع بالحرب الإلكترونية في حساب “نائب تائب” الوهمي (انظر المحور الأول)، وادعت في تقريرها أن الصحافة لم تغطي بشكل كاف حقيقة “الصراع السياسي والمجتمعي في البلاد حول المشاركة والمقاطعة في الانتخابات النيابية”.
المحور الرابع: الوضع الاقتصادي
برنامج التوازن المالي وتحدياته
على الصعيد الاقتصادي، شهد عام 2018 تزايد الضرائب والإجراءات التقشفية نتيجة أزمة الميزانية العامة في البحرين، خاصة مع إعلان ما يُعرف بـ”برنامج التوازن المالي”،[97] الذي يهدف بحسب الرأي الحكومي إلى تحقيق التوازن بين المصروفات والإيرادات الحكومية بحلول العام 2022،[98] في مقابل مساعدات مالية من السعودية العربية والإمارات والكويت بمبلغ 10 مليارات دولار أمريكي على شكل تمويلات وقروض ميسرة لدعم البرنامج وتحقيق الاستقرار المالي،[99] خاصة بعد بلوغ تراكم الديون الناتجة عن العجز في الميزانية حوالي 87% من الناتج المحلي الإجمالي (11.5 مليار دينار) عام 2018 بحسب المصرف المركزي،[100] أي بزيادة 74% عما كان عليه عام 2008. هذا مع تراجع الإيرادات الحكومية غير النفطية بمقدار 12% في عام 2017 عن عام 2002 بحسب برنامج التوازن، مما يهدد تنويع مصادر الدخل للاقتصاد المحلي القائم بنسبة كبيرة على النفط، كما بلغ العجز في ميزانية عام 2018 ما يقارب 1.3 مليار دينار.[101]
وقد ركز البرنامج على العديد من المشاريع التي وعدت حكومة البحرين ان تلتزم بها خلال الأربع سنوات المقبلة، منها مشروع خط الصهر السادس لشركة “ألبا” لتكون أكبر مصهر للألمنيوم في العالم، وتوسعة مطار البحرين الدولي بثلاثة أضعاف، وكذلك القيام بإجراءات تقشفية باسم “إعادة توجيه الدعم” وإطلاق مشاريع لضبط الإنفاق، وقد تكفل بهذا الملف ولي العهد البحريني.
برنامج التقاعد الاختياري بديلاً عن إصلاح نظام التقاعد
في يوليو 2018، انشغل البحرينيون بمناقشة مقترح حكومي باسم “إصلاح نظام التقاعد” التي تم تقديمه للسلطة التشريعية منتصف عام 2018، والذي بموجبه يتم رفع سن التقاعد المبكر تدريجياً، بدءاً من العام 2019 ولمدة خمس سنوات، ليصل الحد الأدنى إلى 55 سنة للجنسين، وكذلك تمديد سن التقاعد الإلزامي ليكون 60 سنة، والاكتفاء بصرف الزيادة السنوية للمتقاعدين لمدة 7 سنوات فقط من سن 55 وحتى 62،[102] بالإضافة إلى منح هيئة التأمين الاجتماعي صلاحية تحديد نسبة اشتراكات التقاعد، وتحديد سن التقاعد، واحتساب الراتب التقاعدي، والزيادة السنوية للمتقاعدين، وشراء المدد الافتراضية، وذلك دون الرجوع للسلطة التشريعية،[103] كل ذلك بهدف تنظيم الشؤون التقاعدية تنفيذاً لتوصيات الخبير الاكتواري لإطالة عمر الصناديق التقاعدية بحسب الرأي الحكومي.
وقد استنكر التعديلات عدد من الصحفيين مثل رئيس تحرير صحيفة أخبار الخليج المحلية، الذي صرح بأنها لا تنصف المتقاعدين، بالإضافة إلى مقابلته لعدد منهم حيث صرحوا بأن التعديل هو وسيلة “للتضييق على المواطنين وزيادة الضغوط المالية ومصادرة حقوقهم الأصيلة”،[104] وقد قام مجلس النواب برفض المشروع بالإجماع، بحجة وجود شبهة دستورية، مستنكرين قيام الحكومة بسد عجزها عن طريق “جيوب المواطنين” بحسب رأيهم،[105] كما أبدت جمعيتا التجمع القومي الديمقراطي والمنبر التقدمي تحفظهما على البرنامج على اعتبار أن له “عواقب وخيمة على المدى البعيد”.[106]
ثم وجه الملك خلال استقباله رئيس الوزراء ورئيسي السلطة التشريعية بإعادة بحث مشروع التقاعد والتباحث فيما بينهما،[107] ليتم تشكيل لجنة مشتركة بين البرلمان والحكومة[108] لإعداد مشروع تم إقراره في أكتوبر بجلسة مجلس النواب الاستثنائية، بحيث اقتصر التعديل على إلغاء تقاعد النواب والشوريين والبلديين واستبدالها بمكافأة نهاية خدمة.[109]
وعلى الرغم من عدم طرح موضوع نظام تقاعد المواطنين مجدداً، إلا أن الحكومة أطلقت في التاسع من أكتوبر برنامجاً آخراً للتقاعد الاختياري ضمن إطار برنامج التوازن المالي لمن يرغب من موظفي القطاع العام ضمن شروط معينة، وذلك لإعطائهم الفرصة لتوظيف خبراتهم في القطاع الخاص وتقليل النفقات على الحكومة ،[110] وقد بلغ عدد الموظفين التي تنطبق عليهم الشروط 42 ألف موظف،[111] وعدد المتقدمين أكثر من 9 آلاف حسب تصريح رئيس ديوان الخدمة المدنية.[112] وتم الإعلان عن قبول جميع المتقدمين الذين ثبت استيفاؤهم للشروط دون ذكر لأعدادهم بشكل رسمي حتى نهاية عام 2018.[113]
من جانب آخر، انتقد الأمين العام لنقابات عمال البحرين حسن الحلواجي البرنامج رغم مميزاته، مدعياً أنه يجبر العاملين الفائضين في الهيئات الحكومية على المغادرة من خلال جعلهم تحت وطأة ضغط في مدة زمنية قصيرة لاتخاذ القرار في ظل المغريات التي تظهر للوهلة الأولى دون حساب العواقب، كما تساءل عن كيفية توفير هذه المبالغ واتخاذ هذا القرار “الاستراتيجي” من قبل مجلس إدارة هيئة التأمين الاجتماعي الجديد دون التشاور مع ممثلي العمال،[114] على الرغم من عضوية الاتحاد الحر لنقابات عمال البحرين، المحسوب على الحكومة، في مجلس الإدارة،[115] الذي أيد رئيسه يعقوب يوسف التقاعد الاختياري بوصفه “سيسهم في خلق وظائف بالقطاع العام”.[116]
وصرح الاقتصادي في جمعية “وعد” المعارضة والمنحلة عبدالله جناحي في مجموعة تغريدات له بأن التقاعد الاختياري سيكون عبئاً ثقيلاً على صندوق التقاعد مما يجعله عرضة للإفلاس وبالتالي سيتم تخفيض رواتب المتقاعدين، كما سيتم الاستغناء مبكراً عن عمالة وطنية قابلة للإنتاج.[117]
وقد وصل عدد المتقدمين في مؤسسات التعليم بحسب إحصائية وسائل إعلام معارضة حوالي 4 إلى 6 آلاف معلم ومعلمة،[118] وكذلك خُمس الموظفين في البلديات (644 موظفًا تقريبًا)،[119] ولم تعلق الحكومة رسمياً على مدى صحة هذه الأرقام، ولكن في حال ثبوت ذلك فإنها تثير التساؤل حول إمكانية إيجاد البديل لهذه الأعداد الكبيرة واحتمالية استعانة الجهات الحكومية بالعمالة الأجنبية لا سيما عن طريق سياسة الاستعانة بموظفين متعاقدين من خلال شركات القطاع الخاص (Outsource)، خاصة مع انتشار أنباء عن نقص بالمعلمين في بعض المدارس،[120] وعدم وضوح خطة للتعامل مع هذا النقص. كما لم يصدر أي تصريح حول إعادة النظ ر في “نظام إصلاح التقاعد” الذي سحبته الحكومة بعد توجيه الملك ومدى إمكانية طرحه في عام 2019.
ضريبة القيمة المضافة
بعد تأجيل تطبيق ضريبة القيمة المضافة التي كان مزمعاً تنفيذها في بداية عام 2018، نجحت حكومة البحرين في تمرير الضريبة في مجلس النواب السابق لتدخل حيز التنفيذ في بداية العام 2019، وذلك ضمن مبادرات برنامج التوازن المالي لمواجهة العجز وتماشياً مع التزام المملكة بالاتفاقية الموحدة لضريبة القيمة المضافة في دول مجلس التعاونالتي تم توقيعها عام 2016، وطبقتها السعودية والإمارات بداية عام 2017. وهي ضريبة غير مباشرة تطبق عند الاستهلاك وتفرض على توريد السلع واستيراد السلع والخدمات بنسبة 5%، ما عدا بعض اسلع مثل المواد الغذائية الأساسية، والتعليم، والصحة.[121]
وقد كانت ظروف تمرير الضريبة مثيرةً للانتباه، حيث دعى الملك النواب قبيل الانتخابات لعقد جلسة “استثنائية”، والتي أقرها قبل يومين من ذلك عن طريق إصدار مرسوم بقانون يحتم على المجلس إصدار قرار إما الموافقة أو الرفض أو اقتراح التعديل.[122] وأصدرت لجنة الشؤون الاقتصادية والمالية توصية برفض الضريبة بادئ الأمر، إلا أنها تراجعت عن التوصية بعد “اجتماع مع رئيس مجلس النواب في مكتبه” في نفس اليوم، لتنعقد الجلسة بعد ذلك في ظروف “سرية”.[123] وانتهت الجلسة خلال بضع ساعات.[124]
من جانب آخر، انتقد الضريبة عدد من الجمعيات السياسية، منها جمعية الوفاق المنحلة من خلال نائب الأمين العام الشيخ حسين الديهي، الذي وصف يوم الإقرار بـ”اليوم الأسود” على المواطنين وبالأخص الفقراء منهم،[125] وأصدرت جمعيتا المنبر التقدمي والتجمع القومي بياناً مشتركاً رفضتا فيه تحميل المواطن البحريني المزيد من الأعباء، وانتقدتا سرية الجلسة وألقتا باللوم على النواب الذين “نكثوا في مواقفهم”.[126]
وفي أواخر ديسمبر 2018 وقبل بداية السنة الجديدة، صرحت غرفة تجارة وصناعة البحرين بعدم وضوح آلية تطبيق الضريبة وطلبت “التشاور” مع الجهات المعنية لفك الالتباس وتعريف القطاع الخاص بحيثياتها، مما يشير إلى أن المؤسسات الخاصة بما فيها الغرفة لم تكن على تمام الوعي بذلك. كما رفع مجلس النواب الجديد مقترحاً مستعجلاً لتأجيل تطبيق الضريبة،[127] ليوجه الملك حكومته لمراجعة آليات التطبيق،[128] ويقوم وزيرا المالية والتجارة بعقد اجتماع طارئ حول هذا الموضوع مع المختصين بالوزارتين.[129]
في المقابل، انتقدت وسائل إعلام معارضة ما رأته كمظاهر البذخ في ظل التوجه التقشفي الحكومي، مثل إقامة مهرجانات الأعياد الوطنية واستقبال المطربين،[130] وانتقدت وسائل إعلام معارضة استمرار استضافة بطولات الرجل الحديدي والمشاركة فيها وما تبع ذلك من نشر إعلانات مدفوعة،[131] بالإضافة إلى إقامة بطولات لفنون القتال في البحرين ودول أخرى مثل باكستان.[132] وتبع ذلك قيام وزير الشباب والرياضة الجديد بتنفيذ توجيهات ولي العهد بإصدار تعميم بعدم تحمل الوزارة تكاليف نفقات نشر الإعلانات المدفوعة غير المرتبطة بطبيعة عمل أو نشاط الوزارة، سواء للمناسبات العامة أو الخاصة.[133]
كما تجدر الإشارة إلى التصريح المشترك لجمعيتي المنبر التقدمي والتجمع حيث أكدتا فيه على ضرورة أن يكون تقليص النفقات موجهاً بالمقام الأول للوزارات الحكومية وخاصة العسكرية،[134] التي عقدت صفقة لشراء 12 طائرة مروحية أمريكية بقيمة 912 مليون دولار على سبيل المثال،[135] كما انتقدت الجمعيتان كذلك الفساد والمحسوبية وغياب الشفافية التي أدت لتمرير مثل هذه القرارات دون رقابة حسب رأيهم، ولم يتم حتى نهاية عام 2018 عرض برنامج التوازن المالي على مجلس النواب للتصويت والموافقة عليه، نظراً إلى غياب الصفة القانونية عنه كبرنامج رسمي للحكومة، ولكون الظروف التي أدت إلى تمرير القوانين المتعلقة به كالضريبة المضافة والتقاعد الاختياري قد جاءت في فترة زمنية قصير.
الاكتشاف النفطي الكبير
في أوائل شهر أبريل، اعلن وزير النفط البحريني اكتشاف حقل “خليج البحرين” بالمنطقة الغربية كأكبر حقل نفطي في تاريخ المملكة، باحتياطي نفط صخري خفيف يتجاوز 80 مليار برميل واحتياطي غاز يبلغ 10 إلى 20 مليار متر مكعب، وبمساحة تُقدر بـ2000 كيلو متر مربع، حيث يعكف فريق الاستكشاف في الهيئة الوطنية للنفط والغاز على دراسة الجدوى الاقتصادية وتشغيل الحقل خلال 5 سنوات، كما تم توقيع مذكرة تفاهم مع شركة “هيليبرترون” الأمريكية للتحضير لعمليات حفر آبار إنتاجية في الحقل الجديد،[136] وأعلن الوزير عن بدء دراسة إطلاق صندوق استثماري بالتعاون مع الهيئة العامة للتأمين الاجتماعي برأس مال يبلغ مليار دولار مع عوائد تبلغ بين 15% إلى 20% لإعطاء الأخيرة الأولوية في الاستثمار بقطاع النفط والغاز.[137]
هذا وقد استقبل ملك البحرين ولي عهده وفريق الاستكشاف الذين قدموا له عينة من النفط المُستكشف، وعبّر عن اعتزازه بهذا الإنجاز وأشاد بفريق العمل، ووعد بأن يتم تسخيره لتحقيق التنمية في مختلف المجالات، إلا أنه وخلال تصريحه عبّر عن عتابه للمسؤولين طيلة العقود الماضية بسبب “ضعف الخطط الموجهة لاستكشاف المزيد من الموارد الطبيعية وكانت الحجة ندرة الفرص الواعدة”، كما أشار إلى الدعم الذي تم تقديمه من الدول الشقيقة والصديقة طيلة الفترات السابقة، ووعد بأن يتم رد “الفضل” لهم من خلال هذا الاستكشاف.[138]
وقد كان الاكتشاف بمثابة تنفس الصعداء للمملكة لتحسين وضعها المالي على المدى المتوسط وزيادة الوظائف،[139] بعد انتشار تقارير تراجع العملة والاحتياطي الأجنبي وثقة المستثمرين.[140]إلا أن بعض المراقبين ومحللين اقتصاديين قد دعوا إلى التمهل، فقد ذكر كاتب في مجلة “فوربس” أن الطبقة الجيولوجية للحقل تجعل تكلفة الاستخراج عالياً، مما يقلل جدوى الحقل من الناحية الاقتصادية، فوجود كميات معينة بدون وجود جدوى عملية للاستخراج يجعل من تكلفة الاستخراج أعلى من العائد للاحتياطي، كما أن العائد إن وُجد فسيكون بعد 5 سنوات. [141]
تصريح العمل المرن
استحدثت البحرين منتصف العام 2017 نظاماً يسمى بـ”التصريح المرن” يسمح للأجانب ممن تنطبق عليهم الشروط بالعمل والإقامة في المملكة لمدة سنتين قابلة للتجديد بدون كفيل، من أجل العمل بدوام كامل أو جزئي في حال انتهاء تأشيرات العمل أو إلغائها من قبل الكفيل.[142] وبالتالي شجع النظام إمكانية تصحيح أوضاع العمالة الوافدة وانخراطها في سوق العمل، حسب تعبير هيئة تنظيم سوق العمل.
وقد تم تكريم الرئيس التنفيذي لهيئة تنظيم سوق العمل من قبل وزارة الخارجية الأمريكية ضمن عشر شخصيات لعام 2018 قدموا جهوداً متميزة على صعيد “مكافحة الاتجار بالأشخاص”، وكان من ضمنها نظام التصريح المرن “كأول مشروع على مستوى المنطقة لتصحيح أوضاع لعمالة المخالفة بما يجنبها الاستغلال أو الابتزاز أو الاتجار وهو المشروع التي اعتمدته الأمم المتحدة كأحد أفضل الممارسات الدولية”،[143] وذلك بحسب تقرير الخارجية الأمريكية حول الاتجار بالأشخاص لعام 2018، بحيث وضعت البحرين في مقدمة التصنيف،[144] كما استعرضت الهيئة تجربتها في منتدى بالأمم المتحدة في شهر فبراير.[145]
ورغم ذلك، لاقى النظام انتقادات من مجلس النواب البحريني في فبراير، حيث رأى المجلس بأنه “يشجع العمالة السائبة” على مزاحمة العمال البحرينيين مع ازدياد الظواهر السلبية كالسرقة والعادات غير الأخلاقية بحسب تصريح أحد النواب، وادعى نائب آخر أن التصريح مجرد آلية لـ”تحصيل الرسوم”، إلا أن رئيس هيئة تنظيم سوق العمل رد على التصريحات مفتخراً بما أسماه بالإنجاز الذي حاز على الإشادة الدولية وأنكر وجود عمالة سائبة لديها تصاريح مرنة.[146]
كما انتقد رئيس غرفة تجارة وصناعة البحرين بداية العام 2019 التصريح، مدعياً أنه يضيق على التاجر البحريني، حيث احتكر أصحاب التأشيرات المرنة ما يقارب 85% من المؤسسات الصغيرة والمتوسطة.[147] ومن جهتها، ادعت صحف معارضة بأن التصريح المرن يمثل آلية للمتجارة بالتأشيرات من أجل استغلال العمال مالياً، علاوة على تشجيعه لمزاحمتهم البحرينيين في سوق العمل، بالإضافة إلى تقليلها من شأن جائزة الخارجية الأمريكية كون النظام عبارة عن دعاية لإظهار الجانب المشرق من وضع العمال الوافدين بالبحرين، وهو وضع سيّئ في الواقع بحسب زعمها.[148]
ومن جانب آخر، أفاد وزير العمل في جلسة لمجلس النواب حول التصريح المرن بأنه تصريح شخصي يصدر لشخص طالبه الأجنبي، فبالتالي لن تتضرر نسبة البحرنة لأن العامل الأجنبي ليس له أن يجلب عمالاً أجانب آخرين. وقد بلغ عدد التصاريح في شهر فبراير حوالي 1517 تصريح، بمردود مالي يبلغ 609 آلاف دينار.[149] كما صرح الرئيس التنفيذي لهيئة سوق العمل في سبتمبر أن عدد المتورطين في الجرائم من حملة هذا التصريح هو “صفر”، وقد بلغ عدد التصريحات نحو 5 آلاف تصريح، واستبعد وجود أية عملية بيع لهذه التصاريح للعمال من قبل الحكومة،[150] وذلك على الرغم من ادعاء صحيفة محلية أن أحد حملة “الفيزا” المرنة قد احتال على عدد من المؤسسات البحرينية بمبالغ تصل لـ13 مليون دينار وهربها للخارج.[151]
المحور الخامس: السياسية الخارجية
استمرار الأزمة الخليجية
واصلت البحرين في اتباع سياسة متناغمة مع المحور السعودي-الإماراتي، فكانت مستمرة مع السعودية والإمارات ومصر في قطع العلاقات التجارية والدبلوماسية مع دولة قطر والتمسك بالمطالب الـ 13 التي تم الإعلان عنها مع بداية الأزمة الخليجية في يونيو 2017.[152] وقد تواصل تبادل الاتهامات فيما بين مسؤولي البحرين وقطر. وقد استضاف مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية والطاقة مؤتمرين متعلقين بالموضوع، الأول بعنوان “قطر عراب الفوضى والأزمات في الشرق الأوسط” في يناير، والثاني بعنوان “حكم آل خليفة في شبه جزيرة قطر.. التاريخ والسيادة” في يونيو.
جرى في المؤتمر الأول[153] والثاني[154] ادعاء السيادة على كامل شبه جزيرة قطر وبالأخص منطقة الزبارة التي استوطنها آل خليفة واتخذوها عاصمة لدولتهم قبل السيطرة على البحرين عام 1783. والجدير بالذكر أن الزبارة كانت محور صراع سياسي بين البحرين وقطر لعقود طويلة، حتى تم إقرار السيادة رسمياً لصالح قطر بعد حكم محكمة العدل الدولية في عام 2001، وقد رحبت البحرين بالحكم على لسان الملك عندما كان أميراً للبحرين آنذاك، حيث دعا في مكالمة هاتفية نظيره القطري لـ”بدء صفحة جديدة والعمل سوياً من أجل تعزيز أواصر التعاون لخدمة مصالح بلديهما وشعبيها”،[155] ناهيك عن التخطيط لمشاريع كبيرة بين الدولتين، منها مشروع “جسر المحبة البحري”، الذي كان ليعد أطول جسر في العالم، وقد كان من المقترح أن يربط بين جزيرة البحرين الأم والجزء الشمالي الغربي من شبه جزيرة قطر (قريبًا من منطقة الزبارة)، مع إنشاء سكة حديد مرافقة، وقد جرى الإعلان عن المشروعين عام 2013.[156] وقد دعا المتحدثون في المؤتمر الحكومة القطرية إلى وقف دعمها للإرهاب وتواصلها مع الجمعيات “المنحلة” في البحرين وتحريضها الإعلامي على الكراهية والعنف وتشويهها لسمعة البحرين بالخارج ودعمها المالي والمخابراتي لعملائها في المملكة.
وفي المؤتمر الثاني، ادعى المتحدثون وجود وثائق تثبت أن أسرة آل ثاني حرضت القبائل على التمرد على آل خليفة ومحاولة الاستيلاء على الأراضي التابعة لهم وبالذات الزبارة، حتى تم “تأديب الخارجين عن الطاعة” بحسب وصف المتحدثين وإخماد تمردهم، إلى أن قامت بريطانيا عام 1868 بإنشاء كيان لآل ثاني في الدوحة وفصله عن سيادة آل خليفة. كما أشاروا إلى الهجوم “المباغت” من قبل أسرة آل ثاني على قبيلة النعيم الموالين لآل خليفة في الزبارة عام 1937، ليصفه المؤتمر بـ”العدوان الغاشم والاحتلال التي تعادل جريمة الحرب والعدوان والتهجير القسري” .[157] كما أوصى المؤتمر بتشكل لجنة متخصصة لكشف الاحتلال أمام المحافل الدولية.
وقد استقبل الملك وجهاء قبيلة النعيم، إحدى القبائل المرتبطة تاريخياً بدولة قطر والبحرين، مستذكراً “شهداءهم” في الزبارة.[158] وقد تم منح أعضاء من القبيلة حقيبتي التعليم والدفاع في الحكومة الجديدة ومنصبين آخرين في مجلس الشورى المُعيّن، بالإضافة الى تواجد نائب في المجلس المنتخب. الجدير بالذكر أنه حصلت موجة هجرة لبعض افراد القبائل العربية القاطنة بالبحرين والمرتبطة تاريخياً بقطر خلال السنوات الماضية، اكتسبوا من خلالها الجنسية القطرية، أبرزها موجة عام 2014 التي غطتها آنذاك الصحافة البحرينية وبررتها بتحسن الأوضاع المعيشية بدولة قطر.[159] وقد استنكرت حكومة البحرين اكتساب مواطنيها الجنسية القطرية مراراً،[160] وذلك وفقًا للقانون رقم (21) لسنة 2014 بتعديل بعض أحكام قانون الجنسية البحرينية لعام 1963، والذي شمل فرض غرامة قد تصل لعشرة آلاف دينار على المواطن الذي يكتسب جنسية دولة خليجية دون إذن مسبق.[161]
من جانب آخر، تواردت أنباء عن قيام مقاتلات قطرية باعتراض طائرة مدنية إماراتية متجهة للبحرين في يناير وأخرى متجهة من الدمام إلى أبوظبي في أبريل.[162] وقد نفت الخارجية القطرية هذه الادعاءات، بحجة أن المقاتلات الإماراتية هي التي اعترضت المجال الجوي القطري في 3 يناير فيما جرى بث هذه الأنباء من أجل التغطية على ذلك التجاوز.[163] وبناءً على ذلك، رفعت قطر شكوى ضد دول المقاطعة ومنها البحرين بسبب إغلاق مجالها الجوي وتهديد سلامة الطيران المدني، كما قام مجلس المنظمة الدولية للطيران المدني “إيكاو” في أواخر يونيو بإعطاء الفرصة لقطر لسماع مطالبها ورفض الطعون المقدمة من الدول المقاطعة، لكن الأخيرة قامت باستئناف حكم إيكاو أمام محكمة العدل الدولية.[164]
إضافة إلى ذلك، أصدر القضاء البحريني المتمثل في محكمة الاستئناف العليا في شهر نوفمبر حكماً بالسجن المؤبد ضد رئيس جمعية الوفاق المنحلة الشيخ علي سلمان واثنين آخرين غيابياً في القضية المعروفة بـ”تخابر قطر”،[165] حيث ألغت حكم محكمة الدرجة الأولى بالبراءة للمتهمين.[166] وقد استنكرت قطر زج اسمها في خلافات البحرين الداخلية، لترد بعدها الخارجية البحرينية برفضها إساءة قطر لنزاهة القضاء البحريني واستمرار قطر في التدخل.[167] وقد استنكرت منظمة العفو الدولية الحكم، وادعت بأن الأدلة التي استندت عليها المحاكمة مسيسة، نظراً لاعتمادها على محادثات بين سلمان ورئيس الوزراء القطري الذي مثل حلقة وساطة بين المعارضة والحكومة البحرينية إبان احتجاجات 2011 بدعم أمريكي وبمعرفة من الحكومة البحرينية.[168]
التطبيع مع الكيان الصهيوني
رسمياً، لا توجد علاقات دبلوماسية بين البحرين والكيان الصهيوني. ومازالت المملكة تتبنى المبادرة العربية التي أطلقها الملك السعودي الراحل عبدالله بن عبدالعزيز عام 2002 والقاضية بضرورة اعتراف الكيان بدولة فلسطينية مستقلة على أساس حدود العام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، أي على أساس حل الدولتين.[169]إلا أن ما يصدر عن بعض الأشخاص والجمعيات المحسوبين على الحكومة، والتصريحات الودية لمسؤولين صهاينة، قد أدى بالبعض وبالذات وسائل الإعلام المحسوبة على المعارضة إلى التكهن بوجود نية مضمرة لتطبيع العلاقات في الأجل المنظور.[170]
ففي أوائل شهر مايو، رحب المتحدث باسم رئيس الوزراء الصهيوني أوفير جندمان بمشاركة فرق البحرين والإمارات للدراجات الهوائية في “طواف إيطاليا للدراجات الهوائية 2018″، التي انطلقت من مدينة القدس المحتلة.[171] وبعدها بأيام صرحت وكالة أسوشيتد برس بأن رئيس وزراء الكيان نتنياهو وزوجته قد شاركا في لقاء سري وعفوي “عن طريق الصدفة” في مأدبة عشاء بالعاصمة الأمريكية واشنطن مع السفير البحريني والسفير الإماراتي.[172]وفي نفس الشهر استضافت السفارة البحرينية في واشنطن مائدة إفطار رمضانية شاركت فيها صحيفة هآرتس العبرية، وكان من بين المتحدثين بالمأدبة رجلا دين أمريكيان يدعمان الكيان.[173]
وبعدها بأيام شارك وفد صهيوني في الاجتماع الثاني والأربعين للجنة التراث العالمي الذي تنظمه منظمة التربية والثقافة والعلوم التابعة للأمم المتحدة (اليونسكو) بدعوة من الحكومة البحرينية بالعاصمة المنامة أوائل شهر يوليو. ونجح السفير الصهيوني بإقناع السلطات البحرينية بعدم بحث المقترح الفلسطيني المتعلق بقطع الصلة الثقافية بين الكيان من جهة ومدينتي الخليل والقدس الفلسطينيتين من جهة أخرى نقلاً عن القناة السابعة الصيهونية.[174]
وفي أواخر شهر أكتوبر في منتدى حوار المنامة، الذي ينظمه معهد IISS للاستراتيجية الدولية سنوياً لمناقشة القضايا الأمنية والسياسية بمنطقة الشرق الأوسط مع كبار المسؤولين الرسميين، أشاد وزير الخارجية البحريني خالد بن أحمد آل خليفة بـ”حكمة السلطان قابوس”، في إشارة إلى زيارة رئيس الوزراء الصهيوني إلى سلطنة عُمان ومقابلته السلطان،[175] وبعدها بأيام قليلة صرح وزير الخارجية بأن نتنياهو يمتلك “موقفاً واضحاً لأهمية استقرار المنطقة”[176]، وقد تكررت التغريدات المتعلقة بذلك اكثر من مرة. [177]
ثم نشرت صحيفة “يديعوت أحرنوت” العبرية خبر قيام مداولات سرية بين الجانبين البحريني والصهيوني للإعلان عن قيام علاقات علنية بحلول نهاية العام المقبل وزيارة رئيس وزراء الكيان للمملكة كثاني دولة عربية بعد سلطنة عُمان.[178] ثم نشرت الصحيفة في يوم آخر خبر دعوة الخارجية البحرينية لوزير الاقتصاد الصهيوني إيلي كوهين لحضور مؤتمر اقتصادي مطلع العام القادم،[179] لكن وزير الخارجية البحريني نفى تلك الزيارة في تغريدة له، مضيفاً أنه لن يتردد بالتصريح بذلك في حال وقوعها.[180] وعلى المستوى الشعبي، لم يتم تسجيل في 2018 ردات فعل قوية موازية لهذا التقارب مقارنةً بالسنوات الماضية، فيما عدا خروج بعض المسيرات من قبل الجماعات المؤيدة للمعارضة للتنديد بالتقارب البحريني الصهيوني في عدد من المناطق،[181] واستنكار “جمعية مناصرة فلسطين” زيارة الوفد الصهويني لمؤتمر اليونسكو،[182] وإطلاق 15 مؤسسة مجتمع مدني بحرينية “المبادرة الوطنية لمناهضة التطبيع مع العدو الصهيوني” في مقر “الجمعية البحرينية مقاومة التطبيع مع العدو الصهيوني”، استهجاناً “للصمت الرسمي الغير مبرر تجاه المبادرات التطبيعية الأخيرة” ورفضًا للزيارة المرتقبة لوفد صهيوني للمملكة، على الرغم من عدم وضوح معالم هذه المبادرة وتأثيرها.[183] كما نظمت جمعية التجمع القومي الديمقراطي ندوة بعنوان “صفقة القرن والتطبيع مع الكيان الصهيوني” في شهر نوفمبر دون ظهور أي معالم للتخطيط أو التحرك ضد خطوات التطبيع.[184]
خاتمة
كان عام 2018 حافلاً في الساحة السياسية البحرينية، تخلله تغير في موازين القوة صمن متخذي القرار ظهرت تداعياته الى العلن، واستقطاب فيما بين الحكومة والمعارضة في خضم انعقاد الانتخابات النيابية. واجمالاً، لم يبرز على الأفق بوادر لحل الازمة السياسية المتواصلة منذ 2011 على الأقل، في مقابل تواصل لجوء الدولة الى الخطوات الأمنية كسحب الجنسية والاحكام القضائية. وإذا ما اضيف الى ذلك عمق الازمة المالية التي أصبحت واقعاً حاداً يواجه ميزانية البلاد، فيبدو الأفق البحريني مليئاً بالتحديات المفصلية التي لن تنحصر تداعياتها ضمن شواطئ المملكة فقط، بل ستلقي بظلالها على دول مجلس التعاون ككل.
لقراءة الجزء التالي من الاصدار
لقراءة النسخة الكاملة من الاصدار (PDF)
لعرض قائمة المحتوى للاصدار
< https://www.alayam.com/alayam/economic/744134/News.html >.