د. محمد ابو النواعير
ما لا يعلمه اغلب او (كل) العراقيين، ان هناك نسقين سياسيين (واقعيين) من الحكم يمكن لها تشتغل في العراق، وهي تنطبق عليه في كل زمن، وليس بالضرورة ان تكون محصورة بزماننا الراهن، وبصرف النظر عن مؤثرات القوة او النفوذ الاقليمي او الدولي الضارب باطنابها في مجرى الحدث السياسي في هذا البلد.
النسق الاول هو النمط الدكتاتوري، وهو نسق يقوم على ارادة واحدة، ترسم وتشرع وتنفذ ما تريده، دون وجود جهات صراعية تصطدم بها، وغالبا ما تنحصر فواعل السلطة والحكم والتأثير ، بيد جهة او شخص واحد، لا يمكن لاي قوة او جهة ان تخرج عن ارادته.
النسق الثاني، هو النمط الديمقراطي (شكلا)، وهو عبارة عن توزع مصادر القوة (power) السياسية والاقتصادية، وما يلحقها من تمثيلات بشرية شعبية، على اطراف متعددة، تكون متساوية تقريبا في حيازتها على ميكانيزمات الوجود والبقاء، وتكون عادة في حالة صراع وتنافس مستمر فيما بينها، وهنا يكون النفوذ متوزعا على اجزاء السلطة بشكل تمثيلي ظاهري فقط، ولا يمكن لاي قوة او جهة او فرد ان يخرج عن ارادتها. !
المعنى :
كل، وأؤكد (كل)، الشخصيات التي تمارس الحكم والسلطة في العراق (اداريا)، ستكون شخصيات تمثيلية لتلك الانساق المتصارعة، وان لم تكن تمثيلية لها، فهي ستكون غير قادرة عن الخروج (واقعيا) عن ارادات تلك الانساق، والسبب ببساطة: لأن هذه الانساق المتصارعة، تمتلك كل مقومات القوة والنفوذ، وجزء لا بأس به من التأييد الجماهيري، الذي يعينها على الحفاظ على هيكلية (ولو جزئية) للحكم.
النتيجة:
من الغباء التام الشامل، البحث عن شخص (فرد) منقذ، يستطيع ان يمارس السلطة بشكل مستقل عن تأثير تلك الأنساق المسيطرة، وهذا هو الواقع الذي يجب ان نتأقلم مع ايجابياته، ونحارب سلبياته.
فالتعويل كثيرا على شخص معين بحجة انه نزيه وشريف واداري ناجح و(يفتهم بالسياسة كلش)، ستكون عبارة عن سراب، يبعد العقول النخبوية الواعية، عن التفكير بواقعية سياسية، وبُعدها عن الواقع هذا، سيقودها الى نوع من انواع التخبط القسري المزمن، الذي سيحولهم دوما الى اسطوانات شكوى وعويل ونعيق.
دكتوراه في النظرية السياسية/ المدرسة السلوكية الأمريكية المعاصرة في السياسة
.
المصدر: عبر منصات التواصل للمركز