د.رعد جبارة
الأمين العام
للمجمع الدولي للقرآن
انتهى للتوِّ شهر رمضان، و كثيرٌ من المسلمين ختموا فيه تلاوة القرآن، و لو مرة واحدة.لكن قليلين منهم قرأوه بتدبّر وتريّث وتفكّر في معانيه، و تسليماً لأوامره واجتناباً لنواهيه،وهذا عمل لا ينفع هولاء في الدنيا ولا في الآخرة،إذ ليست التلاوة بحد ذاتها هدفاً ولا إتمام الختمة القرآنية لوحده _قراءةً باللسان فقط_ مجدية،إن لم يكن معها تدبّرٌ وتفكّرٌ ،وتجسيدٌ وتطبيق.لنأخذ مثلاً:
في الرواية:
عن إسحاق بن غالب قال:
قال أبو عبد الله الصادق (عليه السلام):
يا إسحاق!
كم ترى أهل هذه الآية: *{وَ مِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقاتِ فَإِنْ أُعْطُوا مِنْها رَضُوا وَ إِنْ لَمْ يُعْطَوْا مِنْها إِذا هُمْ يَسْخَطُونَ} «58/التوبة».*
قال: ثم قال: هم أكثر من ثلثي الناس).
📓الكافي/ الكليني/ ج ٢/ص ٤١٢ .
🪷وفي روايةٍ أبي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ في الصحيحين : قال: بَيْنَا نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ (ص) وَهُوَ يَقْسِمُ قَسْمًا،إذ أَتَاهُ *ذُو الْخُوَيْصِرَةِ، وَهُوَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ،* فَقَال: يَا رَسُولَ اللهِ، اعْدِلْ، قَالَ رَسُولُ اللهِ ص: وَيْلَكَ وَمَنْ يَعْدِلُ إِنْ لَمْ أَعْدِلْ؟ قَدْ خِبْتَ وَخَسِرْتَ إِنْ لَمْ أَعْدِلْ. فَقَالَ (صحابي) : يَا رَسُولَ اللهِ، ائْذَنْ لِي فِيهِ أَضْرِبْ عُنُقَهُ، قَالَ رَسُولُ اللهِ ص: دَعْهُ فَإِنَّ لَهُ أَصْحَابًا يَحْقِرُ أَحَدُكُمْ صَلاتَهُ مَعَ صَلاتِهِمْ، وَصِيَامَهُ مَعَ صِيَامِهِمْ، *يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ، لا يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ،* يَمْرُقُونَ مِنَ الإِسْلامِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ].
الصحيحان في اصطلاح علماء الأحاديث هما «صحيح البخاري» الذي جمعه محمد بن إسماعيل البخاري (المتوفى: 256 هـ)، و«صحيح مسلم» الذي جمعه مسلم بن الحجاج النيسابوري (المتوفى: 261 هـ) ولا ندعي أن كل ما يحتويان صحيح .
استوقفتني عبارة [ يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ، لا يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ] وأفزعتني،نعوذ بالله أن نكون ممن يقرأون القرآن بصوت جميل وترانيم لطيفة بيد أنه لايجاوز تراقيهم، لأنهم لايعملون بأوامره ونواهيه.
اللهم وفّقنا لخدمة كتابك وتطبيق مضامينه السامية،بإخلاص،قولاً و أخلاقاً وعملاً.إذ؛
*{إنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ “يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ” أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا}* [۹-الإسراء].
.
المصدر: عبر منصات التواصل للمركز