غريغورس بيشكو
وتنشأ المشكلات الرئيسية ذات الصلة بالنظافة الصحية في مرحلة الاستهلاك وفي المراحل النهائية أثناء جمع النفايات البلاستيكية وفرزها قبل أن يعاد تدويرها.
و
ووقعت سلاسل الإمداد تحت ضغط تلبية الطلبات المتصاعدة بشدة على مواد التغليف والتعبئة والمستلزمات الطبية ذات الاستخدام الواحد. وأقدمت حكومات عدة، مثل تاميل نادو في الهند، على تعليق حظر استخدام الزجاجات والأكياس البلاستيكية ذات الاستخدام الواحد بمتاجر التجزئة. كما قامت المملكة المتحدة بتعليق الرسوم المفروضة على الأكياس البلاستيكية للطلبات الموصلة عبر الإنترنت، وأرجأت إسكتلندا تطبيق نظام إعطاء حوافز نقدية نظير إرجاع المواد البلاستيكية. وحظرت عدة سلاسل للأغذية السريعة والبيع بالتجزئة، مثل ستاربكس، استعمال الأكواب وحاويات الطعام القابلة لإعادة الاستخدام. وفي الولايات المتحدة، أرجأت ولاية مين فرض حظر الأكياس البلاستيكية، في حين حظرت نيوهامشير ومدينة كمبريدج، بولاية ماساتشوستس، الأكياس القابلة لإعادة الاستخدام أثناء فترة تفشي الفيروس وألزمت متاجر التجزئة باستعمال الأكياس الورقية أو البلاستيكية ذات الاستخدام الواحد. وهذه التدابير كلها، وإن كانت مؤقتة، إلا إنه لا يعلم مداها الزمني، في ظل استمرار القلق المحيط بالمخاوف الصحية مذكياً لها؟ من ناحية أخرى، اغتنمت مجموعات المصالح في المنتجات البلاستيكية بالولايات المتحدة الفرصة مدعية أن من المزايا الراسخة لمنتجات البلاستيك ذات الاستخدام الواحد تقليلها من المخاوف بشأن النظافة الصحية وإطالتها لعمر تخزين المنتجات الزراعية الطازجة. وأشار المكتب الاستشاري وود ماكنزي إلى أن اللوائح الصارمة بشأن العبوات، التي طبقتها الصين في إطار التصدي لفيروس كورونا، من شأنها أن تزيد الطلب على العبوات المرنة، التي تصنع عادة من البلاستيك.ولا تزال هذه التراجعات، حتى الآن، ضمن دائرة الاستثناءات، ولم ترق إلى مستوى القاعدة؛ فهناك المئات من سلطات الاختصاص، التي فرضت حظراً أو رسوماً على العبوات البلاستيكية ذات الاستخدام الواحد، على مستوى العالم، مستمرة في سياساتها. ومن بين هؤلاء، في أفريقيا، بوروندي وكينيا ورواندا وتنزانيا، في حين حظرت أوغندا استعمال الأكياس البلاستيكية في أواخر فبراير/شباط، جنباً إلى جنب مع فرض تدابير لاحتواء فيروس كورونا. ودخل الحظر الذي فرضته ولاية نيويورك، على استخدام الأكياس البلاستيكية ذات الاستخدام الواحد حيز النفاذ في الأول من مارس/آذار، وإن تأجل تطبيقه إلى 15 مايو/أيار. ولم يكن ذلك تجاهلاً للمخاطر الصحية، ولكنه محاولة لمواجهة الأزمة الصحية العاجلة دون خلق مشكلة أخرى في المستقبل؛ ولذلك، توصي هذه الجهات باتخاذ احتياطات صارمة، مثل غسل الأيدي وتطهير الأكياس معادة الاستخدام.
وتتوقع مؤسسة بلومبرغ لتمويل الطاقة الجديدة (BNEF) أن تؤدي المخاوف بشأن نظافة المواد الغذائية من جراء تفشي فيروس كورونا إلى زيادة كميات المواد البلاستيكية مثل تلك المستخدمة في المستلزمات الطبية ومواد التعبئة، مشيرة إلى أن هذا الارتفاع المفاجئ في الطلب على البلاستيك، سيكون مؤقتاً، ومن غير المفترض أن يتسبب في تغيير الأهداف طويلة الأجل الرامية إلى التحول إلى اقتصاد إعادة تدوير. ووفقاً لتصور الكُتاب، سيشهد المستقبل استمراراً في إعادة استخدام جميع المواد البلاستيكية أو إعادة تدويرها، إلا إنه سيتعين تداول النفايات الطبية البلاستيكية بشكل مستقل عن سائر النفايات البلدية.
- معالجة الحواجز النفسية والسلوكية، مثل التصور بأن المنتجات معادة الاستخدام أو معادة التدوير غير نظيفة صحياً. فالعادات التي نشأت تحت وطأة الظروف الضاغطة، وما ترتب عليها من انعدام في الثقة، من شأنها أن تدوم لمدة طويلة بعد زوال مصدر الضغط. ويلفت الخبير الاقتصادي الحائز على جائزة نوبل، دانييل كانيمان، النظر إلى أن أمام الناس فرصة سانحة ”للتروي في التفكير“ وتحمل مسؤولية الآثار المترتبة على اختياراتنا الاستهلاكية والسلوكية. ومن ذلك، تحديد المواد البلاستيكية والعبوات التي ”نحتاجها“ بالفعل وتلك التي يمكننا العيش بدونها.
- تصميم يراعي النظافة الصحية وإمكانية إعادة التدوير. من الممكن بكل سهولة غسل العبوات والحاويات وتطهيرها من أجل استخدامها وإعادة تعبئتها مرات متعددة. وربما أدى ذلك إلى تفضيل استخدام بدائل البلاستيك، مثل الزجاج والمعادن، أو التحفيز على ابتكار جيل جديد من البنود البلاستيكية القابلة لإعادة الاستخدام. ومن الممكن تجاوز نسبة إعادة تدوير البلاستيك الحالية، التي تبلغ 10%، إذا كانت معظم العبوات البلاستيكية والمنتجات الاستهلاكية مصنعة من جزيئات أبسط وأكثر تجانساً. فالغالب على المستهلكين حالياً اختيار المنتجات البلاستيكية الجذابة المحتوية على ملوِّنات وملدنات ضارة، والتي تعد أكثر تكلفة في إعادة تدويرها، وتشكل نفايات أكثر خطورة.
- إعداد نماذج عمل جديدة لجمع النفايات البلاستيكية وفرزها. فتلك هي العوائق الحرجة التي تواجه اقتصاديات إعادة التدوير الميكانيكي لدى شركات إعادة التدوير، فضلاً عما يمكن أن تسببه من التعرض للملوثات. ومن الممكن صياغة مبادرات محلية تعيد بناء الثقة في سلامة النفايات المفروزة، وتجهز إمدادات نظيفة ومتجانسة من البلاستيك لشركات إعادة التدوير.
- تطوير تقنيات جديدة لإعادة تدوير المواد البلاستيكية المختلطة. من المفارقات أن الطلب على المواد البلاستيكية المعاد تدويرها يفوق العرض بدرجة كبيرة، في العديد من بلدان منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي. وتصلح التقنيات الحالية لإعادة التدوير الميكانيكي لنسبة صغيرة من المواد البلاستيكية، خاصة زجاجات المياه المصنعة من البولي إيثيلين تريفثالات (التي تحمل الرمز ’1‘)، والحاويات الأكثر صلابة المصنوعة من البولي إيثيلين عالي الكثافة (التي تحمل الرمز ’2‘)، إلا إنها لا تصلح للإمدادات المتألفة من الأكياس، أو الأغشية، أو الحقائب، أو الحاويات متعددة الطبقات، أو الألياف التركيبية. وهناك تقنيات ناشئة، مثل التعلم الآلي في مجال الفرز أو إعادة التدوير الكيميائي، تبشر بقدرتها على استخراج راتنجات عالية الجودة من النفايات البلاستيكية المختلطة. فإعادة التدوير الكيميائي عملية محفوفة بالمخاطر، ولا يمكن تطبيقها إلا في حالة عدم توافر بدائل أخرى أكثر استدامة، مع وجود أنظمة إدارة بيئية قوية.
- وضع سياسات جديدة محفزة تشجع على إعادة التدوير. فمثلما أدت رسوم إلقاء النفايات في المدافن الصحية إلى تحفيز الطلب المبدئي على إعادة التدوير في الماضي (على الأقل في البلدان التي تمكنت من فرض حظر على إلقاء النفايات بشكل غير قانوني)، فإن التوسع في استخدام الحلول البلاستيكية المستدامة سوف يتطلب موجة جديدة من المنبهات السلوكية، والملصقات، والمعايير، والضرائب/الرسوم على المنتجات البلاستيكية التي تستخدم الحبيبات البكر، وذات التكلفة الباهظة في إعادة التدوير، والتي تتسبب في مخاطر بيئية وصحية. كما يمكن أن تتضمن خطط البلدان للتعافي فيما بعد انتهاء تفشي فيروس كورونا إقامة استثمارات تكاملية بين القطاعين العام والخاص في مجال البنية التحتية المادية للفرز.
رابط المصدر: