سايمون هندرسون
من المرجح أن يُثبت هجوم السابع من آذار/مارس على البنية التحتية النفطية حول مدينة الدمام السعودية أنه مصدر إزعاج فعلي للبيت الأبيض برئاسة بايدن. فقد وقع الهجوم بالتزامن مع قيام قاذفتين استراتيجيتين من طراز “بي 52” برحلة ذهاب وإياب إلى الخليج، لردع العدوان الإيراني كما يفترض. وقد تراجع الاستعداد لمواجهة إيران بسبب رغبة الإدارة الأمريكية في الدخول في محادثات نووية.
متى يُعتبر هجومٌ فاشل بتحريض إيراني على منشآت نفطية سعودية مشكلة؟ الجواب: عندما تحاول إدارة جديدة في واشنطن الابتعاد عن الشرق الأوسط وتقلّل اعتمادها على النفط.
أي، بعبارة أكثر إيجازاً، ولكن باللغة الاصطلاحية، عندما تكون الأسعار عالية.
في عام 2019، استهدفت الصواريخ والطائرات المسيرة الإيرانية محطة سعودية لمعالجة النفط في بقيق، حيث تتم تنقية النفط الخام مبدئياً لكي يمكن تحميله في الناقلات. وتميّز ذلك الهجوم بدقة مذهلة أدت إلى خفض الصادرات السعودية مؤقتاً إلى النصف. أما الهجوم على البنية التحتية النفطية حول مدينة الدمام الساحلية في السابع من آذار/مارس، فيبدو أنه أصاب خزان نفطٍ واحد فقط، بينما لم يصاب مرفأ تصدير النفط القريب بضرر، وهو الذي يصدّر 15 في المائة من الإمدادات العالمية.
وبالطبع، هذه المرة كما في المرة السابقة، كانت بصمات المسؤولية الإيرانية ضبابيةً بعض الشيء. ورغم أن قوات الحوثيين التي تسيطر على اليمن تبنّت الهجوم، إلا أن الصدق ليس من شيمها. ومن المفترض أن تصبح الأمور أكثر وضوحاً في غضون يوم واحد أو نحو ذلك.
ومن المعتاد في مثل هذه الظروف أن يتمثل رد فعل معيار سوق النفط في ارتفاع الأسعار، على الأقل في البداية. وفي الثامن من آذار/مارس، تجاوز السعر 70 دولاراً. وفي حين تراجعت الأسعار بسرعة في عام 2019، إلا أن أي تعافٍ هذه المرة، على الأقل بالنسبة للمستهلكين، سيكون على الأرجح أكثر بطئأ. فالزيت الصخري الأمريكي لم يعد يتوفر بسرعة لتهدئة توجهات السوق، كما أن السعوديين صرحوا الأسبوع الماضي إنهم سيواصلون خفض الإنتاج بمقدار مليون برميل يومياً، بهدف إبقاء الأسعار مرتفعة وزيادة عائداتهم.
وبالنسبة للبيت الأبيض برئاسة بايدن، من المرجح أن يُثبت هجوم السابع من آذار/مارس أنه مصدر إزعاج فعلي. فقد وقع الهجوم الإيراني بالتزامن مع قيام قاذفتين استراتيجيتين من طراز “بي 52” برحلة ذهاب وإياب تم الإعلان عنها جيداً إلى الخليج، لردع العدوان الإيراني كما يفترض. وقد تراجع الاستعداد لمواجهة إيران بسبب رغبة الإدارة الأمريكية في الدخول في محادثات نووية. ويعني ارتفاع أسعار النفط المزيد من العائدات من صادرات طهران التي تناقصت ولكنها لا تزال كبيرة. ووفقاً لبعض التقارير، تتوجه كمية قياسية منها إلى الصين.
وربما يتذكر المسؤولون ذوو المعرفة الواسعة بحكم القراءة جواب أحد رؤساء الوزراء البريطانيين حين سئل عن المشكلة الأكثر إثارة للقلق لديه. وأجاب هارولد ماكميلان، الذي شغل هذا المنصب في الفترة من 1957 إلى 1963: “الأحداث، أيها الفتى العزيز، الأحداث”. (يبدو الجواب أقل استعلاءً باللهجة البريطانية).
وبالطبع، سبق أن أثرت الأحداث على السياسة الإيرانية، وهذا ما يتضح من الضربة الجوية التي استهدفت الأسبوع الماضي المقاتلين الشيعة في سوريا رداً على الهجمات التي تعرضت لها القوات الأمريكية في العراق. ويعلم البنتاغون جيداً أنه “ليست هناك خطة تصمد بعد الاحتكاك بالعدو” – وهي مقولة منسوبة إلى قائد عسكري بروسي من القرن التاسع عشر.
لكن استمرار الشرق الأوسط في التسبب بالصداع لواشنطن شيء، وارتفاع سعر النفط في المحطات شيءٌ آخر. ومن المفترض في النهاية أن يُستأنف إنتاج النفط، بما في ذلك النفط الصخري الأمريكي، ويخفف من حدة الأوضاع. إلّا أن ذلك يتزامن أيضاً مع تعافي الاقتصاد العالمي بعد جائحة “كوفيد-19″، الأمر الذي سيؤتي بتأثيرات معاكسة.
فما الذي يمكن فعله؟ الجواب البديهي هو الطلب من السعوديين التوقف عن خفض الإنتاج. لكن الشخص الذي يتعين على البيت الأبيض التحدث معه بهذا الشأن هو الحاكم الفعلي، أي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان. وهذا هو الشخص الذي لا يتعامل معه الرئيس بايدن بسبب مجموعة كبيرة من المشاكل، من بينها مقتل الصحفي المعارض جمال خاشقجي.
رابط المصدر: