- فلاديمير فان ويلجنبرغ
- غونول تول
- دانا سترول
“في 23 كانون الثاني/يناير، خاطب كل من فلاديمير فان ويلجنبرغ، غونول تول، و دانا سترول منتدى سياسي في معهد واشنطن. وفان ويلجنبرغ هو محلل سياسي ومؤلف مشارك للكتاب الذي صدر في عام 2019 بعنوان “أكراد شمال سوريا: الحكم والتنوع والصراعات”. وتول هي المديرة المؤسسة لـ “برنامج الدراسات التركية” في “معهد الشرق الأوسط “وأستاذة مساعدة في “جامعة جورج واشنطن”. وسترول هي “زميلة كاسين” في “برنامج غيدولد للسياسة العربية” في معهد واشنطن؛ وعملت أيضاً كرئيسة مشاركة لـ “مجموعة دراسة سوريا” للحزبين الديمقراطي والجمهوري في العام الماضي. وفيما يلي ملخص المقرر لملاحظاتهم”.
فلاديمير فان ويلجنبرغ
لا يزال الوضع في شمال شرق سوريا متوتراً، حيث تعمل وحدات مسلحة من الولايات المتحدة وروسيا وتركيا و «قوات سوريا الديمقراطية» ذات القيادة الكردية على مقربة من هذه المنطقة. ومنذ أن أطلق الرئيس رجب طيب أردوغان حملة التوغل في تشرين الأول/أكتوبر، فرضت تركيا سيطرتها على مساحة صغيرة من الأراضي بين تل أبيض ورأس العين على طول الحدود الشمالية. ومن جهتهما، لا تزال «قوات سوريا الديمقراطية» و”الإدارة الذاتيّة لشمال وشرق سوريا” تسيطران على معظم الأراضي في شمال شرق البلاد، كما تواصل هذه الأخيرة عملياتها بشكل فعال رغم الوضع الاقتصادي والأمني المتأزم في المناطق المتنازع عليها.
وفي الوقت نفسه، يسعى قادة «قوات سوريا الديمقراطية» للحصول على اعتراف من قبل نظام الأسد في دمشق. وعلى وجه التحديد، أعربوا عن دعمهم لفكرة دمج مقاتليهم الذي يتجاوز عددهم 80 ألف مقاتل في الجيش السوري مقابل منح النظام وضعاً خاصاً لكل من«قوات سوريا الديمقراطية» و”الإدارة الذاتيّة لشمال وشرق سوريا”. لكن النظام رفض هذا الطلب، ودعا بدلاً من ذلك القبائل العربية إلى وقف دعم «قوات سوريا الديمقراطية» الكردية / العربية المختلطة.
وعلى الصعيد العسكري، يفتقر النظام إلى ما يكفي من القوات لاستعادة المنطقة ذات الحكم الذاتي، حتى في ظل الدعم الجوي المقدم من روسيا. ورغم قرار الرئيس ترامب بسحب قواته جزئياً من سوريا، لا تزال القوات الأمريكية موجودة في شمال شرق البلاد، وخاصةٍ في محافظة الحسكة ودير الزور. وتستفيد «قوات سوريا الديمقراطية» من الدعم الأمريكي، ليس فقط في مجال مواصلة الحرب ضد تنظيم «الدولة الإسلامية»، ولكن أيضاً في معادلة الضغوط الروسية. فضلاً عن ذلك، يساعد الوجود الأمريكي هذه القوات على الاحتفاظ بمعبر فيشخابور قرب الحدود العراقية؛ وهذا يتيح لها تبادل الإمدادات الطبية والمواد الغذائية والنفط وفي الوقت نفسه تمكين المنظمات الدولية والصحفيين من دخول منطقة الحكم الذاتي. ونتيجةً لذلك، لا يزال الأداء الاقتصادي في المناطق الخاضعة لسيطرة «قوات سوريا الديمقراطية» يتفوق على ذلك المسجل في المناطق الخاضعة لسيطرة النظام.
وخلال الفترة القادمة، يخشى الكثيرون من أن تتسبب مساعي تركيا لإعادة ملايين اللاجئين إلى سوريا في تغيرات ديمغرافية كبيرة في شمال شرق البلاد، بما أن أغلبية هؤلاء الأشخاص المشردين ينحدرون أساساً من أجزاء أخرى من سوريا. وقد يرغم نظام الأسد العائدين على البقاء في منطقة آمنة يتم إنشاؤها في شمال شرق البلاد، على الرغم من الدعم الدولي المحدود لخطة إعادة التوطين هذه. علاوةً على ذلك، واستناداً إلى «قوات سوريا الديمقراطية»، فإن بعض الأفراد الذين عادوا إلى المناطق الخاضعة للسيطرة التركية في شمال شرق سوريا هم من العناصر السابقين في تنظيم «الدولة الإسلامية».
غونول تول
لم يتغير الوضع الراهن في شمال شرق البلاد بشكل كبير منذ التوغل التركي في العام الماضيKعلماً بأن تلك الحملة كانت تشمل ثلاثة أهداف: إنشاء منطقة آمنة تمتد على طول الحدود مع العراق، إعادة توطين ملايين اللاجئين السوريين في تلك المنطقة وإلغاء وجود «وحدات حماية الشعب» الكردية على حدود تركيا. وحتى الآن، فشلت أنقرة في تحقيق العديد من أهدافها.
أما في الغرب، فيبقى الاستحواذ على إدلب إحدى أولويات تركيا الأمنية الأخرى. لكن أردوغان سيحتاج إلى دعم روسيا وموافقتها قبل التحرك ضدّ ذلك الجيب الخاضع لسيطرة المتمردين. كما أن أنقرة مترددة في تنفيذ المزيد من العمليات عبر الحدود في الوقت الحالي خوفاً من فرض عقوبات أمريكية.
ومحلياً، لم يعد أردوغان يتناول الموضوع السوري منذ الفشل الذريع للتوغل العسكري الذي انطلق في تشرين الأول/أكتوبر. وخلال الفترة التي سبقت تلك العملية، كان يواجه ردود فعل قومية ساخطة إزاء الوجود المطوّل لأكثر من 4 ملايين لاجئ سوري في تركيا. كما شعر بالتهديد جراء تنامي القدرة السياسية لأكراد تركيا، ولا سيما بعد أن تكبّد حزبه ثمناً باهظاً بسبب دعمهم للمعارضة في الانتخابات المحلية في آذار/مارس الماضي. وقد أدّت به هذه الضغوط ونقاط الضعف إلى التركيز على السياسة الخارجية كوسيلة لتحريك مشاعر قاعدته الانتخابية – وبالفعل، حصد التوغل دعماً واسع النطاق من الشعب التركي عند إطلاقه. وبعد أن أصبحت خياراته في سوريا محدودة، تحوّل إلى ليبيا باعتبارها جبهة أخرى للتدخل في الخارج وسط تأجيج المشاعر القومية في بلاده.
دانا سترول
عندما تم نشر تقرير “مجموعة دراسة سوريا” المكلّفة من قبل الكونغرس الأمريكي في أيلول/سبتمبر الماضي، أكّد على أهمية البلاد بالنسبة للولايات المتحدة باعتبارها رابطاً جيواستراتيجياً لعدد من التهديدات الإقليمية – وخاصةٍ التوسّع الإيراني والوجود المستمر لتنظيمي «الدولة الإسلامية» و «القاعدة» وتدخل روسيا الجريء في الشرق الأوسط. وفي ذلك الحين، دعت التوصيات الرئيسية لمجموعة الدراسة إلى الاستفادة من النفوذ الأمريكي لتسهيل تطبيق عملية سياسية في سوريا. ويتيح هذا النفوذ اتخاذ عدة تدابير محتملة: حرمان نظام الأسد من مساعدة هو في أشدّ الحاجة إليها لإعادة الإعمار ومن الاعتراف الدبلوماسي به؛ وفرض عقوبات اقتصادية متشددة؛ واستغلال «قوات سوريا الديمقراطية» والتواجد العسكري الأمريكي في شمال شرق سوريا لممارسة الضغوط على النظام. وعلى الرغم من علاقات واشنطن المعقدة مع أنقرة وموسكو، لا يزال بإمكانها لعب دور مهم في رسم معالم مستقبل سوريا.
وتبقى «قوات سوريا الديمقراطية» الشريك الرئيسي للولايات المتحدة في سوريا. فالوجود العسكري الأمريكي المحدود شمال شرق البلاد نجح في توفير الإرشاد والدعم المهمّين لـ «قوات سوريا الديمقراطية» في محاربتها تنظيم «الدولة الإسلامية»، ولكن بتكلفة بشرية ومالية منخفضة نسبياً. على الولايات المتحدة الآن استغلال هذه العلاقة لمساعدة القوات على الانتقال من مرحلة القتال إلى الحكم. غير أن قرار خفض الوجود الأمريكي قوّض الثقة محلياً بقدرة أمريكا على حماية حلفائها الإقليميين. وهذا ما يهدد بدوره بتقويض نفوذ واشنطن ويلهم الجهات الفاعلة المؤذية على توسيع نفوذها في سوريا.
في غضون ذلك، سعت روسيا لإقناع دول الخليج العربي باستعادة العلاقات الدبلوماسية والتجارية مع نظام الأسد. فمشاريع إعادة الإعمار المربحة المحتملة في سوريا تجذب هذه الحكومات التي يبدو أنها تتجه نحو تطبيع شامل مع دمشق. ونظراً إلى اتساع نطاق العقوبات الأمريكية على الأفراد والكيانات المرتبطين بإيران وروسيا وتركيا، على واشنطن تحديد ما إذا كانت ستفرض عقوبات على الكيانات والأفراد الخليجيين الذين يقررون ممارسة أعمال تجارية في سوريا.
أعد هذا الملخص زياد بشلاغم
رابط المصدر: