روني جاكوبسون
يُنظر عادةً إلى الوعي الذاتي على أنه ميزة، فهو يساعدك عندما تُجري حوارًا قصيرًا مع أحد الأشخاص في حفلة، على معرفة متى يصبح كلامك مملًّا أو إن كنت تتحدث بصوتٍ عالٍ جدًّا. ومع ذلك فإن إدراكنا للانطباع الذي نتركه لدى الآخرين ربما لا يفيدنا مثلما يفيدهم.
أجرت عالِمة النفس إريكا كارلسون -من جامعة تورونتو ميسيسوجا- دراستين، وجعلت المشاركين بهما إما يجرون محادثة واحدة مختصرة مع شخص غريب أو يشاركون في لقاءات متعددة مع شخص مألوف. وقيَّم المشاركون بعضهم بعضًا من حيث مستوى الوعي الذاتي لديهم إلى جانب جودة العلاقة بشكل عام، وذلك عقب كل تفاعل. وفي دراستين أخريين، شارك فيهما أصدقاء مقربون، أتم المشاركون استبانات لدرجة الوعي الذاتي للصديق أو للشريك، ولتصورهم الشخصي لجودة العلاقة.
لطالما كان تناغُمُنا مع الصورة التي يرانا عليها الآخرون سلاحًا ذا حدّين. في جميع الحالات، فضَّل شركاء المحادثات بوجه عام الأشخاص الذين كانوا أكثر وعيًا بكيفية ترك انطباع ما، من دون تَجَمُّل؛ بينما أبدى الأشخاص الذين يتمتعون بقدر من الوعي الذاتي أنفسهم ردَّ فعل معاكسًا، إذ قلّ إعجابهم بالآخرين عندما شعروا بأنهم لم يتركوا انطباعًا جذابًا لدى الآخرين.
تتوافق النتائج مع أبحاث سابقة تشير إلى أن الناس يفضلون الصورة النموذجية من أنفسهم، والشعور بأن الآخرين يرصدون العيوب يُعَد أمرًا مُنَفِّرًا. تقول كارلسون: “ثمة بداهة شائعة بأنه من الجيد معرفة كيف يراك الآخرون، إلا أننا فوجئنا بأن هذا ليس صحيحًا في جميع الأحوال. إذ يبدو أن وعينا الذاتي يفيد حقًّا الأشخاص المحيطين بنا” أكثر مما يفيدنا شخصيًّا. فالوعي الذاتي يمَكِّننا من تعديل سلوكنا بناء على ملحوظات الآخرين، ولكنه لا ييسِّر بالضرورة التَّوَغُّل في العلاقات.
ففي الدراسة التي أُجريت على الشركاء، قارنت كارلسون بين إجابات استطلاع الرأي للأزواج الذين أمضوا معًا عامين في المتوسط مقابل الذين أمضوا عقودًا معًا. وبخلاف الأزواج في العلاقات الاجتماعية الأخرى، لم يصنف الازواج في العلاقات حديثة العهد علاقتهم بالجيدة إذا كان الشريك على قدر أعلى من الوعي الذاتي. أما الأزواج الذين قضوا عقودًا معًا وكان أحد طرفي العلاقة يتمتع بقدر أعلى من الوعي الذاتي، فقد قيموا علاقاتهم بأنها تتمتع بجودة عالية. وتقول نورا مورفي -المتخصصة في علم النفس التجريبي بجامعة لويولا ماري ماونت، التي لم تشارك في الأبحاث-: إن الدراسات “تُظهر أن السياق مهم”، تقول كارلسون: “يفضل دائمًا طرفا العلاقة الزوجية النظرة الوردية للحياة في البداية، ولكن هذا الأمر يتغير”. فعلى المدى البعيد يحتاج الشخص إلى أن يشعر بالتقدير لما هو عليه فعليًّا.
.
رابط المصدر: