هل تساءلت يومًا لماذا تشعر أن بعض الأشخاص يغمرونك بالطاقة الإيجابية بينما يسحب منك آخرون طاقتك؟ ربما ستستطيع معرفة السبب إذا أدركت ما هي مستويات الوعي المختلفة للإنسان وأين تقف في هذا السلم مختلف الدرجات.
قسّم الباحث النفسي الدكتور ديفيد هاوكينز الوعي في مقياس يبدأ من صفر حتى 1000 حيث يعتبر صفر هو أدنى درجات الوعي بينما 1000 هي أقصى حدود الوعي.
ما مقياس الوعي؟
يفسر هاوكينز الوعي على أنه مجموعة التصورات التي يتبناها الانسان عن السلوكيات البشرية وعن الحياة، ومن خلال تلك التصورات وتقييمها، تقاس درجة الوعي لدى الشخص. فإذا تم تقييم درجة وعي شخص أنها أقل من 200، فهو شخص سلبي ويعيش معاناة وحياته غير جيدة.
تشكل نسبة الأشخاص ذوي درجة وعي أقل من 200، 78 بالمئة من سكان العالم. بينما الأشخاص الذين يتمتعون بوعي أكثر من 200 على المقياس، فهم الإيجابيون والمرتاحون والذين ينجزون في حياتهم بشكل عام.
يتألف مقياس الوعي من 17 مستوى يبدأ بمستوى العار وينتهي بمستوى التنوير.
أين أنت على مقياس الوعي؟
يمكنك قياس وعيك ومعرفة مكانك من خلال الاستعراض التالي للمستويات المختلفة لمقياس الوعي ودرجاته:
مستوى الخزي والعار (20/1000)
هو المستوى الذي يشعر فيه الشخص بالخجل من نفسه ومن تفاصيله ككره الشكل والبيئة والأصل بالإضافة إلى الخوف بشدة من رأي الناس. كما يشعر الشخص بأنه عار على نفسه وعلى من حوله. ففي هذه الحالة، لا يوجد الوعي الكافي لدى الإنسان ليتحكم في تصوراته بل يتحكم فيه اللاوعي المختزن داخله مثل الرسائل السلبية من الأهل أو استهزاء الآخرين به، ويظل حبيس مشاعر اللاوعي ويكون وضع هذا الشخص خطيرا جدًا.
مستوى الذنب وجلد الذات (30/1000)
في هذا المستوى، تشعر بالندم والذنب عند فعلك لأي شيء أو قول أي كلمة وتتمنى أن تمحو ما فعلته. فحالة التأنيب المستمرة لنفسك، تجعلك منزويا عن الناس لأنك في خوف مستمر من القيام بأي فعل. وقد يصل الأشخاص في هذه المرحلة إلى مستوى العزلة الاجتماعية والمرض النفسي.
في هذا المستوى، يكون الشخص سجين ماضٍ مؤلم، لا يستطيع الخروج منه ولا يسامح نفسه عن أخطاء الماضي.
مستوى العجز (50/1000)
يتضخم فيه الشعور باليأس بسبب غياب أسباب الاستمرار وقد يكون هذا الشعور متعلقا بعدم جدوى الحياة بسبب فقدان الفرص أو عدم وجودها وغياب الأهداف الشخصية مما يدفع الشخص للشعور باللامبالاة بسبب غياب الدعم الاجتماعي. وعلى سبيل المثال، المشردون الذين تجدهم في الشوارع عالقين في هذا المستوى من الوعي.
مستوى الحزن (75/1000)
يعيش الشخص في هذا المستوى في دوامة من الغم والأسى والكآبة ويرى الحياة بمنظور أسود ولا يتوقع وجود أي أمل وقد يكون هذا بسبب صدمة كفقدان عزيز أو وفاة أحد أفراد الأسرة ولم يتمكن من الخروج من دوامة الفقد وهوله وطاب له البقاء في دائرة البكاء والحزن.
مستوى الخوف (100/1000)
تشعر في هذا المستوى بعدم الأمان وأن العالم غابة من الذئاب فترى أن الحياة كلها أشرار ويغيب عنها الأخيار. فإذا كنت تعاني من بناء علاقات ثقة مع من حولك، فأنت موجود في هذا المستوى.
مستوى الرغبة (125/1000)
وهذا المستوى يتعلق بإدمان الشخص برغباته وشهواته ويكون عبد لنزواته مثل المدمنون على التدخين والكحول والمخدرات وجمع الأموال. في هذا المستوى، يكون الشخص أمام خيارين: تستغل رغبتك القوية في تحقيق إنجازات إيجابية، أو لا يكون لديك القدرة على تحقيق تلك الإنجازات فتكبت رغبتك وعندها تنتقل إلى المستوى التالي: مستوى الغضب.
مستوى الغضب (150/1000)
ويكون بسبب عدم قدرة الشخص على تحقيق شهواته المكبوتة، على سبيل المثال: عدم قدرة الشخص على الحصول على المال للتفاخر به أو لا يملك المقومات لتحقيق الشهرة التي يحلم بها، وهنا يشعر الشخص بالغضب والرغبة في الانتقام. وقد يعلق الشخص في حفرة الكراهية والنقم على محيطه فيقلل من إنجازات الآخرين.
مستوى الكبرياء والكبر (175/1000)
وينتج عن تضخم “الأنا” شعور زائف بقيمة غير موجودة وسبب ذلك هو محاولة الشعور بالذات التي لم يتمكن من تحقيقها في الواقع حيث يتكبر الشخص بشيء لم يصنعه مثل وسامته أو جماله أو أصله. قد يدفع هذا الشعور الشخص لتحقيق شيء ما لاحقًا لأنه يشعر دائمًا أنه يكذب على نفسه أو قد يجعله في بحث مستمر عن أشخاص آخرين لممارسة فوقيته عليهم. وهذا المستوى صفة في شريحة كبيرة من المجتمع فيتعاملون بتعالٍ مع شريحة اجتماعية أخرى.
مستوى الاستكشاف (200/1000)
وهو أول مستوى إيجابي يخرج فيه الشخص من المستويات السلبية. فإذا كنت في هذا المستوى، فأنت شخص تحب التحديات وتحفز نفسك بسهولة، قد تقع في أخطاء وتتسبب في كوارث ولكنك تتعلم منها. قد لا تكون شخصا مفضلا للكثيرين وقد لا يكون لديك رؤية واضحة بشكل كامل، ولكنك تفضل رؤية العالم على أنه مجموعة تحديات تستحق أن تخوضها. في هذا المستوى، تحاول فهم الحياة أكثر؛ تسأل، تقرأ، تبني مهارات، وترغب في فهم نفسك أكثر.
مستوى الحياد (250/1000)
وتكون الشخصيات في هذا المستوى غالبًا ما حققوا إنجازا عائليا أو وظيفيا أو ما شابه فلا يهتمون بالآخرين ويتركونهم في حياتهم ويستمرون ويركزون في حياتهم الخاصة. في هذا المستوى، تشعر بالرضا والتحقق، فتكون مرنا ومريحا وواضحا ولا يوجد لديك ما تثبته للآخرين وسعيدا ومقتنعا بما حصلت عليه ولا تحب أن تكون طرف في أي نزاع ولكن تتراجع عندك العاطفة لصالح العقل. ورغب معظم الناس في وجودك لأنك لا ترغب في منافساتهم على ما لديهم. في هذا المستوى، يوجد شيء من الكسل والأنانية لأنك تهتم باحتياجاتك ولا تضغط على نفسك كثيرًا.
مستوى الاستعداد (310/1000)
بعد الشعور بالاستقرار وتحقيق جانب كبير من ذاتك، فستشعر أن ما حققته لم يعد كافيًا وتبدأ بالشعور أنه يوجد شيء أكبر ما يدفعك للتهيؤ بحثًا عن هذا الشيء. يميل الأشخاص في هذا المستوى غالبًا إلى العثور على فكرة تفيد من حولهم ويتصاعد شعورهم بالرغبة في العطاء وكنتيجة لذلك يكون لديهم اتساع عظيم في التفكير. يكون تلك الأشخاص ودودين واجتماعيين ومنفتحين وليس لديهم مشكلة في الاعتراف بعيوبهم.
مستوى التحول (350/1000)
تشعر بأنك أصبحت مؤهلاً وأن لديك الإجابات على آلاف الأسئلة في حياتك وما ليس له إجابات، فإنك تصالحت معه بالتسليم والقبول. في هذا المستوى من الرؤية الواضحة، تريد الاستفادة من قدراتك وإيجاد دورك في هذا العالم وتبدأ في البحث عن الصورة الكبيرة لحياتك بشكل أكثر وضوحًا وقد تتخذ في هذا المستوى قرارات كبرى مثل التبرع بالثورة أو افتتاح مشروعات خيرية أو إنساني أو بكل بساطة ترك الوظيفة التي لا تحبها والتفرغ لشغف ما أو قضية تعتبرها كبيرة وعظيمة.
مستوى الحكمة (400/1000)
وهي مرحلة متقدمة في الوعي فيكون لدي الأشخاص القدرة العظيمة على استشعار نتائج الأفعال قبل الإقدام عليها ويرجع ذلك إلى الخبرة العميقة والتحليل المنطقي الذي لا يستند إلى التعصب أو أحكام سابقة. يكون الأشخاص في هذا المستوى منفتحين وعقلانيين وغير انفعاليين ومتفهمين ويستطيعون استخدام قدراتهم المنطقية إلى أقصى حد.
مستوى المحبة (500/1000)
هذا المستوى سام ومرتفع فيتمتع فيه الأشخاص بالقدرة على منح المحبة حتى لمن أساء لهم لذلك هو مستوى صعب لأن الشخص يحب كل شيء ويتجاوز مادية الأشياء إلى قيمتها ومعناها الجوهرية.
وهذا المستوى هو المعنى الحقيقي للسعادة، لأن الشخص لا يفقد القدرة على المحبة مهما حدث؛ وهي محبة عقلية ومعنوية أكثر منها قلبية وعاطفية وتستند إلى فهم عميق للحياة ومكوناتها. فهذا المستوى هو ذروة التسامح والإيجابية.
مستوى البهجة (550/1000)
فلا يمكن لأحد أن يعكر صفوك! فاختصار هذا المستوى في قول أحد الحكماء: “في صدري بستان، فما عسى أن يفعل عدوي بي. إن سجنوني، فسجني خلوة، وإن قتلوني، فقتلي شهادة، وإن نفوني، فنفيي سياحة”. تتمتع في هذا المستوى بالزهد ويكون لديك تأثير كبير على من حولك. يقال إن الشفاء من مرض عضال أو النجاة من موت محقق قد يوصلك إلى هذا المستوى.
مستوى السلام (600/1000)
فتتلاشى كل العقد المتعلقة بالعنصرية والطائفية والطبقية ولذلك فإن أشخاصا نادرين جدًا يصلون لهذا المستوى، ويكون لديهم نظرة واعية وصافية للعالم وتتمثل تلك النظرة أن مصدر سوء البشر هو ضعفهم وكل ضعيف يستحق الرحمة.
مستوى التنوير (700/1000)
وهو أعلى مستوى في مقياس الوعي ويكون نادرًا جدًا ويبلغه الحكماء العظماء ومن لديهم القدرة على التأثير الإيجابي على حياة عدد هائل من البشر حتى بعد موتهم ومرور سنين طويلة، فهو بمثابة حالة روحانية مطلقة عظيمة ممزوجة بالحكمة والعطاء وحالة تواصل روحي مع المحيط. مجرد التفكير في هذا المستوى، يمكن أن يرفع وعيك.
هذا المقياس ليس قطعيا ونهائيا، لأن الحياة ليست ثابتة، فربما تكون على مستوى عال من الوعي ويحدث لك شيء فتنزل إلى أدنى الدرجات أو تصعد إلى أعلى مستوى.
كيف نرتقي بمستوى الوعي؟
الارتقاء له ثلاثة مستويات:
الارتقاء الذي تصنعه التجارب.
الارتقاء الذي تكتشف فيه حقيقة نفسك وإدراكك لمستوى وعيك وهذا يحتاج إلى جرأة وصدق مع النفس.
الارتقاء الذي تصنعه أنت في اللحظات التي تشعر فيها بالسمو والارتقاء في الوعي. حاول الاحتفاظ بهذا الشعور بالسمو والدرجات الرفيعة في وعيك. وعند الوصول إلى هذه المرحلة، حاول أن تبقى فيها أطول فترة ممكنة.
رابط المصدر: